التصنيف: المركز الثامن
المركز الثامن: الدكتور أحمد جاسم الخيال (من هديلِ رسائل الأمواج)
من هديلِ رسائل الأمواج
د. أحمد جاسم مسلم الخيّال
(بابل – العراق)
“إليكَ وحدكَ يا سيدَ الحب … تُصلِّي المواسمُ بثوبِها الأخضر”
أكما الحفاةِ القادمينَ منَ الرُّؤى |
|
في سُمرةِ الحزنِ الشهيِّ أُبدَّدُ |
|
فخطايَ حُلمٌ والمسافةُ سلَّمٌ |
|
والنهرُ في لغةِ العطاشى مُوصَدُ |
|
قلبيْ على بابِ الحريرِ مُؤجَّلٌ |
|
وصلاتُهُ العذراءُ لا تتجسَّدُ |
|
فأنا انتماءٌ هاطلٌ من غربةٍ |
|
أبديّةٍ والعشقُ فيَّ مؤبَّدُ |
|
من أين أدخلُ؟!! والغيابُ حقيقةٌ |
|
وسؤالُ أشرعةِ الوصولِ مقيَّدُ |
|
لا سيفَ في لغتي يصولُ على دمي |
|
لا جمرَ في صبواتهِ أتوقَّدُ |
|
غيمُ الحكايةِ هل يبلّلُ وحدتي |
|
إذ كلّما يدنو سحابُكَ أبْعُدُ |
|
لكنَّني ما زلتُ أرسمُ حنطتي |
|
فأراكَ من معنى المواسمِ تُولَدُ |
|
وأراكَ في شهدِ المرايا لم يزلْ |
|
بحناجرِ الأنهارِ صوتُكَ يُجلَدُ |
|
برياءِ سهمٍ في كنانةِ نبتةٍ |
|
لم يرتوِ ففحيحُهُ لا يبردُ |
|
وأنا أطوفُ فلا جهاتِ لقِبلتي |
|
لا نجمةً في الأفقِ يرسمُها الغدُ |
|
لي رحلةُ الوردِ الخجولِ، مطارَدٌ |
|
بين السهولِ، وبالقطافِ مهدّدُ |
|
تتوسَّعُ الصحراءُ ضدَّ إرادتي |
|
فكأنني عن كربلاءَ مُشرَّدُ |
|
والظلُّ تحتَ عَصايَ أَوْرَقَ مِحنةً |
|
ليلَ انتظاراتٍ وما مُدّتْ يدُ |
|
باقٍ هنا وحدي بريدُ قصائدي |
|
أضحى ضريراً والعيونُ الهدهدُ |
|
صَخَبُ الرياحِ مآذني، وملاذيَ الرَّملُ المخضّبُ، والوجودُ المَعبدُ |
|
مِيقاتُ ذاكرتي أتاكَ مؤجَّلاً |
|
خِضْراً ، وما عندَ السواحلِ موعدُ |
|
خذْنِي فقد تَعِبَ المجازُ من الهوى |
|
فأنا بتيهِ اللاقوافلِ أُوجَدُ |
|
إذ أنتَ نهرُ المتعبينَ وفيؤُهُمْ |
|
صافَحْتَ رقّةَ حزنِهِمْ فتوحَّدُوا |
|
فرسائلُ الأمواجِ تلثمُ صبرَهُمْ |
|
وهمُ العطاشى والولاءُ المورِدُ |
|
وأنا هنا عينايَ تبتَكِرُ اللُّقَا |
|
وخيولُ قلبيْ نحو أرضِكَ تَصْعَدُ |
|
نحو الحسينِ أَمِدُّ جُنحيَ خافقاً |
|
وحَمامُ روحيْ في ثَراهُ مُوسَّدُ |
|
هَبْني أراكَ على شموعِ تَبتُّلِي |
|
نوراً على أسرارِهِ أتجدَّدُ |
|
هَبْني أَطِلُّ على طفوفِكَ لحظةً |
|
لا وقتَ يُجْرِيها ولا تَتحَدَّدُ |
|
سفريْ إليكَ حقيقةُ الوعيِ القديمِ ، يسيرُ بي نحوي وأنتَ المقصَدُ |
|
هاجرتُ أختطفُ الضفافَ أسيرةً |
|
وقوافلُ التأويلِ معنىً أوْحدُ |
|
ظَمِأَ البكاءُ مُطَارَدَاً بين القلوبِ كدمعةٍ أسرارُها لا تَنفَدُ |
|
وحديْ ونبضِي والمكانَ وكربلا |
|
أنسلُّ من بُدَعيْ فلا أتعدَّدُ |
المركز 8: قصيدة (سكرات تحت خد السماء) / خليل الحاج فيصل الغريباوي (العراق)
سَكَراتٌ تحتَ خدِّ السماء
للشاعر / خليل الحاج فيصل الغريباوي (العراق – ذي قار)
(من مثلي وابنُ رسولِ الله يَضعُ خَدَهُ على خدي)
لِـ( أسلم التركي)
وهو مُنشغلٌ عن الموتِ بخدِ الحسين (ع)
خدُّ السماءِ جثى
يبوحُ لخدهِ:
طوبى لسيفٍ
لا يموت بغمدهِ
طوبى لجرحٍ
صاغَ من ملحِ الاسى صبراً
وأوفى للنزيفِ بعهدهِ
ولكلِ من مدَّ الجنونَ
حبائلاً
لما رأى ذُلاً بعودةِ رشدهِ
هو ذلك اليتمُ
المضمَخُ بالدماءِ
وبالشقاءِ
معذبٌ من مهدهِ
عيناهُ سرُ نبوءةٍ
تحيا وتفنى
_كالنخيلِ_
بوجدِهِ
عيناهُ..
يا عيناهُ
يا جوعاً
تعودَ أنْ يجولَ على شواطئِ زُهدهِ
تَقسو عليهِ الارضُ
لكنْ
نفحةُ المعصومِ
تمَحو ما يجولُ بخلدِهِ
تَقسو عليهِ الارضُ
يُطفئُ جمرَهُ ماءُ الحسينِ
فَودُّه من ودِّهِ
إذْ أنَّهُ الحِجرُ الذي
لاذتْ بهِ الدنيا
كما كانتُ تَلوذُ بجدهِ
إذْ أنَّهُ السيفُ الذي
شَطَرَ الوجودَ لضفتينِ
حُدودُهُنَ بحدهِ
فهُناكَ ..
