التصنيف: المركز السابع
المركز السابع: حسن سامي العبدالله (بين الراهبِ وذبحائيل)
بين الراهبِ وذبحائيل
حسن سامي العبد الله
(البصرة – العراق)
حين أخذ الراهب رأس الإمام الحسين لليلة واحدة من جلاوزة عمر بن سعد مقابل عشرة آلاف درهم ورثها من آبائه، مسح عنه الدم والتراب وطيبه بالمسك وأخذ يحدثه قائلاً:
على خَدَّيك رَمْلٌ قُرمزيُّ
يُكفكِفُهُ على الأحرى نَبيُّ
وفي النَحْرِ المُضَمَّخِ طَعْمُ ربِّ
يُفسِّرُهُ النَجيعُ السَرمَديُّ
وتجهَلُهُ العَساكِرُ، كانَ يَهمي
لينمو بَعدها القَمْحُ الشَهيُّ
تساءَلَ عَنْ هواءٍ ماتَ خَنْقاً
بما يَسعى لهُ الجيشُ الغَبيُّ
وعَنْ نَخْلٍ يُعرِّفُهُ مَخاضٌ
لمريمَ، خانَهُ النَهرُ الظَميُّ
لهُ كانَ المَسيحُ يَقولُ سِرَّاً
إذا في المَهدِ قَدْ نَطَقَ الصَبيُّ
عَنِ الصَحراء تَبتَلِعُ الحَواري
ولمْ يأمَنْ بقَسوَتِها وَصيُّ
بكربائيلَ قُربانٌ لرَبٍّ
قَتيلٌ غالَهُ الشَرقُ العَصِيُّ
ليكسبَ لعنةً للآنَ تَنزو
على الدنيا فيحكُمها الشَقيُّ
على خَشَبِ الصَليبِ قرأتُ لُغزَاً
تولّى فَكَّهُ الجُرْحُ الطَريُّ
كأنّي قابَ عَرْشِ اللهِ ألقى
سَبايا الطفِّ يَزجُرهُم عَتيُّ
و(ذِبحائيلَ) مقتولاً بأرضٍ
عَليها طافَ نَحْسٌ حَنظليُّ
أرى عِيسى وَحيداً كانَ يَبكي
وفي عينيهِ حُزنٌ مَرْيَميُّ
يهرولُ للفُراتِ وقَدْ تَجلّى
لهُ في الحالِ سِترٌ زَينبيُّ
وحَشدٌ مِنْ صَغيراتٍ ونارٌ
ليصرخَ خائفاً: غَوْثاً عليُّ
هُنا وَرْدٌ بهِ عَطَشٌ لَئيمٌ
تربَّصَهُ احتمالٌ مِنجَليُّ
يَسوعيٌّ أنا لكنَّ قَلبي
لهُ نَبضٌ خَفيضٌ أحمَديُّ
وفي رأسي أيا رأسُ انزياحٌ
عَنِ المَوتى ومعراجٌ قَصيُّ
لشيءٍ مِنْ يَقين مُستَحيلٍ
لهُ شَكلٌ مَهيبٌ سُندسيُّ
أجِبني عَنْ مَديناتٍ تَشظّى
على أبوابِها الصَوتُ الأبيُّ
وقُلْ لي عَنْ رسائلَ لَيسَ تُتلى
لئلا يُكشَفَ الغَدرُ الخفيُّ
وعَنٍ قومٍ هُرائيين جدّاً
على سُحناتِهِم وَصْمٌ جَليُّ
يٌلاحِقُهم تُراثٌ من شَنارٍ
وعارٍ مُستدامٌ مِخمَليُّ
وعَنْ سَبعينَ صُبحاً ليسَ إلّا
بهِمْ يُستَنزَلُ القَطْرُ النَديُّ
تَماهوا في الحَقيقةِ مِثلَ نَجوى
لها فَجراً مَذاقٌ سُكَّريُّ
برأسي ألفُ قدّيسٍ تلاشوا
وأنتَ الآنَ سَيِّدُهُ التَقيُّ
ألا فاسمَحْ لكَفّي أنْ تؤدّي
صلاةً فاتَها العُمْرُ الشَجيُّ
لتَمسَحَ عَنْ جَبينكَ تُرْبَ حَرْبٍ
بِها قَدْ يزلقُ المَرْءُ السَويُّ
أناجيلي يُراوِدُها ارتِعاشٌ
وفي وَجهي اندهاشٌ كَوكَبيٌّ
مَلَكْتَ هواجِسي وزِمامَ روحي
فهلْ للنزفِ طَبْعٌ سَوسَنيُّ؟
قَتَلْتَ الشَكَّ يا مولايَ لمّا
تَفشّى منكَ ضَوْعٌ نَرجسيُّ
تَنشَّقَكَ النسيمُ الكَهْلُ عُمّرا
جَديداً أيُّها الشَيخُ الفَتيُّ
سَترفَعُكَ الرِماحُ لتَزدَريها
ويلثمَ نحرَكَ اللهُ العليُّ
المركز 7: قصيدة (صرخة الخلود) / ألبير ذبيان (سوريا)
صرخةُ الخلود
للشاعر / ألبير ذبيان (سوريا – دمشق)
أعيدا عليَّ الحزنَ بعدَ التَّجمُّلِ
بذكرى حبيبٍ غابَ عنِّي ومنزلِ
*
وقفتُ على أطلالهِ بينَ دارسٍ
ومَحٍّ سِوى ما بانَ محضَ تخيُّلِ
*
بشطِّ فراتٍ فاضَ عذباً معينُهُ
سعى ماؤهُ رَيَّاً لغادٍ ومُقبلِ
*
أرى حسرةً في شجوها قد توقَّدت
بجذوٍ صلى قلبَ الصُّخورِ المعطَّلِ
*
يُعيدُ هبوبُ الرِّيحِ أشلاءَ صوتِها
عميقَ الشَّجا يوحي بأمرٍ مجلجلِ
*
عليهِ معَ الأرزاءِ همٌّ ووطأةٌ
بأنٍّ أراقَ الوجدَ يغلي كمرجلِ
*
قفا نقتري دمعاً لمن جفَّ جفنهُ
وما خلتُ دمعاً مرَّ فيها بمُمْحلِ
*
ديارٌ عفاها الراحُ وابتُزَّ أمنُها
صُروفاً على دهرٍ مَقيتٍ مدجَّلِ
*
أيا حادياً مرْ بي على همِّ أسرةٍ
تلظَّى وإحساسي بكربٍ مزلزلِ
*
فعفتُ الدُّنى رحبَ المضامينِ حاسراً
جوى القلبِ للأحزانِ بعد التَّوجُّلِ
*
تراءت لي الكُثبانُ أشباحَ من مضى
على الدِّينِ إخلاصاً وحيداً بمعزلِ
*
ذبيحاً على الرَّمضاءِ قد حُزَّ رأسُهُ
بأنصالِ فُسَّاقٍ الورى بتطوُّلِ
*
أيا أيُّها المكثورُ بالقتلِ إنَّما
أتيتُكَ ممهورَ المُنى بتأمُّلِ
*
عجبتُكَ لا بالعجبِ لكن بلهفةِ الـ
ـصّديِّ الحريقِ الجوفِ يحبو لمنهلِ
*
أُساقُ على جمرِ التَّولُّعِ شاخباً
أساريرَ أعماقي بدمعٍ مسبَّلِ
*
ذَهولاً تُراني أم شُغلتُ بهيبةٍ
إذا ما كواها القرحُ لم تتبدَّلِ
*
أناغى بأصنافِ الكرامةِ تارةً
وأدعى لنهجٍ بالفداءِ مكمَّلِ
*
فأبرقَ عيني من وميضِكَ معلمٌ
جلى ظلمةَ الأحزانِ بعد تليُّلِ
*
وحارت رؤى روحي بكنهكَ فارهاً
فريداً وما في الكونِ مثلكَ بانَ لي
*
مليكاً على عرشِ القلوبِ مكلَّفاً
بإحيائها بعد السُّباتِ وما يلي
*
فأسدلتُ كَشحاً نحو جُرحكَ فامتلا
بخاصِرةِ الإيثارِ جُرحي لكلكلي
*
وعاينتُ صدراً بالحوافرِ رضرضاً
سما فوقَ إيماضِ الشُّموسِ المكلَّلِ
*
تعالى على الهيهاتِ عزَّاً ملطَّخاً
بأحمرَ موفورَ الإباءِ المرمَّلِ
*
كأنَّ الثرى المخضوبَ حنَّ لوجنةٍ
على رمحها المصلوبِ بالغارِ تحتلي
*
ترامى مُحيَّا هامِها الغُرُّ سامقاً
بأفياءِ عرشِّ الرَّبِّ ينهالُ من علِ
*
مضيءً بَهيماتِ الدُّروبِ مقوِّماً
مساراتِها يتلو بذكرٍ مرتَّلِ
*
فأسلمتُ نفسي والمُنى دونَ غايةٍ
أشمُّ ثرى الأحرارِ فابتُلَّ مِحملي
*
