المركز الثاني / فئة القصيدة التراثية: ما تناثرَ مِن نايِ الخلود (الشاعر محمد اليوسف)

 

ما تناثرَ مِن نايِ الخلود


الشاعر محمد منصور اليوسف

 (مملكة البحرين)


مِثلَ اليتامى بَذرتُ الحُزنَ في رئَتي

وأَترعَ الصبرُ مِنِّي كلَّ سُنبلةِ

ولم تزل شَفرةُ الأيامِ تحصُدُ في

حَقلِ المراثي التي قد خَضَّرَت شَفَتي

آتٍ مِن الموتِ، نايُ الريحِ يبعثني

ولستُ مِن حينها حيًا، ولم أمُتِ

عَقرتُ ناقةَ تصريحي ولُذتُ على

ذعري إلى ظلِّ إيماءٍ وتوريةِ

فوثبةُ الخطبِ قد جازت بلوعتِها

أقصى سَلالمِ جرحٍ في مُخيِّلتي

وسَحنةُ (العشرُ) قد ألقت حقائبَها

مِلءَ الفجائعِ في أرجاءِ ذاكرتي

فذا حسينٌ تحوكُ الطفُّ غربتَهُ

بخيطِ غدرٍ وأحقادٍ مُعتَّقةِ

أنصارُهُ أشرقوا من فرطِ ما اشتعلوا

في عِشقِهم، ورقوا معراجَ أُمنِيةِ

تسابقوا للمنايا كي  تُحرِّرَهم

مِن الترابِ لغاياتٍ مُبتَّلَةِ

ودثَّروا الطفَّ أرواحًا مُحلِّقةً

إلى الجلالِ، وفازوا بعد مَقتَلَةِ

فرفرفت في البلاءِ الرحبِ واعيةٌ

من المُحاصَرِ في صحراءِ حَنجَرةِ

تُسائلُ الريحَ: هل مِن ناصرٍ؟! ولهُ

تعودُ خجلى وحيرى دون أجوبةِ

فَسَلَّ من صدرهِ صَمصامَ حُجَّتهِ

وسار للبطشِ في خَيْلٍ من العِظَةِ

وحيلةُ الليلِ تأبى للشقاوةِ أن

لا تملأ الأفقَ من دمِّ ابنِ فاطمةِ

فأقبل السبطُ يروي الدينَ من دمهِ

شذا الخلودِ بأحشاءٍ مُفتَّتةِ

وأسرجَ النفسَ قربانًا تُقدِّمُهُ

حرارةُ العشقِ في حَمدٍ وحوقلةِ

شدَّ الحميةَ في يمناهُ وارتجزت

صولاتُهُ  (أحمدًا) في لُجَّةِ العَنَتِ

على الضلالةِ يهوي سيفُهُ قدَرًا

بكفِّ عزريلَ للنارِ المُسعَّرةِ

نورًا رسولًا تجلَّى بين عِتمَتِهم

وكلما حاصروهُ اشتدَّ في السَّعةِ

أين الرجالُ؟ تناديهم أَرومَتُهُ

وما هنالكَ مِن ظلٍّ لِمَرجَلةِ

تكاثروا حولهُ جوعى لِمظلمةٍ

تذوي مِن الرعبِ منها كلُّ مَظلمةِ

فما ارعوى لهمُ سيفٌ ولا عَمَدٌ

عن الصعودِ على الذاتِ المُطهَّرةِ

وما تورَّع مِن نَبلٍ ولا حَجَرٍ

ولا سِنانٍ -على القرآنِ – مُنفَلِتِ

كلُّ الجراحاتِ نحو الغيبِ قد عَرَجت

إلى العدالةِ تشكو قوسَ حرملةِ

فقد سقى نحرَ طفلِ العرشِ، ثم رَمى

قلبَ السماواتِ بالسهمِ المُثلَّثةِ

*****

وها أتيتُ أُمنِّي النصَّ ملحمةً

كم فطَّرت من أساها مُهجةَ اللغةِ

أُلقي على ضفةِ الأوجاعِ أسئلةً

عطشى  فترجع لي أشلاءَ أسئلةِ

وأرقُبُ الذعرَ يُعطي للجهاتِ يدًا

وأرصُدُ الموتَ يجري دونما جِهةِ

وأُبصِرُ اليُتمَ أقدامًا مُهروِلةً

بذلِّها، نحو أحلامٍ مُهروِلةِ

وألمحُ الثكلَ يهوي بالخدورِ ولا

يُبقي سواهُ ملاذًا للمُخدَّرةِ

هُنا وعودٌ ونَظْرَاتٌ مُقطَّعةٌ

إربًا فإربًا لآمالٍ مُقطَّعةِ

هنا التراب ُسماءٌ، والنِسا شُهُبٌ

سَطعنَ مِن بين أقمارٍ مُبضَّعَةِ

وسِرنَ بالفتحِ في رأسٍ بلا جسدٍ

وذاكَ أصعب ُ دورٍ (للمُيسَّرةِ)

مَضينَ يشرَحنَ نصرًا في الخلودِ ثوى

مَتنًا ذبيحًا على أوصالِ حاشيةِ

المركز الثاني / فئة القصيدة الحديثة: رَسمٌ بلا أَصَابع (الشاعر ناصر زين)

رَسمٌ بلا أَصَابع

الشاعر ناصر ملا حسن زين

(مملكة البحرين)


مَرسمٌ إِلهيٌّ فوق ثَرى كربلاء .. وهُناكَ على صَفحةِ النهرِ قَمرٌ بَارعٌ في تَشكيلِ لَوحتِهِ السَّماويّة، مَاهرٌ في اقتناصِ اللَّحظةِ البانُوراميّة .. بلا يَدين .. ولا عَين .. رَسَّامٌ معَ الحُسين

____________________________________________________

يَمْتَدُّ في لَوْحَةِ المَعنى

فَأَرمُقُهُ

واللَّهُ بالغَيبِ رَسَّامًا سَيَخلُقُهُ


مِنْ رِيشةِ الوَحيِ

مِنْ (حَوَّاءَ) شَكَّلهُ طِينًا

تَجَلَّى على الشُّطآنِ رَونَقُهُ


حتَّى تَنزَّلَ بالإبداعِ مُعجِزةً بكربلاءَ

ورِيحُ الوَعدِ تَسبِقُهُ


يَمْتَدُّ يَمْتَدُّ

حَيثُ الشَّمسُ بَاسِطةٌ ذِرَاعَها فوقَ نَهرٍ

رَاحَ يُنْطِقُهُ :


يا أيُّها القَمرُ المُمْتَدُّ (يُوسُفُهُ)

مُذْ أَوَّلَ الحُلْمَ ..

والمَنْفَى يُطوّقُهُ


– (عَشْرٌ عِجَافٌ)

خِيامٌ

– سُنبُلاتُ دَمٍ

– ذَبحٌ

– بُكاءٌ

– وَجُودٌ ..

 .. مَنْ سيَخرِقُهُ ؟!


 هَلْ (بئرُكَ) القِربةُ الظَّمْأَى؟!

* فَقالَ: أَجَلْ  

– و(قَمحُكَ الغَضُّ) ؟!

* نَزفُ الدَّمِّ يُورقُهُ  


الماءُ يَخرجُ مِنْ كفَّيكَ

قَافِلةً مِنَ القَدَاسةِ

حيثُ اللَّهُ يُهرِقُهُ


المَاءُ قِصَّةُ عِشقٍ

كانَ يكتُبُها (عَلِيُّ) وَحيًا

فَوَحيًا   ..

