تجليات الطف في جسد منهك

 

يا  شاطئ  الوجدِ  خان القلبَ iiزورقُهُ
لي   دمعةٌ   كلما  فارت  على  
iiجهةٍ
لمَّا     تفتَّح   بابُ  (العاشر)
iiاندلقت
بي مثلُ   جيشٍ بأرض  الطف  روعها
وفي   فؤادي   خدرٌ  لا  يزال  
iiلظى
وبين   جفنيَ   ماءٌ   لم   أكن   
iiأبدا
أنا   مخاض   دموعٍ  أُجهضت  
iiعَنَتا
في   كل   ناحيةٍ  مني  نما  
iiغصُنٌ
تصوغني (الطفُّ)  حتى  لم أعد 
iiأحدا
هنا  (الطفوف) تجلت في ثرى
iiجسدي
هنا  أصيب (عليُّ  بنُ  الحسين) 
iiوقد
تموجتْ   كربلا  وجداً   على  جسدي
كل   الكواكب  قد  خرت  هنا  
iiوهنا
لمّا   هوى   دونما   كفًّ   قذفتُ  
iiله


هنا  الحسين  وحيدا  ظل  في  
iiرئتي
ما الْتمَّ جيشٌ على العطشان في 
iiجسدي
لم    ينعقد    كبدي    إلا   
iiليحرسه
لو  لا (المثلث) لم  يقتصَّ  من 
iiكبدي
هنا  توزع  سبط  المصطفى  وعوت
ما   زارني   أحدٌ   لما  غفا  
iiبدمي
هنا   دفنتُ   حسيناً   بعدما  
iiعجزت

يا واصلا في الفدا أقصى العطاء ومن
لم  يكذبِ االموتُ إلا حينما اعترضت
قد   كنتَ   وحدك   لما   سلَّ  أسيُفَه
هم  وزعوك  ولكن  في  القلوب  
iiفما
أشرقت  في  كل  قلب  كالصباح  وما
ما كان يجري  على  وجه  الحياة  دمٌ
هناك   أنت   على  جذب   الحياة  
iiيدٌ
ما  كان  أكرم  من  جرحٍ  عرجتَ 
iiبه
أعطى   الوجود   يديه  وانثنى  
iiأسِفا

ما  أبدع  الجسد  المجروح  في  iiنغمٍ
قد  كان  أصدق  راوٍي وهو 
iiمنجرحٌ
إن  الحديث  الذي  يصغي الزمان 
iiله
ما كان  أصدق  من  جرح  أبان   به
إن  الجراحات  إن  قالت فقد 
iiصدقت

تعوي  الرياح ولا صوت هناك iiسوى
مدت    هناك   لك   العشاق   
iiأيديها
لما  انفتحت  على  جرحٍ  فتحت  لها

يا أيها  العبقُ   المبذور   في   دمنا
هذا أنا   العاشق    المفتون   
iiيتعبه
بيني    وبينك    آلاف   الغيوم   إذا
تقودني    نحوك    الأرزاق   أطلبها

ولم    يعد    غيرُه   للحزن   iiأُطلقُهُ
يرسو  بها  زورقي  المكسور  تُغرقُه
وقد   أقامت   سنينَ   العمر  
iiتطرقه
جيشٌ    على  الخد   جرارٌ   
iiأُرقرقه
من  أشعل  النار  في الخيمات يحرقه
لو  لم  تُصَب  قربة (العباس) 
iiأهرقه
قد   كانت   الطفُّ   بالأرزاء  تَطلَقُه
لمّا   يزل   دمع   (عاشوراء) 
iiيُورقه
غيرَ   الذي   هذه   الأرزاءُ   
iiتخلقه
في   كل   عضو  شهيدٌ  ظل  يُقلقهُ
كان   الحسينُ   على   جفنيَّ  
iiيرمقه
لما  مضى  السبط  من  خديه 
iiيلصقه
يؤمها     القمر  المفضوخ    
iiمفرقه
روحي   إلى   هذه  الرمضاء  
iiتسبقه


إذا    تصعّد    فيَّ   الحزنُ   
iiأشهقه
إلا    سعت   كل   أعضائي   
iiتُفرِّقه
يذود   عنه   زماناً   راح   
iiيرشقه
لَمَا   انتهى   لحشا   المولى  
iiيمزّقه
فيّ    الرياح   على   جسمٍ   
iiتطوقه
إلا  الذي  مر  بي  في  الليل 
iiيسرقه
أن  تمنعَ  الخيلَ  روحي  يوم 
iiتسحقه

مُدت   إلى   مطمح    العشاق  iiأعدقه

منك الجراحات .. خان  الموتَ iiمنطقه
ولم   يكن  غير  هذا  النزف  
iiتمشقه
ضر  البغاة  أبا  الأحرار  لو 
iiفقهوا
مر  الردى  في  فؤادٍ  أنت  تُشرقه
لو   لم   تُروَّ   بما  أعطيت  
iiأعرقه
أنى     يمد    الفدا    كفيه    
iiتغدقه
ولا   جراح   أخيك   الفاض  
iiمفرقه
مذ   جف   من  كفه  ما  كان  
iiينفقه

عن   الفداء   على   الدنيا   iiيموسقه
لم    يفتأ    الملأُ    الأعلى    
iiيوثِّقُه
هو   الحديث  الذي  لا  زلال  
iiيدفقه
وأصدقُ   القول   في  مبناه  
iiأعمقه
يا   رُب   أخرس  بذَّ  الكون  منطقه

صوت   الحقيقة  من  أشلاك  iiتُطلقه
في  محشرٍ  تاه  في  الأزمان  
iiرونقه
الباب  الذي  ليس  يقوى الظلم 
iiيغلقه

    لا بد   كي  تفرُعَ   الأرواح    تنشقه

    طول  السرى  والحنين  الغمر يرهقه
   ما  أرعد  الشوقُ روحي رحت iiأبرقه
 وأنت   أكبر   ما  في  الدهر  iiأُرزقُه

 

 

 