وحِرتُ بدمعٍ خدَّدَ الوجنَ مُفعماً
بمذهولِ روعٍ خلتهُ لم يبلِّلِ
*
أراكَ وما بالعينِ غيرُكَ ماثلاً
تنادي وحيداً بينَ سيفٍ وجحفلِ
*
صرختَ فما للنَّاصرينَ توخِّياً
ولكن لنهيي عن هوايَ المضلِّلِ
*
تريقُ دماءَ الطيِّبينَ مضحِّياً
لئلا تكونَ النَّارُ والويلُ موئلي
*
دعوتَ إليكَ الموتَ حتى بعثتهُ
من الموتِ مشفوعاً بإحيائكَ الجلي
*
فما متَّ بل خُلِّدتَ في الكونِ مانحاً
مفاهيمَ نهجٍ للكرامةِ أمثلِ
*
وهيَّأتَ أبعادَ الخلودِ مغيِّراً
مضامينها حكماً بمجدٍ مؤثَّلِ
*
فلا هنتَ للأعداءِ طرفكَ شامخاً
شموخَ ابن بنت المصطفى خيرِ مرسلِ
*
تعيدُ إلى الدِّينِ الحنيفِ مقامهُ
سليماً قويماً من فجورِ التَّحوُّلِ
*
بعينِكَ رضوانُ الإلهِ قصدتهُ
شغفوفاً بقلبٍ بالحديدِ مسربلِ
*
تثورُ على الطُّغيانِ ثورةَ ضيغمٍ
أبى الذُّلَّ مقداماً بغير توجُّلِ
*
ففزتَ بما عند الإلهِ مكرِّماً
بنصركَ أهلَ الأرضِ بعدَ التَّذلُّلِ
*
أواسي جراحي قرب صبركَ لم أزل
كطفلٍ رضيعٍ دانَ بالعمرِ للولي
*
فما كنتُ؟ لولا أنتَ لاحترتُ خابطاً
بعشواءِ جهلٍ بالضلالةِ أمتلي
*
إلى أن غوتني بالبهاءِ منارةٌ
شرعْتَ الهدى فيها مصابيحَ مُفضلِ
*
فديتُ دماكَ الطَّهرَ والعظمَ مهجتي
وروحاً تعالت عن دنيءِ التَوسُّلِ
*
أطوفُ بمثواكَ الزَّكيِّ محمَّلاً
بتَهيامِ صبٍّ مولعٍ متبتِّلِ
*
وأصبو أضاميمَ البهاءِ تحلَّقت
عرينكَ أرجو في حِماهُ معوَّلي
*
تراودني الآمالُ ضمَّكَ شافياً
أنينَ جراحاتٍ بقلبٍ مُثكَّلِ
*
وتحضُرني من مسِّ تُربكَ رِعدةٌ
تهزُّ كياني بالودادِ المبجِّلِ
*
لأنتَ وما إلاكَ للرُّوحِ مطلبٌ
تقرُّ بهِ سُكنى أمانٍ ومأملِ
*
فهبني أجلُّ الحرفَ فيكَ تقرُّباً
إلى الله والمختار والمرتضى علي
*
وأدمي جفونَ العينِ بالدَّمعِ حُرقةً
لفاطمةَ الزَّهراءِ أرجو تقبُّلي
سيرة ذاتية للشاعرة
· من مواليد دمشق القديمة، سوريا.· يكتب الشعر بقالبه العمودي، وقصيدة التفعيلة، والنثر الفني.· مضامين شعره وطنية ودينية ووجدانية.· له مشاركات وقصائد منشورة في عدة منتديات وملتقيات إلكترونية أدبية. |
النص السابع: رِحلةٌ بِقِمَاطِ المَاء
عُمْرُهُ المَاءُ .. و(الفُراتُ) ارْتِحَالُ
وبِلا وِجْهَةٍ .. يَدُورُ السُؤالُ:
كَيفَ لا يَشْهَقُ المَسَاءُ صَفَاءً
وعَلى عَينِهِ اسْتَراحَ الهِلالُ؟!
والعَصَافيرُ نَغْمَةٌ مِنْ دِمَاءٍ
تَرْتَقِيْ حَيْثُمَا يَحطُّ الجَمَالُ
رِحلَةٌ .. والشِّراعُ نَحرٌ صَغِيرٌ
يَقْتَفِيْ البَحرُ خَطوَهُ والتِّلالُ
و(رَضِيْعٌ) يُشَجِّرُ الدَّمْعَ مَجْداً
تَشمَخُ الآنَ فِيْ يَدَيهِ الرجَالُ
يَحرثُ الجُرحَ مَشْتَلاً ببُكَاءٍ
والأَمَانِيْ حَقَائِبٌ وَسِلالُ
بَطَلٌ – كالرَّبِيعِ – حِينَ تَجَلَّى
زَحَفَتْ نَحوهُ المُدَى والنِّبَالُ
تَرمقُ المُسْتَحِيلَ فَوْقَ الثَّنَايا
وَعَلى نَحرهِ يَلُوحُ المُحَالُ
وإِذا بالقِمَاطِ هَمْسٌ طَرِيٌ
وصَلاةٌ وقِبلَةٌ وَوِصَالُ
رَحمَةً رَحمَةً تَهَامَى نَبِيَّاً
وَاحَةً واحَةً تَفِيضُ الخِصَالُ
يَمَّمَتْ وَجْهَهَا إليهِ السَّجَايَا
وعلى ثَغْرهِ السَّمَاءُ تُسَالُ
فَنَمَتْ وَجْنَتَاهُ قَمْحَاً وَضَوْءَاً
كُلَّمَا الشَّوْكُ يَنْتَشِيْ والضَّلالُ
قَالَ للريحِ: أَسْهُمٌ مِنْ رَمَادٍ
قَالتِ الريحُ: نَحْرُكَ الاشْتِعَالُ
فَغَدا يَحفرُ الصَّبَاحَ بِنَزفٍ
فَوقَ صَدرِ (الحُسينِ) كَانَ النِّضَالُ
يَا لهذا الرَّضِيعِ يَنْسَابُ جَيْشَاً
مُعْجِزاتٍ تَلِينُ مِنهَا النِّصَالُ
وَحدَهُ الآنَ يَسْتَفزُّ الصَّحَارى
وَحدَهُ الوَردُ والنَّدَى والزُّلالُ
والجِراحَاتُ هَدَأةٌ وابْتِهَالُ
فالمَسَافاتُ ضَجَّةٌ واعْتِلالٌ
كُلَّمَا أذَّنَتْ شِفَاهُ المَنَايَا
شَفَّ مِنْ جُرْحِهِ الكَلِيمِ (بِلالُ)
يَفْرشُ النَّهْرَ مَسْجِداً، فيُصلِّيْ
خَلْفهُ (الرُّوْحُ) جَنَّةً والكَمَالُ
يَمْلاُ البِئرَ (يُوْسُفِيَّاً) جَدِيْداً
دَلْوُهُ النَّحْرُ، والدِّمَاءُ الحِبَالُ
خَبّأَ الصُبحَ فِيْ ضُلُوعِيْ (صُوُاعَاً)
بِعُرْوجٍ يُشَدُّ فِيهِ الرِّحَالُ
أَنا فِيْ المَوْتِ قَشَّةٌ وَيَبَاسٌ
هُوَ فِيْ الغَيبِ غَيْمَةٌ وانْثِيَالُ
أَمْطَرَ (الطَّفَ) فِيَّ حُلْمَاً قَشِيْبَاً
تَرْتَديْ الشَّمْسُ ثَوْبَهُ والظِّلالُ
لِيَظَلَ النَّهَارُ يَمْتَشِقُ النَّهْـ
ــــرَ، فَيَنْمو بِضَفَّتَيهِ الجَلالُ
سَامِقٌ وَجْهُهُ الشَّهِيدُ إِبَاءً
بِسُمُوٍّ يَحجُّ فِيهِ المَنَالُ
وطَنٌ فَوقَ جَفْنِهِ قَدْ تَدَلَّى
ونَمَا قُربهُ السَّحَابُ الثِّقَالُ
والنَّخِيلُ اسْتَعارَ مِنهُ اخْضِرَاراً
وفُرَاتَاً قَدْ قَبَّلَتهُ الرِّمَالُ
فَـ(المَسِيحُ الذَّبِيحُ) لَيسَ صَبِيَّاً
فِي المِهَادِ .. وثَمَّ وَحْيٌ يُقَالُ
بَلَغَ المَجدُ مَبلَغَاً فِيهِ حَتَّى
كَبُرَ الكَوْنُ واسْتَفاقَ الخَيَالُ
ثَائرٌ فِي القِمَاطِ غَيْمَاً فَغَيْمَاً
بِدُمُوعٍ يُقالُ عَنْها: جِبَالُ
وعَلى كَربَلاءَ حَيثُ الهَدَايا
أَيْنَعَتْ رُوحُهُ .. وشَاخَ النِّزَالُ
فَهوَ للهِ مَعْبَرٌ وَجِهَاتٌ
وجَنُوبٌ وَمَشرِقٌ وشِمَالُ
وإِلى الآنَ شَامِخٌ فِيْ قِتَالٍ
قَطَعُوا الرَّأسَ .. واسْتَمَرَّ القِتَالُ!
