المركز الثالث: قصيدة (على مسافة بين الصمت والحياة) للشاعر فاضل عباس الحلفي (العراق / البصرة)

المركز الثالث

قصيدة:
(على مسافة بين الصمت والحياة)

 الشاعر / فاضل عباس الحلفي

(العراق / البصرة الفيحاء) 

في ليلة الحادي عشر من محرم

رقية عليها السلام تبحث بين القتلى عن ابيها

الى ان اوقفها ذلك الهيكل المعظم فانحنت اليه قائلة:

لا سر يجهَلُهُ الورى ، لا تحمله

أبتاه

تَعْلَمُ أن سرك أجهلُه

جرحُ المسافةِ بيننا متسائلُ

هل أنت ضيفُ العرشِ ؟

لا ، بل منزلُه

أبتاهُ

كابوسُ الفراتِ رأيتُهُ في أمِّ عيني

لا سجينَ يُؤَولُه

و أراكَ أكبرَ سورةٍ

يكسو ملامِحَكَ الكتابُ

و قد أتيتُ أرتِّلُه

و أراك

تفترشُ الترابَ بكربلاءَ

و كل شبرٍ في الوجودِ تُكَربِلُه

و أراكَ تنزعُ من سمارِ الثائرينَ

بإصبعٍ نصراً

و طفُّكَ أوّلُه

و أرى مماتَكَ آيةً

فالشرُّ أيقنَ من دماكَ

بأن موتَكَ يقتُلُه

أبتاه

يشتعلُ المكانُ براءةً

فيها حديثُ التائبينَ تُبَسمِلُه

إعتِقْهُ

يرتفع الكساءُ لربّه

ما عادَ فيها كائنٌ يَتَحَمَّلُه

عُدْ للوراءِ

فما تَخَيَّل بابُنا

غيرَ الذي في نينوى أتَخَيَّلُه

إنْسَ احتمالَكَ

ما وراءَك زائلٌ

ثُرْ بعد موتِك و التقطْ ما تأْمَلُه

و امسحْ على رأس العراقِ

و قل له :

هذا الخلودُ ، فما عساكَ تُؤَجِّلُه

الطف يولدُ مرتينِ ، فلا تَمُتْ

خَلْفَ انتصاركَ ، ثائرٌ أتأمَّلُه

التلُّ ينبضُ بالحياةِ

أناملُ الذكرى

و ما خلفَ الحجابِ ، يبجِّلُه

الصمتُ

غار الهاربين من الأسى

ما عاد يخدعني بطيرٍ مَدْخَلُه

قمرٌ هناكَ

و خنصرٌ يتلو له وحيَ الخيامِ

و لاتَ ساعةَ تُنْزِلُه

آتٍ يُطيحُ به الحنينُ

و راحلٌ يطوي الشراعَ

لهيكلٍ يَتَوَسَّلُه

النهرُ بعدكَ لا يطاقُ

و ليس لي

الا بكَفَّي قائدٍ تَستَأْصِلُه

أتركْ ورائكَ قربةً

فالماءُ ثارَ على الفراتِ

و ما سواكَ يُحلَّلُه

أتركْ بقايا الجرحِ

تَنهَش جثةَ الماضي

لِيَنعَمَ بالهدى مُستَقبَلُه

لا تَنسَ موعدَنا الأخيرَ هناكَ

ينقُصُني مسارُكَ

حينَ أُسبى أكمِلُه

عَجِّل بِريحِ الأمنياتِ

و جِئ بآخرِ دمعتينِ

لقادمٍ تَستَقبِلُه

أجّلْ جوابَكَ للخرابةِ

عندها أحظى برأسِكَ قُبلَتينِ

و أسأَلُه