حبيبٌ لا أغادره

الحمد لله حمداً لا أغادرهُ
الحمد لله حمداً لا أغادرهُ=والشكر لله لا منّاً أجاهرهُ
ربي تبارك من رب له كرم=على البرية ما انفكت مواطره
سيلاً تحدّر بالإحسان منهمراً=بالبشر والسعد لا تحصى مصادره
له من الفضل والإنعام سابقة=ومن تجاوزه الأوزار وافره
فظلَّ فيه يرجّي الخيرَ كافره=وزاد في الخير والعلياء شاكره
وكنت في بيته أرنو إلى شرف=فضمني في صفوف المجد عامره
فلم يدع ليَ من خيرٍ أناظره=ولم يدع ليَ من شرٍ أحاذره
فاسئل فؤاديَ ما ينجيه من غضبٍ=يومَ الحساب إذا تبلى سرائره
واسئل جبينيَ عن نورٍ يلاحقني=يتيه عشقاً به كالصّبِّ ناظره
واسئل معاتبتي والوصلُ منقطعٌ=والدمع مرتجَعٌ تذكو مشاعره
تقول مالك قد أنكرت صحبتنا=وليس يصلح للمعروف ناكره
وقد تركت ربوعَ الود معتزلاً=عن الجميع وقد جُنت جآذره
قد كنت أبرع بحّارٍ يسامرني=وكنت أمرع بستانٍ أجاوره
سلوتُ عن وصلها أسمو إلى شرفٍ=وذبتُ فيمن أحارتني مآثره
ظلٍّ تبلور فوق الماء واتسقت=به النجومُ وزانتها أزاهره
تجري على مهَلٍ نشوى وقد نسجت=من سحر طلعته دفئاً تعاقره
تنام في كفه إن لاح مبتسماً=وتستنير متى ما شاء ساهره
تبيت مشدودة إما يحاورها=وفي التلألئ والمسرى تحاوره
كأنني إذ أجوز الكون مرتحلاً=في وصله وهو مسحورٌ وساحره
أمشى على هدي ما خطت رواحله=ما ضل من سار في درب يسايره
كأنه البحر ممدودٌ ومتصلٌ=في السطح مائره والقاع زاخره
نذوق في فيضه سر الحياة ولا=نهون يوماً وقد شُدّت أواصره
يبقى على العز من يأتيه مؤتمناً=فالعمر وارده والدهر صادره
هو السفينة للغرقى وقد صمدت=مهما تعالى من الطوفان طامره
وهو الملاذ إذا حل الظلام على=قلب المخوف متى دارت دوائره
وهو الحبيب الذي أرنو لرؤيته=مهما فقدت بها شلواً تطايره
ما كلَّ زائره ما مل ناظره=ما ذل ناصره ما ضل شاعره
هو النشيد الذي في لحنه رقصت=أرواح شيعته عشقاً تشاطره
توافدت ترتمي في حصنه فبه=تلقى الحياة وتلقي ما تخامره
به تروِّي زماناً جف وابله=لكي يفوح من الآمال شاغره
تسبح الله في كهف به سكنت=هل تطمئن قلوبٌ لا تذاكره
لو قطعوا فيه أوصالي وما حملت=وكشر الحقد خافيه وظاهره
واستأجروا مفتياً يرمي قنابله=على الطيور لترديها كواسره
واستأزروا عابد الطاغوت منسجراً=وجاء إبليس بالفتوى وآمره
وحوّلوا قبة الأنوار عن فلك=بها يدور وفيها قر سابره
لما لقوا بين ذراتي وأعظمها=إلا الحسين حبيباً لا أغادره
تشع بالخير والنعمى محاسنه=وتنزل الليل والسكنى ضفائره
إن تلتقِ الأنسَ نفسي فهو مؤنسها=أو دق ناقوسُ قلبي فهو ناقره
به سموت على الدنيا وما وسعت=وطفت من حيث ما طافت بشائره
الباسط الكفّ من تحت الكساء إلى=كفِّ المحبين والسلوى تذافره
والمسكر الناس من حلمٍ ومن أدبٍ=والناشر الجود لا تخفى جواهره
والطاوي الكشح للمسكين معتكفاً=والمطعم العبد إما ضن آسره
والكاظم الغيظ عن قوم إذا جاهلوا=والمنزل الموت إما ثار ثائره
والفارس الأوحد الصنديد ، ما صمدت=له الأسود إذا شدّت أظافره
هو الكميُّ الذي مازال منتفضاً=ومن عرين بني الكرار خادره
مازال في جنة الرضوان سيدَها=وفي الدنا ترتقي دوماً مفاخره
هو الحسين ومن مثل الحسين حماً=عند الوطيس إذا حلّت فواقره
الضارب الصفح إلا في الضراب فلا=يطيل في عمر قتّال يناوره
النازع الحق من أنياب غاصبه=والمرتدي في اللظى قلباً وشاهره
يصيح هيهات منا أن نذل ولم=نذق من الصبر ما الرحمن عاذره
فقارع الجبت والطاغوت محتسباً=وقلَّ إلا من العباس ناصره
فبات في الحل والتأريخ فارسها=وظل في غضب الجبار واتره
والشكر لله لا منّاً أجاهرهُ 1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
ربي تبارك من رب له كرم على البرية ما انفكت مواطره
سيلاً تحدّر بالإحسان منهمراً بالبشر والسعد لا تحصى مصادره
له من الفضل والإنعام سابقة ومن تجاوزه الأوزار وافره
فظلَّ فيه يرجّي الخيرَ كافره وزاد في الخير والعلياء شاكره
وكنت في بيته أرنو إلى شرف فلم يدع ليَ من خيرٍ أناظره فضمني في صفوف المجد عامره
ولم يدع ليَ من شرٍ أحاذره
فاسئل فؤاديَ ما ينجيه من غضبٍ واسئل جبينيَ عن نورٍ يلاحقني يومَ الحساب إذا تبلى سرائره
يتيه عشقاً به كالصّبِّ ناظره
واسئل معاتبتي والوصلُ منقطعٌ تقول مالك قد أنكرت صحبتنا والدمع مرتجَعٌ تذكو مشاعره
وليس يصلح للمعروف ناكره
وقد تركت ربوعَ الود معتزلاً قد كنت أبرع بحّارٍ يسامرني عن الجميع وقد جُنت جآذره
وكنت أمرع بستانٍ أجاوره
سلوتُ عن وصلها أسمو إلى شرفٍ وذبتُ فيمن أحارتني مآثره
ظلٍّ تبلور فوق الماء واتسقت تجري على مهَلٍ نشوى وقد نسجت به النجومُ وزانتها أزاهره
من سحر طلعته دفئاً تعاقره
تنام في كفه إن لاح مبتسماً تبيت مشدودة إما يحاورها وتستنير متى ما شاء ساهره
وفي التلألئ والمسرى تحاوره
كأنني إذ أجوز الكون مرتحلاً أمشى على هدي ما خطت رواحله في وصله وهو مسحورٌ وساحره
ما ضل من سار في درب يسايره
كأنه البحر ممدودٌ ومتصلٌ نذوق في فيضه سر الحياة ولا في السطح مائره والقاع زاخره
نهون يوماً وقد شُدّت أواصره
يبقى على العز من يأتيه مؤتمناً هو السفينة للغرقى وقد صمدت فالعمر وارده والدهر صادره
مهما تعالى من الطوفان طامره
وهو الملاذ إذا حل الظلام على وهو الحبيب الذي أرنو لرؤيته قلب المخوف متى دارت دوائره مهما فقدت بها شلواً تطايره
ما كلَّ زائره ما مل ناظره هو النشيد الذي في لحنه رقصت ما ذل ناصره ما ضل شاعره
أرواح شيعته عشقاً تشاطره
توافدت ترتمي في حصنه فبه به تروِّي زماناً جف وابله تلقى الحياة وتلقي ما تخامره
لكي يفوح من الآمال شاغره
تسبح الله في كهف به سكنت لو قطعوا فيه أوصالي وما حملت هل تطمئن قلوبٌ لا تذاكره
وكشر الحقد خافيه وظاهره
واستأجروا مفتياً يرمي قنابله واستأزروا عابد الطاغوت منسجراً على الطيور لترديها كواسره
وجاء إبليس بالفتوى وآمره
وحوّلوا قبة الأنوار عن فلك لما لقوا بين ذراتي وأعظمها بها يدور وفيها قر سابره
إلا الحسين حبيباً لا أغادره
تشع بالخير والنعمى محاسنه وتنزل الليل والسكنى ضفائره
إن تلتقِ الأنسَ نفسي فهو مؤنسها به سموت على الدنيا وما وسعت أو دق ناقوسُ قلبي فهو ناقره
وطفت من حيث ما طافت بشائره
الباسط الكفّ من تحت الكساء إلى والمسكر الناس من حلمٍ ومن أدبٍ كفِّ المحبين والسلوى تذافره
والناشر الجود لا تخفى جواهره
والطاوي الكشح للمسكين معتكفاً والكاظم الغيظ عن قوم إذا جاهلوا والمطعم العبد إما ضن آسره
والمنزل الموت إما ثار ثائره
والفارس الأوحد الصنديد ، ما صمدت هو الكميُّ الذي مازال منتفضاً له الأسود إذا شدّت أظافره
ومن عرين بني الكرار خادره
مازال في جنة الرضوان سيدَها هو الحسين ومن مثل الحسين حماً وفي الدنا ترتقي دوماً مفاخره
عند الوطيس إذا حلّت فواقره
الضارب الصفح إلا في الضراب فلا النازع الحق من أنياب غاصبه يطيل في عمر قتّال يناوره
والمرتدي في اللظى قلباً وشاهره
يصيح هيهات منا أن نذل ولم فقارع الجبت والطاغوت محتسباً نذق من الصبر ما الرحمن عاذره
وقلَّ إلا من العباس ناصره
فبات في الحل والتأريخ فارسها وظل في غضب الجبار واتره

 

