ما تناثرَ مِن نايِ الخلود
الشاعر محمد منصور اليوسف
(مملكة البحرين)
مِثلَ اليتامى بَذرتُ الحُزنَ في رئَتي |
وأَترعَ الصبرُ مِنِّي كلَّ سُنبلةِ |
|||
ولم تزل شَفرةُ الأيامِ تحصُدُ في |
حَقلِ المراثي التي قد خَضَّرَت شَفَتي |
|||
آتٍ مِن الموتِ، نايُ الريحِ يبعثني |
ولستُ مِن حينها حيًا، ولم أمُتِ |
|||
عَقرتُ ناقةَ تصريحي ولُذتُ على |
ذعري إلى ظلِّ إيماءٍ وتوريةِ |
|||
فوثبةُ الخطبِ قد جازت بلوعتِها |
أقصى سَلالمِ جرحٍ في مُخيِّلتي |
|||
وسَحنةُ (العشرُ) قد ألقت حقائبَها |
مِلءَ الفجائعِ في أرجاءِ ذاكرتي |
|||
فذا حسينٌ تحوكُ الطفُّ غربتَهُ |
بخيطِ غدرٍ وأحقادٍ مُعتَّقةِ |
|||
أنصارُهُ أشرقوا من فرطِ ما اشتعلوا |
في عِشقِهم، ورقوا معراجَ أُمنِيةِ |
|||
تسابقوا للمنايا كي تُحرِّرَهم |
مِن الترابِ لغاياتٍ مُبتَّلَةِ |
|||
ودثَّروا الطفَّ أرواحًا مُحلِّقةً |
إلى الجلالِ، وفازوا بعد مَقتَلَةِ |
|||
فرفرفت في البلاءِ الرحبِ واعيةٌ |
من المُحاصَرِ في صحراءِ حَنجَرةِ |
|||
تُسائلُ الريحَ: هل مِن ناصرٍ؟! ولهُ |
تعودُ خجلى وحيرى دون أجوبةِ |
|||
فَسَلَّ من صدرهِ صَمصامَ حُجَّتهِ |
وسار للبطشِ في خَيْلٍ من العِظَةِ |
|||
وحيلةُ الليلِ تأبى للشقاوةِ أن |
لا تملأ الأفقَ من دمِّ ابنِ فاطمةِ |
|||
فأقبل السبطُ يروي الدينَ من دمهِ |
شذا الخلودِ بأحشاءٍ مُفتَّتةِ |
|||
وأسرجَ النفسَ قربانًا تُقدِّمُهُ |
حرارةُ العشقِ في حَمدٍ وحوقلةِ |
|||
شدَّ الحميةَ في يمناهُ وارتجزت |
صولاتُهُ (أحمدًا) في لُجَّةِ العَنَتِ |
|||
على الضلالةِ يهوي سيفُهُ قدَرًا |
بكفِّ عزريلَ للنارِ المُسعَّرةِ |
|||
نورًا رسولًا تجلَّى بين عِتمَتِهم |
وكلما حاصروهُ اشتدَّ في السَّعةِ |
|||
أين الرجالُ؟ تناديهم أَرومَتُهُ |
وما هنالكَ مِن ظلٍّ لِمَرجَلةِ |
|||
تكاثروا حولهُ جوعى لِمظلمةٍ |
تذوي مِن الرعبِ منها كلُّ مَظلمةِ |
|||
فما ارعوى لهمُ سيفٌ ولا عَمَدٌ |
عن الصعودِ على الذاتِ المُطهَّرةِ |
|||
وما تورَّع مِن نَبلٍ ولا حَجَرٍ |
ولا سِنانٍ -على القرآنِ – مُنفَلِتِ |
|||
كلُّ الجراحاتِ نحو الغيبِ قد عَرَجت |
إلى العدالةِ تشكو قوسَ حرملةِ |
|||
فقد سقى نحرَ طفلِ العرشِ، ثم رَمى |
قلبَ السماواتِ بالسهمِ المُثلَّثةِ |
|||
***** |
||||
وها أتيتُ أُمنِّي النصَّ ملحمةً |
كم فطَّرت من أساها مُهجةَ اللغةِ |
|||
أُلقي على ضفةِ الأوجاعِ أسئلةً |
عطشى فترجع لي أشلاءَ أسئلةِ |
|||
وأرقُبُ الذعرَ يُعطي للجهاتِ يدًا |
وأرصُدُ الموتَ يجري دونما جِهةِ |
|||
وأُبصِرُ اليُتمَ أقدامًا مُهروِلةً |
بذلِّها، نحو أحلامٍ مُهروِلةِ |
|||
وألمحُ الثكلَ يهوي بالخدورِ ولا |
يُبقي سواهُ ملاذًا للمُخدَّرةِ |
|||
هُنا وعودٌ ونَظْرَاتٌ مُقطَّعةٌ |
إربًا فإربًا لآمالٍ مُقطَّعةِ |
|||
هنا التراب ُسماءٌ، والنِسا شُهُبٌ |
سَطعنَ مِن بين أقمارٍ مُبضَّعَةِ |
|||
وسِرنَ بالفتحِ في رأسٍ بلا جسدٍ |
وذاكَ أصعب ُ دورٍ (للمُيسَّرةِ) |
|||
مَضينَ يشرَحنَ نصرًا في الخلودِ ثوى |
مَتنًا ذبيحًا على أوصالِ حاشيةِ |
|||