انتقل إلى المحتوى
المركز الأول – فئة القصيدة الكلاسيكية
ذَبيحُ الفُرَاتِ
الشاعر / أحمد كاظم خضير
(العراق – البصرة)
“أَسْرِجُوا الْخَيْلَ، وَاصْعَدُوا أَيُّهَا الْفُرْسَانُ…
لأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ ذَبِيحَةً فِي أَرْضِ الشِّمَالِ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ”
سِفر إرميا 46
كَما جَوادُ حُروفي فِي القَصيدِ كَبا
كَبا الزَّمَانُ وظَلَّ الوَقتُ مُختَضِبَا
مُسَمَّراً فِي حُقولِ الدَّمعِ،
حِنطَتُهُ قَحطٌ ،
وتَنّورُهُ يُقري الوَرى سَغَبا
مِن اشتِياقِكَ بِي مَسٌّ يُنازِعُني
وَأهونُ الشَّوقِ مَا لِلعَقلِ قَدْ غَلَبا
أخيطُ نَهراً
وجُرحَ الأرضِ أحسَبُهُ
أريقُ وَجهي عَلى صَحرَائِها سُحُبا
أمشِي ..
وعُكَّازُ أحلامِي شَتاتُ دَمي
فَيَتبعُ الحُلمُ مِنْ رَمضَائِها سَبَبا
كُلّي التِفاتٌ
وصَوتُ الرَاحلينَ فَمي
لَحني يُراوِدُ فِي أحزانِهِ القَصَبا
رَملٌ ،
صَهيلٌ ،
دِمَاءٌ ،
فِتيَةٌ نُجَبا
كانوا مَع السِّبطِ مِنْ آياتِنَا عَجَبا
يُؤثِّثونَ عُروشَ الحَقِّ
مِن لُغَةِ الضِّيَاءِ
يَتلونَ سِفرَ المُلتَقى بـ(صَبا)
وَعِندَما هَزَّتِ (الحَوراءُ) غِيرَتَهُمْ
تَساقَطوا تَحتَها فِي (كربَلا) رُطَبا
كأنَّ (نَمرودَ) ناداهُ (أبو لَهَبٍ)
وراحَ يَجمَعُ يَومَ العَاشِرِ الحَطَبا
فَقيل: (زَينَبُ)
_ لمَّا أحرَقوا خِيَماً_
كُوني سَلاماً وَبَرداً واطفِئي اللَّهَبا
وَقِربَةٌ سَالَ مِنها الضَّوءُ مُنسَكِبا
كَشْفٌ شَهِيٌّ
يَقُدُّ الغَيبَ وَالحُجُبا
كأنَّ (عَبّاسَها) صُبحٌ بِلا رِئَةٍ
تَنَفَّسَ المَاءَ
لكنْ عادَ مُلتَهِبا
“فَأينَ طَالوتُ وَالجَيشُ الذي اغتَرَفوا”
مِنَ الذي شُربَةً فِي النَّهرِ مَا شَرِبا
لمَّا تَجَلّى بِوَادي (كربَلا) انصَعَقوا
خَوفاً وَدُكَّتْ جِبالُ الكُفرِ مُذْ غَضَبا
فَكَيفَ غَنّى عَلى الأعنَاقِ صَارِمُهُ
ورَاح يَفتِكُ
في جُمهورِهم طَرَبا؟
وَكيفَ مَرَّ عَلى الأفكارِ
مُتَّخِذاً سَبيلَهُ فِي بِحَارِ المُنتَهى سَرَبا؟!
هُوَ الحَقيقيُّ ..
حَيُّ الأرضِ ، سَيِّدُهَا
وكُلُّ شُجعَانِهِم كانوا بِهَا لُعُبا
مَا كانَ يَظمأُ
كانَ المَاءُ يَعطَشُهُ
وَالنَّهرُ مِنْ دُونِهِ لَمْ يَألفِ التَّعَبا
********
بِحَسرَةِ الوَردِ (عيسَى) جاءَ مُعتَذِراً
إكليلُهُ الشَّوكُ ..
إكليلُ (الحُسَينِ) ضُبَا
يا (آدمَ) الطَّفِ
فِي أعضَاءِهِ سَجَدَتْ كُلُّ السُّيوفِ
وَأنبا بِسمِهَا إِرَبا
خَطَّتْ يَدُ اللهِ قَبلَ النُّورِ أحرُفَهُ
فَظَلَّ إسمَاً عَلا الأزمانَ وَالحُقُبا
ذَبيحَةُ اللهِ
لو رَامَ (الخَليلُ) لَهُ عِدلَاً
لَتَلَّ الوَرى جَمعاً
ومَا اقتَرَبا
فِي صَدرِهِ ضَمَّ ثَالوثاً
يَنزُّ دَماً لِلهِ يَصعَدُ
حَتّى الآنَ مَا نَضَبا
مَعارِجُ الدَّمِ نَحوَ الرَّبِ جَامِدَةٌ
سَلالِمَ الرَّفضِ
لِلأحرارِ قَدْ وَهَبا
نَجمٌ يُسافِرُ (لاءً) فِي الظَّلامِ
ولا يَعلو بِأحلامِهِ
إلّا شِرَاعُ إِبا
هَذا قَميصُكَ
رَدَّ الأرضَ باصِرَةً
فَأينَ (يَعقوبُ) لَمَّا بَيَّضَ الهُدُبا؟
جَمَّعتُ فِي دَفتَرِ النِّسيَانِ ذَاكِرَتي
وجِئتُ فَرداً إلى مَعنَاكَ
مُغتَرِبا
كَسرتُ مِرآةَ تأويلي
وعُدتُ إلى صَليبِ فِكرٍ
يَدُقُ العَقلَ وَالخَشَبا
وَكُنتُ أصلُبُ ذِكَرَ الطَّفِ فِي شَفَتِي
وَكانَ مَائِي
عَلى الشُطآنِ مُنْصَلِبَا
وَرُحتُ أخصِفُ عُريَ البَوحِ
مِن وَرقِ الشِّعرِ
المُوشَّى -عَلى إملاقِهِ- ذَهَبا
أعودُ مِنكَ
قَوافي الشِّعرِ قَد عَلِمَتْ
أنْ لا خِتامَ لِشِعرٍ
فيكَ قَد كُتِبا