نجيعُ الحسين … شعر الدكتور حسين يحيى

نجيعُ الحسين

حروف مهداة إلى مسابقة شاعر الحسين

شعر: الدكتور حسين يحيى

عضو لجنة تحكيم فئة القصيدة الحديثة (رابعة الشمس)


إلى حيث تبدو البلادُ القديمُطريقًا الى العشق ..يممتُ مسرى نجيعِ الحسين..تمثّلَ ليْ الدّربُ طْهر التفاتٍ.. وضوعَ انثيالاتِ وجدِ فراتٍ..تطرزه مهجةُ العاشقين..فما أن خلعت نعاليعلى عتبات مقام التّجليوأوغلت خطْوًا منيفًا ..بواديْ انسكابِ الحنين..وما إن تلبّث قلبي رويدًاليُسرجَ عشّاقُ درب الشّهادةِ..صهوةَ ما تبتغيه جيادُالقصائدِ في الخافقين..تمثلتُ “رابعة الشّمس”..أورادَ شهرٍ.. حزينٍ..أهلّ على مهجة الوالهينْ..أيا “نقشَ” عشقٍ تدلّىعلى طرْف بوابة الملكوت..يُعالقُ أرواحنا بالأنين..ببوحِ الشّجا وندى الطهرأفئدة العشق تهوي الىجمعنا الرّحبِ..أنداءَ ماءٍ ..وريحانَ طينْ..تلفتَ بدرٌ أطلّ علىبوح أحزاننا المترعاتبدمع القوافي ..ليوقظ فينا مرائي السنين..ويُترعَ أرواحنا بطيوبالقطاف الأثيل أبا ناصرٍ..دام نهرُ المروءات فينا..معينا ودمت أيا لُجّةَ..الشّعر في الخالدين..

مقال (كريم رضي): رحلة القصيدة من الشعر إلى المسرح (شاعر الحسين 11 نموذجا)

يرصد الكاتب والشاعر البحريني (كريم رضي) في هذه المقالة بدايات تشكّل ظاهرة تكوينية جديدة في الأدب الحسيني المعاصر، تتمثل في تحرر النص الشعري من ربقة الصوت الواحد وعبوره إلى تعدد الأصوات عبر تقنيات مسرحة النص (عتبة النص، الراوي، المونولوج، الثيمة، إلخ)، ومن ثَمّ الولوج به إلى فضاء السرد، حيث تتصادى أصوات الشخصيات.

وإذا لم يكن المسرح الشعري حدثاً فنياً جديداً – بحدّ ذاته – في المشهد الشعري العاشورائي فإن الجديد على هذا الصعيد هو تأثيث مسرح النص وإضاءته من زاوية رؤية غير اعتيادية يسندها الشاعر إلى راوٍ يطفح بالشر في الذاكرة الجمعية الشيعية مثل (يزيد بن معاوية، حرملة بن كاهل) لدى الشاعرين سجاد السلمي وناصر زين، أو غير إيجابية – في أدنى وصف – مثل شخصية (حميد بن مسلم) كما رسمتها قصيدة الشاعر علي المؤلف.

المقال تأمّلي وشائق … نترككم مع متعة القراءة:


رحلة القصيدة من الشعر إلى المسرح ..
مهرجان شاعر الحسين النسخة ١١ نموذجاً

قصائد تعيد قراءة الميثولوجيا من جديد .. عندما نؤنسن القتلة

كسرت قصائد مهرجان شاعر الحسين في نسخته رقم (١١) النمطية السائدة في قراءة الملحمة الحسينية وانتقلت من نمطية الخير والشر المطلقين إلى الدراما وتعدد الأصوات، وذلك عبر إبراز صوت القتلة المنبوذين سابقا لنحصل على نص يتحدث بلسان القاتل وليس فقط بلسان القتيل.

