القصيدة الشرفية (عاشرنه صباحه غير): غازي الحداد

اقرأ – من الشعر الشعبي – قصيدة الشاعر غازي الحداد التي ألقاها في الحفل الختامي لمهرجان المسابقة العاشر (2017/1439):

شاهد فيديو https://youtu.be/sMja7elkC3s

وصلة نص  قصيدة غازي الحداد

المركز 10: قصيدة (الحسينُ مشيراً على الله) / حيدر خشان الجابري (العراق)

الحُسَيْنُ مُشيراً على الله

حيدر خشان الجابري (العراق – الناصرية)

 

تُلَوِّحُ للسّحابِ بأُمنياتٍ  ‍
وَصَوْتٌ مِثْلَ حدِّ السَّيفِ حِيناً  ‍
وصامِتُ فطنةٍ ، صَمْتَ المُبالي  ‍
وصاحٍ، والحُشودُ بلا دُعاةٍ  ‍
يُوشِّحُها الخُمولُ ، كما شُجاعٌ  ‍
إذا ما الأُمةُ الخَرْساءُ قالتْ  ‍
ويُعْلِنُها الصَّباحُ دِيارَ شَمْسٍ  ‍
إلى أمْرٍ خُلِقْتَ لهُ عزيزٍ  ‍
وما تاهتْ بهِ الطُّرقاتُ حتَّى  ‍
وكانَ صَراحةً تُؤذي المُداجي  ‍
وكانَ فُتُوَّةً،وَجَدَتْ مَداها  ‍
أشاحَ الـمُبْلِسُونَ لهُ وُجوهاً  ‍
وألقى رغمَ شُحِّ الحرفِ حرفاً  ‍
وإنَّ فَسِيلةً في حُضْنِ أرْضٍ  ‍
كذاكَ الخَيْرُ،لا ما تدَّعيهِ  ‍
بِيَوْمٍ ذَلَّتِ التَّلَعَاتُ حَتَّى  ‍
وأُرْغِمَتِ الأُنُوْفُ عَلى خُضُوعٍ  ‍
وشاءتْ قُدْرَةُ الأقْدارِ فِيهِ  ‍
وشاءتْهُ البُطولةُ،إذْ فَتاها  ‍
وما كَبُرَتْ على جَلَدِ الليالي  ‍
لِيَسْقِيَها بــــــِكُلِّ دَمٍ مُراقٍ  ‍
وما وجَدَتْ -على خَطْبٍ عَظيمٍ-  ‍
خطابةُ ثائرٍ كأبيهِ دَوْماً  ‍
فَصُلْتَ وإنَّكَ العَلَويُّ فيهمْ  ‍
وأظْهَرَ عِنْدَ كَظْمِ الغَيْظِ غَيْظاً  ‍
وإنْ يَصْمُتْ يَكُنْ حِلْماً وعِزّاً  ‍
ولَمْ تَتْرُكْ لـِمُعْتَذِرٍ بِعُذْرٍ  ‍
وغَيْرُك باذِلٌ مالاً وجاهاً  ‍
ونِمْتَ بِمَلْءِ جَفْنِكِ عَنْ عِداها  ‍
وَتَبْكيهِمْ وَهُمْ حَجَرٌ أصَمٌّ  ‍
وأعجَبُ،مَنْ يُحَرِّرُهُمْ،فآلُوا  ‍
ومَنْ كُتِبَ الكِتابُ لهُمْ أضاعُوا  ‍
لَهُ في “ماوراءَ الطَّفِ” طَفٌّ  ‍
ويُنْحَتُ رأسُهُ النَّبَويُّ رَسْماً  ‍
أتُسْبى بِنْتُ مَنْ ستَرَ الأعادي؟  ‍
سَقَاهُمْ مِنْ مَناهلِهِ فَشَحَّوا  ‍
أراهُمْ خِلْقةً في السُّوحِ مِنْهُ  ‍
تفرَّقتِ الرُّؤوسُ وهِيْ حُشُوْدٌ  ‍
عَفُوٌّ حَدَّ أنْ يَبْكي عليهِمْ  ‍
تُفَتَّحُ في حَدائقِهِ وُرُوْدٌ  ‍
فَمَا ضاقتْ بِساحِ الفِكْرِ رُؤياً  ‍
فيا ابْنَ الأكْرَمِيْنَ وإنَّ صَوْتاً  ‍
سَلامٌ يَوْمَ ما غَرَسَتْ يَمِيْنٌ  ‍
وما غايُ القَصيدِ الثُّكْلِ مَدْحاً  ‍
  وتَبْذُلُ في مُحيَّاهُ النَّهارا
وحِيناً كانَ سيْفاً لا يُجارى
لِيَحْفِلَ بالتَّوَقُّدِ كي يُثارا
وما انْمَازَ الصُّحاةُ ولا السُّكارى !
ينامُ على تَوَثُّبِهِ اضْطِرارا  !
تَعِزُّ بِمَجْدِ ما فَقَدَتْهُ عارا
إذا لَيْلُ الطُّغاةِ سبى الدِّيارا
لَعَمْري كُنْتَ تُلْبِسُهُمْ وَقَارا
لَيسلُكُها بأصْعَبِها اخْتيارا
وكانَ سَماحةً تُؤوي الحَيارى
لِكُلِّ مَسالِكِ الدِّيْنِ ابْتِكارا
فردَّ بأنْ أقالَهُمُ العِثَارا
لِيغْرِسَ أنهُراً بِفَمِ الصَّحارى
لَتَرْجو بَعْدَ أنْ تُسقى اشْتِجارا !
يَدٌ شَلَّاءُ لا تَهَبُ البِذارا
أسالتْ ماءَها الفِضِّيَّ نارا
رَأتْ في عَيْشِ أشْرَفِها احْتِضارا
تُرينا مِنْهُ لِلحَقِّ انْتِصارا
لَيقصُرُ عُمْرُهُ الفَذُّ اخْتِصارا
فَلَيْسَتْ مِثْلَما كَبُرَتْ صَغارا !
كما سقتِ الـــــ”مُسَخَّرةُ” القِفارا
لَهُ الدُّنيا عَنِ الخَطْبِ ازْوِرارا
وصارِمُهُ سَيَلْقَفُ إذْ يُمارى
ودُونَكَ يَدَّعُونَ لَهُ انْحِدارا
أثارَ بِهِ الـمَناحِرَ لا الغُبارا
وإنْ ينْطقْ يَكُنْ ثَبْتاً قَرارا
-وأنْتَ الباذِلُ الأتْقى- خَيارا
فما نالَ الخُلُودَ ولا الفَخارا
وَكابَدَ آخَرونَ بِها السُّهارا
وقَدْ جُرُّوا إلى الحَرْبِ اغْتِرارا
-بِقيْدٍ مِنْ صنائعِهِم- أُسارى !
حُقوقَ مُؤلِّفٍ رحَلَ اصْطِبارا
بَكَتْ مِنْ هَوْلِ مِحْنتِهِ النَّصارى
إذا هَتَفَتْ بهِ للعِزِّ دارا
إذا ما في بَطائِحِهمْ أغارا
طَوى عَمَّا بأيْديهِمْ وسارا
رَأوْا خَيْرَ الثَّباتِ لها الفِرارا
لِيأخُذَ مِنْهمُ الـمَوْتُ اعْتِبارا
شَديْدٌ غَيْرَ مَنْ إنْ شَدَّ جارا !
وتلْمَسُ في تَنَوُّعِها انْبِهارا
“إذا ما الرَّأيُ مَعْ رَأْيٍ تبارى”
أصِيلاً،لَيْسَ نَأْلَفُهُ مُعارا !
لِتُفْرِعَ في ضَميرِهِمُ اخْضِرارا
ولكنْ كانَ يَلْتَمِسُ اعْتذارا

سيرة ذاتية للشاعر

·   مواليد الناصرية (العراق)، عام 1989.

