ظَنَّ الفراتُ عَلى الحسينِ ظنونَهُ
فأفاضَ وردُ الضِّفتينِ يقينَهُ
رَمَقُ الصَّبايا و انكِسَارُ الدلْوِ لِلـ
مَاءِ الجَرِيحِ أثارَ فيهِ حَنِينَهُ
و لذاكَ فَزَّ مِنَ التُّرابِ يَرُشُّ خَيـ
ـمتَهُ و يَغْسِلُ بالدُّمُوعِ وتِينَهُ
يسْتَحْضِرُ الوَجَعَ القدِيمَ فتَرْفُلُ الـ
ذَّكْرَى و يُغْمِضُ في الصِّغَارِ جُفُونَهُ
هِيَ لَحظةُ انطفأ الزَّمَانُ وقد بقى
في النَّهرِ نهرٌ شَاهِرَا ً نِسْرِينَهُ
فإلى وَدَاعٍ سَارِحٍ فِي الأَمْنِيَاتِ
أطَالَ ” نَهْرُ العَلقمِيِّ” سِنِينَهُ
مُترَجِّلاً كي يُوقِظَ العَمَّ القتيلَ
يُعيدُ في جَسَدِ الغِيابِ يَمِينَهُ
و يَبُوحُ للحُلُمِ الذي مَا زال يَرْ
كُضُ فِي العَرَاءِ و قَدْ غَرَفْتَ مَعِينَهُ
يا آخِرَ الألوَانِ صَدْرُكَ لَوْحَةٌ
فَهَلِ السِّهَامُ تَعَمَّدَتْ تلوِينَهُ
هَلْ كُنتَ تبْتكِرُ السِّلالَ و تَحْرُثُ
الأيَّامَ حتَّى يَسْرِقُوا مَخْزُونَهُ
مَا كُنْتَ إلا نَوْرسَاً يسْتَرْجِعُ الـ
غُربانَ لِلسِّربِ المُعَانِقِ طِينَهُ
يَبكِيْ لِيَرْسُمَ ضَحْكَةَ الأعْدَاءِ ، ثــ
ـمَّ تَصُولُ تَخْسِفُ بِالنِّبَالِ عُيُونَهُ
يَا شُرْفَةَ الأَحْلامِ يا جَرَسَ الكنَا
ئِسِ يَا مُحمَّدُ جاءَ يشرحُ دَينَهُ
لا رَمْلَ يَحْتكِرُ الحُسينَ فكلُّ بسـ
ـتانٍ تشَّرَّبَ في النَّدى زيتُونَهُ
عُصْفُورة ُالأحزانِ حطَّتْ فوقَ خَيـ
ـمتِهِ تُؤانِسُ في المَسَاءِ بَنينَهُ
هُمْ كلُّهمْ رَحَلوا لغيبٍ آخَرٍ
عَبَرُوا الجِرَاحَ و شاهدوا تَكْوِينَهُ
كُلُّ الجِهاتِ مَدَائِنٌ مَرْقُوعَةٌ
و غُبَارُ ثوبٍ مَزّقوا مَضْمُونَهُ
صَمَتَ الجَمِيعُ و ظَلَّ مُفْردَهُ يعَا
لجُ في رِمَالِ المُسْتَحِيلِ شُجُونَهُ
وَ هُناكَ لا هَمْسٌ و لا ظِلٌّ و لا
رِيحٌ و لا مَاءٌ يَبُلُّ أنينَهُ
ملقىً يُدثّرُهُ الإِبَاءُ و أعينٌ
تَخشَى على حرِّ التُّرابِ سُكُونَهُ
هَوَ هكذا صَوتٌ يُموسِقُ ثورةً
و أنا أمارِسُ في الصَّدى تلحِينَهُ
هو لحظةٌ لا تنتمي للوقتِ ، يَذ
رَعُ في امتدادِ السَّرمَدِيَّةِ حِينَهُ
مُذْ كُنتُ طِفلَ الماءِ قرَّبني إليـ
ـهِ فكانَ لي وطناً و كُنتُ سَفِينَهُ
ليْ فيهِ وجهٌ آخرٌ هُوَ كالمَرَا
يا و انعِكاسُ الضَّوءِ يُصْلبُ دُونَهُ
يا ما تشَجَّرَ فِيَّ حتَّى صِرتُ جِذ
عاً ثائراً دلّى عليَّ غُصُونَهُ
فَـتّـشْتُ لم أَجِد المَسَاءَ وجدتُ رُمـ
ـحاً دسَّ في رأسِ الهُدى إِسْفِينَهُ
قَمَرٌ هناكَ يذوبُ فوقَ العرشِ يحـ
ـملُ سرَّهُ لم يُدْرِكُوا مَكنونَهُ
ذابتْ ملامحُهُ تجَرَّدَ للسَّما
وجْهٌ بلا وجْهٍ يدُكُّ مَنُونَه ُ
وَهَبَ الفراغَ طلاوةَ الإيجادِ لمْ
يَكُن الوجودُ مُقدَّراً ليكونَهُ
عقلي خُيوطٌ مِن زُجاجٍ حائرٌ
كسرَ التأمُّلُ في الحُسيَنِ جُنُونَهُ
أنا كنتُ في الخيماتِ أعصرُ غيمةً
عَطشَى و امسحُ دمْعَ مَنْ يبكُونَهُ
نَايٌ حزينٌ عازفونَ و طفلةٌ
و أنا هناكَ يبثُّ فيَّ لُحُونَهُ
عَنْ أيِّ شيئٍ يسترُ الوَجَعَ النَّبـ
ـيَّ و هؤلاءِ القومُ يسْتلبونَهُ
يَا رَعْشةَ السِّكينِ في كفِّ اللئيـ
ـمِ يَغُزُّ في جَسَدِ التُّـقَىْ سِكِّينَهُ
هُم قطَّعوهُ فظَلَّ مُلتهباً يحرِّ
ضُ فِي بُطُونِ الأمَّهاتِ جَنِينَهُ
و يَعُودُ يزْرَعُ في التُّرابِ قصائِدَ الث،
ـوارِ يبعثُ في القوافي نُونَهُ
مَا عادَ للموتِ العنيدِ نِهايةٌ
إلّا إذا نَكَسَ الحُسَينُ جَبينَهُ
فالموتُ شيّعَ نفسَهُ في كَرْبَلا
و أقامَ في وَجَعِ الثّرى تأبِينَهُ