اتجاه لم يبدأ اليوم فقبل هذه النسخة في نسخة سابقة تجرأ شاعر اسمه (سجاد السلمي) بأن يكتب القصيدة بلسان يزيد بن معاوية نفسه وفازت يومها بالمركز الأول، وهذه المرة جاء (ناصر زين) الفائز بالمركز الأول في هذه النسخة ليجعل نصه ناطقا باسم حرملة بن كاهل الأسدي وهو أحد رماة الجيش الأموي وقاتل الأطفال الأشهر في الميثولوجيا الكربلائية، بينما جعل (علي المؤلف) حامل المركز الثاني قصيدته على لسان الراوية الأموي حميد بن مسلم.

وقد وجدنا كلا من الشعراء الثلاثة يبدأ قصيدته بمقدمة مسرحية وهي تقنية تعبر بجلاء عن حقيقة أنك عبر المسرح فقط تستطيع أن تكسر أحادية النص الشعري وخطيته، إذ لا شيء كالمسرح يمكنه أن يمنح الشرّ صوتا ومساحة عادلة بقدر ما يمنح الخير مثلهما، فما يهم المسرح هو أساسا الدراما، فالمسرح عادة ديمقراطي بينما الشعر عادة مستبد.

وإذا كانت القضايا المحسومة دينيا وتاريخيا مثل الملحمة الحسينية تفتقر حكما في الشعر إلى إمكانية الإصغاء إلى غير البطل الإيجابي؛ وذلك بسبب حسم الموقف أخلاقيا مع أو ضد هذا المعسكر أو ذاك بشكل مسبق قبل الولوج إلى كتابة النص أصلا، فإن الشعراء الثلاثة – وهم سجاد السلمي وعلي المؤلف وناصر زين – قد احتالوا على هذه الحتمية القاهرة بأن جعلوا حوار هذه الشخصيات المنبوذة عادة في وجدان المتلقي، جعلوه مصاغا بتقنية الحوار الذاتي (المونولوج) بدلاً من الحوار الغيري (الديالوج)، وهكذا ليكون الصراع بين الخير والشر ليس أفقيا بين معسكر وآخر فقط لكن داخل كل شخص أيضا وهو تحول مهم جدا.

ومع أنه ليس من السهل في مهرجان أدبي قائم على الغرض الديني أساسا أن تجرؤ على أن تتحدث بصوت الشيطان ومن يفترض أنه ملعون دون مواربة، ولو أن هذا حدث سابقا في المسرح الحديث غير الديني مثل مسرحية (الجوشن) للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد والتي كانت بطولتها لشخصية الشمر نفسه، إلا أن هؤلاء الشعراء الثلاثة على الأقل، وربما هناك سواهم جرؤوا على هذه التقنية التي تنقل الشعر من الميلودراما إلى الدراما، ولعلنا نشهد فعلا بروز اتجاه يعطي الأهمية للفن بمقدار أهمية الموضوع.

وإن كان لا بدّ من تبرير عقدي أو فلسفي لهذا التحول الجديد لقلنا إن تحرير المجرم أو الطاغية من نفسه والبحث عن إيقاظ الإنسان الجواني داخله ليواجه شره بنفسه في مونولوج مشحون بالتيه والأسئلة واللايقين، هو مهمة الضحايا أيضا.

أن يقتل القتيل قاتله لا بسيف أو رصاصة، بل بأن يوقظ ضميره فيه ليجعله صوتا حيا و حارا في صحراء العدم الهائل، تلك هي غاية النص أو لنقل تلك هي قصيدة القصيدة.

