وجدتُ هذه القصيدة تحت وسادتي
موقعةً باسمِ لواء العباس – عليه السلام-.
على وجهِ أرضٍ بعضُ خديهِ كوثرُ
يجرّون ذيلَ التيهِ .. قومٌ تصحَرّوا
كذنبٍ قديمٍ علّقَ الموتُ وجهَهُ
فيلـُقى ضياءٌ شاحبُ اللونِ أغبرُ
وتمتدُّ ما بينَ الفضائينِ نغمةٌ
بساحلِها يرسو صقيعٌ ومجمرُ
وبينهما جمرٌ على قيدِ نفخةٍ
يرومُ انطفاءً والسمواتُ تنظرُ
فشتّان مابين اصفرارٍ وخُضرةٍ
فهاهم كما شاؤوا يبابٌ وبيدرُ
وسربُ عطاشى فوقَ أغصانِ دمعةٍ
تقوسَ جنحُ القلبِ فيهم فكُوِروا
تكفّنُ عينَ الشمسِ أسمالُ لُجةٍ
وأفقٌ بهاماتِ الرماحِ يُدثَرُ
فما حاجةُ الأرضِ التي جفَّ ريقُها
إلى طعمِ ضوءٍ من فم القبحِ يقطرُ؟
إذْ انثالَ بدرٌ طوقَ الطفَّ عزمُهُ
فكانتْ كعينٍ إذْ أبو الفضلِ محْجرُ
وكنتُ نديمَ الزهوِ في بحرِ كفِّهِ
فكلُ بحارِ الكونِ في الكفِّ خُنصرُ
يشقُّ سوافي الريحِ قلبي بخفقةٍ
بها يُستفزُ الرعدُ والريحُ تزأرُ
وكانَ كلغزٍ أرهقَ الجمعَ حلــُهُ
تعالى كطودٍ والسما فيهِ تعثرُ
كصدرِ سفينٍ شقَّ بحرَ جيادِهم
وتوَجَهم رعباً فسيفٌ ومِنحرُ
كصيحةِ ربٍّ رفَّ جنحُ عذابِهِ
فما ذنبهمْ في ناقةٍ سوفَ تُعقَرُ؟
وتستنشقُ الموتَ الزؤامَ صوارماً
رقابٌ بأوحالِ الرؤوس تعثَّرُ
رجالٌ بأقدامٍ تلوكُ فرارَها
فتكبرُ أينٌ والإجاباتُ تصغرُ
ولما أتى للنهرِ صبراً مبللاً
بثُقلِ خيامِ اللهِ والصبرُ أنهرُ
وقامتْ بناتُ الماءِ تُغوي شفاهَهُ
فَدُرْنَ وثغرُ البدرِ قصدٌ ومحورُ
رماهنَّ سجّيلاً من الدمعِ نازفاً
يقيناً , وصوتٌ للإخاءِ يكــبّـرُ
(فيا نفس هوني) أيُّ صوت ٍ مجلجل ٍ
على صَفَحاتِ الدهرِ ما زالَ يــهدرُ
وقامَ بجودٍ يُتقنُ الماءُ كنهَهُ
تقدسَ جودٌ في فمِ الماءِ يمطرُ
ليرويَ قرآناً يزفُّ حروفَهُ
عرائسَ من دمع ٍ إلى اللهِ تُبحرُ
ورتَّلَ معنى البدرِ حشدٌ لأسهمٍ
تشظّتْ ظلاماً والنهاياتُ مصدرُ
تشظّتْ وكانَ الوقتُ يتلو ترقباً
وأنفاسُهُ في غيهبِ الطفِّ تُـقبرُ
فخُضّبَ بدرٌ واستدارَ خسوفُهُ
ونامَ بحضنِ الجودِ نابٌ واظفرُ
ومن جوهرِ الكفينِ سالتْ مواجعٌ
جداول إيثارٍ على الجرفِ تُبذَرُ
وأما أنا لمْ تلثمْ الأرضُ هامتي
فقدْ شاءَ ربُّ الأرضِ لي لا أُعفّرُ
على القبةِ الصفراءِ مازلتُ صادحاً
بعنصرِ تكويني شموخٌ يُزمجرُ
وما زلت ُ لا أُطوى إن مرَّ عاصفٌ
ورايات ُ كلِّ الخلقِ تطوى وتنشر ُ
وأطلبُ وتراً كلَّ طفٍ يمرُّ بي
فيا قائماً بالأمرِ أيان تظهرُ؟