المركز 7: قصيدة (صرخة الخلود) / ألبير ذبيان (سوريا)

صرخةُ الخلود

للشاعر / ألبير ذبيان (سوريا – دمشق)

أعيدا عليَّ الحزنَ بعدَ التَّجمُّلِ
بذكرى حبيبٍ غابَ عنِّي ومنزلِ
*
وقفتُ على أطلالهِ بينَ دارسٍ
ومَحٍّ سِوى ما بانَ محضَ تخيُّلِ
*
بشطِّ فراتٍ فاضَ عذباً معينُهُ

سعى ماؤهُ رَيَّاً لغادٍ ومُقبلِ

*
أرى حسرةً في شجوها قد توقَّدت
بجذوٍ صلى قلبَ الصُّخورِ المعطَّلِ
*
يُعيدُ هبوبُ الرِّيحِ أشلاءَ صوتِها
عميقَ الشَّجا يوحي بأمرٍ مجلجلِ
*
عليهِ معَ الأرزاءِ همٌّ ووطأةٌ
بأنٍّ أراقَ الوجدَ يغلي كمرجلِ
*
قفا نقتري دمعاً لمن جفَّ جفنهُ
وما خلتُ دمعاً مرَّ فيها بمُمْحلِ

*

ديارٌ عفاها الراحُ وابتُزَّ أمنُها
صُروفاً على دهرٍ مَقيتٍ مدجَّلِ
*
أيا حادياً مرْ بي على همِّ أسرةٍ
تلظَّى وإحساسي بكربٍ مزلزلِ
*
فعفتُ الدُّنى رحبَ المضامينِ حاسراً
جوى القلبِ للأحزانِ بعد التَّوجُّلِ
*
تراءت لي الكُثبانُ أشباحَ من مضى
على الدِّينِ إخلاصاً وحيداً بمعزلِ
*
ذبيحاً على الرَّمضاءِ قد حُزَّ رأسُهُ
بأنصالِ فُسَّاقٍ الورى بتطوُّلِ
*
أيا أيُّها المكثورُ بالقتلِ إنَّما
أتيتُكَ ممهورَ المُنى بتأمُّلِ
*
عجبتُكَ لا بالعجبِ لكن بلهفةِ الـ
ـصّديِّ الحريقِ الجوفِ يحبو لمنهلِ
*
أُساقُ على جمرِ التَّولُّعِ شاخباً
أساريرَ أعماقي بدمعٍ مسبَّلِ
*
ذَهولاً تُراني أم شُغلتُ بهيبةٍ
إذا ما كواها القرحُ لم تتبدَّلِ
*
أناغى بأصنافِ الكرامةِ تارةً
وأدعى لنهجٍ بالفداءِ مكمَّلِ
*
فأبرقَ عيني من وميضِكَ معلمٌ
جلى ظلمةَ الأحزانِ بعد تليُّلِ
*
وحارت رؤى روحي بكنهكَ فارهاً
فريداً وما في الكونِ مثلكَ بانَ لي
*
مليكاً على عرشِ القلوبِ مكلَّفاً
بإحيائها بعد السُّباتِ وما يلي
*
فأسدلتُ كَشحاً نحو جُرحكَ فامتلا
بخاصِرةِ الإيثارِ جُرحي لكلكلي
*
وعاينتُ صدراً بالحوافرِ رضرضاً
سما فوقَ إيماضِ الشُّموسِ المكلَّلِ
*
تعالى على الهيهاتِ عزَّاً ملطَّخاً
بأحمرَ موفورَ الإباءِ المرمَّلِ
*
كأنَّ الثرى المخضوبَ حنَّ لوجنةٍ
على رمحها المصلوبِ بالغارِ تحتلي
*
ترامى مُحيَّا هامِها الغُرُّ سامقاً
بأفياءِ عرشِّ الرَّبِّ ينهالُ من علِ
*
مضيءً بَهيماتِ الدُّروبِ مقوِّماً
