الصائحة

هجرتُ التصابي والـخـردَ
ومشي الهوينى تثنى علينا
وحـمـر الليالي ونظمُ التسالي
وغنجٌ ودلٌّ وبالطرف نجلٌ
وخِلٌّ أنيس وخصر لميس
يطوف والبابنا حولَه
تنازع احداقَنا جيدُه
ترينا الليالي في خصلها
بطرفٍ تـحور من فطرةٍ
وثغرٍ تبسم فيه الاقاح
نصوعا سطوعا فلو أطفأوا
تعض عليه لُـمـا احمرا
إذا ضحكت اخذتنا الظنون
سوى أنـها تستبيح الوصال
فما الصبُّ من سكرات الهوى
ولو بُعثت عندها الانبياء
وكان النديم إماما لنا
وكان الزمان ينيل الأمانَ
رثاء أبي الفضل

وكأسا إذا ما امتلى ازبدَ
بقد كما نشتهي قُددَ
فريدا من الدر قد نُضِّدَ
يلاحق عيني مستقصدا
تأزر لكنه ما ارتدى
إذا لاح مسْتَطرَفا أغيدا
بعقدٍ تلألأ فوق الثِّدا
وصبحُ المحيا يرينا الغدَ
طبيعته هكذا أثـمدا
يكاد من الريق أن يُوردَ
سراجا بجانبه اتقدَ
يقارب في لونه الأسودَ
الى الحور لا طيف بل مشهدا
وتلك تحب بأن تُـفْـرَدَ
يفيق إذا باللظى هُدِّدَ
لتزجر عاشقها ما اهتدى
ودكةُ صهبائه مسجدا
وكنا نـمدُّ إليه يدا
العباس (عليه السلام )

إلى أن سمعنا بناعي الحسين
يرددُ يا كربلا كالسهام
وينشدُ شعرا فجيع الرثاء
فقمنا إليه بدمعٍ سخين
وقلنا أيا خامرا بالهوى
وكان يـمرُّ على شاطئٍ
كأنه جاء إلى العلقمي
وفيه بقايا من العنفوان
ولا ندري قبل اقتحام الورود
وكان مهيبا برغم الجراح
وما حجب الدمُ عنه الجمال
يقول بأنه أبكى النخيل
وكاد الفراتُ يقوم إليه
تـحـسر كيف رمى ماءه
بغير كفوف فكفٌ هنا
ويبدو بأنه كان يدور
ومـخـه كان يسيل دما
ولـم يبقَ سيفٌ نقيعُ الذحول
وسرُّ انتشار السهام عليه
ويبدو بأنه لـما هوى
ألا تنظرون خياما هناك
فهذا المسجى عمادٌ لها
ولـما اُصيبَ بـحـدِّ العمود
وفيها عطاشا قد انتدبوه
وواعدهم بالرِّوى أو يموت
فكانت ولادتُه من هنا
وسورةُ والعصرِ اسم أخيه
ولكنه مذ رآه صريع
هوى ركنُه وانـحـنى ظهرُه
وصيحتُه من حشا اخته
أوا كافلاه أوا ضيعتاه

رثاء علي

وطافتْ بنا راحلاتُ القريض
على جسدٍ لا يليقُ الثرى
من الكفر محضا إذا ما تراه
أهذا نبيٌّ أهذا وصي
أيوسف هذا من البئر جاء
ولكن هذا يفوقُ لذاك
فليس له غيره من شبيه
توحد في صومعات الجلال
فدعْ للعيان سراحَ الخيال
وكان بنا عجبٌ حائرٌ
أما كان أولى بهذا الفتى
فما له ملتَفِعا بالتراب
أليس لهذا الغلام أبٌ
فقالوا بلى إليه أبٌ
ولـمـا رآه شتيت الوصال
وما فيه عضوٌ بغير انفصام
كأن العدى صادفته جريح
فطاعنها شدَّ غِلَّ السنان
وخرَّ كنجم على الفجر لاح
تعفر فوق الجراح أبوه
ولـمَّـه في بردة وطواه
بنيَّ عليٍّ وعيشي بلاك
فلا تـحـسـبـنِّـي من الغابرين
يتمتم يا أبتِ للخيام
فقتلي أهون من أنْ آراك
لأمك إن عدتُ ماذا أقول
وزينب يا ولدي قد تـموت
فلما أتى به نحو الخيام
فعدتُ إليه فقال اعفني
وقال أخاف هنا أن أقول
أقول بأن صغير الشِّبال
أقول بأن الحسين الوقور
وكان التجلد من طبعه
رمى نفسه قبل رمي النساء
وليلى تـمر براحاتـها
وسكنا تقول هنا يا أبي
وصيحةُ زينب وا ولداه
رثـــاء