في قراءته الشعرية لقصيدة “الماء”.. الصبّاغ: نصٌّ خلاق تمتزج فيه المعالجة الإبداعية بمنظومة القيم الحسينية


يقدم الأستاذ حسين الصباغ رؤية نقدية أنيقة لقصيدة (على لسان الماء) للشاعر ناصر زين الحائز على لقب شاعر الحسين للموسم العاشر (1439 هـ) عبر أسطر مقالته المميزة التي يرى فيها أن قصيدة الماء – كما يحلو له تسميتها – تنضح بسمات إبداعية ناهضة قوامها الرمز والصورة والإيقاع الجاذب والوجدانية العالية، لكنها لا تقف عند هذا الحدّ وإلا كانت مجرد إعادة إنتاج للواقع، بل تتجاوزه إلى تخوم دلالية ترتسم فيها “ملامح البطولة والمبدئية والانتصار للقيم والمبادئ” … نترككم مع متعة القراءة:


في قراءته الشعرية لقصيدة (على لسان الماء).. الصبّاغ:

 نصٌّ خلاّق تمتزج فيه المعالجة الإبداعية بمنظومة القيم الحسينية

مقال – حسين الصباغ:

ما أنا بناقد ولا أمتلك أدوات النقد ولا أحسن صناعتها، لكنني قلت على نحو الجزم وبمجرد أن استمعت الى قصيدة الشاعر ناصر زين إنها الأجدر بالفوز بالراية في مسابقة شاعر الحسين التي نظمتها البلاد القديم جريا على عادتها السنوية بمشاركة شعراء أفذاذ من مختلف الأقطار العربية..

قصيدة الماء كما أختصرها، وهي قصيدة (على لسان الماء) كما  ورد اسمها، كانت مشروعا شعريا بكل ما للكلمة من معنى وبمختلف دلالته في المبنى، قصيدة رغم رمزيتها الناهضة وشاعريتها الرائعة وموسيقاها الجاذبة، مع جميع ذلك فإنها عالجت المشاعر والأفكار والقيم؛ لتدق أسوار السلوك الإنساني، وتلج في آفاق توظيف كربلاء في جميع أبعاد الحاضر دون أن تجرّ القصيدة بهيئتها أو مفرداتها أو تسلسلها إلى الصياغات التوجيهية المستهلكة والمتكررة.

أدب خاص.. ذلك الذي رسمه الشاعر الفذ ناصر زين، ولا أجدني مبالغا لو قلت إن الرجل مدرسة تنتفض ضد الكثير مما مللناه من إسهاب أو تكرار أو إعادة أو محاكاة.

القصائد الأخرى في الأغلب، رغم شاعريتها العالية ووجدانيتها المعبرة وأساليبها الإبداعية والمبتكرة، لا تتجاوز أن تكون إعادة تصوير للوقائع والأحداث والمرويات بمفردات أخرى أو ألفاظ جديدة.

قد يكون مما ميز قصيدة ناصر أنها جمعت بين حُسنيين؛ معالجة في قمة البراعة والإبداع للصور المطلوبة والوقائع المفجعة، وفي الوقت نفسه تتحرك أسطرها على الأرض من زاوية السكون  لترسم ملامح البطولة والمبدئية والانتصار للقيم والمبادئ التي احتضنتها نهضة الحسين.

كانت جديرة بأن تكون مَا باحَ بهِ المَاءُ بعدَ أربعةَ عَشرَ قَرنًا مِنْ مَسِيرةِ النَّحرِ والنَّهر.. كما قدمها المبدع ناصر..

مُذ جَاءَ يَرسمُ للحقيقةِ مِحوَرا
كانَ الزّمَانُ مُمَزَّقًا .. 
فَتَشَجَّرا

قد جَاءَ يَفْرشُ للسَّنَابكِ جَبْهَةً  
سَالَتْ عَلى كفِّ المَلائكِ
مِنْبَرا  

وبِلَوْنهِ اغْتَسَلَ الفُراتُ ..
مُوَزِّعًا جُرْحَ الإلهِ
عَلَى المَدائنِ والقُرَى

يَمْشِيْ ..
وأَنْهَارُ المَشِيئةِ خَلْفَهُ تَمْشِيْ،
وَلَوْنُ القَاتِلينَ تَقَهْقَرَا

وكان اختيار الماء موفقا لأسباب وعلل شتى.. أبرزها سمة الحياة الملازمة للحسين وللماء.. فبهما لا دونهما كل شيء حي.. في مختلف الدهور وعلى مدى الأزمان..