فِيكَ يُغدِقُهُ


يا (شَاطئًا) بَلَّلَ الأَرواحَ

فَانْبَجَسَتْ ..

واخضَرَّتِ الأَرضُ لمَّا فَاضَ (أَزرَقُهُ)


يَمْتَدُّ يَمْتَدُّ في الإنسَانِ

صَارِيةً  ..

بَحرًا تَأهَّبَ للإِبحارِ زَوْرَقُهُ

وكُلَّما تَحبسُ الشُطآنُ قَارِبَهُ

 ..

يَجِيءُ

مِنْ كفِّهِ المَقطُوعِ يُطلقُهُ 


يَجِيءُ

يَرسمُ أَطفالاً وأَشرعةً

ومَرفأً حَالِمًا ..

لا مَوجَ يُغرقُهُ


يَجِيءُ

يَرسمُ صَحراءً

و(زَينبُها) تَمرُّ صُبحًا سَبيًّا بَانَ مَشرِقُهُ


يَجِيءُ

يَرسمُ (طَفًّا)

كانَ أنبَأهُ

عَنْ لَحظَةِ الذَّبحِ والمَسْرَى (فَرَزدَقُهُ)


يَجِيءُ

يَرسمُ مَوتًا مَازقًا جَسَدًا ..

فيَدفنُ المَوتَ – فيْ الرَّمضَا – تَمزُّقُهُ


ويَرسمُ (السِّبطَ) مَرفوعًا إلى أُفُقٍ

ولا سَنَابكَ خَيلٍ سَوفَ تَسحَقُهُ !!!


ويَرسمُ الجُودَ (أُمَّاً)

أَنجَبَتْ وَطنًا

وثَمَّ فِي الطَّفِّ بَابٌ جَاءَ يَطرُقُهُ


حَتَّى يَمُرَّ
..

فَيَلْقَى قَلبَ (فَاطمةٍ)

سَتَرفعُ (الكفَّ) ..   

في المَأَوى تُعلِّقُهُ


السَّهمُ يَخسفُ عَينَ الضَّوءِ مِنْ جَبَلٍ

قَدْ رَفَّ فوقَ جُفُونِ الدَّهرِ بَيرقُهُ


السَّهمُ يَذبحُ قُرآنًا

يُرتٌّلهُ (بَدرٌ)

سَيُقطعُ مِنهُ الآنَ مِرفقُهُ


والرُّأسُ نَافِذةٌ

كَمْ تُشْرقُ الأنبياءُ / الشَّمسُ مِنها

إِذا ما شُقَ مِفرقُهُ


إِذْ كانَ أجملَ جُرحٍ

جُرحُ هَامتهِ

والجُرحُ في اللهِ يَحلُو حِينَ يَعشَقُهُ

*//*//*//*//*//*//*

هُنا

سيَرتَسمُ (السَّقَّاءُ) سَاقِيةً ..

(ماءً كلِيمًا)

وصَمتُ النَّهرِ مَنطقُهُ


هُنا

ستَختَنقُ الأوْرَاقُ بَاكِيةً

على (رَضِيعٍ)

سِهامُ المَوتِ تَخنقُهُ


هُنا

سَتَرتعشُ الأَقلامُ

حِينَ تَرى بـ(خِدْرِ زَينبَ) أَسيَافًا سَتُحرِقُهُ


هُنا

تَألَّقَ مِنْ لَوحِ السّماءِ دَمٌ على الوُجُودِ

ولَا يَخبُو تألُّقُهُ


هُنا الحُسينُ
 ..

(عِراقُ اللّهِ) يَعزِفُهُ لَحنًا

على مَسْمَعِ الدُّنيا يُمَوسِقُهُ

هُنا

سَيَختَصرُ العبَّاسُ لَوحتَهُ

بلا يَدينِ ..

وعَينُ الأُفقِ تَرمُقُهُ


وكُلَّما مَزَّقُوا الألوانَ في يَدهِ
 ..

فَاللَّهُ بالغَيبِ رَسَّامًا سَيَخلُقُهُ

المركز الثاني (القصيدة التراثية): رواية الطفّ (باسم الحسناوي)

رواية الطفّ

باسم عبد الحسين راهي الماضي الحسناوي
(النجف الأشرف – العراق)

تقولُ الرِّوايةُ: ساروا وخَفّوا

وكانَ الدَّليلَ معَ الرَّكْبِ حَتْفُ

تقولُ الرِّوايةُ: إنَّ النجومَ

بكَتْ حينَها وهيَ للمَوْتِ تَهْفو

على أنَّهم كانَ حَجْمُ السَّعادةِ

أكْبَرَ ممّا يُهَدِّدُ زَحْفُ

وساروا وهم ينْشدونَ القَصائدَ

فيما تَمايلَ نَخْلٌ وسَعْفُ

وكم قد رَأَوْا من نَهارٍ يَسيلُ

وكم قد رَأَوا من ظَلامٍ يَجِفُّ

وكم أثْلَجَتْ صَدْرَ أحْزانِهم

مواويلُهُمْ وَهْيَ عِشْقٌ وَلَهْفُ

وكانوا يسيرونَ والقَوْمُ صَرْعى

وأجْسادُهُمْ كالزُّجاجِ تَشِفُّ

ومن خلفِ هذا الزُّجاجِ الشَّفيفِ

أرواحُهُم عن سنىً لا تكفُّ

وكاللهِ حبّاً وكاللهِ حِلْماً

تُقطَّعُ أجْسادُهُم وهْيَ تَعْفو

***

تقولُ الرِّوايةُ: نِصْفُ الطَّريقِ

حماماتُهُمْ والصَّوارِمُ نِصْفُ

وحتى الصَّوارِمُ كانت حمائمَهُمْ

في الفَضاءِ البَعيدِ تَرِفُّ

وإذْ قَطَعوا نِصْفَ هذا الطَّريق

تدلّى عَلَيْهِم من العَرْشِ طَفُّ

وكانَ جميلَ المحيّا كحورِ

الجنانِ، وكانَ نقيّاً يعِفُّ

وأسْماءُ ربِّكَ كانت وشاحاً

لهُ، فهْوَ فَوْقَ السَّماواتِ سَقْفُ

يكبِّرُ ربَّ الوجودِ بكلِّ

الحروفِ، ويبقى هنالِكَ حَرْفُ

يكبِّرُ كلُّ الوجودِ بهِ الطفَّ

ثمَّ على كَتِفِ الدَّمْعِ يَغْفو

***

تقولُ الرِّوايةُ: سبعينَ كانوا

وسبعينَ ألفاً، فَشَخْصٌ وألْفُ

لقد كانَ عِشْقاً بحَجْمِ السَّماءِ

وكانَ المدى بالرَّدى يَسْتَخِفُّ

وأغْرَبُ ما كانَ أنَّ الرَّدى

ذاقَ طَعْمَ الرَّدى وَهْوَ رمْحٌ وسَيْفُ

فما كانَ أغْباهُ حينَ يناوِرُ

ظنَّ لهُ النَّصْرَ في الحَرْبِ يَصْفو

فما هيَ إلا السُّوَيعات، من بَعْدِها

المَوْتُ ماتَ وفي النَّفْسِ عَصْفُ

قضى نَحْبَهُ المَوْتُ، ما سارَ خلفَ

جَنازتِهِ من رعاياهُ جِلْفُ

وعاشَ الألى كلُّ شَخْصٍ بألفٍ

لهم في الدَّقيقةِ عُمْرٌ وضِعْفُ

***

تقولُ الرِّوايةُ: ما كانَ فَقْرٌ

وما كانَ ظُلْمٌ وما كانَ عَسْفُ

يكونونَ كهفَ الفقيرِ الذي سيمَ

خَسْفاً، فما ضاقَ بالنّاسِ كَهْفُ

منائرُهُم عَلَمُ اللهِ في الأرْضِ

تَرْفَعُهُ لأَبي الفَضْلِ كَفُّ

المركز الثاني (القصيدة الحديثة): مُهرٌ على مَشَارفِ القَصِيدَة (ناصر زين)

