المركز الثالث – فئة القصيدة الحديثة: (حينَ يُمطرُ الظمأ) للشاعر حسين الأسدي (العراق – البصرة)

المركز الثالث – فئة القصيدة الحديثة

حينَ يُمطرُ الظمأ

الشاعر حسين أحمد عبدالصمد الأسدي

(العراق – البصرة)

 

الطفُّ مئذنة ٌ ونحرُكَ كبَّرا

    والوقتُ ظلَّ على الجراحِ مُسمَّــرا

من بعضِ جمركَ يولدُ الغيمُ الـــــذي

      سيطوفُ صحراءَ القوافـــي مُمطِرا

ذبحوكَ ثمَّ تفاجأوا يا ســــــــــيدي

    لمّا  نزفتَ بكلِّ عصرٍ مــــــــــــنبرا

هم كلمّا جَمعوا رمـــــــادَ طُغاتِهم

   أرسلتَ عاصــــــــــفةَ الدما فتَبعثرا

هم لحظة ٌعمياءُ تُهزمُ كلمّا

  نظرتْ إليكَ وأنتَ تُوقظُ أدهرا

بدمِ الرضيعِ غسلتَ وجهَ سمــاءِنا

  ورسمتَ فـــوقَ الأفقِ صبحاً أحمرا

خافتَّ بالأنـّــــــــاتِ تَحبسُهُنَّ إذْ

      صلّى إباؤُكَ بالجموعِ ليَجهرا

النهرُ لم يعرفْ سواكَ لماءِه

     معنىً فكلُّ الماءِ غيرُك مُفترى

ظمأُ الصغارِ الحالمينَ يفوحُ منْ
جرحِ الخيامِ وكانَ قلبُـكَ كوثرا

آمالُهم كانتْ تغازلُ قربةً
للآنَ تجري كي تُرتِّــلَ ما جرى

الله يا جســــــــــداً تفجرَّ

   يجمعُ الـــــــقرآنَ والأحكـــامَ

                  حينَ تفجرّا

أمُّ الكـــــــــــتابِ جراحُهُ ودماؤُهُ

  وحيٌ يطـــــــوفُ مبشرا ً أو منذرا

هيَ كربلاؤكَ جنـــــةٌ من تحتِها

    تجري دِمــــــــــــانا والمدامعُ أنهرا

ها أنتَ تغرسُ في الشهيدِ قضيةً

     ليسيرَ فـــــــوقَ مماتهِ نحوَ الذرى

ها أنتَ في طُرُقِ الحقيقةِ

        تســــكــبُ الآلامَ

          تـُــشعلها شموعــا ًللــورى

وتدقُّ بابَ الليلِ

    تمسحُ دمعــــــــــةَ الأيتامِ

       تُطعمُ جَفنهمْ خبزَ الكرى

عشق ٌحرستَ بهِ طفـــولَتنا التي

    عرفتهُ حضنا ًدافــــــــئاً كي تكبُرا

علَّمتَنا أنَّ الممات َ ولادة ٌ

     للثائريـــــــنَ  بهِ نزيدُ تَجَذُّرا

هم يعلمونَ

بأنَّ أصلكَ ثابتٌ في الأرضِ

          لم يسقوكَ كي لا تُثمرا

لكنهم ذبلوا جميعاً

   مثلَ أوراقِ الخريف

        وظل مجدُكَ أخضرا

ذبُلتْ فؤوسُ الموتِ دونَ نخيلهِ

            وتســـاقطتْ جزعا ًوظلَّ مُظفَّــرا

المركز الثالث – فئة القصيدة الكلاسيكية: قصيدة (يا كُلَّ أمتِعَةِ الخُلودِ) للشاعر رسول باقر الشيباوي (العراق – النجف)

المركز الثالث – فئة القصيدة الكلاسيكية

يا كُلَّ أمتِعَةِ الخُلودِ

الشاعر رسول باقر الشيباوي

(العراق – النجف الأشرف)

 

مُذ كُنتَ كُنّا بالسّيوفِ نبوحُ        ويصولُ فينا شاعرٌ مذبوحُ
والجرحُ آيةُ شاعرٍ ضجَّتْ عزيــمتُهُ لأنَّ فؤادَهُ مجروحُ
نبني قصائدَنا ونعلمُ أَنَّها            سُفُنٌ، وكلُّ الآدميّةِ نوحُ
ما زلتَ مائيَّ الحقيقةِ طالَما      تظمَا فماءُ الكونِ منكَ شحيحُ
ما زلتَ تأبى الماءَ علَّ الماءَ يكــــتشفُ الحياةَ فيورِقُ التّسبيحُ
خذْ دمعَ عائلةٍ تراكَ خلودَها     مطرًا بمِسْكِ الصّالحينَ يفوحُ
في المهدِ نبتكرُ الإشارةَ نُدبةً         فَكَفَاكَ مِنْ أطفالِكَ التّلويحُ
هذا، وعِشنا العمرَ نقطِفُ موتَنا    ونُزيِّنُ الموتى، فأنتَ الرّوحُ
لا شابَ رأسُ الأمَّهاتِ لأنّها          بسوادِها تمتازُ حينَ تنوحُ
مرَّتْ سَحابةُ كربلائِكَ لحظةً    ومَضَتْ وفَسَّرَ ما تُريدُ ضريحُ
عِيْساكَ يبكي! فالطّفوفُ نُبُوَّةٌ     مازالَ يُصلَبُ في هَوَاكَ مَسِيحُ
قتلوكَ .. فزَّ الصُّبحُ يسرِقُ لونَكَ الـــدّمَوِيَّ مسرورًا وأنتَ ذبيحُ
لوُضوحِ نحرِكَ في النّهارِ رسالةٌ يُمحَى بها التلميحُ والتصريحُ
خُذْنا لجنَّتِكَ البعيدةِ، كُلُّنا (لبّــــــــــيكَ)، حتّى العادِياتُ تَصيحُ
وهناكَ قلبُكَ يجمعُ الأحرارَ والشّـــــهداءَ والباكينَ فهوفسيحُ
ما بينَ أنصارٍ وأنصارٍ تدورُ الأرضُ خائفةً، فتعصـــفُ ريحُ
يا أيُّهم أنقى وكَفُّكَ غربلَتْ        كلَّ القلوبِ فيصمُتُ التّرجيحُ
يا جذوةَ الإسلامِ بعدَ محمَّدٍ            هذا رمادُكَ مُسندٌ وصحيحُ
يا صبرَ أوتادِ المدينةِ، كلَّما اكتأبَتْ بذكــــــــرِكَ تغتدي وتروحُ
أَوَ كُلَّما فطَمَتْ حليلةٌ ابْنَها              بدأَ الحسينُ بوجنتَيهِ يسيحُ
أَوَ كُلَّما ارتبكَتْ  برأسيَ فِكرةٌ     بِكَ لُذتُ حتّى زانَها التّوضيحُ
ما أجملَ السّفَرَ الحسينيَّ الّذي  يُنسِيْكَ رَهْطَكَ، فالحُسَينُ نزوحُ
يا كُلَّ أمتعةِ الخلودِ، ويا شذا الخَطَــواتِ نَحوالمجدِ وهويلوحُ
في الدّارِ صورتُكَ الشّهيدةُ، والنّدى العَقَدِيُّ ينضَحُ والجِهادُ طموحُ
ماقامَ مِحرابٌ توضَّأَ باسمِكَ الـــــــــــعطشانِ إلَّا أنتَ فيهِ طريحُ
السِّلمُ أنتَ، الحربُ أنتَ، اللّامسافـــةُ، والمسافةُ حيثُ تلكَ السّوحُ
لي أسوةٌ بِدِماكَ، أوِّلْنــــــــــي إذا نفِدَتْ دِمايَ فخاطِري مسفوحُ
سقَطَتْ أساطينُ الطّغاةِ وأنتَ مِنْ بيــداءِ وجدِكَ تُسْتَهامُ صُروحُ