قبلات على عتبة الحسين
الْبَدْرُ آخِرُ قِصَّةٍ
فِي عَيْنِ تَائِهْ
تَحْكِي الْحُسَيْنَ: يَقُودُ جَيْشًا مِنْ ضِيَائِهْ
وَالليْلُ يُمْعِنُ فِي غَيَابَةِ جُبِّهِ
وَيَصُبُّ -مِنْ جَفْنِ الْحُسَيْنِ- نَزِيفَ مَائِهْ
وَعِدَادَ مَا فِي جِسْمِهِ مِنْ طَعْنَةٍ
أَدْلَى الْحُسَيْنُ بَنِيهِ…
مَاتُوا فِي دِلائِهْ
لِلْجُرْحِ أَيْضًا أَنْبِيَاءُ…
وَلَيْسَ غَيْرُكَ -يَا ذَبِيحِ الحَقِّ- آخِرَ أَنْبِيَائِهْ
***
عَاشُوا (نَعَمْ) نَعَمًا
وَسِيقَ رِضَاهُمُ
وَتَعَثَّرَتْ قَدَمُ الْحُسَيْنِ بِكَرْبِ – (لائـِ)ـهْ
شَالُوا -عَلَى الأَكْتَافِ- كَرْبَ وَلائِهِمْ لِلَّيْلِ..
وَهْوَ دَمٌ بِعَيْنَيْ (كَرْبَلَائِهْ)
فِي رُكْنِ ذَاكِرَةِ الظَّلَامِ رُمُوا…
وَفِي شَرْقِ الْقُلُوبِ:
الشَّمْسُ بَعْضٌ مِنْ بَهَائِهْ
زُوَّارُهُ احْتَفَلُوا بِعُرْسِ شهيدِهمْ
مُتَخَضَّب الكفَّيْنِ مِنْ حِنَّا دِمَائِهْ
***
أَعْطَى سُيُوفَ عِدَاهُ دَرْسًا
حِينَ مَاتَ بِهَا
وَأَبْقَى النَّصْرَ حَيًا فِي رِدَائِهْ
وَسُيُوفُهُمْ ما ذُقْنَ مِنْ دَمِهِ سِوَى سُمِّ الفَنَا..
وَحَقَنَّهُ بِدَوَا بَقَائِهْ
بَقِيَ الْحُسَيْنُ
وَشَيَّعَ الأُمَوِيُّ نَعْشَ سُيُوفِهِ الْخَمْسِينَ نَحْوَ لَظَى انْطِفَائِهْ
وَالْيَوْمَ..
فِي جَيْشِ الْحُسَيْنِ انْضَمَّتِ الأَقْلَامُ فِي وَرَقِي
تُحَارِبُ مِنْ وَرَائِهْ
***
قَدَمَاهُ فِي شَطِّ الْفُرَاتِ…
وَرَأْسُهُ فِي كِتْفِ نِيلٍ صَارَ عَيْنًا فِي رِثَائِهْ
كَخَرِيطَةٍ لِلنَّصْرِ فُصِّلَ جِسْمُهُ
خَطَّتْهُ (جُغْرَافْيَا) الْجِرَاحِ بِكِبْرِيَائِهْ
أَسْمَاءُ أُسْرَتِهِ عَوَاصِمُ دَمْعِنَا…
وَمُسَطَّحَاتُ دَمٍ مَلامِحُ أَقْرِبَائِهْ
بَيْنَ الْعِرَاقِ وَمِصْرَ بُوصَلَةُ الْمُسَافِرِ حُبُّ آلِ الْبَيْتِ..
مَنْ يَفْقِدْهُ…
– …؟!
– … تَائِهْ
***
حُكَمَاءُ صِهْيَونٍ جَرَوُا دَرَسُوا خَرِيطَةَ جِسْمِهِ (أَلِفَ الْفُرَاتِ لِنِيلِ يَائِهْ)
قُولُوا لَهُمْ:
أَضْحَى تُرَابُ الأَرْضِ لَحْمًا لِلْحُسَيْنِ
وَلا سَبِيلَ إِلَى اجْتِزَائِهْ
بِيَدِ (الشَّهِيدِ) يَصِيرُ طُوبُ الأَرْضِ سَيْفًا
لَنْ يُطِيقَ عَدُوُّهُ ثِقَلَ اتِّقَائِهْ
إِلا الْحُسَيْن
فَإِنَّهُ الْوَطَنُ الْكَبِيرُ….
الرِّيحُ:
نَسْبِقُهَا عَلَى سِكَكِ افْتِدَائِهْ
***
رَيْحَانَةٌ سِبْطٌ زَكِيٌّ سَيِّدُ الشُّهَدَا أَبُو الأَحْرَارِ… جَدٌّ فِي إِبَائِهْ
وَأَبُو الأَئِمَّةِ فِي الْبَيَاضِ، غَرِيبُهُمْ
وَالطَّيِّبُ الْمَظْلُومُ…
وِتْرٌ فِي عَنَائِهْ
وَأَسِيرُ كُرْبَتِهِ الْمُبَارَكُ
وَالْمُجَاهِدُ
جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْقُرَى شَرْقَ اهْتِدَائِهْ
الْوَحْيُ سَمَّى..
كَانَ الِاسْم عَلَى مُسَمَّى..
سَادَ.. أَمَّ.. وَضَمَّهُ جَدُّ الْمَحَبَّةِ فِي كِسَائِهْ
***
بِقَمِيصِهِ الْمُحْمَرِّ يَفْتِنُ جَدَّهُ
كَالْوَرْدِ: قَلْبُ الْمُصْطَفَى طِفْلُ اشْتِهَائِهْ
أوْ.. كَانَ قَلْبُ رَسُولِ رَبِّكَ وَرْدَةً
وَحُسَيْنُ قَاطِفُ نَبْضِهَا بِيَدَيْ نَقَائِهْ
فَالْجَدٌّ عَقْلٌ فَوْقَ كِتْفَيْ مِنْبَرٍ
تَفْكِيرُهُ طِفْلَانِ مِنْ صُلْبِ احْتِفَائِهْ
لَبِسَ الْحُسَيْنُ الطِّفْلُ ثَوْبًا أَحْمَرًا
وَاحْمَرَّ
بَعْدَ الطَّعْنِ أَكْثَرَ
مِنْ دِمَائِهْ
***
(شَعْبَانُ) أَمْ شَعْبَانِ…
شَعْبٌ عَاشِقٌ لابْنِ الرَّسُولِ
وَضِدَّهُمْ مَرْضَى عَدَائِهْ
غَلَطًا رَأَوْهُ وَلِيدَ يَوْمِ( ثَلاثَةٍ..)
وَالصَّحُّ: أَنَّ الْيَوْمَ يُولَدُ مِنْ سَنَائِهْ
هُوَ عِيدُ مِيلادٍ لِيَوْمِ وِلادِهِ…
وَشَهَادَةٌ بِوَفَاةِ عَبْدِ (يَزِيد) شَائِهْ
يَعْوِي بِحَضْرَة آلِ بَيْتِ الْمُصْطَفَى
وَلِغَيْرِهِمْ
يُلْقِي قَصَائِدَ مِنْ مُوَائِهْ
***
كَرِهُوهُ أَمْ كَرِهُوا النَّبِيَّ!
وَحُبُّهُ مِنْ حُبِّهِ مِنْ حُبِّ رَبِّي فِي سَمَائِهْ
وَهَلْ ابْنُ مَنْ يُوحَى إِلَيْهِ.. كَابْنِ مَنْ يُمْلَى عَلَيْهِ..؟!
الْبَدْرُ كَالْحَجَرِ الْمُبَالَغِ فِي طِلائِهْ؟!
يُوصِي عَلَى رَيْحَانَتَيْهِ …
فَيَسْحَقُ الأَعْمَى جَمَالَ الْوَرْدِ تَحْتَ عَمَى حِذَائِهْ
اسْحَقْ فجِسْمُ الْوَرْدِ جِسْمٌ لَيْسَ إِلَّا….
لَسْتَ تُفْنِي رُوحِ عِطْرٍ فِي فنَائِهْ
***
مِنْ مِصْرَ.. مِنْ بَغْدَادَ.. مِنْ لُبْنَانَ..
سُورِيَّا.. الإِمَارَاتِ.. الْجَزَائِرِ.. أَوْ سِوَائِهْ
خُطُّوا قُرَاكُمْ فِي (الْبِطَاقَةِ)…
وَاسْرُدُوا تَارِيخَ جَدٍّ شَادَ صُبْحًا مِنْ مَسَائِهْ
وَتَجَمَّدُوا فَخْرًا كَثَلْجِ الْقُطْبِ…
فِيمَا الْعِشْقُ مَدَّ بِنَبْضَتِي خَطَّ اسْتِوَائِهْ
مَا فَخْرُكُمْ؛ وَ..
