المركز 10: قصيدة (الحسينُ مشيراً على الله) / حيدر خشان الجابري (العراق)

الحُسَيْنُ مُشيراً على الله

حيدر خشان الجابري (العراق – الناصرية)

 

تُلَوِّحُ للسّحابِ بأُمنياتٍ  ‍
وَصَوْتٌ مِثْلَ حدِّ السَّيفِ حِيناً  ‍
وصامِتُ فطنةٍ ، صَمْتَ المُبالي  ‍
وصاحٍ، والحُشودُ بلا دُعاةٍ  ‍
يُوشِّحُها الخُمولُ ، كما شُجاعٌ  ‍
إذا ما الأُمةُ الخَرْساءُ قالتْ  ‍
ويُعْلِنُها الصَّباحُ دِيارَ شَمْسٍ  ‍
إلى أمْرٍ خُلِقْتَ لهُ عزيزٍ  ‍
وما تاهتْ بهِ الطُّرقاتُ حتَّى  ‍
وكانَ صَراحةً تُؤذي المُداجي  ‍
وكانَ فُتُوَّةً،وَجَدَتْ مَداها  ‍
أشاحَ الـمُبْلِسُونَ لهُ وُجوهاً  ‍
وألقى رغمَ شُحِّ الحرفِ حرفاً  ‍
وإنَّ فَسِيلةً في حُضْنِ أرْضٍ  ‍
كذاكَ الخَيْرُ،لا ما تدَّعيهِ  ‍
بِيَوْمٍ ذَلَّتِ التَّلَعَاتُ حَتَّى  ‍
وأُرْغِمَتِ الأُنُوْفُ عَلى خُضُوعٍ  ‍
وشاءتْ قُدْرَةُ الأقْدارِ فِيهِ  ‍
وشاءتْهُ البُطولةُ،إذْ فَتاها  ‍
وما كَبُرَتْ على جَلَدِ الليالي  ‍
لِيَسْقِيَها بــــــِكُلِّ دَمٍ مُراقٍ  ‍
وما وجَدَتْ -على خَطْبٍ عَظيمٍ-  ‍
خطابةُ ثائرٍ كأبيهِ دَوْماً  ‍
فَصُلْتَ وإنَّكَ العَلَويُّ فيهمْ  ‍
وأظْهَرَ عِنْدَ كَظْمِ الغَيْظِ غَيْظاً  ‍
وإنْ يَصْمُتْ يَكُنْ حِلْماً وعِزّاً  ‍
ولَمْ تَتْرُكْ لـِمُعْتَذِرٍ بِعُذْرٍ  ‍
وغَيْرُك باذِلٌ مالاً وجاهاً  ‍
ونِمْتَ بِمَلْءِ جَفْنِكِ عَنْ عِداها  ‍
وَتَبْكيهِمْ وَهُمْ حَجَرٌ أصَمٌّ  ‍
وأعجَبُ،مَنْ يُحَرِّرُهُمْ،فآلُوا  ‍
ومَنْ كُتِبَ الكِتابُ لهُمْ أضاعُوا  ‍
لَهُ في “ماوراءَ الطَّفِ” طَفٌّ  ‍
ويُنْحَتُ رأسُهُ النَّبَويُّ رَسْماً  ‍
أتُسْبى بِنْتُ مَنْ ستَرَ الأعادي؟  ‍
سَقَاهُمْ مِنْ مَناهلِهِ فَشَحَّوا  ‍
أراهُمْ خِلْقةً في السُّوحِ مِنْهُ  ‍
تفرَّقتِ الرُّؤوسُ وهِيْ حُشُوْدٌ  ‍
عَفُوٌّ حَدَّ أنْ يَبْكي عليهِمْ  ‍
تُفَتَّحُ في حَدائقِهِ وُرُوْدٌ  ‍
فَمَا ضاقتْ بِساحِ الفِكْرِ رُؤياً  ‍
فيا ابْنَ الأكْرَمِيْنَ وإنَّ صَوْتاً  ‍
سَلامٌ يَوْمَ ما غَرَسَتْ يَمِيْنٌ  ‍
وما غايُ القَصيدِ الثُّكْلِ مَدْحاً  ‍
