المركز السادس: قصيدة (ما لم يُقرأْ من بريدِ الماء) للشاعر الدكتور أحمد جاسم الخيّال (العراق / بابل)

المركز السادس

قصيدة:
(ما لم يُقرأْ من بريدِ الماء)




الشاعر / أحمد جاسم مسلم الخيال

(العراق / بابل)

على ترابِ كربلاءَ سرّحتِ الجداولُ جدائلَها… فجاءك المتعبون من كلِّ فجٍّ عميق…. يرتلون اسمكَ وطناً أزليّاً لسمرةِ إبائهم وممحاةً لغفلةِ خطاهم في الدروب.

قمحٌ خطاكَ ووجهُ طفِّك مُمطِرُ

وصَباحُ عَرْشٍ من إبائِكَ يُبصِرُ

تأَتي لِتمنحَ للنهارِ حكايةَ

الـرملِ المُضيءِ فتستفيقُ الأنهرُ

ويعودُ للماءِ البخيلِ ضفافُهُ

ففسائلُ المدنِ الظماءِ تُكبِّرُ

ويَدقُّ بابَ الفجرِ وجهُكَ والمَدى

حلُمٌ وعُشبُ الأمنياتِ يُبشِّرُ

إذ كلَّما تدنُو لضوئِكَ موجةٌ

عذراءُ يرسمُها سناكَ المُقمِرُ

فأَتيتُ من خطأِ الجهاتِ مُغَرَّباً

لا وجهَ لي، وبيَ الحنينُ يُعسْكِرُ

وحَملتُ أرغِفتي القليلةَ قادماً

منّي إليكَ، وما بغيرِكَ أَشعُرُ

فأنا وقافِلَتي غُبارُ مُسافرٍ

يحدُو بي الليلُ الطويلُ المُقْفِرُ

وسَفِينتي قَلقٌ وفِكرةُ رحلةٍ

نحو الوضوءِ… بماءِ طفِّكَ تَطهَرُ

وقَدِمتُ… أحترِسُ اليَبابَ ونَجمَتي

حَقلٌ جُنوبِيُّ التَفتُّحِ مُزهرُ

لِحسينِ أقترحُ المسافةَ جدولاً

وخُطايَ من قَبسِ انتظارِكَ بَيدرُ

نبضٌ يَلِحُّ… وبابُ قلبِكَ غَيمةٌ

– مُذْ صافحَ الرُّمحَ انتصارُك – تَمطِرُ

آتٍ إلى لُغةِ الخِيامِ مُقبّلاً

عِطرَ اخضرارِ الحزنِ حينَ تصحّرُوا

وحَمِلتُ مِحرابَ الحنينِ لسجدةٍ

فيها صلاةُ الأنبياءِ تُفسَّرُ

فتعَمَّدتْ بالفجرِ ناقةُ دمعتي

وأنا مَوَاسمُ غُربةٍ تَستفْسِرُ

بينَ انتسابِي للجراحِ وشَهقَتي

تَتْلُو المدائنُ رحلتي فأُبَعْثَرُ

لا ذنبَ لي… إذ أنتَ قنطرةُ السّــماءِ

وعاشِقوكَ على ثَراكَ تجمَّرُوا

أَدْنُو فتَبتعِدُ السّهامُ فلم أجدْ

في الريحِ قوساً نحوَ طفِّكَ يَعْبُرُ

فأنا بريدُ الماءِ يُقْلِقُني الصّدى

ويلُفُّنِي وسنُ الجنوبِ فأُبْحِرُ

وأنا طَريدُ البِئْرِ عَطَّلَ دَلْوَهُ

ذنبُ القميصِ فكيفَ منه أُحرَّرُ

مَولايَ أنَّى أَستريحُ حكايتي

مثل المرايا في رؤاها أُكسَرُ

فأخطُّ فوقَ الرّملِ آهاً صرخةً

وَلْهَى وتَسبيحُ المَحابِرِ دفترُ

من كربلاءَ حملتُ صبراً عاجزاً

أين الضفافُ فلم يجدْنيَ معبرُ

مَعناكَ في بحرِ المجازِ سفينةٌ

وحقيقةٌ بمجازِها تتمظّهرُ

من ذا يحجُّك؟ ما يقولُ مُلبِّياً؟

والعرشُ حولَكَ طائفاً يستغفرُ