آخِـرُ ما حَلمَ بهِ المـاء
(إلقاء الشاعر حسين العلي)
· مواليد السنابس – البحرين 1975م.· البكالوريوس في الإعلام من جامعة كانتربوري في لندن، ودبلوم إعلام شامل من جامعة لاهاي بهولندا (2013م).· صحافي وكاتب منذ العام 2005م.· تأهل لموسمين متتاليين لمسابقة أمير الشعراء بأبوظبي.· شهادات تقديرية عديدة وجوائز منها:– المركز الأول في مسابقة (أدب الطف) في البحرين.– المركز الثاني في جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم (الإمارات) في دورتها (33).– المركز الثاني في مسابقة (النبأ العظيم) بالسعودية.– المركز الثاني في مسابقة (شاعر كربلاء) بالبحرين.– المركز الرابع بجائزة الجود العالمية الخامسة بالعراق.– ضمن المتأهلين العشرة بمسابقة بردة كربلاء الدولية (2017م).
ملخص تعليق المحكّمينالمعقب : الدكتور جعفر مهدي آل طوق
◼عتبة النص وعنوانه تمهيد لجو النص ويلاحظ ذلك بمزج الماء بمفردة اللسان
|
يزيد ، وهو في الغرفة الخلفية من المسرح ، متكئاً على عرش مهشم الجوانب ، ناظرا الى انعكاس صورته في مرآة في اقصى زاوية الغرفة ، متحدثا عن الحسين بن علي بعد انتهاء المعركة مردداً ، هو :
.
.
لملمتُ أشباه الرجال لأهزمه
فأتوا بآلاف الورود مكممه
.
ومسختُ وعيَ الماء عن ادراكه
ومنعتُ عنه الأمنيات ..لأرغمه
.
لوّنتُ امزجةَ الرمال بفكرة حمراء
مسّتْ وجهه كي ترسمه
.
ووضعتُ في شفة السهام نذالة المعنى
وقد مرت عليه لتلثمه
.
ونثرتُ فوق الماء جرح فراشة
حبلى بذاكرة الرياح المؤلمة
.
كان الزمان مهاجرا
في صدره رجلٌ تفنن في اختيار الاوسمه
.
أنا كلما حاولت أن أدنو ألى عاشوره
أجد الجهات ملغمه
.
انا كلما قطعتُ أحشاء الطريق
لكي يموت بغربة
جاء الندى ليكلمه
.
أنا كلما اُرسي الممات بمقلتيه
أراه يحترف الحياة
لتلهمه
.
لملمت كل الطارئين على الحياة
جعلتهم كوناً
لنبدأ مأتمه
.
أمطرتُ لون ظما على خيماته
وسلختُ من شفة الفرات التمتمه
.
وتركتُه يهبُ الضياء
مخضب بالذكريات، وبالرزايا المحكمه
.
وغرزتُ كفي في العصور مفتشا عن عمره
كي أنتقيه لأقصمه
.
زوّرتُ أوراق الوفاة ،
مسافةالكلمات،
أمكنةَ الشهود ،
المحكمه
.
ووقفتُ محتظرَ الشفاه
بخاطري ضوءٌ
تورد للمنايا مبسمه
.
يلقي بنكهة حلمه في شاطئ الألم المقدس
والأماني المبهمه
.
لا شيء يعبره اليه
سوى دم صلب
وقد ملأ الخلود
ليفطمه
.
لا شيء يمنحه خريطة عودة للما وراء
لكي يعيد الملحمه
.
لا شيء يمنحه الأمان
فكل هذي الأرض تبغي أن تفكك طلسمه
.
ونفخت من روحي عليه لكي يموت فيختفي
كي تستريح الأنظمه
.
شيب النخيل حكاية عن أخر الآتين من رحم الضياء
ليفهمه
بيني وبين الطف ألف سلالة للرفض
باللاء العظيمة مفعمه
.
حاولتُ قتل الله حين قتلته
لكنه
ترك الوجود وجسمّه
.
دُهشت تفاصيل السيوف بجرحه النبوي
إذ هربت له مستسلمه
.
وأراه من خلف انزياحات المكان
يصيح بالعطش اليتيم ليعصمه
.
ويصيح بالنهر الرسول ألـ لم يمر بثغره
ليمر كي يتوسمه
………………………………………
إخلع علي الصبر أن طفولتي آنت
وأبعاد السهام ملثمه
.