مْحَلُّ مِيلادِي الْحُسَيْنُ
وَوَجْهُهُ
تَارِيخُ مَوْلِدِ أَوْلِيَائِهْ؟!
***
مَاضٍ على دين النبيِّ ..
يعولُ
-من دمه-
عيال أب عَلا فرسَ ابْتِلائِهْ
كتفاهُ سَفْحَا حُمرَةٍ..
طعناتهم جبلانِ لم يصلا إلى قمم اشتكائِهْ
وسهامهمُ ريحٌ عقيمٌ أنجبَتْ
موتًا لقيط المجد من صلب اعتدائهْ
موتٌ:
تَبَنَّاهُ الْحُسَيْنُ… فَسُمِّيَ (استشهاد)ه … لا (ميمَ) تطرُدُ وجْهَ (تائهْ)
***
الموتُ:
أعطاه الحسينُ من الخلودِ رغيفهُ
وَوَرِيدَ (طَهَ) لاحتسائهْ
هل كانت الأقلام تذكر مثلَ هذا الموت في صحن الحسينِ بلا عطائِهْ؟!
لهفي:
غموس رغيفه جُبْنُ الذين كفوفهم غدْرٌ تعضَّ يديْ وفائهْ
والكوفةُ الحمراءُ
تعجن خطو عسكرها بماء عروقه
وبُكَا لوائهْ
***
قتلتْ
-بسيف ليس في يدها-
الحسينَ..
وفي جنازتهِ مشتْ مع أصدقائهْ
ومضى لمغربهِ بقلب الشمسِ…
يحمل صبحه كفَنًا تزين بارتدائه
وغروبه معناه أن الشمس ترحل من هنا لهناك
لا معنى انطفائه
وغدا الحصى من خلفه أقمار ذكرى
فالحسينُ الشمسُ حتى في اختفائهْ
***
فِيْ حَفْلَةِ المَاءِ
فِيْ حَفْلَةِ المَاءِ حَشْدُ المَوْتِ يَجْتَمِعُ
اليُتْمُ والظَمَأُ المَهْدُورُ وَالوَجَعُ
وَغُرْبَةٌ كَمَرَايَا قُرْبَةٍ هُجِرَتْ
فِيْ شَفِّهَا صَارَ وِرْدُ المَاءِ يُرْتَجَعُ
السَّيْفُ وَالكَفُّ وَالعَيْنَانِ بِئْرُهُمَا
وَالثَّغْرُ وَالنَّحْرُ دَلْوٌ حَبْلَهُ قَطَعُوا
وَالسَّهْمُ وَالصُّمُّ وَالطِّفْلُ الرَّضِيْعُ إِذَا
شَكَا .. لَهُ صَمَمٌ فِيْ السَّهْمِ يَسْتَمِعُ
فَالمَاءُ وَالنَّسْلُ صِنْوَانٌ لِمَنْحِرِهِ
إِذْ فِيْهِ نَسْلُ رَسُولُ الله يَلْتَمِعُ
بَلْ فِيْهِ كَوْثَرُهُ المُنْسَابُ مِنْ ظَمَأٍ
مَا أَبْتَرٌ كَانَ لَكِنَّ العِدَا خُدِعُوا
ظَنُّوا بِقَتْلِ رَضِيْعٍ دَفْقُ كَوْثَرِهِ
هَدْرٌ وَنَسْلُ رَسُولِ الله يَنْقَطِعُ
فَصَوَّبُوا النَّحْرَ عَيْنُ الكَوْثَرِ انْفَجَرَتْ
لَمْ يَجْرِ فِيْ الأَرْضِ هَدْراً فَهْوَ يَرْتَفِعُ
وَمِرْضِعٌ وَحِلِيْبٌ دَرَّ مِنْ وَلَهٍ
فِيْ غِيْرِ مَوْعِدِهِ بَالمَاءِ تَمْتَقِعُ
يَا رَضْعَةَ العَطَشِ المَحْمُومِ زِدْتِ لَهُ
جُرْحاً فَكَيْفَ بِحُضْنِ السِّبْطِ يَرْتَضِعُ
ذا مَنْحَرٌ ضَمَّ سَهْماً فِيْ مُعَانَقَةٍ
لَوَالِدٍ دُوْنَ نَحْرٍ مَا الرَّضَاعَ وَعُوْا
والخَيْلُ والصَّدْرُ لَمَّا ضَجَّ مِنْ عَطَشٍ
بِوَطْئِهِ ضَـجَّةٌ لِلْمَاءِ تُقْتَلَعُ
وَالقَلْبُ وَالسَّهْمُ مَثْلُوثُ الفُؤَادِ بِهِ
لِيُهْرَقَ القَلْبُ حِيْنَ المَاءُ يَمْتَنِعُ
وَالوَعْدُ وَالفَقْدُ فِيْ أَفْيَاءِ قُرْبَتِهِ
يَا حِيْرَةَ المَاءِ لَمَّا وَعْدُهُ يَقَعُ
فَدُوْنَهُ يَتَهَاوَىْ فِيْ الثَّرَىْ قَمَرٌ
وَجَزْرُهُ لفُرَاتِ الثَّكْلِ يَبْتَلِعُ
المَاءُ صِيْغَةُ حَرْبِ الطَّفِّ وَاجِفَةٌ
لَهَا القُلُوْبُ وَبِالتَّعْطِيْشِ يَفْتَرِعُ
كَأَنَّهُ الحَرْثُ مِنْ غَيْظِ القُلُوبِ نَمَا
إِذَا تَعَهَّدَهُ الإِغْوَاءُ وَالطَّمَعُ
قُلْ مَا تَشَاءُ مَعَانِيْ المَاءِ مُهْدَرَةٌ
فِيْ ذَاتِهَا لِسَواهَا فِهْيَ تَتَّسِعُ
فِيْ حَفْلَةِ المَاءِ كَانَ الرَّيُّ آخِرَهُمْ
قَدْ يُنْزَعُ السَّهْمُ لَكِنْ لَيْسَ يُنْتَزَعُ
فِيْ حَفْلَةِ المَاءِ كَانَ الرَّيُّ مُسْتَتِراً
وَمَنْ تَبَجَّحَ نَقْعُ الدَّمِ إِذْ نَقَعُوا
فِيْ حَفْلَةِ المَاءِ خُذْ مَا تَشْتَهِيْ ذَهَباً
بِكُلْفَةِ المَاءِ لِمَّا شُرْبَهُ مَنَعُوا
فِيْ حَفْلَةِ المَاءِ إِقْصَاءُ الغَدِيْرِ عَلَىْ
إِرْوَائِهِ .. لِجُحُودٍ رَايَةً رَفَعُوا
وَكَوْثَرٌ لِعَلِيٍّ غَارَ مُنْتَكِساً
فِيْ رَدْمِهِ الدَّمُّ مَوْبُوْءٌ وَيَنْتَقِعُ
هَذِيْ بَقَايَاهُ قُرْبَىْ قُرْبَةٍ حُصِرَتْ
بِكَفِّ عَبَّاسِهَا وَالكَفُّ تُقْتَطَعُ
لا شَيْءَ يُشْبِهُ طَبْعَ المَاءِ إِذْ ظَمَؤُوا
فِيْ عَاشِرٍ وَفُراتُ القَوْمِ مُنْطَبِعُ
الطَّفُّ قَطْرَةُ مَاءٍ بُخِّرَتْ عَنَتاً
فَجَادَ بِالدَّمِّ رَياًّ كُلُّ مَنْ صُرِعُوا
لابُدَّ لِلطَّفِّ مِنْ رَيٍّ يُشَرِّبُهَا
رُوْحَ السَّكِيْنَةِ لَمَّا يَشْرَقُ الهَلَعُ
إِنْ لَمْ تُرَوَّىْ قُلُوبُ الآلِ عَاطِشَةً
فَتُرْبَةُ الطَّفِّ ظَمْأَىْ.. مَنْ تُرَى تَسَعُ؟!