يشيد بالبطل العباس شاعرهُ كما يغرد في البستان طائرهُ
ما أنجبت حرة شمساً ولا قمراً كأنما فالق الإصباح أوقده كناصر السبط ما أحلى غدائره
في الأرض فهو ضياها وهو ساتره
إن قابل الناسَ جاء النور يسبقه طوبى لروحك يا أم البنين ويا وإن مضى فسكون الليل دابره
رمز الحنين ويا درساً نثابره
لقد رفعتِ من الأقمار أربعة لكن قومك يا أم البنين أتوا ومن وليدك هذا جلّ ناشره
من الوليد عجاباً لا أخاتره
فها هو الوالد الكرار أولهه يقبل العينَ والكفينِ مرتجعاً من جسمه الغضِ باديه وضامره
ويحمد الله ما شعّت مناحره
وهاهو المجتبي والمجتبى علمٌ يرنو إلى الطفل حتى خلت أنهما جلت مآثره قلت نظائره
بين الرياحين مفتون وآسره
وهاهو السيد السبط الشهيد به يحنو على ما بدا من حسن طلعته كالمستهام يناغيه يسارره
ويرشف الراح مما فاح ثامره
ما أجمل الطفلُ في كفِّ الحسين وفي يدير عينيه في عين الحسين وفي حجرِ الحسين زماناً لا يغادره
نحر الحسين فما تعني مناظره
ما بالُ طفلك يا أم البنين فقد بالله ردي أمن عيب بخلقته أبكى الزهور وما رفت محاجره
فكيف والفرقد العالي يجاوره
وكيف والشمس خرّت يكي يباركها والمكرمات تنامى عن شمائله والكائناتُ له تترا تسامره
كالطود لا يرتقيه من يكابره
الرابط الجأش في حزم على صغرٍ ما عسَّ في قارع الكفار منسدلاً ماذا سيُحدث إما اشتد كاسره
إلا تهاوت على البيدا مغافره
مازار جيشاً تعاديه بواتره في كفّه سجّر الجبار هاويةً إلا تولى تؤاخيه مقابره
وراكمت بأسها فيه عشائره
وزينبٌ شدها من بين إخوتها ولم تزل زينبُ الحوراءُ تطلبه له من الود ما تخفى بصائره
إلى الوفاء فلا تكبو مشاعره
حتى أتى الشاطئ الغربيَّ مرتجزاً والعلقميُّ به الحياتُ فارعةٌ أروي الحسينَ ولا تظمى حرائره
وفي بطون مناياها فواغره
والسلسبيل به يجري وقد ولغت والأرض لاهبة والنخل كالحة فيه الكلاب وأقصى الريح ناجره
وفي الجوار من الجاريِّ فاتره
والمارقون أتوا والناكثون جثوا والشرك أطلق في الميدان قارعَه والقاسطون قضوا مالله حاضره
واستنفرت كالثرى عدّاً عساكره
جيشاً له من شرار الجن رادفة فاستحصلَ القمر العالي إجازته وللسهى من أياديه حناجره
وانسلَّ للأرض تحذوه زماجره
وأقحم المهرَ كالزلزال بينهمُ وخيّم الموتُ والآجالُ شاخصة حتى بدت في نواصيهم حوافره
وجال في ركَب الشجعان ذاعره
وأظلم الأفقُ من وقع الضراب وهم ولم يزل فيهمُ يجني الرؤوسَ ولم تحت الحراب وثكلاهم تهاتره
يزل يمنّيه ربي ما يخامره
فأبدل البارئُ الكفّينِ أجنحةً ولم تزل رايةُ العباس خافقةً واسترجع المحجرَ المكسورَ جابره
صفراء في موجها عزّت محاوره
ساءت وجوهَ بني صهيون وانتصبت وقد سقاها أبو هادي مفاجأة على الجنوب فأعيتهم منابره
ذلّت لها من حصون الشرك ساعره
وأرسلوا رابع الأجيال فانتشرت لاغرو من سيّدٍ يغذو بسالته على القرى حيثما حلّوا مقابره
من الحسين وفي العباس غابره
فكفّه من يد العباس ركبها هو المفاجأة الكبرى وقد قربت والسبط قائده والله ناصره
بها تَغيّرُ في الوادي مصائره
وجالت الراية العظمى مراقبة يؤمها القائمُ المهديُّ منتصراً ما بعد بعد ، وقد هبّت بوادره
وتكتسي باللقا كحلاً نواظره

أوحى ليَ الماء

من غيمةٍ في سماء الحبِ قد هطلوا
وحينما شاخ وجهُ الشمسِ ما أفلوا
ستائرُ الحزنِ بالأوجاعِ تنسدلُ
أوحى ليَ الماءُ، أنّ الشمس ذات ضحىً
ودمعةٌ طفلةٌ شاخت وما فتأت
ها قد أتيتكَ مفجوعاً .. يحاصرني
معي مدامع قلبٍ موجعٍ، ومعي
مواسمي كلّها قحطٌ، وها أنذا
الماء يرسم شكل الموت ملتظي اً
ياسيّدي .. يا نبي الماءِ .. ظامئةٌ
فجاء صوتٌ من المجهول يهتف _ يا
دعني أعلّق عيني في سمائك غي
أوحى ليَ الماءُ ، أن الموت مرّ على
وأنّ كل ظلامٍ كنت تحرثه
بأيّ شمس أضأت الكون في زمنٍ
هنا بذاكرة الرمل الح زينِ دمٌ
ما زلت دولة ح  ق تنتشي ألق اً
مازلت تنزف أحلاماً وتعزف في
يا سيّدي .. ك  ل شيءٍ فيك يُبهرني
أعدو وتتبعني الأشواق، مرتدي اً
أشدو .. وأنظر في المرآة عن كثبٍ

موتى فموتى، وكم جادوا وما بخلوا
وأسرجوا دمهم للناسِ واشتعلوا
على شبابيكِ من بالضوءِ قد ثُكلوا
كانت على زفرات الأرض تنجدلُ
وكلّما مرّ ذكر الطفّ تنهملُ
حزني ، وتمشي على أقداميَ السبلُ
حزنٌ غزيرٌ، وجرحٌ ليس يندملُ
وحدي على شرفات الغيم أبتهلُ
أعدو إليه سريعاً .. ثم لا أصلُ !
ك  ل الغيومٍ، وما قد مسّها بللُ
هذا _ بأنك أنت الوابلُ الهَطِلُ
مةً حسينيةً أمطارها الخجلُ
أرضٍ، فأورق في أنحائها الأملُ
ضوءً، أ ا ره صباحا منك ينهدلُ
به الدياجيرُ ضوءَ الشمس تنتحلُ
يظل بين سنين الدهر ينتقلُ
للثائرين إذا ما جارت الدولُ
صمت المساء لحوناً ، والمدى جذلُ
ال أ رسُ والكفُ والأخلاقُ والمُثُلُ
حبّا فريداً، فقلبي في الهوى ثملُ
فلا أرى غير وجهٍ ملؤهُ الوجلُ !
متيمٌ بك حدّ الموت .. ها جسدي
فتشت كلّ ج ا رحِ الأرض قاطبةً
أكنت تحمله ورداً، وبوصلةً
أكنت ته أ ز بالريح التي عصفت؟
علّقت أسئلتي الحيرى على شفتي
وشاب أ رسيَ وابيضتْ بيَ المُقلُ
هبني قميصك، إنّ الماء أنبئني
وأنني والمسافاتُ التي نزفت
ما أوسع الدرب .. من مثواكَ نبدأه
وكربلاءُ التي كنت انشتلتَ بها
فيالذي كانت الأحلام تشبهه تمر بي كاخض ا رر الروح فوق فمي
أشعلتُ نار حروف الشعر في خلدي
وجّ هتُ وجهي نحو الطف قافيةً
درعٌ، وأوردتي الأسيافُ والأسلُ
فكان جرحُكَ جرحاً ليس يُحتملُ
للعابرين، وكان الموتُ ينذهلُ؟
وكيف كنتَ بوجه الريحِ تنشتلُ؟!
فجاوبتني بدمع الحسرة المُقلُ
وكلّما مرّ ذكر الطف أكتهلُ
أني بقمصانك الحمراء أكتحلُ
موتاً، بأنهارك الحم ا رء نغتسلُ
فكربلاء بعرش الله تتصلُ
نخلاً، ستبقى لأمر الله تمتثلُ
والأمنيات على كفيه تبتهلُ
كالأغنيات، وكم يحلو بك الزجلُ
حتى تضرّمت الأبياتُ والجملُ
فإنني نصفُ بيتٍ، فيك أكتملُ

