عُمْرُهُ المَاءُ .. و(الفُراتُ) ارْتِحَالُ
وبِلا وِجْهَةٍ .. يَدُورُ السُؤالُ:
كَيفَ لا يَشْهَقُ المَسَاءُ صَفَاءً
وعَلى عَينِهِ اسْتَراحَ الهِلالُ؟!
والعَصَافيرُ نَغْمَةٌ مِنْ دِمَاءٍ
تَرْتَقِيْ حَيْثُمَا يَحطُّ الجَمَالُ
رِحلَةٌ .. والشِّراعُ نَحرٌ صَغِيرٌ
يَقْتَفِيْ البَحرُ خَطوَهُ والتِّلالُ
و(رَضِيْعٌ) يُشَجِّرُ الدَّمْعَ مَجْداً
تَشمَخُ الآنَ فِيْ يَدَيهِ الرجَالُ
يَحرثُ الجُرحَ مَشْتَلاً ببُكَاءٍ
والأَمَانِيْ حَقَائِبٌ وَسِلالُ
بَطَلٌ – كالرَّبِيعِ – حِينَ تَجَلَّى
زَحَفَتْ نَحوهُ المُدَى والنِّبَالُ
تَرمقُ المُسْتَحِيلَ فَوْقَ الثَّنَايا
وَعَلى نَحرهِ يَلُوحُ المُحَالُ
وإِذا بالقِمَاطِ هَمْسٌ طَرِيٌ
وصَلاةٌ وقِبلَةٌ وَوِصَالُ
رَحمَةً رَحمَةً تَهَامَى نَبِيَّاً
وَاحَةً واحَةً تَفِيضُ الخِصَالُ
يَمَّمَتْ وَجْهَهَا إليهِ السَّجَايَا
وعلى ثَغْرهِ السَّمَاءُ تُسَالُ
فَنَمَتْ وَجْنَتَاهُ قَمْحَاً وَضَوْءَاً
كُلَّمَا الشَّوْكُ يَنْتَشِيْ والضَّلالُ
قَالَ للريحِ: أَسْهُمٌ مِنْ رَمَادٍ
قَالتِ الريحُ: نَحْرُكَ الاشْتِعَالُ
فَغَدا يَحفرُ الصَّبَاحَ بِنَزفٍ
فَوقَ صَدرِ (الحُسينِ) كَانَ النِّضَالُ
يَا لهذا الرَّضِيعِ يَنْسَابُ جَيْشَاً
مُعْجِزاتٍ تَلِينُ مِنهَا النِّصَالُ
وَحدَهُ الآنَ يَسْتَفزُّ الصَّحَارى
وَحدَهُ الوَردُ والنَّدَى والزُّلالُ
والجِراحَاتُ هَدَأةٌ وابْتِهَالُ
فالمَسَافاتُ ضَجَّةٌ واعْتِلالٌ
كُلَّمَا أذَّنَتْ شِفَاهُ المَنَايَا
شَفَّ مِنْ جُرْحِهِ الكَلِيمِ (بِلالُ)
يَفْرشُ النَّهْرَ مَسْجِداً، فيُصلِّيْ
خَلْفهُ (الرُّوْحُ) جَنَّةً والكَمَالُ
يَمْلاُ البِئرَ (يُوْسُفِيَّاً) جَدِيْداً
دَلْوُهُ النَّحْرُ، والدِّمَاءُ الحِبَالُ
خَبّأَ الصُبحَ فِيْ ضُلُوعِيْ (صُوُاعَاً)
بِعُرْوجٍ يُشَدُّ فِيهِ الرِّحَالُ
أَنا فِيْ المَوْتِ قَشَّةٌ وَيَبَاسٌ
هُوَ فِيْ الغَيبِ غَيْمَةٌ وانْثِيَالُ
أَمْطَرَ (الطَّفَ) فِيَّ حُلْمَاً قَشِيْبَاً
تَرْتَديْ الشَّمْسُ ثَوْبَهُ والظِّلالُ
لِيَظَلَ النَّهَارُ يَمْتَشِقُ النَّهْـ
ــــرَ، فَيَنْمو بِضَفَّتَيهِ الجَلالُ
سَامِقٌ وَجْهُهُ الشَّهِيدُ إِبَاءً
بِسُمُوٍّ يَحجُّ فِيهِ المَنَالُ
وطَنٌ فَوقَ جَفْنِهِ قَدْ تَدَلَّى
ونَمَا قُربهُ السَّحَابُ الثِّقَالُ
والنَّخِيلُ اسْتَعارَ مِنهُ اخْضِرَاراً
وفُرَاتَاً قَدْ قَبَّلَتهُ الرِّمَالُ
فَـ(المَسِيحُ الذَّبِيحُ) لَيسَ صَبِيَّاً
فِي المِهَادِ .. وثَمَّ وَحْيٌ يُقَالُ
بَلَغَ المَجدُ مَبلَغَاً فِيهِ حَتَّى
كَبُرَ الكَوْنُ واسْتَفاقَ الخَيَالُ
ثَائرٌ فِي القِمَاطِ غَيْمَاً فَغَيْمَاً
بِدُمُوعٍ يُقالُ عَنْها: جِبَالُ
وعَلى كَربَلاءَ حَيثُ الهَدَايا
أَيْنَعَتْ رُوحُهُ .. وشَاخَ النِّزَالُ
فَهوَ للهِ مَعْبَرٌ وَجِهَاتٌ
وجَنُوبٌ وَمَشرِقٌ وشِمَالُ
وإِلى الآنَ شَامِخٌ فِيْ قِتَالٍ
قَطَعُوا الرَّأسَ .. واسْتَمَرَّ القِتَالُ!