المركز الثالث / فئة القصيدة الحديثة: مُتلقِّيًا كَلماتِ رَبِّي (الشاعر علي حسن المؤلف)

مُتلقِّيًا كَلماتِ رَبِّي..

الشاعر علي حسن المؤلف

(مملكة البحرين)


لمَّا بلغ الحسين عليه السلام قتل قيس استعبر باكيا، ثم قال: (اللهم اجعل لنا لشيعتنا عندك منزلا كريما، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك انك على كل شئ قدير)، السلام علي قيس بن مُسهِّرٍ الصيداوي.

الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي


من قبلِ أنْ يُوحى إليَّ وأُرسلا

أوحانيَ السَّبطُ الكتابَ المُنزلا

وأسَرَّ يا (ابنَ مُسَهَّرٍ)

لَنْ (يَحمدَ القومُ السُّرى)

فَكنِ السَّفيرَ الأوَّلا

وأسَرَّني اقْرأْ (مُسلِمَ بنَ عقيلَ)

حتَّى تُدرِكَ الفتحَ العظيمَ وتدخلا..

وأسَرَّني أَنْ (السَّبِيلَ إِلَيَّ) في

أَن (تَسْتَطِيعَ مَعِي) وأَلاَّ تسألا

وإلَيَّ قال اخلَعْ وجودَك

إنَّني (الْوَادِي الْمُقَدَّسُ)

و(السَّماواتُ العُلى)

فلبِستُ بعثي الأُخرويَّ مخفِّفًا

وخلعتُ خلقي الدُّنيويَّ المثقِلا

لَكأنَّما الإنسانُ فيَّ

اختارَ أنْ يُرخي أعنَّتهُ

وأَنْ يترجَّلا

جسديَّتي عَرجَت إلى روحيَّتي

مِن نشْأةٍ أولى

إلى أخرى

إلى ..!

أوحانيَ السَّبطُ الرِّسالَةَ

حيثُ أَهلُ الكوفَةِ ابتعثوا الكتابَ مُعجِّلا:

سِهرتْ أصابِعُهُم شموعًا

يحذفونَ بها المُضيءَ

ويكتبونَ المُلْيِلا

ويغيمُ في أَفواهِهِمْ صحوُ الكلامِ

أضلَّ من قرعِ المُدامِ وأثملا

ما بايَعوا

باعوا

(اشْتَرَوْا ثَمَنًا قَلِيلًا)

أَثقَلوا الأَيدي وخفُّوا الأَرْجُلا

هذا وثَمَّةَ لا رُعاعٌ وُجَّمٌ

إلاَّ وأسْرَجَوا الكِرامَ الصُّهَّلا

وَأنا المُساري اللَّيلَ

رافقني السُّرى نجمُ الشَّمالِ

مُدَلَّلاً ومُدَلِّلا ..!

حتَّى إذا (الرِّيحُ المُسَخَّرةُ) انحنتْ لِيَ

واستقامَ بِيَ الطَّريقُ مُهرولا

قَبَض الحُصيْنُ عليَّ

حتَّى قبضِ صفرِ الخاسرينَ

معجَّلا وَمُؤجَّلا

ما شئتُ فيما شئتُ

(إلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) لي فوزَ الشَّهادَةِ

مقتلا

فَرُفعتُ للأعلى وَشبِّهَ أَّنني

ألقيتُ من قَصرِ الأمارَةِ أسفلا

حتَّى لَقيتُ السَّبطَ لُقيا رُؤْيةٍ

مُدَّثِّرًا وحيَ الدِّما

مُزَّمِّلا

وَرَأيتُ رَأيَ الموتِ

أصحابَ الكِساءِ

رَأَيتُ (مُخْتَلَفَ‏ الْمَلَائِكَةِ) الأُلى

ورأيتُ مكتوبٌ يمينَ العرشِ

(مصباحُ الهدى)

ورأَيتُهُ متمثِّلا:

يبكي عليَّ جزيلَ أدمُعِهِ

ومَنْ غيرُ الحسينِ إذا بكانيَ أجزلا ..؟!

أبصرتُ فيهِ الآدميَّةَ

منذُ (علَّم آدمَ الأسماءَ)

حتَّى كربلا

بيديهِ قلَّبَ عالَمَينِ

تَرَسَّخَا حينَ استقامَ

وحينَ مالَ تَزلْزَلا

حتَّى إذا كَشفَ الغيوبَ عَنِ الغيوبِ

وأسبَلَ الماضي وَشَدَّ المُقبِلا

كشفَ الحجابَ البَرْزَخِيَّ

أرانيَ الفردوسَ

ثمَّ دعانيَ اخترْ منزلا..