لِذَاكَ يَرْوِيْ حُسَيْناً تُرْبَ ضَجْعَتِهِ
بِنَجْعِهِ لا بِرَيِّ المَاءِ يَضْطَجِعُ
كُلُّ الفُراتِ الذِيْ يَجْرِيْ بِمَشْهَدِهِ
مُجْتَثُّ أَصْلٍ وَمَا فِيْ حُكْمِهِ تَبَعُ
مَنْ يَتْبَعُ السِّبْطَ نَهْرٌ مِنْ مَصَارِعِهِ
بِذَاكَ حُدَّتْ رِيَاضُ الطَّفِّ فَانْتَجِعُوا
إِنِّيْ رَأَيْتُ حُسَيْناً زَمَّ صُوْرَتَنَا
بِلَقْطَةِ الحَيْرَةِ الأُوْلَىْ .. بِهَا هَزَعُ
فِيْ دَهْشَةِ المَاءِ مَقْطُوعٌ تَسَرُّبُنَا
كَجَدْوَلٍ لِحُسَيْنٍ ظَلَّ يَتَّبِعُ
أَلَمْ نَكُنْ بَعْضَ مَحْصُورِيْنَ فِيْ زَمَنٍ
مِنْ فَرْطِ شَقْوَتِهِ بِالحَصْرِ نَدَّرِعُ
أَلَمْ نَكَنْ ظِلَّ مَقْمُوْعِيْنَ قَدْ جَفَلُوا
وَظِلُّنَا حِيْنَ حَرَّكْنَاهُ مُبْتَدَعُ
كُنَّا سَرَايَا وَلَكِنْ مِنْ سَرَابِ خُطَىْ
كَصُوْرَةِ المَاءِ فِيْ العَيْنَيْنِ نَخْتَرِعُ
أَشَدُّ إِيْمَانِنَا وَهْمٌ نُخَزِّنَهُ
فَإِنْ تَلَجْلَجَ قُلْنَا فَهْوَ يَنْدَلِعُ
فِيْ القَلْبِ تَكْمُنُ مَكْبُوتَاتُ حَيْرَتِنَا
كَغَيْمَةٍ عَنْ سَمَانَا لَيْسَ تَنْقَشِعُ
وَلَيْسَ تُمْطِرُ حَتَّىْ فِيْ تَهَدُّجِنَا
وَضَرْعُهَا يَبَسُ الأَحْزَانِ إِنْ ضَرَعُوا
لَنَا شِفَاهُ حُسَيْنٍ فِيْ تَعَطُّشِهَا
لَكِنْ بِلا كَوْثَرٍ فِيْ الغَيْبِ يَنْدَفِعُ
فِيْ حَفْلَةِ المَاءِ إِنَّا مُتْرَفُوْنَ عَلَىْ
حَشْدِ المَعَانِيْ وَلَكِنْ عِذْقُهَا دَقِعُ
لابُدَّ لِلدَّمِّ أَنْ يُجْرِيْ تَفَجُّرَهُ
بَيْنَ العُرُوْقِ بِشُحِّ النَّفْسِ يَقْتَرِعُ
لِكَيْ يَفُوْزَ بِنَرْدِ النَّصْرِ كَوْثَرُهُ
أَنَّى رَمَىْ فَحَشَا غَيْمَاتِهَا دَمِعُ
وَالمَاءُ يَرْجِعُ مَاءً لَوْنُهُ عَدَمٌ
لا حَفْلَةً فِيْ ظِلالِ المَوْتِ يَصْطَنِعُ
رَياًّ جَوَاداً كَرِيْمَ الطَّبْعِ مُنْبَلِجاً
قَلْبُ الحُسَيْنِ بِهِ الأَوْلَىْ ولا طَمَعُ
لِنَهْتَدِيْهِ عَلَىْ ثَغْرٍ بِلا حَرَجٍ
لا نَبْتَ صَبَّارِهِمْ فِيْ الحَلْقِ قَدْ زَرَعُوا
يَا حَشْرَجَاتِ حُسَيْنٍ فِيْ تَمَنُّعِنَا
عِنْ مَائِهِمْ إِنَّنَا بِالثَّأْرِ نَمْتِجَعُ
مَا بِيَنْ مَضْمَضَةٍ نُلْقِيْ رَوَاسِبَهَا
وَبَيْنَ رَيٍّ كَوِزْرٍ حَمْلَهُ نَضَعُ
لا يُصْبِحُ المَاءُ مَاءً مِنْ مَشَارِبِنَا
حَتَّى يَغَادِرَ عَنْ وَاحَاتِنَا الضَّبُعُ
كان يحكى
انْتَفِضْ ..
و انْفُضْ رَذاذَ الدَّمِ ..
عَنْكا
لَمْ تَعُدْ ..
رائِحَةُ الثَّوْرَةِ ..
شَكَّا
انْتَفِضْ ..
و اكْسُرْ جِدارَ الصَّمْتِ و ابْعَثْ
مِنْ رَمادِ الضَّوْءِ نَجْماً ..
يَتَزَكَّى
إنَّ عَيْنَيْكَ ..
مَصابيحٌ ..
قَناديلٌ ..
حِكاياتٌ و عَنْها كَانَ ..
يُحْكى ..!
فيكَ جُرْحٌ ..
لَوْ تَدَلَّى قابَ نَزْفٍ ..
لَبَكى مِنْ نَزْفِهِ الوَرْدُ ..
و أَبْكى ..!
لَكَ كَفَّانِ ..
تُجيدانِ ..
احْترافَ العَزْفِ بالسَّيْفِ ..
وَ كَمْ أَبْدَعْنَ مَسْكا
يَالَّذي ..
قُرْبَ انْدِلاعِ المَوْتِ ..
لَمْلَمْتَ بَقاياكَ فـدارَ الفَجْرُ ..
فُلْكا ..!
حَينَما كُنْتَ عَلى ..
ضِفْةِ لَيْلٍ ..
حَيْثُ ماجَتْ ..
ريحُهُ السَّوْداءُ..
حُلْكا
فـَنَسَجْتَ النُّورَ ثَوْباً ..
و تَجَلَّيْتَ ..
على أَطْرافِ تَقْويمِكَ ..
نُسْكا
و جُنونُ الوَقْتِ في الأيَّامِ ..
طَيْفٌ ..
خَتَمَ الحُزْنَ على ..
عُمْرِكَ ..
صَكَّا
مَرَّ مِنْ شُرْفَتِكَ الأَسْنى ..
شِهاباً ..
أَشْعَلَتْها ..
مِنْهُ آمالٌ و مِنْكا
طارَ مِنْها ..
بِجناحِينِ ..
شَذَىً وَحْيٌ تَماهى ..
في سَماءِ الرُّوحِ ..
مِسْكا
فَجَلى زَيْفَ دُخانِ الظَّنِ ..
ما كانَتْ ..
عُيونُ النُّورِ مِنْهُ ..
تَتَشَكَّى
و اسْتَحالَ الشَّوْكُ وَرْداً ..
في المَعاني ..
لَمْ يُعَرَّفْ ..
بَعْدُ في الأَسْماءِ ..
شَوْكا ..!
كانَ ما كانَ ..
و كَنْتَ الصَّفْحَةَ البَيْضاءَ ..
لا تُطْوى سَمَتْ ..
أَزْكى ..
فَأَزْكى
نُقِشَتْ ..
فيكَ حُروفُ الخُلْدِ ..
بِاسْمٍ لو تَراءى ..
عَرْشُ ظُلَّامِكَ دُكَّا ..!
أَنْتَ لَمْ ( تَسْتَوْحِشِ الحَقَّ طَريقاً )
مُفْرَداً ..
فَضَّتْ خُطَاكَ الغَيْبَ ..
سَلْكا
و لَكَمْ حَدَّقَتِ الأَيَّامُ ..
تَبْغيكَ انْكساراً ..
وَ هيَ تَسْتَذْئِبُ فكَّا
مُذْ صَبَغْتَ الرَّمْلَ ..
ما عادَ احْمِرارُ الدَّمِ ..
لَوْ يَسْقُطُ يا مَوْلايَ سَفْكا
مُنْذُ ( هَيْهاتِكَ ) هذي ..
أَنْفُسُ الأَحْرارِ تَأْبى الذَّلَّ ..
يَأْبى الخِدْرُ ..
هَتْكا
خَفَقَتْ رَايَتُكَ الحَمْراءُ ..
( عَبَّاسُ ) بِها لَوَّحَ ..
يَسقي الجَيْشَ ..
فَتْكا
( وَ سُكارى بَيْنَ كَفَّيْهِ و ما هُمْ بِسُكارى )
صاغِرينَ البَأْسَ ..
هَلْكى
أَلْفُ نَسْرٍ ..
جارِحٍ ..
في غِمْدِهِ لَوْ يَتَطايَرْنَ ..
انْتَهَكْنَ الجَيْشَ
نَهْكا
و قَليلٌ ..
إِنَّهُ بَعْضُكَ ..
هَذا الوَيْلُ ..
لَو تُرْسلُ وَيْلاً ..
ذُقْنَ ..
ضَنْكا
صَوْتُكَ المُمْتَدُّ في الأَجْيالِ ..
فِكْراً ..
زَلْزَلَ الدُّنْيا صَدىً ..
وَ الكَوْنَ ..
سَكَّا (1)
لَفَحَتْ أَنْوارُكَ الظَّلْماءَ ..
صُبْحٌ طَلَّ مِنْ عَيْنَيكَ ..
لَيْلَ الظُّلْمِ ..
ضَكَّا (2)
أَنْتَ أَدَّبْتَ غُرورَ النَّهْرِ ..
ما صافَحْتَهُ ..
أَذْلَلْتَهُ صَدَّاً و تَرْكا
أَنْتَ أَتْقَنْتَ اسْتِعاراتِكَ ..
أَتْقَنْتَ مَآسيكَ ..
مَضامينَ وَ سَبكا
أَنْتَ فاجَأْتَ ( بِعاشُوركَ ) ..
إيَّانا ..
حَبَكْتَ النَّصَّ و المَشْهدَ ..