·   بكالوريوس هندسة + بكالوريوس آداب.

·   عضو اتّحاد الأُدباء والكُتّاب في العراق.

·   له مجموعتان شعريتان: ما آمن الطين، ما وراء السّنبلة.

·   عضو نقابة الصحفيّين العراقيين، ونقابة المهندسين العراقيّين.

 

المركز 9: قصيدة (صلاةٌ في محراب) / كريم صبري نعيم الناصري (العراق)

صلاةٌ في مِحراب

للشاعر / كريم صبري الناصري (العراق – الناصرية)

سَنيُّ المُنى جارٍ  وإن فاتَهُ الفتحُ  ‍
ولولا تَوَخِّي حَبَّةٍ عُتمةَ الثَّرى  ‍
وَكَم شامخٍ يُضني النَواظرَ ما لَهُ  ‍
أَجَلْ هذهِ الدُّنيا سَرابُ ذَوِي العَمى  ‍
تَعَلَّقها تيهاً خَناهُم وَأُشرِبُوا  ‍
ولكنَّ في الأفقِ المغيَّبِ أنْجُماً  ‍
وتُسقَى زُعافَ الهَمِّ حافِلةً بِهِ  ‍
وَيَلقَفُ أغراضَ القَداسَةِ طَرفُها  ‍
فلو رَمَقَتْ حِلمَ السَّماءِ بِغَضبَةٍ  ‍
فَتُرخِي أكُفَّاً مِثلَ أجنِحَةِ القَطا  ‍
فَيا لَهْفَ أحداقي على خَيرِ مَعشَرٍ  ‍
تطوِّقُني ذاتُ الطُّفوفِ ولم يَزَل  ‍
فَلَيسَ البُكا إلَّا سِهامٌ بمُقلتي  ‍
أَبيتُ بِهِم في حَسرةٍ تُحرِقُ اللَّظى  ‍

على أنَّني أُسْقَى اللياليَ قِبلةً  ‍
فأنَّى لجَفني رَقدةٌ وصَباحُهُم  ‍
رَأوْا مِن بقايا أمَّةٍ كَفَّ حَظُّها  ‍
على حَسَكِ الرَّمضاءِ باتَ مَحلُّهُم  ‍
عُطاشى بِلا ساقٍ وَهُم أنعُمُ السَّما  ‍
تعاوَرَتِ الأزمانُ أنَّةَ جُرحِهِم  ‍
فلا غَبَطَت صُمُّ الفلا غيرَ صَبرِهِم  ‍
ولا سِيَّما مُلقًى غَزَتهُ مَلائكٌ  ‍
وبي ما بِها أشدو هَواهُ مُصَرِّحاً  ‍
أيا كَوثرَ الباري وخامِسَ خَمسةٍ  ‍
ويا سَيِّدَ الجنَّاتِ إذْ بِكَ تُشتَهى  ‍
فأنتَ الصِّراطُ المُستقيمُ الذي بِهِ  ‍
وأنتَ لَنا الشَّمْسُ التي نستظلُّها  ‍
وأنتَ لنا الحُبُّ العُضالُ الذي سَرَى  ‍
مُنِعتَ مِنَ الدُّنيا مُنِحتَ بقاءَها  ‍
فَلَستَ كإسماعِيلَ صَبراً يَرى الرَّدى  ‍
وإن يَكُ مُوسى عُقدةُ البَوحِ هَمُّهُ  ‍
وما نارُ إبراهيمَ نارَكَ إذ بَغَت  ‍
ولا صَلبُ عِيسى قَبلَ مَنجاةِ رَبِّهِ  ‍
أراها عَلى الجُودِيِّ لَولاكَ ما استَوَت  ‍
أقدِّسُ بَرقاً  في جبينِكَ غائراً  ‍
وجَفناً يعضُّ الدَّمعَ قد عَقَرَ الدُّجى  ‍
غَدَوتَ بِآلٍ كالشُّموسِ وصحبةٍ  ‍
يُسِرُّونَ آناءَ الليالي قيامَهُم  ‍
سفينتُكَ المَنجى ويأباكَ عاثِرٌ  ‍
سيُنفَخُ في صورٍ لِينقلبَ الوَرَى  ‍
فما لِعُتُوِّ النَّافِرينَ سِوَى لَظًى  ‍
لقد زِدتَهُم في النُّصحِ مَنقَصَةً فلا  ‍
لَكَ السَّابحاتُ الغُرُّ داميةَ المَدى  ‍
فكم نَبَحَت سُودُ الخُطوبِ صَهيلَها  ‍
وهل نَقمَ القالونَ إلَّا لِعِلمِهِم  ‍
بِمدحِكَ حَمدٌ للإلهِ وقُربةٌ  ‍
ويا مُصْحَفاً أعيى نُهًى مُتَشابِهاً  ‍
فَما في ذِهابِ النَّفسِ إلَّا مَفازةٌ  ‍
أقولُ ِلِمَن لم يَتَّخِذكَ وجودَهُ  ‍
فَحُجَّ حُسَيناً صُمْ حُسَيناً وصَلِّهِ  ‍

  وما اللَّيلُ إلَّا جِنَّةٌ لُبُّها الصُّبحُ
لَمَا اصطَفَّ جَيشاً في سَنابِلِهِ القَمحُ
مَقاصِدُ إلَّا والجِراحُ لَها سَفحُ
وقد وَهَبُوها ما تَخُطُّ وما تَمحُو
هَوَى عِجلِها  كَأساً فَكَأساً فلمْ يَصْحُوا
ترشُّ أريجَ الضَّوءِ فَهْوَ لها نَفحُ
يُصافِحُ طَعناتِ الدُّجى نُورُها السَّمحُ
لِتَنمُوْ تلالُ الدَّمْعِ حَتَّى عَلا الصَّرْحُ
لَساخَت دُنًى لكِنَّ شِيمَتَها الصَّفحُ
لِتَسخُوْ عُيونٌ كُلَّما مَسَّها القَرْحُ
تَجارى فلا كُمٌّ يَرُدُّ ولا مَسْحُ
على مُلتَقى الذِّكرى يُزَلزِلُني الضَّبحُ
ومِن لَجَبِ التَّذكارِ في أضلعي رُمْحُ
خصيمَ الكَرى والنَّومِ ما طابَ لي صلْحُ
إذا ما دَنا مِحرابُها شَطرَها أنْحُو
سَحيمٌ كَجُبِّ اللَّيلِ ليسَ لهُ فَسْحُ
مثالِبَ لَو قُصَّت لَهُ ذَمَّها القُبحُ
فلِلرَّملِ ذَرٌّ والهَجيرُ لَهُ لَفْحُ
على النَّاسِ والدُّنيا نَدَى يَدِهِم سَحُّ
إذا ما شكا رَدْحٌ قَضى بِهِمُ رَدْحُ
ولا جالَ في ذِهْنِ الفَضائلِ ما ضَحُّوا
بِرَمضائهِ تتلو فَطالَ بِها السَّبْحُ
فما زادني راضٍ  ولا صَدَّ مَن يَلحُو
عَلَوا قبلَ أن يُعليْ السَّماءَ وأن يَدحو
وَكَيفَ يَحِلُّ الزَّادُ لَو حَرُمَ المِلحُ
نَفِرُّ خِفافاً والجحيمُ لها جَمحُ
فبَهجَتُها حِلٌّ ومأمَنُها نَزْحُ
فيا سَعدَنا مَرضى وَضَيعَةَ مَن صَحُّوا
فيا خيرَ مَن صَلَّى لَهُ المَنعُ والمَنحُ
ولكِنْ شَغوفٌ يُستَطابُ لَهُ الذَّبحُ
فألواحُكَ اللُّجُّ الذي ما لَهُ شُحُّ
إلى كُلِّ ثَوبٍ مِن ذَويكَ لها جَنحُ
كدامٍ ثلاثاً لا يَنامُ لَهُ جُرحُ
وَلا جازَ نُوحٌ والخِضَمُّ لَهُ طَفحُ