أخلع علي الأنبياء
فأنني فردٌ
على قتلي الدروب مصممه
.
خذني لأعطي الأرض سبحة جدتي
وجدار امنيةهوى لأرممه
.
نهري عراقي الضياع
مسافرا في الروح
تختصر الزوارقُ زمزمه
.
نحو الحياة الموت كنت أقوده
ونوافذ الضوء البخيل محطمه
.
الموت مخبول الجهات
يهز وجه الغيم حتى تملأَ الدنيا فمه
.
(أنا لن أموت
فغربة النايات ذاكرتي
ولي بالموغلين بكل نزف توأمه)
* في حال وجود مشاكل في تنسيق النص، يمكنك قراءته في الموقع الإلكتروني:
إليهِ الفضاء
خريطةُ شوقٍ
تسافرُ من نبضِ نبضِ الهيام
ثنيّات ضوءٍ تقودُ عصافيرَها للسماءْ ..
لبوّابةِ العرشِ في كربلاءْ ..
يهجّنها الحزنُ يختزلُ الظلَّ فيها
ويبكي الأديمُ على أن تحثَّ شراراتِه
يتوترُ قلبُ الزمانِ ، يؤوب كأقصى العناق
ويرتبكُ الدّهرُ ، ينزف رعشته ، فوق جنح الذهول
ويسحقُ أبخرةَ الصمتِ صوتُ الدماءْ ..
على ذروة في مواقدِ شعرٍ تناسل منها كأحفاد هابيل
حين تقودُ القوافي إليهِا
بمنذورةٍ من بيانْ
وكلُّ القصائد خرساء بكماء وهي اللسان
فخذ خطوة وانتبذ جهة اللامكانْ
فما حُمّ كان.
ليقطف شهدَ الحناجرِ
نصل المذابحِ
ريحا غضوبا هصورا
و ثورة بركنة تتمخّضُ حرفين في حيّز الروح : دالَ الدموعِ و ياءَ النداءْ..
ويحكي إذا ما ترقرق من وجعٍ للقصيدةِ كالغمغمات
تنهنهُ وخز المدى والندى
وحمحمة الموتِ للنوق للنخل للعنفوان
لحزنٍ بتولٍ
يرتب فجرا أنيقا
ولكنَّ مفعولَه كالتماوج حين ينثّ الضياء
بحالةِ عشقٍ
يواربُ فيها الصباحين
صبحَ الشهادة حين تفضُّ ملامحها للإباء
وصبحاً تخلّق من كبرياءْ.
وتصرخ في مُطرة الحسنيين : إليه إليه!
حسينٌ على برزخٍ من جُمانٍ يسوّي لمنسأةِ المجدِ شارةَ عزٍّ
ويصبغ بالعندمِ المشرئبِّ خدودَ الزّمانِ
و يخرجُ كفَّيه بيضاءَ للناظرين
فكيف و”لا ناصرٍ” ؟!
والزقاق تقاذفها العشقُ توقاً إليه
وما الفرق بين دلالةِ قلبٍ تراقصَ في العتبات جنونا ،
وبين الذي ضاع منه الدّليل؟
كلانا أيا صاحبي نتحرّك ضدّ سياق الجمودِ
وبعض الضفاف تهدهدُ ميقات أمنية المتعبين
وبعضُ المآتم خصبٌ وماءْ.
بألويةٍ تتوشح تلتفُّ بين الدهاليز
نهتف :”هيهات هيهات
لا يخفض العزُّ أجنحةً للحمائم لو ضاع منها الهديل
ولو نال منها جنون الأخاديد
لا تنتهي نحو سوقِ النخاسة حيثُ السلام الذليل.”
وذاكرة الصخر تقصص رؤيا الجراح وتفضي إلى أنّ ذِكْرَ الحسين على السرمديّة فوق المدارات كالبوصلة
وإن دبّ فيها النّواح لتلطمَ أفياؤها معولة.
فدوما لها نهضة تتفتّق منها الجهات و يكتبها الممكن المستحيل.
ومنها الأساطير لا تتهيأ للقحط ، ظاهرة الضوء أشمل من منطق كالسراب ، وأغزر من شوكة في الهباء .
فدعني بنصف المسافة ، مابين غمزة وصلٍ ، وبعثرةٍ ترسم اللانهاية ، دعني بلثغة نبضي أشكّل حزنا جميلا يكون بمقياس عشقي ويلهمني معطيات الكلام
ويشربني كالمواويل تأتأة تتنفس من رئة الطف
دفء الكنايات ،
زهر البيان و مسك الختامْ.