حيثُ النارُ تأكُلُ بعضَها
والحُرُ يبرأُ -صاغراً- من وعدهِ
حيثُ الحكاياتُ التي لا تنتهي
شُطبتْ ..!
فَقدْ كادَ الفُراتُ بكيدهِ
وحمائمُ الغارِ القديمِ
تَناثَرتْ
و العنكبوتُ
هُناكَ فرَّ بجلدهِ
ما كانَ أسراباً
تُحشدُ بعضَها
ولِ(إبرهاتِ) الطف
قامَ لِوحدِهِ
*********************
خدُّ السماءِ جثى
يَقولُ لِعطرِهِ : عُذراً
فَقدْ سُلِبَ الشذى من وردهِ
ويُنبِّئُ الأيامَ
أنَّ لهذهِ الاجسادِ تاريخاً
يَضُجُّ بمجدهِ
أنَّ السماءَ
إنْ ابتَغتْ أمراً ..
يَكُنْ
حتى وإنْ..
سَعتْ الرماحُ لِردهِ
فاللهُ أودعَ وِردَه في الظامئينَ
على قداسةِ وِردهِ
وأباحَ للأيتامِ
أنْ يتفرطوا
وتَذوبُ نكهَتَهُم بِلذةِ حمدِهِ
فهوَ الحِكايةُ
مُنذُ أنْ خَلَقَ السما
هُمْ أتقنوا بالجوعِ حِرفَةَ سردِهِ
سيرة ذاتية للشاعر
· من مواليد قلعة سكر شمالي الناصرية (العراق) عام 1975م.· درس الهندسة الميكانيكية بجامعة الموصل.· عضو مؤسس في منتدى أدباء وكتاب قلعة سكر.· فاز بالعديد من الجوائز داخل العراق وخارجه، منها:– الجائزة الأولى في مسابقة الحدث الثقافي (الأردن).– الجائزة الأولى في مسابقة شعر المقاومة الإسلامية في النجف الأشرف 2011م.– الجائزة الأولى في مسابقة (شاعر الطف) لمؤسسة الولاية الثقافية.– الجائزة الأولى لمسابقة مؤسسة الشهداء.– له مجموعة شعرية قيد الطباعة بعنوان (ما لا يشبه الماء). |
النص الثامن: تجاعيدٌ على وجهِ الصليب
لأمِ وهبٍ النصراني
الشمعةُ التي وهبتْ نورَها للهِ وأبت انْ تستردَهُ
*****
على أيِّ مدٍّ
تعبرينِ لجزرهِ ؟
ومن ايِّ بابٍ
تدخلينَ لصبرهِ؟
وهلْ تُكتبُ الاحزانُ
ألا على لظىً
ينوءُ بهِ من غاصَ في بحرِ وزرهِ
أيا أمُ ..
نام الليلُ
نامت نجومهُ
وها انت ذا
تأبيَنَ ذلةَ فجرهِ
تُباعُ المنايا
والقلوبُ سَواترٌ
على ايِّ قلبٍ تتكينَ ..؟
لسترهِ
ومن ايِّ عمرٍ تغرفينَ ..؟
ولم يعدْ بعمركِ ماءٌ
تسكبينَ لجمرهِ
كأنَ سماءَ اللهِ القتْ حجابَها
ومريمَ تسعى بأبنها
نحو عسرهِ
فلا نخلةٌ في الارضِ
تعرفُ سرَها
وفي جوفِها من لا يبوحُ بسرهِ
أيا أمُ…
هذي الطفُ
مدتْ صليبَها
وكم من مسيحٍ صالَ
من غيرِ نحرهِ
وجاءت بشوكِ الارضِ
من كل حفرةٍ
لتسلبَ وردَ اللهِ نكهةَ عطرهِ
فجئتِ بمن..
معناهُ حلوٌ ..
لحلوهِ
ولكنهُ مرُ المعاني …
لمرهِ
بمن..
قد اضاعَ الموتُ لهفةَ عرسهِ
وتبكي مساءاتُ الزفافِ
لبدرهِ
بسيفٍ على الاعناقِ يتركُ إثْرَهُ
عجيبٌ
كمن يمشي بأنفاسِ خضرهِ
فلا تحسبي عمراً
تناثر خطوُهُ بكل هبوبٍ
من تراتيلِ فخرهِ
ولا تحسبي دنياكِ
_ما ازدانَ طبعُها_
إذا راودتْ عينيهِ
يا امُ
تُغرهِ
فألقيتهِ في اليمِّ
والموتُ ناظرٌ ….
وموجُ الدما …
يسعى لميناءِ عمرِهِ
وعزَّ على عينيكِ
-إذْ اخضلَ الجنى-
بأن يُستردَ النحرُ
من بعدِ بذرهِ
امتدادات الظل الكاشفة
أُكثِّفُ حُبِّيْ فتبدأُ فيَّ العواصفُ
ها تلكَ أشرعةُ العابرينَ
تجرُّ السفينةَ نحوَ الهيامْ
لماذا تسيرُ القوافلُ عكسَ الشموسِ
وتختبئُ الأمنياتُ بجَيْبِ الظلالِ
وتسقطُ كلُّ الطفولاتِ مِنْ حَبْلِ أرجوحةٍ في الحديقةِ
لمَّا تفتَّحَ نحْرُ الرضيعِ
بريحِ السهامْ
***
رموشُ الحقيقةِ
أطولُ مِنْ خصلاتِ الفراتِ
وثمةَ موتٌ خفيٌّ يناجي اليتامى
وقرعُ الحياةِ تضاءلَ
لكنْ تنزَّلَ للطفلِ وحيٌ يُشابهُ صوتَ البتولِ
ويزجي السلامْ
***
تنامُ الطفوفُ على راحتَيْ زينبٍ
حيثُ مدَّتْ عباءَتَهَا للصغارِ فِراشًا
وطارَ الفَراشُ بنصفِ جناحٍ
ليقصدَ جسمَ الحسينِ
هُوَ الليلُ يحتضنُ الأمنياتِ العصياتِ
رغمَ اضطرابِ النجومِ
انطفاءِ الكواكبِ
بَعثرةِ الضوءِ فوقَ الترابِ
احتضارِ البدورِ
بِجوف الظلامْ
هُوَ الليلُ
آخرُ حاملُ سيفٍ بِجيشِ الحسينِ
وآخرُ مَنْ ترتجيهِ النساءُ
هُوَ الملفعُ الأسودُ المرتخيْ فوقَ أوجاعِ تلكَ الخيامْ
***
أُكثِّفُ حُبِّيَ
كي أبدأَ الهجرةَ الموسميةَ نحوَ الطفوفِ
أنا السربُ وحدي
توزعتُ طيرًا فطيرًا
فأجمعُ نفسي.. أُشتِّتُ نفسي
“وأزحفُ.. أركضُ.. أرجفُ.. أمشي.. أصيحُ.. أنوحُ.. أبوحُ..”