المركز الثالث / فئة القصيدة التراثية: اعتراف (الشاعر حسين عيسى الستري)

اعتراف

الشاعر حسين عيسى الستري

(مملكة البحرين)

وَصَلْنا وَوادي الطفِّ ناءٍ بِنخلِهِ
وكُنّا أُلوفاً نَملأُ الأُفْقَ بِالقَنا
مَنعْنا مَعينَ الماءِ عنهُم لِيَنْثَني
فسّلَّ لَنا العبَّاسَ بَرقاً كأننا
قَطَعنا كُفوفَ الفضلِ حتى تفجَّرَتْ
رَأينَا حُسيناً عِندما ودَّعَ ابنَهُ
فقام إليهِ مُرةٌ في قِتالِهِ
وَعالَجَ رُمحاً ناقِعاً جاهِليةً
فجاءَ أبوهُ والأسى في مُصابِهِ
بِهِ ما اكتفينا إذ رَمينا بِقاسِمٍ
إلى أَنْ ظَفَرنا بِالحسينِ مُقاتِلاً
فطُفناهُ سَبعاً والسُّيوفُ تُصيبُهُ
فصارَ هِلالاً غارِقاً في سِهامِهِ
أَثرْنا عليهِ الأرضَ حِقداً حِجارةً
ولمَّا طَمى بالسبطِ ما يَفعلُ الظَّمى
أَحَطْناهُ كالعُسلانِ تَغلي عُيونُها
وكانَ الذي قَدْ كانَ والأرضُ زُلزلَتْ
تَرَكْناهُ مَطروحاً سَليباً مُعفَّراً
ودار ابنُ سعدٍ بالرجالِ على النِّسا
تَصايَحَتْ الأطفالُ في كُلِّ جانبٍ
وصارَت فَتاةٌ تَستغيثُ بِزينبٍ

صِغارٌ ونارٌ واعتِداءٌ وحَيْرةٌ
وزينبُ ما بينَ اليَتامى تَلُمُّها
لها شَهِدَت عينُ الرَّزايا وَصبرُها
هُنا خَتَمَتْ في كَربلاءٍ فُصُولَها

تَمَيَّزُ كالنيرانِ رمضاءُ رَملِهِ
وكانَ قَليلاً في صِحابٍ وأهلِهِ
ويَنزِلَ في حُكمِ الأميرِ وذُلِّهِ
نَرى حيدرَ الكرَّارِ في سَيفِ شِبلِهِ
بِعينِ الفُراتِ الغَضِّ آياتُ فضلِهِ
غَريباً تُواسيهِ بُطولاتُ نَجلِهِ
ليَشْفي بِهِ ما هاجَ من نارِ غِلِّهِ
لِيقطعَ حَبلاً قَدْ أُمِرْنا بِوَصْلِهِ
يُفرّي نِياطَ القَلْبِ مِنْ حَرِّ نَصلِهِ
صَريعاً وقد أهوى إلى شِسعِ نعلِهِ
وَحيداً يُحامي عَنْ بَنيهِ ورَحلِهِ
نَسيجاً تدورُ العادياتُ لِغزلِهِ
تَقوَّسَ حتى مالَ عَنْ مُستهلِّهِ
نُريدُ بِها دَفْناً لِآمالِ نَسْلِهِ
تَلاقى نَزيفُ الجِسْمِ شَوْقاً بِظِلِّهِ
وَعينُ السَّما تَبكي دِماءً لِقتلِهِ
وناحَتْ نَواعي اللهِ في خَيرِ رُسلِهِ
يُبلِّلُهُ فيضُ الدِّماءِ لغَسلِهِ
وأشعلَ في الخيماتِ ناراً بِجزلِهِ
وكُلٌّ يُرى رُعبَ الفِرارِ بِخِلِّهِ
وَهَل غيرُها في الرَّكْبِ تَنأى بحِملِهِ؟

ويومٌ كآلافِ السِّنينِ بهولِهِ
وقد نالَها جَيشُ العُداةِ بخيلِهِ
يضيءُ وعاشوراءُ داجٍ بليلِهِ
كَمَا بَدَأَتْ دَرْبَ السِّباءِ وفَصْلِهِ

المركز الثالث (القصيدة التراثية): طرفُ الشجا (زهراء الشوكان)

طرفُ الشجا

زهراء عبدالله الشوكان

(تاروت – القطيف – السعودية)

(إلقاء الشاعر عقيل شوكان)

أنأى فيفتتحُ الشجا لي طرفُهُ

ويقدمُ الأوجاعَ تترى رشفُهُ

ما زالَ يخلقُ طَعمَهُ في خاطري

شجوًا ويملؤني عيونًا طيفُهُ

فأخطُ ما يهمي على سمعي وما

يُمليهِ في هذا المحرمِ حرفُهُ

ويميلُ بي لونًا قتيلًا شاحبًا

يمتدُّ بالأشجانِ ليلًا نزفُهُ

ما زلتُ أرسمهُ تفيضُ جروحهُ

ويصوغني بشرًا جديدًا ذرفُهُ

مازالَ يَغْمُرني فَيُسقطني الشجا

حزنٌ عظيمٌ كمْ تمنعَ وصفُهُ

خطَّ الشجونَ على الفؤادِ بكربهِ

وأثارَ دمعي إذ تراءى طفُهُ

طفٌ ولجتْ لهُ ، فأبحرَ داخلي

جدرانهُ روحي ، الملائكُ سقفُهُ

أبصرتُ نورَ الغيبِ خلفَ زجاجهِ

وكأنَ عباسًا تُلَوّحُ كفُهُ

أمشي اقتفاءَ الحقِ في يدهِ فهل

إلا لواهُ مُشرئبٌ عصفُهُ

أمشي وخلفي أنبياءُ مدامعي

تمشي لقلبٍ قد تواترَ نزفُهُ

فهنا همتْ دررٌ لآلِ محمدٍ

وهنا هوى منهُ اللواءُ وسيفُهُ

وهنا أقامَ اللطفَ يمسكُ بالدنا

كيما يجللها العَطَايا عطفُهُ

في عرشِ ربي مستقرٌ سرهُ

لغزُ توارى للقيامةِ كشفُهُ

في وجههِ كمْ منْ نبيٍ مُرسلٍ

وأمانُ فِتيتهِ الحيارى كهفُهُ

ولهُ نفرُّ إذا تعاظمَ كربنا

يُجْلَى بهِ الهمُّ المخيفُ ووجفُهُ

قمرٌ تمسكتْ السماءُ بحُسنهِ

أبكى جواها في محرمِ خسفُهُ

منها سمعتُ الحزنَ أما شكلهُ

نزفُ القداسةِ كيف يمكنُ شفُهُ ؟!