ضوءٌ… وقلبي مرايا

عَبّدتُ دَرْبَ الرّوحِ نحو رؤاكا ومَضَيْتُ أملأُ جَرّتي بِسَناكا
عَطْشَى يُطارِحُني الحنينُ كأنما نارٌ تطارحُ لجةً بِمَداكا
ما كانَ يُدْرِكُني التّصَبّرُ كيفَ لا أُلقِي بِنَفْسِيَ في عبابِ هَواكا
أطْفُو وموجُ الذّكرياتِ يَهُزّنِي كالطّفلةِ الوسْنى بِمَهْدِ أسَاكا
وأغوصُ تتبعُني اللآلئُ نَجْتَلِي سرًا حميمًا كَنّ في مَعْنَاكا
المَدُّ جاءَ بِلَهْفَتِي أمْ لَهْفَتِي جاءتْ كَمَدٍّ تستعيرُ خُطَاكا
قَرّبْ ضِفَافَكَ تَسْتَرِيحُ نَوارِسِي التّعْبَى وأشْرِعُ للغناءِ صَدَاكا
ضَاقَتْ بِها الآفاقُ إلا فُسْحَةً للِّانِهايةِ منْ طُفُوفِ إِبَاكا
مَشْغُولَةٌ بِالحُلْمِ تَنْسُجُ وَحْيَها تَنْسابُ خَارِجَ ذاتِها لِتَرَاكا
بَلْ خارجِ الأُطُرِ العَتِيقةِ لم يَعُدْ زَمنٌ ولا أرضٌ بِوِسْعِ أَنَاكا
فَتْلامِسُ الحُزنَ الذي يَمْتَدُّ مِنْ أقْصَى الحَيَاةِ ..وكَونُها عَيْنَاكا
حيثُ انْعِتَاقُ الضّوءِ أَشْعَلَ رُوحَها حتّى تَكَسّرَ لَيلُهَا بِضُحَاكا
يُغْرِي بِها وهَجُ الخُلُودِ يَشُدّها ذاكَ الذي في عَاشِرٍ أغْرَاكا
العِشْقُ يَرْسِمُ ما انْمَحَى فِي لَوحَةٍ ما كانَ يُبْدِعُ مِثلها إللّاكا
ذَبُلَتْ بِها الألوانُ جَفّ بَريقُها فَشَرَعْتَ تُنْدِي لَوْنَها بِدِمَاكا
وكأنما خَفَقَتْ بِأنفاسِ الحَيَاةِ بِنَفْخَةٍ مِنْ عُنْفُوانِ نِدَاكا
يا كَفّ بَدْرٍ ..فِي مَجَرّةِ ثَوْرةٍ كانتْ تُرَتّبُ حَولكَ الأفْلاكا
يا صَبْرَ سُنْبُلَةٍ ..تَفَرّطَ دَمْعُهَا قَمْحًا ليُبْذَرَ في حُقُولِ جَوَاكا
يا جُرْحَ وَرْدٍ ..كَمْ رَوَيْتَ عُرُوقَهُ فانثالَ شَلّالًا ببوحِ شَذَاكا
يا قُرْبَةَ الأحلامِ ..أُهْرِقَ نَبْضُها والسّهْمُ يا ماءَ الحَيَاةِ سَقَاكا
يا خَوْفَ نَرْجِسَةٍ ..تَنَاثَرَ يُتْمُهَا تَبْكِي لأنّ بُكَاءها أَبْكَاكا
مازالَ يَذْرَعُنِي النّداءُ كَمُهْرَةٍ يَرْتَدُّ عنْ تِصْهَالِهَا عُتْبَاكا
مازالَ يَسْكُنُنِي يُؤَثّثُ فِكْرَتِي أوليسَ ذاكرةُ الهَوى سُكْنَاكَا
مازالَ مقدودًا قَمِيصُ قَصَيدَتِي هلّا رَتَقْتَ حُرُوفَها بِعُرَاكا
تَفْنَى بِكَ الأَرواحُ تَفْتِلُ خَيْطَها المَعْقُودِ بِالأهْواءِ كي تَحْيَاكا
فالموتُ بَيْنَ يَدَيْكَ طَأْطَأُ صَامِتًا لكأنه لِجَلالِكَ اسْتَحْيَاكا
والخُلْدُ تَوّجَكَ المَليكَ فَما يَرى بَطَلًا يَلِيقُ بِخَافِقَيهِ سِوَاكا
لما تَرَكْتَ الخَلْقَ طرًا سَيّدي اللهُ فِي عَيْنَيهِ قَدْ آوَاكا
لكَ يا حُسْينُ يَسِيرُ شَوقِيَ حَافِيًا آنَسْتُ نَارَ الوجْدِ فِي نَجْوَاكا
ها أنتَ ضوءٌ في مرايا خافقي هلا فَلَقْتَ سَديمَها بِعَصَاكا
قَدْ فًتّحَتْ أَبْوابُ وَصْلِكَ سَيّدِي أَ أعودُ مُنْحَطِمُا بِغِيرِ لُقَاكَا ؟
أَ تُغَلّقُ الآمالُ دونِيَ دُلّنِي يا خَافِقِي ..أُوّاهُ ..مَا أَشْقَاكا !
خُذْنِي فَما بَينِي وبَيْنَكَ دَمْعَةٌ وكأنّ مَا بينَ الدّموعِ رُقَاكا
خٌذني على مَهَلٍ أتيتُكَ مُوجعًا بل كلُ ما بي من هُداكَ.. أتَاكا
وسأسكبُ الولهَ المُضَمّخَ في دَمِي دررًا.. فراشات ..تُدلّهُ ..هَاكا
لو أسْتَشِفُ الحاءَ.. لو أدنو بِما في لوعتي.. لو أدّلي بِرِضَاكا
ذَرْنِي لأملأَ جَرّتِي بِسَنَاكا وأَمُرُّ مَرّ سَحَابَةٍ بِسَمَاكا
وكَمًا مَواعِيد الغَرامِ أبُوحُها لكَ حِينَ أُصْعَقُ في الوصَالِ فِدَاكَا

صلاة بوضوء الدم

تحكـي غراماً صاغه معناكــــا
روحي على ذكراك ذابت بالأسـى

إلا فــــتاتٌ ذائــــــبٌٌ بهواكــــا
آه هياميا يا حــسين و مـــا أنـــــــا

سجدت بـــــحور الحب في نجواكا
يا أنت يا كل الوجـــود بهمســــةٍ

حتى السماء تأن مـــن ذكراكا
ذكراك جرحُ الغيم في قـطــــــــراته

خــد الــــتراب فلـــيلهُ يغشاكــــا
و الصـــبح قد ذابـــت ملامــحه علـى

و يجول سعياً قاصــداً لضياكـــا
فـيه يـــطوف الوجد حـــول خيـــاله

حتى ضمير الــــماء فوق ثراكـــا
ولقد أتتك عـــلى الــتراب ضـــــمائرٌ

و تقول إن الكون ـفي مثواكــا
تنعاك يا عـرش المهيمن بـالأسـى

كلماته صلت عـــلى مــــعناكــــا
أحكـــيك وحيــاً بالغرام تـــجسدــت

شَهِدت بأن الســيف من قتلاكا
هذي هي الطف التــــــي ذراتـــــها

آياته ذُبـــحت بـــعرش سماكــــا
فلأنت قرآن الطفوف على الـــــثرى

جرحى من الأنات كـيف حكاكا
فتكلــــم القبــر الــتذي جنَــــباتـــه

رسمتك عزاً للوراء بـــــــــــإباكا
فيقول إن الأرض أضحـــــت لوحـــــــةً

سكرى ترتل بالبكـاء مداكـــــا
و الرمح فـوق ترابهـــا و سُيوفهـــم

تتلو بلون الحزن فجر سناكا
والضلع في كف السحـــــــاب كريشةٍ

ناديت يــــــا الله جـــل ثــــناكـــــا
فرأيتهُ جســـماً يُقطــتعهُ الظمــا

بالطعن قد ردوا لحجب دعـــــاكا
إني أنــــا ظامٍ يصيـح بقومهـم

ورمالها لبّت تقول فداكا
و سجدت في أرض تناجي ربــــــــــهـا

تعصيك في قتلي و في دنيـــــــاكا
عميت عيـــون لا تراك بــــروحهـــا

ناديتُ بالمخـتار كــــيف أراكـــا
يا راحماً موســـى بفـيض مشيـئةٍ

كلـــي لكلـــيَ هائـــمٌ بعلاكـــا
فالشوق فتت مهجتـي حتى غـــــدا

راضٍ لحكمك خاضعٌ لقضاكــــا
خذني إليك كما تـــريد فإننــــي

في ذاتــــيَ الولها ليوم لقاكـــا
إني وجــدتكَ داخلــي متمـــثــــلاً

أشـــلاء حبِ كي أنال رضاكـــــــا
هذي ضلوعي في هواك جــــعلتها

أن تقبل الأشلاء في رجــــــواكـــــا
و تقطعت كفي و عينــي آمــــــــلاً

متقطعاً بالــــــحب لا لسواكـــا
و القلب بالسهم المثلث قد غـــــدا

قم للشهادة ومتشق علياكا
الله قـــــد نادى حســــينـــــــاً قائلاً

و تجسد الحق الذي نــــــاداكــــا
لأراكَ تفديني بحبك منحراً

واسجد على ترب يضم ثراكـــــا
رتل صــــلاةً بالدمـــــاء تــــطــــهراً

و يقول قرباناً إلــى دعواكــــــا
لبــــــى حســــــيـــنٌ و الدمـــاء تحفهُ

و تقول هذا النور فيض دماكــا
فتجسدت شــمسٌ بلـــون مصيــــبةٍ

كلماتـــي الظـــــمئ إلى سقياكـا
و النجم يتــــلوا قصةً تهوي بهـــا

هذا الزمان يعــــيد وجه صداكــا
فــــلأنـــــــــت قـــــرآنٌ علــــى آيـــاته

وترفُضُ عينايَ فوضى احتمال !!

