رُجوعُ رَأسِ الإمامِ الحُسَيْنِ (ع) إلى جَسَدِهِ.. أُمْنِيَةٌ
تَبْكي السَّماءُ، وَدَمْعَةٌ لَمْ تَقْدُمِ
أ إلى الحُسَيْنِ بُكاؤُها أمْ لِلدَّمِ؟!
ها قَدْ تَكَرْبَلَ في الوُجودِ بَقاؤُها
وَبَدا بِحُزْنٍ عُرْسُها بِمُحَرَّمِ!
وَتَخَضَّبَ الكَوْنُ الفَسيحُ بِقَطْرَةٍ
هَلَّتْ بِعَشْرٍ في لَيالي المُحْرِمِ!
فَحَفَفْنَ رَبَّاتُ الخُدورِ مَكانَها
وَتَنَزَّلَ الفَيْضُ الأسيلُ بِعَنْدَمِ
مِنْ دَمْعِ زَيْنَبَ يَسْتَفيضُ خِمارُها
وَيَكونُ في رُزْءِ الحُسَيْنِ تَكَلُّمي
فَأناشِدُ الرَّأسَ العَظيمَ بِبَحَّةٍ:
نَزَعوكَ يا نُورَ الحَقيقِ الأقْوَمِ!
قُلْ لي فَكَيْفَ لَكَ المَقَرُّ عَلى القَنا
وَعَلى الحُسَيْنِ عَلا دُنُوُّ المُجْرِمِ؟!
فَيَقولُ: يا هَذا لِرَبِّكَ زُفَّني
نَحْوَ السَّماءِ؛ فَعُرْسُنا بِمُحَرَّمِ
فَأقولُ: في أيْنَ الزِّفافُ أيا تُرى؟
فَيَقولُ ناحِيَةَ السِّهامِ، عَلى الفَمِ!
وَالكاتِبُ الشِّمْرُ الخَنا وَكِتابُهُ
قَدْ خَطَّهُ السَّيْفُ الذي لَمْ يَنْعُمِ!
وَشُهودُ عُرْسي ذا العَليلُ وَاِبْنُهُ!
وَالمُعْوِلاتُ كَزَيْنَبٍ مَعَ كَلْثَمِ!
أمَّا مُبارَكَةُ الزِّفافِ بِنَيْنَوى
فَوْقَ الضُّلوعِ وَبِالخُيولِ الصِّلْدِمِ!
لِتَكونَ قَعْقَعَةَ الخُيولِ غِناؤُها
وَمَكانُها صَدْرَ الحَبيبِ المُكْلَمِ!
وَتَكُونَ رائِحَةَ البَخورِ خِيامُنا
حينَ الحَريقُ يَشِبُّ عودَ مُخَيَّمي!
حينَ اخْتِفاءِ النُّورِ في فُسَحِ السَّماءِ فَلا بِها قَمَرٌ يُرى مَعَ أنْجُمِ!
لا تَسْألَنَّ “فَأيْنَ أجْرامُ السَّماءِ” فَهُمْ مَضَوْا بِمُهَنَّدٍ مِنْ مِخْذَمِ
أمَّا الذي أرْدى الأسودَ صَريعَةً
قَمَرًا بَقى مُلْقًى بِشَطِّ العَلْقَمي!
بِمَساءِ عاشِرِ، وَالنِّساءُ وَراءَنا،
بِعَويلِها، وَنِثارُها فَيْضُ الدَّمِ!
فَأقولُ في حُزْنٍ: وَمالَكَ وَالزِّفافُ؛ وَكُلُّ أهْلِكَ قَدْ مَضَوْا فَتَعَلَّمِ!
قَدْ أفْجَعَ الإسْلامَ نَزْعُكَ وَانْحَنى
ذاكَ الوُجودُ إلى حُدودِكَ يَنْتَمي
فَارْجِعْ لِأصْلِكَ في الحُسَيْنِ؛ فَجِسْمُهُ
مُذْ أنْ رَحِلْتَ إلى القَنا لَمْ يَبْسُمِ!
فَيُجيبُ ذاكَ الرَّأسُ وَالحُزْنُ اقْتَفى
أثَرًا إلَيْهِ، بِعَبْرَةٍ وَتَألُّمِ
أ أجيءُ لِلْأصْلِ الذي يَعْلو الصَّعيدَ بِجِسْمِهِ المُتَكَسِّرِ المُتَهَشِّمِ؟!
إنِّي أخافُ عَقيلَةً مِنْ هاشِمٍ
تَأتي إلَيَّ وَفي الأضالِعِ تَرْتَمي!
فَتُكَسَّرُ الأضْلاعُ ثانِيَةً بِهِ
وَتُصيبُ قَلْبًا قَد أُصيبَ بِأسْهُمِ!
فَتَموتُ حُزْنًا شيعَتي؛ فَبِقَلْبِها
يَبْكي البُكاءُ لِمَقْتَلي وَتَألُّمي
فَأجَبْتُهُ: أ وَما عَرِفْتَ بِأنَّهُمْ
تَحْيا قُلوبُهُمُ بِذاكَ المَأتَمِ؟!
فَدَعِ الضُّلوعَ وَشَأنَها، وَارْجِعْ إلَيْهِ، وَزُرْ ضَريحًا يَحْتَويهِ، وَسَلِّمِ!