الأمنياتُ رصيفٌ … والرؤى سَفَرُ
من أوّلِ الحبِّ قلبي كان ينتظرُ
من أوّلِ الشوقِ كان الدّربُ يُومئُ لي
وكنتُ أبصرُ مالا يُدركُ النّظرُ
أمضي إليك وشِعري بعض أمتعتي
ومن ورائي تسيرُ الشمسُ والقمرُ
نمضي ..ومن خلفنا الأنهارُ تعرفنا
“والخيلُ والليلُ والبيداءُ “*والزّهَرُ
العاشقون على أبوابكَ ازدهروا
والشانئون بكفِ الريح قد نُثروا
أنت الطريقُ.. ومعنى السيرِ.. “هيتَ لنا”
لنعبر الغيبَ فيمن بالهوى عبروا
حُلمي أصابعُ غيمٍ ..لهفتي ودقٌ
أطفو بريشِ ملاكٍ ثم أنهمر..
أضمّ بين كفوفي ما تفايض من
غناءِ حوريةٍ بالنورِ تستترُ
عيناي رقصُ فراشٍ في حقول سنًا
عيناك منبعُ ضوء ..حيث أنصهرُ
أفنى ..وأخُلَقُ في نارِ الهيامِ وما
غير التّوحُدِ لي في المنتهى وَطَرُ
لا شيء يُشبهُ وجهي حين ترمقني
أعلو ..أطيرُ ..أغني ..تُومضُ الصورُ
ما كنتُ إلا ترابا منك بي عبقٌ
لولاهُ ما اخضرّ قلبي وادّلى ثّمرُ
لولاهُ عمريَ فانوسٌ بلا لهبٍ
لولاهُ قلبي جبٍّ.. خفقتي حجرُ
لولا جمالكَ هل لي في الجمالِ هدىً
ويوسفٌ حين يستجليكَ ينبهرُ
ولو زليخة تدري عنكَ ..عن ولهي
بكت عليّ طويلا ..كيف أصطبرُ
أرسلتُ هدهدتي حتى تجيءُ بما
يشاعُ عنك ..فلا حِسٌّ ولا خبرُ
مزّقتُ أقمصة الأشعار ..بحتُ بما
تشي لحوني ..حتي أُذْهِلَ الوترُ
كمثل مريم هزّت جذع نخلتها
أهزُّ خصر سمائي تسقطُ الفِكَرُ
كما تحيكُ عروسُ الفجرِ طرحتها
كما يُرتّلُ غيمَ المشتهى مطرُ
كما عذارى النجومِ الغافيات
على بروجها لَهَفًا ..والتوقُ ينفجرُ
وقبلةٌ من شفاهِ الوحي تُوقظها
تشفّ أحداقها ..والوهجُ يُبتكرُ
كطفلةٍ باتساعِ الكونِ ضحكتها
في ثغرها بلبلٌ.. في كفها شجرُ
أو مثل ناسكة تخلو بصومعةٍ
حيطانها مرجُ البحرين والدُّررُ
لا لهو يُشغلها ما دمتَ شاغلها
سكرى وإن لم تذُق خمرا ..وتَذّكِرُ
سبحان نورك خرّ القلب مُنصعقا
=لما تجليتَ= حتى كدتُ أنشطرُ
“حسينُ ” يا ليتني ذرٌّ يحُوم على
شباّكِ قبركَ.. أو بين الخُطى مَدَرُ
دعني أبوحُ وهل في البوح متسعٌ
حبي مُعَلّقةٌ لو كنتُ أختصرُ
خذني بقربكَ ..-عينُ الله شاهدةٌ-
تنور شوقيَ بالطوفان يستعرُ
وصفحتي بدموعِ الحبرِ مورقةٌ
في كل مأتم وردٍ للندى أثرُ
دعني أنوحُ كما نوح الحمامِ على
زنديكَ حين يقولُ الحزنُ ..: لا وَزَرُ
دعني ألملمُ عشقي كل أمتعتي
خذني بكلّيَ لا تُبقي ولا تَذَرُ
إني عجلتُ لترضى خُذ بقافيتي
من أولِ الشّطر قلبي كان ينتظرُ