أراكَ فيخبو أمامي الخيالْ
بعينِ البَصِيرةِ مِلءَ المجالْ
أراكَ فيجثو على نَبضَتِيهِ
فُؤادِي خُشوعاً لِهذا الجلال
أُرتِّبُ ضَوءكَ في مُقلَتِي
وَتَرفُضُ عَينَايَ فَوضَى احتمال
وأَطْوَي المسافةَ في خَاطِرِي
مَعِي التَّضحياتُ وَدرسُ النِّضَال
فَما أَطفَأَتنِي قُطيراتُ دَمعٍ
وَدَمعِيَ أَورَثَ نارَ اشتعال
فيا رملةَ الطَّفِ كيفَ احْتَمَلْتِ
كَياناً تُصدعُ منهُ الجبال
غداةَ هوى فوقَ حرِّ الصعيدِ
يُضمخُ بالعطرِ وجهَ الرِّمال
فَمازال يومُكَ في مهجتي
-كَما العَاشِقِينَ- دُرُوبَ الكمال
جَمَالُ الفَتَى في خِضَّمِ الأسى
بِصَبرٍ ، وَللصَّبرِ كنتَ الجمال
أُراعِكَ نَهجاً إلى الحقِّ إنْ
أُضيعَ الصَّوابُ وطالَ السِّجَال
بِمِحرَابِ جُرحِكَ صَلَّى النَّزِيفُ
وَكبَّرَ للهِ قَصدَ امتثال
وَيَمتَدُّ جُرحُكَ في داخلي
يقيناً بصوتِ الحقيقةِ قال:
“إلهي تركتُ الملا في هواكَ
وأيتمتُ بعديَ فيكَ العيال”
سَقيتَ الحِمَامَ كُؤُوسَ المماتِ
بكفِّ الخُلودِ …. فتاهَ السُّؤال
لأنَّكَ ميزانُ عَدلِ السَّماءِ
لأنَّكَ تُفني عروشَ الضَّلال
سَتَبقَى ( حُسيناً ) بأقصى الضَّميرِ
أراكَ الحقيقةَ دونَ الخيال

تعميد عاشق

فَخَّخَ الحُبُّ بَيْنَ جُنْحَيْكَ قَلْبَا
مِثْلَ تَفْجِيْرِ صَاعِقٍ فِيْ فُؤَادٍ
أيُّ هَبٍّ مَدْفُوعَةٌ فِيْهِ رُوحٌ
أَيُّ رِيْحٍ سَوْدَاءَ قَلْبُكَ كَرْهاً
فَتَنَشَّقْتَ رِيْحَهُمْ بَاشِقَاتٍ
وَتَرَجْرَجْتَ فِيْ خَوَاءٍ سَدِيْمٍ
هَكَذَا أَنْتَ مِثْلَ فَوْهَةِ طَلْقٍ
نَزِقٌ فِيْ الغَرَامِ أَهْونُ شَيْءٍ

لا تُؤرْجِحْ بِنَا شُعُوراً كُتُوماً
وَأَمَامَ العُيُونِ والسَّمْعِ إِنَّا
أَنْتَ خَزَّانُ لِلتَّرَدُّدِ تُعْطِيْ
كُلَّما أُبْطِلَتْ تَعَاوِيْذُكَ الأولَىْ
وَكَأَنَّ الشُّعُورَ شَعْوَذَةُ الرَّجْمِ
حِيْنَ يَخْشَى صِدْقَ المُحِبِّ وَيَحْيَا
فَضَمِيْرُ الإِيْجَابِ صَخْرَةُ عِشْقٍ
وَضَمِيْرُ الإِيْجَابِ هَبَّةُ عَزْمٍ
هِيَ تَعْمِيْدُ عَاشِقٍ مُسْتَقِيْلٍ
فَدُفُوْعُ الغَرَامِ لِلْعَلَنِ الصَّعْبِ
عَلَنٌ جَبَّ خِيْفَةً وانْقِطَاعاً
قَامِرْ العِشْقَ وَهْوَ يُطْلِقُ شَمْساً
سَيَبَانُ الذِيْ يُجَاهِرُ بِالشَّوْقِ
حَيْثُ عِشْقُ الحُسَيْنِ مِيْزَانُ تَرْجِيْحٍ
لَوْ غُيُومُ السَّمَاءِ كَانَتْ طِلاَءً
أَمْطَرَتْهُ فِيْ كُلِّ بَاكٍ دُمُوعاً
إِنَّهَا عَفْوُ مُمْطِرِ السُّحْبِ تَحْكِيْ
مَطَرُ الدَّمْعِ فَاضِحٌ وَشَفِيْفٌ
لَيْسَ تَسْرِيْبَ صُوْرَةِ الحُبِّ عَجْزاً
فَضَحَتْ غَدْرَهُم بِهَيْئَةِ عِشْقٍ
بَيْنَ بَيْنٍ أَتَتْ كَمَيْلٍ لِمَيْلٍ
فَتَهَاوَى التَّرْجِيحُ بَالُونَ نَفْخٍ
لَيْسَ يَدْرِيْ فِيْ أَيِّ وُجْهَةِ دَرْبٍ
ضَاعَ مِنْهُ المِيْزَانُ خَارَتْ قِوَاهُ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ يُنْفَخُ بِالغَدْرِ
هَيَّأوا أَمْرَهُ لِرِدَّةِ وَضْعٍ
حَيْنَ لا يَقْطَعُ الهَوَىْ مِثْلُ سَيْفٍ

يَا حُسَيْنٌ عَمَّدْتُ عِشْقِيَ إِنِّيْ
وَتَأَكَّدْتُ مِنْ تَفَاصِيْلِهِ الأُخْرَىْ
فَارِعٌ فِي النُّمُوِّ شَبَّ سَرِيْعاً
وَلِهَذَا مُجَاهِرٌ بِوِدَادِيْ
لِهَوَايَ الذِيْ أُدَافِعُ عَنْهُ
وَلَهُ مِنْ نَوَاجِذِ العِشْقِ سِنٌّ
أَذْكُرُ السِّبْطَ وَهْوَ دُوْنَ رِدَاءٍ
وَأَرَىْ العَسْفَ إِذْ يُرَضَّضُ جِسْماً
كَلُّ نَخْلِ العِرَاقِ يَشْعُرُ أَنَّ الـ
حَيْثُ مَرْقَى الحُسَيْنِ وَهْوَ عَفِيْرٌ
لِمَا لا أَعْشَقُ الحُسَيْنَ قَطِيْعَ الرَّأْسِ
فِيْهِ مِنْ مَكْمَنِ الحَرَارَةِ وَصْلٌ
سَتَرَوْنَ الحُسَيْنَ أَوْصَلُ جِسْمٍ
وَتَرَوْنَ الحُسَيْنَ أَبْقَىْ وُجُوداً
هُمْ أَحَاطُوهُ مُفْرَداً وَوَحِيْداً
وَتَرَوْنَ الهَوَىْ يُطَابِقُ فِيْهِ
دَمِثُ الغَدْرِ أَمْ كَرِيْمٌ بِذَبْحٍ
إِنَّمَا وَطَّأَ التُّرَابَ مِهَاداً
ثَلَّثَ القَلْبَ وَسْطَ صَدْرٍ عَمِيْقِ
أَخْرَجَ القَلْبَ كَالدِّلاءِ بِبِئْرٍ
فَلِمَاذا قَفَاكَ أَهْدَاهُ ثُقْباً
كَيْفَ تَرَّبْتَ يَا حُسَيْنُ خُدُوداً
حَيْثُ لَثْمٌ وَدَمْعَةٌ بَلَّلَتْكُمْ
أَنْتَ تَحْنُو عَلَىْ التُّرَابِ مِنَ اللَّفْحِ
كُنْتَ تُؤْذِيْهِ مِنْ عَفِيْرٍ سَلِيْبٍ
رُبَّمَا شَاءَ أَنْ يُرِيْحَكَ جَنْباً
قَلَّبُوا الجَسْمَ بِالخُيُولِ اخْتِيَالاً
هُمْ أَرَادُوا أَلاَّ يُرِيْحُوكَ جِسْماً
لَكَ مِنْ مَدْفَنِ الحَيَاةِ تُرَابٌ
وَعَدَا كَرْبَلاءَ تَحْوِيْكَ جِسْماً
وَهِيَ الهَيْكَلُ الذي تَنَصَّبَ صَرْحاً
وَحْدَهُ السِّبْطُ كَانَ يَسْكُنُ فِيْهِ
حَيْثُ تَعْمِيْدُ عَاشِقِ السِّبْطِ فِيْهِ
زَحَفَ العَاشِقُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ
فَخَّخَوا الحُبَّ مِثْلَ حَدْبَاءِ ظَهْرٍ
عَفْوَ عِشْقٍ يُذْكِيْهِ تَفْجِيْرُ وَغْدٍ
وَمَشَيْنَا إِلَيْكَ مَشْيَةَ تِيْهٍ
إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ حَشَّدَ دَهْراً
فَأَدَارَ الهَوَى مَعَ النَّاسِ حَرْبَا
حِيْنَ يَغْدُو رَخْوُ الشَّرَايِيْنِ صُلْبَا
جَعَلَتْ حُبَّكَ المُدَجَّجَ صَعْبَا
مِثْلَ غَمْدِ الهَوَاءِ فِيْ الحَلقِ عَبَّا
وَتَقَعَّرْتَ مَا تَعَالَيْتَ كَعْبَا
هَكَذَا صَيَّرُوا فُؤَادَكَ جُبَّا
وَكَذَا أَنْتَ قَدْ تَشَبَّعْتَ صَلْبَا
فِيْكَ كَسْرُ العِنَادِ إِنْ زِدْتَ حُبَّا

