أم اليقين
للشاعر / علي عبدالمجيد النمر (الدمام – السعودية)
للوهلةِ الأولى أخالك مصحفا
وعليه سرٌّ بالمهابة صُحّفا
للوهلةِ البكرِ انتضيتُكِ سورةٍ
‹للحمد› و‹الإخلاص› تحترف الوفا
للمستقيل من العثار وفي يدٍ
من كل سنبلة تضيء تشرفا
ضاءت وفي لون اليقين حضارة
لله فيها أن تشير، فيُعرفا
شيء كحنجرة النهار وحاضر
كان البهاء ، وبالحقيقة لُحّفا
هي أول الماضين في النسق الشريف
و(آصفُ) الدين الحنيف تصرّفا
ولها إذا رمشت عيونُ أميرِها
أن يستقرّ الكون ، أن يتكيّفا
أن تنتهي طوعًا لها (بلقيس) في
العرش الممرّد للسؤال تعرُّفا
ولها شمائل كالربيع أنيقة
وعلى خمائلها حديثٌ يقتفى
ولها لسان الورد حتى أنها
لو تحتفي بالماء ، بادر واحتفى
****
أمٌّ كموسم أقحوانٍ ، فرصةٌ
للزهر أن يروي البياضٍ ويغرِفا
ولها من السُّحب الثقالِ مثلثٌ
كانوا على أفق المشيئة حُلّفا
يتسابقون إلى اليباب ليُنصفوا
ظنّا بهم ، والله فيهم أَنصفا
ولها من ‹الفضل› العظيم أبوه إذ
ما جيء في فضل وعاد وما وفا
‹أم البنين› وفي مدارِكِ كوكبٌ
لله كان وللطفوف تألّفا
ركن شديد للحسين وحقّ أن
-لما هوى في الطف- أن تتعنّفا
كانوا شموخ النخل في إيمانهم
فلذا العراقُ بنخلهِ قد عُرّفا
وطنٌ يغذيه احتسابُكِ ..واقفٌ
وله عطاء البذل لن يتوقّفا
وطنٌ كرابعةِ النهارِ يضيءُ في
كل امتداد للمبادئ أحرفا
****
أم البنين .. بل اليقينِ ، وهذه
عن كل منقبةٍ تزاحمها كفى
تأتين في سرب الخلود فراشةً
محشودةً بالطيف ضاء وطيّفا
ومقامة الراجين حين يلوكُهم
فك الزمان وفي يديكِ تلطّفا
كيف ابتدعتِ الضوءَ والظلَّ الذي
ما انفك من سُرج العطاء مشرّفا
كيف ابتدعتِ والفضاء مدجج
بنوى يحاصره الظلام مكثّفا
حتى انتضيتِ الوعي محض رسولة
كانت ببيت الوحي تبدع مَوقِفا
قد كنتِ تعطين الحسين أمومة
وخمار زينب في مداك تلحّفا
قد كنت مائدةً تراد لفكرها
وحقيقةً تأبى بأن تتزيّفا
سيرة ذاتية للشاعر
· مواليد ١٩٨١م.· بكالوريوس لغة عربية.· عضو مؤسس في ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام.· عضو منتدى اليراع بالقطيف.· تُرجم له في الموسوعة الكبرى للشعراء العرب (الدارة المغربية للشعر العربي – الجزء الأول(.· شارك في عدة أمسيات محلية ودولية، وله استضافات في قنوات وإذاعات خليجية.· له ديوان مطبوع بعنوان «رُسُل». |
ملخص تعليق المحكّمين
المعقب : الدكتور علي عبدالنبي فرحان
يكاد هذا النّصّ يضيء ولو لم تمسسه نار. فالنصّ يحتفي بالضوء ليبث إشراقه في النّصّ كلّه.
-
هذا النصّ يفصحُ عن نفسه، ويعلن عن تماسكه في لغة شعريّة جميلةٍ، وإيقاع بحر الكامل الّذي جاء متناغمًا مع هذا النّصّ وغنائيّته وامتداد إيقاعه وإطلاق قافيته.
-
جاء العنوان مؤصِّلا ومكثّفًا لطاقة النّصّ الإيحائيّة؛ فلا يمكنك أنْ تمرّ على النّصّ دون أنْ تقف على العنوان. الّذي أضحى ” خبرًا ” لا يحتاج إلى ابتداء.
-
تقوم فكرة هذا النّصّ على إعلان التّمجيد والتّعظيم للممدوحة الّتي هي ” للوهلة الأولى إخالكِ مصحفًا “؛ وهي الّتي تضيء ” تشرفًا ” وفي ضوؤها لون اليقين الّذي يمثل حضارة ربانيّة خالصة ” ضاءت وفي لون اليقين حضارة لله فيها أن تشير فيعرفا “.
-
يرسم الشاعر بريشته وفاء تلك الشخصيّة الفذّة في شخصها، وفي نتاج وفائها بأولادها الأربعة الّذين هم ” لها من السحب الثقال مثلث ” ولها ” الفضل ” العظيم أبوه ( أي أبو الفضل ) الّذي هو ” ركن شديد للحسين “. هؤلاء الفتية الّذين كانوا شموخ النخل في إيمانهم ” يسير الشّاعر في الكشف عن الممدوحة حتى يسلمنا إلى عمق الوصف الّذي تغدو فيه الممدوحة متمثلة في الوصف كما افتتح بها النّصّ من عتبة عنوانه الّتي هي ( أم البنين بل اليقين ..).
-
تنثال الصورة عند الشّاعر في هذا النّصّ بانسيابيّة في عموم النّصّ جميلة عميق مدهشة. تنبني الصورة بشكل تعاضدي لتلمّ شتات البيان في صورة الممدوحة حتى يصل إلى ذراه ” وطن يفديه احتسابك واقفًا وله عطاء البذل لن يتوقف “…
-
استطاع الشّاعر أنْ يمزج ذاته الشّاعرة بموضوع القصيدة، وربط إحساسه بالتعبير عن فكرته حتّى غدت اللغة والصورة والإيقاع أدوات فاعلة في تشكيل بنية النّصّ الشعري.
-
النّصّ جيّد يؤخذ عليه بعض الاستعمالات الّتي أرى أنّها أضعفت بعض بنائه كلفظة (صحّفا) في البيت الأول، و(شيء) في قوله : “شيء لحنجرة النهار وحاضر كان البهاء وبالحقيقة لحّفا”؛ فلو استبدل بها لفظة أخرى كمجد مثلا أو شمس، ومنه أيضًا قوله مادحًا لأخوة أبي الفضل: يتسابقون إلى اليباب !! هم يتسابقون إلى العلا يا سيدي.