قَدْ جَاءَ مِنْ أَقْصَى القَدَاسَةِ
نَازِفًا
مِنْ أيِّ جُرْحٍ فِيْ الإِبَاءِ تَكَوَّرَا؟!

يَخْطوْ،
تُرَافقُهُ الدُّهُورُ،
فَتَنْحَنِيْ كُلُّ المَوَاسِمِ
والشَّوَاطِئِ
والذُّرَى
فَمَضى ..
ومَا رَكِبَ الفُراتَ (مُغَاضِبًا)
لَمْ يَبْتَلِعهُ المَوْتُ
لَمَّا أَبْحَرا

َكان للنص القرآني حضوره المثير للمعاني المشتركة أو المتساوقة بين الآيات والأسطر الشعرية، سواء حين استعان بقوله تعالى في سورة يس “وجاء من أقصى المدينة” (القداسة)، أو في استعانته برمزية قميص يوسف النبي ليشير عبرها إلى الأثر الخفي لتراث الحسين، والبعد الغيبي فيه..

بِقَمِيْصِهِ (جِبْرِيلُ) يَدْفعُ أَسْهُمًا
يُلْقِيهِ فِيْ عَينِ الجِهَاتِ ..
لتُبْصِرَا
فَفَرَشْتُ مِرآةَ الإِلَهِ بِصَدْرهِ
حَتَّى أَرى مِنْ غَيْبِهِ
مَا لا يُرَى
فَرَأيتُ أَرْوَاحًا،
خُلُودًا،
جَنَّةً،
رَبَّاً،
مَرايَا الأَنْبِياءِ،
ومَحْشَرا

وكانت الرسالية المستقاة من نهضة الحسين حاضرة، تارة متخفية وأخرى صادعة.. كقوله:

مِنْ رَأسِهِ المَقْطُوعِ
أَلْفُ حَدِيْقَةٍ
هَطَلَتْ عَلى جَدبِ السِنِينِ ..
فَأَثْمَرا
وتَفجَّرَتْ فِيهِ القِيَامةُ،
نَهرُها فِيْ ثَغْرِهِ
يَهَبُ النَّهارَ تَفَجُّرا

فحَمَلْتُ عَرشًا ثائرًا
مِنْ كَفِّهِ
مَا كَانَ هَذا العَرشُ إِلا (خُنْصُرَا)
يَخْضَرُّ،
يَعْتَصرُ الشَّهَادَةَ،
يَنْتَشِيْ،
وَيُحَرّضُ الأَوْطَانَ
أَنْ تَتَطَهّرَا

وهكذا تحضر هموم الحاضر وآلامه كامتداد لألم تلك الفاجعة الخالدة لتكون إيقاظا للناس على طريق رسالية الحسين..

فَبِدَمْعِهِ اعْتَصَمَ العِراقُ،
تَوَضَّأَتْ سُحُبُ الحِجَازِ،
وأَحْرَمَتْ (أُمُّ القُرَى)

ونَمتْ شُعُوْبُ المَاءِ
عِندَ جِراحِهِ
هَلْ كَانَ نَحرُ المَاءِ (حَجَّاً أَكْبَرا)؟!

بَلَّلتُ ذَاكِرةَ البَياَضِ
بِنَظرةٍ عَطْشَى،
فَأبْصِرتُ العُرُوْجَ الأَحْمَرا

لا شَيءَ يَعْرجُ للسَّمَاءِ
سِوى دَمٍ
سَكبَ الحَيَاةَ
عَلى المَمَاتِ ..
وَأَمْطَرا !!!