لأني أسيرُ وركبُ السبايا يسيرُ بصحراءِ وَجْدي
سأشطبُ أطرافَ صحرايَ
حتى تصيرَ المسافةُ أقصرَ للتائهينَ المجدِّينَ في السيرِ
نحوَ الختامْ
***
هنالكَ خيطٌ
يُلَمْلِمُ حباتِ عِقْدِ الفجيعةِ
يمتدُّ مِنْ دمعِ زينبَ بعدَ الطفوفِ
إلى قَتْلِ هابيلَ ذاتَ ضياعٍ
إلى قَتْلِ حيدرَ ذاتَ سجودٍ
إلى صَلْبِ عيسى
يدورُ
يدورُ
إليَّ
إليَّ
إذا ما انتظمتُ بِعِقْدِ الفجيعةِ
ينقطعُ الخيطُ
تنتثرُ اللؤلؤاتُ على صدمةٍ مِنْ رخامْ
***
وعنديَ ظِلٌّ وَفِيٌّ
يرافقني حيثُ تهربُ روحي
فأمشي ويمشي
وأركضُ.. يركضُ.. لكنْ
وقفتُ ويمضي
وظِلِّي يراوغُ نارَ الحياةِ
ويمتدُّ نهرًا بوسْطِ الهجيرِ
ويقصرُ حدَّ انغماسِ الجذورِ
ويمتدُّ حدَّ اندلاعِ النخيلِ
يغادرُني للسماءِ
ويعلو
ويهبطُ
يحضنُ جسمَ الحسينِ
وذلكَ طبعُ الغمامْ
***
رذاذُ القداسةِ يهطلُ مِنْ سدرةِ المنتهى
فوقَ تلكَ التلاعِ التي مازجَتْهَا دماءُ الكتابِ
مِنَ الحوضِ جبريلُ يغرفُ غيثًا
وينزلُ للأرضِ يروي الظمايا
وفي عينهِ حمرةٌ مِنْ دماءِ الكفيلِ
ندىً أحمرُ اللونِ يزهو على اللوحِ
قدْ بَلْوَرَتْهُ دماءُ الرضيعِ
رموشُ الحقيقةِ
أطولُ مِنْ خصَلاتِ الفراتِ
ستخضرُّ كلُّ الأماني
وتنمو البراعمُ
تنمو
على شفَراتِ الحسامْ
***
ورافقتُ أُفْقَ الحسينِ
لأمتدَّ بحرًا
أُزخرفُ كلَّ المآسي عَلَيَّ كموجٍ
أُشجِّرُ أفكاريَ البائساتِ غيومًا
وأرفعها
بعد أنْ جفَّ منها الكلامْ
سيبحرُ فوقي هوى الأغنياءِ
وحلْمُ الفقارى
وآمالُ كلِّ المساكينِ والفاقداتِ
أُكثِّفُ حبِّي فتبدأُ فِيَّ العواصفُ.. لا شيءَ لا شيءَ
يبقى سوى..
ذكرياتِ الحطامْ
***
كما يرشحُ الماءُ
مِنْ ثَغَرَاتِ الكفوفِ التي مدَّها اللهُ للنشأتينِ
هناكَ على الرملِ يرشحُ
فيضُ الحسينِ
ومُذْ بعثروهُ على الرملِ
شلوًا
فشلوًا
تبعثرت الآيُ
إذ كانَ كُنْهُ الحسينِ يُنَسِّقُ وَحْيَ الإلهِ
فَمَنْ بَعْدَهُ يجمعُ الذكرَ فِي الدفتينِ؟
سينهضُ رغمَ المماتِ حسينٌ
ويبني السماواتِ
فوقَ الركامْ
خُيَلاءُ مَاء
اِسْقِ الفُرَاتَ الجُودَ مِنْ خُيَلائِكْ
أنتَ الحُسَينُ .. المَاءُ مِنْ أسْمَائِكْ
وأَدِرْ غَمامَك فالجِهاتُ ترقُّبٌ
حتَّى السّماء دَنَتْ لفيضِ سَمائِكْ !
مأْوَى الضُّيوفِ ، وأَنتَ أوَّلُ ريِّهمْ
أترى السِّهامَ على غديرِ دِمائِكْ ؟
إنْ كُنْتَ مِنْ عَطَشٍ شكَوتَ ، فإنّما
تشكُو احتِضارَ النَّهْرِ دُونَ لقائِكْ
وفمٌ تُبَلِّلُهُ حروفُكَ هل ذَوَى
ظمأً ؟ وفيه هَرقْتَ كأسَ إبائكْ ؟!
أنتَ الذيْ سكَنَ الخلودَ زُلالُهُ
فإذا الحياةُ تعُبُّ مِنْ أنْدائِكْ
يا أيُّها المذبُوحُ صوتُكَ لم يزَلْ
يُحْيِي الوُجودَ ، فما ادِّعاءُ فَنائِكْ؟!
الموتُ أُحجيَةٌ ، فرأسُكَ في القَنا
يحدو، ويمشي الكونُ خلفَ حُدائِكْ
حرقوا خِباءَكَ كيْ نَضِلَّ طريقَهُ
وبداخِلي قلبٌ كَلونِ خبائِكْ
وعلى ضُلوعِكَ لاحَ مشْعَرُ حافرٍ
يسعَى ؛ أقُلتَ الحَجَّ مِنْ أشلائِكْ ؟!
وبقِيتَ مِئذنةً وذِكْرُ مُحمَّدٍ
فيْهَا اعتَلَى ، يزهو بثوبِ عَرائِكْ!