تجافى وقم يا خليل الشجا
فزاد وقال لهم معرسٌ
وكان زفافا قصير المدى
وفيه النساءُ تـجـرُّ الصغار
وخدُّ العريس به دمعةٌ
عليه ثيابٌ من المجتبى
ولفَّ العمامةَ من اخضرٍ
وسيفا تقلدَه مرهفا
وأُلبس من حلقات الدروع
ومسكٌ ندودٌ ووردٌ وعودٌ
ورملى وزينبُ من حوله
وتتلو الصلاةَ مع المعوذات
فلما تـجـلى أمام الحسين
يقول دعوني إلى عوذتي
ولما مشى مشية الراحلين
أسرَّ فؤادَ الثرى خطوُهُ
وفي سرجه خلتَ بدرَ التمام
ويرجز من رائعات البيان
أنا ابنُ الوصيِّ وسبط النبي
فإن تنكروني فسيفي يقيني
أنا ابنُ الصدور ولاةِ الأمور
وأوغل حيث لفيف الذئاب
وغنى الحمامُ هديلَ الغرام
فهاجت به عزةُ الخيلاء
ومال إلى نعله مصلحا
فكان غنيمةَ ابنِ النفيل
وأبدل منه ثياب الزفاف
فـخر به مجدُ آبائه
فهب الحسين وذا دأبه
بقلبٍ فطير وظهرٍ كسير
ونادى بني يعز علي
بنيَّ أما زلت تشكو الظما
وحاكا بـحـمله قوس النبال
يـحدقُ في حسنه فيرى
لذلك مال قوامُ الحسين
رأوه حديبا على ذي الجناح
رثاء عبد الله
كفاك كفاك بلغت مناك
فقال ذروني فعندي رضيع
بعينه كلُّ اختصار الجمال
به انفلق الصبحُ بعد الغسوق
فلا حظ فيه لعين الحسود
وعينا رأى القومُ فيه النبي
فقام عليهم عيانُ الشهود
لأن الصغيرَ بليغُ البيان
وأجلى بروزا لغل الحقود
تراه وَقِيِدَ الحشا بالظما
سـمومُ اللسان ووهجُ المكان
كأن السماء رمته على
طلوعُ هلال على ساعدين
وخاطبهم إن أكن عاديا
ألا تطفئوا منه حر الغليل
أليس بكم راجحٌ يستقيل
ألستم بني قيلةٍ في الأصول
فإن كنتُ في حقكم مذنبا
تغشوا ثيابـهُمُ مثلما
فكان الجواب فظيعا ألـيـم
تصدى له حرملٌ راميا
فصار يرف بصدر أبيه
وأغرق كفيه من دمه
فكانت لعين الثرى دمعةً
تسامت إلى شرفة المستجار
فلا الوعد وفَّى إليه السقاء
فلما تقصدا صوبَ الخيام
وكان يسودُ على أمره
يقلبُه في يديه صريع
وثرن النساءُ كسرب القطا
سراعا إليه بقدر الأسى
وأقصدها في البلوغ الرباب
وصارت تشد إلى حجرها
وأعظم ما فجع الثاكلات
  رثاء الشهيد