فجدير أن يُبكى الحسين عليه السلام على طريقة ناصر، أَو فالأجدر أن لا يُبكى.

مقال: عشقٌ… ختامه شاعر الحسين

 

567px-alwasat_newspaper_logo_svg

عشقٌ… ختامه شاعر الحسين

 

مقالات: الوسط – قاسم حسين:

 احتضنت البلاد القديم مسابقة شاعر الحسين في نسختها التاسعة، مساء الجمعة الماضي (2 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، ختاماً للموسم الديني الذي يمتدُّ خلال شهري محرم وصفر الهجريين.

المسابقة بدأت محدودة، وأخذت تتطوّر وتتوسّع، من حيث المشاركة والحضور. وكانت تلقى تفاعلاً واسعاً من الجمهور، حيث جاءت لتسدَّ فراغاً كبيراً في هذه الساحة، التي تغطّي جزءًا مهمّاً من حياة وجدان الناس الديني. فالشعر كان يأخذ طريقه نحو القلوب عبر المنابر والمواكب الحسينية والدواوين المطبوعة منذ أزمانٍ بعيدة، لكن في السنوات الأخيرة أخذ يظهر في الأشكال الحديثة، من أناشيد وإنتاجات فيديو كليب.

على الساحة الثقافية، والصحافية تحديداً، لم يكن مثل هذا الشعر يحظى بالانتشار، لكن مقابل ذلك، توافرت له بدائل سهَّلت له الانتشار، وهي الفضائيات الدينية، لكن ظلّ بعيداً عن مجال التغطية والنقد. لذلك جاءت مثل هذه المسابقة لتسدَّ فراغاً كبيراً، حيث تم الاحتفاء بـ»الشعر الحسيني»، مع الاهتمام بتقييم التجارب عبر محكمين أصحاب مؤهلات أكاديمية عليا. وفي هذا العام كلّفت بالتحكيم لجنة ثلاثية مكونة من علي عمران وجعفر آل طوق وحسين السندي، من حملة درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، وبعضهم عضو تدريس ببعض الجامعات داخل البحرين، ولهم مشاركات في مسابقات محلية ومؤتمرات خارجية. فالاهتمام بالجانب النقدي في المسابقة يسير باتجاه مُرضٍ وسليم.

المشاركات الأولى بدأت من الداخل، ومع مرور الوقت أخذت تصل من بعض الدول العربية، وفي هذا العام أمامنا 60 مشاركة من البحرين، و29 من العراق (البصرة، النجف، القادسية، ذي قار، بابل)، 28 من السعودية (القطيف، الأحساء، الدمام، المدينة المنورة)، 22 من لبنان (الجنوب، وبعلبك، وبيروت)، 5 من سورية (دمشق، السيدة زينب)، و2 من مصر، مع غياب المشاركات هذا العام من الكويت وعُمان. ومن مجموع 146، أمامنا 26 مشاركة نسائية، بنسبة 18 في المئة، وكانت قد بلغت أعلى مشاركة (25 في المئة) العام 2012.

عدديّاً، المشاركات تأخذ منحى تصاعديّاً بصورة عامة، ففي المسابقة الأولى (2008) كان العدد 63، صعد إلى 82، 100، ليهبط في العامين التالين (2010-2011) إلى 97، 57، ثم يصعد ثانيةً ليصل إلى 146 في العام 2016.

من ناحية الشكل الفني، ونحن هنا ننقل عن الرصد والتحليل الدقيق الذي أعده جعفر المدحوب، 88 في المئة من القصائد أخذت الشكل العمودي، وهو أمرٌ طبيعي حيث مازال العمودي يفرض هيمنته في هذا الميدان الديني، و10 في المئة من شعر التفعيلة، و3 في المئة مزيج بين التفعلية والعمودي، و3 في المئة من الشعر النثري.

