جُرْحٌ بألفِ ضَفِيْرَةْ

في كُلِّ جُرْحٍ مِنْ جِراحِكَ حِيْرَةْ*
مِنْ أينَ أبدأُ؟ والجِرَاحُ كَثِيْرَةْ؟!

بيني وبينكَ خُطْوَةٌ أولى، وليـ
سَ لخُطْوَةٍ أولى إليكَ أَخِيْرَةْ:

أَوْجِزْ خُلُوْدَكَ، كيفَ تَقْطَعُ رحلتي الـ
آبادَ؟ أوجِزْ! فالحياةُ قصيرَةْ!

عَبَثًا يُلَخِّصُكَ الخُلُوْدُ، فلمْ تَكُنْ
وقتًا يؤطِّرُ في الزمانِ ضَمِيْرَهْ

حَرَّكْتَ ساعاتِ المَكَانِ على الزما
نِ، ولم تزلْ غيبًا يُعِيدُ حُضُوْرَهْ

باقٍ رُفَاتُكَ في العَرَاءِ يُحَاكِمُ الـ
دنيا ويدفَعُ في الرِّيَاحِ أثيرَهْ

ما زِلْتَ تَحْتَكِرُ الكنايةَ مِنْ حُسَيْـ
نِ صَدَىً إلى جُرْحٍ بألفِ ضَفِيْرَةْ

أطلقْ دِمَاءَكْ، عُدْ بأشلاءِ الحَقِيْـ
ـقَةِ مَصْرَعًا، وابعَثْ هناكَ نَمِيْرَهْ

تحتاجُ هذي الأرضُ قربانَ الحُسَيْـ
نِ لِتَسْتَعِيْرَ عِنَادَهُ وتُعِيْرَهْ

يحتاجُ هذا الأفقُ كُوَّةَ طَعْنَةٍ
لغَدٍ، فعَيْنُ البوصلاتِ ضَرِيْرَةْ!

أَشْرِقْ بجُرْحِكَ، ليسَ أنقى مِنْ شُرُوْ
قِ الجرحِ في الظُلُمَاتِ، يَعْدِلُ (سُوْرَةْ)!

لم تلوِ باريةٌ ضياءَكَ! كنتَ تُطْـ
ـعَنُ حيثُ تَطْعَنُ مِنْ عَدُوِّكَ زُوْرَهْ!

في كلِّ جُرْحٍ مِنْ جراحِكَ ضِفَّةٌ
تطفو ورملٌ يَسْتَرِدُّ بُحُوْرَهْ

لمَّا نَزَفْتَ هناكَ أجنحةً أكا
نَ دَمًا نزيفُكَ؟ أم تُرَى عُصْفُوْرَةْ؟!

جُرْحٌ مِنَ الأَعْصَارِ، رَفَّتْ منهُ أَجْـ
ـيالٌ، وما كَبَحَ الزَّمَانُ عُصُوْرَهْ!

وأَعَرْتَ كاهِلَكَ الوُجُوْدَ، بهِ عَبَرْ
تَ بكربلاءَ، بها نَزَفْتَ سُطُوْرَهْ

مُزِّقْتَ أشلاءً لأنكَ للوُجُوْ
دِ نَوَيْتَ قرآنًا، نَثَرْتَ بُذُوْرَهْ

ولأنَّكَ الكونيُّ وَزَّعْتَ الجِرا
حَ هُدَىً تقاسِمُهُ الجهاتُ ظُهُوْرَهْ

في كلِّ صوبٍ كنتَ رَجْعَ الجرحِ، تبـ
دو الأرضُ مِنْ مرآتِكَ المَكْسُوْرَةْ!

يا أيها الثوريُّ! صَهْوَةُ مُهْرِكَ الـ
أبعادُ، هَرْوِلْ في المَدَىْ لتُثِيْرَهْ

لا شيءَ إلا الدَّمُّ يَبْتَعِثُ الحَمِيـَّ
ـةَ في غَدِ المَوْتى ويبعَثُ غِيْرَةْ

ها أنتَ تَفْتَحُ في الرِّمَالِ الجُرْحَ، تَفْـ
تَحُ بَحْرَ أسئلةٍ وشَطَّ بَصِيْرَةْ