غَزيرَ حياءٍ فالدِّماءُ لَهُ نَضحُ
فليس أمامَ الشَّامتينَ لَهُ سَفحُ
خِيارَ السَّما كانوا وكانَ لها النَّقْحُ
وبالذكرِ أطرافَ النهارِ لهم صَدْحُ
ألمَّ بِهِ قَعْرٌ وأنْكَرَهُ سَطْحُ
إذا ما تَجَلَّى الجِدُّ وانحَسَرَ المَزحُ
إذا عزَّ في دنياهمُ اللَّجْمُ والكَبْحُ
أرى يَنفَعُ المَوتى الهِدايَةُ والنُّصحُ
على أبجَدِيَّاتِ الدُّهورِ لَها نَدْحُ
فكانَ لُهاثُ البؤسِ  ما كَسَبَ النَّبحُ
بأنَّ عَطاءاتِ الحُسَينِ بِهِم قَدحُ
أيا نِعمَةً فيها استَوَى الحَمدُ والمَدحُ
ويا مُحكَماً ما شَفَّ أفئِدَةً شَرْحُ
بِدَربِكَ نَمضي فالفناءُ بِه ِربحُ
كفاكَ غِياباً فالمُقامُ كَما اللَّمحُ
بِغَيرِ حُسَينٍ لَيسَ يَنفَعُكَ الكَدحُ


سيرة ذاتية للشاعر

 

–         مواليد الناصرية، العراق، عام 1968.

–         بكلوريوس لغة عربية.

–         له مجموعتان شعريّتان ( مسافرٌ في غياهب الظنون ) و ( قِطاف القوافي).

 

المركز 8: قصيدة (سكرات تحت خد السماء) / خليل الحاج فيصل الغريباوي (العراق)

سَكَراتٌ تحتَ خدِّ السماء

للشاعر / خليل الحاج فيصل الغريباوي (العراق – ذي قار)

(من مثلي وابنُ رسولِ الله يَضعُ خَدَهُ على خدي)

   لِـ( أسلم التركي)

وهو مُنشغلٌ عن الموتِ بخدِ الحسين (ع)

خدُّ السماءِ جثى

يبوحُ لخدهِ:

طوبى لسيفٍ

لا يموت بغمدهِ

طوبى لجرحٍ

صاغَ من ملحِ الاسى صبراً

وأوفى للنزيفِ بعهدهِ

ولكلِ من مدَّ الجنونَ

حبائلاً

لما رأى ذُلاً بعودةِ رشدهِ

هو ذلك اليتمُ

المضمَخُ بالدماءِ

وبالشقاءِ

معذبٌ من مهدهِ

عيناهُ سرُ نبوءةٍ

تحيا وتفنى

_كالنخيلِ_

بوجدِهِ

عيناهُ..

يا عيناهُ

يا جوعاً

تعودَ أنْ يجولَ على شواطئِ زُهدهِ

تَقسو عليهِ الارضُ

لكنْ

نفحةُ المعصومِ

تمَحو ما يجولُ بخلدِهِ

تَقسو عليهِ الارضُ

يُطفئُ جمرَهُ ماءُ الحسينِ

فَودُّه من ودِّهِ

إذْ أنَّهُ الحِجرُ الذي

لاذتْ بهِ الدنيا

كما كانتُ تَلوذُ بجدهِ

إذْ أنَّهُ السيفُ الذي

شَطَرَ الوجودَ لضفتينِ

حُدودُهُنَ بحدهِ

فهُناكَ ..

حيثُ النارُ تأكُلُ بعضَها

والحُرُ يبرأُ -صاغراً- من وعدهِ

حيثُ الحكاياتُ التي لا تنتهي

شُطبتْ ..!

فَقدْ كادَ الفُراتُ بكيدهِ

وحمائمُ الغارِ القديمِ

تَناثَرتْ

و العنكبوتُ

هُناكَ فرَّ بجلدهِ

ما كانَ أسراباً

تُحشدُ بعضَها

ولِ(إبرهاتِ) الطف

قامَ لِوحدِهِ

*********************

خدُّ السماءِ جثى

يَقولُ لِعطرِهِ : عُذراً

فَقدْ سُلِبَ الشذى من وردهِ

ويُنبِّئُ الأيامَ

أنَّ لهذهِ الاجسادِ تاريخاً

يَضُجُّ بمجدهِ

أنَّ السماءَ

إنْ ابتَغتْ أمراً ..

يَكُنْ

حتى وإنْ..

سَعتْ الرماحُ لِردهِ

فاللهُ أودعَ وِردَه في الظامئينَ

على قداسةِ وِردهِ

وأباحَ للأيتامِ

أنْ يتفرطوا

وتَذوبُ نكهَتَهُم بِلذةِ حمدِهِ

فهوَ الحِكايةُ

مُنذُ أنْ خَلَقَ السما

هُمْ أتقنوا بالجوعِ حِرفَةَ سردِهِ


سيرة ذاتية للشاعر

·        من مواليد قلعة سكر شمالي الناصرية (العراق) عام 1975م.

·        درس الهندسة الميكانيكية بجامعة الموصل.

·        عضو مؤسس في منتدى أدباء وكتاب قلعة سكر.

·        فاز بالعديد من الجوائز داخل العراق وخارجه، منها:

–  الجائزة الأولى في مسابقة الحدث الثقافي (الأردن).

–  الجائزة الأولى في مسابقة شعر المقاومة الإسلامية في النجف الأشرف 2011م.

–  الجائزة الأولى في مسابقة (شاعر الطف) لمؤسسة الولاية الثقافية.

–  الجائزة الأولى لمسابقة مؤسسة الشهداء.

–  له مجموعة شعرية قيد الطباعة بعنوان (ما لا يشبه الماء).

المركز 7: قصيدة (صرخة الخلود) / ألبير ذبيان (سوريا)

صرخةُ الخلود

للشاعر / ألبير ذبيان (سوريا – دمشق)

أعيدا عليَّ الحزنَ بعدَ التَّجمُّلِ
بذكرى حبيبٍ غابَ عنِّي ومنزلِ
*
وقفتُ على أطلالهِ بينَ دارسٍ
ومَحٍّ سِوى ما بانَ محضَ تخيُّلِ
*
بشطِّ فراتٍ فاضَ عذباً معينُهُ

سعى ماؤهُ رَيَّاً لغادٍ ومُقبلِ

*
أرى حسرةً في شجوها قد توقَّدت
بجذوٍ صلى قلبَ الصُّخورِ المعطَّلِ
*
يُعيدُ هبوبُ الرِّيحِ أشلاءَ صوتِها
عميقَ الشَّجا يوحي بأمرٍ مجلجلِ
*
عليهِ معَ الأرزاءِ همٌّ ووطأةٌ
بأنٍّ أراقَ الوجدَ يغلي كمرجلِ
*
قفا نقتري دمعاً لمن جفَّ جفنهُ
وما خلتُ دمعاً مرَّ فيها بمُمْحلِ