حنانيكَ قلنا كفى لا تزد
فقال الذي قد تجلى يسير
بقى السبطُ منفردا بالخيام
وكان الزمانُ اليه يدٌ
وبابُ التوسل مَنْ حاده
ففيه الرسولُ وفيه البتولُ
وفيه الخليلُ وموسى الكليمُ
ويأبى بغير ولا يته
فـمن وحَّـد اللهَ من دونـهـا
ألا من نصير ألا من معين
أخي فَضْخُ هامك ضيعني
وسهمٌ بعينك خلفني
وكلُّ جروحك جرحٌ لدي
عليٌّ بني الا قم إلي
وحلمُ الدلال وحلوُ الخصال
وسِلْوةُ أُنسي وقرةُ نفسي
وجدتك روحي التي تَـحْـيني
أيبقى بـهذي الحياة أبوك
عريسُ المنايا جميلُ المزايا
وغصنُ الآراك ومشي الملاك
فجيعُ الخضاب بـحـر التراب
حبيبي حبيب زهير برير
تنامون ملىء الجفون ردىً
فـمارتْ على الارض تنوي القيام
فشار لـهـا التزمي بالممات
وإن لحوقي بكِ في الجنان
ونادى الا مَنْ يشد الجواد
فقامت على قلبها زينب
وجاءته تسحب اذيالها
تلوم قساوتها بالـحِـما
وراح طليقا على ذي الجناح
فلم يُر في حصده للرقاب
والله اكبر باسم الإله
ولـما تشابك محتربا
وجالدها ساعدا ساعدا
أحست ببأسه فانتبذت
تُـرجِّعُ منه ثغاءَ القطيع
وأوغل في أجمٍ من سيوف
يشفُّ من الطعن سِـتْـرَ الدِّلاص
ووترا إذا طوقته الكماة
كأن السماء على أرضها
فصار النـهارُ بلا مطلعٍ
ولازال يشفي غليلَ الحقود
لديه جناحٌ على ذي الجناح
وأملاك بدرٍ تطوف عليه
وشيخٌ من الجن صاح به
فأعرض عن ذا وذاك إبا
ينادي إذا كان دينُ الإله
فأطلق كفَّ القضا كـفُّـهُ
رماه بفهرٍ دعيُّ الحتوف
فحاولها رافعا ثوبَــه
فجاء المثلثُ في قلبه
فجاد يُسبح وهو يطوف
يخضبُ شيبته بالدماء
فـما اغتنمت منه إلا السيوف
واضحى على سرجه غرضا
وكُــثْــرُ الجراح وسَعْرُ الظما
فمال إلى ربوة في البطاح
وظل الجوادُ يـحـوم عليه
فجاء سنانٌ له بالسنان
فـهـجَّ الحصانُ لأهل الخيام
فيا عُظمَ ما قد طوى صهـلُهُ
وعند العقيلة ذاك الشموس
والقى برأسه في حجرها
فصاحت به كيف خلفتَهُ
ألـم تدر أنه روحُ البتول
فقامت ويا لقيام لـها
وهامت بنسوتها راكضات
بغير شعور نشرن الشعور
فما جـئـنَ إلا وشمر الخنا
بـموضع تقبيل طـه الرسول
فلما رآه الحسين دعاه
إذا له وجه كوجه الكلاب
وشؤمُ الخنازير في خلقه
فصلَّى الحسينُ على جده
فشاط الدعيُّ على المصطفى
فصار العلا وجهُه للثرى
يصيح وجدي أنا ظامئٌ
وراح يهبر اوداجَهُ
وأدفق منحره ميزبا
يكبر والرأسُ في كفه
واعلاه مفتخرا فبدا
فهبت رياحٌ كريح ثـمود
وسحُبُ السماء دما امطرت
وقلبُ العليل على نطعه
وصاح بعمته هيئي
وهتك الستور وحرق الخدور
ونزعِ القراط ولسع السياط
ووكزِ الرماح وسيلِ الجراح
وسلبِ الحجاب وكشف النقاب
فلا تصرخي يا كفيل العدا
عليه اللواءُ وجودُ السقاء
فلولا العمود وقطع الزنود
فلا ترفع الصوت يا بن أبي
فإن الحسين بلا رأسه
أيأخذ رأسه من رمحه
توسد من نحره ظامئا
فمدِّ اليدين لأغلالهم
فإن الزمان اطاح بكم
ولفَّ الحبال على عنقي
وألوى على ستركم يده
وقيدكم بالسباء وما
وأهوى بتاج معزتكم
فلا سكن الجرحُ من كربلا
وصرختكم يا لثار الحسين
إلى أن يقومَ عظيمُ المقام
ويصبح كلُّ الزمان لكم
وتبسط جودَه راحاتُكُم
تـمت القصيدة