من ناحية الأغراض الشعرية، احتلت دائرة الحزن والبكائيات نسبة 29 في المئة، والتمجيد والمناقبيات 20 في المئة، والحب والشوق 23 في المئة، والاستنهاض والحماسة 17 في المئة، وأخيراً الاستلهام الرمزي 11 في المئة. وهي المسارب التي يأخذها الشعر الحسيني للتعبير عن نفسه تقليديّاً. وقد سجل الباحث ملاحظة مهمة، بشأن عودة النصوص البكائية والرثائية بعد هيمنة المضامين الحماسية في سنواتٍ سابقة.

من الملاحظات المهمة هذا العام، تراجع نسبة المشاركة من داخل البحرين لأول مرة، فبينما كانت 59 في المئة العام الماضي، أصبحت اليوم 41 في المئة، وقد يرجع ذلك جزئيّاً إلى تنظيم مسابقات أخرى داخل البحرين، وبالتالي تتوزع عليها مشاركات الشعراء. وما دمنا في مجال التقييم والنقد العام، فقد لوحظ ثبات نسبة الحضور أو تراجعها بدرجةٍ ما، ما يستدعي مراجعة تقييم الأداء وتلقي ملاحظات الجمهور، ومن بينها ضرورة اختصار وقت المسابقة الذي تجاوز ثلاث ساعات، إلى ساعتين على الأكثر، فأنت تستقبل ضيوفاً جاؤوك من مختلف مناطق البحرين، ما يتطلب من عريف الحفل اختصار مداخلاته، وكذلك ترشيق تعليقات هيئة التحكيم التي تُلقى شفويّاً، من أجل اختصار هذا الوقت الطويل على الجمهور.

في هذا العام، تمت استضافة الشاعر جاسم الصحيح من الإحساء، شرق المملكة العربية السعودية، كضيف شرف للمهرجان، الذي ألقى مقطوعة يتغزّل فيها بالبحرين. كما تمّ تكريم الشاعر غازي الحداد، الذي أضفى على الجو لمسةً خاصةً من إلقائه المؤثّر لإحدى القصائد التاريخية.

هذه المسابقة الثقافية بدأت في الساحات العامة المكشوفة، ونظم بعضها تحت أجواء باردة في العراء، أصبحت تحتضنها بعض أفخم المساجد والحسينيات، وتستحق البحث في سبل تعزيزها واستمرارها بأفضل الدرجات، حبّاً وعشقاً للحسين.

 

العدد 5207 – الجمعة 09 ديسمبر 2016م الموافق 09 ربيع الاول 1438هـ

 
http://www.alwasatnews.com/news/1188764.html
 

الصحافة العراقية تحتفي بتألق السلمي في (شاعر الحسين)

تحت عنوان (العراق يفتخر بمبدعيه .. السلمي يحصل على المرتبة الأولى في البحرين)، كتبت صحيفة البينة الجديدة الصادرة في محافظة البصرة جنوبي العراق عن تألق الشاعر العراقي في مسابقة شاعر الحسين التاسعة وحصوله على لقب (شاعر الحسين)، واصفةً الصحيفة المسابقة بالعالمية لما أحرزته من انتشار إقليمي ومشاركة واسعة خلال السنوات الأخيرة.

كما نقلت الخبر (بوابة العراق الإخبارية) في صفحتها الثقافية، وهي منصة إلكترونية إخبارية، تصدر من العراق.

img_6372

رابط الخبر في صحيفة (البينة الجديدة) العراقية بتاريخ 7 ديسمبر 2016م:

العراق يفتخر بمبدعيه السلمي يحصل على المرتبة الاولى في البحرين

رابط الخبر في صفحة (بوابة العراق الإخبارية) العراقية بتاريخ 7 ديسمبر 2016م
http://www.aliraq.info/?p=390018

قاسم حسين يكتب عن: «شاعر الحسين» في حلته الثامنة

«شاعر الحسين» في حلته الثامنة

 

w34_1363774028

احتضنت البلاد القديم مجدّداً المسابقة الثقافية التي أطلقتها قبل ثمانية أعوام، تحت عنوان «شاعر الحسين» مساء الجمعة 11 ديسمبر/ كانون الأول 2015).