بدمِ الرضيع خَضَبْتَ ناصيةَ السما
ءِ فلوَّنتْ منه جفونَ رثائِكْ
ومُجَدَّلٍ أحيا الصّلاةَ ، وخَلْفَهُ
تصطَفُّ حيَّ على الحُسينِ ملائِكْ
ولئنْ أباحَ الشّوكُ جسمَكَ ، إنّما
هوَ لائذٌ ، أرأيتَ مثلَ حرائكْ ؟
وعليكَ أسرابُ المنون تزاحمتْ
فخطبتَ فيها “الكهفَ” من عليائكْ
والموتُ مهما جالَ فوقك خيلُهُ
خلَّفْتَهُ كَلاًّ على أعدائكْ
هلْ أطفَأَ اسمَك ظنّ زحفُ رمادِهمْ؟
فخذلتَهُ .. والشمسُ تحت ردائكْ
ويظلُّ نحرُكَ في الزمانِ حكايةً
هيهاتُهُ للمُبصرِينَ أرائكْ
ورُؤاكَ جذوةُ مَن بليلِ مسيرِهِ
طلبَ الكرامةَ فَهْيَ من آلائكْ
ما كربلاؤكَ غيرُ وحي رسالةٍ
وبمهدِ طفلكَ كانَ بَدءُ ندائكْ
الفتحُ يتبعُني ورَحلِيَ جَنَّةٌ
ودمِي براقي حيثُ دَرْبيَ شائِكْ
ومَعِي سأحمِلُ شاهدَينِ : قِماطَهُ
ودمًا ، فخُذْ يا أُفْقُ نقْشَ كِسائِكْ
فتسابَقَتْ حتّى العبيْدِ بكربلا
تستمْطرُ الفِردوسَ مِنْ زهرائِكْ
ورضيعُكَ الْـ.يفدِيكَ أبيضُ نحْرِهِ
ووراءَهُ الدُّنْيا حبَتْ لفِدائِكْ
هل سُورَةُ التوحيدِ أنتَ، ولمْ يكنْ
كُفُؤًا لكُلِّ عُلا سوى أَجْزائِكْ
ما أنتَ بالعَطشَانِ ! إنْ هَمَتِ السَّمَا
لمْ تهْمِ إلاّ من سحابِ عطائِكْ
ولأنّكَ الماءُ الذي انْهمَرَ اسمُه
غادرْتَ ماءَ النّهرِ دونَ رُوائِكْ
يا ابنَ التي ماءُ الحقيقةِ مَهْرُها
أغْدِقْ على شِعْرِيْ بُحورَ وَلائِكْ
فإذا مضَى الشُّعراءُ يَتْبَعُهُمْ غِوَى
ما ضرَّنِي إنْ كُنتُ مِنْ شُعرَائكْ
كربلاءُ نُبوَّةُ الألواح
في كربلاءَ نثرتُ بَعْضَ جراحي |
كنبوةِ الإيحاءِ في الأرواحِ |
أَرْضٌ يَمُطُّ الظِلُّ فيها طَرْفَهُ |
فتراهُ مفتونًا بوجْهِ صباحِ |
فيها ابتكارُ الضوءِ وَهْوَ مجرَّدٌ |
يكفي الحقيقةَ سهرةُ المصباحِ |
كَتَبَتْ على جَسَدِ السماءِ حروفها |
إنَّ السهامَ نبوةُ الألواحِ |
ملأى حقائبها بثقْلِ أُلوهةٍ |
تمشي وَلَمْ تَعبْأْ بِعَصْفِ رياحِ |
هي كربلاءُ عبارةٌ منحوتَةٌ |
بِفَمِ الخلودِ وسُحنَةِ الإصلاحِ |
هي كربلاءُ نشيدُ كلِّ بطولةٍ |
لم تقتصرْ يومًا ببعض نُوَاحِ |
وعلى سلالِ المستحيلِ تَلَوَّنتْ |
سَعَفَاتُها في شهقةِ الأدواحِ |
يتسربُ الزيتُ المعبأُ بالندى |
في مقلتيها مِنْ فَمِ “ابن رباحِ” |
يتوكأ الرَّملُ السنابلَ لحظةً |
ويشي بِفَضْحِ شهيةِ الأقداحِ |
غَرَسَتْ بفاكهةِ النحور سيوفَها |
وَتَوّرَّقَتْ مِنْ أسهمٍ ورماحِ |
وتشجرتْ لغةُ الفداءِ بثغرها |
إنَّ الطفوفَ خطيئةُ الأملاحِ |
ما جَفَّ مِنْ ظَمَأِ البياضِ إناؤها |
سكبَ الطهارةَ فوقَ ذَلَّ جناحِ |
يا كربلاءُ وَأَيُّ جُرْحٍ خالدٍ |
زَمَّ المماتَ بنبرةِ الأشباحِ |
فدمُ الحسينِ نوافذٌ مفتوحةٌ |
نحو الضمائر في ألذِّ مراحِ
|
يا كربلاءُ رِدِيْ دلاءَ مواجعي |
بئري معطلَةٌ وأنتِ طِماحي |
لَنْ ينحني جِذْعي لأَوَّلِ طعنةٍ |
قاسمْتُها خبزَ الهوى بأضاحِ |
أنا آخرُ الكلماتِ فوقَ ردائها |
نبضي يغارُ لِنَفْثةِ المُدَّاحِ |
قلبي يقاسمُ كربلاءَ لهيبَهُ |
ثغري حسينُ ، ومدمعي فضّاحي |
لاتذكروا لي كربلاءَ لوحدها |
هل يُذْكرُ الأبطالُ دونَ كِفاحِ |
سأزورُ ذاتي إنْ شَممَتُ ترابها |
فتقولُ لي ما حيلةُ التفاحِ |
مطبوعةٌ رئتي على أَنْفاسها |
وَشْمًا ولفظةُ ” ياحسينُ”وشاحي |
وأقولها” لبيكَ إِنِّي في الهوى |
أشتاقُ حتى مِدْيةَ الذَّبّاحِ |
لن يُسكتوا صوتي فبين أضالعي |
“عباسُ” يَحْرثُ بالإبا أَمْلاحي |
أنا والحسينُ ، وكربلاءُ قصائدٌ |
عطشى تَشَرَّبَها الظَّما بقراحِ |
أنا في الطفوفِ وفي سنابلِ وعيها |
فأسٌ يهيمُ بحكمةِ الفلاحِ |
تجليات الطف في جسد منهك