*

ديارٌ عفاها الراحُ وابتُزَّ أمنُها
صُروفاً على دهرٍ مَقيتٍ مدجَّلِ
*
أيا حادياً مرْ بي على همِّ أسرةٍ
تلظَّى وإحساسي بكربٍ مزلزلِ
*
فعفتُ الدُّنى رحبَ المضامينِ حاسراً
جوى القلبِ للأحزانِ بعد التَّوجُّلِ
*
تراءت لي الكُثبانُ أشباحَ من مضى
على الدِّينِ إخلاصاً وحيداً بمعزلِ
*
ذبيحاً على الرَّمضاءِ قد حُزَّ رأسُهُ
بأنصالِ فُسَّاقٍ الورى بتطوُّلِ
*
أيا أيُّها المكثورُ بالقتلِ إنَّما
أتيتُكَ ممهورَ المُنى بتأمُّلِ
*
عجبتُكَ لا بالعجبِ لكن بلهفةِ الـ
ـصّديِّ الحريقِ الجوفِ يحبو لمنهلِ
*
أُساقُ على جمرِ التَّولُّعِ شاخباً
أساريرَ أعماقي بدمعٍ مسبَّلِ
*
ذَهولاً تُراني أم شُغلتُ بهيبةٍ
إذا ما كواها القرحُ لم تتبدَّلِ
*
أناغى بأصنافِ الكرامةِ تارةً
وأدعى لنهجٍ بالفداءِ مكمَّلِ
*
فأبرقَ عيني من وميضِكَ معلمٌ
جلى ظلمةَ الأحزانِ بعد تليُّلِ
*
وحارت رؤى روحي بكنهكَ فارهاً
فريداً وما في الكونِ مثلكَ بانَ لي
*
مليكاً على عرشِ القلوبِ مكلَّفاً
بإحيائها بعد السُّباتِ وما يلي
*
فأسدلتُ كَشحاً نحو جُرحكَ فامتلا
بخاصِرةِ الإيثارِ جُرحي لكلكلي
*
وعاينتُ صدراً بالحوافرِ رضرضاً
سما فوقَ إيماضِ الشُّموسِ المكلَّلِ
*
تعالى على الهيهاتِ عزَّاً ملطَّخاً
بأحمرَ موفورَ الإباءِ المرمَّلِ
*
كأنَّ الثرى المخضوبَ حنَّ لوجنةٍ
على رمحها المصلوبِ بالغارِ تحتلي
*
ترامى مُحيَّا هامِها الغُرُّ سامقاً
بأفياءِ عرشِّ الرَّبِّ ينهالُ من علِ
*
مضيءً بَهيماتِ الدُّروبِ مقوِّماً
مساراتِها يتلو بذكرٍ مرتَّلِ
*
فأسلمتُ نفسي والمُنى دونَ غايةٍ
أشمُّ ثرى الأحرارِ فابتُلَّ مِحملي
*
وحِرتُ بدمعٍ خدَّدَ الوجنَ مُفعماً
بمذهولِ روعٍ خلتهُ لم يبلِّلِ
*
أراكَ وما بالعينِ غيرُكَ ماثلاً
تنادي وحيداً بينَ سيفٍ وجحفلِ
*
صرختَ فما للنَّاصرينَ توخِّياً
ولكن لنهيي عن هوايَ المضلِّلِ
*
تريقُ دماءَ الطيِّبينَ مضحِّياً
لئلا تكونَ النَّارُ والويلُ موئلي
*
دعوتَ إليكَ الموتَ حتى بعثتهُ
من الموتِ مشفوعاً بإحيائكَ الجلي
*
فما متَّ بل خُلِّدتَ في الكونِ مانحاً
مفاهيمَ نهجٍ للكرامةِ أمثلِ
*
وهيَّأتَ أبعادَ الخلودِ مغيِّراً
مضامينها حكماً بمجدٍ مؤثَّلِ
*
فلا هنتَ للأعداءِ طرفكَ شامخاً
شموخَ ابن بنت المصطفى خيرِ مرسلِ
*
تعيدُ إلى الدِّينِ الحنيفِ مقامهُ
سليماً قويماً من فجورِ التَّحوُّلِ
*
بعينِكَ رضوانُ الإلهِ قصدتهُ
شغفوفاً بقلبٍ بالحديدِ مسربلِ
*
تثورُ على الطُّغيانِ ثورةَ ضيغمٍ
أبى الذُّلَّ مقداماً بغير توجُّلِ
*
ففزتَ بما عند الإلهِ مكرِّماً
بنصركَ أهلَ الأرضِ بعدَ التَّذلُّلِ
*
أواسي جراحي قرب صبركَ لم أزل
كطفلٍ رضيعٍ دانَ بالعمرِ للولي
*
فما كنتُ؟ لولا أنتَ لاحترتُ خابطاً
بعشواءِ جهلٍ بالضلالةِ أمتلي
*
إلى أن غوتني بالبهاءِ منارةٌ
شرعْتَ الهدى فيها مصابيحَ مُفضلِ
*
فديتُ دماكَ الطَّهرَ والعظمَ مهجتي
وروحاً تعالت عن دنيءِ التَوسُّلِ
*
أطوفُ بمثواكَ الزَّكيِّ محمَّلاً
بتَهيامِ صبٍّ مولعٍ متبتِّلِ
*
وأصبو أضاميمَ البهاءِ تحلَّقت
عرينكَ أرجو في حِماهُ معوَّلي
*
تراودني الآمالُ ضمَّكَ شافياً
أنينَ جراحاتٍ  بقلبٍ مُثكَّلِ
*
وتحضُرني من مسِّ تُربكَ رِعدةٌ
تهزُّ كياني بالودادِ المبجِّلِ
*
لأنتَ وما إلاكَ للرُّوحِ مطلبٌ
تقرُّ بهِ سُكنى أمانٍ ومأملِ
*
فهبني أجلُّ الحرفَ فيكَ تقرُّباً
إلى الله والمختار والمرتضى علي
*
وأدمي جفونَ العينِ بالدَّمعِ حُرقةً
لفاطمةَ الزَّهراءِ أرجو تقبُّلي


سيرة ذاتية للشاعرة

·        من مواليد دمشق القديمة، سوريا.

·        يكتب الشعر بقالبه العمودي، وقصيدة التفعيلة، والنثر الفني.

·        مضامين شعره وطنية ودينية ووجدانية.

·        له مشاركات وقصائد منشورة في عدة منتديات وملتقيات إلكترونية أدبية.

 

المركز 6: قصيدة (سِفْرُ العطشِ العظيم) / زهراء أحمد المتغوي (البحرين)

سفْرُ العطشِ العظيم!

للشاعرة / زهراء أحمد المتغوي (الدراز – البحرين)

يا لاحتراقِ العطر

مذ ركضَ اليباسُ على فروعِ السوسناتْ

والأرضُ حُبلى بالصلاة

وحكايةٌ عطشى تفجّرها أخاديدُ الظما..

ويكادُ ينتحرُ المدى

ما بين ليت وربّما..

فعلى صريرِ البوحِ صمتٌ بالحقيقة همهما.

بالقيظِ تشتعلُ الدّماء

وبلحظة التدوين يحتدم البكاء

وتشققات الروح بحّ بها النداء

يا للعطش!

من ألف جرفٍ والقصيدة كربلاء

من ألف جرحٍ والنبوءة كربلاء

والشمس تحرق كل شيء

حتى الطفولة والملامح والشفاه..

في لوحة زيتية صفراء يعروها الشحوب

قسماتها السمراء في صمت تذوب

حممٌ كما التيهور تنذر بالحريق

حممٌ تفور

والعين توشكُ أن تغور

ويمرُّ فيها الوقتُ مخذولا ويعصفُ بالخيال

والحزنُ يعبثُ بالجمالْ

والمشهدُ القاسي كلامٌ لا يقالْ..

يا للعطش!

جفّت عروقُ القلبِ

والأوجاعُ تصرخُ في المكانْ

والوردُ يصفعه الدُّخانْ

والزنبقُ الذاوي بإثر البيلسان

تتهدّجُ الآهاتُ حشرجةً فتربكها احتمالاتُ السرابْ

وبخيمةِ الأطفالِ أفقٌ لا يرتّقهُ السّحابْ

بمسافةٍ مذبوحةٍ ما بين زينب والرباب..