مُهرٌ على مَشَارفِ القَصِيدَة

ناصر ملا حسن زين

(سنابس – البحرين)

خُطوةً خُطوةً .. يَعبرُ مُهرُ السَّماءِ عَوالمَ القَصيدةِ حَاملاً دَمَ الحُسينِ وضَوءًا مِنْ بَقايا قلبِ الحسينِ
حتَّى يَحطَّ في طَفِّ القِيامةِ مَجازًا حقيقيًّا بلَونِ الحُسين

****

بَينَ القَصِيدةِ والقَصِيدةِ مُهرُهُ
عَبرَ العَوَالِمَ ..
والكِنايةُ جِسرُهُ

عَبرَ المَجَازَ
وليسَ ثَمَّةَ أَحرُفٌ
إِلّا جِراحًا للخُلودِ تَجُرُّهُ

مِنْ كُلِّ حَرفٍ ظَامِئٍ
–  لا يَنتَمِيْ إِلّا إلى الشُّطآنِ –
يَنطقُ نَهرُهُ :

” قِفْ ” .. !!
قَالَ للتَّأرِيخِ
حِينَ بِرَكبهِ وَقَفَ الحُسينُ على الرِّماحِ
ودَهرُهُ !!

“مَا إِسمُ هَذيْ الأَرضِ ..” ؟!

قِيلَ: تَمرُّدٌ
وتَجدُّدٌ
وَجَعٌ
تَنفَّسَ فَجرُهُ

وبذَاكَ أنْبأَهُ الصَّهِيلُ:
” هُنا هُنا جَسَدٌ  ..
سِهَامُ القَاتلينَ تَسرُّهُ ”  !!

وسَيَعبُرُ النَّهرُ الشَّهِيدُ مَدَائنًا ظَمْأى
إِلى حَيثُ الحُسينُ ونَحرُهُ

تَأتيهِ مِرآةُ الخِيَامِ
تَضَمُّهُ مَعنىً سَمَاويًّا
تَسَامَى طُهرُهُ

يَأتِيهِ مُهرُ اللهِ
يَحملُ قَلبَهُ ضَوْءًا
يُوزِّعهُ الإِلَهُ
وأَمرُهُ

تَمتَدُّ فِيهِ الأَرضُ،
يَبلُغُ يَومُها حَدَّ القِيَامَةِ ..
والقِيامَةُ عُمرُهُ !!

فاللَّهُ يُشعلُ بالحُسينِ حَضَارَةً للعَالمِينَ
إِذا تَكسَّرَ صَدرُهُ

ويَسُحُّ صَوتُ المُهرِ
يُحييْ عَالمًا
وبنَفخِ هذا الطِّينِ يُبعثُ طَيرُهُ

لُغزاً
ستَرفَعُكَ السَّمَاءُ ..
لتَرفعَ الأَوْطَانَ غَيمًا
قَد تَنَاسَلَ قَطرُهُ

مُذْ نَصَّبُوا في (الشَّامِ) رَبًّا قَاتلاً
كُنتَ السَّنابلَ ..
والمَنَاجِلُ كُفرُهُ

عَرشٌ سَرابيٌّ
و(يَمٌّ) شَقَّهُ (كفٌّ إِلهيٌّ)
لتُؤمِنَ (مِصرُهُ)

أَلقَيتَ (مِثْلِيْ لا يُبايعُ مِثلَهُ)
أَفعىً
وذَاكَ الرَّبُ يَبطُلُ سِحرُهُ !!

وأَنا بجُرحِكَ فِكرةٌ وقَصِيدَةٌ ..
قَلَمٌ تَوَرَّثَ: أنَّ جُرحَكَ فِكرُهُ

ظِلاً
سَأتبَعُ خْطوَتيكَ
بدَاخَلِي (مُوسَى)
يُعَلِّمهُ الحَقائقَ (خِضْرُهُ)

وكشَفتَ للطِّينِ الغِطاءَ
ليَسْجُدَ الوَردُ المُكفَّنُ بالجِراحِ
وعِطرُهُ

ومَنَحتَ للأَشياءِ كُنهَ وجُودِها المَائِيِّ
حَيثُ (الطَّفُّ) تَنبضُ بِئرُهُ

لَمَّا يَزلْ مُهرُ المَشيْئةِ رَاكضًا بَينَ القَصَائدِ ..
والمَسَافةُ حِبرُهُ

ليَخُطَّ في لَوْحِ الأُلُوْهَةِ :
(يااااا حُسينُ)
فيَحتَفيْ بَيدِ المَلائكِ سَطرُهُ !!

ويَمرُّ بالشُّعراءِ
يَرسمُ خَيمةً مِنْ أحرُفٍ
وأنا (الكُمَيتُ) وشِعرُهُ

و(الهَاشِميّاتُ)*¹
انْهمَرنَ جَدَاولاً مَسبيَّةً،
والدَّربُ مَوتٌ قَفرُهُ

وأَنا أَنا (هَمَّامُ)*²
قُلتُ : ” قُلُوبُهمْ أَسيَافُهمْ .. !!
والسَّيفُ يَنْضَحُ غَدرُهُ “

وأنا بإِصبِعِهِ القَطِيعِ مُعلَّقٌ
طِفلاً رَضِيعًا
قَد تَشَقَّقَ ثَغرُهُ

” يا للظَّلِيمَةِ ..”
والسُّؤالُ مُجرَّحٌ في مُهرهِ :
–  هَلْ قَامَ حَقًّا حَشرُهُ ؟!

*  الحَشرُ جِسمٌ بَضَّعُوهُ
فَسُلْسِلَتْ مِنهُ القَدَاسَةُ
والكِتابُ
وسِفرُهُ

– ما سِرُّ هَذا الرَّأسِ حَيثُ بقَطعهِ يَنمو ؟!!
*  أجَلْ ..
للآنَ يُجهلُ سِرُّهُ !!

فالرَّأسُ يا للرَّأسِ نَخلٌ
كُلَّما قَطَعُوهُ يَثأرُ للمَواسمِ تَمرُهُ

دُوَلٌ ..
و(أُختُ الجُرحِ) *3
تَحفرُ نَهضَةً :
” ..  واللَّهِ لنْ يُمْحى الحُسينُ وذِكرُهُ  ”

يَومًا سَيَحكُمُ رَأسُهُ الدُّنيَا
إِذا قُطِعَ الوَريدُ الحُرُّ
يَنزفُ نَصرُهُ

يَفنَى الفَنَاءُ
وكُلُّ عَرشٍ ميِّتٍ ..
ويَظلُّ في الأَزمَانِ حَيًّا قَبْرُهُ !!

فهُناكَ (ثَأرُ اللَّهِ)
نَزفُ قَصِيدةٍ عَرشيَّةٍ ..
باللَّهِ يُكتَبُ ثَأرُهُ !!

