المركز الثامن: الدكتور أحمد جاسم الخيال (من هديلِ رسائل الأمواج)

من هديلِ رسائل الأمواج

 

 

د. أحمد جاسم مسلم الخيّال

(بابل – العراق)


“إليكَ وحدكَ يا سيدَ الحب … تُصلِّي المواسمُ بثوبِها الأخضر”

 

أكما الحفاةِ القادمينَ منَ الرُّؤى

في سُمرةِ الحزنِ الشهيِّ أُبدَّدُ

فخطايَ حُلمٌ والمسافةُ سلَّمٌ

والنهرُ في لغةِ العطاشى مُوصَدُ

قلبيْ على بابِ الحريرِ مُؤجَّلٌ

وصلاتُهُ العذراءُ لا تتجسَّدُ

فأنا انتماءٌ هاطلٌ من غربةٍ

أبديّةٍ والعشقُ فيَّ مؤبَّدُ

من أين أدخلُ؟!! والغيابُ حقيقةٌ

وسؤالُ أشرعةِ الوصولِ مقيَّدُ

لا سيفَ في لغتي يصولُ على دمي

لا جمرَ في صبواتهِ أتوقَّدُ

غيمُ الحكايةِ هل يبلّلُ وحدتي

إذ كلّما يدنو سحابُكَ أبْعُدُ

لكنَّني ما زلتُ أرسمُ حنطتي

فأراكَ من معنى المواسمِ تُولَدُ

وأراكَ في شهدِ المرايا لم يزلْ

بحناجرِ الأنهارِ صوتُكَ يُجلَدُ

برياءِ سهمٍ في كنانةِ نبتةٍ

لم يرتوِ ففحيحُهُ لا يبردُ

وأنا أطوفُ فلا جهاتِ لقِبلتي

لا نجمةً في الأفقِ يرسمُها الغدُ

لي رحلةُ الوردِ الخجولِ، مطارَدٌ

بين السهولِ، وبالقطافِ مهدّدُ

تتوسَّعُ الصحراءُ ضدَّ إرادتي

فكأنني عن كربلاءَ مُشرَّدُ

والظلُّ تحتَ عَصايَ أَوْرَقَ مِحنةً

ليلَ انتظاراتٍ وما مُدّتْ يدُ

باقٍ هنا وحدي بريدُ قصائدي

أضحى ضريراً والعيونُ الهدهدُ

صَخَبُ الرياحِ مآذني، وملاذيَ الرَّملُ المخضّبُ، والوجودُ المَعبدُ

مِيقاتُ ذاكرتي أتاكَ مؤجَّلاً

خِضْراً ، وما عندَ السواحلِ موعدُ

خذْنِي فقد تَعِبَ المجازُ من الهوى

فأنا بتيهِ اللاقوافلِ أُوجَدُ

إذ أنتَ نهرُ المتعبينَ وفيؤُهُمْ

صافَحْتَ رقّةَ حزنِهِمْ فتوحَّدُوا

فرسائلُ الأمواجِ تلثمُ صبرَهُمْ

وهمُ العطاشى والولاءُ المورِدُ

وأنا هنا عينايَ تبتَكِرُ اللُّقَا

وخيولُ قلبيْ نحو أرضِكَ تَصْعَدُ

نحو الحسينِ أَمِدُّ جُنحيَ خافقاً

وحَمامُ روحيْ في ثَراهُ مُوسَّدُ

هَبْني أراكَ على شموعِ تَبتُّلِي

نوراً على أسرارِهِ أتجدَّدُ

هَبْني أَطِلُّ على طفوفِكَ لحظةً

لا وقتَ يُجْرِيها ولا تَتحَدَّدُ

سفريْ إليكَ حقيقةُ الوعيِ القديمِ ، يسيرُ بي نحوي وأنتَ المقصَدُ

هاجرتُ أختطفُ الضفافَ أسيرةً

وقوافلُ التأويلِ معنىً أوْحدُ

ظَمِأَ البكاءُ مُطَارَدَاً بين القلوبِ   كدمعةٍ أسرارُها لا تَنفَدُ

وحديْ ونبضِي والمكانَ وكربلا

أنسلُّ من بُدَعيْ فلا أتعدَّدُ