يا شاطئ الوجدِ خان القلبَ iiزورقُهُ لي دمعةٌ كلما فارت على iiجهةٍ لمَّا تفتَّح بابُ (العاشر)iiاندلقت بي مثلُ جيشٍ بأرض الطف روعها وفي فؤادي خدرٌ لا يزال iiلظى وبين جفنيَ ماءٌ لم أكن iiأبدا أنا مخاض دموعٍ أُجهضت iiعَنَتا في كل ناحيةٍ مني نما iiغصُنٌ تصوغني (الطفُّ) حتى لم أعد iiأحدا هنا (الطفوف) تجلت في ثرىiiجسدي هنا أصيب (عليُّ بنُ الحسين) iiوقد تموجتْ كربلا وجداً على جسدي كل الكواكب قد خرت هنا iiوهنا لمّا هوى دونما كفًّ قذفتُ iiله
يا واصلا في الفدا أقصى العطاء ومن ما أبدع الجسد المجروح في iiنغمٍ تعوي الرياح ولا صوت هناك iiسوى يا أيها العبقُ المبذور في دمنا |
ولم يعد غيرُه للحزن iiأُطلقُهُ يرسو بها زورقي المكسور تُغرقُه وقد أقامت سنينَ العمر iiتطرقه جيشٌ على الخد جرارٌ iiأُرقرقه من أشعل النار في الخيمات يحرقه لو لم تُصَب قربة (العباس) iiأهرقه قد كانت الطفُّ بالأرزاء تَطلَقُه لمّا يزل دمع (عاشوراء) iiيُورقه غيرَ الذي هذه الأرزاءُ iiتخلقه في كل عضو شهيدٌ ظل يُقلقهُ كان الحسينُ على جفنيَّ iiيرمقه لما مضى السبط من خديه iiيلصقه يؤمها القمر المفضوخ iiمفرقه روحي إلى هذه الرمضاء iiتسبقه
مُدت إلى مطمح العشاق iiأعدقه منك الجراحات .. خان الموتَ iiمنطقه عن الفداء على الدنيا iiيموسقه صوت الحقيقة من أشلاك iiتُطلقه لا بد كي تفرُعَ الأرواح تنشقه طول السرى والحنين الغمر يرهقه
|
توضأ الشعرُ
توضَّأ الشعرُ حُزْناً والهوى رَكَعَا
فَرْضاً لمنْ عندَ محرابِ الطُّفُوفِ هَوَىْ
فَرْضاً لمنْ لا يزالُ الوقتُ يَلْطِمُهُ
توضَّأ الشعرُ دَمّاً مُذْ مَضَيْتُ بهِ
أتيتُ مَثْوَاكَ والأملاكُ عاكفةٌ
مَصَارِعُ الوَقْتِ سالتْ فوقَ ذاكرتي
ما صِغْتُ ذكراكَ نَصَّاً في مُدَوَّنَتي
ما جئتُ مرساكَ شعراً فوقَ قافيتي
مآتمُ الحبِّ غرقى في مُفَكِّرَتي
دَمُ الحكاياتِ في أشلاءِ محبرتي
أتيتُ والحزنُ يُمْلي كُلَّ أمتعتي
أتيتُ والثغرُ يحبو فوقَ أسْئِلَتي
أتيتُ رَسْماً حَزِيْناً في مُخَيِّلَتي
أتيتُ سِرْباً مِنَ الأحزانِ تَحْمِلُني
ومهرُ حرفي على ذكراكَ يُسْرِعُ بي
لجسمِ فصحايَ قد فَصَّلْتُ أجنحةً
ماضٍ بجرحيكَ والأزمانُ نازفةٌ
ماضٍ بحُزْنَيْكَ والأيامُ قافلةٌ
يَحِيْكُ ثَوْبَ التَّغَنِّي نَزْفُ حُنْجُرَةٍ ذكراكَ قد حَرَّكَتْ كُلَّ الوجودِ وقد
وكربلاءُ المرايا في الجهاتِ بَدَتْ
وتلكَ (هيهاتُ) يُمْلِيْهَا الصَّدَى نُسَخاً
فَرَعْتَ فصحاكَ لا فُصْحَى تطارِحُها
ومَنْطِقُ الوحيِ مُذْ جبريلُ أودَعَهُ
كُلُّ العباراتِ غيرُ الـ (طَّفِّ) صامِتَةٌ
حرفانِ (قوسانِ) في هذا المدى اختصرا
حرفانِ لُغْزَانِ في سِرِّ اللغاتِ هما
حرفانِ، بحرانِ، (طوفانانِ) قد جمعاْ
حرفانِ فرقانُ هَدْيٍ في الدجى فَرَقَا
حرفانِ أو ضِفَّتا نهرٍ جرى بهما الـ
فَضَّا الأساطيرَ بالفُرْقَانِ فانْقَشَعَتْ
إشعاعُها صافحَ الأنحاءَ فاسْتَبَقَتْ
وامتدَّ مِنْ كربلاءَ الجرحُ أوسمةً
مدادُكَ الصَّبُّ لا زالتْ خرائِطُهُ
بريشةٍ حُرَّةٍ حمراءَ دامِيَةٍ
ذكراكَ قد مُوْسِقَتْ في كُلِّ ناحيةٍ
وكربلاءٌ بثغرِ الخُلْدِ يُنْشِدُها
ومِنْ قديمِ الحكايا جئتَ تحتملُ الـ
هناكَ والشِّرْعَةُ الثَّكْلَى، وقد دَفَقَتْ
هناكَ وارتَجَّتِ الأشياءُ قاطبةً
هناكَ واستسلمَ المعنى على لغةٍ
على نهاياتِها الأزمانُ عاكفةٌ
يا عابرَ الوقتِ يُجْرِي الأمسَ في غَدِهِ
إلى مراسيكَ حَجَّتْ ألفُ عازِفَةٍ
يا مُعْجَمَ الجُرْحِ يا جِسْماً يُؤَرِّخُهُ
على قوافيكَ ألحانٌ مُرَوِّعَةٌ
على حَكَايَاكَ حاناتٌ مُضَرَّجَةٌ
على نواحيكَ صفحاتٌ ممزقةٌ
قم للملايينِ واهْزُزْ أَعْيُناً جَمَعَتْ
يا مُبْحِراً فوقَ أمواجِ السَّمَاءِ هُدَىً
سَقَيْتَ مِنْ قُدْسِكَ المسفُوْكِ أُضْحِيَةً
لتزْرَعَ الفجرَ حَقْلاً فوقَ تُرْبَتِهِ
يا مَقْدِساً عندكَ الآياتُ قد عَكَسَتْ
فلم تزلْ أعينُ الأزمانِ تَقْرَؤُهُ
