أشعلتني سَنابلُ الطفّ وجْدا =غيرَ ذيْ راحِ منْ رَفيفِ إكْتواءِ
واسْلمتني لرشْفةِ المّوتِ أقفو= رَعشةَ الحُزن بيْن نَارٍ ومَاءِ
وأنا المُبتلّ بالجِّراحاتِ أمْضي =وتُرابٌ منْ الطفوفِ إزَائي
يتلظّى ورَشفة الدمْع كونٌ = هَدهدَته فوّارة منْ بَلاء
هيَ عاشوراء والدماءُ تدّلتْ= كالفنَارات كالرَؤى كالضَياء
وهيَ “هيهاتُ” نبضُ قلبٍ أبي= يرفضُ الذلّ بين ضَيمٍ وَ..لاءِ
وبنَهرينِ منْ ضِفافِ قِوَانا= عَتّقتنا مَرافئُ الشّهداء
ورَسَمنا منْ دفقةِ النحْرِ نَهراً = في دمانا يسْمو على الأقذاء
يا بطولاتِ كَربلا- يا عُروجا= من دماءِ السّماء والأتقياء
نتفيا تغلغلَ الجرحِ طِيناً =قد تسَامى على مدى الإنزوَاء
كم نشَرنا منْ الوّفاء شمُوسا =منْ كفوفٍ تلزّ نبعَ الوّفاء
آثر الماءُ أن نراكَ ظميّا =في تفانٍ يشدّ قلبَ الإخاءِ
وهو عرشٌ من القداسات يُعلي =راية النصْر في هدَى النبلاء
فتقاطرْنَ كالضّحايا نجُوما =تتهادى بثورةِ النّجباء
ترْدفُ الحقّ في فداء حسين= بشَبابٍ من خِيرةِ الأتقياء
آثروا المّوت عزةً رغم ذلٍّ= مُذْ تبنّوا طريقة الأنبياء
فتفانوا بمَدرجِ الصبر ذاتاً =في سباقٍ منمْنمٍ باصْطفاء
هي ذكراكِ تحمل الفجرَ وحياً= بين دمْع ومحنةٍ وفِداء
فانتفضنا لرزءِها تضحياتٍ = تتمنى للدّينِ رفعَ لِواءِ
وأنا فضّةٌ من الحُزنِ تماهتْ= في خلايايَ حيرةُ الأجْزاء
أنثرُ الوقتَ جَمرةً تتلّظى =وعلى وجْهِ المسَاء مَدُّ بُكائي
يتحَدّى تصَحّرا الليلِ لونَا= والمواقيت قدْ استبَحنَ غِنائي
ودمايَا مذبوحةٌ في شجوني= وشجُوني مَوائدٌ مِنْ شَقاءِ
وأنا ابنُ هذهِ التباتيلِ =أقتاتُ من وعْيِ احتمالَ عَنائي
وأنا بعضُ سُورة الحزنِ= تنثالُ ضلعاً على كرْبلاء
وهْيَ رحمٌ إلى البطولاتِ غنّى= جَاوزتنا لقمةِ الجَوزاء
وهي رزءٌ مُفَصّلٌ للغيَارى= وصِراطٌ بمَهْمهِ الغرَباء
وأنا خفقُ ومضةِ من حنينٍ= للطّفوفِ تلمّ دمعَ السّماء
أجرعُ الحزنَ في ضفافِ يقيني= نهنهاتٍ بنورسِ الأصْغاء
فتواريني صَرخة المّوتِ خفقا =ودمائي مَبتورةً في دمَائي
أوقظُ الآهَ رنةً في سُؤالي= هلْ أنا من يذوبُ في الأرزاء
حين حنَيت بالمَداراتِ قلبي =وأدرْتً على المدَى حِنائي
أم أنا الآنَ – كربلاءُ جراحٍ =قد تشَظتْ على صَدى الأحبَاء
من أنا مَن أكونَ يا نبضاَ= توسّط القلبَ كاشتعالِ إناء
جزتُ روحي وجزتُ طوفانَ بوحي =حين نقّبت في خطى أضوائي
لأراكَ تبثني الدّربَ حرّا= وتدلني نذورَ عَاشوراء
أحملُ الضوءَ في غيوم ارتحالٍ= لملمتهُ حَرارة الرّمضَاء
