لا تقولي هـذه اللجّـةُ مـاءْ
كلّنا في لغـةِ الوصـلِ دِمـاءْ
شرَّب الوجـدُ خلايـاهُ بنـا
فتدلَّينـا مـجـرّات ضـيـاءْ
وطفقْنا نخصـفُ العمـر منى
قاب جرحين و أهداب فــداء
و بـدت أيقونـةٌ تصهـرُنـا
وعلى الجمـرِ تَنَاثَرْنـا حُـداء
واشرأبَّـت نحوهـا أكبادُنـا
أيُّ جدبٍ ليس تروي كربلاء ؟
منذ أن سافرتُ في أحضانِهـا
أوثقتنـي فنسيـتُ الخلصـاء
وتكـوّرتُ علـى أعتابِـهـا
جرَسَا يلهجُ صبحـا ومسـاء
وانحنى البرعمُ في صدري على
حبّةِ الضوء يغنِّي مـا يشـاءْ
و شذى الأفواف من ريحانهـا
بَلْوَرَ الدمعـةَ زهـراً و لحـاء
و ثراهـا بفراديــس النهى
عَلَق العـزّة يهـوي للسمـاء
كلُّ شعرٍ مـا عداهـا مالـحٌ
كل رجعٍ دونها محـضُ زقـاء
و أنا بين يـديها فــضّة
ذرفتني من أديم الكبريـــاء
ورضعتُ الصبرَ مـن باحتِهـا
و تناسلْـتُ عناقيـد إبــاءْ
و رضابُ المسك من قدّاسهـا
عمّدتنـي بسلافـات الـولاء
بنجيع السبـطِ يمّمـتُ دمـي
وتوضّـأتُ بعطـر الشهـداء
وإذا فـاض نُهيـري خجـلا
و بدا يقطر من جوف الحيـاء
فجنيـنُ النظـم فـي بذرتـه
نهْنَهَ العشـقَ بليـل البرحـاء
و حسينٌ قال :”هل من ناصرٍ؟”
فتزمّلــتُ بدرع الشعـراء
ودلقتُ الحبـر مـن صهبائـها
واللّمى تجهلُ صهبـاءَ الغـواء
عتّقتهـا لـثغـةٌ فاضـحـةٌ
تسكب اللهفةَ من حاء و بـاء
فإذا الكـونُ بيـاضٌ فـادحٌ
وإذا اللحظـةُ إزميـلُ صفـاء
سـرُّ طـوفـانٍ بكينونـتـه
جذبَ النّهْدةَ من قلب الـرواء
و أنـا بوصلـةٌ مـشـدودةٌ
بين دمـعٍ و عنـاقٍ و رجـاء
شمسُ عبـاسٍ علـى أَرْوِقَتـي
مَا أُحَيْلاني بذاك الاصطـلاء !
أصطلي فيها وشوقي ينطفي
أوَ ليسَ القلبُ من نارٍ وماء ؟!
كلّمـا تجذبُـنـي تجفلـنـي
بصهيل السُّكر بعد الانتشـاء
عانقَتنـي عانقـت أوردتــي
وانثنى الشوقُ ميازيـبَ بُكـاء