***

نتائج فئة القصيدة الموكبية (الصائحة)

نتائج مسابقة شاعر الحسين الرابعة عشرة (1444 / 2022)

فئة القصيدة الموكبية (الصائحة)


المركز الأول

قصيدة (صهيل الدموع) للشاعر رضا درويش

(الرادود صالح الدرازي) – مأتم بن سلوم بالمنامة


المركز الثاني

قصيدة (لن أترك الحسين) للشاعر سيد علوي الغريفي
(الرادود سيد مصطفى الموسوي) – مأتم الحاج عباس بالمنامة


 

المركز الثالث

قصيدة (حبيب بن مظاهر) للشاعر كرار حيدر الخفاجي

(الرادود علي بوحمد) – مأتم العجم الكبير بالمنامة


المركز الرابع

قصيدة (والله حسرة) للشاعر عقيل ميرزا
(الرادود عبدالأمير البلادي) – مأتم بن سلوم بالمنامة


المركز الخامس

قصيدة (ليلة العاشر) للشاعر سيد أحمد العلوي
(الرادود مهدي سهوان) – مأتم بن خميس بالسنابس


تنويهات

1- امسح كود QR للاستماع إلى التسجيل المرئي للقصيدة (يوتيوب).

2- جرى ترشيح القصائد من قبل جمهور الموكب الحسيني، وليس الشاعر نفسه، وعرضت على لجنة تحكيم متخصصة انتقت 5 قصائد بدون ترتيب، وأخيراً عرضت على الجمهور عبر تصويت إلكتروني لتحديد المراكز الخمسة.

3- اقتصر التقييم على كلمات القصيدة، ولم يشمل الأداء أو اللحن.

4- نطاق المسابقة: مكانياً أحد مواكب أو مآتم البحرين، وزمانياً موسم عاشوراء 1444 هـ.

 

المركز الثاني: حبيب المعاتيق (أسئلةٌ على ضفاف النهر)

المركز الثاني:

أسئلةٌ على ضفاف النهر

حبيب المعاتيق (المملكة العربية السعودية)


وجهًا لوجهِكَ لا أسوار تفصلني

يمتدُّ ضوؤُك ملءَ العين والأذنِ

وجهٌ تعرَّق بي،

لِمْ جئتَ متحدا بالنهر يا أنت

هذا النهر بلّلني

ضيّعتُ قلبيَ، سمْتي في الهوى، ثقتي

إن كان لابد كي ألقاك من ثمنِ

يا مدّ هيبتك الغلابَ يصنع بي

أشدَّ ما يصنعُ الإعصارُ بالسفنِ

عن موعدٍ بيننا رتَّبتُ أسئلتي

وحيث وجهُك من فوضاي رتّبني

بعضَ الشجاعةِ يا قلبي أكن لَبِقاً

لو كان يَحسنُ في هذا الهوى جُبُني

بعضَ الشجاعةِ يا كفيَّ؛  تملؤني

والجوّ يعصف حولي رعشةُ الغصُنِ

سأدخلُ الآن فافتح نصف نافذة

حتى أراك لأنّ الضوء يغمرني

💢💢💢

-في البدءِ من أنت؟

عرِّف باليسير؟

-أنا ! ..

ما أسهل السُؤل لو تدري وأصعبني!

لستُ السحابةَ لكني الهطول

وما بين انبساطةِ كفي

شيمةُ المزُنِ

-بدأتَ بالماء، هل للماءِ من صلةٍ؟

-لا بد أن تسأل الظمأى لتعرفني

بيني وبين الظما والماء أسئلةٌ

أشدُّ خوفيَ أن تقسو وتسألني

-والنهرُ؟

-كان خليلي في طفولتنا

يتيه بالطول لكن كان يقصُرُني

يسقي من النبع أفواه الرُبى

وأنا أسقي من الغيب

حيث الماء بي (لَدُنِي)

كنا امتهنا شجون الماء من زمنٍ

الله أعلم ما في الماء من شجنِ

-وهل صفا لك يوما عند حاجتهِ

-بلى صفا

والظما كالنار في بدني

-طوبى لروحك؛

 بُلَّت نارُ غلَّتها من بارد الماء،

-ما كانت ولم تكنِ

ثم انصرفنا بعيداً بُعد وحدتنا

يعدو بنا الموت مجنونا بلا رسنِ

عدا السقوط كثيرا قلتُ يُشبهني

في الأرض جلُّ صفات الهاطل الهَتِن

وقد سقطتُ – ولكن مرة – خجِلا

ما بين غمضةِ جفن الموتِ والوسنِ

-وهل غفا لك جفنٌ في الفلاة؟

-بلى

جفنٌ وحيدٌ على صلصالها الخشنِ

غفوت والنهر عريانين أسترُهُ

عن الوحوش

ولكن ليس يسترُني

💢💢💢💢

-عذرا لقلبك لو أشجتك قصتنا

ذهبتَ للحزنِ حيث الحزن لم يحنِ

لدي خِرج أحاديثٍ وأسئلة،

سنرجعُ الآن بعض الشيء في الزمنِ

 

من أين أنت؟

-أنا من قلب عاصفةٍ في الطفِّ،

دعنا من الأقطار والمدنِ

من بعض أسمائيَ الأدعى بها قمرٌ

إلى السماء إذا ما شئت تنسبني

ولي على الأرض بيتٌ شاخصٌ أبدا

على محاجر عشاقِ الحسينِ بُني

-تعني الحسين؟

تحدَّثْ عن علاقتِهِ؟

مَن الحسينُ؟ وأوجزْ وصفَهُ،

-وطني

سكنتُ عينيه من منفايَ ذاتَ هوى

ولم أزل كالندى في جنتَيْ عدَنِ

قلعتُ باب الهوى في حبه ولعًا

-من كان دلّك؟

-داحي الباب علّمني

مذ كنت رمحاً صغيراً بين قبضتهِ

يخوض بي لجةَ الأهوال والمحنِ

مذ كنت سهما صقيلاً في كِنانتِه

وأنت أدرى بما يَبري أبو حسنِ

وكان لي في قديم العمر والدةٌ

باسم الحسين تُحلِّي في الصبا لبني

-إذن تشكّلتَ مثل الطينِ منعقدٍ

-بلى بحبِّ أبي الأحرار منعجنِ

وصرتُ طوع بنان الحب

 أحمله ما بين صعدةِ أنفاسي

ويحملني

-وعن حياتك؟

-كانت رهن رَمشتِه

-وعن شبابك

-في هذا الغرامِ فُني

أسير بالريح أنى سار موكبه

وأحملُ الغيم حدَّاءً على الظُعُن

-وهل حكى لك من أسراره خبرا

-أن لا أصافح في الدنيا يَدَ

الوثنِ

وأن أموت ولا أعطي العدا بيدي

أولى لها البتُّ

أن تعطى لكفِّ دَني

وقد عقدتُ يدي نذرا لرايَتِه

وما ظننتُ بها يوما ستخذلني

مضيتُ أجني بها الأهوال أحصدُها

وحان حَينيَ

والجاني الأمين جُني

-ماذا صنعتَ إذن والرايةُ انكسرت

وذاب صوتكَ مما فيه من وهنِ

-ركزتُ زنديَ عند النهر يُخبرهُ

أنَّا سقطنا

ولم نخضع ولم نَهُنِ

المركز الثاني: ناصر زين (التَّلُّ .. بِوَصْفِهِ شَاهِد عيَان)

التَّلُّ .. بِوَصْفِهِ (شَاهِد عيَان)

 

ناصر زين

(السنابس – البحرين)


بينَ يدي اللهِ .. يَقفُ ( التَّلُّ ) شَاهِدًا وشَهِيْدًا يَحكِيْ عَنْ ( سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ ) و) امْرَأَةٍ / نَهْرٍ( شَايَعَتِ القُرْآنَ قَتِيلًا بِحُرُوفٍ خَطَّهَا الوَجَعُ هَوَادِجَ وَدُمُوعًا وَأحلامًا :

 

لـ(السُنْبُلاتِ الخُضْرِ) حُلْمٌ فَارعُ

وَفَمُ المَشِيئةِ هَوْدَجٌ

وَ(وَدَائِعُ)

للدَّمْعِ مَنْفَى الرَّاحِلينَ ..