مِنْ جِبَايَاتِ عَاشِقٍ نَحْنُ نُجْبَى
مِثْلَ كُلِّ الإِمَاءِ بِالعِشْقِ نُسْبَى
لِلْحَكَايَاتِ مَسْرَحَ العِشْقِ كِذْبَا
تَأَوَّلْتَهَا لِتَصْنَعَ طِبَّا
وَقَدْ يَرْجِمُ المُشَعْوِذُ رَبَّا
سَالِباً عِشْقَهُ لِكَيْ لا يَشِبَّا
قَطَعَتْ دَرْبَ رَجْعَةٍ كَانَ سَلْبَا
بِانْتِصَافِ الطَّرِيْقِ تُكْمِلُ دَرْبَا
مِنْ هَوَاهُ وَيَخْتَلِيْ كَيْ يُحِبَّا
تُحِيْلُ الغَرَامَ فِيْ القَلْبِ خَصْبَا
وَمُحُولاً أَجْرَىْ عَلَىْ الأَرْضِ جَدْبَا
كَيْ تَمَيْزَ الوَجُوْهَ .. تَزْدَادُ كَسْبَا
وَمَنْ مِنْ شُعُورِهِ قَدْ تَخَبَّى
وَمِرْآتُهُ تُشَاوِفُ سُحْبَا
شَفَّها كَالدُّمُوعِ صَفَّيْنَ هُدْبَا
سُحُبٌ بِيْضُ قَدْ تَسَوَّدْنَ نَدْبَا
عَفْوَ دَمْعٍ يَجْرِيْ وَمَا كَانَ غَصْبَا
وَعَلامَاتُ عَاشِقٍ قَدْ أَحَبَّا
مِثْلَ مَنْ سَرَّبُوا إِلى السِّبْطِ كُتْبَا
رَاجِحٍ غَيْرَ رَاجِحٍ .. كَانَ شَطْبَا
ثَقَبُوا فِيْ المُيُولُ لِلْغَدْرِ ثُقْبَا
ثَقَبُوهُ فَطَارَ شَرْقاً وَغَرْبَا
تَهْمُدُ الرُّوْحُ بَعْدَما العِشْقُ دَبَّا
هَمُدَتْ رُوْحُهُ عَلَىْ الوَجْهِ كُبَّا
وَقَدْ أَوْثَقُوهُ إِذْ عَادَ سِرْبَا
بِقُلُوبٍ هَوَتْ وَسَيْفٍ تَأَبَّىْ
إِنَّ عَدْوَىْ التَّرْجِيْحِ تَسْرِقُ قَلْبَا

بَعْدَ تَمْحِيْصِهِ بِقَلْبِيْ تَرَبَّىْ
كَطِفْلِ الخَدِيْجِ فِيْ الرَّحْمِ شَبَّا
والتَّقَاطِيْعُ صَبَّتْ العِشْقَ صَبَّا
لَسْتُ أُخْفِيْ غُصْناً تَجَمَّلَ شَذْبَا
إِظْفِرٌ نَاشِبٌ بِخَصْمِيَ نَشْبَا
عَضَّتْ الدَّهْرَ إِذْ تَمَزَّقَ إِرْبَا
كَيْفَ خَاطَ التُّرَابَ لِلْجِسْمِ ثَوْبَا
كَانَ وَقْعُ الخُيُولِ يُنْبِتُ حَبَّا
خَيْلَ قَدْ دَجَّنَتْ إِلَى الخَصْبِ تُرْبَا
لِلْنُخَيْلاتِ أَنْ تَجَذَرَّنَ وَهْبَا
ذَا مُوْصِلٌ مِن القَطْعِ نَبَّا
قَطِّعُوا النَّحْرَ وامْنَعُوا عَنْهُ شُرْبَا
حِيْنَ أَشْلاؤُهُ تَنَاثَرْنَ سَغْبَىْ
مِنْ عِدىً جَرَّدُوهُ سَلْباً وَنَهْبَا
مَا دَرَوا أَنَّهُ تَحَوَّلَ قُطْباً
صُوْرَةَ الذَّبْحِ إِذْ تَحَوَّلَ ذِئْبَا
لَمْ يُبَقِّ شِلْواً يُسَاكِنُ شُهْبَا
كَيْ يُبَاهِيْ: مَا كُنْتُ أَفْعَلُ ذَنْبَا
الغَوْرِ .. والسَّهْمُ وَسْطَ قَلْبِكَ غَبَّا
كُلُّ مَا يَبْتَغِيْهِ لِلْقَلْبِ جَلْبَا
مَخْرَجاً مِنْ مَتَاهَةِ القَلْبِ صَعْبَا
هُنَّ مَنْ صَيَّرُوكَ لِلْجَدِّ قُرْبَى
لَمْ يَزَلْ خَدُّكَ المُتَرَّبِ رَطْبَا
وَذَا التُّرْبُ يَصْهَرُ الخَدَّ نَخْبَا
وَهْوَ رُغْمَ اسْتِرَاحَةِ الخَدِّ يَأْبَىْ
فَإِذَا بِالجِرَاحِ أَصْبَحْنَ جَنْبَا
كَحَرَاثِ الجِرِاحِ يَحْتَاجُ قَلْبَا
وَإِذَا العِطْرُ يَغْزِلُ الجِسْمَ هَبَّا
كُلُّ أَرْضٍ حَوْتَ لِشِلْوِكَ نُصْبَا
ثُمَّ رَأْساً مِنْ قَطْعِهِ قَدْ تَعَبَّا
لِبَقَايَا السُّيُوفِ والنَّصْلِ ذَبَّا
وَأَزِيْزِ الزُّوَّارِ يُخْمِدُ حَرْبَا
بَعْدَمَا دَاوَلُوا إِلى الجِسْمِ حَجْبَا
حَشَّدُوا لِلْحُسَيْنِ أَجْسَادَ تَعْبَىْ
هِيَ تَمْشِيْ إِنْ أَوْسَعُوا الظَّهْرَ ضَرْبَا
كُلَّمَا فَجَّرُوا أَذَعْنَاكَ نَدْبَا
لَمْ نُغَازِلْكَ أَوْ نُسَلِّمْكَ كُتْبَا
وَبِعَفْوِ الهَوَىْ أَتَيْنَاكَ حِزْبَا

نَـافُورةُ الأحـرَارِ

جَرَسْ:
لأنَّكَ الماءُ والحبُّ والثورة ..

