(شاعر الحسين) يحتفي بالشاعر والخطيب الحسيني الملا عباس آل شهاب:
من التجارة إلى “الفائزيات” .. سيرةُ ولعٍ بالحسين

شاعر الحسين – بلاد القديم:
في سياق تكريم كوكبة الشعراء الذين يتصلون بجيل روّاد القصيدة الحسينية الأصيلة، تحتفي مسابقة شاعر الحسين في مهرجانها الختامي لهذا العام (1443 / 2021) بشخصية أدبية وخطابية متميزة، لم يتوقف عطاؤها على مستويَي الخطابة المنبرية والكتابة الشعرية طيلة فترة ناهزت 60 عاماً.
هو شاعرٌ حسينيٌّ شجيّ، تفيض كلمات أدبه بمواجع كربلاء، وتفاصيل رحلة السبي الحزينة، والمصائب الجسام التي وقعت على العترة النبوية الطاهرة.
ينهل معجمه الشعري وعباراته وأساليبه الفنية من الإرث الغنيّ لمدرسة الرثاء البحراني العاشورائي الأصيل، فتنطبع على سطوره أنفاس ملا عطية وابن فايز وابن نصّار وابن سليم والناصري وغيرهم، ممزوجةً بشعرية الرثاة الشهابيين الأفذاذ الذين يعدّ واحداً منهم وفي طليعتهم، حيث البساطة والتلقائية في انتقاء المفردة، وبناء التركيب، وهندسة الصورة، وحيث تستشعر حرارة الإحساس والتدفق العفوي الصادق لسيل جارف من المشاعر الجياشة.
تلوح المفردة الشعرية – خاصةً في قصائده العامية – عفويةً غير متكلفة، متوهجةً بحرارة داخلية وجدانية، أسلوبه يعتنق الوضوح، ومزج السرد بالحوار، وبالوصف، مع تغليفه بذاتيةٍ شفيفة تمتح من ذاكرة مثخنة بجروح عاشوراء الحسين (ع)، ومشحونة بأحزان الطفوف. أما شعره الفصيح فيعكس سمات الشعر الكلاسيكي القديم وبلاغياته الموروثة.
إنه الخطيب والشاعر الحسيني (الملا عباس بن أحمد بن محمد بن شهاب)، الذي وُلِد في قرية الدراز الواقعة شمالي غرب جزيرة البحرين سنة ١٩٤٤م.
دراسته وخطابته:
درس الملا عباس آل شهاب في مدارس البحرين النظامية حتى أكمل الثانوية العامة (القسم الأدبي)، ودأب في سنين صباه على محاولة اكتساب فنون الخطابة وإتقان مهاراتها بنفسه، ساعده على ذلك ما حباه به الله تعالى من ذاكرة قوية وقدرة فائقة على الاستظهار والحفظ إلى درجة أنه كان يسمع الخطيب مرة واحد فيحفظ مجلسه كاملاً.
اختار الشهابي شرف الخطابة الحسينية مع أنه كان مولعاً بالتجارة منذ صغره، وزاول عدة مهن، ومع ذلك كان يقرأ المقدمة في مجلس عائلته إلى بعض الخطباء، ومنهم: ملا علي الشهابي، وملا منصور الشهابي، وملا سعيد العرب، وملا علي العبكري القطيفي، وبعض الخطباء العراقيين، إلى أن استقلّ بالقراءة بنفسه وهو ذو ثمانية عشر ربيعاً. وكان يتميز بقراءة (زفة القاسم) بطريقة بديعة.
شعره :
تميّز الملا عباس آل شهاب بكتابة الشعر بقسميه (الفصيح، والدارج) في مدح ورثاء أهل البيت (ع)، وله ديوان مطبوع هو (نفحات الشهاب .. في رثاء محمد وآله الأطياب) الذي صدر الجزء الأول منه، أما جزؤه الثاني فما زال مخطوطًا.