أنا بين أضلاعي مقيمٌ ذكرهُ

والرأسُ والشيبُ الخضيبُ وحتفُهُ

بعيونهِ ألفُ افتقادٍ هدّني

وجعٌ يبعثرني شظايًا عنفُهُ

جمّعتني من ذارياتِ جمالهِ

فغدوتُ أبهى ما يُعمّرُ صفُهُ

ووقفتُ شاعرةً على عاشورهِ

أُصغي لمدٍّ كمْ يُعلّمُ عزفُهُ

روّى جناني بالكرامةَ والإبا

وأُزيلَ عن قلبي المُهشمِ خوفُهُ

هذا البكاءُ الكربلائي الذي

أحيا بي الإنسانَ حقًا لطفُهُ

وتشربتْ روحي المحبةَ وانتشى

موجُ الصَّبابةِ كيف يمكنُ وقفُهُ ؟!

وأنا فتاةُ الطفِ أنبتُ كلما

غُذيتُ عاشوراءَ أورقَ رشفُهُ

ثبتتْ على العشقِ الجميلِ مشاعري

والحبُّ يصعبُ يا عذولي صرفُهُ !!

ومضى قصيدي مُثمرًا بهيامهِ

فالشعرُ يحلو للأحبةِ قطفُهُ

وأنا لغيرِ الحبِّ ما كتبتْ يدي

والحبُّ أروعُ ما يُحَاوَّلُ وصفُهُ

وحسين أثمنُ ما ضممتُ عقيدةً

وحسينُ إلهامٌ يلذكَ غرفُهُ

فردٌ ويلهمُ بالضياءِ مجرةً

هو مُعجزٌ هل في البرايا نصفُهُ ؟!

ألهمتَ أحرارَ الورى وأنا بما

ألهمتني قلبي تصاعدَ لهفُهُ

لمْ استمعْ للومِ صنتُ قصائدي

شعري لغيركَ مستحيلٌ خطفُهُ

ألقيتُ سيلَ هواكَ في وجه المدى

موجًا عليًا ليس يمكنُ جرفُهُ

فأنا العنيدةُ في الغرامِ لأنهُ

حرفي حسينيٌ ويَحرمُ حذفُهُ

المركز الثالث (القصيدة الحديثة): خَالقُ الأسماء (إبراهيم بوشفيع)

خَالقُ الأسماء

إبراهيم محمد بوشفيع

(الأحساء – السعودية)

بِاسمِ الطفوفِ أقمتُ فرضَ رِثائي

ورفعتُ (نعيًا) من صَدَى آبائي

وقبضتُ من أثرِ الخيام.. نثرتُهُ

كحلاً بعينِ الشمسِ والجوزاءِ

وبعثتُ قمصانَ الحنينِ قوافلاً

تَحدو بأشواقي ولحنِ بُكائي

فلرُبَّما ارتدَّتْ بصيرةُ عاشقٍ

فرأى الحقيقةَ بعد طولِ عَمَاءِ

سأظلُّ أبكي كربلاءَ لأرتدي

بصري، ولن تَبْيَضَّ عينُ ولائي

أبكي وأبكي، تلكَ ثورةُ مُهجتي

في وجهِ من رقصوا على أشلائي

هذي الدموعُ مِن النبيِّ معينها

صُهرت شموسًا في مسيلِ ضياء

سأظلُّ أحملها بجرّة مقلتي

لتشعَّ في (قارورةِ الزهراءِ)

***

أنَّى التفتُّ إلى الحسينِ وجدتني

أرنو إلى أقصى الخلودِ النَّائي

وإذا تصفَّحْتُ الملاحِمَ كلَّها

فالطفُّ تبقى مصحفَ الأدباءِ

ما كنتُ (هومر) حين شيّدَ حالِمًا

أمجادَ (أوديسيوس) من إِيحاءِ

(إلياذتي) مِن كربلاءَ رويتُها

نبأً تصدّرَ أصدقَ الأنباءِ

مِن جمرِها أطلقتُ كُلَّ فراشةٍ

غضبًا يُعيدُ قِيامةَ العَنْقَاءِ

أفردتُ أجنحتي على جَبَل الإبا

وعرجتُ بـ(العباسِ) ألفَ سماءِ

(طروادتي) خِيَمُ النِّساءِ.. وقد هَوتْ

بخديعةِ النيرانِ في البيداءِ

وإذا شربتُ مصابَها ذقتُ الشجى

ونسيتُ طعم البؤس في (البؤساء)

***

سافرتُ منّي للحسينِ مهاجرًا

ما عُدتُ منه إلى وراءِ ورائي

هي لحظةٌ تكفي لأُبعثَ بعدَها

حيًّا جديدًا ليس كالأحياء

خَلقًا ترابيًّا أُذيبَ أديمُهُ

بدموعِ عاشوراءَ لا بالماءِ

عيناهُ جمرٌ من حرائقِ كربلا

رئتاهُ حزنُ معابدٍ خرْساءِ

يندكُّ في طُورِ الحسينِ وُجودُهُ

ويسيلُ معنىً في فمِ العرفاءِ

شيءٌ ولا شيءٌ أمامَ حسينِهِ

واسمٌ هوى من صفحةِ الشهداءِ

***

يا عاشقَ الباكينَ أو معشوقَهُمْ

أفنيتَهُمْ بهواكَ أيَّ فناءِ!!

