موسيقار الشهادة

لِجُرحِ قلبِكَ موسيقاهُ إنْ نَطَقا
يبوصلُ المجدَ إمَّا ضَيَّعَ الأفُقَا

نَضْحُ الدِّماءِ وضوءُ العِشْقِ ، ما اكتملتْ
صلاتُكَ البِكْرُ إلا مُذْ نَزَفْتَ تُقى

فَتَحْتَ عَيْنَيْكَ حينَ استحكَمَتْ لُغَةٌ
خَرْساءُ ، حينَ الحيارى ضيَّعوا الطُّرُقا

ورُحْتَ تُمْطِرُ فينا الضَّوْءَ ،
كانَ عرانا اليأسُ
لم نَدَّخِرْ مِنْ عَزْمِنا رَمَقا

علَّمْتنا نَسَقاً للحُبِّ ، فارتَعَشَتْ
كوامِنُ الشِّعْرِ لمَّا أدرَكَ النَّسَقا

أتيتَ تَقْدَحُ في أنفاسِنا أملاً
كُنَّا عَهِدْناهُ محبوساً ، وها عُتِقا

وحينَ أرَّقنا ليلٌ وشَتَّتنا
مَسَحْتَ عنّا شتيت الليلِ والأرقا

صِرنا نُمَوْسِقُ أحلاماً ،
ونَزرَعُها عِندَ الحُسينِ
إذن تَرْدادُها عَبَقا

كُلٌّ يعوذُ بِرَبِّ الحُبِّ مِنْ أرَقٍ
ما أسْكَرَ العَيْنَ إما طَرْفُها عَشِقا

يا مُبْدِعَ الغُنَّةِ الأولى انسيابُكَ في
أضالِع الكونِ أغرى الدَّمعَ فانْدَلَقا

أغرى الوجودَ بأنْ ينحازَ ، لا لِشَجٍ
لثائِرٍ عبْقَرِيِّ الفِكْرِ ، ما انزلقا

فِكْرٌ حُسَيْنٌ ، فُراتِيُّ الوضوحِ لهُ
رهافةُ السَّيْفِ ، لا يستعذِبُ القلقا

وِكِبْرياءٌ تُرابِيٌّ ،
أما انبَثَقَ العَزْمُ المُكَرْبَلُ مِنْ طه؟ أما انبثقا؟

وسُنْبُلاتٌ منَ الإيثارِ يَرْفِدُها
ماءُ الفِداءِ الذي مِنْ أمِّهِ اندفقا

ونَظْرَةٌ مِنْ عَلِيٍّ ..
بينَ رَحْمتِهِ وسَيْفِهِ أنْ يسيرَ الناسُ سَيْرَ شقا

ما افْتَنَّ بالماءِ حينَ الماءُ راوَدَهُ
في الطَّفِّ ، فانْداحَ ماءُ النَّهْرِ مُخْتَنِقا

وراح يركضُ للعبَّاسِ ، فارْتَعَدَتْ
فرائصُ الماءِ ، ما للماءِ قد صُعِقا؟

أيَشْرَبُ الماءَ عبَّاسٌ ، وزَيْنَبُهُ
فؤادُها بجِمارِ الوَجْدِ قَدْ غَرِقا!!

الصَّبْرُ بُرْدَةُ قِدِّيسينَ ، ما التَفَتوا
لغيرِ خالِقِمْ ، ما طأطأوا عُنُقا

والجودُ فِطْرَةُ مَنْ ذاقوا حلاوةَ أنْ
يُقَدِّموا النَّفْسَ قُرْباناً لِمَنْ خلقا

والطَّفُّ كَوْنٌ مِنَ الإبداعِ .. حينَ ترى
أباً ، وإبناً غريبَ البَسْمَةِ ، اعتنقا

أبي .. شِفاهِيَ يكويها لظى ظمإٍ
بُنَيَّ هاكَ فمي ذبلانَ مُحْتَرِقا

إذنْ بُنَيَّ إلى حَرْبٍ مُقَدَّسَةٍ
نروي بمهجتنا مَنْ كابدَ الحُرَقا

الطَّفُ قَلْبٌ بليغُ الجُرْحِ إنْ خَفَقا
والرأسُ أصْدَقُ إنْ فوقَ القَنا نَطَقا

فَكَيْفَ تَفْنى تراتيلٌ مُخَضَّبَةٌ
بماءِ وَحْيٍ ، ونَحْرٍ يَنْتشي عَبِقا

لا يَنْضَبُ الفِكرُ
عاشوراءُ قُرْبَةُ مَنْ رامَ الكرامةَ يلْقى ماءها غَدِقا

“حسينُ” نَبَّهَنا أنَّ المماتَ يَدٌ للحقِّ
تَفْضَحُ مَنْ بالحُكْمِ قَدْ شَرقا

حمى الزَّمانَ بهيهاتٍ ، فما سُرِقَتْ
روحُ الإباءِ وتاجُ المَجْدِ ما سُرقا