يَمُرُّونَ إنْ مَرَّ الصَّدَى، أيُّهَا الأصْلُ
لَهُمْ عُنْفُوانُ الضَّوْءِ / حُريَّةُ النَّدَى
ولا يَقْبَلُونَ العَيْشَ مِنْ دُونِ فِكْرَةٍ
يَسِيرُونَ بِاسْمِ اللهِ والطَّفُّ بَحرُهُمْ
نَظَرتَ لَهُمْ، ما فارَقُوكَ، تَشَكَّلُوالأنَّكَ قاوَمْتَ الجَفافَ، ولَمْ تَزَلْ
نَعِيكَ انْشِراحاً يَمْنَحُ النَّفْسَ هَدْأَةً
أمامَكَ آلافُ الرِّماحِ تَكَسَّرَتْ
ومُنْذُ انْتَزَعتَ الذُّلَّ مِنْ كُلِّ صُورةٍ
رُؤَاكَ التي بِالحَقِّ تَصْدَحُ عالِياً
هُنا أنتَ (وَالعَبَّاسُ) رُوحَانِ ظَلَّتَا
عَن الأُخْتِ قَد خَفَّفْتُما كُلَّ مِحنَةٍ
تَقاسَمْتُم الأرزاءَ، وَالنَّهْرُ شَاهِدٌ
وَصُغْتَ مِن الآلامِ آمالَ فِتْيَةٍ
فَسُبْحانَ قَلْبٍ رَوَّضَ المَوتَ جُرحُهُ
بِمَعناكَ شِريانُ القَصِيدَةِ نابِضٌ
طُمَأْنِينَةً تَبْقَى بِكُلِّ مُصِيبَةٍ
لَنا مِنْكَ رُوحٌ مِثْلَمَا الأُمِّ عَذْبَةٌ
ذِرَاعَاكَ مِيناءُ الضَّحايا وَأَهْلِهِمْ
فَكَمْ خَيْمَةٍ أَنْقَذْتَهَا مِنْ تَحَطُّمٍ
سَلاماً أَبا الأَحرارِ، أَسْعِفْ جِراحَنا
وَجَرِّدْ أَكُفَّ النَّفْسِ مِنْ سَيفِ ظُلْمِهَا
أيا مُلْهِمَ الإِبداعِ مِنْ وَحْيِ جُرحِهِ
بِمِقْدارِ أَوجاعِ الشُّعُوبِ مَنَحْتَنَا
أَبِالمَاءِ تَسْقِي الأرضَ أَمْ بِمَحَبَّةٍ
مَشَيْتُ عَلَى قَلْبِي إِلَيْكَ كَغَيْمَةٍ
لَعَلِّي أَرَى ذاتِيْ تُعِيدُ هُطُولَهَا
وألقاكَ فِي مِيقَاتِ رَبِّكَ ماكِثاً
هِيَ الطَّفُّ طُورُ الأنبياءِ / هِدايَةٌ
سَمَاوِيَّةُ الأَبعادِ فِي كُلِّ مَوقِفٍ
مُقَطَّعَةٌ أَوْصالُ جِسْمِكَ سَيِّدِي
لِعَيْنَيْكَ تَنْقَادُ الجِهَاتُ جَمِيعُهَا
سَكَبْتَ عَلَى هذِي البَسِيطَةِ أَنْهُراً
وَطَهَّرْتَ جِسْمَ الأَرضِ مِنْ سُمِّهِ الذِي
شَواطِئُكَ الأَمْنُ الذي نَنْتَهِي لَهُ
شَمَمْتُ هُنَا عِطْرَ الكَرَاماتِ كُلِّها
وَيَحْدُثُ أَنْ لا تَشْرَبَ الماءَ تارَةً
وتُبْصِرُ أَطفالاً تُلَوِّحُ كُلَّما
بِأَيِّ ذِراعٍ سَوفَ تَسْتَقْبِلُ الذي
وكَيفَ سَيَأْتِي الصُّبْحُ يا سِرَّ ضَوْئِهِ
أبَا الفَضْلِ، مَا الأيَّامُ إلا فَجائِعٌ
هُوَ الدَّهْرُ عِنْدَ الفَقْدِ كَالدَّمْعِ مَالِحٌ
لِحُرِّيَّةٍ تُفْضِي سَبِيلُكَ هذِهِ
وَصَايَاكَ أَنْ لا يَخْلَعَ المَرْءُ جِلْدَهُ
وَقَولُكَ مِنْ أَقْصَى المَدِينَةِ مُرسَلٌ
نَعَمْ، غَيْرَ أنَّ النَّقْضَ بِالعَهْدِ قَد سَرَى
أنا فِي سَدِيمِ العُمْرِ جَفْنٌ مُسَهَّدٌ
حَمَلْتُ مَعِي جُرْحِي القَدِيمَ وَغُربَتِي
مُنَايَ بِأَنْ أَبْقَى مُحِباً مُغايِراً
وَثَمَّةَ قِدِّيسُونَ إِنْ مَرَّرُوا يَداً |
|
كَصُبْحٍ عَنِيدٍ، ما اسْتَكانُوا ومَا ذَلُّوا
يَهُزُّونَ مَهْدَ العُشْبِ، والعُشْبُ يَبْتَلُّ
مُطَرَّزَةٍ بِالوَردِ، يَزْكُو بِها الفُلُّ
وَهُمْ حِينَ يَعْلُو المَوجُ أشْرِعَةٌ تَعْلُو
سَماءً بِها للهِ لَمْ يَنْقَطِعْ حَبْلُتَبُثُّ فُنُونَ الحُبِّ إنْ خاتَلَ الغِلُّ
وَقَوْلاً مَدَى الأزمانِ مِرآتُهُ الفِعْلُ
وأنصارُكَ السَّبْعُونَ زادُوا وما قَلُّوا
وغَذَّيْتَها بِالعِزِّ، دَانَ لَكَ الفَضْلُ
نِضالٌ عَمِيقٌ والمَدَى دُونَهُ ضَحْلُ
هَواءً وَماءً طالَما احتاجَهُ الكُلُّ
(فَزَيْنَبُ) لَمْ تَجْزَعْ، وَلَمْ يَيْأَسْ الأَهْلُ
وَآلَيْتَ أَنْ لا يُبْخَسَ الحَقُّ والعَدلُ
يَخِيطُونَ بِالإيثارِ ثَوباً لَهُمْ يَحلُو
وأَمْعَنَ فِي التَّغْيِيرِ مُذْ أَمْعَنَ النَّصْلُ
وَنَزْفُكَ كَالأَبْياتِ مُمْتَنِعٌ سَهْلُ!