وخَيْمَةٌ تَدنُو إِلى نَحرِ الحُسَينِ ..

تُبَايِعُ

وَطَنٌ مِنَ الوَجعِ الفَتِيِّ

وَلَوْنُهُ يَخْبُو

فَيُوقِدُهُ ( القَتِيلُ النَّاصِعُ ) !!

مُذْ كَانَ كَانَتْ ..

–  وَالجِهَاتُ غَرِيْبَةٌ  –

نَهْرًا يُسَافِرُ فِيْ الهُدَى ..

وَيُشَايِعُ

هَطَلتْ بِغَيْمَاتِ الكِتَابِ ..

فَشَجَّرَتْ طَفَّ القدَاسَةِ،

وَالنُّحوْرُ شَرَائِعُ

فَتَعَانَقَ الشَّجَرُ المُجَزَّرُ

والسَّمَا

وعِنَاقُ كُلِّ الأَنْبِيَاءِ مَوَاجِعُ

سَارَتْ بِأَنْهَارِ الجَلالِ

فَأَوْمَأَتْ للمُتْعَبينَ ..

« أَيا نَوَارِسُ:

سَارِعُوا !! .. »

هَذِيْ الحَقِيقَةُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا للهِ ..

و( الكَفُّ المُقَطَّعُ ) قَارِعُ !

و( الخُنْصُرُ المَبْتُوْرُ ) يَرسمُ وِجْهَةً للنُّوْقِ،

حَيثُ الدَّربُ مَوْتٌ ضَائِعُ

نَقَشَتْ بلَوْنِ المُسْتَحِيلِ

مَلاحِمًا

والجُرحُ فِيْ نَقشِ المَلاحِمِ بَارِعُ !!

جُرْحٌ يُرَتِّلُهُ الحُسَيْنُ بِكَرْبلا

بَعْثًا جَدِيدًا ..

قَدْ سَقَتْهُ مَصَارِعُ

–     هَلْ أَنتِ مُعجِزَةُ الخِيَامِ ؟! ..

–     نَبِيَّةٌ ؟! ..

–    ( لَوْنٌ حِرَائِيٌ ) ؟! ..

–    صَبَاحٌ يَانِعُ ؟!

–     أَمْ أَنَّكِ ( البَلَدُ الأَمِينُ )

وخَلْفها ارْتَحَلَتْ مَساجدُ حُزنِهَا

وجَوَامِعُ ؟!

–     مَنْ أَنْبَأَ الأَشْلاءَ : « حَجٌّ أَكْبَرٌ هَذا .. »

فَسَالَتْ بالجِرَاحِ ( مَنَافِعُ ) ؟!

–     مَنْ صَاحَ بالسِّكِّيْنِ: « لا تَتَقَدَّمِيْ .. »

إِنَّ الحُسَينَ مَعَ المَلائكِ

خَاشِعُ ؟!

قَلَّبْتُ أَسْئِلَةَ النَّهَارِ .. !!

وفَجْأَةً وَقفَتْ عَلَى ( تَلِّ السَّمَاءِ ) ..

تُمَانِعُ !!

وَقفَتْ ..

وتَارِيخُ الدِّمَاءِ مُعَبَّأٌ بالغَيْبِ،

والصَّوْتُ المُقَدَّسُ سَاطِعُ :

« اللهُ فِيْ صَدرِ الحُسَينِ مُؤبَّدٌ

لَنْ يُذْبَحَ اللهُ البَصِيْرُ السَّامِعُ » !!

رَكَضَتْ ..

وخَلْفَ الدَّمْعِ يَرْكُضُ حُلْمُهَا

فَتَعَثَّرَتْ ..

والرَّملُ شِلْوٌ هَاجِعُ

لَمْ أَلْتَفِتْ ..

إِلَّا ( يَسُوْعُ ) مُسَارِعٌ فِي ذَبْحِهِ ..

حَيْثُ الحُسينُ يُسَارِعُ !!

وَدُمُوعُ )سَيِّدَةٍ( تَمدُّ برُوحِها نَحْوَ ( المَسِيْحِ ) ..

وَثَمَّ مُهرٌ رَاجِعُ

وبجَفنِ (زَيْنَبَ) تَسْتَرِيحُ مَلامِحُ القَتْلَى ..

فَتَعبُرُ فِيْ السُّؤالِ فَظَائِعُ !! :

  • « أَمُحَمَّدٌ هَذا ..؟! »

فَصَكَّتْ وَجْهَهَا :

  • « .. هَذا (ذَبِيحُ اللهِ) وهوَ يُنَازِعُ !! .. »

وكـ( أُمِّ مُوسَى )

والمَوَاجِعُ وَحْيُها ..

وَرَضِيعُهَا قَدْ غَادَرَتْهُ ( مَرَاضِعُ )

أَلْقَتْ عَلَى كَتِفِ الفُرَاتِ رِسَالَةً

كَتَبتْ: سَيَحملُها الرَّضِيعُ الوَادِعُ !!

وكَأنَّ ( تَابُوتَ السَّكِيْنةِ ) حَامِلٌ وَطَنًا بـ( يَمٍّ) دَاهَمَتهُ طَلائِعُ !

وكَأنَّهُ ( الصِّدِّيقُ )

جَاءَ بِـإِخْوَةٍ

رُدَّتْ إِلَيهِمْ – في الطُفُوْفِ – بَضَائِعُ !

فَدَنَوْتُ ..

حَيْثُ الظَّامِئُونَ،

وَخَيْمَةٌ عَزَفَتْ مُوسِيقَاهَا،

وَلَحْنٌ فَاجِعُ

نَايٌ،

ونِيرَانٌ،

خُيولٌ،

غُربَةٌ،

مَوْتٌ،

صِغَارٌ،

نِسوَةٌ

ومَدَامِعُ

خَطَّتْ بِأَقْلامِ النُّبُوَّةِ مَوْعِدًا ( لِلقَتْلِ )

مُذْ بَرَزَتْ هُنَاكَ ( مَضَاجِعُ )

بِحُرُوْفِهَا الزَّرْقَاءِ تَشْتَعِلُ الرُّؤَى

مَاءً فَمَاءً ..

والإِبَاءُ مَنَابِعُ

تَسْقِيْ الدُّهُورَ ..

تُرَوِّضُ الصَّحْرَاءَ ..

تَحْتَرِفُ العُبُورَ بِجُرْحِهَا ..

وَتُقَارِعُ

وَبِثَغْرِها الكَوْنِيِّ

( طُوْفَانٌ ) مِنَ الكَلِمَاتِ

يَنْمُو سَيْلُهُ المُتَدَافِعُ :

«.. وَلَقَدْ ذَهَبْتَ بِعَارِهَا وشَنَارِهَا.. »

فَتَجَذَّرَتْ – رُغْمَ الخُيُولِ – أَضَالِعُ !!

« لا عَاصِمَ اليَوْمَ .. »

– انْهِمَارُ قِيَامَةٍ –

صَرخَتْ .. !!

ونَحرٌ – كَـ( السَّفِيْنَةِ ) – شَاسِعُ !!

مِنْ لَحظَةِ اللهِ

السَّمَاءُ تَفَجَّرَتْ

وكَأنَّ رَأسَ السِّبْطِ أُفقٌ سَابِعُ !!

لَا الشَّمْسَ تَطْلُعُ ..