باعوكَ أعيُنَهم وجمرَ صدورِهمْ

فحملتَها في رحلةِ الإسراءِ

وزَّعتَ هاتيكَ الدموعَ مُبارِكًا

خَلقَ النجومِ وشُعلةَ الأنواءِ

كُنَّا هباءً في دهور غيابنا

فجمعتَنا في سلَّةِ الكُرماءِ

أكبرتُ شأنكَ لستَ محضَ روايةٍ

تُحكى فتُبكى يومَ عاشوراءِ

أنتَ المكانُ.. فكلُّ أرضٍ كربلا

أنتَ الزمانُ، ومنطقُ الأشياءِ

***

نحنُ الذين على الطريقِ تساقطوا

جثثًا بوجهِ عواصفٍ هوجاءِ

فسقيتنا ماء الحياة، ولم تزل

تهبُ الخلودَ بكفِّكَ البيضاءِ

من نحن؟ أجسادٌ بغيرِ ملامحٍ

وبلا هواكَ دُمىً بِلا أسماءِ

برؤاك تُشعلُ في القصيدةِ ثورةً

حتى تُنزِّهَ (سورة الشعراءِ)

كي تغسلَ الأشعارَ مِن إذعانِها

وتعيدَها للثورةِ الحمراءِ

قد جئتَ باسمكَ فاتحًا كلماتِنا

فإذا الحروفُ مدائنٌ مِنْ (لاءِ)

نطقتْ جراحُك بالبلاغةِ كلِّها

ودِماكَ آخرُ خُطبةٍ عصماءِ

***

 

نتائج فئة القصيدة الموكبية (الصائحة)

نتائج مسابقة شاعر الحسين الرابعة عشرة (1444 / 2022)

فئة القصيدة الموكبية (الصائحة)


المركز الأول

قصيدة (صهيل الدموع) للشاعر رضا درويش

(الرادود صالح الدرازي) – مأتم بن سلوم بالمنامة


المركز الثاني

قصيدة (لن أترك الحسين) للشاعر سيد علوي الغريفي
(الرادود سيد مصطفى الموسوي) – مأتم الحاج عباس بالمنامة


 

المركز الثالث

قصيدة (حبيب بن مظاهر) للشاعر كرار حيدر الخفاجي

(الرادود علي بوحمد) – مأتم العجم الكبير بالمنامة


المركز الرابع

قصيدة (والله حسرة) للشاعر عقيل ميرزا
(الرادود عبدالأمير البلادي) – مأتم بن سلوم بالمنامة


المركز الخامس

قصيدة (ليلة العاشر) للشاعر سيد أحمد العلوي
(الرادود مهدي سهوان) – مأتم بن خميس بالسنابس


تنويهات

1- امسح كود QR للاستماع إلى التسجيل المرئي للقصيدة (يوتيوب).

2- جرى ترشيح القصائد من قبل جمهور الموكب الحسيني، وليس الشاعر نفسه، وعرضت على لجنة تحكيم متخصصة انتقت 5 قصائد بدون ترتيب، وأخيراً عرضت على الجمهور عبر تصويت إلكتروني لتحديد المراكز الخمسة.

3- اقتصر التقييم على كلمات القصيدة، ولم يشمل الأداء أو اللحن.

4- نطاق المسابقة: مكانياً أحد مواكب أو مآتم البحرين، وزمانياً موسم عاشوراء 1444 هـ.

 

المركز الثالث: سيد أحمد العلوي (إِذا اشتَـعَـل اشتَـغَـل بالغِــنَاء)

المركز الثالث:

إِذا اشتَـعَـل اشتَـغَـل بالغِــنَاء

سيد أحمد العلوي (البحرين)


 

عَنِ العَارفِ الذي خرَجَ مِنْ خيمَتِهِ ذاتَ كشفٍ فوجَدَها امْـتلأت شوكاً وصَهيلاً .. فقال: اللهُم أنتَ ثِـقـتي فِي كلِّ كرْبٍ .. ورجائي ..  

(لمْ يكترِثْ للمَوتِ)

سَاعَةَ نحرِهِ

بلْ كانَ ( مَـشغُولاً ) بسَجْدةِ شكْرِهِ

عَشراً

يُسبّحُ تَحْتَها قَمَرُ الزّمَانِ

وقدْ تهَـلّـلَ جِبرَئيلُ بِثـغْرِهِ

عَـشراً

 تُدَمْدِمُ كالصَّهيلِ

أهذِهِ رِئَةُ الحُسَينِ أم الخُيولُ بِصَدْرِهِ !!

يَسْتلُّ مِن جُرحٍ مَواسِمَهُ،

يبُلُّ فَمَ الظلِـيمَةِ

مِنْ ظلِـيمَةِ مُهْرِهِ

حَـتّى

إذا انْكسَرتْ بجَبهتِهِ السّماءُ

وسَالَ ضَوءٌ نَازفٌ مِنْ طُهرِهِ

مَسَحَ الوُجُودَ براحَـتيهِ

كأنَّ سِرَّ اللهِ

مَخبُوءٌ بدَهْشةِ سِرِّهِ

كالمُسْتحِيلِ على انْـتظارِ المَوتِ

أعْطى المَوتَ درْساً آخَراً

مِنْ عُمْرِهِ

وإذا

تقَطَّرَ شيْبُهُ وَرْداً عَلى الأَشْلاءِ

فَزَّتْ شمْعَةٌ مِنْ عِطرِهِ

مُذْ قَالَ عُطشانٌ

تصَبَّبَ وَجْهُهُ زَهْراً،

كأنَّ المَاءَ نَـفْحةُ زَهْرِهِ

شفَـةٌ

تَيبّسَ فَوقَها نَهرُ الكَلامِ

وجَفَّ  غَيمُ الرَّافِدَينِ بِقَطرِهِ

لكِنَّهُ اغْتسَلتْ بِهِ شمْسُ الشهَادَةِ

وارْتَوتْ شفَةُ النَّدى

مِنْ نَهرِهِ

المَاءُ يَنفُضُ عَن يَديْهِ المَاءَ

يَشرَبُ حِينَ يشرَبُ

مِنْ عُـذُوبَةِ صَبرِهِ

وهُناكَ ..

أسْئلةُ الدِّلاءِ بِكفِّهِ:

كَيفَ الضِّفافِ تَـرشّـفَـتْ مِنْ بِئْرِهِ ؟

+شاءِ السَّماءَ

فجَاءَ مِن أقْصى الرَّجَاءِ

يمُدُّ لِلأَحْرَارِ شُرْفَةَ جِسْرِهِ

هُوَ ..