يرجِّعُ ما يفطر الأكبدَ
يُصيب برائشها الأفئدَ
يفتُّ الـحشا كلما أنشدَ
كأن البلاء له أوقدَ
أراك جزعتَ فماذا بدا
تُـحيـط الصخورُ به جسدا
مصرا بأن يـملأ الـمِـزودَ
تدل على أنه اجتهدَ
أُبيد أم انه قد وردَ
يُظنُ أبوه فتىً سيدا
بدا قمرا قطعته الـمُدى
بقربته ظامئا موسَدا
ليمسح هامتَه مكمدا
وفارقه لـم يبل الصدى
وكفٌ هناك نأى مُبْعَدا
بسهم عماه فجال سُدى
كأنه من عمدٍ عُمِّدَ
تـجـرد إلا به أُغـمـدَ
إذا صوبته يـمدُّ اليدَ
على وجهه استقبل الـجـلمدَ
وأوتادها بقيتْ ما عدا
وكان الاظلةَ والأعمدَ
تجرأ مَنْ شاء أن يُوقِدَ
فجاء الفراتَ لهم مُنْجِدا
فمات على الوعد مستَشَهدا
حريـمـا من الكفِّ قد وُلدَ
أتـم التواصي من أحـمـدَ
أقامت عليه القنا مـحـشدا
وناداه يا شملُ قد بُدِّدَ
فمنه النداء ومنها الصدى
أخي بعد جودك مَنْ للندى

الأكــبر ( عليه السلام )
تـجـذُّ بأسطرها وُخَّدا
بـمثواه ما لـم يكن عسجدا
وتأبى لحسنه أن تسجدَ
أم انـهمـا فيه قد وُحِّدَ
إلى كربلاء لكي يشهدَ
ويسمو بطلعته مُـصْـعِدا
بنفي الشبيه قد اتـحدَ
فريد الجمال لكي يُعبدَ
فما الحقُّ إلا بأن تشهدَ
يريد اليقين لكي يُفْنَدَ
لعرش السماء بأن يصعدَ
ومعتنقا بالثرى الصيهدَ
أما مات من فقده كمدا
يدورُ بعينيه نزعُ الردى
توزعَ من طعنه أَفْــرُدا
كوُثْقى العُرى انفصمت بالهدى
وكانت على جده الأحقدَ
وطائشُها بالحشا سددَ
يُصَدعُ في برجه الفرقدَ
جزوعا تعذر أن يَـجْـلُدَ
فما حال قلبٍ طوى ولدا
عليَّ استوى جدثا موصَدا
عفا العمر من بعدك وغدا
اعدني بصدرك ملتحِدا
تـجـول بطرفك منفردا
أألقيك في حجرها مُـخْـمَـدا
وأنت كذا قطعا جسدا
هوى قلمُ الشعر مرتعدا
وأرعش انـملتي واليدَ
مقالا جريئا ولن يُـحـمـدَ
بوسط النساء رمى الأسدَ
إلى الخدر محتضرا وفـدَ
بعظم الرزايا فما جَـلُـدَ
على ابنه والِـها مُكْمَدا
على جرح رأسه كي يبردَ
أرى عاتقا خَلِعا مُفْصَدا
وما سُـمعَت بعد هذا الندا
القاسم ( عليه السلام )       
فلا يسعُ القلبُ أن يكمدَ
أقاموا له بالهنا مـحشدا
ولكنه قد بقى سرمدا
وكان السوادُ الذي يُرتدى
فصار كوردٍ سقاه الندى
قميص ومنطقة وردا
تدلت بأفخر ما يُــعْـقَدَ
تـهيب حمائله مغمدا
سبوغا على صدره أزردا
إذا فاح من طيبه زُوِّدَ
تصلي على المصطفى أحـمـدَ
من الـحُسْنِ تخشى بأن يُـحـسدَ
تـجلى به الـحَـسَـنُ المفتدى
أوفي فعمي انتخى مفردا
وأسلمَ للأجل الـمِقْـودَ
وأضحك من لطفه الفدفدَ
تخيل رغم الضحى الفرقدَ
أنا ابنُ عليٍّ سِـمـامِ العدا
ورحي لروح الحسين فدا
ورمحي أشكُّ به الـمُـجْـحِدَ
بنا ختمة الأمر والمبتدى
ليزأر في الحرب مستأسدا
وطير المنية قد غردَ
من المرتضى فاستخف العدى
جريئا يرى الـمـلتقى معهدا
فأهوى على هامه الأجردَ
بأخرى لـها الدم قد جَدَّدَ
مُؤَثَّــلُـه يندب الـمُـتْـلَدَ
يُغيث اخا له أو ولدا
فقامته تشكتي العمدَ
بأن تستغيث ولا أُنـجدَ
أما ذقتَ من جرحك الـموردَ
ثقيلا على صغره مـجهدا
به الحسنُ السبطُ قد جُـسِّدَ
وما قام معتدلا ابدا
إلى أن تعفر واستشهدَ
الرضيع ( عليه السلام )