وَلَولاكَ كَيْفَ النَّفْسُ عَنْ هَمِّهَا تَسْلُو؟!
وَمِنْ حَوْلِها بِالحُبِّ يَجْتَمِعُ الشَّمْلُ
وَلَوْ غِبْتَ غَابَ الضَّوْءُ، واسْتَوْحَشَ الظِّلُّ
وَمِنْ نارِ حِقْدٍ فَرَّ مِنْ بَطْشِها طِفْلُ
وَأَنْضِجْ ثِمَارَ الوَعْيِ إِنْ أَطْبَقَ الجَهْلُ
فَإِنَّ نِظامَ العَدلِ دُونَكَ يَخْتَلُّ
سَنَابِلُكَ الخَضراءُ يَحتاجُها الحَقْلُ
شِفاءً، وَحَلّاً كُلَّما اسْتُصْعِبَ الحَلُّ
لِيَنْبُتَ فِيها الصَّفْحُ، وَالبِرُّ، وَالنُّبْلُ؟!
وكانَتْ سَماءُ الشَّوْقِ بِالدَّمْعِ تَخْضَلُّ
لِتُكْمِلُ فَصلاً حَيثُ لَمْ يَكْتَمِلْ فَصلُ
تُناجِيهِ، وَالأَلواحُ تُصغِي لِمَا تَتْلُو
وَرُشْدٌ إذا ما القَوْمُ أَغْوَاهُم العِجْلُ
وَقَفْتَ بِهِ كَيْ يَسْمُوَ القَلْبُ والعَقْلُ
ولكِنْ مَدَى الأزمانِ ما خانَكَ الوَصْلُ
وَيَهْفُو لَكَ الرَّيْحانُ، والماءُ، وَالنَّخْلُ
مِن الدِّفْءِ والإِحساسِ يَحتاجُهَا الرَّمْلُ
يُخالِطُهُ التَّدْلِيسُ، والرُّعْبُ، وَالقَتْلُ
أَيَا خَيْرَ مَقْصُودٍ يُشَدُّ لَهُ رَحْلُ
وَعَايَنْتُ كَفّاً طَبْعُها الجُودُ والبَذْلُ
وأنتَ تَرَى الأَحبابَ فِي ظَمَأٍ ظَلُّوا
هَزَزْتَ بِجِسْمِ النَّهْرِ، فَارتَعَشَ السَّيْلُ
أَتَى مُسْرِعاً مُذْ عادَ مِنْ دُونِكَ الخَيْلُ؟!
إذا ما غَفَوتَ الآنَ، واسْتَيْقَظَ اللَّيْلُ؟!
وَعَيْنٌ لَها مِنْ دَمْعِهَا يُوْضَعُ الكُحْلُ
فَهَيِّءْ زُلالاً مِنْ سَمَا الصَّبْرِ يَنْهَلُّ
تُرَتِّبُ إيقاعَ الحَيَاةِ لِمَنْ ضَلُّوا
وَأَنْ لا يَخُونَ الأرضَ إِنْ عاثَ مُحتَلُّ
يُذَكِّرُهُمْ بِاللهِ، هَلْ سُمِعَ القَوْلُ؟!
بِهِمْ، فَاعْتَرَاهُمْ عَنْ مَواثِيقِهِمْ مَيْلُ
فَقِفْ بِإِزائِي حِينَ يُنْهِكُنِي الحِمْلُ
وَجِئْتُكَ عاماً بَعدَ عامٍ، وَلِيْ سُؤْلِ
فَثَمَّةَ مَنْ فِي الحُبِّ لَيْسَ لَهُ مِثْلُ
تَعافَتْ جِراحاتٌ، وَشُوفِيَ مُعْتَلُّ |