يا حاضِرًا ذاتَ الغيابِ وغائبًا
ذاتَ الحُضُوْرِ هُدَىً بألفِ وتيرَةْ

ما زالَ صوتُكَ يمتطي سَرْجَ الصَدَى
وبصهوةِ المَعْنَى يقودُ نَفِيْرَهْ

أَنَّىْ تموتُ؟ وأنتَ لَقَّنْتَ الطريـ
قَ خُطَاكَ، لقَّنْتَ الخلودَ هَدِيْرَهْ

وقَدَحْتَ للعقلِ الجِهَاتِ، وقلتَ كُنْ
حرًا، وصِغْتَ مِنَ الغيابِ جُسُوْرَهْ

عَلَّمْتَهُ أنْ يستطيلَ ويستطيـ
عَ المُسْتَحِيْلَ، ولا يَهَابَ عُبُوْرَهْ

وبأنْ يكونَكَ ثمَّ يخلقُ بالدما
ءِ صَدَىً جديدًا، سِيْرَةً ومَسِيْرَةْ

مَا مِنْ يزيدٍ لم يكنْ لكَ إثرَهُ
رُوْحٌ تلاحِقُهُ وتَهْدِمُ دُوْرَهْ

يا سورةَ الجَرَيَانِ في عِرْقِ الحيا
ةِ، ويا ثمارَ خلودِهِ وزهورَهْ

هِيَ بذْرَةُ الجُرْحِ الوَلُوْدَةُ تُنْبِتُ الـ
أرواحَ، تحيي في اليباسِ جذورَهْ

يومَ ابتكرتَ الرَّفْضَ فأسًا والإبا
ءَ مَعَاوِلًا حَرَّرْتَ كُلَّ بَصِيْرَةْ

ونبذْتَ دينَ الإمَّعَاتِ، كَسَرْتَ أغـ
لالَ القطيعِ، أَزَلْتَ عنهُ خُدُوْرَهْ

وعَدَلْتَ دَرْبَ الاِعْوِجَاجِ، بَذَلْتَ ذا
تَكَ، وابتكرْتَ بنزفِها تغييرَهْ

وفقأتَ أحلامَ الرَّعَاعِ، هشاشةَ الـ
أَتْبَاعِ، كنتَ الوعيَ، كنتَ نصيرَهْ

تبدو وحيدًا حيثُ تبدو آخَرًا
وِتْرًا وشفعًا يَسْتَشِفُّ نَظِيْرَهْ

يا سيدَ الإيقاعِ! كنتَ الشِّعْرَ كنـ
تَ قصيدةً أولى وكنتَ أخيرَةْ!

هُوَ مَصْرَع رَسَمَ الحَقِيْقَةَ بالمَجَا
زِ، ومَدَّ في رَحِمِ السُّؤَالِ الصُّوْرَةْ

جُرْحٌ تشاطِرُهُ الحَقِيْقَةُ نَزْفَهُ
أحرى بهِ أنْ يَجْرِفَ الأُسْطُوْرَةْ!

لو صَحَّتِ الذكرى -ولم تكُ مَيِّتًا-
لَنَصَبْتُ رَفْضَكَ مأتمًا وشَعِيْرَةْ

لقرأتُ مَصْرَعَكَ الطموحَ قضيةً
ونَفَضْتُ ألحانَ الأسى وقُشُوْرَهْ

هِيَ ثورةٌ أُخْرَىْ بألفِ بدايةٍ
لا الطفُّ دمعٌ! لا النوائحُ سِيْرَةْ!

عُدْ بالبدايةِ مَصْرَعًا يجلو الرُّؤَىْ
فالزَّيْفُ ضَحْلٌ والطُّفُوْفُ غَزِيْرَةْ!

و اجْلُ الأساطيرَ التي عَلِقَتْ ببو
صَلَةِ الخُطَا، فدُرُوْبُها مَأْسُوْرَةْ

حَرِّضْ طريقَكَ فهو يكتنزُ العُبُوْ
رَ، وَلَمْ تَكُنْ خُطُوَاتُهُ مَبْتُوْرَةْ!

حَرِّضْ شَعَائِرَكَ التي هَرِمَتْ، وحَرِّ
كْهَا لِتَحْكُمَ عَصْرَهَا وتُدِيْرَهْ

عُمُرُ الحقيقةِ في ثراكَ فَقُمْ لَهُ
واحرُثْهُ واستخْرِجْ إليكَ دُهُوْرَهْ

أَنَّىْ يَصِحُّ لكَ الرثاءُ وأنتَ تَسْـ
طَعُ في الغُرُوْبِ غدًا يَبُثُّ طُيُوْرَهْ

ولكُلِّ يومٍ، كُلِّ أرضٍ، كُلِّ وعـ
يٍ أنتَ، يا نهرَ الهُدَىْ وخَرِيْرَهْ

كم تكذِبُ الذكرى! فعُمْرُكَ آخَرٌ
حَيٌ تُقَاسِمُهُ الشُّعُوْبُ مَصِيْرَهْ