زَواجِلُ كفِّ العباس
عادل الصويري
(كربلاء – العراق)
بالقِربةِ العَطْشى أُضِيءَ الغَيْهَبُ ،
وعلى ضفافِ الصَمْتِ شُيِّدَ كوكبُ
ضَوْءٌ على عطشٍ مُسَجّىً بالوفا
والكَوْنُ من أحداقِ جُرْحٍ يشربُ
شَرِبَ الغيابُ الوقتَ ظِلّاً راجفاً
والأُفْقُ من كأسِ الظهيرةِ يُسْكبُ
وَنَوارِسُ النَبْضِ النَبِيِّ تَناثَرَتْ
بالنارِ تعدو والمدى مُتَعَجِّبُ
هي كربلا، والفَجْرُ فيها يرتدي
لَوْنَ الرمالِ الدامياتِ ويندبُ
في رَمْلِها، كتبَ الغيابُ ملامِحَ الـ…
معنى سُطوعاً والنخيلُ مُخَضَّبُ
عَزَفَتْ بأوتارِ الحقيقةِ جمرةً
يقتاتُها الجودُ الذي يَتَلَهَّبُ
وَ(سُكَيْنَةُ) المنفى سَراباً تلتظي
بلظى الخيامِ وحَدَّثَتْها زينبُ :
قَدْ خَبَّأَ العبّاسُ وَعْداً ظامئاً
وَفُراتُ قِرْبَتِهِ مسيحٌ يُصْلَبُ
كَفّاهُ في ثَغْرِ العُصورِ قصيدةٌ
تُتْلى على وهجِ الشموسِ فَيُحْجَبُ
كَفّاهُ زاجِلُ من بُكاءِ فُراتِهِ
يحكي وذاهلةُ الملامحِ يَثْرِبُ
صَدَحَتْ أراجيزُ السيوفِ كأنَّما
في كربلاءَ عُكاظُ خُلْدٍ يَلْهَبُ
شَقَّ الجموعَ حَداثَويّاً صائلاً
بِفصاحةِ الفَقّارِ ضَرْباً يَخْطِبُ
طافَ الرقابَ على ارتجالِ المُسْتحيلِ
وَهُمْ بِعَوْرَةِ شانئيهِ تَنَقَّبوا
رَكَضَتْ أَصابِعُهُ تُلَمْلِمُ ماءَهُ
في حيرةٍ وأبى الزمانُ المُجْدِبُ
(أُمُّ البَنينِ) تَسَلَّقَتْ أنفاسُها
خَجَلاً إلى زهرائها تَتَصَبَّبُ
حَدَّ التِماعِ السَهْمِ كانَ بُكاؤهُ
لِخيامِ وَجْدٍ طَيْفُها يَتَسَرَّبُ
من عَيْنِهِ رَفَعَ السِهامَ تحيةً
خَجْلى إلى قَلْبِ العقيلةِ تُسْحَبُ
تنمو على النَوْمِ البعيدِ صَلاتُهُ
حُبْلى وَقُرآناً شَهيداً تَنْجبُ
لُغَةُ المرايا تُرْجِمَتْ مِنْ فَيْضِهِ
بِبَلاغَةٍ مِنْ نَزْفِ جودٍ تُعْرَبُ
بِنَزيفِهِ خاطَ الربيعُ قَميصَهُ
لِجهاتِهِ يهفو الضياءُ الألحبُ
أشجارُ قِرْبَتِهِ الشهيدةِ أَوْرَقَتْ
وَعْداً غَدا في كُلِّ فَجْرٍ يُطْلَبُ
رَكَعَتْ فؤوسُ الزاحفينَ لِطولِها
لِتَظَلَّ راقِيَةً على مَنْ حَطَّبوا