وَالرمَاحُ تَكَسَّرَتْ فِي رَأْسِهِ

حَيْثُ الشُّمُوخُ مَطَالِعُ

فَحَفَرْتِ مِنْ كَفِّ الحُسَيْنِ حَضَارَةً أُخْرى

وَإِنْ قُطِعَتْ إِلَيْهِ أَصَابِعُ !!

فَتَقَاطرَ الثُّوَّارُ

حِينَ تَقَاطَرَتْ فِيْ الأَرْضِ ( عَاصِمَةُ الإِلهِ )

تُدَافِعُ

وبِهَوْدَجِ الأَوْطَانِ حَطَّتْ آيَةً

حَمْرَاءَ

رَتَّلَها العِرَاقُ اليَافِعُ :

لَوْلا ( الهَوَادِجُ )

والحُسَينُ

لهُدِّمَتْ بِيَعٌ،

صَلَاةٌ،

مَسْجِدٌ،

وَصَوَامِعُ !!

المركز 2: قصيدة (نشوة الجرح) / حسن مجتبى بزي (لبنان)

نشوةُ الجُرح

للشاعر / حسن مجتبى بزي (لبنان – الجنوب)

أضمِر نحيبَكَ يا زمانُ لأسمعَه

إنَّ الحقائق في الضمائر مُودَعة

إن لم تُطِق حبسَ النحيب فإنني

بيتُ المواجعِ والنّوافذُ مُشرَعة

يا حزنُ إنْ شِئتَ ادِّثاري فلتكُنْ

وِتراً بقلبي  جَلّ مِن  أن أشفعَهْ

خذني من الجسد الرديء وعَرِّني

أبرادَ  فكرٍ   بالخَيالِ   مُرَقّعة

ما زلتُ تأسِرُني الجِهاتُ بزهوها

وأخافُ ضِيقاً ، كُن جهاتي الأربعة

كُن حيث لا زمنٌ يحولُ بأن أرى

 وجهَ الحسين وأن يُراقَ دمي معهْ

كُن بين أسوار الظلام مطيّةً

لبصيرتي  تجتازُ زُورَ الأقنعة

حيث الحروف ولا حروف وإنما

قلبٌ  أسالَ على  القوافي مدمعَه

حيثُ الدموعُ مُراقُ ما عثَرَتْ به

الأحداقُ مِن غُصَصِ الطفوف المُوجِعة

حيث السُّهادُ جَليلَةٌ ضمّتْ بِلَيلِ

 الضارعِين   شقيقَها   لتُودّعهْ

حيث الزفيرُ لهيبُ جمرةِ هاربٍ

بين  الخدور مخافةً  أن  تلذعَهْ

كَفٌّ أذاق الوجدُ لطمتَها الضلُوعَ

على الذي في الطفِّ داسُوا أضلُعَه

وحياءُ أخرى أن تُعافَ وكفُّ من

خطَّ الخلود بهِ استباحوا إصبَعَه

طيرٌ ذبيحٌ جاء من زمن الفداءِ

مُعَفِّراً خدّاً وضرّجَ مَوضِعَه

سهمٌ من الحقد العتيق وطعنةٌ

في  جانحَيه  وزفرةٌ  مُتقطِّعة

وكأنما في نحره صوتُ الظُّبى

متأسِّفاً  ودَجَ  الحسين  فقطّعه

وكأنما لا شيءَ يحتجزُ الصدى

 ” هل من مُغيثٍ ” مَن سيُرسلُ مسمعه ؟

في كربلاءِ النفس يصرَعُ نفسَهُ

من قبلِ أن يلقى حسينٌ مصرعَه

تلك الصلاةُ عُروجُها محرابُ ذاكَ

النّحر تُرفَعُ إن تَعدّت مَطلَعَه

ذاك الوريدُ المستفيضُ سفينةٌ

للهاربين  إلى شُعاعِ  الأشرِعة

ما الفوزُ إلا نشوةُ الجُرح الذي

بدلَ الأنينِ يكادُ يلثمُ مِبضَعَه

ما الحزنُ إلا هجرةٌ في النزْفِ مِن

ظمإٍ  إلى  كأسِ  الإباءِ  المُترَعة

يا حزنُ خذني حيثُ ينضَحُ فاتحٌ

 بمهابةٍ في نزفِهِ، ما أنصعَه !

يستشرفُ الملكوتَ طَوداً والظُّبى

تفري له جسداً أبى أن تُخضِعَه

ووجدتُني الأحزانَ أظمأُ كُلّما

أُترِعْتُ من سرّ الجِراح المُشبَعة

 


سيرة ذاتية للشاعر

 

 

 

·    مواليد جنوب لبنان ، ١٩٨٩.

·    طالب وأستاذ علوم دينية في الحوزة العلمية – مرحلة البحث الخارج .

·    إجازة في الأدب العربي في الجامعة اللبنانية.

·    شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية في بيروت.


ملخص تعليق لجنة التحكيم 

المعقّب : الدكتور علي عبدالنبي فرحان

يكتسب النّصّ الشعريّ فرادته من تماسكه وترابط أجزائه، ونمو فكرته، وبجمال إيقاعه، وثراء معجمه، وجمال بنائه.

” نشوة الجرح ” قصيدة تحملك نحو ثنائية ضديّة تستبطن اتّحادًا يضخّ معاني النّصّ، ولا يقف عند ساحل عنوانه.

  • ينطلق هذا النّصّ في حوارٍ داخليٍّ بين الذّات الشّاعرة والمعنى المؤجّل الّذي ينبني شيئًا فشيئًا؛ لتتحوّل المعاناة والجرح والألم والحزن والمواجع ” وترًا بقلبي ( قلب الشاعر ) جلّ من أنْ أشفعه ” بشيء سواه. تتحوّلَ بوصلةً تتجه بالذّات الشاعرة إلى جهة واحدة حيثُ تتوحّد الجهات ( بُعدُ المكان ) وبعدُ الزمان ( لا زمنَ يحولُ ) … ( وأنْ يراق دمي معه ) نعم الاتحاد مع المفدّى ، الاتجاه نحو جهة واحدة هي الحسين (ع)

  • وببصيرة الشّاعر الّذي يندغمُ مع معركة الفداء روحًا وفنًّا ووجدانًا ملبّيًا استغاثة الحسين عليه السلام ليفصح عن قمة الالتحاق بركب المحبوب عليه السلام ( في كربلاءَ النفسُ يصرعُ نفسهُ من قبل أنْ يلقى حسينٌ مصرعه )؛ وفي ذلك معنى الصلاة والعروج، ومن أراد أنْ يسمو فعروجه ( ذاك الوريدُ المستفيضُ )، فحقيقة الفوز إحساس الشهيدِ بنشوة الجرح؛ وبذلك: ( يستشرف الملكوتَ طودًا والظبى   تفري له جسدًا أبى أنْ تُخضِعَه ) السيوفُ.

  • نجح الشّاعر في مشروعه الفنّي وأقنع غاية الإقناع.

  • لغة الشاعر سهلة ممتنعةٌ؛ راوح فيها الشاعر بين الإنشاء والإخبار، ولعب بممكنات اللغة الّتي أهلته ليعبّر عمّا يريد في سهولة ودون تكلّف.

  • كثيرًا ما تقلقنا التكرارات في النّصّ الشعري؛ لكنّما الشّاعر هنا وظّفها توظيفًا ذكيًّا، جعل منها آلةً تضخُّ كلّ مرةٍ معنى يفيض دهشةً وعمقًا.