ليأخذ من تربة الطف ما يتشهَّب
يصعد مثل الفسائل حين يجرّدها النخل من جاذبيتها في الهواء.
رويدك !
أنشودةٌ لا تجوبُ قلاعَ الحسين
تظلُّ على قارعاتِ الفراغِ كأرصفةٍ للعراءْ .
فدوّن بأنَّ الأساريرَ تُطبع في دفترٍ للبدايات أنشودة من ظماء.
وأنّ اختلالَ التوازنِ في لغةِ الأرضِ يشهقُ للعطرِ من كربلاء.
وتعجبُ لو أمْطَرَتْ بالدماءْ ؟
أليس الحسينُ هنالك لَملَم سبحتَه
مازج التربة المتدلاّة
عمّدها بالخلودِ؟
فللّه درُّ الترابْ !
يسافر في ملكوت الغيابْ.
ألستَ تراهُ على شرفة الخلدِ
بوّابة الله للعابرين ؟
كمفترقٍ للضبابِ
يشير فيمطر وعدُ السماوات للأنبياء.ْ
فكيف أكوثرُ تفعيلة الجرحِ
والشعرأعمى؟
وللشعر تهويمة من ضياع
تقول بأنّ الشموس غيابٌ
أقول بأن الشموس إياب.
فسافر بقلبكَ
هل ثمّ شمسٌ تزاور عنك بذات اليمين وذات الشمال ؟
وهل ثمّ قافلة من خيالْ ؟
ألا فامتطِ الرّوحَ للغادريّة للازورد
فهذي السنابك ريحٌ تضجُّ وتجرشُ
توقنُ
أنّ الشباب هناك يخطُّ الحياة بمعصم نورٍ
ويحملُ للأبديةِ مُلكاً يقوّضُ تاجَ الذئاب
وأنّ الصحاري تغني بثغر الصحاب الحُداءْ.
وأنتَ تعانق كلَّ الخيالاتِ ينهمرُ اللونُ في صَهلةٍ للسؤال :
لماذا إليه؟
لماذا المجرّاتُ عند النوايا
تصبُّ حكاياتها كاللُّجين
وترفع سقفَ الوجودِ امتدادا ليتّسع الكون
لم يبقَ متّسعٌ للعلوِّ
فينجذب الشكّ نحو اليقين
قليلا قليلا
فيجهش منا بكاءُ البكاءْ.
ويغتسلُ الحرفُ
و الأبجديّة تمرقُ من بين بُعدَيه غيما
وتسألني نبضةٌ بعد حينٍ :
لماذا إليه؟
فأسمع
وهو يدندن صمتي خجولا
ليصفعني النصلُ بعد المسافات من قبل أن يستريحْ
فأغفو على صدر قبّرةٍ تتهجّى الضريحْ
وتخصف للعتبات الحنين
فترفضّ منّي نياط السنين
وأهتف :
“إني كفرتُ بيومٍ يغافل تمتمتي عن هواه
أصيخ جوابا لمن قال في ردهات الشعور:
لماذا إليه؟
لماذا هو الحيّ فينا
وكل المفاهيم من حولنا مومياء؟
وأسطورة والحكايا البليدة منقوعة في الهراءْ.
وقد كان فينا الكثير الكثير، وكل المماليك من خلفه فقراء؟
وما كان فينا الحسين غريبا ،ولكننا الغرباءْ
وهمس الجموع نشازٌ مريعٌ وصوت الحسين نسيمٌ رُخاء.
نلوذ به حينما يعصف القحط واليأس والذلّ والانطفاء.
وحيث تعجُّ خواطرنا بالغثاءْ
فيهوي رذاذا يبلّل وقع الهموم ويرفو المدى
ويخصب زرعا وقمحا وسنبلة من أباة
وينفح دنيا المتاهات بالمعجزاتْ
و نملأ منه جرار الأماني
كما رُقْيَة العاشقين
“لماذا إليه؟”
وحدهُ اللهُ يعلمُ كيف نرتِّبه في خلايا الضلوع
وحده الله يعلمُ أن الحسين صلاة تنازعنا بالخشوع
وحده الله يعلم أنَّ الحسين وفيض الدماء بقاءُ البقاء