فقد فات ما فات وانـمـردَ
سأنعاه وجْـزا ولن أسردَ
إذا شبحت رامقات المدى
كأن الدجى منه قد بُـدِّدَ
ولا نفث الصدرُ وانعقدَ
صغيرا بلفته مـلبدا
وحسبُ الجحودُ بأن يشهدَ
إذا ما تصوب واسـتُـشهدَ
إذا ما تعود أن يـحـقدَ
ووجنته بالسنا موقدا
سـمـومان في قلبه اتحدا
ذراع أبيه وما وُلِدَ
إذا زاح عنه أبوه الرِّدا
فهل ذا بظلم عليكم عدا
لعين النبي صراط الهدى
ترديكم هوة الـمرتدى
أما بلغت واعظا مرشدا
فهل من صغيري ذنب بدا
تغشت لنوح النبي العدى
يفتُّ الصفا جلمدا جلمدا
بسهمٍ وفي نحره سَدَّدَ
كطير ذبيح بـحد الـمُدى
وبادر في رميها مصعِدا
وكانت لعين السما مرصدا
فـمـدَّ لـهـا جبرئيل اليدَ
ولا السهمُ أخطأه موعدا
تناهى البلاءُ بـما قصدَ
فصار المصابُ له سيدا
عساه يرى رمقا مُسْعِدَ
إذا ما تسابق أو طُوردَ
تُـقَـفِّي وجائدها الأوجَدَ
وتعرفُ لـمْ كانت الأقصدَ
ضناها وتبعثه مـخـمدا
دمُ النحر بالسهم قد جَـمَدَ
الحسين ( عليه السلام )