طافت فؤوسُ القحطِ فوق غصونها والحلمُ ذاب..

والمهدُ أجدبَ

لم يعدْ يهدي الهلولو في خريفِ الانتحاب..

ولوردةٍ مثل الدّهانْ

من أرشد الصّبار يقطفها فينفرط الجمان ؟

ولمنفذ الضوء انبرى السهمُ الأثيم

وتكسّر الحلمُ النقيّ من الوريد إلى الوريد

واغتال ملحُ الشوكِ عطرَ الجلّنار

سال الدَّمُ القاني لتنقشه السماء

بخريطة السّفر القديم

فليستح الماء العقيم!

فليستح الماء العقيم!


سيرة ذاتية للشاعرة

·         شاعرة بحرينية و أم لأربعة أبناء ومحررة للقسم الأدبي لمجلة زلفى.

·         لديها بكالوريوس تربوي وتعمل كمعلمة أولى لمادة الرياضيات في المرحلة الثانوية.

·         لها ثلاثة دواوين (سيمياء الحلم، وبأي ذنب قتلت، وأهداب الريحان).

·         تأهلت في كثير من مسابقات الشعر، وشاركت في أمسيات أدبية في البحرين، والقطيف، والكويت، والعراق، وإيران.

·         نالت لقب “شاعرة الحسين” في الموسم الثامن للمسابقة (1437/2015م).

·        مدربة للتنمية الشخصية والتفكير الإيجابي واستراتيجيات التدريس ورعاية الموهوبين.

 

المركز 5: قصيدة (حديث مع الجسد المضرج بالحياة) / عبدالمجيد الموسوي (السعودية)

 

حديثٌ مع الجسدِ المُضَرَّجِ بالحياة

للشاعر / عبد المجيد الموسوي (السعودية – الأحساء)

( اَشْهَدُ اَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ اَظِلَّةُ الْعَرْشِ، وَبَكى لَهُ جَميعُ الْخَلائِقِ في السماواتِ والأرضيين  ما يُرى وَما لا يُرى )

وأراكَ …

كيفَ أراكَ ؟

لم أفهمْ ،

أأنتَ سقيتَ من عَطَشٍ

شِفاهَ الأرضِ عِرْفاناً

وأرخيتَ الوقارَ على الترابْ ؟!

أفأنتَ من أطعمتَ جوعَ الشمسِ

 من وَهَجِ انصهارِكَ يومَ أنْ ذابتْ دماؤكَ في هجيرِ الرملِ

من لَفْحِ اليبابْ  ؟!

أم أنتَ من أومأتَ للسُحُبِ الجريحةِ أن تُكَفْكِفَ دمعَها الدمويَ

رَغْمَ جنونِ هذا الطعنِ

 في كبدِ  السماءْ  ؟ !

عجباً أرى عجباً

كأنَّ النهرَ يزحفُ باتجاهِكَ ظامِئاً يشكو الهَجيرَةَ

ويكأنَّ الماءَ يشربُ من لظاكْ

وأراكَ مَكْلوماً

وقد شعَّتْ دماؤكَ من شُقًوقِ الأرضِ

يا للهِ أيُ دمٍ – تعالى باتجاهِ الخُلدِ ينزفُ من ملاكْ؟!

وأراكَ …. كيفَ أراكَ ؟

مُنْسَكِباً على شَفَةِ الفجيعةِ …

مثخناً جَنْبَ الفُراتِ ….

مُرمَّلاً بالدَّمِ

تَعْفِرُ في الترابِ

 تجودُ

تَهْمِسُ للرمالِ

وتَرْمُقُ الملكوتَ ترفعُ راحتَيْكَ مليئةً بالغيبِ  …….

من وحي الدماءْ ،

لَهْفي لثغركَ

ظامِئاً مُتَشَقِقاً ….

قد أنهكتهُ الشمسُ وهو يُحيْلُ هذي الأرضَ

نسريناً وريحاناً

وقد كانتْ فلاةْ

مازالَ يلهجُ موقناً باللهِ

يكسوهُ الثباتُ …

فكيفَ ينْكُثُهُ الظلامُ ويُسْتَباحُ من الطغاةْ

وكذا جبينكُ ذلكَ الوَهَجُ المُشِعُّ

يُضيءُ مخترقاً حجابَ الليلِ

كيفَ يَصُكُّهُ حجرُ الأسى

وترُضُّهُ حقداً حَصَاةْ  ؟ !

وهنا أرى سهماً

 وقد نَبَتَتْ بعينِكَ من شَقِيٍّ نَبْلَةٌ حَمْرا اسْتَحالَتْ شَتْلَةً خَضْرا تَجَلَّتْ واسْتَوَتْ حقلاً

 وكوناً من نباتْ

عجباً لقلبكَ

وهو يعزفُ وادعاً لحنَ العروجِ

مُتَيَّماً يَهْوى السَّماءَ

فكيفَ خاتلهُ المثلثُ

واستباحَ الطهرَ واغتالَ الصلاةْ ؟ !

وهُنا أراكَ …. وأنتَ  تُخْرِجُ ذَلِكَ السَّهْمَ المُثَلَّثَ من قَفاكْ ،

ودِماكَ تجري مثلَ مِيزابٍ هَمَى فرَمَيْتَها نَحْوَ السَّمَاءِ

فلم تَزَلْ في الخُلْدِ تَسْكُنُ

لا يُرى منها انْسِكابْ

وأراكَ مُتَّكِئاً …. بعَيْنِ اللهِ تَخْضِبُ وجنتيكَ ورأسَكَ المُدْمى وشَيْبَتَكَ المَهيبَةَ

من دماءِ النَّحْرِ ….

تَهْمِسُ : هكذا ألقاكَ يا رَبَّاهُ مَخْضُوباً قتيلاً ….. مُوقِناً ….. تجري كنبعِ الماءِ مظلوماً دِمايْ

وأرى جوادَكَ هائماً يبكي

يُحَمْحِمُ  غاضباً كالرَّعْدِ

مُنْفَجِعاً …

 يَدُكُّ الأرضَ من هولِ المُصابْ

يدنو قليلاً منكَ منبسطاً

 لِتَرْكَبَهُ ….. ليَقفُلَ راجعاً نحو الخيامْ

عجباً لصدرِكَ

بعد أنْ وطِئَتْهُ مسلوباً خيولُ البغي تَفْريهِ السنابكُ

وهو يلفِظُ طُهْرَهُ

 كيفَ استطاعَ بما حواهُ من السَّنا

 أنْ يملأَ الملكوتَ نوراً

 تزدهي منهُ الجهاتْ ؟ !

عجباً لخُنْصِرِكَ المُرَمَّلِ

كيفَ غادرَ جِسمَكَ المحفوفَ بالآياتِ

والأورادِ

 كيف يعافُ منفرداً

 شَميماً من أراكْ  ؟ !

ماذا يقولُ النحرُ

وهو مُرَمَّلٌ في اللهِ

 تَصْهَرُهُ الظهيرةُ شاخصاً للعرشِ

 قد أنهى طقوسَ القُربِ

مَحْزوزاً على نهرِ الفراتْ

عجباً لرأسِكَ وهو يتلو ما تيَسَّرَ من مَثاني الكهفِ مُبْتَهِلاً

يُذيبُ القلبَ

مرفوعاً على طرفِ القناةْ

يا أيُّها الجسدُ المُضَرَّجُ بالحياةْ ،

أفرِغْ علينا من بهائِكَ

 من عُروجِكَ

من فيوضاتِ الهوى ،

كي نُلْهِمَ الدنيا

ونفنى فيكَ

يا مَنْ علَّمَ العُشَّاقَ

أسرارَ الفناءْ

أمْطِرْ علينا من عِنانِ العرشِ عزماً

وانْتَشِلْ مِنَّا الهوانْ

ثمَّ اسْقِنا من وحي روحِكَ

من شموخِكَ،

من ثباتِكَ،

 من جمالِكَ،

نفحةً من عُنْفُوانْ


 

سيرة ذاتية للشاعر

·    مواليد الأحساء.

