المركز التاسع: حيدر خشان الجابري (آخر الحواريين)

المركز التاسع:

آخِرُ الحَواريِّين

حيدر خشان الجابري (العراق)


 

أسيرةُ وَجْدٍ وهْوَ عاشقُها الصَّبُّ  ‍

  فأسْرى بهِ إذْ شفَّ خاطرَهُ الُحبُّ

تراءى لديهِ اللهُ في أرضِ كربلا  ‍

  “وأقربُ من حبلِ الوريدِ بهِ القُرْبُ”

فصالَ وكانتْ تتَّقي كبرياءهُ  ‍

وتسقيهِ مِنْ رمضائها السوحُ والحَرْبُ

توثَّبَ لا مُستكثراً كَثرةَ الثَّرى

  ولا مُستفَزّاً حينَ جَلَّ بهِ الخَطْبُ

أشارَ على هاماتِهم أنْ ترجّلي

  عَنِ الكِتـْفِ، وَلْيحصدْهمُ الصَّارمُ العَضْبُ

فخُيِّلَ أنْ جاءتْهمُ سَكْرَةُ الرَّدى  ‍

  وكلُّ الأماني في وساوسِهمْ نـَهْبُ

وشَيَّعَهُ رَكْبُ الإبا في نزولِهِ  ‍

  عنِ السَّرْجِ ، والأمْلاكُ مِنْ حولِهِ سِرْبُ

فنالَ بِها ما لمْ ينلْهُ ابنُ مريمٍ  ‍

  لِيَحْفِلَ في كِلْتيهِما الذَّبْحُ والصَّلْبُ

ووحْدَكَ لـمّا طِحْتَ لمْ تتّكئْ على

  عزيزٍ، فطاحوا قبلَكَ الأهْلُ والصَّحْبُ !

فأغْرَتْ دِماكَ الحُمْرُ  ريّانَ مائها

وهانَ على ساقِيهما الشُّحُّ والجَدْبُ

فَشابَ لـِمَعْناكَ الذي ما وراءهُ  ‍

  وشاخَ بِهِ مَنْ كان في دربهِ يحْبو

ولولاكَ لمْ تعرِفْ رُبــــًى ما يَسُرُّها  ‍

  ولولاكَ كادَتْ للذي هانَها تصْبو
‍ ‍
ولَمْ تَدْرِ ما الدَّمْعُ الذي يَسْتَفِزُّها  ‍

  مِنَ العينِ ، إلّا حينما دَمَعَ القَلْبُ

ولمْ نصْطَبرْ للفَقْدِ إلّا بفقْدِهِ

  لنُدرِكَ ما في كربلا ما هُو الكَرْبُ

فكانتْ لَهُ لـمّا سَقاها شَحِيحَةً

  وكان به لـمّا سقَتْهُ المنى شَخْبُ

فتـًى عَفْوُهُ عَفْوُ النَّبـيِّ وَحَزْمُهُ  ‍

  عَليٌّ ومِنْ بُقيا شمائلِهمْ ضَرْبُ

وجُرْحٌ بليغٌ ما أشارَ لِفِتْيةٍ  ‍

  على اللهِ إلّا مِنْ مضاجعِهمْ هَبُّوا

سيُلقي على ليلِ العراقِ قميصَهُ

ويَبـْرأُ مِمَّنْ زيَّفَ الجُبُّ والذِّئْبُ


ويَخْضَرُّ حقْلٌ أوحشَتْهُ مناجلُ الـ  ‍

  ـخياناتِ ، والأحقادُ من حولهِ تَرْبو

فإنَّ بلادَ الميِّتينَ يتيمةٌ  ‍

  وأقسى على قَلْبِ اليتيمِ بها النَّدْبُ

وما رُفِعَتْ إلّا وهـِيْ تستحقُّهُ  ‍

  وما نُصِبَتْ إلّا ولاقَ بها النَّصْبُ

لِذا أُمَّةٌ عَطْشى وأُخْرى رَويّةٌ  ‍

وأنتَ بِلا هذي وذي مَوْرِدٌ عَذْبُ

ويطلُعُ فجْرٌ بعْدَ حالِكِ ليلةٍ  ‍

وشرْقٌ عراقيُّ الضُّحى ما لَهُ غَرْبُ

فشتّانَ ، مَنْ يَعْلو بهِ نُبْلُهُ ومَنْ  ‍

يحاوِلُ أنْ يعلو  بهِ الشَّتمُ والسَّبُّ

فقالَ لهمْ للهِ ما جئتُ أبتغي

لكمْ في الهوى رَبٌّ وليْ في الهوى ربُّ