ينقسم الكتاب إلى 3 أقسام، كل قسم يحمل اسم (نفحة)، ضمّت النفحة الأولى الشعر العربي الفصيح، وجاءت النفحة الثانية من الشعر الشعبي المعروف عند أهل الخليج بالنمط (الفائزي)، أما النفحة الثالثة والأخيرة فتشتمل على (النوحيات).

وكانت أول قصيدة فصيحة له في مدح أمير المؤمنين (ع) بتشجيع من ابن عمه الأستاذ والملا منصور الشهابي، فلنستمع لقصتها كما يرويها الملا عباس بنفسه حيث يقول:
“طلب مني ابن عمي أن أكتب قصيدة في مدح أمير المؤمنين (ع) بالفصحى، فتعذّرت له، ولكنّه أصر عليّ، وقال: “سوف أساعدك”، فكتبتها وقدّم لي بعض النصائح.
والقصيده مطلعها:
لِقِمَّةِ المِجْدِ تَسْمُو هِمَّةُ البَطَلِ
فَاسْتَصْحِبِ الجِدَّ وَاتْرُكْ جَانِبَ الهَزَلِ
وألقيتُها في الحفل ولاقت الاستحسان”.
وله قصائد في تأبين بعض الشخصيات، ومنهم: الشيخ عباس الريّس، والشيخ عبدالمحسن الشهابي، والسيد سعيد شرف الدرازي، وملا عبدالعزيز الشهابي.
وله مؤلفات مخطوطة :
-
الدر المختار من صدف البحار.
-
الدر والمرجان من خضم الميزان.
-
المجالس النضرة في مجالس أيام العشرة.

مختارات من مراثيه الحسينية
( 1 )
ودَّع قبر جده او شال امن المدينة
ابظلمة الليل ابن النبي قوَّض ضعونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
عايف حرم جده اوشال ابليل أظلم
خايف على جوار النبي به ينسفك دم
عنده حرم جده ابو اليمه امعظّم
ما يستوي بالحرم دمه يسفكونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
شال ابحريمه او كل اولاده إصغار وكبار
وقلبه على جوار النبي يتوقّد ابنار
وصارت على محمد اموحشة ذيك لديار
هاجت احزانه اوطلع من خلف الظعينه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
هلّت دموعه يوم ظعن حسين له لاح
جرْ ونّته ومن عظم حزنه اعلى الثرى طاح
اونادى يا سبط المصطفى او خامس الأشباح
محمد يبو السجاد ﭽـيفه تتركونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
عضيدك انا يحسين وياكم اخذوني
من بد أخوتي اشلون وحدي تتركوني
بفراقكم يا بو علي لا تشعبوني
قلبي من الأمراض ذايب تعرفونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ريّض يبو سكنه الضعن ومحمد اخذوه
بديار وحشه اشلون يالوالي تخلّوه
لرض السعادة والشرف يحسين ودوه
من هالسعادة يالولي لا تحرمونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
أمر ابتوقيف الظعينه حسين في الحال
وعوّد إلى عضيده او دمع العين همّال
ضمّه الصدره او قبّله وتعذّر او قال
ردّ المنازل وانصب الماتم علينا
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في سجل وادي كربلا لك اسم ما شوف
ولا جسد لك يظل مرمي برض لطفوف
جر ونّته محمد اوصاح بدمع مذروف
من دونكم إسمي عجب ما يذكرونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
أيام ليه أوصيت بالعركات تدري
او عن هالسعادة اليوم بيَّه قعد حظي
لفراكم باقي العمر بالنوح لقضي
او ودّع عضيدة او رجع بحزانه المدينة
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
( 2 )
ماذا إيهيجك من مصاب اومن رزيه
بعد المصاب اللي جرى في الغاضريه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
جملة مصايبكم يبو صالح فضيعة
لكن مصاب حسين اعظمها فجيعة
ما تنسّى يابن الحسن ذبحة رضيعه
من فوق صدره والسبب قطرة اميه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
امصيبة ابوك حسين هزت كلِّ لكوان
من صابه ذاك السهم خرّ من ظهر لحصان
غارق ابدمه والمهر يمّم الصيوان
المهر عندك ذنشده واسمع حجيَّه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
