المركز العاشر: قاسم العابدي (مسرى بتمتمة الجراح)

المركز العاشر:

مسرى بتمتمة الجراح

قاسم العابدي (العراق)


في الليل حيثُ الصّمتُ تاهَ بظلِّهِ

والشّوكُ في الصّحراءِ غاصَ برملِهِ

يمشي الفتى القُدسيُّ يحملُ كاهلَ

ال دّنيا ويُلقيها بلمعةِ نَصلِهِ

لكنَّ في عينَيهِ حزنَ نبوءةٍ

ألقَتْ مَراسيها بمرفأ رَحلِهِ

يهفو إلى المسرى ويبصرُ ما أتى

من ذلك الأفقِ العجيبِ بسُؤلِهِ

تركَ الحجازَ وراءَهُ وأتى إلى

تربِ العراقِ وقدْ أتاهُ بأهلِهِ

ورأى على ذاكَ التّرابِ مصارعاً

للأصفياءِ الناطقينَ بفضلِهِ

وأتى صباحُ الطّفِّ كانَ مُكلَّلاً

بخُطى الجراحِ ولوحةٍ مِن فَصلِهِ

الخيلُ في الميدانِ تصهُلُ بالبُكا

لكنَّ حقدَ القومِ باحَ بغِلِّهِ

ورنا الحسينُ إلى القلوبِ فلمْ يجِدْ

إلا قلوبَ التاركينَ لنهلِهِ

لكنَّ في أضلاعِهِ قلباً رأى

أنَّ الحقيقةَ تستقيمُ بقتلِهِ

فمَشى وجنحُ الموتِ رفرفَ فوقَهُ

حتّى كأنَّ الموتَ تاقَ لوصلِهِ

ماعادَ في الأكوانِ ثمّةَ مقلةٌ

إلا ترامَتْ في منابعِ بَذلِهِ

النَّبلُ من كلّ الجهاتِ أتى إلى

أحضانِهِ شوقاً ولاذَ بنُبلِهِ

والسّيفُ إذ ألقى خُدودَ شفارِهِ

في نحرِ من  ملأَ  الزّمانَ بعَدلِهِ

قد كانَ يُبصرُ فيهِ مِحرابَ السّما

فأتى ليرويَ مِنْ تفانِي وَبلِهِ

وهنا توقَّفَتِ الحياةُ فقُطبُها

نزفَتْ دِماهُ على خرائطِ  طَلِّهِ

لكنَّ مِن ذاكَ النزيفِ تَدوَّنَتْ

لغةُ الإباءِ على رحابِ سجلّه