حَبْكا
وَ تَفَنَّنْتَ رَسَمْتَ المَوْتَ ..
يُفْضي بِكَ لِلْخُلْدِ ..
وَ لَمْ تَخْشَ ..
.. المِحَكَّا
كُلَّما تُشْعِلُكَ الرَّهْبَةُ لِلُّقْيا ..
كَأنَّ الدَّمَ جَمْرٌ ..
يَتَذَكَّى
أَنْتَ حُرٌّ ..
حَطَمَ الخَوْفَ ..
بإيمانٍ إلى أَنْ ..
سَقَطَ القَيْدُ و فُكَّا
أَنْتَ ما جِئْتَ بِبُطْلانٍ ..
و ما جِئْتَ تُعيثُ الدّينَ ..
ما صاحَبْتَ ..
إِفْكا
جِئْتَ مَيْزاناً ..
لِعَدْلِ المَيْلِ في الأَرْضِ ..
و ما جِئْتَ لَهُمْ تَطْلُبُ ..
مُلْكا
لَمْ تَهَبْ صَلَّيْتَ للهِ ..
بِطورِ الحُبِّ فَرْضاً ..
واجِباً لَمْ يَكُ ..
شِرْكا ..!
- المُعْجَمُ الرَّائِدْ ( سَكَّ الكَلامُ السَّمعَ : أصمَّهُ لشدَّته ) ، اللُّغة العربية المعاصرة ( سَكَّ الصَّوتْ السَّمعَ : أصمَّه لشدَّتِه )
- المُعْجَمُ الرَّائِدْ ( ضكَّ و يضُكُّ ،ضَكَّا : ضكَّه : ضغطه ، ضكَّه الأمر : ضاق عليه ، ضكَّه بالحجة : قهره بها )
حبيبٌ لا أغادره
الحمد لله حمداً لا أغادرهُ الحمد لله حمداً لا أغادرهُ=والشكر لله لا منّاً أجاهرهُ ربي تبارك من رب له كرم=على البرية ما انفكت مواطره سيلاً تحدّر بالإحسان منهمراً=بالبشر والسعد لا تحصى مصادره له من الفضل والإنعام سابقة=ومن تجاوزه الأوزار وافره فظلَّ فيه يرجّي الخيرَ كافره=وزاد في الخير والعلياء شاكره وكنت في بيته أرنو إلى شرف=فضمني في صفوف المجد عامره فلم يدع ليَ من خيرٍ أناظره=ولم يدع ليَ من شرٍ أحاذره فاسئل فؤاديَ ما ينجيه من غضبٍ=يومَ الحساب إذا تبلى سرائره واسئل جبينيَ عن نورٍ يلاحقني=يتيه عشقاً به كالصّبِّ ناظره واسئل معاتبتي والوصلُ منقطعٌ=والدمع مرتجَعٌ تذكو مشاعره تقول مالك قد أنكرت صحبتنا=وليس يصلح للمعروف ناكره وقد تركت ربوعَ الود معتزلاً=عن الجميع وقد جُنت جآذره قد كنت أبرع بحّارٍ يسامرني=وكنت أمرع بستانٍ أجاوره سلوتُ عن وصلها أسمو إلى شرفٍ=وذبتُ فيمن أحارتني مآثره ظلٍّ تبلور فوق الماء واتسقت=به النجومُ وزانتها أزاهره تجري على مهَلٍ نشوى وقد نسجت=من سحر طلعته دفئاً تعاقره تنام في كفه إن لاح مبتسماً=وتستنير متى ما شاء ساهره تبيت مشدودة إما يحاورها=وفي التلألئ والمسرى تحاوره كأنني إذ أجوز الكون مرتحلاً=في وصله وهو مسحورٌ وساحره أمشى على هدي ما خطت رواحله=ما ضل من سار في درب يسايره كأنه البحر ممدودٌ ومتصلٌ=في السطح مائره والقاع زاخره نذوق في فيضه سر الحياة ولا=نهون يوماً وقد شُدّت أواصره يبقى على العز من يأتيه مؤتمناً=فالعمر وارده والدهر صادره هو السفينة للغرقى وقد صمدت=مهما تعالى من الطوفان طامره وهو الملاذ إذا حل الظلام على=قلب المخوف متى دارت دوائره وهو الحبيب الذي أرنو لرؤيته=مهما فقدت بها شلواً تطايره ما كلَّ زائره ما مل ناظره=ما ذل ناصره ما ضل شاعره هو النشيد الذي في لحنه رقصت=أرواح شيعته عشقاً تشاطره توافدت ترتمي في حصنه فبه=تلقى الحياة وتلقي ما تخامره به تروِّي زماناً جف وابله=لكي يفوح من الآمال شاغره تسبح الله في كهف به سكنت=هل تطمئن قلوبٌ لا تذاكره لو قطعوا فيه أوصالي وما حملت=وكشر الحقد خافيه وظاهره واستأجروا مفتياً يرمي قنابله=على الطيور لترديها كواسره واستأزروا عابد الطاغوت منسجراً=وجاء إبليس بالفتوى وآمره وحوّلوا قبة الأنوار عن فلك=بها يدور وفيها قر سابره لما لقوا بين ذراتي وأعظمها=إلا الحسين حبيباً لا أغادره تشع بالخير والنعمى محاسنه=وتنزل الليل والسكنى ضفائره إن تلتقِ الأنسَ نفسي فهو مؤنسها=أو دق ناقوسُ قلبي فهو ناقره به سموت على الدنيا وما وسعت=وطفت من حيث ما طافت بشائره الباسط الكفّ من تحت الكساء إلى=كفِّ المحبين والسلوى تذافره والمسكر الناس من حلمٍ ومن أدبٍ=والناشر الجود لا تخفى جواهره والطاوي الكشح للمسكين معتكفاً=والمطعم العبد إما ضن آسره والكاظم الغيظ عن قوم إذا جاهلوا=والمنزل الموت إما ثار ثائره والفارس الأوحد الصنديد ، ما صمدت=له الأسود إذا شدّت أظافره هو الكميُّ الذي مازال منتفضاً=ومن عرين بني الكرار خادره مازال في جنة الرضوان سيدَها=وفي الدنا ترتقي دوماً مفاخره هو الحسين ومن مثل الحسين حماً=عند الوطيس إذا حلّت فواقره الضارب الصفح إلا في الضراب فلا=يطيل في عمر قتّال يناوره النازع الحق من أنياب غاصبه=والمرتدي في اللظى قلباً وشاهره يصيح هيهات منا أن نذل ولم=نذق من الصبر ما الرحمن عاذره فقارع الجبت والطاغوت محتسباً=وقلَّ إلا من العباس ناصره فبات في الحل والتأريخ فارسها=وظل في غضب الجبار واتره |
والشكر لله لا منّاً أجاهرهُ 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 |
ربي تبارك من رب له كرم | على البرية ما انفكت مواطره |
سيلاً تحدّر بالإحسان منهمراً | بالبشر والسعد لا تحصى مصادره |
له من الفضل والإنعام سابقة | ومن تجاوزه الأوزار وافره |
فظلَّ فيه يرجّي الخيرَ كافره | وزاد في الخير والعلياء شاكره |
وكنت في بيته أرنو إلى شرف فلم يدع ليَ من خيرٍ أناظره | فضمني في صفوف المجد عامره ولم يدع ليَ من شرٍ أحاذره |
فاسئل فؤاديَ ما ينجيه من غضبٍ واسئل جبينيَ عن نورٍ يلاحقني | يومَ الحساب إذا تبلى سرائره يتيه عشقاً به كالصّبِّ ناظره |
واسئل معاتبتي والوصلُ منقطعٌ تقول مالك قد أنكرت صحبتنا | والدمع مرتجَعٌ تذكو مشاعره وليس يصلح للمعروف ناكره |
وقد تركت ربوعَ الود معتزلاً قد كنت أبرع بحّارٍ يسامرني | عن الجميع وقد جُنت جآذره وكنت أمرع بستانٍ أجاوره |
سلوتُ عن وصلها أسمو إلى شرفٍ | وذبتُ فيمن أحارتني مآثره |
ظلٍّ تبلور فوق الماء واتسقت تجري على مهَلٍ نشوى وقد نسجت | به النجومُ وزانتها أزاهره من سحر طلعته دفئاً تعاقره |
تنام في كفه إن لاح مبتسماً تبيت مشدودة إما يحاورها | وتستنير متى ما شاء ساهره وفي التلألئ والمسرى تحاوره |
