” مدَدُ الطفوف “

هل من كليمِ جوىً لجرحِكَ يُلئِمُ
أم من رهينِ أسىً يُحررُهُ فمُ

ما ملَّ مِن نَوحٍ عليكَ ومِدحةٍ
شِعرٌ تُسرّحهُ الهمومُ وتُلجمُ

إذ فيكَ للشعرِ اختلاجُ تَميمةٍ
فيها بما يُشتقُّ منكَ تَنَمنُمُ

وبهِ عليكَ إذا تشَطّرَ حُرقَةٌ
فإذا تَفرّدَ كُلُّ حَرفٍ زَمزَمُ

ورحلتُ أستسقي هديلَكَ والإبا
مِن لَحنِ قانيكَ الشّدِيِّ يُتمتِمُ

أطويكَ في سِفرِ القصيدةِ مُصحفاً
فإذا انتثرتَ فأنتَ آيٌ مُحكَمُ

ما كنتَ عَشراً تُفترى سوراً وفي
إعجازِ وحيِكَ آيةٌ تتكلّمُ

شَوطَأتَ مِن مَدَدِ الطّفوفِ أناملاً
فغدتْ للجّةِ راحتَيكَ تُيَمِّمُ

أهفو إليكَ وفي الحشاشةِ مُهجةٌ
حرّى وفي الآماقِ دمعٌ مُحْرِمُ

من يومِ كانَ الماءُ أعطشَ واردٍ
مِن حيثُ يَــــروي حـالئيـــــكَ ويندمُ
وَوَددتُ لو كُنتُ الذبيحَ تتُلُّني
كفُّ السيوف فأفتديك، وتسلمُ

ما حُبُّكَ المنحوتُ حُبُّ صبابةٍ
حيناً يؤوبُ وتارةً يتصرَّمُ

كلا ولا نزواتُ طارقةِ الهوى
إنّ المحبَّ بما يَجِنُّ مُتيَّمُ

يا أنتَ حينَ تُفلسفُ العشقَ الفريدَ تجلّياً فيتيهُ فيكَ ويُغرمُ

ها قد أتيتُ وحقُّ دمّكَ إنني
في غيبِ ما شاهدتُ منكَ مُسلِّمُ

أنتَ الخلودُ إذا استبدّ بلحظةٍ فيها لمعناكَ الكبيرِ تبسُّمُ

راهنتَ بالموتِ البقاءَ فكانَ واللهِ الرهانُ بحقّ ثَأركَ يُقسمُ

وسنَنتَ بالدمِّ الطهورِ شريعةً
بسُدى وريدِكَ تستقيمُ وتُلحمُ

قُل لي بربّكَ ما تكونُ وفيكَ مِن
إرثِ النُبوّاتِ اتّساقٌ مُبرَمُ

أنت الذي تختارُ أقدارَ الطغاةِ فتارةً تُبدي وأخرى تحتمُ

يا تمتماتِ أسنّةٍ ونحيبِ رُمحٍ أو وَجيبِ نجيبةٍ تتألمُ

أبكي عليكَ وكلُّ جسمي مُقلةٌ
يابنَ الكُماةِ وكلُّ عمريَ مأتمُ

قد أعطشوكَ ونونُ كافِكَ لمحةٌ تكفي لتومئَ للفراتِ فيقدِمُ

أيقنتُ أنّكَ في انبعاثكَ مُعجِزٌ
ولُكلِّ طُلاّبِ الشهادةِ مُلهمُ

علّمتهم فصلَ الخطابِ بما ابتدعتَ من البلاغة فالذي نطق الدمُ

فزممتَهم في عِقدِ مجدكَ لؤلؤاً
حلّوا أساورَ مِن دِمَاكَ ونُعّموا

فتقلّدوكَ مصلّتينَ يفوحُ من أردانِهم ضَوعُ النجيعِ ويَفعَمُ

كفروا بعيش الخانعينَ وآمنوا
بكَ في يقينِ العارفينَ وسلّموا

للهِ صُنعُكَ بالنفوسِ فأنتَ إحدى حالتينِ معظِّمٌ ومكرِّمُ

ولأنتَ في أمثولةِ العزِّ انبهارُ ولادةٍ أخرى تَجِدُّ وتُتئمُ

تستحلفُ الدنيا وأنتَ يمينُها
فتقرّ أنك يا حسينُ الأعظمُ

فلأنتَ مَن جمعَ الشهادةَ فانثني في كفِّهِ الأُخرى انتِصارٌ مُبرَمُ

وأبيتَ إلا أن تكونَ قضيةً
عُظمى تُسافِرُ في الضميرِ وتُتهمُ

وبقيتَ تنطقُ في الزمانِ كأنما أنتَ الزمّان ووقتُ غيركَ أعجمُ

بأبي الذي أهدى الحقيقةَ كُنهَها
فهو الحقيقةُ طوقُها والمِعصَمُ

ساءلتُ عنكَ المرهَفاتِ فَهَمهَمَتْ
ولهــا بِمــا ســاءلـتُ ردٌ مُفـــحِــمُ
ليسَ الحسينُ سوى قتيلِ سُويعةٍ
طالتْ فجلجلَ في الزمانِ مُحرّمُ

حُييتَ مُشتَجرَ الرماحِ مَخيطُكَ البيضُ الصِفاحِ تُحلّها أو تُحرمُ

حُييتَ مُختزِلَ الطيوفِ بواحدٍ
والكونِ في أرضٍ واسمكَ مُعجَمُ

حُييتَ قِبلةَ عاشقٍ ألهمتَهُ
أنّ الشّهادةَ للسعادةِ سلّمُ

تبّاً لعقلٍ لا يراكَ حقيقةً
والحقُّ فيكَ تصوّرٌ وتَجسُّمُ

ما قلتُ فيكَ الشعرَ أطلبُ منحةً
إلا لأنّ الشعرَ فيكَ مُعظّمُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *