(شاعر الحسين) يحتفي بصاحب (النفثات) وشاعرة (البكائيات)

تكريم الشاعرين الشيخ مكي الجزيري والملاية مريم سلطان:(شاعر الحسين) يحتفي بصاحب (النفثات) وشاعرة (البكائيات)شاعر الحسين – بلاد القديم:جرياً على عادتها السنوية في تكريم الكوكبة المشرقة من الشعراء الذين يتصلون بالرعيل الأول من روّاد القصيدة الحسينية البحرانية الأصيلة، اختارت مسابقة شاعر الحسين في مهرجانها الختامي لهذا العام (1444 / 2022) شخصيّتين نثرتا لآلئ الولاء الصادق والمودة الحسينية ونظمتاها عبر قلائد الشعر والخطابة الحسينية، إحداهما شخصية رجالية من قرية النبي صالح، والأخرى نسائية من قرية الماحوز.

أما الشخصية الرجالية فهي الشيخ مكي آل بدر الجزيري، خطيب وشاعر حسيني، يلتصق شعره الدارج بحرارة الوجدان وصدق العاطفة، ينتقي مفرداته من معجم اللهجة البحرانية التداولية، متوخياً السلاسة والبساطة وعفوية المعنى، من دون تعقيد في التركيب أو مغالاة في التصوير، يميل إلى توظيف أسلوب المحاورة الشعرية والمقارنة الأدبية. حمل ديوانه المخطوط عنوان (النفثات المكية في رثاء العترة الأحمدية).

وأما الشخصية النسوية فهي السيدة مريم محمد علي سلطان، خطيبة وشاعرة حسينية، اتسمت قصائدها الدارجة بنضج فكري وإبداع تصويري رائع وحزين، وتجلّت براعتها الفنية في نسج المخاطبات الوجدانية، والتقاط تفاصيل المشهد التصويري المؤثرة، أما شعرها الفصيح فيمزج بين سهولة الألفاظ وجزالتها، والتركيب جيّد السبك، والخيال تلقائي معبّر. صدر لها جزءان من ديوان (فليبكِ الباكون).


الشيخ مكي علي مرهون آل بدر (الجزيري):

صاحب ديوان (النفثات المكية)

ولد الشيخ مكي علي مرهون آل بدر (الجزيري) في جزيرة النبي صالح سنة 1952م، نهل مبادئ الفقه مع يفاعة سنّه، ثم ارتحل إلى النجف الأشرف سنة 1979م، ومن ثم تلقى دروس السطوح وحضر البحث الخارج في حوزة قم المقدسة، قبل أن يعود للوطن سنة 1988م، ليستقرّ أستاذاً في المدرسة المنصورية منذ العام 1998م.

أخذ أصول الخطابة وفنونها عن السيد محمد صالح العدناني منذ 1971م، ثم استقلّ بنفسه، ومع اقتحامه ميدان الخطابة بدأ ينظم الشعر باللسان الدارج في مدح أهل البيت (ع) ورثائهم، جمع قصائده في ديوان مازال مخطوطاً بعنوان (النفثات المكية في رثاء العترة الأحمدية).

وله مؤلفات أخرى مخطوطة في الفقه والعرفان واللغة والأدب، منها: النور المبين في أحكام الثقلين (وهو كتاب على ضوء العروة الوثقى)، رحلة إلى عالم الملكوت (كتاب عرفاني)، الحصون المنيعة في بيان قواعد الشريعة، الدرر الشعرية في بيان المواعظ العبرية، الدرر المكية في الزبدة من شرح الألفية، المنهاج في مناسك الحج.

له ابن (عيسى) سار على خطه في الخطابة الحسينية.


مقتطفات من شعره

 

(1) العقيلة تتحسر على أيام عزها :

ادري بخويه احسين ما يرضى عليه
أروح عقبه اميسره فوق المطيه

اشبيدي بو علي مقطوع الراس
مرمي على حر الثرى مخمد الانفاس
هيهات مايرضى يسيروني هالأرجاس
عقب الخدر امشي الى الطاغي هديه

اذكـر أيـام الـولـي بـويـه ابـو الـحـسـنـيـن
لاراد ايزورنـي قـبـر خيـر النبيين
في الحال يأمر أخوتي الحسن واحسين
يخمدوا الضيا من قبل ما تلفى الزجيه

والـيـوم حـالي مـن بـعـد ذيچ السلاطين
أركب على الناقه اومن حولي النساوين
كلها حواسر سيروها اعلى البعارين
والـشـمـر يـشـتـمـنـي ويـقـل لـي خارجيه

تمنيت حولي اخوتي احسين وعباس
وانـا عـزيـزه بـيـنـهـم ومـرفـعـه الـراس
ولاچان جينا كربلا وتـنـظـرني الناس
ولا شوف خـويـه احسين بالغبرى رميه

جـار الـدهـر بـيـنـا اودوراتـه عـجـايـب
بالأمس جنا ابها البلد مأوى الركايب
والـيـوم شـتـتـنـا وخـلانـا شـعـايـب
من بعد ذاك العز حسرى اعلى المطيه


(2) في مخاطبة الزهراء (عليها السلام):

لو نظرتـيـنـه يـزهـرا بالثرى مرمي طريح
جسمه متوسّد ترايب والدما منه تسيح
في الخلق ما صار مثله بالظما چتلوه ذبيح
حتى جسمه يا بتوله ما حصل له من يگبره