·    بكالوريوس في الأدب الإنجليزي.

·    حاصل على شهادة TESOL ، جامعة لندن، 1999م.

·    عضو نادي الأحساء الأدبي، والاتحاد العالمي للشعراء، ومنتدى الينابيع الهجرية الأدبي .

·    عضو إداري في منتدى ابن المقرب الأدبي بالدمام.

·    حاصل على المركز الأول في الشعر في مسابقة جائزة راشد بن حميد بالإمارات 2014م.

·    له ديوانان مخطوطان قيد الإعداد .

·    له مشاركات بفعاليات أدبية وأمسيات محلية وخارجية، ولقاءات على قنوات فضائية وإذاعية.

·    تُرجم له في: معجم شعراء الخلج، ومعجم شعراء وأدباء الأحساء، ومعجم شعراء منتدى الينابيع الهجرية الأدبي.


ملخص تعليق المحكّمين

المعقّب – الأستاذ زكريا يوسف رضي

من بين عدد من النصوص والقصائد الشعرية ذات النفس الشعري الحديث شكلا وبنية وصورة يقف هذا النص وتستوقفنا أيها الشاعر بلغة مدهشة ومؤثرة واستطعت باقتدار وتمكن من أن تجمع بين أمرين صعبين في الانقياد لدى شاعر  عادة وهي كيف يمكنني أن أحافظ على زخم التأثير والعاطفة مع الحفاظ على مستوى عالٍ من حركة الرمز  والدلالة في القصيدة الحديثة. أجدك كشاعر محترف القول أجدت هذه اللعبة الشعرية – إن جاز الوصف- بذكاء وبنيت قصيدتك على رؤيا مشهديّة لحادثة الطف الفجيعة ورؤيا شعرية مجازية وكان ذلك ملحوظا منذ أول فعل في النص بقولك ( وأراك كيف أراك ) توالي الاستفهامات والأسئلة في بداية هذا النص مكنك كشاعر من ان تستثير المتلقي القاريء النص بجعله يشاركك عملية البحث والتنقيب كما جعلت القصيدة في غمّة من حمى ذلك المشهد الفجائعي والكوني تقسمت القصيدة لديك مفصلة على مشاهد الفاجعة مرورا بالعطش العظيم حتى جعلت الأنهار تزحف باتجاه الإمام الظاميء وأطفاله العطشى ( عجبا  أرى كأن النهر يزحف باتجاهك ظامئا ) مرورا بالجسد المنكوب بالجراحات وبرض السنابك ومرورا أيضا بالسهم المثلث ( عجبا لقلبك وهو يعزف وادعا لحن العروج متيما يهوى السماء فكيف خاتله المثلث واستباح الطهر واغتال الصلاة).

أثبتّ أيها الشاعر قدرة القصيدة الحديثة على اقتحام المشهد الفجائعي بدمع الكلمات وبانكسار الروح أحييك على هذا النص وهذه اللغة.

 

المركز 4: قصيدة (ما تيسر من حديث الليل) / أحمد كاظم خضير (العراق)

ما تيسَّرَ من حديثِ الليل

للشاعر / أحمد كاظم خضير (العراق – البصرة)

زينب تحدث الحسين مع نفسها ، بعد خروجه من الخيمة في الليلة الأخيرة ..

صمتٌ أخيرٌ والعيونُ تماطلُه

والليلُ تُسرعُ في الهروبِ مداخلُه

ومسافةُ الضوءِ الأخيرةُ لم تجدْ

خطواتِ صبحٍ يابسٍ تتواصلُه

قمرٌ تثائبَ عن وجوهِ العابرينَ

وعن جوابِ الأمسِ حينَ اسائلُه

أأخيُّ هذا الليلُ يعبثُ بالنوايا،

يستبيحُ الصبرَ ،

كيفَ اجادلُه؟

مازالَ يحكي لي

كما تحكي المناجلُ للسنابلِ..

بالإباءِ أبادلُه

ثمنُ الأصالةِ

أنَّ دربَكَ موغلٌ بالطارئين،

فأرهقتكَ منازلُه

الكلُّ نزفٌ آهلٌ بصداكَ،

صغْ للجرحِ صوتاً

كي تضجَّ جحافله

مذ سارَ آدمُ والشراعُ ممزقٌ

وقميصكَ الممتدُّ منكَ يحاولُه

لا تسترحْ فالارضُ مَلَّتْ رملَها

ومسارُ رحلتِها بكفّكَ حاملهُ

لا تنتظرْ قمحاً ليومكَ

فالنبوءآتُ الجديدةُ

بالقماطِ تعاجلُه

أأخيُّ كلُّ الاخضرارِ دفنتُهُ

لمْ تدَّخرْ سجناً عليَّ سنابلُه

حبرٌ هناكَ..

وشمعةٌ وقفتْ كمئذنةٍ

وبحرٌ لم تصلكَ رسائلُه

عَنونْ سمارَ السائرينَ

برحلةِ الموتِ اللذيذِ

فكلُّهم لكَ ساحلُه

فُتِقَتْ هنا رئةُ الفصولِ،

ومحورُ الرتقِ احمرارٌ..

لونُ سيفِكَ غازِلُه

وهنا تكوَّرَ فكرةً

ما قالَهُ اللهُ

الذي ارستْ عليكَ دلائلُه

وأراكَ تقترحُ الصعودَ مسيرةً

نحوَ احترافِ الموتِ حينَ تنازلُه

ما بين أروقةِ الجراحِ مُزَمَّلٌ

جمعتْ تفاصيلَ الدعاءِ أناملُه

يخضرُّ جيلٌ من تمائمِ خيمةٍ

وتضوعُ في دربِ الحروفِ خمائلُه

من قطرةٍ مالامستْ غصناً لها

الا انحنى شكراً وجذعكَ هاطلُه

للماءِ وجهٌ سوفَ يأتي مُعلِناً

خَجَلَ الفراتِ المُرِّ حينَ تقابلُه

منذُ استعارَ الماءُ لونَ ظماكَ

والأيامُ تسعى أنْ تشيخَ جداولُه

شاختْ بعيني الذكريات..

وأنتَ من تأوي خواءَ الأمنياتِ هياكلُه

قَلَقُ الجهاتِ يبيحُ بعدكَ موطناً

وتُميتُ بوصلةَ الرياحِ جدائلُه

إيقاعُ آخرِ دهشتينِ سينقضي

درباً أخيراً لن تعودَ محافلُه..

ولإن أطلتَ اليومَ قربيَ سجدةً

فغداً مُصلّاكَ الدموعُ تطاولُه


سيرة ذاتية للشاعر

·        مواليد البصرة 1992.

·        دبلوم من معهد البترول.

·        موظف في وزارة النفط العراقية.

·        عضو الهيئة الإدارية لرابطة مصطفى جمال الدين الأدبية.

·        لديه مجموعة شعرية مخطوطة بعنوان “أسيرُ باتجاه القمر”.

·        نشر في مجلات عراقية وعربية، وشارك في العديد من المهرجانات والجلسات.


ملخص تعليق المحكّمين

المعقّب : الأستاذ زكريا يوسف رضي

أنت شاعر تجيد حرفتك وصنعتك الشعرية وتقود الكلمات بشفافية عالية لعل سمة قصيدتك الأبرز هو اتكاؤها على بنية حوارية مهدت لها منذ البداية بإشارتك في صدارة القصيدة إلى أن ما سوف يأتي هو حديث زينب مع نفسها بعد خروج الحسين الأخير من خيمته .