شرفة للهدى للحقّ تسمو =كيفَ تهوي على لظى البّوغاء
لتناديني بقيةً من يقينٍ =من ترابٍ خبأته لاكتواء
هاهنا يتنسكُ الترب قرباناً= يُصلي مقدّسَ الأشلاء
يتسلّى وشفرةُ السّيفِ ظمْأى =وندَى المَاء ضفّة من حَيَاء
تعْتريني وغربةُ النّحر ترقى= بالشّعاعات حَبيسة الأعْضاء
كلّما مزّقتْ مِن خلايايَ بوحا= أسْكنتني بدمعةٍ حَمراءِ
نهنَهتني بوابلٍ من ضَناهَا =في دمُوع الأيتامِ والأبناء
ونساءٍ مرمّلاتٍ ببؤسٍ= ليسَ كالرزءِ غربةٌ بنسَاءِ
تندبُ الفجرَ الذي تعطفَ بالحبّ= مذ أبصرتْ تدفقَ الأضْواء
لم تكنْ كربلاء إلا وَريدا= جرّبته محاجرُ الآلاء
زرّرتهُ بقلبهَا البّكرِ تنَاهِيداً = تسْتقِيها صَبابةُ الإغرَاء
أيّ بردٍ سيطفأ النارَ فينَا= بعدَ أنْ سجرّت نارَ دماءِ
تنقشُ الآنَ قصّة الجرْح طِفلا= مزّقتهُ قسَاوَةُ البغضاء
ما سَقوهُ غيرَ الرّدَى كأسَ سَهم= بعداءٍ يَشدّ قوسَ العِّداء
وحسينٌ تَضمّهُ نَهْنهَاتٌ= أرْهَقتها مَصَارع الشّهداء
ووَحِيداً مُغرورقاً أفرَدُوهُ= وبَنوهَ مَسكوبَة الأشْذاء
وعلى صَدرهِ الشمرُ تعلّى = يفصلُ الشمسَ عن مُحيّ السّماء
أروَى للسّيف منحراً من حَكايا= قصةِ المّوتِ في انتِصارِ دماءِ
وطأتهُ برجْلِها عَادياتٌ =فاغتدَى الضّلعُ منبعاً للضّياء
ولهُ زَينَبٌ تمدّ بكاءً =أشعلَ الكّونَ بالشّجى والبّكاء
فتقبلْ يا رَبّ إنْ كانَ يُرضِي= منْ دِمانا واْعظمْ بهِ من رضَاءِ
وعَليهَا من الأسَى ذارياتٌ= ما تزالُ حَليفةَ الآلاءِ
قدْ غسَلنا قلوبَنا بأسَاها =كالفَوانيسِ لاشتِهاءِ سَناءِ
وانتدَبنَا عُيوننا بجرَاحٍ =سَامقاتٍ تفيضُ بالأندَاء
هي رفضٌ لجولةِ الظلمِ تطفو= وهي فيضٌ بمنبرِ الخُلصَاء
ودُروبٌ مزملاتٌ بدمْعٍ= أحمَديٍّ على خُطى الزّهراء
خذْ قلوباً ممزقاتٍ عليْها= منْ دمَانا مُجرداتِ الدّماء
خذْ نحيباً تقاسَمته البَرايا= بينَ قانٍ ووَاترٍ منْ مَضَاء
جئنَ يفديكَ يا ملاذَ يقينٍ =هوَ للهِ في ذرَى الكِبريَاء
يا حسَينا وصَرخة الحقّ تَعلو =هاكهَا الآنَ مَوعدا من فِداء
تنمُو صبحاً حَقيقةُ الماءِ فيْها= يَرفضُ الليلَ مَرتعَ البّيداءِ
يا أبا الطفّ والمَرايا قلوبٌ= مُنهكاتٌ تَزمّ وقتَ البّقاء
فعلى رزْءِكَ النبويّ ينتابُنَا= الوَجَعُ المَضْنِيْ بمشَهدِ الأوليَاءِ
إيهِ يا واعِيةَ للطفّ تنمُو = والجّراحَاتُ شظيةُ الأنْحاءِ
سوفَ تبقَى زجَاجةَ الحزنِ مَلئى= بالمَواجيدِ والهُدىْ الوضّاء
وستبقىَ مَحاجرُ الدّهر دمعاً= ويواسِي لخّاتَمِ الأنبَياءِ
وستبقىْ لحَيدرٍ فيْ بَنِيهِ= وفؤاداً لفاطِمِ الزّهرَاءِ