  • الإيقاع غنائي يسوّل للقارئ أنْ يلتذّ بالنصّ ويعيش أجواءه بل نشوته بدءًا بالتصريع، وإيقاع بحر الكامل، وجمال رويّ القصيدة الّذي ألحق به الهاء خاتمةً لذيذةً تنفث آهات زفير صدر المكروب المنفوث حزنًا.

النص الثاني: استغاثةُ السَّماء

%d9%81%d8%b1%d8%a7%d8%b3-%d9%85%d8%aa%d8%a7%d9%86%d9%8a

رأيْتَ سماءَ اللهِ تستنهضُ الأرْضا ‍
فأدْرَكْتَ .. قُرْباناً بغَيْرِكَ لا ترْضى

فَلَمْ تحتملْ مَسْراكَ أرضٌ .. سماؤها ‍
بِكُلِّ ثناياها هَوَتْكَ هوًى مَحْضا

فأقْرَضْتَها نَفْساً وَآلاً وإخوةً ‍
وَصَحْباً وأولاداً فما أعْظَمَ القَرْضا

أ تكبو على الغبراءِ مَحْنِيَّ قامةٍ ؟ ‍
وَقَدْ ألِفَتْكَ الحَرْبُ تكبو لِتَنْقَضَّا

سعى لَكَ عِزْريلٌ مِنَ اللهِ مُرْسَلاً ‍
فلبَّيْتَهُ .. مَنْ قالَ لَمْ تستطِعْ نهْضا ؟

فأقْبَضْتَهُ روحاً فِداءٌ لَها المَلا ‍
جميعاً ..فما أشقى وما أرأفَ القبضا !

أُكذِّبُ كُلَّ الناقلينَ روايةً ‍
يُخَبِّئُ خلْفَ الحُبِّ مَضْمونُها البُغْضا

و أكفُرُ في عِلْمِ الرِّجالِ مُشَكِّكاً ‍
بأمْرٍ لهُ عينُ الحصيفِ ترى نقْضا

رَأوْكَ بِصحراءِ النَّواويسِ عارياً ‍
رأيْتُكَ سَيْفَ اللهِ قدْ آنَ أنْ يُنْضى

إذا لَمْ يكُنْ قَدْ أوْدَعَ اللهَ رَحْلَهُ ‍
دَمٌ ثائرٌ للآنَ يحمي لَنا العِرْضا

فكيْفَ يعافُ العِرْضَ بَيْنَ أراذلٍ ‍
لِيُنْبِئَهُ فيما يكونُ وما يُقضى

وَيُشْهِدَهُ آياتِ خطْبةِ زَيْنَبٍ ‍
بِعَيْنٍ لها الجبّارُ مِنْ نُورِهِ وَضَّا

أيا ظامِئاً والبِيْدُ في ذِكْرَيَاتِها ‍
إذا اسْتَمْطَرَتْ مِنْهُ تَوَخَّتْ بِهِ حَوْضا

فأغْدَقَها حَدَّ النماءِ وَلَمْ يَزَلْ ‍
رَوِيَّاً يُحاكي بَوْحُ أشذائهِ الرَّوْضا

فقأتَ عُيُوْنَ المُستحيلِ بِخُنْصُرٍ ‍
قطيعٍ لذا غارتْ ولَمْ تبرَحِ الغَمْضا

وَقَبْلَكَ لَمْ تجْرُؤْ لرؤياهُ أعْيُنٌ ‍
وفي عالَمِ الإمكانِ لَمْ يستَطِعْ خَوْضا

وأسْرَجْتَ للمَجْدِ القَصيِّ قوافلاً ‍
يحثُّ على نَيْلِ الرَّدى بَعْضُها بَعْضا

وعبَّدْتَ دربَ الثائرينَ على الأذى ‍
وروداً بأجسادٍ مُجَزَّرةِ الأعضا

وطاوَلْتَ أعنانَ المجرَّاتِ في العُلا ‍
بِصَدْرٍ يطالُ المُنتهى كُلّما رُضَّا

وأنْدَيْتَ خدَّ الشَّمْسِ لَمَّا تجاسَرَتْ ‍
على جَسَدٍ مِنْ نُوْرِهِ اسْتَجْدَتِ الوَمْضا

فذا جَفْنُها قانٍ على ما لَقِيْتَهُ ‍
وذا ثوبُها داجٍ وذا طَرْفُها ابيضَّا

فللشمْسِ رأيٌ فيكَ أنَّكَ نُورُها ‍
سيلقى لهُ في الحَشْرِ كُلُّ الورى دَحْضا

فَقَدْ سخَّرَ الجبَّارُ ما كانَ خالِقاً ‍
لِعِلَّةِ مخلوقٍ بها أكملَ الفرْضا

حَبَا تُرْبَكَ الزَّاكي يَداً عِيْسَوِيَّةً ‍
لذلكَ تستشفي بألطافِهِ المَرْضى

نَعَمْ ذا دَمٌ للهِ فيهِ شواهِدٌ ‍
فهَلْ عَنْ فَراغٍ أنْ يُراقَ هُنا يَرْضى ؟

أُريْقَ على الغبرا بأبشعِ صورةٍ ‍
ليكتُبَ للأجيالِ دستورَها الغضَّا

نقيضانِ يومَ الطَفِّ كَيْفَ تمازجا ‍
فأيَّانَ ظِلُّ اللهِ تصهرُهُ الرَّمْضا ؟

أيا مُطْفِئاً نارَ الجحيمِ على الأُلى ‍
تدبُّ بِهمْ روحاً .. تعيشُ بهمْ نبْضا

لماذا تركْتَ النارَ تسري بطفلةٍ ‍
لفرْطِ الوَنى والسُّهْدِ لَمْ تَسْتَطِعْ ركْضا

ورأسُكَ يتلو الكهْفَ لا بُدَّ أنْ يرى ‍
لِسَوْطِ البغايا في فواطِمِكُمْ عَضَّا

عَلِيَّاً يجوبُ الأرْضَ وَهْوَ مُضّمَّخٌ ‍
دَماً أشْعَلَ الدُّنيا وَلَكنْ أبى الخَفْضا

نَعَمْ يا بْنَ مَنْ إنْ راحَ لِلحَرْبِ راجلاً ‍
تَجِدْ مَوْجَها العاتي الّذي اشتبكَ افتضَّا

يلاوي عِنانَ المَوْتِ في ذي فَقَارِهِ ‍
كَنَفْضِ الرِّداءِ الحَرْبُ ينفضُها نَفْضا

قصيُّ النوايا لا يُوانيهِ مَنْ نهى ‍
على نَيْلِ مبْغًى لَمْ يَزِدْ فيهِ مَنْ حضَّا

وهَلْ يتناهى المَدْحُ في وصْفِ جنَّةٍ ‍
إذا ما استطالتْ لَمْ يَطَلْ طُوْلُها العُرْضا

بِذكراكَ فيَّ السَّعْدُ قَدْ غازَلَ الأسى ‍
فَمَنْ مِنْهُما أُوْليهِ ــ إنْ مسَّني ــ رفْضا

ففي السَّعْدِ ما تصبو لهُ النَّفْسُ ، والأسى ‍
عليكَ بهِ سَعْدٌ ــ وإنْ شفَّني ــ أيضا

ينوءُ بكَ التأريخُ يا آسِرَ الدُّنا ‍
وتمضي لكَ الأوقاتُ مِنْ قَبْلِ أنْ تُمْضى

فتُشْرِقُ شَمْساً في دياجيرِ أُمَّةٍ ‍
تراكَ بعينِ اللهِ مِنْ نُورِهِ فَيْضا

لأنَّكَ سِفْرُ الكِبْرياءِ وَصَرْحُهُ
لِمَجْدِكَ عينُ الذُّلِّ لا بُدَّ أنْ تُغْضى ‍