مساراتِها يتلو بذكرٍ مرتَّلِ
*
فأسلمتُ نفسي والمُنى دونَ غايةٍ
أشمُّ ثرى الأحرارِ فابتُلَّ مِحملي
*
وحِرتُ بدمعٍ خدَّدَ الوجنَ مُفعماً
بمذهولِ روعٍ خلتهُ لم يبلِّلِ
*
أراكَ وما بالعينِ غيرُكَ ماثلاً
تنادي وحيداً بينَ سيفٍ وجحفلِ
*
صرختَ فما للنَّاصرينَ توخِّياً
ولكن لنهيي عن هوايَ المضلِّلِ
*
تريقُ دماءَ الطيِّبينَ مضحِّياً
لئلا تكونَ النَّارُ والويلُ موئلي
*
دعوتَ إليكَ الموتَ حتى بعثتهُ
من الموتِ مشفوعاً بإحيائكَ الجلي
*
فما متَّ بل خُلِّدتَ في الكونِ مانحاً
مفاهيمَ نهجٍ للكرامةِ أمثلِ
*
وهيَّأتَ أبعادَ الخلودِ مغيِّراً
مضامينها حكماً بمجدٍ مؤثَّلِ
*
فلا هنتَ للأعداءِ طرفكَ شامخاً
شموخَ ابن بنت المصطفى خيرِ مرسلِ
*
تعيدُ إلى الدِّينِ الحنيفِ مقامهُ
سليماً قويماً من فجورِ التَّحوُّلِ
*
بعينِكَ رضوانُ الإلهِ قصدتهُ
شغفوفاً بقلبٍ بالحديدِ مسربلِ
*
تثورُ على الطُّغيانِ ثورةَ ضيغمٍ
أبى الذُّلَّ مقداماً بغير توجُّلِ
*
ففزتَ بما عند الإلهِ مكرِّماً
بنصركَ أهلَ الأرضِ بعدَ التَّذلُّلِ
*
أواسي جراحي قرب صبركَ لم أزل
كطفلٍ رضيعٍ دانَ بالعمرِ للولي
*
فما كنتُ؟ لولا أنتَ لاحترتُ خابطاً
بعشواءِ جهلٍ بالضلالةِ أمتلي
*
إلى أن غوتني بالبهاءِ منارةٌ
شرعْتَ الهدى فيها مصابيحَ مُفضلِ
*
فديتُ دماكَ الطَّهرَ والعظمَ مهجتي
وروحاً تعالت عن دنيءِ التَوسُّلِ
*
أطوفُ بمثواكَ الزَّكيِّ محمَّلاً
بتَهيامِ صبٍّ مولعٍ متبتِّلِ
*
وأصبو أضاميمَ البهاءِ تحلَّقت
عرينكَ أرجو في حِماهُ معوَّلي
*
تراودني الآمالُ ضمَّكَ شافياً
أنينَ جراحاتٍ  بقلبٍ مُثكَّلِ
*
وتحضُرني من مسِّ تُربكَ رِعدةٌ
تهزُّ كياني بالودادِ المبجِّلِ
*
لأنتَ وما إلاكَ للرُّوحِ مطلبٌ
تقرُّ بهِ سُكنى أمانٍ ومأملِ
*
فهبني أجلُّ الحرفَ فيكَ تقرُّباً
إلى الله والمختار والمرتضى علي
*
وأدمي جفونَ العينِ بالدَّمعِ حُرقةً
لفاطمةَ الزَّهراءِ أرجو تقبُّلي


سيرة ذاتية للشاعرة

·        من مواليد دمشق القديمة، سوريا.

·        يكتب الشعر بقالبه العمودي، وقصيدة التفعيلة، والنثر الفني.

·        مضامين شعره وطنية ودينية ووجدانية.

·        له مشاركات وقصائد منشورة في عدة منتديات وملتقيات إلكترونية أدبية.