بكاءٌ خارجَ الحُزْنِ

الحسين (ع) هو المعادل الموضوعي للحياة والحرية والإباء ، وما الخلود إلا من ثماره اليانعة..

 

ألا ليتَ مِرآةً تُطارِحُني النَّجْوَى

وظلاً حميميَّا يُشاطرني الشَّجْوَا

 

أ يُوجدُ شيءٌ من جَوَى الحُزْنِ لايُرى

وراءَ الدَّياجي , كانَ بالصَّمْتِ مَكْسُوّا ؟

 

وهلْ غادرَ الدَّمْعُ السَّخِينُ مَحَلَّهُ

من المُقلةِ الدُّنيا إلى النَّجْمةِ القُصْوَى ؟

 

تُرَجْرِجُ (عاشوراءُ) مائي وطينتي

وتمنحني من قلبِها (المنَّ والسَّلْوَى)

 

لَبِسْتُ شِراعي ؛ حيثُ أبحرتُ مُوقنًا

وخضتُ عُبابَ الرِّيحِ , أفترعُ الجَدْوَى

 

ولا يَهْدَأُ البَحَّارُ في عُمْقِ نَفْسِهِ

وإنْ صارَ ماءُ البحرِ في هَدْأةٍ رَهْوَا

 

تراءتْ لروحي (كربلاءُ ) بقُدْسِها

حقيقيَّةَ المعنى , مجازيَّةَ المَهْوَى!!

 

قَطَعْتُ لها الوُجْدَانَ في شَهْقَةِ النَّوَى

مسافةَ ما أهفو إلى مَطْمَحِي عَدْوَا

 

فلمْ أَلْقَ فيها غيرَ ذاتٍ تجاوَزَتْ

حدودَ المعاني , ماوَجَدْتُ لها صُنْوَا!!

 

تَمُوجُ هُوِيَّاتٌ , وأسألُ من أنا ؟

وتمتزجُ الذَّاتُ امتزاجًا بمنْ تَهْوَى

 

أنا : العقلُ والقلبُ اللذانِ تَسَاقَيَا

وصارا معًا روحًا بأيقونةٍ نَشْوَى

 

تَشَرَّبْتُ ألوانَ السَّمَاءِ بخاطِري

وآنستُ إيقاعَ العُلا : الغيمَ والصَّحْوَا

 

حملتُ اعتقادِي بينَ جنبيَّ شامخًا

كما حَمَلَ التاريخُ في صَدْرِهِ (رَضْوَى)

 

ولي وطنٌ باسمِ ( الحسينِ ) سَكَنْتُهُ

تمدَّدَ فوقَ الدَّهْرِ , واخترقَ الجَوَّا

 

لَقَدْ بَصَمَتْ عينايَ فيهِ مَوَدَّةً

بألا أَرَى في غيرِهِ بالهوى مَثْوَى

 

هو الوطنُ المخبوءُ بينَ جوانِحِي

أعيشُ به عزًّا , وأفنى به زَهْوَا

 

توزَّعَ في كلِّ الأماكنِ , لَمْ يَكُنْ

تُقَيِّدُهُ أرضٌ , فَمَا أرفعَ الشَأْوَا !!

 

وليسَ تُرَابًا , ليسَ أطلالَ بُقْعَةٍ

ولكنَّهُ حُرِّيَّةُ المَنْهَلِ الأَرْوَى

 

هُوَ الوَطَنُ / الإنسانُ – دامَ بهاؤه-

وأطيافُ كلِّ العالمينَ بهِ تُطْوَى

 

تَخَيَّرْتُهُ مِنْ بينِ ألفِ هُوِيَّةٍ

أسامرُهُ عِشْقًا وأغرقُهُ شَدْوَا

 

سلامٌ على الرُزْءِ الذي يكتبُ السَّنَا

وطُوبى إلى مَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ مَحْوَا

 

هنالكَ كانَ اللهُ في (الطفِّ) , والهُدَى

وثَمَّةَ إبليسٌ , وغاشِيَةُ الطَّغْوَى

 

مُعَادَلَةُ (الفَتْحِ المُبينِ) تَكَوَّنَتْ

بحُرِّيَّةِ المَسْرَى , وبَوصَلةِ التَّقْوَى

 

تَشَظَّى سَلِيلُ الأنبياءِ زُجَاجَةً

إلهيَّةَ الأضواءِ , كونيَّةَ الفَحْوَى

 

وفي كُلِّ جُزْءٍ في الشَّظَايَا رِسالةٌ

إلى العَالَمِ المصنوعِ مِنْ آلةِ البَلْوَى

 

إذا ما تخيَّلْتُ المآسِي دقيقةً

تهاوى خَيالي , وارتمى رَسْمُهُ شِلْوَا

 

إذا لمْ يَعِشْ فينا (الحسينُ) , فمالنا

سوى الذِّلِ , يجترُّ المسافَةَ و الخَطْوَا

 

وهلْ مِنْ فَراغِ الوَهْمِ نُثْرِي سِلالَنَا

وإن عُطِّلَتْ بِئْرٌ , فهلْ نَسْحَبُ الدَّلْوَا؟؟

 

وما (الطفُّ) إلا أَبْجَدِيَّةُ ثَوْرَةٍ

تَعَلَّمْتُ مِنْ أسرارِها الثَّرََِّةِ النَّحْوَا

 

تَجِدُّ مع النُّور / الشهيدِ علاقتي

وعَنْ بُعْدِهِ لا أستطيعُ .. ولا أَقْوَى

 

وأبكيهِ حتَّى خارجَ الحُزْنِ فَجْأَةً !!

وأسمى دموعِ النَّاسِ ما انْسَكَبَتْ عَفْوَا

 

سأمتحنُ الدُّنْيَا برُمْحِ تَصَبُّرِي

وأجتازُ آلامي , وعاصفةَ الشَّكْوَى

 

وأفتحُ شُبَّاكًا يُطِلُّ على المَدَى

وأمْتَشِقُ الإشراقَ , والدِّفْءَ, والصَّفْوَا

 

وأصحُو على صَوتِ الضميرِ مُدَوِيًّا

وأجمعُ أحلامي التي سَقَطَتْ سَهْوَا

 

تضاريسُ أيَّامِي تُشَكِّلُها الرُّؤَى

ويمتدُّ لا زيفًا غَرَامي ولا لَغْوَا

 

وما عُدْتُ أنعى الأمسَ سيلَ مواجعٍ

ولكنَّمَا أبني بشِعْرِي الغَدَ الحُلْوَا

 

وحسبُ الهَوَى بابنِ السَّمَاءِ يَضَمُّنِي

يُهَيِّئُ لي في (سِدْرةِ المُنْتَهَى) مَأْوَى