خُيَلاءُ مَاء

اِسْقِ الفُرَاتَ الجُودَ مِنْ خُيَلائِكْ

أنتَ الحُسَينُ .. المَاءُ مِنْ أسْمَائِكْ

وأَدِرْ غَمامَك فالجِهاتُ ترقُّبٌ

حتَّى السّماء دَنَتْ لفيضِ سَمائِكْ !

مأْوَى الضُّيوفِ ، وأَنتَ أوَّلُ ريِّهمْ

أترى السِّهامَ على غديرِ دِمائِكْ ؟

إنْ كُنْتَ مِنْ عَطَشٍ شكَوتَ ، فإنّما

تشكُو احتِضارَ النَّهْرِ دُونَ لقائِكْ

وفمٌ تُبَلِّلُهُ حروفُكَ هل ذَوَى

ظمأً ؟ وفيه هَرقْتَ كأسَ إبائكْ ؟!

أنتَ الذيْ سكَنَ الخلودَ زُلالُهُ

فإذا الحياةُ تعُبُّ مِنْ أنْدائِكْ

يا أيُّها المذبُوحُ صوتُكَ لم يزَلْ

يُحْيِي الوُجودَ ، فما ادِّعاءُ فَنائِكْ؟!

الموتُ أُحجيَةٌ ، فرأسُكَ في القَنا

يحدو، ويمشي الكونُ خلفَ حُدائِكْ

حرقوا خِباءَكَ كيْ نَضِلَّ طريقَهُ

وبداخِلي قلبٌ كَلونِ خبائِكْ

وعلى ضُلوعِكَ لاحَ مشْعَرُ حافرٍ

يسعَى ؛ أقُلتَ الحَجَّ مِنْ أشلائِكْ ؟!

وبقِيتَ مِئذنةً وذِكْرُ مُحمَّدٍ

فيْهَا اعتَلَى ، يزهو بثوبِ عَرائِكْ!

بدمِ الرضيع خَضَبْتَ ناصيةَ السما

ءِ فلوَّنتْ منه جفونَ رثائِكْ

ومُجَدَّلٍ أحيا الصّلاةَ ، وخَلْفَهُ

تصطَفُّ حيَّ على الحُسينِ ملائِكْ

ولئنْ أباحَ الشّوكُ جسمَكَ ، إنّما

هوَ لائذٌ ، أرأيتَ مثلَ حرائكْ ؟

وعليكَ أسرابُ المنون تزاحمتْ

فخطبتَ فيها “الكهفَ” من عليائكْ

والموتُ مهما جالَ فوقك خيلُهُ

خلَّفْتَهُ كَلاًّ على أعدائكْ

هلْ أطفَأَ اسمَك ظنّ زحفُ رمادِهمْ؟

فخذلتَهُ .. والشمسُ تحت ردائكْ

ويظلُّ نحرُكَ في الزمانِ حكايةً

هيهاتُهُ للمُبصرِينَ أرائكْ

ورُؤاكَ جذوةُ مَن بليلِ مسيرِهِ

طلبَ الكرامةَ فَهْيَ من آلائكْ

ما كربلاؤكَ غيرُ وحي رسالةٍ

وبمهدِ طفلكَ كانَ بَدءُ ندائكْ

الفتحُ يتبعُني ورَحلِيَ جَنَّةٌ

ودمِي براقي حيثُ دَرْبيَ شائِكْ

ومَعِي سأحمِلُ شاهدَينِ : قِماطَهُ

ودمًا ، فخُذْ يا أُفْقُ نقْشَ كِسائِكْ

فتسابَقَتْ حتّى العبيْدِ بكربلا

تستمْطرُ الفِردوسَ مِنْ زهرائِكْ

ورضيعُكَ الْـ.يفدِيكَ أبيضُ نحْرِهِ

ووراءَهُ الدُّنْيا حبَتْ لفِدائِكْ
هل سُورَةُ التوحيدِ أنتَ، ولمْ يكنْ

كُفُؤًا لكُلِّ عُلا سوى أَجْزائِكْ
ما أنتَ بالعَطشَانِ ! إنْ هَمَتِ السَّمَا

لمْ تهْمِ إلاّ من سحابِ عطائِكْ

ولأنّكَ الماءُ الذي انْهمَرَ اسمُه

غادرْتَ ماءَ النّهرِ دونَ رُوائِكْ

يا ابنَ التي ماءُ الحقيقةِ مَهْرُها

أغْدِقْ على شِعْرِيْ بُحورَ وَلائِكْ
فإذا مضَى الشُّعراءُ يَتْبَعُهُمْ غِوَى

ما ضرَّنِي إنْ كُنتُ مِنْ شُعرَائكْ