المركز 9: قصيدة (صلاةٌ في محراب) / كريم صبري نعيم الناصري (العراق)

صلاةٌ في مِحراب

للشاعر / كريم صبري الناصري (العراق – الناصرية)

سَنيُّ المُنى جارٍ  وإن فاتَهُ الفتحُ  ‍
ولولا تَوَخِّي حَبَّةٍ عُتمةَ الثَّرى  ‍
وَكَم شامخٍ يُضني النَواظرَ ما لَهُ  ‍
أَجَلْ هذهِ الدُّنيا سَرابُ ذَوِي العَمى  ‍
تَعَلَّقها تيهاً خَناهُم وَأُشرِبُوا  ‍
ولكنَّ في الأفقِ المغيَّبِ أنْجُماً  ‍
وتُسقَى زُعافَ الهَمِّ حافِلةً بِهِ  ‍
وَيَلقَفُ أغراضَ القَداسَةِ طَرفُها  ‍
فلو رَمَقَتْ حِلمَ السَّماءِ بِغَضبَةٍ  ‍
فَتُرخِي أكُفَّاً مِثلَ أجنِحَةِ القَطا  ‍
فَيا لَهْفَ أحداقي على خَيرِ مَعشَرٍ  ‍
تطوِّقُني ذاتُ الطُّفوفِ ولم يَزَل  ‍
فَلَيسَ البُكا إلَّا سِهامٌ بمُقلتي  ‍
أَبيتُ بِهِم في حَسرةٍ تُحرِقُ اللَّظى  ‍

على أنَّني أُسْقَى اللياليَ قِبلةً  ‍
فأنَّى لجَفني رَقدةٌ وصَباحُهُم  ‍
رَأوْا مِن بقايا أمَّةٍ كَفَّ حَظُّها  ‍
على حَسَكِ الرَّمضاءِ باتَ مَحلُّهُم  ‍
عُطاشى بِلا ساقٍ وَهُم أنعُمُ السَّما  ‍
تعاوَرَتِ الأزمانُ أنَّةَ جُرحِهِم  ‍
فلا غَبَطَت صُمُّ الفلا غيرَ صَبرِهِم  ‍
ولا سِيَّما مُلقًى غَزَتهُ مَلائكٌ  ‍
وبي ما بِها أشدو هَواهُ مُصَرِّحاً  ‍
أيا كَوثرَ الباري وخامِسَ خَمسةٍ  ‍
ويا سَيِّدَ الجنَّاتِ إذْ بِكَ تُشتَهى  ‍
فأنتَ الصِّراطُ المُستقيمُ الذي بِهِ  ‍
وأنتَ لَنا الشَّمْسُ التي نستظلُّها  ‍
وأنتَ لنا الحُبُّ العُضالُ الذي سَرَى  ‍
مُنِعتَ مِنَ الدُّنيا مُنِحتَ بقاءَها  ‍
فَلَستَ كإسماعِيلَ صَبراً يَرى الرَّدى  ‍
وإن يَكُ مُوسى عُقدةُ البَوحِ هَمُّهُ  ‍
وما نارُ إبراهيمَ نارَكَ إذ بَغَت  ‍
ولا صَلبُ عِيسى قَبلَ مَنجاةِ رَبِّهِ  ‍
أراها عَلى الجُودِيِّ لَولاكَ ما استَوَت  ‍
أقدِّسُ بَرقاً  في جبينِكَ غائراً  ‍
وجَفناً يعضُّ الدَّمعَ قد عَقَرَ الدُّجى  ‍
غَدَوتَ بِآلٍ كالشُّموسِ وصحبةٍ  ‍
يُسِرُّونَ آناءَ الليالي قيامَهُم  ‍
سفينتُكَ المَنجى ويأباكَ عاثِرٌ  ‍
سيُنفَخُ في صورٍ لِينقلبَ الوَرَى  ‍
فما لِعُتُوِّ النَّافِرينَ سِوَى لَظًى  ‍
لقد زِدتَهُم في النُّصحِ مَنقَصَةً فلا  ‍
لَكَ السَّابحاتُ الغُرُّ داميةَ المَدى  ‍
فكم نَبَحَت سُودُ الخُطوبِ صَهيلَها  ‍
وهل نَقمَ القالونَ إلَّا لِعِلمِهِم  ‍
بِمدحِكَ حَمدٌ للإلهِ وقُربةٌ  ‍
ويا مُصْحَفاً أعيى نُهًى مُتَشابِهاً  ‍
فَما في ذِهابِ النَّفسِ إلَّا مَفازةٌ  ‍
أقولُ ِلِمَن لم يَتَّخِذكَ وجودَهُ  ‍
فَحُجَّ حُسَيناً صُمْ حُسَيناً وصَلِّهِ  ‍