فَأَرَانَا الآيَةَ الكُبْرَى

يَشْقَىْ عَلَىْ نَزْفِ السَنَابِلِ قَمْحُهُ   مِقْدَارَ مَاخَطَّ المَصَائِرَ جُرْحُهُ
لِتَرَاهُ يَعْبُرُ بِالإِبَاءِ مُجَنَّحًا   بِالكِبْرِيَاءِ وَمَا تَنَفَّسَ صُبْحُهُ
رَجُلٌ تَوَكَّأَ بِاليَقِيْنِ، يَهُشُّ أَوْ   رَاقَ الخَرِيْفِ وَقَدْ تَقَادَمَ لَفْحُهُ
مِنْ تَاجِ أَخْيِلَةٍ تَوَقَّدَ عَنْ مَجَازِ    نُبُوَّةٍ سَنَّ الكَرَامَةَ لَوْحُهُ
وَعَصًا تَشُقُّ الغَيْبَ مِنْ صَفْصَافَةٍ   عَلَوِيَّةٍ، وَالمَاءُ صُوْدِرَ سَحُّهُ
وَكَأَنَّ فَلَّاحَ الرُؤى فِيْ شِعْرِ عَاشُوْرَاءَ    يَبْتَكِرُ الزَنَابِقَ قَرْحُهُ
شَكْوَى انْهِمَارِ أَسَاهُ لَمْ تَتْرُكْ فَمًا   مَا صَافَحَ النِسْرِيْنَ فِيْ الدَمِ صَفْحُهُ
حَتَّى إِذَا غَضَّ البَصِيْرَةَ صَائِدُ الــأَحْلَامِ    عَادَ وَفِيْ الخَوَاطِرِ لَمْحُهُ
بَابٌ مِنَ الأَحْزَانِ طَوَّقَ كَرْبَلَاءَ    اللهُ فِيْ يَدِهِ العَظِيْمَةِ فَتْحُهُ
وَأَنَا وَرَجْعُ صَدَايَ، دَمْعَةُ أُمِّيَ التَّــعْبَى    وَشَيْبٌ مَا تَأَخَّرَ بَرْحُهُ
نَتَسَلَّقُ الأَفْكَارَ فِيْ مَلَكُوْتِ أَحْــلَامِ    الصِغَارِ وَفِيْ الجَوَارِحِ نَفْحُهُ
ظِلَّانِ مِنْ قَلَقٍ وَرَائِيَ يُشْبِهَانِ    الوَقْتَ وَالتَوْقِيْتُ مُزِّقَ جُنْحُهُ
وَالكَوْنُ يَنْظُرُ مِنْ أَرِيْكَةِ قَلْبِيَ الــمَوْجُوْعِ    فَارَ عَلَى الأَضَالِعِ قَيْحُهُ
شَيْءٌ غُبَارِيُّ المَلَامِحِ، خَيْمَةٌ   /عَيْنٌ وَتَلٌّ كَمْ تَوَقَّدَ سَفْحُهُ
شَطٌ يُرَاقِبُ كَفَّ رَبِّ النَهْرِ يَبْــتَكِرُ    الخَرِيْرَ عَلَى الضَمَائِرِ رَشْحُهُ
عُرْسٌ تَكَفَّلَهُ اخْضِرَارُ الشَمْعِ يا   لِلشَمْعِ وَهْجٌ لَيْسَ يُدْرَكُ شَرْحُهُ
حَتَّى إِذَا اكْتَمَلَتْ بِعَيْنِيَ لَوْحَةٌ   بَيْضَاءُ أَتْقَنَهَا مِنَ الدَمِ كَدْحُهُ
تَتَسَوَّرُ الأَحْلَامَ أَذْرُعُ نَهْضَةٍ   كَمْ شَدَّهَا بِيَدِ الكَرَامَةِ صَرْحُهُ
الخُلْدُ طِفْلَتُهُ البَرِيْئَةُ كَانَ دَلَّــلَهَا    عَلَى كَتِفٍ تَهَرَّأَ مَنْحُهُ
وَقْتَ انْبِلَاجِ العِزِّ بَعْدَ مَسَافَةِ الــوَحْي    المُعَبَّأِ بِالمَعَاجِزِ مَتْحُهُ
بِعِنَاقِ رَمْلٍ ذَاتَ قُبْلَةِ مِحْبَسٍ   فِيْ خُنْصُرٍ لِلَّهِ شَاوَرَ وَضْحُهُ
شَاءَتْ سَمَاءُ اللهِ أَنْ تَهْوِي طَوَاعِيَةً    فَأَمْسَكَهَا هُنَالِكَ رُمْحُهُ
أَصْغَى لِوَشْوَشَةِ الأَسِنَّةِ رَأْسُهُ الــعَلَوِيُّ    يَا لِفَمٍ تَرَقْرَقَ صَدْحُهُ
وَعَلَى جَبِيْنِ الشَمْسِ سِيْمَاءُ الصِغَارِ    بِنَقْشِ مَاءٍ قَدْ تَأَخَّرَ نَضْحُهُ
أَرْخَى عِنَانَ الوَقْتِ حِيْنَ تَصَاعَدَتْ   فِيْهِ الجِهَاتُ وَلَيْسَ يُبْلَغُ سَطْحُهُ
مِرْآتُهُ اخْتَزَلَتْ وُجُوْدًا آخَرًا   مَا عَاشَ إِلَّا وَالمَشَاعِرُ بَوْحُهُ
كَمْ خَاصَمَ الرَمْلُ الرِيَاحَ وَلَمْ يَزَلْ   فِيْ ظُهْرِ عَاشُوْرَاءَ يُلْمَحُ صُلْحُهُ
يَا لِلدُخَانِ وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ يَدٍ   تَصْطَادُهُ يَعْدُو وَيَكْبُرُ قُبْحُهُ
وَالفَارِسُ العَلَوِيُّ لَوْ يَخْفَى عَلَيْــكَ    النَقْعُ يَظْهَرُ فِيْ النَّسَائِمِ ضَبْحُهُ
كَمْ كَانَ يَحْتَضِنُ الفُرَاتَ إِذَا بَكَى   وَالمَاءُ يُكْسَرُ حِيْنَ يُسْمَعُ نَوْحُهُ
لِتَآمُرِ الأَمَوِيِّ لَثْغَةُ عَقْرَبٍ   بِالشَتْمِ لَا بِالسُمِّ يَظْهَرُ قَدْحُهُ
لَكِنَّهُ الوَطَنُ الذِيْ انْشَقَّ العُقُوْقُ    عَلَى يَدَيْهِ وَقَدْ تَفَرَّعُ دَوْحُهُ
فِيْ شَهْقَةٍ أُخْرَى انْبَعَثْتُ بِكَفِّهِ الــبَيْضَاء    خَلَّقَنِي بِدَمْعِيَ مِلْحُهُ
وَأَنَا وَصِبْيَةُ كَهْفِ أَحْلَامِي انْتَبَهْــنَا    لِلْمَدَى المُمْتَدِّ فِيْ الدَمِ رَوْحُهُ
إِذْ كَانَ يَرْمُقُ دِيْنَهُ يَحْيَا عَلَىْ  الرَمَقِ    الأَخِيْرِ وَقَدْ تَعَاظَمَ شُحُّهُ
فَأتَى بِرُوْحِ اللهِ خَلْفَ فُؤادِهِ   النَــبَوِيِّ فِيْ نَحْرٍ تَحَتَّمَ ذَبْحُهُ