كاشْـتِهَاءِ الغَيبِ لِلشرَفَاءِ

يَـنْصبُ فِي سَبيلِ اللهِ

خَيمَةَ فِكْرِهِ

كَشفَ الحِجَابَ

فأقمَرَتْ تِلكَ النٌّحُورُ

كأنَّهَا الشرُفَاتُ خَارِجَ قَصْرِهِ !

والعَادِيَاتِ

وضِلعِهِ وكِسَائِهِ

 (والفَجرِ) والشفَقِ المُبِـينِ

( وعَشرِهِ ):

لَمْ ينْطَفئْ

بَلْ ظَلَّ يَشتَعِلُ المَدَى فِي مُقـلَـتيْهِ

يُدِيرُ دَفَّةَ دَهْرِهِ

جَفَّتْ وُجُوهُ الحُزنِ ،،

واتَّسَعَتْ بِأحْدَاقِ الزَّمَانِ المُرِّ

طَـلعَةُ بَدْرِهِ

اكْـتبْ كِتابَكَ فِي عُرُوقِ السَّيفِ

يَـــــا .. جَسَــداً يَفُورُ

عَلى جـــِرَاحَـــةِ حِبْرِهِ

كَمْ أفَـلتتْ مِنكَ الدُّمُوعُ

وكيفَ لا  ؟؟

والصَّقـرُ لا تُبكِيهِ مُـقْـلَةُ وَكْرِهِ .. !

عَنْ ( لائِهِ) يُحْكى :

بِأنْ كَمْ حَاولوا ،

فتـقَهْـقرتْ أسْيافُهُم  عَنْ كَسْرِهِ

عَنْ رأسِهِ المُضَرِيِّ

وهْوَ يقولُ للرُّمْحِ القَـدِيمِ :

كَسَرْتَ دَمْعةَ خِدْرِهِ

أوَمَا ترى جسَداً

يُضِيءُ الرَّمْلَ منحرُهُ يُصلّي

الكَونُ ليْلةَ قَدْرِهِ !؟

قُـلْ لِلغَريبِ بأنَّ هذا الرَّمْلَ

مَنفَى العَابِرينَ

إِلى زِيَارةِ قـبْرِهِ

يَا ظامِئاً ..

رَشحَ الحَياةَ بِقلبهِ

فاخْضرَّ بيتٌ أحْمَرٌ في شِعْرِهِ

مَا أطلقوا (بَارُودةً )

 إلا وقدْ خَرجتْ كـمَا

(أُغرودةٍ ) مِنْ ظهْــرِه

أضْلاعُهُ قفَصٌ مِنَ الضَّوءِ الشفيفِ

تُـلوِّنُ الدّنـــيــَا

نَـشيدَةُ طَيرِهِ

 وَهْمٌ على وَهْمٍ ،

وُجُوهٌ … كالسِّرابِ

تشقُّ جَيبَ الوَهْمِ طلقَةُ فَجْرِهِ

هُوَ ذا

ستـقـترِبُ المسَافةُ مِنْ يدَيهِ

كــأنَّــهُ رَشقَ السَّرَابَ بجَمْرِهِ

وهوَى ..

كمَا تَهوِي جِراحُ الكِبريَاءِ ،

تُـزيّتُ الأرْواحَ فِــكرةُ ثــــأرِهِ

إنَّ الدّمَاءَ سَـنابِلٌ خضْرَاءُ

تـنمو مِثـلمَا ينمُو الإبَاءُ

بحِجْرِهِ

وتـشجَّرتْ في قـلبِهِ الأطْفَالُ

خَائفةً تدُسُّ صُرَاخَها

في صَدْرِهِ .. !!

عَنْ طِفلَةٍ

ركضَتْ لِمقـتلِهِ

وعَنْ طِفلٍ سُؤالٍ حَان مَوسِمُ ذُعْرِهِ

الآنَ

تحْضِنهُ الخِيامُ تُعــمِّــدُ الأشــلَاءَ

تقرَأُ طَعْنةً مِنْ سِفْرِهِ

وتُعلّقُ المِصْباحَ فوقَ جِراحِهِ

فيــقومُ ثـــانِـيةً

لعَتمَةِ دَيْرِهِ

وجْهٌ وُجُوهٌ ،،

 كلُّ شيْءٍ فيهِ أشيَاءٌ ،،

 تجَـلَّتْ في مَرَايَا طُهرِهِ

الآنَ  ..

تغْـتسِلُ الشمُوعُ بدَمْعهِ

والآنَ ..

تـشرَبُ صِبيةٌ مِنْ خمْرِهِ

هذا

(غِناءُ العَارِفينَ )

فأيُّ مَعْـنى لا يبلُّ الذّاتَ

لحْظةَ ذِكْرِهِ ؟

المركز الثالث: علي المؤلف (سادِنٌ في حَضرةِ الغيب)

سادِنٌ في حَضرةِ الغيب

علي حسن المؤلف

(جدحفص – البحرين)


واقفٌ بين يديْ الحسينِ بن عليٍّ عليهما السلام، وقفةً بينَ يديْ اللهِ سبحانه وتعالى، واقفٌ في حضرتِهِ كاتبَ غيبٍ كما كتبةُ الوحيِ فيقولُ عليه السلام: “أكون أول من تنشق الأرض عنه، فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا، ثم لينزلن عليَّ وفد من السماء من عند الله، لم ينزلوا إلى الأرض قط ولينزلن إليَّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجنود من الملائكة”.

وقوفٌ إلَهيٌّ وَبَعثٌ مُزامِنُ

وثمَّ وجودٌ في المَشيئَةِ كامِنُ

تَداخَلَت الأَبعادُ بَعضًا بِبعضِها

طِباقًا طِباقًا

ما هُناكَ تَبايُنُ

وَحلَّت يدُ التَّوقيتِ أَزرارَ ثوبِها

كأنَّ تعرِّي الوقتِ في الوقتِ آمِنُ ..!