  وما اللَّيلُ إلَّا جِنَّةٌ لُبُّها الصُّبحُ
لَمَا اصطَفَّ جَيشاً في سَنابِلِهِ القَمحُ
مَقاصِدُ إلَّا والجِراحُ لَها سَفحُ
وقد وَهَبُوها ما تَخُطُّ وما تَمحُو
هَوَى عِجلِها  كَأساً فَكَأساً فلمْ يَصْحُوا
ترشُّ أريجَ الضَّوءِ فَهْوَ لها نَفحُ
يُصافِحُ طَعناتِ الدُّجى نُورُها السَّمحُ
لِتَنمُوْ تلالُ الدَّمْعِ حَتَّى عَلا الصَّرْحُ
لَساخَت دُنًى لكِنَّ شِيمَتَها الصَّفحُ
لِتَسخُوْ عُيونٌ كُلَّما مَسَّها القَرْحُ
تَجارى فلا كُمٌّ يَرُدُّ ولا مَسْحُ
على مُلتَقى الذِّكرى يُزَلزِلُني الضَّبحُ
ومِن لَجَبِ التَّذكارِ في أضلعي رُمْحُ
خصيمَ الكَرى والنَّومِ ما طابَ لي صلْحُ
إذا ما دَنا مِحرابُها شَطرَها أنْحُو
سَحيمٌ كَجُبِّ اللَّيلِ ليسَ لهُ فَسْحُ
مثالِبَ لَو قُصَّت لَهُ ذَمَّها القُبحُ
فلِلرَّملِ ذَرٌّ والهَجيرُ لَهُ لَفْحُ
على النَّاسِ والدُّنيا نَدَى يَدِهِم سَحُّ
إذا ما شكا رَدْحٌ قَضى بِهِمُ رَدْحُ
ولا جالَ في ذِهْنِ الفَضائلِ ما ضَحُّوا
بِرَمضائهِ تتلو فَطالَ بِها السَّبْحُ
فما زادني راضٍ  ولا صَدَّ مَن يَلحُو
عَلَوا قبلَ أن يُعليْ السَّماءَ وأن يَدحو
وَكَيفَ يَحِلُّ الزَّادُ لَو حَرُمَ المِلحُ
نَفِرُّ خِفافاً والجحيمُ لها جَمحُ
فبَهجَتُها حِلٌّ ومأمَنُها نَزْحُ
فيا سَعدَنا مَرضى وَضَيعَةَ مَن صَحُّوا
فيا خيرَ مَن صَلَّى لَهُ المَنعُ والمَنحُ
ولكِنْ شَغوفٌ يُستَطابُ لَهُ الذَّبحُ
فألواحُكَ اللُّجُّ الذي ما لَهُ شُحُّ
إلى كُلِّ ثَوبٍ مِن ذَويكَ لها جَنحُ
كدامٍ ثلاثاً لا يَنامُ لَهُ جُرحُ
وَلا جازَ نُوحٌ والخِضَمُّ لَهُ طَفحُ

غَزيرَ حياءٍ فالدِّماءُ لَهُ نَضحُ
فليس أمامَ الشَّامتينَ لَهُ سَفحُ
خِيارَ السَّما كانوا وكانَ لها النَّقْحُ
وبالذكرِ أطرافَ النهارِ لهم صَدْحُ
ألمَّ بِهِ قَعْرٌ وأنْكَرَهُ سَطْحُ
إذا ما تَجَلَّى الجِدُّ وانحَسَرَ المَزحُ
إذا عزَّ في دنياهمُ اللَّجْمُ والكَبْحُ
أرى يَنفَعُ المَوتى الهِدايَةُ والنُّصحُ
على أبجَدِيَّاتِ الدُّهورِ لَها نَدْحُ
فكانَ لُهاثُ البؤسِ  ما كَسَبَ النَّبحُ
بأنَّ عَطاءاتِ الحُسَينِ بِهِم قَدحُ
أيا نِعمَةً فيها استَوَى الحَمدُ والمَدحُ
ويا مُحكَماً ما شَفَّ أفئِدَةً شَرْحُ
بِدَربِكَ نَمضي فالفناءُ بِه ِربحُ
كفاكَ غِياباً فالمُقامُ كَما اللَّمحُ
بِغَيرِ حُسَينٍ لَيسَ يَنفَعُكَ الكَدحُ


سيرة ذاتية للشاعر

 

–         مواليد الناصرية، العراق، عام 1968.

–         بكلوريوس لغة عربية.

–         له مجموعتان شعريّتان ( مسافرٌ في غياهب الظنون ) و ( قِطاف القوافي).