ثَاوٍ وَنَافُورَةُ الأَيْتَامِ تَرْتَفِعُ
وَيَجْلِسُ النَّهْرُ فِي مِحْرابِ أضْلُعِه
يَسْتَغْفِرُ النَّحْرَ .. تَبْكِي ضِفَّةٌ ألَمَاً
وَالرَّيحُ تَمشِي عَلَى عُكَّازِ حَسْرَتِها
نَحْوَ السَّلِيبِ كَأَنَّ الحُزْنَ رافَقَها
مُمَزَّقَاً كانَ .. تَطْفُو فَوْقَ مَنْحَرِهِ
أَنَا الذَّي أَثَّثَتْ طَعْنَاتُهُمْ جَسَدِي
أَنَا الذَّي قَطَّعُونِي في الهَوَى قِطَعَاً

فِي كَرْبَلاءَ أَضَاءَ المَجْدُ شَمْعَتَهُ ال
كَغَيْمَةٍ حَبُلَتْ بالضَّوءِ فَاجأَها
أَنْهَيْتَ للحَقِّ فِي الدُّنيَا مَجَاعَتَهُ
يَدَاكَ تُبْحُرُ فِي الأَرْواحِ بَاحِثَةًَ
فَتَغْسِلُ الخَوْفَ عَنْ أَجْفانِها وَإِذا
يَا كَاتِبَ الحُبِّ فِي قُرآنِهِ وَطَنَاً
لَكَ الدُّموعُ تَحُثُّ الخَطْوَ .. إنَّ بِها
زَحْفاً إِليْكَ عَلَى الأَحْلامِ تَقْصِدُكَ الـ
هُمُ الخُلُودُ.. عَلَى رِجْلَيِْنِ مِنْ شَغَفٍ

كَأَنَّنِي بِكَ يَا مَوْلايَ فِي أَلَمٍ
تَقُولُ: لا تُسْتُرُونِي إنَّ لِي كَفَنَاً
ولا تَرُشُّوا بِمَاءٍ وَجْهَ أَتْرِبَتِي
ظَامٍ عَلَى أَذْرُعِيْ أَقْبَلْتُ أَحْمِلُهُ
حَتَّى أَتَى السَّهمُ مَجْنُونَاً فَقُلْتُ لَهُ:
لا تَغْسِلُوا جَسَدِي إنِّيْ أَرَى شَمِراً
لا تَحْمِلُونِي عَلَى نَعْشٍ وَبِنْتُ أَبِي
وعينُهَا كُلَّمَا حَنَّتْ إلَى جَسَدِي

يَا سَّيدِيْ لَمْ يَعُدْ فِي الأرْضِ مِنْ وَطَنٍ
تَجْتَاحُنِي غُرْبَةٌ رَعْنَاءُ .. بِيْ زَمَنٌ
ظِلِّيْ بَقِيَّةُ أَوْطانِيْ سَكَنْتُ بِهِ
جِرَاحُنَا يَا أَبَيَّ الضَّيْمِ لاجِئَةٌ
لَأنتَ بِئْرُ إِبَاءٍ فَاضَ فِي أَلَقٍ
فَتِلْكَ تُونُسُ بَالأَحْرَارِ قَدْ عُتقَتْ
وَمِصْرُ تَخِْرُجُ مِنْ جُبٍّ يُحَاصِرُها
يَا أَيُّهَا المَدُّ والطُّوفانُ تَحْمِلُهُ
مُضَرَّجٌ بِدِماءِ الرَّفْضِ عَالَمُنَا
وَحِيْنَ يَقْضُونَ دُونَ الحَقِّ نَحْبَهُمُ
مِنْ قَلْبِهِ حَيْثُ سَهْمُ المَاءِ مُنْزَرِعُ
كَالرَّاهِبِ الكَهْلِ إِذْ ينتَابُهُ الوَجَعُ
وَضِفَّةٌ مِنْ دِمَاءِ النَّحْرِ تَمْتَقِعُ
مَحْنِيَّةَ الرُّوحِ.. مَسْعورٌ بِهَا الجَزَعُ
لِيَلْتَقِي مَنْ بِهِ الأَوْطانُ تَجْتَمِعُ
شَوَاطِئُ البَوْحِ والأزْمانُ تَسْتَمِعُ:
وَغَادَرُوني عَلَى الرَّمضاءِ أَضْطَجِعُ
إلا امتِدَادِيَ نَحْوَ اللهِ ما قَطَعُوا

أُولَى فَظَلَّتْ عَلَى التَّارِيخِ تَلْتَمِعُ
طَلْقُ الحَضَارَاتِ.. كَانَتْ تِلْكُمُ البُقَعُ
وأنتَ آخِرُ مَنْ يُعْنَى بِهِ الشَّبَعُ
عَنْ فِكْرَةٍ ضَمَّها فِي صَدْرِهِ الهَلَعُ
مرَّتْ بِضِيقٍ فَذَا مَعْناكَ يتَّسِعُ
مِنْ قَلْبِه أَنْهُرُ التَّرْتِيلِ تُقتلَعُ
مُلُوحَةُ الشَّوقِ أَصْلٌ مَا بِه بِدَعُ
عُشَّاقُ والمَوْتُ يَا مَوْلايَ مُصْطَنَعُ
يَعْدُو إِذَا فِي هَوَى “طْوِيْرِيْجِ” قَدْ هُرِعُوا

عَلَى الهَجِيرِ وِمِنْكَ القَلْبُ مُنْصَدِعُ
مِنْ دَمْعِ أُمِّيْ عَلَى الأعْضَاءِ يَنْخَلِعُ
فَلَسْتُ أَنْسَى رَضِيعِيْ وَهْوَ يَنْصَرِعُ
وَقَلْبُهُ فِيْ انْتِظَارِ المَاءِ مُنْدَلِعُ
لا تَقْتُلِ الطِّفْلَ.. إنَّ الحُزْنَ لا يَسَعُ!
بِسَوْطِهِ جَاءَ أَطْفَالِيْ إذا جَزَعُوا
فَوْقَ النَِّيَاقِ عَلَى الأَحْبَابِ تَفْتَجِعُ
أَكْمَامُ نَظْرَاتِها بِالزَّجْرِ تُنْتَزَعُ

فَالوَقْتُ ذِئْبٌ مُخِيفٌ وَالمَدَى سَبُعُ
رَصَاصُ خَيْبَاتِهِ فِيْ القَلْبِ يَنْدَفِعُ
فَطَارَدَتْنِيْ عَلَىْ أَبْوَابِهِ الخِدَعُ
لَدَيْكَ مِمَّنْ بِذَبْحِ الفَجْرِ قَدْ شَرَعُوا
ودَلْوُهُ فِي قُلُوْبِ النَّاسِ يَرْتَفِعُ
مِنْ سَطْوَةِ الظُّلْمِ ذَاكَ الأحْدَبُ البَشِعُ
لِتَرْتَقِي حَيْثُ سَفْكُ الحُلْمِ يَمْتَنِعُ
يَدُ الغُيُوبِ عَظِيمَاً لَيْسَ يَرْتَدِعُ
والثَّائِرُونَ ثِيَابَ البُؤْسِ قَدْ نَزَعُوا
تَرَاهُمُ فِيْ غَرَامِ المَجْدِ قَدْ وَقَعُوا

تَغْرِيْبَةُ العِشق

أغرى جَنوبٌ أو أَغارَ شَمـالُ؟ فلكربلاءَ تحمحـمُ الأوصـالُ
قُمْ وانظر الشّوق الذي بِدَواخِلـي أرأيتَ كَيفَ يُباغِتُ الزِّلْـزَالُ ؟
فلطَالَمـا أشْعَلتُهـا تَهْويمَــةً وكأنّ كُـلَّ طُقوسِهـا استِهْـلالُ
فإذا نَطَقْتُ تَذوبُ رُوحِي فِي فَمي وعَلى شِفاهي تَرْتمـي أَنْصَـالُ

سَنَةً على سَنَةٍ أُنـوْرِسُ لَهْفتـي وأنا الشَّرانقُ مَوْطِنـي أغْـلالُ
حَوْلاً عَلى حَوْلٍ أُتّرْجمُ صـبوتي فَتَضيقُ بي الأَوْصَافُ والأَحْوالُ
غَازَلتُ أُمْنيةً فَرَمَّضَهـا الأَسَـى وغَدا يذَعذعُ ريحَها الوِلْـوالُ

وتَعودُ لي في الأَرْبِعيـنَ قِيامَـةٌ مـن كُـلِّ فـجٍّ شائقٍ تَنْـثـالُ
جبريلُ أقبـلَ في البُـروجِ يزفّها وبَنَـاتُ نَعْـشٍ ساقَهـا مِيكـالُ
والشَّمْسُ هَرْولَتِ السَّماءُ بإثرِهـا لتَضيعَ مِـنْ حُسْبانِهـا الأَميَـالُ
وإرادَةُ الأرْضِ استَمالَت للجَـوَى إنَّ الجَـوَى فـي طبْعِـهِ ميّـالُ
للجَنةِ الحُبلَـى وسِـدْرةِ مُنْتَهـى فشعابُ طُوبَى حَبْـوةٌ وظِـلالُ