كَثيفٌ مَدى الرَّائينَ

مُشتَبِكُ الرُّؤى

وأَمَّا نسيجُ الضَّوءِ رثٌّ وواهِنُ

مَلائِكةٌ سدُّوا فَمَ الشَّمسِ وانبَروا

فُأُطفِئَ مُبْيَضٌّ وأُلهِبَ داكِنُ

أكادُ أَرى قَوسَ الصُّعودِ

ومَوعِدَ التَّجرُّدِ

لَكنَّ السَّرابَ مُداهِنُ

يُرينيَ فألًا لَستُ أَقرأُ بَختَهُ

فما أناْ عرَّافٌ وما أَناْ كاهِنُ

وما أناْ إلا شاعِرٌ

متنبِّئٌ

على فِكرَةِ الخلقِ الجديدِ أُراهِنُ

تخلَّقتُ في نصِّ القصيدَةِ رجعَةً

على مَتنها مِن مَتنها تَتهاتَنُ

هنا حيثُ مِعراجُ المُثولِ

وَمبلَغُ التَّراقي

استعادَ الرُّوحَ من بِكَ آمَنوا

تَجلَّوا وجوديِّينَ مِنْ عَدميَّةٍ

لِتشخَصَ أَجسادٌ

                 وتَعفى مدافِنُ

تَشقَّقُ عَنكَ الأرضُ أَوَّلَ شَقِّها

ووجهُكَ – يا وجهَ الأُلوهَةِ – فاتِنُ (١)

هِيَ النَّشأةُ الأُخرى

لَويتَ زِمامَها

يَدٌ تُمسكُ الدُّنيا وَأُخرى تُعايِنُ

كَأنَّكَ للِأسماءِ ماحٍ ومثبتٌ

وما لمْ يكُنْ طوعًا لأمرِكَ

                              كَائِنُ

وقوفًا سماويًّا وقفتَ مُبشِّرًا

تَلي النَّاسَ منْ همُّوا

                   ولَم يَتهاونوا (٢)

هُناكَ اصطفافٌ للمُريدينَ لائِحٌ

بِهِ لوَّحتْ لِلمحسنينَ المحاسِنُ

تَراءيْتَ محضَ المحضِ

مَرأىً مقدَّسًا

كأنَّكَ ظِلُّ العرشِ في النُّورِ طاعِنُ

لِطِينَتِكَ النُّوريَّةِ انقدتُ عاشِقًا

وَمن قَدمي انْسلَّتْ قرىً وَمدائِنُ

فَأُوجدتُ مَعلولًا

وأُوجدْتَ عِلةً

وَكُنهُكَ مخفيٌّ وَكُنهُيَ بائِنُ

كلانا حوارٌ لا شَفاهٌ تنثُّهُ

إذا قلتُ : ما اسمُ اليومِ ..؟

قلتَ : التَّغابُنُ ..!

هَلْ السَّاعةُ الآنَ : القيامَةُ ..؟

كَمْ إذنْ ..!

سُؤالي رمادِيُّ الملامِحِ آسِنُ

أغصُّ بِهِ كالرِّيحِ غصَّتْ بِأنِّها

فَلا هِيَ تَحدُوهُ ولا هُوَ ظاعِنُ

أناْ الهاجِسُ المشَّاءُ

خلفَ توجُّسي

إذا التَبستْ بالممكناتِ الكوامِنُ

خُطايَ غريباتٌ تَبعثرنَ في السُّرى

لَهنَّ منافٍ ما لَهُنَّ مَواطنُ ..!

عبرتُ صِراطَ الحقِّ

باسمِكَ مُمْسكًا

وما يُيْسِرُ الهُلاَّكُ إلاَّ أُيامنُ

أناْ الهاجِسُ المشَّاءُ

عَينُ تيقُّني

إذا انهمرَتْ لا تستريبُ الأَماكِنُ

أُقدِّسُ دَمعاتي بِحقِّكَ إنْ جَرتْ

فما هُنَّ دمعاتٌ ولَكِن سفائنُ

تمخَّضَ عُمري عَنكَ

مخضَ عَقيدَةٍ

وِإنْ هادنَ العُشَّاقُ ليستْ تُهادِنُ

فمعدنُ ذاتي لا يَلينُ صَلُودُهُ

إذا اختُبرتْ بالمغرياتِ المعادِنُ

مرايًا مِنَ الرِّيحِ المُسوَّمَةِ انتضتْ

سكاكينَها طعنًا

       وأنتَ المُطاعَنُ

ولولاكَ مَطعونَ الشَّهادَةِ والهُدى

بِجنحيْ أَذانٍ

لم تَرفَّ المآذِنُ

ظماكَ الَّذي نهرُ الفُراتَ مَدينُهُ

سيذكُرُهُ الظَّامونَ ما دانَ دائِنُ

إذا أدركتْ معناكَ

آفاقُ جُملةٍ

لِما أثبتَ الإدراكُ تُنكرُ لَكِنُ

أَنا خارِجٌ منِّي وإنَّكَ داخِلٌ

وَكلِّيَ مرهونٌ وَكلُّكَ راهِنُ

عَليكَ أُصلَّي عارفًا بِكَ

وافدًا على اللهِ

يُغريني الوجودُ المقارَنُ

لأَنَّكَ في الأَعلى إمامُ كَرامَةٍ

أيا لَيتني في حَضرةِ الغيبِ سادِنُ

———————————————————————————–

١- ذكر الإمام الحسين بن عليٍّ عليهما السلام مخبرًا عن نفسه: أكون أول من تنشق الأرض عنه.

     بحار الأنوار للعلامة المجلسي

٢- عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بنُ عليٍّ عليهما السلام.

