حوارٌ مَعَ مَوْتٍ وَاهِم

… فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا…

 

 

حَتَّامَ يَا مَوْتُ – مَزْهُوّاً– تُجَسِّدُهُ ؟!

 

وَلَيسَ لِلخُلدِ مِنْ حَدٍّ يُحَدِّدُهُ!!

 

بهِ الخُلُودُ تَجَلَّى ذَاتَ مَذْبَحَةٍ

 

مِنْ السَّمَاءِ، وَعِندَ الذَّبحِ مَوْلِدُهُ

 

يُسَافرُ الوَحيُ فِيْ مَعنَاهُ أَشْرِعَةً

 

يُجَدِّدُ (الطَّفَ)، والِإنْسَانُ مَقْصَدُهُ

 

فِيْ طُوْرِ سِينَائهِ الأَنْهارُ مُذْ سَكَنتْ

 

مِيْقَاتَها، انْبَجَسَتْ فِيْ كَرْبَلا يَدُهُ

 

تُضَمّدُ النَّهْرَ جُرحَاً نَازِفَاً حُلُمَاً

 

وَنَحرُهُ النُّوْرُ قُلْ لِيْ مَنْ يُضَمِّدُهُ؟!

 

هُنا وَقفتُ بِبَابِ الصَّمْتِ ذَاتَ دمٍ

 

أُسَائلُ المَوْتَ عَنْ نَحْرٍ سَيَخْمدُهُ:

 

أَنَّى تَمُوتُ نُحُورٌ كَانَ قَبَّلَها

 

فَمُ الإلهِ، وَشَمْسُ النَّزْفِ تَعبُدُهُ؟!

 

فَللنحُوْرِ شِفَاهُ الغَيبِ، إن قُطِعَتْ

 

تُكَلِّم اللهَ تَكْلِيمَاً وَتَحمدُهُ

 

وللنحُورِ لُغَاتٌ كَانَ يَكْتُبهَا

 

دَمُ الحُسينِ وَفَجْرٌ حَانَ مَوعِدُهُ

 

ليُشعلَ الحَرفَ نَهْراً، قِرْبَةً وَيَدَاً

 

مَقْطُوْعَةً، إِذْ هَوى لِلأَرْضِ فَرقَدُهُ

 

وفِي الفُراتِ يُصليْ المَاءُ أَفْئِدةً

 

مِنَ الخُشُوعِ، وَذاكَ النَّهرُ مَعبَدُهُ

 

وفِي الخِيامِ رَضِيعٌ فِي ابْتِسَامَتِهِ

 

حُلْمُ العَصَافِيرِ لَحْنَاً رَاحَ يُنْشُدُهُ

أَليسَ يَا مَوتُ فِي رُؤيَاكَ فَلْسَفَةٌ

 

أُخْرَى، تُمِيْتُ بِها جُرْحَاً وَتُلحِدُهُ؟!

 

أَنا وأَنتَ وَقَفنا قُرْبَ مَذبَحَةٍ

 

يَفُوْحُ مِنها خُلُودٌ كُنتَ تَرصدُهُ

 

فَمَا وَجَدنَا سِوى نَحْرٍ يَشِعُّ هُدَىً

 

و(زينبٌ) لَمْ تَزلْ بالدَّمْعِ تُوْقدُهُ

 

والمُهْرُ يَنْحتُ فِي التَّارِيخِ أُغْنِيَةً

 

تَحْكِيْ (سُلَيمانَ) لَمَّا عَادَ هُدْهُدُهُ

 

لِيُخبرَ العَرشَ أنَّ المَوتَ مُخْتَنِقٌ

 

بِالنَّحْرِ، حَيْثُ ارْتَمَى رُعْبَاً مُهَنَّدُهُ

 

وَطَعنَةٌ سَجَدَتْ فيْ مَسْجِدٍ/ جَسَدٍ

 

لَمّا يَزلْ خَاشِعاً بالطَّعنِ مَسْجِدُهُ

 

يَا مَوتُ هَبْنِيْ جِرَاحاً، تَزْدَهِيْ عُمُرَاً

 

وَدَهَشْةً مِثلَ سَيفٍ فِيَّ تُغْمِدُهُ

 

لَعَلّنِيْ أَحْملُ الصَّحراءَ فَوقَ يَديْ

 

وَمَنْحَراً مِنْ (طُفُوفٍ) جِئتَ تَحْصدُهُ

 

لَعَلّنِيْ باحْمِرارِ الطِينِ أَبْحَثُ عَنْ

 

رُوحِ الحُسينِ ضِيَاءً لَستُ أَعهَدُهُ

 

هُوَ الحُسينُ ابْتِكارُ اللهِ مُذْ ظَمِئتْ

 

عُينُ الحَياةِ، أَسالَ الضَّوءَ مُوْرِدُهُ

 

مِيَلادُهُ لَحْظَةُ السَّيفِ التيْ فَصَلَتْ

 

رَأْسَاً، فَلمْ يَنْفَصلْ عَنْ أَمْسِهِ غُدُهُ

 

قَدْ كَانَ مَسْرَاهُ نَحوَ الذَّبحِ مُعْجِزةً

 

وَكانَ جِبريلُ فِي المَسْرَى يُهَدْهِدُهُ

 

فَوقَ (البُرَاقِ) عُرُوجاً كَانَ مُنْهَمِرَاً

 

وَهوَ انْبلاجُ سَلامٍ غَابَ مَشْهَدُهُ

 

يَا مَوتُ إِنَّ فَناءَ الرُّوحِ مُنْصَهِرٌ

 

بالمُسْتَحِيلِ، فَدَعْ سَهْمَاً تُسَدِّدُهُ

 

يَكْفِيْ الحُسين حَيَاةً أنَّهُ وَطَنٌ

 

يَشِعُ فِي جَبْهَةِ الدُّنيَا تَمَرُّدُهُ

 

يَكْفِيهِ أَنَّ عُيُونَ الشَّمسِ سَابِحَةٌ

 

عَلى الضَّرِيحِ، وَفَجرَاً فَاضَ مَرقَدُهُ

 

يَكْفِيهِ أَنَّ شُعُوبَ اللهِ تَقرَأهُ

 

رُوْحَاً، ولمَّا يَزلْ لُغْزَاً تَفَرُّدُهُ

 

والأَنْبِيَاءُ امْتِدادُ النَّحْرِ وَحْيُهُمُ

 

فَلَمْ يَمتْ بالهُدَى يوماً (مُحَمّدُهُ)

 

يَا أيها المَوتُ إِنَّ (الطَّفَ) سَاقِيَةٌ

 

تُبَلِّلُ النَّحْرَ قُرآنَاً .. تُخَلِّدُهُ

 

وَكُلُّ عَصرٍ– بِنَصرٍ– جَاءَ مُمُتَشِقاً

 

دَمَ الحُسينِ سِلاحَاً قَامَ سُؤدَدُهُ

 

حَتَّامَ .. حَتَّامَ؟!! قَدْ حَارَ السُؤالُ وَقَدْ

 

خَارتْ قِوَاهُ، وكَمْ قَرنٍ يُجَدِّدُهُ؟!

 

آمنتُ بِالنَّحرِ خُلْدَاً، جَنَّةً وهُدَىً

 

حَتَّامَ يَا مَوتُ – مَزهُوّاً- تُجَسّدُهُ؟!