إذن فنحن أمام ما هو أشبه بالمنولوج الشعري ولكن بالتأمل في هذا العنصر الحواري نجد أن اشتباك صوت الشاعر مع صوت  زينب عليها السلام جعل القصيدة تتردد ما بين صوتين ففي اللحظة التي يظهر فيها صوت زينب في صيغة النداء  ( أأخيّ )  تظهر أمامك التنوع في الأساليب الإنشائية من نهي وأمر واستفهام وغيرها ببنما في اللحظة التي يعلو فيها صوتك كشاعر تتوارى تلك الأساليب لتأخذ شكلا  استعاريا ومجازيا متنوعا قد نقف منه مثالا على قولك للماء وجهُ سوف يأتي معلنا / خجَلَ الفرات المرِ حين تقابله،،،  ولا يفوتنا هنا وصف الفرات،  بالفرات المرّ خلافا لما عهد من أن الماء العذب إنما هو الفرات ،،، في دلالة لا تخفى على القاريء الحصيف من انسحاب عذوبة هذا الماء بعد فاجعة الطف،،،  ( أبدعت وابتكرت بما لا سابق  عليه ) وقولك(  منذ استعار الماءُ لونَ ظماك/ والأيام تسعى أن تشيخَ جداوله ) جميل وملفت ،،، وان كنت أقترح بديلا عن ( الأيام )  فَلَو قلت ( والأزمان ) كونها أكثر سعة وامتدادا من الأيام وأكثر تعبيرا عن محاولة الزمن تقزيم الحدث وجعله  في طَيّ النسيان ،،، أحييك أيها الشاعر المجيد وأتمنى لك يراعا لا يكل ولا ينضب.

المركز 3: قصيدة (أم اليقين) / علي عبدالمجيد النمر (السعودية)

أم اليقين

للشاعر / علي عبدالمجيد النمر (الدمام – السعودية)



للوهلةِ الأولى أخالك مصحفا
وعليه سرٌّ بالمهابة صُحّفا

للوهلةِ البكرِ انتضيتُكِ سورةٍ
‹للحمد›  و‹الإخلاص› تحترف الوفا

للمستقيل من العثار وفي يدٍ
من كل سنبلة تضيء تشرفا

ضاءت وفي لون اليقين حضارة
لله فيها أن تشير، فيُعرفا

شيء كحنجرة النهار وحاضر
كان البهاء ، وبالحقيقة لُحّفا

هي أول الماضين في النسق الشريف
و(آصفُ) الدين الحنيف تصرّفا

ولها إذا رمشت عيونُ أميرِها
أن يستقرّ الكون ، أن يتكيّفا

أن تنتهي طوعًا لها (بلقيس) في
العرش الممرّد للسؤال تعرُّفا

ولها شمائل كالربيع أنيقة
وعلى خمائلها حديثٌ يقتفى

ولها لسان الورد حتى أنها
لو تحتفي بالماء ، بادر واحتفى

****

أمٌّ كموسم أقحوانٍ ، فرصةٌ
للزهر أن يروي البياضٍ ويغرِفا

ولها من السُّحب الثقالِ مثلثٌ
كانوا على أفق المشيئة حُلّفا

يتسابقون إلى اليباب ليُنصفوا
ظنّا بهم ، والله فيهم أَنصفا

ولها من ‹الفضل› العظيم أبوه إذ
ما جيء في فضل وعاد وما وفا

‹أم البنين› وفي مدارِكِ كوكبٌ
لله كان وللطفوف تألّفا

ركن شديد للحسين وحقّ أن
-لما هوى في الطف- أن تتعنّفا

كانوا شموخ النخل في إيمانهم
فلذا العراقُ بنخلهِ قد عُرّفا

وطنٌ يغذيه احتسابُكِ ..واقفٌ
وله عطاء البذل لن يتوقّفا

وطنٌ كرابعةِ النهارِ يضيءُ في
كل امتداد للمبادئ أحرفا

****

أم البنين .. بل اليقينِ ، وهذه
عن كل منقبةٍ تزاحمها كفى

تأتين في سرب الخلود فراشةً
محشودةً بالطيف ضاء وطيّفا

ومقامة الراجين حين يلوكُهم
فك الزمان وفي يديكِ تلطّفا

كيف ابتدعتِ الضوءَ والظلَّ الذي
ما انفك من سُرج العطاء مشرّفا

كيف ابتدعتِ والفضاء مدجج
بنوى يحاصره الظلام مكثّفا

حتى انتضيتِ الوعي محض رسولة
كانت ببيت الوحي تبدع مَوقِفا

قد كنتِ تعطين الحسين أمومة
وخمار زينب في مداك تلحّفا

قد كنت مائدةً تراد لفكرها
وحقيقةً تأبى بأن تتزيّفا

 

سيرة ذاتية للشاعر

·    مواليد ١٩٨١م.

·    بكالوريوس لغة عربية.

·    عضو مؤسس في ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام.

·    عضو منتدى اليراع بالقطيف.

·    تُرجم له في الموسوعة الكبرى للشعراء العرب (الدارة المغربية للشعر العربي – الجزء الأول(.

·    شارك في عدة أمسيات محلية ودولية، وله استضافات في قنوات وإذاعات خليجية.

·    له ديوان مطبوع بعنوان «رُسُل».

ملخص تعليق المحكّمين

المعقب : الدكتور علي عبدالنبي فرحان

يكاد هذا النّصّ يضيء ولو لم تمسسه نار. فالنصّ يحتفي بالضوء ليبث إشراقه في النّصّ كلّه.

  • هذا النصّ يفصحُ عن نفسه، ويعلن عن تماسكه في لغة شعريّة جميلةٍ، وإيقاع بحر الكامل الّذي جاء متناغمًا مع هذا النّصّ وغنائيّته وامتداد إيقاعه وإطلاق قافيته.

  • جاء العنوان مؤصِّلا ومكثّفًا لطاقة النّصّ الإيحائيّة؛ فلا يمكنك أنْ تمرّ على النّصّ دون أنْ تقف على العنوان. الّذي أضحى ” خبرًا ” لا يحتاج إلى ابتداء.

  • تقوم فكرة هذا النّصّ على إعلان التّمجيد والتّعظيم للممدوحة الّتي هي ” للوهلة الأولى إخالكِ مصحفًا “؛ وهي الّتي تضيء ” تشرفًا ” وفي ضوؤها لون اليقين الّذي يمثل حضارة ربانيّة خالصة ” ضاءت وفي لون اليقين حضارة   لله فيها أن تشير فيعرفا “.

  • يرسم الشاعر بريشته وفاء تلك الشخصيّة الفذّة في شخصها، وفي نتاج وفائها بأولادها الأربعة الّذين هم ” لها من السحب الثقال مثلث ” ولها ” الفضل ” العظيم أبوه ( أي أبو الفضل ) الّذي هو ” ركن شديد للحسين “. هؤلاء الفتية الّذين كانوا شموخ النخل في إيمانهم ” يسير الشّاعر في الكشف عن الممدوحة حتى يسلمنا إلى عمق الوصف الّذي تغدو فيه الممدوحة متمثلة في الوصف كما افتتح بها النّصّ من عتبة عنوانه الّتي هي ( أم البنين بل اليقين ..).

  • تنثال الصورة عند الشّاعر في هذا النّصّ بانسيابيّة في عموم النّصّ جميلة عميق مدهشة. تنبني الصورة بشكل تعاضدي لتلمّ شتات البيان في صورة الممدوحة حتى يصل إلى ذراه ” وطن يفديه احتسابك واقفًا وله عطاء البذل لن يتوقف “…

  • استطاع الشّاعر أنْ يمزج ذاته الشّاعرة بموضوع القصيدة، وربط إحساسه بالتعبير عن فكرته حتّى غدت اللغة والصورة والإيقاع أدوات فاعلة في تشكيل بنية النّصّ الشعري.