   مختصر بصائر الدرجات للحسن الحلي

المركز 3: قصيدة (أم اليقين) / علي عبدالمجيد النمر (السعودية)

أم اليقين

للشاعر / علي عبدالمجيد النمر (الدمام – السعودية)



للوهلةِ الأولى أخالك مصحفا
وعليه سرٌّ بالمهابة صُحّفا

للوهلةِ البكرِ انتضيتُكِ سورةٍ
‹للحمد›  و‹الإخلاص› تحترف الوفا

للمستقيل من العثار وفي يدٍ
من كل سنبلة تضيء تشرفا

ضاءت وفي لون اليقين حضارة
لله فيها أن تشير، فيُعرفا

شيء كحنجرة النهار وحاضر
كان البهاء ، وبالحقيقة لُحّفا

هي أول الماضين في النسق الشريف
و(آصفُ) الدين الحنيف تصرّفا

ولها إذا رمشت عيونُ أميرِها
أن يستقرّ الكون ، أن يتكيّفا

أن تنتهي طوعًا لها (بلقيس) في
العرش الممرّد للسؤال تعرُّفا

ولها شمائل كالربيع أنيقة
وعلى خمائلها حديثٌ يقتفى

ولها لسان الورد حتى أنها
لو تحتفي بالماء ، بادر واحتفى

****

أمٌّ كموسم أقحوانٍ ، فرصةٌ
للزهر أن يروي البياضٍ ويغرِفا

ولها من السُّحب الثقالِ مثلثٌ
كانوا على أفق المشيئة حُلّفا

يتسابقون إلى اليباب ليُنصفوا
ظنّا بهم ، والله فيهم أَنصفا

ولها من ‹الفضل› العظيم أبوه إذ
ما جيء في فضل وعاد وما وفا

‹أم البنين› وفي مدارِكِ كوكبٌ
لله كان وللطفوف تألّفا

ركن شديد للحسين وحقّ أن
-لما هوى في الطف- أن تتعنّفا

كانوا شموخ النخل في إيمانهم
فلذا العراقُ بنخلهِ قد عُرّفا

وطنٌ يغذيه احتسابُكِ ..واقفٌ
وله عطاء البذل لن يتوقّفا

وطنٌ كرابعةِ النهارِ يضيءُ في
كل امتداد للمبادئ أحرفا

****

أم البنين .. بل اليقينِ ، وهذه
عن كل منقبةٍ تزاحمها كفى

تأتين في سرب الخلود فراشةً
محشودةً بالطيف ضاء وطيّفا

ومقامة الراجين حين يلوكُهم
فك الزمان وفي يديكِ تلطّفا

كيف ابتدعتِ الضوءَ والظلَّ الذي
ما انفك من سُرج العطاء مشرّفا

كيف ابتدعتِ والفضاء مدجج
بنوى يحاصره الظلام مكثّفا

حتى انتضيتِ الوعي محض رسولة
كانت ببيت الوحي تبدع مَوقِفا

قد كنتِ تعطين الحسين أمومة
وخمار زينب في مداك تلحّفا

قد كنت مائدةً تراد لفكرها
وحقيقةً تأبى بأن تتزيّفا

 

سيرة ذاتية للشاعر

·    مواليد ١٩٨١م.

·    بكالوريوس لغة عربية.

·    عضو مؤسس في ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام.

·    عضو منتدى اليراع بالقطيف.

·    تُرجم له في الموسوعة الكبرى للشعراء العرب (الدارة المغربية للشعر العربي – الجزء الأول(.

·    شارك في عدة أمسيات محلية ودولية، وله استضافات في قنوات وإذاعات خليجية.

·    له ديوان مطبوع بعنوان «رُسُل».

ملخص تعليق المحكّمين

المعقب : الدكتور علي عبدالنبي فرحان

يكاد هذا النّصّ يضيء ولو لم تمسسه نار. فالنصّ يحتفي بالضوء ليبث إشراقه في النّصّ كلّه.

  • هذا النصّ يفصحُ عن نفسه، ويعلن عن تماسكه في لغة شعريّة جميلةٍ، وإيقاع بحر الكامل الّذي جاء متناغمًا مع هذا النّصّ وغنائيّته وامتداد إيقاعه وإطلاق قافيته.

  • جاء العنوان مؤصِّلا ومكثّفًا لطاقة النّصّ الإيحائيّة؛ فلا يمكنك أنْ تمرّ على النّصّ دون أنْ تقف على العنوان. الّذي أضحى ” خبرًا ” لا يحتاج إلى ابتداء.

  • تقوم فكرة هذا النّصّ على إعلان التّمجيد والتّعظيم للممدوحة الّتي هي ” للوهلة الأولى إخالكِ مصحفًا “؛ وهي الّتي تضيء ” تشرفًا ” وفي ضوؤها لون اليقين الّذي يمثل حضارة ربانيّة خالصة ” ضاءت وفي لون اليقين حضارة   لله فيها أن تشير فيعرفا “.

  • يرسم الشاعر بريشته وفاء تلك الشخصيّة الفذّة في شخصها، وفي نتاج وفائها بأولادها الأربعة الّذين هم ” لها من السحب الثقال مثلث ” ولها ” الفضل ” العظيم أبوه ( أي أبو الفضل ) الّذي هو ” ركن شديد للحسين “. هؤلاء الفتية الّذين كانوا شموخ النخل في إيمانهم ” يسير الشّاعر في الكشف عن الممدوحة حتى يسلمنا إلى عمق الوصف الّذي تغدو فيه الممدوحة متمثلة في الوصف كما افتتح بها النّصّ من عتبة عنوانه الّتي هي ( أم البنين بل اليقين ..).

  • تنثال الصورة عند الشّاعر في هذا النّصّ بانسيابيّة في عموم النّصّ جميلة عميق مدهشة. تنبني الصورة بشكل تعاضدي لتلمّ شتات البيان في صورة الممدوحة حتى يصل إلى ذراه ” وطن يفديه احتسابك واقفًا وله عطاء البذل لن يتوقف “…

  • استطاع الشّاعر أنْ يمزج ذاته الشّاعرة بموضوع القصيدة، وربط إحساسه بالتعبير عن فكرته حتّى غدت اللغة والصورة والإيقاع أدوات فاعلة في تشكيل بنية النّصّ الشعري.

  • النّصّ جيّد يؤخذ عليه بعض الاستعمالات الّتي أرى أنّها أضعفت بعض بنائه كلفظة (صحّفا) في البيت الأول، و(شيء) في قوله : “شيء لحنجرة النهار وحاضر كان البهاء وبالحقيقة لحّفا”؛ فلو استبدل بها لفظة أخرى كمجد مثلا أو شمس، ومنه أيضًا قوله مادحًا لأخوة أبي الفضل: يتسابقون إلى اليباب !! هم يتسابقون إلى العلا يا سيدي.