  وتَبْذُلُ في مُحيَّاهُ النَّهارا
وحِيناً كانَ سيْفاً لا يُجارى
لِيَحْفِلَ بالتَّوَقُّدِ كي يُثارا
وما انْمَازَ الصُّحاةُ ولا السُّكارى !
ينامُ على تَوَثُّبِهِ اضْطِرارا  !
تَعِزُّ بِمَجْدِ ما فَقَدَتْهُ عارا
إذا لَيْلُ الطُّغاةِ سبى الدِّيارا
لَعَمْري كُنْتَ تُلْبِسُهُمْ وَقَارا
لَيسلُكُها بأصْعَبِها اخْتيارا
وكانَ سَماحةً تُؤوي الحَيارى
لِكُلِّ مَسالِكِ الدِّيْنِ ابْتِكارا
فردَّ بأنْ أقالَهُمُ العِثَارا
لِيغْرِسَ أنهُراً بِفَمِ الصَّحارى
لَتَرْجو بَعْدَ أنْ تُسقى اشْتِجارا !
يَدٌ شَلَّاءُ لا تَهَبُ البِذارا
أسالتْ ماءَها الفِضِّيَّ نارا
رَأتْ في عَيْشِ أشْرَفِها احْتِضارا
تُرينا مِنْهُ لِلحَقِّ انْتِصارا
لَيقصُرُ عُمْرُهُ الفَذُّ اخْتِصارا
فَلَيْسَتْ مِثْلَما كَبُرَتْ صَغارا !
كما سقتِ الـــــ”مُسَخَّرةُ” القِفارا
لَهُ الدُّنيا عَنِ الخَطْبِ ازْوِرارا
وصارِمُهُ سَيَلْقَفُ إذْ يُمارى
ودُونَكَ يَدَّعُونَ لَهُ انْحِدارا
أثارَ بِهِ الـمَناحِرَ لا الغُبارا
وإنْ ينْطقْ يَكُنْ ثَبْتاً قَرارا
-وأنْتَ الباذِلُ الأتْقى- خَيارا
فما نالَ الخُلُودَ ولا الفَخارا
وَكابَدَ آخَرونَ بِها السُّهارا
وقَدْ جُرُّوا إلى الحَرْبِ اغْتِرارا
-بِقيْدٍ مِنْ صنائعِهِم- أُسارى !
حُقوقَ مُؤلِّفٍ رحَلَ اصْطِبارا
بَكَتْ مِنْ هَوْلِ مِحْنتِهِ النَّصارى
إذا هَتَفَتْ بهِ للعِزِّ دارا
إذا ما في بَطائِحِهمْ أغارا
طَوى عَمَّا بأيْديهِمْ وسارا
رَأوْا خَيْرَ الثَّباتِ لها الفِرارا
لِيأخُذَ مِنْهمُ الـمَوْتُ اعْتِبارا
شَديْدٌ غَيْرَ مَنْ إنْ شَدَّ جارا !
وتلْمَسُ في تَنَوُّعِها انْبِهارا
“إذا ما الرَّأيُ مَعْ رَأْيٍ تبارى”
أصِيلاً،لَيْسَ نَأْلَفُهُ مُعارا !
لِتُفْرِعَ في ضَميرِهِمُ اخْضِرارا
ولكنْ كانَ يَلْتَمِسُ اعْتذارا

سيرة ذاتية للشاعر

·   مواليد الناصرية (العراق)، عام 1989.

·   بكالوريوس هندسة + بكالوريوس آداب.

·   عضو اتّحاد الأُدباء والكُتّاب في العراق.

·   له مجموعتان شعريتان: ما آمن الطين، ما وراء السّنبلة.

·   عضو نقابة الصحفيّين العراقيين، ونقابة المهندسين العراقيّين.