رثاؤُكَ الخلدُ كم تبكي نوائحُهُ
على زمانٍ عيونُ الغيبِ تندبُهُ
حسينُ والشعرُ يبكي في حكايَتِهِ
مآذنُ الغيبِ قد مَالَتْ لقبَّتِهِ
كُلُّ الرسالاتِ قد سالتْ بِحَضْرَتِهِ
والوحيُ فوق السماءِ امتدَّ مَحْبَرَةً
تحمَّرَ الغيبُ مِنْ مِيزابِ مَحْجَرِهِ
كأنَّ سَقْفَ السماواتِ التي ارتفعتْ
وكُلُّ جُرْحٍ نبيٌ مِنْ جوارِحِهِ
لهُ بكتْ كُلُّ عينٍ في السماءِ دماً
تزلزلَ الكونُ في أبناءِ فاطمةٍ
أيقتلُ ابنُ النبيِّ المصطفى ظَمِئاً
أيترَكُ السبطُ عارٍ دونَ أغطيةٍ
رَمَى بكفَّيهِ بحرَ الدَّمِّ في شَفَقٍ
وبالجراحِ التي افْتَضُوا بها دَمَهُ
وماجَ دربٌ على الأوراقِ في فلكٍ
وإصبعُ الضوءِ ما جفَّتْ مشارِقُهُ
نمى نخيلٌ مِنَ التاريخِ مؤتلقٌ
هنالكَ اللهُ أوحى للهُدَىْ فَجَرَىْ
هنالكَ القبةُ النوراءُ قد طَلَعَتْ
هناكَ والدربُ ماضٍ في متاهَتِهِ
تَكَلَّمَ الجرحُ في ذكراكَ واعيةً
غزلتُ شعري على مَثْوَاكَ أشرعةً
وصِغْتُ منكَ المدى دَرْباً وأروقةً
قطفتُ مِنْ تربكَ المحمرِّ قافيةً
وكربلاءُ القصيداتِ ارْتَدَتْ قلمي
بغيرِ مِيْنَائِكَ الأشعارُ هالكةٌ
بغيرِ مثواكَ لا يلقى الضلالُ هدىً
تنزَّلَ الرُّوْحُ في مسراكَ أضرحةً
فَدَعْ فؤادي يصلي فيهِ رَكْعَتَهُ
فَرْضاً لمنْ فوقَ أكتافِ السَّما رُفعا
بمسجدِ الخلدِ لمَّا في الثرى طُبِعا
وَجْداً وكَفَّاهُ في محرابِهِ انصَفَعا
ففي خُطَى كربلاءَ الجرحُ قد نَبَعا
يا أنتَ يا مَنْ بكفِّ اللهِ قد هَجَعا
وفي قصاصاتيَ الماضي مَشَى هَلَعا
إلا بحرفٍ مِنَ الأحشاءِ قد نُزِعا
إلا وبحرُ المعاني امتدَّ وارتفعا
أنا ومرساكَ نُحْيِيْكَ العَزَاءَ مَعَا
حَرْفٌ صريعٌ مِنَ الأفكارِ قد وَقَعا
أتيتُ والحرفُ فوق السطرِ قد دَمَعا
عَنِ الفراتِ الذي عِنْ مائِهِ مُنِعا
وفيهِ طِفْلٌ قميصَ السَّعْدِ قد خَلَعا
على الحنايا على الأرزاءِ مُنفَجِعا
مِنَ المعالي إلى الكراسِ مُنْدفعا
لقطفِ إشراقِكَ الحرِّ الذي طَلَعا
والوقتُ مُسْتَشْهِدٌ والخلدُ قد صُرِعا
مِنَ الحكايا عليها الوجدُ قد صَدَعا
وصوتُ نايٍ على نوتاتِهِ خَضَعا
ألهمتَ كُلَّ الوجودِ الحُزْنَ والفَزَعا
على انعكاسِ الرؤى رَفْضَيْنِ قد لَمَعا
فلم يَلُحْ مَشْرِقٌ في الأرضِ ما سَمِعا
وهل يُجَارى فمٌ للغيبِ قد ضَرَعا؟!
ما بينَ حرفيكَ مَسَّ الثغرَ فانفرعا
حرفانِ لكنما للعرشِ قد قَرَعا!
كُلَّ المجالاتِ لمَّا للمدى اْخْتَرعا
خَتْمُ المجازاتِ في المعنى الذي وَسِعا
وَحْيَ الرِّسَالاتِ في المدِّ الذي صَنَعا
مَنْ كانَ في اللهِ أو في ذاتِهِ طَمِعا
مَاضِي لمستقبلٍ بالنورِ قد دَفَعا
بقبةٍ نورُها قد قَوَّمَ البِدَعا
بابَ الأعالي تقذَّ المجدَ فانفَرَعا
مِنَ الأضاحي صِرَاطَ اللهِ قد شَرَعا
كأنما الرسْمُ كانَ الأمسَ قد بَرَعا
طريقَ فتحٍ إلى الرحمنِ قد وَضَعا
ورجعُ أصدائِها لليومِ ما رَجَعا
لسانُ هَدْيٍ عَلا الأكوانَ واندَلَعا
كُثْبَانَ والجرحُ في طيَّاتِها سَجَعا
دماءُ مَنْ في عيونِ اللهِ قد وُضِعا
لخيرِ مَنْ قامَ فرضاً خاشعاً وَ دَعَا
لا كاللغاتِ التي في عُمْقِها خُدِعَا
ومِنْ بداياتِها التاريخُ قد شَبِعا
ولم يزلْ عندهُ التَّوْقِيْتُ ممتَنِعا
بنوتةٍ نامَ فيها الخلدُ واضْطَّجَعا
طَعْناً ونزفاً وقلباً يَكْتُمُ الوَجَعا
ومثلُها النايُ في الألحانِ ما سَمِعا!
ومثلُكَ الكأسُ في الأحزانِ ما جَرَعا!
وبحرُ جُرْحٌ على الأجسادِ قد طُبِعا
بحراً مِنَ الدمعِ لولا كنتَ ما جُمِعا!
نظيرُهُ قَلَّ إذ كُلَّ المدى نَفَعا
وسَيْلُ أقداسِها للكونِ قد نَقَعا
تَدَلَّتِ الشَّمْسُ إشراقاً وقد سَطَعا
تأوِيْلَها زُخْرُفاً في الأفقِ قد لَمَعا
ومأتمُ الوقتِ في تِكْرَارِهِ فُجِعا
على زمانٍ لهُ التاريخِ قد فَزِعا
وكُلُّ شيءٍ لدَمْعِ الغيبِ قد خَشَعا!
