القصيدة الشرفية
الغَيْبُ الصَّرِيْحْ
للشاعر الأستاذ غازي الحداد
يَا دَمًا غَضًا رَطِيْبَا
أَلْبَسَ الدَّهْرَ مَشِيْبا
وَاسْتَوَىْ عُمْرًا مِنَ
المَوْتِ مَدِيْدًا وَمَهِيْبَا
وَبَقَىْ أُحْجِيَةَ اللهِ
بَعِيْدًا وَ قَرِيْبَا
مُنْذُ أَنْ أَشْرَقَ بِالحُمْرَةِ
مَا اسْتَهَوَى مَغِيْبَا
عَاهَدَ السَّيْفَ الَّذِيْ
أَرْدَاهُ حُرًّا أَنْ يَؤُوْبَا
وَاسْتَرَدَّ الرُّوْحَ مِنْ
مَذْبَحِهِ رَدًّا عَجِيْبَا
رُغْمَ أَنَّ الذَّبْحَ فِيْ
أَوْدَاجِهِ كَانَ رَهِيْبَا
ذَبَحُوْهُ قَبْلَ أَنْ يَمْتَشِقَ
السَّهْمَ الشَّعُوْبَا
وَالحَشَا أَقْدَحُ مِنْ زَنْدٍ
إذَا انْدَكَّ شَبُوْبَا
كُلُّ جُرْحٍ كَانَ بَحْرًا
غَائِرَ العُمْقِ رَغِيْبَا
كَسَحَابٍ كَانَ مُلْقًىْ
يَدْفُقُ الدَّمَ شُؤُوْبَا
وَالمَحَاضِيْرُ تَجَارَيْنَ
بِأَعْضَاهُ سَلِيْبَا
بَلَغَتْ فِيْ صَدْرِهِ العَرْشَ
وَرَضَّتْهُ رُكُوْبَا
رُغْمَ ذَا مَا كَانَ مَغْلُوْبًا
بَقَىْ ذِكْرًا غَلُوْبَا
وَالتَّوَارِيْخُ لَنَا تَعْزُفُهُ
عَزْفًا طَرُوْبَا
وَزَكَتْ ذَرَاتُ مَثْوَاهُ
بُطُوْلَاتٍ وَطِيْبَا
وَأَنَاخَتْ فِيْ نَوَاحِيْهِ
ذَوُوْ الحَاجَاتِ نِيْبَا
بِحِكَايَاتِ الهَوَىْ
تَحْكِيْ زُهَيْرًا وَحَبِيْبَا
وَجَدَتْهُ فِيْ المَوَازِيْنِ
لَهَا يَكْفِيْ حَسِيْبَا
وَشِفَاءً وَدَوَاءً إنْ
عَصى الدَّاءُ الطَّبِيْبَا
وَغِيَاثًا عِنْدَمَا يَنْدَرِسُ
الوَادِيْ جَدِيْبَا
تَلْثِمُ التُّرْبَ كَما يَلْثِمُ
مُشْتَاقٌ حَبِيْبَا
وَعَلَىْ نَاحِيَةِ النَّحْرِ
تُعَزِّيْهِ نَحِيْبَا
وَعَلَىْ مَحْجَرِهَا يَنْهَمِلُ
الحُبُّ صَبِيْبَا
بِيَقِيْنٍ أنَّهَا تُطْفِئُ
بِالدَّمْعِ الَّلهِيْبَا
وَكُفُوْفَ الَّلطْمِ بِالكَوْثَرِ
تُدْلِيْهَا ذَنُوْبَا
كُلُّ مَنْ حَبَّ حُسَيْنًا
يَرِدُ الحَوْضَ شَرُوْبَا
أَيُّهَا الشِّعْرُ الَّذِيْ
أَنْشَدَهُ الدَّهْرُ كَئِيْبَا
أََنْتَ شِعْرٌ فَاطِمِيٌّ
كَيْفَ تَحْتَاجُ أَدِيْبَا ؟!
قَدْ تَبَسَمْتَ خُلُوْدًا
والرَّدىَْ يَبْكِيْ قَطُوْبَا
كَيْفَ يَجْتَثُّ مِنَ
الأَضْلَاعِ حُبًّا وَقُلُوْبَا ؟!
كَيْفَ يَبْنِيْ لَكَ مِنْ وَهْمِ
الجِرَاحَاتِ صَلِيْبَا ؟!
كَيْفَ يُطْفِيْ لَكَ نُوْرًا
لَمْ يَزَلْ يَرْمِيْ شُهُوْبَا ؟!
كَيْفَ يَجْلُوْ لَكَ سِرًّا
لَمْ يَزَلْ يَطْوِيْ غُيُوْبَا ؟!
أَنْتَ لِلأَنْجُمِ بَدْرٌ
قَدْ أَقَامَتْهُ نَقِيْبَا
أَنْتَ كَالدُّرِ بِقَاعِ البَحْرِ
يَأَبَى أَنْ يَذُوْبَا
أَنْتَ نُوْرُ اللهِ قَدْ
أَزْهَرَ مَصْرُوْعًا تَرِيْبَا
وَغَرِيْبٌ أَنْتَ فِيْ الأَرْضِ
فَأَسْمَوْكَ الغَرِيْبَا
متابعة قراءة القصيدة الشرفية (الغَيْبُ الصَّرِيْحْ) الشاعر الأستاذ غازي الحداد