والعَاشِقونَ على الخُلودِ تَزَاحَـمُوا الصّلْـتُ والمَشَّـاءُ والخَـيَّـالُ
تَتَعَصْفرُ الضَّحِكاتُ وسْطَ نَشيجِهِمْ أَرَأَيتَ كيفَ يُكَرْكِـرُ الأطفـالُ؟
اللهُ طافَ عَلَى السُّهـوبِ أَمَامَهُم والأنْبِـــياءُ تَحـفُّهُـمْ والآلُ
والمُصْطَفى في المشْعرين صَلاتُه حتّى يؤذِّنَ للنَّـفير بِــلالُ :
“اللهُ أكبرُ” ،والعُطورُ تَراكَضَـتْ ومِن الضَّريـحِ تدفّـقَ الشَّـلاّلُ

وبِهيدَبِ الدَّمْعِ استرَاحتْ غَيْمَـةٌ ،العُشْـقُ مِـن سَلسَالِهـا سَيـَّالُ
نَكَفتْ بمنديلِ الوِصَالِ شجونَهـا وسطَ الفَراديـسِ التـي تَخْـتـالُ
والمُسْتحيـلُ تفتُّـهُ دَعَواتُـهـا لا يَستقيمُ مَـعَ الحُسيـنِ مُحَـالُ

الصَّابئون عَـلى شَريعةِ غَـفْلتي دَرجوا على حُكْمِ الرَّدى أو مَالوا
والرَّاحلون هوى الحسـينِ أجنَّهُم وأنا كَحَظِّـي صَخْـرةٌ مِعْطـالُ
كانُوا هُناكَ وكُنْتُ أَحْصِدُ شَقْوتي والشـعرُ أكثر خُبْـزِه أطلالُ

فإذا العُذوبَـةُ أنَهَـرَتْ شطآنهـا و السَّاحلون بقُربِهـا لا زَالـوا
وغَدَوتُ أهتفُ يا نَبيَّ صَبابتـي حتّامَ يكبـرُ للجَفَـافِ مِطَـالُ ؟
لم يبقَ في التَّقْويمِ رقـمٌ حَائِـرٌ إلا عَليْـه بَكى ورَقَّ الحَــالُ

تغريبةٌ للوَجْـدِ بيـنَ حرائقـي والشَّاهِـدان الفجْـرُ والآصَـالُ
مـا نقطـةٌ بمساحتـي قارَبْتُها إلا يجوسُ بصَدرِهـا الترْحَـالُ
فمتى ببُشراكَ القميصُ يعيدُ لـي بَصَري فأنتَ اليوسُفُ المِفْضالُ؟
ومتى قِطافُ الاصْطبارِ يَلوحُ لي فأنـا وكُـلُّ المُتعَبيـنَ سِـلالُ
عدني إذا مَلَكوتُ عُشْقك ضَمَّنـي ونَمَا على أَعْتابِـكَ الصِّلصـالُ
وأَتيْتُ يَخْتمرُ الأوارُ برَهْبـةِ (ﻤ) اللُّقيـا ورنّـحَ عُـودَه التِّمثـالُ
ولَبَسْتُ درعَ الصَّمتِ في تَغْريبتي (والصَّمْتُ في حَرمِ الجَمالِ جَمالُ )
عدْني أُسافرُ في هَواكَ مُحَـرَّرا عدْنـي بِـأنْ تتفتّـحَ الأَقْـفـالُ
وإذا انسكبتُ على يديك قـصيدةً عدنـي بــأنْ يتعنّبَ المــوّال!

عشقتك في الآفاق

عَشقتُكَ فِي الآفاقِ قُطباً ومِحورا
وصُغتكَ مِن دَمعِ المُحبينَ مَأتَماً
وعشتكُ آلاماً إذا ما نكأتُها
تَأوَّهَ قلبِي عند ذِكراكَ لَوعةً
ومدّتْ له الدنيا كفوفاً تبعثرتْ
مصائبُ يَسبِي أعينَ الدهرِ هَولُها
تسيلُ على خَدِّ الحياةِ مراجِلاً
أتيناكَ أفواجاً نَحجُّ لِمشعَرٍ
وطفنا بأشلاءِ الضحايا تَقودُهمْ
وجئناكَ من خلفِ الغيوبِ جحافلاً
ولكننا فِي رحلةِ الشوقِ خاننا الـ
نسجنا على ذكراكَ ألفَ حكايةٍ
حصرناكَ في دمعٍ تدفقَ سيلُه
رآك بِمحرابِ الدموع جنازةً
يُبالغُ فِي رسمِ التصاويرِ ظِنةً
ويَفتكُ بالتأريخِ فَتكَ مُزوِّرٍ
ولكننا في مشهدِ الطف عاصفاً
وجدناكَ نِبراساً يُزِيحُ ضياؤهُ
وجدناكَ فِي ليلِ الخُنوعِ مَشاعلاً
***
أيا أملَ الأحرارِ : تَمتدُّ أعصرٌ
ويا مُوقِظَ الجيلِ الجديدِ قذائفاً
ويا لُغةَ الثوارِ حِينَ تَخونُها
فتلقاكَ أستاذاً يَخطُّ يَراعُهُ
وتَبنِي على هامِ الزمانِ شَوامخاً
***
تَحدّثْ أبا الأحرارِ كيفَ بغابةٍ
وكيفَ تراءى الموت ما بين عينهِ
رأى صحبَهُ صَفاً يَسيرونَ للوغى
فثارَتْ بهِ من هاشمٍ عَبقَريةٌ
وخيبرُ تبدو من طيوفٍ بعيدةٍ
تكالبتْ الأعدا عليكَ فَهالَها
فأنتَ وصمصَامُ المنيةِ تَوأَمٌ
إلى أنْ أصَابَتكَ المنونُ بسهمِها الـ
لكَ اللهُ مَذبوحاً يَئِنُ منَ الظما
تَجولُ عليهِ الخيلُ عَدوَاً ، فَصَدرُهُ
سَلامٌ على جِسمٍ عَفِيرٍ بِقَتلِهِ
سلامٌ على رأسِ الحُسينِ على القنا
فو اللهِ لَو يبكيكَ بَحرُ دموعِنا

فأوقدْ لِي الأيامَ بالحزنِ مِجمرا
رقيتُ بهِ فوقَ المجرة مِنبرا
أتيتُ المنايا هازئا مُتبخترا
فكادَ من الآهاتِ أنْ يتفطرا
عَلى رَاحةِ التاريخِ وُسطى وخُنصرا
فترجو بأنَهارِ الدُّموعِ التَحرُرا
فتحفر فِي وادي المحاجر أنْهرا
أقمتَ به قلبَ الموالينَ مَشعَرا
إلى المجد والعلياءِ نصراً مُؤزرا
نَمدُّ لك الأشواقَ جِسراً ومَعبرا
ـمسيرُ المُدمَّى فامتطيناهُ قَهقَرى
وخِطنا بِها حولَ الأساطيرِ مِئزرا
بثغرِ خَطيبٍ ينفُثُ الدمعَ أحمرا
على نَهرِها المَكلومِ صلى وكبرا
بأنْ نَتلقى السبطَ رَسماً مُصوَّرا
فلا نُبصرُ التأريخَ إلا مُزوَّرا
وجدناكَ من كُلِّ الأحاديثِ أكبرا
ظلامَ عقولٍ لمَ يزلْ مُتجذرا
تُمدُّ لتَهدِي تائهاً مُتحيّرا
***
وثورتُكَ الحَمراءُ تَمتَدُّ أعصُرَا
إذا في ظلامِ البَغي حَاصرها الكرى
معاجِمُها فِي حَومَةِ الثأرِ مَصدَرا
لها الدربَ لَحْباً إنْ تكفأَ فِي السُرى
هي النورُ والعَلياءُ والمجدُ للورى
***
بِها الليثُ غَضباناً على الأُسدِ زَمجَرا
زُؤاماً ، وللموتِ المحُاصرِ شَمَّرا
عُجالَى ، وداعي الموت فِي الأُفقِ كَبَّرا
أعادَتْ إلى الأذهانِ فِي الحَربِ حَيدَرا
وحيدرةٌ يَدحو بِها بَابَ خَيبرا
ثباتُكَ فِكرَاً واضِحَ النهجِ نَيِّرا
تَحَدَّرَ مَبهُورَاً وَحلّقتَ مُبهِرَا
ـمُثلَّثِ لَمْ يُخطِىءْ لقَلبكَ مَعبَرا
وفِي قلبِهِ نَهرٌ منَ الدمِ فُجّرا
وقد – كانَ مِحرابَ النبوةِ – كُسّرا
فؤادُ علي لوعةً قد تَعفّرا
سلامٌ على جِسمِ الحُسينِ على الثرى
لَمَا كانَ وَفَّاكَ النَّجِيعَ الذي جَرى