وإياك إياك أن تزدَ
قبالَ الكثير الذي ما بدا
كما كان بالفضل منفردا
ومِنْ راحتيه الوجودُ جَدا
فقد جاء بابَ السما موصَدا
وحيدرُ والمجتبى عُدِّدَ
ومن زاد عيسى فقد سُدِّدَ
إلهُ الخلائق أن يُعبدَ
أتى للجزاء كمن ألْـحَـدَ
على الظاعنين يُعيد الــنِّــدا
وجذُّ يـمينك جذَّ اليدَ
أجَدِّ دروب البلا أرمدا
فقد كنت لي النفس والعضدَ
ألست الفتى الباسل الأصيدَ
وفيك أرى الـجـدَّ والولدَ
فصرتُ بـها الزاهدَ الأزهدَ
فـما يُـجْـدني بعدُ أن أجدَ
وفَقْدُك قد نزع الكبدَ
وطير الجنان إذا غردَ
عليه الـحـسـامُ إذا قُـلِّدَ
تجلل من رأسه السؤددَ
يصيح فيرجع منه الصدى
وابقى اناشدكم مُسْهَدا
وكلٌّ من النخوة اضطردَ
قضى الله في مصرعي مفردا
قريبُ المنال ولن يَـبْعُـدَ
فلا ارى من فتيتي احدا
وصاحت أيا قلبُ كن جـلـمدا
تقود إليه جوادَ الردى
تجودُ به لسيوف العدى
أبيا وحرا كما عُـوِّدَ
شجاعٌ تعهد أن يـحـصـدَ
إذا كبرت هبلا رددَ
وصكتْ عليه العدا الانـجُـدَ
ولاحمها عضدا عضدا
مكانا قصى بسراب الـمدى
ويزأر في رعيـهـا أسدا
تظلل فيه القنا الـمُـقْصَدَ
ويهدم من ضربه الـخُّـودَ
تفرُّ وقد صدها واحدا
ونـجـمُ المنايا هوى أسودا
وليلُ الزمان بلا مغتدى
برمحٍ يصيبُ به الـمـحْـقَـدَ
إذا شاء للخلد أن يصعدَ
تـمنـتْـهُ لو يطلب الـمددَ
ألا أمر حسينٌ نبيدُ العدى
ليلقى المنيةَ مُستَفْـردا
يقوم بقتلي فيا مسعدا
وارخص كفا عليه اعتدى
بغرته ودما المسجدَ
ليمسح عنه الدم الـموردَ
وبالدم من ظهره نفدَ
طوافَ الوداع بسهم الردى
ليلقى الإله خضيبا غدا
فصار لـمـهوى الظبا معبدا
لـمـن يتشفى ومن سَـدَّدَ
ونزفُ الدماء له أجـهـدَ
وخر على حرها موسَـدا
ويُدلي على كفه الـمِقْـوَدَ
وفي خصره رمـحُـهُ اغـمـدَ
جـموحا يقادح ما أزندَ
ويا ثقلَ ما به قد أبْــرَدَ
ثنى ركبتيه وألوى اليدَ
وحمحم مفتجِعا مُــزْبِــدا
يـجـود بنفسه بين عِدَا
وللخلد تدري به السيدَ
أقام الزمانَ وما أقعدَ
لتصبح دون حِـماها فدا
وما لـها إلا النحيبُ حِـدا
بصدره منتعلا صعدَ
وسرِّ القضا آخذا مقعدا
أمط عن لثامك كي أشهدَ
بدا أبقعا أبرصا أجعدا
تربع مستقبَحا نكِدا
وناداه ما قــلــتَـه قد بدا
وقام برفس إمام الهدى
يلفِّظُ من فمه الـمِـرْبدَ
ونفسي قد اشتعلت مَوْقِدا
وعن جسمه رأسه أبعدَ
من الدم ألبسه مَـجْـسِـدا
من النصب فيما يظن اهتدى
على ذروة الرمح متقِدا
وصار المدى احمرا اسودا
وبارقُها صعِقا ارعدا
تفطر بالخدر وانـمـردَ
حَصانَ النساء لسبي العدى
وصدِّ الـمـغير إذا ما اعتدى
بكف الحقود إذا جـلدَ
بـخدٍّ من اللطمة استوقَدَ
وتعويضه بالجموع يدا
اغارت فإن الكفيل غدا
بوعدِهِ والغيرةِ مُـدِّدَ
لجاء يوفي بـما وعدَ
بخدري شمرُ الخنا عربدَ
فكيف يقوم لك جسدا
ويأتيك يا زينب مُنْجِدا
ولا يُـحصى من جرحه عددا
إذا قربوا النوق والأصفُدَ
وَهَدَّ البناءَ الذي شُيدَ
وحزَّ الـمـعاصم والأعضدَ
وجاذبكم مئزراً ورِدَا
أذل الأسيرَ إذا قُيدَ
وطوقكم ذله مَقْلَـدا
ولا طرفكم بالسُرى هوَّدَ
ستعلوا بحرقتها أبدا
بقرع السيوف يردُّ الصدى
ومن يدكم ملكه يُـجـتدى
فلو قبضت عزَّ أن يرفِدَ
بعون الله وفضله

بتاريخ 15/11/2015م