معنىً وحرفاً على أوراقِهِ انصدعا
ما منظرُ العرشِ لمَّا عندهُ جَزِعا؟!
لمَّا على أحرفِ القرآنِ قد صُرِعا
صُبَّتْ على الأفق لما رأسهُ قُطِعا
وكلُّ حرفٍ بنقشِ العَرْشِ قد طُبِعا
قد صارَ في الأرضِ ترباً حينما وَقَعا
وكُلُّ سَهْمٍ لجسمِ الدِّيْنِ قد فَقَعا
وثغرُ جبريلَ بالآهاتِ قد صَدَعا
وكلُّ قدسٍ مِنَ الأقداسِ قد صُدِعا
وهْوَ الذي قد سَقَى القرآنَ فانتقعا؟!
وهْوَ الرداءُ الذي كُلَّ السَّما جَمَعا؟!
ومدَّتِ الطفُّ مَرْسَاها الذي ارتفعا
لرقعةِ الوحي لمَّا مُزِّقَتْ رَقَعا
بأبجدياتِ عِزِّ للعُلا وَسِعا
لمَّا مِنَ الشمسِ في إشعاعِها نُزِعا
في كلِّ جرحٍ على جنبيهِ قد زُرِعا
مِنْ بينِ رجليهِ يسقي المشرقينِ معا
مِنْ بُرْعُمِ الغيبِ وِتْراً للورى شَفَعا
بَدَى على الأفقِ ما يُنْجِيْهِ فاتَّبَعا
ترتدُّ مِنْ كُلِّ حرفٍ قد بكى ونعى
فهاجَ بي معجمُ الأمواجِ مُرْتَفِعا
ولم أزلْ في مداكَ الحرِّ مُطَّلِعا
فحلَّ في خاطري مَثْوَاكَ وانطَبَعا
فأشرقَ الشعرُ حتى غَيْرُهُ انْقَشَعا
ودونَ مَرْسَاكَ حبلُ الفلكِ قد قُطِعا
ودونَهُ كلَّ ركنٍ واثقٍ قُلِعا
والقدسُ في كلِّ قدسٍ فيهِ قد طَمِعا
وخذهُ نبضاً مِنَ الأعماقِ قد فَزِعا
** بَرْزَخٌ يُشايعُهُ الحَنينْ **
الإهداء :
بعِطْر الانتظار الرَّاعِفِ أنشُقُ أمنيَّةً صاخبةً بالآهاتِ المَنفيَّة …
تُصَدِّرُ شَّواطِىء الحَنانِ مِنْ طامورةِ الشَّجى المَخْفية …
وَ عَلى أصْدَاءِ أعْتَق زَفْراتِ الحادثةِ العُظْمى ولاءً :
( يُمَّه ذكريني من تِمُر زَفَّة شَبابْ ) / و
( يحسين ابضمايرنا .. صِحْنا بيك آمنا ) !!
( ُأبَلْسِمُها / ُأهْدِيها )
لكلِّ نَوْرَسٍ أبيضٍ يَرْتَقِبُ الرُّجوعَ ، و يُمأتِمُ الآفاقْ !!
01 سَما بَرَزْخاً يشدو بأحيائهِ الجُرْحُ مِنَ القِمَمِ العَذراءِ ما حَفَّهُ الرَّزْحُ
02مُغـَـيَّمَة ٌ بالمُستحيليَّةِ الــتي بجيناتِها الجَنَّاتُ دونَ المَدَى تَصْحو
03 أضَوِّأ ُ كُلِّي و الفَراشاتُ كِذْبَة ٌ سَتُفشي اقترافَ البَدْرِ و المُنتهَى فَضْحُ
04هَناءُ الذينَ استُشهِدوا حينَ مَوْتَةٍ يُبَرِّجُ صَحْرائي إذا راقَني الشَّرْحُ
05خُرافةَ بَذْلٍ من يَدٍ هامَ حُسْـنها بآياتِ أرواحٍ سَقَى نَسْـخَها الصَّفْحُ
06 فمَا أنْدَرَ الأسْحَار سِحْريَّة َ النَّدى بإشعاعِهِ ُأمَّاً فـَرَى عَطْفَها المَدْحُ
07 عَـلى ضَلَّةٍ تنمو انتباهاتُ وامِق ٍ بمَقْتَلِ خفقاتٍ تباكَــى لها الصُّبْحُ
08 وَ خُرَّابُ أوْهامٍ أزاحوا مـهَامِهاً ضَراميَّة َ العِقْيانِ حَدَّاؤُها الكـَـشْحُ
09أصيخي إليكِ اليَوْمَ يا سِدْرة َ الوَحَى وَ صُبِّي مِرَاحَ البَرْقِ في رُقْيَةٍ تَمْحو
010ليُشِرقَ رعْدُ النَّزفِ مستوسِقاً ُذرَىً عَسى سُورة ُالأمواجِ يشتاقُها القُبْحُ
011 حُسَيْنيَّة ُ الإرْهافِ رَكْوَة ُ عَوْذةٍ برَغْوَةِ إطْلاقٍ تَنَزَّى بها السَّطْحُ
012 تخيَّرني حَمْدٌ بأجراسِــهِ التي تخيَّرها صَمْتٌ تــَخـْـيَّرهُ الكَدْحُ
013 فَطارَحتُ فُسْحاتِ الكراماتِ واقفاً عَلى مِشْجَبِ التَّوفيقِ في مُهْجَتي رَوْحُ
014 تمدَّدَتِ الأحلامُ للاَّنِـهَايَةِ المُمُوْسَـقـَةِ الأرْوَى إلى أنْ طَفا النـَّشْحُ
015 سأفْضِي بما قَدْ هَدَّ أقبية َ الطَّوى و أعْشَبَ لَثْغاً ، شَذِّبِ الرَّيْبَ يا بَوْحُ
016فمَنْ قبلكَ استْدَنى مَتَاهَاتِ زَهْقَةٍ تَدلَّتْ مَـواويلاً يُرنِّمها النـَّزْحُ ؟!
