المركز الثامن: فيصل النوري (عــطــرُ الوحـيِ الأحـمـر)

المركز الثامن:
عــطــرُ الوحـيِ الأحـمـر

فيصل ميرزا النوري (البحرين)

 (عندما تـرشُّ شفةُ الدمعِ الشهيدةُ عطرَها في وجوهِنا.. فتهطلُ في القلوبِ حكايةَ العشقِ والخلودِ الحسيني المعطرة بالوحي الأحمر)


الـنَّـحـرُ وحــيٌ .. والـنـبـوءةُ نــزفـــُـهُ ..

جـبـريــلـهُ عــطــشُ الـحــســيــنِ .. وعــطــفـُــهُ ..

هوَ كـــائـــنٌ حــيٌ ..

ونـصـف كيانهِ ، (قــلــبٌ بــه وجعٌ)..وعــقـلٌ نصفـُـهُ ..

وحيٌ يَـراعٌ .. خــطَّ نـحـراً لـيِّـنـاً ..

لقساوة الأوراقِ يـخـشـعُ حــرفُـهُ ..

نــزلـت صحائـفـهُ ..نــزول ..مـعـلـم ٍ.. قـمـر ٍ..

وشـرط صـعــودهِ هـو خـسـفهُ ..

وطنٌ .. لوعـي الـنـهــر ..

يـدفـعُ صـخرة الـتـرحـالِ ..كي يــظـمى..ويـقـوى ضـعـفُـهُ ..

وبـعـرشـه الـموجوع ..يسكنُ غيهبٌ.. ماضٍ..

لــتجمعَ لــلـعـوالـم كــفـُـهُ ..

كم أوقــفــتُــه .. تلاوة الجسد المعطر بالخلودِ ..

فطاب خلداً وقـفـهُ.

فوق الـسناء.. بــهـاؤه مـتـشكلٌ ..

عـلـمـاً .. وكـفُ المعـجـزاتِ تـرفـهُ..

لـغــة الـمـرايا فــيـه حبلٌ منصتٌ ..

يــمـتـدُ بالـنـور الموشى طــرفهُ ..

لـيـسبح القنديل في أوداجهِ..

مـتـرهبناً يضوي المناسك كهـفـهُ ..

الله يا نـحـراً تـقـبـلـهُ السما..

    وملائكٌ العرش الجديلِ تــحــفـهُ..

حـلم الجراح ..

هوالتقاء الرمـل بالماء الغريقِ ..إذا توحد صـفُـهُ..

هو هكذا الوحيُ الحسينُ بعمرنا ..

في كل وجدانِ سينبع رشفهُ ..

هذي الدموع ..عـنـادلٌ زُفـت صدىً ..

تستعذبُ الموالَ حين تـزفُـهُ..

من فـوق أكتاف الصراخ تساقطت..

فزعاً سماواتٌ رعتها كـتـفـهُ..

صنعت من الخيمات كون كرامةٍ ..

وقفت لتدخلَ .. لاح فيها عُــرفُـهُ..

صرخت مساءاتُ الجمالِ تلوح لي..

قد راعني مالا يقدّرُ وصفهُ ..

فدخلتُ باليمنى أحث عوالمي…

والمنتهى نايٌ يـسارعُ عــزفــهُ…

والشوق كشفاً طار يحرم هائماً ..

لـطـواهُ يصـعـدُ والـمـهـابـةُ سـقـفُـهُ..

لأرى بقلبي ما جرى لدعائه …

ولم البياضُ يـُـسالُ حقداً لطفهُ ..؟

وبــلـحــظـة ..لم تحتسب من كوننا ..

قــد أطفأ القمرَ المهجنَ طـيـفُـهُ ..

ثب أيها الوحي الأنيق..تسامياً

جسد البكاء.. بمقلتيكَ  تـشـفُّـهُ ..

هل فــز نورك لحظة ..؟

أم معتم..قد ظلَّ ذاك الماء..يُـروَى جوفهُ ..

ما لـون حزن الـنـهـر؟ إن هــو صامتٌ ..

كـالـشـعـر يـُـلحنُ إن تــغــيـّـر ردفهُ..

لا خير في ماءٍ يصلي لم تـفـق ..

تــوبـاتـهُ مـطـراً فـيـرعـدُ قـصـفـهُ..

لا خـيـر فـي دمـع إذا لـم يـنـحـنِ ..

يـمـتـدُ فـي قـمـحِ المـشـاعـرِ جرفـهُ..

ألـقـت زجـاجة حـلـمهـا فـي طفهِ ..

لـيـعـود مـوسـاهـا الـمـهـشـمُ خــوفــهُ ..

مـحـقَ البياض تـكـســراً بــصدورنـا ..

وحـصى الـسـواد بـوجـنـتـيـهِ يـلـفـُهُ ..

كم أمطرت رسل السحاب صباحها ..

ويباس وحي الليل يحصدُ سـيـفـهُ ..

لا نخلَ يذكر ما جنت سـعـفـاتـهُ..

لا شمس تـبكي لحظة هيَ حــتــفُــهُ ..

لا قــوس يـخـلـعُ ثـوبَ رابـيـة المـسـا..

لا سـهـمَ يـنـصـتُ للـكـنـانـةِ طــرفـُـهُ ..

يا ساقياً للضوء خذ قربـاتـنـا ..

واملأ حكاياها لتصحو طـفُّــهُ..

فـصهـيل هذا الشوق جــرّ لجامه ..

ليذوب في صبح المشاعر عـطفهُ..

عـطـر السماء ووحيها وحراؤها..

قـد شـفَّـهـا الـنـحـرُ الـنـبـيُ وطـفُّـهُ ..