انشد جواده بالجرى وانشد البتار
عدهم خبر لثنين لمن طاح وشصار
يرمي اوهو حي ابنبل واسهام وحجار
تجري ادمومه اويعتفر فوق الوطيّه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
يمته تمانينا تحوّلها عزيمة
جدّك على راس الرمح علَّوا كريمه
اوبالخيل رضوا جثته اوسلبوا حريمه
عجّل ابراية اوثور يا باقي البقيّه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ياحجّة الله ثور اوخذ ثارات لطفوف
اوثار التي راحت اسيرة ابظهر لعجوف
زعزع الكوفة اوزلزل الشامات بخسوف
عمتك ابها طافت على ظهر المطيّه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ماتنّسى دخلة نساكم بلدة الشام
ووقوفها ابديوان بين الخاص والعام
بحبال مكتوفه حرايركم وليتام
بعد الخدر والصون ودّوها هديه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
عجّل ابولة اوثور يا مذخور للثار
وافنى بني امّيه الجميع اصغار واكبار
وحرّث مرابعهم يبو صالح ولديار
اوطهّر لرض منهم ولا تبقي بقيّه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
( 3 )
جسام بيزفونه جسام بيزفونه
يسباع حربي قوموا جسام بيزفونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بين الجنايز واقف ينخّي جميع ارجاله
ايده ابإيد الجاسم وامدامِعَه هماله
او جر ونّته واتحسر بس من وصل سرداله
اونادى بسور الدولة جسام بيزفونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
هذا ابن اخوك امعرس او عنه بعيده قومه
او عادة يخويه المعرس تحضر جميع اعمومه
وياي قوم انزفه بس عاد من هالنومه
هذا ابن اخوك الغالي لا زمكم اتحضرونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
وياي قوم استنهض هالفتية المذبوحه
اولبسوا يخويه الزينه او ظهروا يخويه الفرحه
او سيروا امام الجاسم او جبروا يخويه جرحه
دون الشبيبه جاسم ما يمكن اتكسرونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
فزع يخويه الدولة او حضروا معي في الزفه
كسر اليتم بنجبره اودمع المصاب إنَّشفه
او من فيض دم درعانك يخضب يخويه كفه
واملبسه في الزفه انبال العدى بنثرونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
سمعت نداه الحورا وجت للولي مذهوله
ماحد بقى يابن امي من عزوته والدولة
من هالندا يا بن امي ذابت قلوب العيله
خف النداء يابن امي رمله ترى مغبونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
عرس الولد ما يمكن وامصرَّعين اعمامه
او ينظر نسا مفجوعه تبكي او تحن قدامه
قلها شسوي الجاسم خلصت جميع ايامه
او مسموم جعدة موصّي في كربلا اتعرسونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
قومي يزينب هيه كل النسا جمعيها
او بنتي العزيزه سكنه يمخدّره زَينيها
ويّا النسا وايتامي هيا نزفه اعليها
او من دم كفيل العيله خضّبت انا كفينه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
رد الخيم امأيس من فتيته واخوانه
العرّيس يبـﭼـي او عمه هدّ المصاب اركانه
طلعت ابدهشه حوله تبـﭼـي او تحن نسوانه
ابونه تزف المعرس هالنسوة المحزونه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
127 شاعراً من 8 دول عربية يتنافسون لنيل لقب (شاعر الحسين) .. والنتائج 8 أكتوبر (تشرين أول)

بلاد القديم – البحرين:
بلغ عدد المشاركين في مسابقة شاعر الحسين في موسمها الثالث عشر (127) شاعراً من الجنسين ينتمون إلى 8 دول عربية، يتبارون هذا العام لنيل لقب (شاعر الحسين) بقصائد من مختلف أنساق الشعر العربي الفصيح، وقد تم إجازة 83% منها من قِبل لجنة الفرز الأوّلي المعنية بالسلامة اللغوية والعروضية.