المسابقة ملأت فراغاً كبيراً كانت تعاني منه الساحة الدينية، بدليل ما تشهده من إقبال جماهيري يتزايد عاماً بعد عام. وبعد أن كانت تُقام في فضاءٍ مكشوف، حيث يتعرض الحضور لتقلبات الجو، انتقلت قبل أربعة أعوام إلى مسجد «عمار»، الذي أعيد بناؤه حديثاً، وبعد أن أصبح يضيق بالجمهور انتقل هذا العام إلى مكان أرحب، وهو صالة مأتم الحاج علي بن خميس الذي اكتمل تشييده قبل عامين.

مسابقة العام جاء توقيتها مناسباً جداً، وهو مساء الجمعة (28 صفر)، وهو يوم رحيل نبي الأمة (ص) إلى الرفيق الأعلى، والجمهور قد انتهى تواً من مجالس العزاء.

مسار المسابقة يمكن معرفته من خلال رصد عدد المشاركين منذ عامها الأول 2008، حيث بدأت بـ63، ثم صعد إلى 82، 100، 97، ثم هبط العدد إلى ما يقارب النصف (57) في 2012، كنتيجة طبيعية للأحداث التي هزّت البحرين. ثم عاود الصعود إلى 94 و82 في 2013 و2014، وأخيراً إلى 90 في العام 2015.

خارطة المشاركات تتوزع على البحرين (59 في المئة)، والسعودية (28 في المئة) موزّعةً على مناطق القطيف والإحساء والدمام والمدينة المنورة، فيما تتوزع النسبة الباقية على العراق ولبنان وعُمان ومصر. أما من ناحية تقسيم المشاركين فـ81 في المئة من الذكور مقابل 19 في المئة للإناث، اللائي سجلت مشاركتهن تراجعاً ملحوظاً (22 % في العام قبل الماضي و25 % قبل ثلاثة أعوام).

في الكتيب القيم الذي وزعته اللجنة المنظمة، ونعتمد هنا على ما أورد من أرقام، نرى أن مضامين الشعر تتوزع على عدة حقول: التمجيد والمناقبيات (34 %)، الحزن والبكائيات (27 %)، الاستنهاض والحماسة (23 %)، والشوق والاستلهام الرمزي في حدود (11 %) لكل منهما.

جديد هذا العام، تقديم خاطرة قصيرة بلغة الإشارة المستخدمة من قبل الصمّ، للتعبير عن مشاعرهم الدينية في هذه المناسبة، بالإضافة إلى ترجمة بعض القصائد بلغة «بريل» للمكفوفين، وهي لفتةٌ كريمةٌ لذوي الاحتياجات الخاصة. وقد أضاف الرادود الشاب (المنشد) أبوذر الحلواجي مسحةً شجيةً بقراءته أبياتاً قصيرةً مختارةً من القصائد المشاركة بنبرات حزينة. كما تم تكريم الحاج عبدالله السعيد، أحد رجالات البلاد القديم، فهناك محاولات دؤوبة لتقديم المسابقة بحلّةٍ أفضل كل عام. وقد توّجت بقصيدةٍ للشاعر البلادي المعروف غازي الحداد.