017تلبَّسني المَخفيُّ في ضِفِّةِ السَّنا حزائِقُنا الأولى ضَـمائِرُنا القُـحُّ
018فهلاَّ تمُـجّ الحُبَّ طُهْراً مُورَّداً بصُرَّةِ رُزْءٍ ضاعَ في حَلْقِها الطَّفْحُ
019 سأنثالُ منفىً غارقاً وسط َضَجَّةٍ ُترى كُفِّرَ السَّنَّاحُ أمْ ُألِّهَ السَّـنْحُ
020 هُنا زَأرَة ُ الأكدار ِ لَيْلٌ مُـثَقَّبٌ لهُ جُـهَمٌ منها يُجزِّرُنا الكَـبْحُ
021 بجنَّاتِنا هَفـْوٌ لأحْـدَثِ سَجْدَةٍ كأنَّ اندلاعَ الوَجْدِ من ثَغْرها فَتْحُ
022عَن اللَّوعةِ الأجلى المُسَمَّاةِ كربلا عَنِ الرَّوْعةِ الأغلى فقد هُجِّرَ القَرْحُ
023إلى كلِّ أشياءِ انشطارايَّةِ الشَّجى مُدلِّهَةِ الأحْزَان ِ أحشاؤنا طـَمْحُ
024 لِغـَزَّةَ كَمْ نقتاتُ آهاتِ لـَحْدَةٍ ترودُ الخَيالاتِ التي غالَها السَّرْحُ
025 فيا أنفـُساً مغبوطَة ً مِنْ تَمَلُّكٍ مُحَرَّمُ وَلاَّها فما يُـتِّـمَ النـَّضْحُ
026 مَرَرْنا نواريساً؛ أعيني اندِلاقنا بتَهْويمةٍ للاشتعالِ كَمْ ضَمَّنا القَدْحُ
027 تمأتَمَتِ الأجواءُ ملءَ اشتياقنا بنا قِبْلة ً صاكَ الأسى أينما نَنْحو
028 نُعَذِّبُ جَـبَّاناتِنا تِلْكَ أنَّــةٌ خريفيَّةٌ ترنـو لِوجْهةَ لا تَـلْحو
029 نُصلِّي وُلوعَ الدَّمْعِ يَسْتَجْذِبُ المُنَى رِثاءٌ جَماعِيٌّ هُوَ النَّجْمُ وَ الجُنْحُ
030 ذَوَتْ زَرَداً قَدْ كانَ طَلاًّ مُكفَّناً حُقولُ الذَّواتِ البِيْضِ فاستَعْجَبَ الفَلْحُ
031 أولئكَ مَنْ ؟ يا ليتَ سُورَ اكتشافَهُمْ تمخَّضَ قُرْباناً تَـكأَّدَنا القَـمْحُ
032قفي ريثما نَنْـغَـلُّ خَدّاً بكِـلَّةٍ لنَصْطادَ دَمعَـيْها فيُبْنى بها صُلْحُ
033مِنَ الرَّيِّ أنْ يُوْسَى الرَّحيبُ الذي بهِ اتِّساعاتُ لا تُرْسَى فليتَ الدَّوا فَسْحُ
034 و مِنْ رَوْضَةِ الأظماءِ تَرْنو امتلاكةٌ عَرَاهَا الخُلودُ المَاءُ كَمْ خِبْتَ يا ذَبْحُ
035 فما أدنأ َالأعماق صادَرَها الهَوَى تُثلِّجُها الدُّنيا فيَـصْهَـرها النَبْحُ
036 أتُمْتَشقُ النِّياتُ في طَرْفِ رَدَّةٍ جِمَاراً على التَّطْهيرِ حَتْماً لها كَسْحُ
037 تُداهِمنا اللاَّفانـــياتِ زَنابقاً يُخَرِّجُ تأبيناً سَّــكاكينَها النَّجْحُ
038ملاحِمُ أوْرادٍ تلفَّعَتِ الشُّموعَ فِـــتْنَةَ وَرْدَيٍّ فَــــما فَـتِأ َ السَّبْحُ
039 فِدا تلكُم الأرزاء مـيناءُ راحَةٍ يُغَازَلُ بالإزْرَاءِ حتَّى قَضَى اللَّمْحُ
040 إلى زَفْرَةِ النَّاقورِ بل بَعْدَ مَوْتِها بقَلْبِ العُلا نَدْبٌ و من حَوْلهِ اللَّفْحُ
041 فوا صَعْقَةَ الأشرافِ إثْرَ جِنايةٍ تَناسلَ مِنْها في جَبينِ المَدَى الرَّشْحُ
042 حَنايا حَنانِ السِّبْطِ حَنَّاتُ مِحْنَةٍ إذاً ناحَتِ الأنْوَاحُ و اسْتَغرَبَ الصَّدْحُ
043 فمَا جَرَّأ َ الدُّنيا لِحَرْق ِ أمَانهِ و إرْعَابِ أطفالٍ لَهَا يشتكـي النَّكْحُ ؟
044 مفُدَّىً بأصْحابٍ تَوَهَّجَتِ انْتِشِا وَفاءٍ عَبيريٍّ على الشَّمْسِ قد ضَحُّوا
045يُدمِّرُ أشْـبَاحَ النِّـهايةِ مُفْعَماً بُِأرْجُوزَةِ الإصْرارِ خَـفَّاقُهُ السَّمْحُ
046 سَجَى يُطْعِمُ الذَّراتِ فتْحاً مُكبِّراً و أعداؤُهُ ما زالَ في حلْقِها النُّصْحُ
047 مُوارِي تعاساتِ الغَياباتِ لا نَعي تَدفٌّقَ أضلاعٍ لهُ رضَّـها المِلْحُ
048 عَلى التُّرْبِ مكبوبٌ ثلاثاً بلا رِدَا ذبيحٌ بلا جُرْمٍ تلَـظَّى لَهُ البَطْحُ
049 و يُبْشَكُ من فَوْقِِ القَنا رأسُهُ الذي تَلا الحُسْنَ والأحجارُ في هُبْلَةٍ نَطْحُ
050 وَ تُسبى نِسَاهُ الشُّـمُّ آمَالَ ذِلَّةٍ مُهَدَّمةٍ يأبى على وَعْدِها الصَرْحُ
051 أضحْوَةَ ثأرِ اللهِ برزَخُـنا يَدٌ و إنَّا معَ الأحْرَارِ آمــالُنا جَمْحُ
052 هُنا تُتْرِعُ الزَّهراءُ غَيْماتِ جُرْحِنَا أماسي اكتناهِ الآهِ يَستَفْهِمُ الرَّدْحُ