عَبّدتُ دَرْبَ الرّوحِ نحو رؤاكا ومَضَيْتُ أملأُ جَرّتي بِسَناكا
عَطْشَى يُطارِحُني الحنينُ كأنما نارٌ تطارحُ لجةً بِمَداكا
ما كانَ يُدْرِكُني التّصَبّرُ كيفَ لا أُلقِي بِنَفْسِيَ في عبابِ هَواكا
أطْفُو وموجُ الذّكرياتِ يَهُزّنِي كالطّفلةِ الوسْنى بِمَهْدِ أسَاكا
وأغوصُ تتبعُني اللآلئُ نَجْتَلِي سرًا حميمًا كَنّ في مَعْنَاكا
المَدُّ جاءَ بِلَهْفَتِي أمْ لَهْفَتِي جاءتْ كَمَدٍّ تستعيرُ خُطَاكا
قَرّبْ ضِفَافَكَ تَسْتَرِيحُ نَوارِسِي التّعْبَى وأشْرِعُ للغناءِ صَدَاكا
ضَاقَتْ بِها الآفاقُ إلا فُسْحَةً للِّانِهايةِ منْ طُفُوفِ إِبَاكا
مَشْغُولَةٌ بِالحُلْمِ تَنْسُجُ وَحْيَها تَنْسابُ خَارِجَ ذاتِها لِتَرَاكا
بَلْ خارجِ الأُطُرِ العَتِيقةِ لم يَعُدْ زَمنٌ ولا أرضٌ بِوِسْعِ أَنَاكا
فَتْلامِسُ الحُزنَ الذي يَمْتَدُّ مِنْ أقْصَى الحَيَاةِ ..وكَونُها عَيْنَاكا
حيثُ انْعِتَاقُ الضّوءِ أَشْعَلَ رُوحَها حتّى تَكَسّرَ لَيلُهَا بِضُحَاكا
يُغْرِي بِها وهَجُ الخُلُودِ يَشُدّها ذاكَ الذي في عَاشِرٍ أغْرَاكا
العِشْقُ يَرْسِمُ ما انْمَحَى فِي لَوحَةٍ ما كانَ يُبْدِعُ مِثلها إللّاكا
ذَبُلَتْ بِها الألوانُ جَفّ بَريقُها فَشَرَعْتَ تُنْدِي لَوْنَها بِدِمَاكا
وكأنما خَفَقَتْ بِأنفاسِ الحَيَاةِ بِنَفْخَةٍ مِنْ عُنْفُوانِ نِدَاكا
يا كَفّ بَدْرٍ ..فِي مَجَرّةِ ثَوْرةٍ كانتْ تُرَتّبُ حَولكَ الأفْلاكا
يا صَبْرَ سُنْبُلَةٍ ..تَفَرّطَ دَمْعُهَا قَمْحًا ليُبْذَرَ في حُقُولِ جَوَاكا
يا جُرْحَ وَرْدٍ ..كَمْ رَوَيْتَ عُرُوقَهُ فانثالَ شَلّالًا ببوحِ شَذَاكا
يا قُرْبَةَ الأحلامِ ..أُهْرِقَ نَبْضُها والسّهْمُ يا ماءَ الحَيَاةِ سَقَاكا
يا خَوْفَ نَرْجِسَةٍ ..تَنَاثَرَ يُتْمُهَا تَبْكِي لأنّ بُكَاءها أَبْكَاكا
مازالَ يَذْرَعُنِي النّداءُ كَمُهْرَةٍ يَرْتَدُّ عنْ تِصْهَالِهَا عُتْبَاكا
مازالَ يَسْكُنُنِي يُؤَثّثُ فِكْرَتِي أوليسَ ذاكرةُ الهَوى سُكْنَاكَا
مازالَ مقدودًا قَمِيصُ قَصَيدَتِي هلّا رَتَقْتَ حُرُوفَها بِعُرَاكا
تَفْنَى بِكَ الأَرواحُ تَفْتِلُ خَيْطَها المَعْقُودِ بِالأهْواءِ كي تَحْيَاكا
فالموتُ بَيْنَ يَدَيْكَ طَأْطَأُ صَامِتًا لكأنه لِجَلالِكَ اسْتَحْيَاكا
والخُلْدُ تَوّجَكَ المَليكَ فَما يَرى بَطَلًا يَلِيقُ بِخَافِقَيهِ سِوَاكا
لما تَرَكْتَ الخَلْقَ طرًا سَيّدي اللهُ فِي عَيْنَيهِ قَدْ آوَاكا
لكَ يا حُسْينُ يَسِيرُ شَوقِيَ حَافِيًا آنَسْتُ نَارَ الوجْدِ فِي نَجْوَاكا
ها أنتَ ضوءٌ في مرايا خافقي هلا فَلَقْتَ سَديمَها بِعَصَاكا
قَدْ فًتّحَتْ أَبْوابُ وَصْلِكَ سَيّدِي أَ أعودُ مُنْحَطِمُا بِغِيرِ لُقَاكَا ؟
أَ تُغَلّقُ الآمالُ دونِيَ دُلّنِي يا خَافِقِي ..أُوّاهُ ..مَا أَشْقَاكا !
خُذْنِي فَما بَينِي وبَيْنَكَ دَمْعَةٌ وكأنّ مَا بينَ الدّموعِ رُقَاكا
خٌذني على مَهَلٍ أتيتُكَ مُوجعًا بل كلُ ما بي من هُداكَ.. أتَاكا
وسأسكبُ الولهَ المُضَمّخَ في دَمِي دررًا.. فراشات ..تُدلّهُ ..هَاكا
لو أسْتَشِفُ الحاءَ.. لو أدنو بِما في لوعتي.. لو أدّلي بِرِضَاكا
ذَرْنِي لأملأَ جَرّتِي بِسَنَاكا وأَمُرُّ مَرّ سَحَابَةٍ بِسَمَاكا
وكَمًا مَواعِيد الغَرامِ أبُوحُها لكَ حِينَ أُصْعَقُ في الوصَالِ فِدَاكَا