لو حضـرتـيـنـه يـزهـرا تارکينه بلا غسل
لا كفن يحصل يزهرا ولا نعشه انحمل
انذبح وحـده بـغـربـه اسـف مـا يـمـه أهـل
وین گومه من المدينه ليش ماهي تحضره

لـو حـضـرتـيـنـه يـزهرا امبضعينه بلسيوف
ذاك المدلل امعـفـر ظـل رميه بـالـطـفـوف
اوجماله بعد عينه ما اختشى وحز لكفوف
وصل يمه وشال سيفه وقطع ويلي خنصره

ما لفت عندك اخباره دايسينه بلخيول
يا بتوله حال جسمه من بعدها شيء مهول
والصدر منه تكسر ريت ينظر له الرسول
ينظر ابعـيـنـه عـزيـزه امـجـدلـيـنـه بـالثرى

اشلون يقدر أبو الطاهر ينظر ابعينه الشهيد
اعاين مدلل الزهراء ارتوى منه الحديد
ما ظن يقدر يشوفه عاري جسمه على الصعيد

والكفن ويلي سوافي والكبر من يحفره

 


الخطيبة والشاعرة الحسينية مريم سلطان:

صاحبة بكائيات (فليبكِ الباكون)

 

ولدت مريم محمد علي سلطان (أم علي عنان) سنة ١٩٧٣م، وترعرعت في بيئة موالية لأهل البيت عليهم السلام وتشّربت حبّ الحسين ورثائه وخدمته منذ نعومة أظافرها، إذ كانت والدتها (حفظها الله ورعاها) ملاية حسينية قديرة، فكان لها الدور الأكبر في رعاية موهبة الشعر لديها وتشجيعها.

وعملت جاهدة على مواكبة مختلف الأطوار الحسينية في المجال الرثائي، إلى جانب إبداعها المتميّز في مجال الخطابة، حيث أصبحت من الخطيبات البارزات على مستوى مناطق البحرين في كل المواسم.

دراستها ونشاطها:

حصلت على شهادة البكالوريوس في التربية الإسلامية من جامعة البحرين، ثم التحقت بحوزة السيد العلامة الغريفي، حيث بلغت المرحلة التخصصية العليا، وكانت طالبة متميزة بما تمتلك من فكر ووعي، وسرعة بديهة وثقافة متنوعة جعلتها ترتقي معرفيًا بدرجة ظهرت جليّة في قصائدها ورثائها وخطابها الحسينيّ.

ولم تقتصر أنشطتها على مجال الخطابة الحسينية، بل هي إحدى دعائم تأسيس العمل الديني النسائي بقرية الماحوز تحت مسمى (الشذرات الحسينية)، وكانت تشارك في مختلف المحافل، بالإضافة إلى تقديم الدورات في الخطابة والتفسير.

إصداراتها:

جاء أغلبها قصائدها رثائياً بالطور الشعبيّ، إلى جانب قصائد فصيحة، جمعتها في ديوان من جزئين تحت مسمى (فليبكِ الباكون)، وما زال في جعبتها الكثير من القصائد التي تعتزم تجميعها في إصدار ثالث تحت مسمى (سيدة النساء)، ولم يُثْنِها صراعها المرير مع المرض عن العطاء والبذل والخدمة الحسينية.


مقتطفات من شعرها:

 

(ونات الليل)

اثاري الينكسر ضلعه .. يتمّ يونّ طول الليل

عداش الويل يا يمّه .. يا يمّه عداش الويل

قومي يمّه مشتاقين حق حضنش دفاه جنه

قومي لي من فراشش ييمّه وخفّفي الونّه

ياللي بقربش احنا انذوب ولا نشبع أبد منه

قومي لي وخبريني عن اوجاعش ييمّه ادخيل

ييمّه اشقصة الونّه ولا انتي راضيه اتطيبين؟

كل يوم انا ادعي لش وقول انشا الله تبرين

وذا جا الليل اسمعنش موجوعه وبس تونين

معناته الألم زايد عليش وهدّ ليش الحيل

اشمعنى الليل يا يمّه تكثر منّش الونّه

انا قلبي تعصرينه وونّاتك تذبحنه

احط راسي على وسادي ودمعي سيل من جفنه

وأتمّ اتقلّب بجمري وعيني تهل طول الليل

اشفيه الليل يا يمه العاده البيه تصخّ الناس

وانتِ صوتش تقولين قلبوني اقليبي احتاس

واذا قلبوش على جنبش تصعد منش الأنفاس

نفس جنب اليمين اصعب ونفس جنب الشمال اطويل


(في جوار السيدة المعصومة)

 لم ينحنِ جسمي ببابِ شموخها

ركع اليقين مكلَّلا بيقينِ

أنا قطعةٌ من طينها حنّت لها

شهدت بذاكَ عوالمُ التكوينِ

لم أرتمِ عشقاً على عتباتِها

لكنَّ عشقيَ نحوَها يرميني

خسئ الهوى إنْ لم يكن في سكرِهِ

لذّاتُ شوقٍ نحوَها وحنينِ

ووجودُهُ زيفٌ وقشرٌ زائلٌ

مثلُ السرابِ بنظرةِ المغبونِ

إن لم يكنْ نبعُ المودةِ منهُمُ

بطُلَ الهوى والدينُ ليسَ بدينِ