جاء هذا في تصريح للأستاذ عبدالهادي الصفار رئيس اللجنة المنظمة لمسابقة شاعر الحسين التي ينظمها مأتم أنصار الحق بالبلاد القديم (مملكة البحرين)، الذي كشف أن النتائج النهائية سيتم إشهارها في المهرجان الختامي الذي سينعقد مساء الجمعة (ليلة السبت) بتاريخ 8 أكتوبر / تشرين أول 2021م.
في التفاصيل، أوضح الصفار أن اللجنة قد تلقت 108 قصائد عمودية، و5 قصائد تفعيلة، و8 قصائد نثرية، وقصيدتَين مختلطتَي الإيقاع، إلى جانب عدد من الموشّحات.
فيما توزّعت المشاركات الشعرية جغرافياً على 8 دول عربية، تصدّرتها البحرين بـ(49) نصاً، ثم العراق بـ(39) نصاً، وجاء (20) نصاً من المملكة العربية السعودية، و(15) من لبنان، وقصيدة واحدة (1) لكلٍّ من: الإمارات العربية المتحدة، وسوريا، ومصر، والجزائر.
وأضاف أن 86% من المشاركين هم من الذكور، في مقابل 14% إناث.
وأوضح الصفار أنّ لجنة الفرز الأولي قد قرّرت عدم إجازة (21) قصيدة، فيما تم تحويل القصائد الـ(106) المجازة إلى مرحلة التحكيم الأدبي التي تنهض بها لجنة تتألف من أعضاء أكاديميين ومتخصّصين في النقد الأدبي من البحرين، والعراق، ولبنان.
وتعنى مرحلة الفرز الأولي بغربلة النصوص من حيث سلامتها اللغوية (نحواً وصرفاً وتركيباً)، إضافة إلى الجانب العروضي للقصائد من حيث استقامة الوزن وخلوّ القافية من العيوب. والنصوص التي تجتاز هذه المرحلة يتم ترحيلها إلى مرحلة التحكيم الأدبي التي تركز على تمحيص الجماليات الفنية للنصوص. وتُمنح القصائد في المرحلتين أرقاماً سرية لتحقيق أكبر قدر من الموضوعية والحياد.
يُذكر أن فعاليات مسابقة شاعر الحسين قد انطلقت منذ عام 2008م، وهي متخصصة في أدب عاشوراء الشعري، وتحظى بشعبية جماهيرية واسعة واهتمام نخبوي متميز، ويقوم على تنظيمها مأتم أنصار الحق بالبلاد القديم (مملكة البحرين).
مع إطلاق إصدارها الرثائي (دموع القوافي)

أعلنت اللجنة المنظمة لمسابقة شاعر الحسين التي ينظمها مأتم أنصار الحق بالبلاد القديم (البحرين) عن استمرار فتح أبواب المشاركة أمام الشعراء والشاعرات لخوض غمار منافسات نسختها الثالثة عشرة لغاية 27 أغسطس / آب 2021م، داعيةً إلى إرسال النصوص المشاركة عبر البريد الإلكتروني (alhussain.poet@hotmail.com) مذيلة ببيانات الشاعر ورقم اتصاله.
وكشفت اللجنة عن إصدار ديوان إلكتروني بعنوان (دموع القوافي) بالتزامن مع المهرجان الختامي للمسابقة المقرّر إقامته في 8 أكتوبر / تشرين الأول 2021م، ويوثّق الإصدار عشرات القصائد والنصوص الرثائية التي كُتِبت في الفقيد الراحل ومؤسّس المسابقة الشاعر غازي الحداد.