كأنني إذ أجوز الكون مرتحلاً أمشى على هدي ما خطت رواحله | في وصله وهو مسحورٌ وساحره ما ضل من سار في درب يسايره |
كأنه البحر ممدودٌ ومتصلٌ نذوق في فيضه سر الحياة ولا | في السطح مائره والقاع زاخره نهون يوماً وقد شُدّت أواصره |
يبقى على العز من يأتيه مؤتمناً هو السفينة للغرقى وقد صمدت | فالعمر وارده والدهر صادره مهما تعالى من الطوفان طامره |
وهو الملاذ إذا حل الظلام على وهو الحبيب الذي أرنو لرؤيته | قلب المخوف متى دارت دوائره مهما فقدت بها شلواً تطايره |
ما كلَّ زائره ما مل ناظره هو النشيد الذي في لحنه رقصت | ما ذل ناصره ما ضل شاعره أرواح شيعته عشقاً تشاطره |
توافدت ترتمي في حصنه فبه به تروِّي زماناً جف وابله | تلقى الحياة وتلقي ما تخامره لكي يفوح من الآمال شاغره |
تسبح الله في كهف به سكنت لو قطعوا فيه أوصالي وما حملت | هل تطمئن قلوبٌ لا تذاكره وكشر الحقد خافيه وظاهره |
واستأجروا مفتياً يرمي قنابله واستأزروا عابد الطاغوت منسجراً | على الطيور لترديها كواسره وجاء إبليس بالفتوى وآمره |
وحوّلوا قبة الأنوار عن فلك لما لقوا بين ذراتي وأعظمها | بها يدور وفيها قر سابره إلا الحسين حبيباً لا أغادره |
تشع بالخير والنعمى محاسنه | وتنزل الليل والسكنى ضفائره |
إن تلتقِ الأنسَ نفسي فهو مؤنسها به سموت على الدنيا وما وسعت | أو دق ناقوسُ قلبي فهو ناقره وطفت من حيث ما طافت بشائره |
الباسط الكفّ من تحت الكساء إلى والمسكر الناس من حلمٍ ومن أدبٍ | كفِّ المحبين والسلوى تذافره والناشر الجود لا تخفى جواهره |
والطاوي الكشح للمسكين معتكفاً والكاظم الغيظ عن قوم إذا جاهلوا | والمطعم العبد إما ضن آسره والمنزل الموت إما ثار ثائره |
والفارس الأوحد الصنديد ، ما صمدت هو الكميُّ الذي مازال منتفضاً | له الأسود إذا شدّت أظافره ومن عرين بني الكرار خادره |
مازال في جنة الرضوان سيدَها هو الحسين ومن مثل الحسين حماً | وفي الدنا ترتقي دوماً مفاخره عند الوطيس إذا حلّت فواقره |
الضارب الصفح إلا في الضراب فلا النازع الحق من أنياب غاصبه | يطيل في عمر قتّال يناوره والمرتدي في اللظى قلباً وشاهره |
يصيح هيهات منا أن نذل ولم فقارع الجبت والطاغوت محتسباً | نذق من الصبر ما الرحمن عاذره وقلَّ إلا من العباس ناصره |
فبات في الحل والتأريخ فارسها | وظل في غضب الجبار واتره
|
يشيد بالبطل العباس شاعرهُ | كما يغرد في البستان طائرهُ |
ما أنجبت حرة شمساً ولا قمراً كأنما فالق الإصباح أوقده | كناصر السبط ما أحلى غدائره في الأرض فهو ضياها وهو ساتره |
إن قابل الناسَ جاء النور يسبقه طوبى لروحك يا أم البنين ويا | وإن مضى فسكون الليل دابره رمز الحنين ويا درساً نثابره |
لقد رفعتِ من الأقمار أربعة لكن قومك يا أم البنين أتوا | ومن وليدك هذا جلّ ناشره من الوليد عجاباً لا أخاتره |
فها هو الوالد الكرار أولهه يقبل العينَ والكفينِ مرتجعاً | من جسمه الغضِ باديه وضامره ويحمد الله ما شعّت مناحره |
وهاهو المجتبي والمجتبى علمٌ يرنو إلى الطفل حتى خلت أنهما | جلت مآثره قلت نظائره بين الرياحين مفتون وآسره |
وهاهو السيد السبط الشهيد به يحنو على ما بدا من حسن طلعته | كالمستهام يناغيه يسارره ويرشف الراح مما فاح ثامره |
ما أجمل الطفلُ في كفِّ الحسين وفي يدير عينيه في عين الحسين وفي | حجرِ الحسين زماناً لا يغادره نحر الحسين فما تعني مناظره |
ما بالُ طفلك يا أم البنين فقد بالله ردي أمن عيب بخلقته | أبكى الزهور وما رفت محاجره فكيف والفرقد العالي يجاوره |
وكيف والشمس خرّت يكي يباركها والمكرمات تنامى عن شمائله | والكائناتُ له تترا تسامره كالطود لا يرتقيه من يكابره |
الرابط الجأش في حزم على صغرٍ ما عسَّ في قارع الكفار منسدلاً | ماذا سيُحدث إما اشتد كاسره إلا تهاوت على البيدا مغافره |
مازار جيشاً تعاديه بواتره في كفّه سجّر الجبار هاويةً | إلا تولى تؤاخيه مقابره وراكمت بأسها فيه عشائره |
وزينبٌ شدها من بين إخوتها ولم تزل زينبُ الحوراءُ تطلبه | له من الود ما تخفى بصائره إلى الوفاء فلا تكبو مشاعره |
حتى أتى الشاطئ الغربيَّ مرتجزاً والعلقميُّ به الحياتُ فارعةٌ | أروي الحسينَ ولا تظمى حرائره وفي بطون مناياها فواغره |
والسلسبيل به يجري وقد ولغت والأرض لاهبة والنخل كالحة | فيه الكلاب وأقصى الريح ناجره وفي الجوار من الجاريِّ فاتره |
والمارقون أتوا والناكثون جثوا والشرك أطلق في الميدان قارعَه | والقاسطون قضوا مالله حاضره واستنفرت كالثرى عدّاً عساكره |
جيشاً له من شرار الجن رادفة فاستحصلَ القمر العالي إجازته | وللسهى من أياديه حناجره وانسلَّ للأرض تحذوه زماجره |
وأقحم المهرَ كالزلزال بينهمُ وخيّم الموتُ والآجالُ شاخصة | حتى بدت في نواصيهم حوافره وجال في ركَب الشجعان ذاعره |
وأظلم الأفقُ من وقع الضراب وهم ولم يزل فيهمُ يجني الرؤوسَ ولم | تحت الحراب وثكلاهم تهاتره يزل يمنّيه ربي ما يخامره |
فأبدل البارئُ الكفّينِ أجنحةً ولم تزل رايةُ العباس خافقةً | واسترجع المحجرَ المكسورَ جابره صفراء في موجها عزّت محاوره |
ساءت وجوهَ بني صهيون وانتصبت وقد سقاها أبو هادي مفاجأة | على الجنوب فأعيتهم منابره ذلّت لها من حصون الشرك ساعره |
وأرسلوا رابع الأجيال فانتشرت لاغرو من سيّدٍ يغذو بسالته | على القرى حيثما حلّوا مقابره من الحسين وفي العباس غابره |
فكفّه من يد العباس ركبها هو المفاجأة الكبرى وقد قربت | والسبط قائده والله ناصره بها تَغيّرُ في الوادي مصائره |
وجالت الراية العظمى مراقبة يؤمها القائمُ المهديُّ منتصراً | ما بعد بعد ، وقد هبّت بوادره وتكتسي باللقا كحلاً نواظره |
على حدِّ قولِ اللواء
وجدتُ هذه القصيدة تحت وسادتي
موقعةً باسمِ لواء العباس – عليه السلام-.