  • النّصّ جيّد يؤخذ عليه بعض الاستعمالات الّتي أرى أنّها أضعفت بعض بنائه كلفظة (صحّفا) في البيت الأول، و(شيء) في قوله : “شيء لحنجرة النهار وحاضر كان البهاء وبالحقيقة لحّفا”؛ فلو استبدل بها لفظة أخرى كمجد مثلا أو شمس، ومنه أيضًا قوله مادحًا لأخوة أبي الفضل: يتسابقون إلى اليباب !! هم يتسابقون إلى العلا يا سيدي.

 

المركز 2: قصيدة (نشوة الجرح) / حسن مجتبى بزي (لبنان)

نشوةُ الجُرح

للشاعر / حسن مجتبى بزي (لبنان – الجنوب)

أضمِر نحيبَكَ يا زمانُ لأسمعَه

إنَّ الحقائق في الضمائر مُودَعة

إن لم تُطِق حبسَ النحيب فإنني

بيتُ المواجعِ والنّوافذُ مُشرَعة

يا حزنُ إنْ شِئتَ ادِّثاري فلتكُنْ

وِتراً بقلبي  جَلّ مِن  أن أشفعَهْ

خذني من الجسد الرديء وعَرِّني

أبرادَ  فكرٍ   بالخَيالِ   مُرَقّعة

ما زلتُ تأسِرُني الجِهاتُ بزهوها

وأخافُ ضِيقاً ، كُن جهاتي الأربعة

كُن حيث لا زمنٌ يحولُ بأن أرى

 وجهَ الحسين وأن يُراقَ دمي معهْ

كُن بين أسوار الظلام مطيّةً

لبصيرتي  تجتازُ زُورَ الأقنعة

حيث الحروف ولا حروف وإنما

قلبٌ  أسالَ على  القوافي مدمعَه

حيثُ الدموعُ مُراقُ ما عثَرَتْ به

الأحداقُ مِن غُصَصِ الطفوف المُوجِعة

حيث السُّهادُ جَليلَةٌ ضمّتْ بِلَيلِ

 الضارعِين   شقيقَها   لتُودّعهْ

حيث الزفيرُ لهيبُ جمرةِ هاربٍ

بين  الخدور مخافةً  أن  تلذعَهْ

كَفٌّ أذاق الوجدُ لطمتَها الضلُوعَ

على الذي في الطفِّ داسُوا أضلُعَه

وحياءُ أخرى أن تُعافَ وكفُّ من

خطَّ الخلود بهِ استباحوا إصبَعَه

طيرٌ ذبيحٌ جاء من زمن الفداءِ

مُعَفِّراً خدّاً وضرّجَ مَوضِعَه

سهمٌ من الحقد العتيق وطعنةٌ

في  جانحَيه  وزفرةٌ  مُتقطِّعة

وكأنما في نحره صوتُ الظُّبى

متأسِّفاً  ودَجَ  الحسين  فقطّعه

وكأنما لا شيءَ يحتجزُ الصدى

 ” هل من مُغيثٍ ” مَن سيُرسلُ مسمعه ؟

في كربلاءِ النفس يصرَعُ نفسَهُ

من قبلِ أن يلقى حسينٌ مصرعَه

تلك الصلاةُ عُروجُها محرابُ ذاكَ

النّحر تُرفَعُ إن تَعدّت مَطلَعَه

ذاك الوريدُ المستفيضُ سفينةٌ

للهاربين  إلى شُعاعِ  الأشرِعة

ما الفوزُ إلا نشوةُ الجُرح الذي

بدلَ الأنينِ يكادُ يلثمُ مِبضَعَه

ما الحزنُ إلا هجرةٌ في النزْفِ مِن

ظمإٍ  إلى  كأسِ  الإباءِ  المُترَعة

يا حزنُ خذني حيثُ ينضَحُ فاتحٌ

 بمهابةٍ في نزفِهِ، ما أنصعَه !

يستشرفُ الملكوتَ طَوداً والظُّبى

تفري له جسداً أبى أن تُخضِعَه

ووجدتُني الأحزانَ أظمأُ كُلّما

أُترِعْتُ من سرّ الجِراح المُشبَعة

 


سيرة ذاتية للشاعر

 

 

 

·    مواليد جنوب لبنان ، ١٩٨٩.

·    طالب وأستاذ علوم دينية في الحوزة العلمية – مرحلة البحث الخارج .

·    إجازة في الأدب العربي في الجامعة اللبنانية.

·    شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية في بيروت.


ملخص تعليق لجنة التحكيم 

المعقّب : الدكتور علي عبدالنبي فرحان

يكتسب النّصّ الشعريّ فرادته من تماسكه وترابط أجزائه، ونمو فكرته، وبجمال إيقاعه، وثراء معجمه، وجمال بنائه.

” نشوة الجرح ” قصيدة تحملك نحو ثنائية ضديّة تستبطن اتّحادًا يضخّ معاني النّصّ، ولا يقف عند ساحل عنوانه.

  • ينطلق هذا النّصّ في حوارٍ داخليٍّ بين الذّات الشّاعرة والمعنى المؤجّل الّذي ينبني شيئًا فشيئًا؛ لتتحوّل المعاناة والجرح والألم والحزن والمواجع ” وترًا بقلبي ( قلب الشاعر ) جلّ من أنْ أشفعه ” بشيء سواه. تتحوّلَ بوصلةً تتجه بالذّات الشاعرة إلى جهة واحدة حيثُ تتوحّد الجهات ( بُعدُ المكان ) وبعدُ الزمان ( لا زمنَ يحولُ ) … ( وأنْ يراق دمي معه ) نعم الاتحاد مع المفدّى ، الاتجاه نحو جهة واحدة هي الحسين (ع)

  • وببصيرة الشّاعر الّذي يندغمُ مع معركة الفداء روحًا وفنًّا ووجدانًا ملبّيًا استغاثة الحسين عليه السلام ليفصح عن قمة الالتحاق بركب المحبوب عليه السلام ( في كربلاءَ النفسُ يصرعُ نفسهُ من قبل أنْ يلقى حسينٌ مصرعه )؛ وفي ذلك معنى الصلاة والعروج، ومن أراد أنْ يسمو فعروجه ( ذاك الوريدُ المستفيضُ )، فحقيقة الفوز إحساس الشهيدِ بنشوة الجرح؛ وبذلك: ( يستشرف الملكوتَ طودًا والظبى   تفري له جسدًا أبى أنْ تُخضِعَه ) السيوفُ.

  • نجح الشّاعر في مشروعه الفنّي وأقنع غاية الإقناع.

  • لغة الشاعر سهلة ممتنعةٌ؛ راوح فيها الشاعر بين الإنشاء والإخبار، ولعب بممكنات اللغة الّتي أهلته ليعبّر عمّا يريد في سهولة ودون تكلّف.

  • كثيرًا ما تقلقنا التكرارات في النّصّ الشعري؛ لكنّما الشّاعر هنا وظّفها توظيفًا ذكيًّا، جعل منها آلةً تضخُّ كلّ مرةٍ معنى يفيض دهشةً وعمقًا.

  • الإيقاع غنائي يسوّل للقارئ أنْ يلتذّ بالنصّ ويعيش أجواءه بل نشوته بدءًا بالتصريع، وإيقاع بحر الكامل، وجمال رويّ القصيدة الّذي ألحق به الهاء خاتمةً لذيذةً تنفث آهات زفير صدر المكروب المنفوث حزنًا.