مع ذلك تبقى هناك ملاحظات رافقت المسابقة، بعضها أخذت به اللجنة المنظّمة، وبعضها مازالت تتردد في الأخذ به، وعلى رأسها لجنة التحكيم، حيث تظلّ هناك فجوة بين اختيارات اللجنة وبين خيارات الجمهور المتذوّق للشعر. وهناك مقترحٌ بتوسعة عدد المحكّمين من ثلاثة إلى خمسة إن أمكن، لزيادة الاطمئنان للنتائج، وليس تشكيكاً في قدرات الحكام وقدراتهم الفنية العالية، فضلاً عن إشراك كوادر من الطواقم التعليمية بالجامعة، سواء بحرينيين أو عرباً. كما تُسجّل ملاحظة أخرى على الاسترسال في النقد والتقديم للشعراء، ما يؤدي إلى إطالة فترة المسابقة لأكثر من ثلاث ساعات، يمكن اختصارها إلى ساعتين على سبيل المثال.

في المسابقة، استمع الجمهور للشعراء أو من ينوب عنهم، وبدأ الإلقاء بقصيدة «اركض بعمرك…» للشاعر حبيب المعاتيق (القطيف)، وهو يوجّه «رسالةَ إلى يزيد»:

أنفقت عمرك لم تروِ الدما نهَمَك

فكيف عضّك ذاك الجرحُ والتهمك

وكيف معولك المأزوم حين سعى

في هدم أول أسوار الهدى هدمك.

ولِمْ تأملتَ أن تلقاه منهزماً

في حين خنصره المبتور قد هزمك.

وما حطمت على البيداء أضلعه

لكنه بين سندان الإبا حطمك

وهي قصيدةٌ توقعت أن تحظى بالمركز الأول، لكن النتائج خالفت التوقعات (اختيرت للمركز الخامس)، حيث فازت قصيدة زهراء المتغوي (الدراز) «إليك إليك»:

بحالة عشقٍ، يوارب فيها الصباحين، صبح الشهادة حين تفض ملامحها للإباء، وصبحاً تخلّق من كبرياء… ألست تراه على شرفة الخلد، بوابة الله للعابرين؟ كمفترقٍ للضباب، يشير فيمطر وعد السماوات للأنبياء.

وحل في المركز الثاني الشاعر عقيل القشعمي، عن قصيدته «تجليات رياحية»، التي استهلها بعبارة: «اسألوا قلب الحرّ إن كنتم لا تعلمون»، وختمها قائلاً: «فحرّرني معنى الحسينِ وعشقه… لأدرك أن الحر من أدرك المولى». فيما فاز بالمركز الثالث الشاعر حلت حسين آل عمار من القطيف، بقصيدته «فأرانا الآية الكبرى»:

مرآته اختزلت وجوداً آخر… ما عاش إلا والمشاعر بوحُهُ.

وفاز الشاعر مجتبى التتان بقصيدته «جراحٌ تروّض الموت»:

يمرّون إن مر الصدى أيها الأصلُ

كصبحٍ عنيدٍ ما استكانوا ولا ذلوا

أمامك آلافُ الرماحِ تكسّرت

وأنصارك السبعون زادوا وما قلّوا

واحتل الشاعر أحمد رضي سلمان المركز السادس بقصيدته «لحن يسمى المشرعة»، التي ختمها بمخاطبته قمر الهاشميين:

خذني صدى شوقٍ ودمعة عاشقٍ

مازال يشعل من وفائك أدمعَه.

واخيراً… أتحفنا الشاعر أحمد حسن سلمان بهديته من جمهورية مصر العربية، «قبلاتٌ على عتبات الحسين»، نختار منها هذه المقاطع الجميلة لتكون مسك الختام:

للجرح أيضاً أنبياء

وليس غيرك -يا ذبيحَ الحقّ- آخر أنبيائِه

أعطى سيوف عداه درساً حين مات بها

وأبقى النصر حياً في ردائه

بقي الحسينُ

وشيّع الأموي نعش سيوفه الخمسين نحو لظى انطفائه

ومضى لمغربه بقلب الشمس

يحمل صبحه كفناً تزيّن بارتدائه

فالحسين الشمس حتى في اختفائه.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4850 – الجمعة 18 ديسمبر 2015م الموافق 06 ربيع الاول 1437هـ