النص الخامس: زاوية أخرى إذ لا جهات

%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%a7%d8%ad%d9%84%d9%8a%d9%84

تِلك التي…عَصفَتْ بتلكَ النَّاحية
رِئتَاكَ أمْ نَفَسُ الدِّمَاءِ القَانِية ؟!

سَألتْكَ رُوحُكَ هَلْ ظَمِئتَ ؟! فَقُلتَ كَلا
فاطمأنَّتْ وهيَ مِثلُكَ ظَامِية

جِسرٌ لأبعَدِ نُقطَةٍ يَمتَدُّ لَكِنَّ
الطَريقَ على ضُلوعِكَ غَافِية

أَطلِقْ جِراحَكَ للجِّهَاتِ السِّتِّ إنَّ
جِراحَ وجهِكَ والجِهاتُ سَواسِية

عَينَاكَ ذاكِرتَانِ للأمسِ القَديمِ
تَمُصُّ مِنْ دَمِكَ الدُهورَ المَاضية

والمَوتُ حِينَ تَراهُ تُمسكُهُ فَيهرُبُ
ثُمَّ تُمسِكُهُ فَيهرُبُ ثَانية

لاحَتْ لعَينيكَ النَّواويسُ التي
كَانتْ مَقَابِرُها عَليها خَاوية

فَزرعتَها وقُتِلتَ حَتى آمَنتْ
أنَّ القُبُورَ هي القُطُوفُ الدانية

عَصفٌ حِجَّازيٌ دَخلتَ بهِ العَراقَ
وثَوبُكَ الحَضَريُّ نَسجُ البَادية

والمَاءُ يَشربُكَ …
ارتَشفَّتَ الشَّمسَ فَاحتَرقَتْ
بجَمرِ حَشاكَ وهي الحَامية

حَيرانَةٌ بوجُودِكَ الأشياءُ قَبلَ
وجُودِها مِنْ قَبلِ قَتلِكَ بَاكية

هذا لأنَّكَ لَستَ مُقتَّصِرًا بهذي
الأرضِ أو تِلكَ السَّمَاءِ العَالية

مَعنَاكَ أَقدمُ مِنْ قَوانينِ الطَبيعَةِ
حَيثُ لولاكَ الطَبيعَةُ فَانية

أنتَ اعتَلَيتَ ذُرى الجَلالِ وبَعدُ يَطمَحُ
أنْ يَفُوقَ عَليكَ عَقلُ الهَاوية

مِرآةُ مَنْ تَركوا سَّنَاكَ أصَابَها
وهمُ انعِكَاساتِ المَرايا الدَاجِية

حتى إذا اختَنقَ المَدى أغلَقتَهُ
وفَتَحتَ مِنْ رِئتّيكَ أضيقَ زَاوية

لتَسُدَّ دائرةُ اللَّيالي العَشرِ مَا
ثَقبتْهُ دائرةُ السِّنينِ الآتية

أُمرُرْ تَقُولُ لتَائهٍ مَا زالَ يَزحفُ
نَحو سِرِّكَ والمَسَافةُ دَامية

والغَايةُ انكَشَفَتْ أمَامَكَ فانكَشَفتَ
أمَامَها وتَركتَ نَفسَكَ خَافية

بفُؤادِكَ العَرشيِّ مَصرعُكَ اشتَهاكَ
فَمَا ارتَبَكتَ ومَا انتَظرتَ لثَانية

بَلْ مُذْ رَأيتَ سُيوفَهم لَقَّنتَهمْ
أنَّ الإمَامَةَ لا تَكُونُ لطَاغِية

وطَويتَهمْ طَيَّ السِّجلِّ فَصَاحَ جَيشُ
أُمَيةٍ : هذا حَديثُ الغَاشِّية

لَكِنْ هَويتَ فَقَطَّعَتْكَ بحِقدِها
سَبعُونَ ألفًا مِنْ ظُهورٍ زَانية

عُضوٌ هُنَاكَ وها هُنا عُضوٌ فَكيفَ
تَعانَقتْ أشلاؤكَ المُتَرامِية ؟!

جَسدُ المَشيئةِ
هيكَلُ الإنسانِ بَوصَلَةٌ
مُقَدسَةٌ لأقدَسِ نَاحية

بكَيانِ عَاشُوراء أُقسِّمُ أنَّ قَتلَكَ
لَمْ يَكُنْ إلَّا لثَّأرِ ” مُعَاوية ”

أقسَّى القُلوبِ فَضحتَها وكَشفتَ أنَّ
حِجَارةً تَبكيكَ لَيستْ قَاسية

الأرضُ قَبرُكَ
يا حُسَّينُ وحَشدُ أفئدَةٍ
مُولَهَّةٍ لقَبرِكَ سَاعِية

وأنا بركبِ الوالِهينَ وجدتُني
أمشَّي وأقدامُ القَصيدَةِ حافية