على وجهِ أرضٍ بعضُ خديهِ كوثرُ
يجرّون ذيلَ التيهِ .. قومٌ تصحَرّوا
كذنبٍ قديمٍ علّقَ الموتُ وجهَهُ
فيلـُقى ضياءٌ شاحبُ اللونِ أغبرُ
وتمتدُّ ما بينَ الفضائينِ نغمةٌ
بساحلِها يرسو صقيعٌ ومجمرُ
وبينهما جمرٌ على قيدِ نفخةٍ
يرومُ انطفاءً والسمواتُ تنظرُ
فشتّان مابين اصفرارٍ وخُضرةٍ
فهاهم كما شاؤوا يبابٌ وبيدرُ
وسربُ عطاشى فوقَ أغصانِ دمعةٍ
تقوسَ جنحُ القلبِ فيهم فكُوِروا
تكفّنُ عينَ الشمسِ أسمالُ لُجةٍ
وأفقٌ بهاماتِ الرماحِ يُدثَرُ
فما حاجةُ الأرضِ التي جفَّ ريقُها
إلى طعمِ ضوءٍ من فم القبحِ يقطرُ؟
إذْ انثالَ بدرٌ طوقَ الطفَّ عزمُهُ
فكانتْ كعينٍ إذْ أبو الفضلِ محْجرُ
وكنتُ نديمَ الزهوِ في بحرِ كفِّهِ
فكلُ بحارِ الكونِ في الكفِّ خُنصرُ
يشقُّ سوافي الريحِ قلبي بخفقةٍ
بها يُستفزُ الرعدُ والريحُ تزأرُ
وكانَ كلغزٍ أرهقَ الجمعَ حلــُهُ
تعالى كطودٍ والسما فيهِ تعثرُ
كصدرِ سفينٍ شقَّ بحرَ جيادِهم
وتوَجَهم رعباً فسيفٌ ومِنحرُ
كصيحةِ ربٍّ رفَّ جنحُ عذابِهِ
فما ذنبهمْ في ناقةٍ سوفَ تُعقَرُ؟
وتستنشقُ الموتَ الزؤامَ صوارماً
رقابٌ بأوحالِ الرؤوس تعثَّرُ
رجالٌ بأقدامٍ تلوكُ فرارَها
فتكبرُ أينٌ والإجاباتُ تصغرُ
ولما أتى للنهرِ صبراً مبللاً
بثُقلِ خيامِ اللهِ والصبرُ أنهرُ
وقامتْ بناتُ الماءِ تُغوي شفاهَهُ
فَدُرْنَ وثغرُ البدرِ قصدٌ ومحورُ
رماهنَّ سجّيلاً من الدمعِ نازفاً
يقيناً , وصوتٌ للإخاءِ يكــبّـرُ
(فيا نفس هوني) أيُّ صوت ٍ مجلجل ٍ
على صَفَحاتِ الدهرِ ما زالَ يــهدرُ
وقامَ بجودٍ يُتقنُ الماءُ كنهَهُ
تقدسَ جودٌ في فمِ الماءِ يمطرُ
ليرويَ قرآناً يزفُّ حروفَهُ
عرائسَ من دمع ٍ إلى اللهِ تُبحرُ
ورتَّلَ معنى البدرِ حشدٌ لأسهمٍ
تشظّتْ ظلاماً والنهاياتُ مصدرُ
تشظّتْ وكانَ الوقتُ يتلو ترقباً
وأنفاسُهُ في غيهبِ الطفِّ تُـقبرُ
فخُضّبَ بدرٌ واستدارَ خسوفُهُ
ونامَ بحضنِ الجودِ نابٌ واظفرُ
ومن جوهرِ الكفينِ سالتْ مواجعٌ
جداول إيثارٍ على الجرفِ تُبذَرُ
وأما أنا لمْ تلثمْ الأرضُ هامتي
فقدْ شاءَ ربُّ الأرضِ لي لا أُعفّرُ
على القبةِ الصفراءِ مازلتُ صادحاً
بعنصرِ تكويني شموخٌ يُزمجرُ
وما زلت ُ لا أُطوى إن مرَّ عاصفٌ
ورايات ُ كلِّ الخلقِ تطوى وتنشر ُ
وأطلبُ وتراً كلَّ طفٍ يمرُّ بي
فيا قائماً بالأمرِ أيان تظهرُ؟
ذاكرة الرمال
سرْ يا فراتْ
سِرْ في هدوءِ العجزِ عن قصصٍ وأعذارٍ ترتّبُها الرمالْ ….
سِرْ حيثُ يجرحُ صمتُ أزمنةِ الغبارِ تعطشَ الموتى بأغصانِ الرماحْ
ويقطّر الخوفُ التذلّلَ في شفاهِ صغارِنا
نتوسّلُ الذكرى ونرمقُ آخرَ الأحلامِ لا يُرجى انفصالْ
أو حين تحرجُ صوتَك المبحوحَ أغنيةُ اليتامى في تفاصيلِ الزوالْ
كان الحسينُ ندىً لأروقة الصباحْ
هل كانَ شكّاً يا فراتْ
حتى يوثّقَهُ المماتْ
نهرٌ تولّى أو تعامى غير معنيٍّ بفاجعةِ النـزالْ
سِرْ يا فراتْ … سِرْ ثمّ ثُرْ
ثُرْ عن جراحِ الصمتِ
حينَ عيونُ أطفالٍ يخالجها الذبولْ
ومضتْ تراودُها الوعودْ
ثُرْ إنّ خوفَك يستبدُّ به الخلودْ
هذا أوانُك يُستَفَزُّ معادُهُ
فصفاءُ وجهِكَ لا يعودْ
ما لم تثُرْ
سِرْ لا تثرثرْ .. سِرْ وثُرْ
دعْ ما تخافُ من التعثّرِ في حطامِ الضوءِ
في ظلماتِ أمّتِنا العقيمةْ
للآنَ يغرينا القناعْ
للآنَ نسقيها دمانا وهي تسقينا الضياعْ
سِرْ يا فراتْ ….
سِرْ ثمّ ثُرْ
سترى حسينَ الله في عبراتِهِ
وترى ضميرَ الرملِ يحفرُ خطوَهُ
سترى بذاكرةِ الرمالِ تَحفّظَ الريحِ المُذيّلِ حزنُها
وجعاً تناسلَ في سنيِّ الخوفِ في رحمِ الذبولْ
سترى بأنّ اللهَ في أعدائِهِ
يبكي عليهِ وهو ينتزعُ الحقيقةَ من نقاءِ دموعهِ
هو ذاك سلطانُ الترقّبِ والتقرّبِ تلك آياتُ الوصولْ
فالحزنُ يبدأُ والدموعُ حكايةُ الكبتِ المرادِ له بأن يتوغـّلَ المعنى المسافرَ عن وجوهِ الناسِ حيثُ ملامحُ الأصنامِ تطبعُ في جبينِ الخوفِ ذلَّ الصمتِ في زمنٍ هجينْ
فأبيتَ يا ظلَّ الإلهِ خطى المتاهةِ في عيونِ الموتِ في نفقِ السوادْ
هو يومُ أنتَ خرجتَ وجهَ حقيقةٍ
يا منبعَ الهادي ويا استسقاءَهُ
فجّرتَ ينبوعَ التطهّرِ واصطفاءَ كواكبٍ للآنَ أوّلُها يضيءْ
للآنَ آخرُها انتظارُ اللهَ حين العدلُ كلُّ الأرضِ كلُّ العمرِ
كلُّ وجودِهِ
ليضيءَ في زمنٍ نبيٍّ ما تحاوله الفصولْ
فيزيحَ وجهَ الموتِ عن قدرٍ بريءْ
ولأنت ِ نفسُ محمّدٍ
يا معدنَ النفسِ النبيّةِ يا مذاقَ الطهرِ يا طعمَ الإلهْ
يا موطنَ الإرثِ المضيءِ على ترابِ الأمسِ حينَ اخضـّرَ وجهُ الموكلين إلى الحياةِ على ضفافِ الدمعِ أو نزفِ السماءْ
وعلى حضاراتٍ تكلَّفَتِ العناءْ
وعلى همومِ نهوضِها
فخلقتَ في طرقِ المنايا ألفَ نهجٍ للنقاءْ
كان المرادُ غصونَ لاهوتٍ تجذّرتِ السماءْ
فخرجتَ حتى يستقيمَ الضوءُ في فيءِ الإلهْ
ينبوعَ أضواءٍ أراكَ .. خصوبةَ النورِ .. امتدادَ العرشِ
حين اللوحُ ممتلئٌ بإشراقِ انتمائِكَ للعلا
هو ذاك يومُ الطفِّ كنتَ على انتشارِ جهاتِهِ متلألئا
فيضٌ يفيءُ ولا يبارحُ وجهَ هذي الأرض إلا باكتمالِ الضوءِ أو بسكينةِ المعنى وباستسلامِ آخر ذرةٍ لهبوبِ وجهِكَ حينها تـُستنطقُ البشرى
فوجهُ الأرضِ مرآةٌ ملامِحُها تقاطيعُ ابتساماتِ السماءْ
ولربّما عَرفَتْ بحزنِك حينها
فَمَضَتْ تعارضُها الدموعُ تجرّحتْ أبوابُها
وملوحةُ الأيامِ تسكنُها الجراحْ
فبكتْكَ أمطاراً دماءً حين موعدُها الهطولْ
سكتتْ وسرُّ الله يفشيهِ النواحْ
سكتتْ وروحُ الأرضِ دائمةُ البكاءْ
إذْ فجّرت ماءً يشقُّ إلى الحياةِ صفاءَ كوثرِك الحزينْ
هو ذاك جرحُ الله .. نزفُ العرشِ
لا الضلعُ المهشّمُ لا الجنينْ
فبأيِّ لوذٍ يستكينْ
والحزنُ يَثأَرُ والدموعُ حكايةٌ ..
لا ترتوي الأيامُ حتّى نبدأَ الأيامَ في معنى تَجَاوَزَه الأنينْ
لا أن نسيرَ نؤمّلُ الموتى مساحةَ قبرِهم
فلقد تصدّعَ وجهُ تأريخٍ تناولَ حزنَك المخبوءَ من حين لحينْ
لتمزّقَ الذكرى شرايينَ السنينْ
فيفيقُ من وجعٍ أنينْ
ويحيل ليل المتعبين إلى البعيدْ
خجلى هي الأيامُ كيفَ تمرُّ من وجعٍ إلى أفراحِ عيدْ ؟!!!
ثُرْ يا فرات
سترى بتكرارِ الإلهِ تشابهَ الآلامِ حين نصرُّ أن نتلو النـزيفَ على الطريقْ
سِرْ إن آخرَ ما نفكّرُ فيهِ في النارِ الحريقْ
ٍ