وتمنح المسابقة المتأهلين الخمسة الأوائل جوائز مالية تبدأ بـ (1500) دولار أميركي، فيما يحصد الخمسة الآخرون جوائز عينية قيّمة، إلى جانب جائزة (شاعر الجمهور) الذي يصوّت عليه جمهور المسابقة.
يُذكر أن فعاليات مسابقة شاعر الحسين قد انطلقت منذ عام 2008م، وهي تحظى بمشاركةً جماهيريةً واسعةً واهتماماً نخبوياً متميزاً.
إعلان

تمديد مهلة تلقي النصوص
نزولاً على رغبة عدد كبير من الشعراء، ونظراً للتزامن مع عشرة المحرم، تقرَّر تمديد مهلة تلقي النصوص المشاركة في مسابقة شاعر الحسين (ع) الثالثة عشرة أسبوعاً إضافياً بحيث تنتهي في ٢٧ أغسطس / آب ٢٠٢١.
* اللجنة المنظمة لمسابقة شاعر الحسين *

تعلن اللجنة المنظمة لمسابقة
شاعر الحسين
عن تأجيل إطلاق النسخة الثالثة عشرة من المسابقة إلى العام القادم (1443 هـ) بمشيئة الله تعالى؛ وذلك نظراً لتعذر إقامة المهرجان السنوي بالشكل اللائق في ظل الإجراءات الاحترازية جراء جائحة كورونا (كوفيد 19)
سائلين الله العزيز القدير أن يمنّ على الجميع بالصحة والعافية
إنه سميع مجيب
اللجنة المنظمة
قِــيامَـةٌ هَاربَـــةٌ إلى الظّـــلِ
سيد أحمد هاشم العلوي
(السنابس – البحرين)
هَــذِهِ الجِداريَّةُ تُــوَثّــقُ أوَّلَ خُطوةٍ نــقَــشَها الحُسَينُ على ( صِراطِهِ المُستـقِـيم )، حينَ سَارَ بالرَكبِ والقيامَةُ تتعقَّبهُ رُمحاً رُمحاً ، حتى وَصَل إِلى كرْبَلاءَ … حيثُ ظِلُّ الله.
لَمْ يَكْترِثْ لِلمَوتِ
شَدَّ غِيابَهُ …
ومَضى يُخرّقُ باليَــقينِ ثِــيَابَهُ
أرْخَى حَقائِبَهُ
الجَريحَةَ فوْقَ نهرٍ ،
ثمَّ ذاقَ مِنَ الجِراحِ شَــرَابَهُ
( لمْ
يدْرِ أينَ يُنِــيخُ )1
قلباً مُرهقاً
فعَلى سُيوفِ الهَمِّ حَطَّ (رِكابَهُ)
هَـوَ
مُذْ تلبَّسَهُ الرّحيلُ خَريطَةً مَنْـــفيّةً
والموتُ يَطرُقُ بَابَهُ ..!
مَا مرّ بالصَلصَالِ
إلا خُطوتينِ
وقَطرَتينِ
مِنَ النّــدَى فأذابَهُ
ومَشى
لِيُسرِجَ في عُيونِ اللـيْلِ قُرآناً
يُــقطّرُ في المَدَى أهْدَابَهُ
ويَخُطَّ لِلشهَـدَاءِ
ضَوءًا بَرْزخيًّا
يا لقلبٍ يَحتوِي أصْحابَهُ
الخُطوةُ الأوْلى ..
يمُدُّ اللهُ فيهَا ظِلَّهُ
يُزجِي إليهِ سَحَابَـــهُ
الخُطوَةُ الأوْلى ..
تخَضّرَ تَحْتها خَدُّ السَّماءِ
فأوْرقَتْ أعْشابَهُ
يَا كَمْ
أرَاقَ على رَصِيفِ الحُزنِ حُزناً آخَراً،
ورَمَى عَليهِ (كِتابَهُ)
الرَّملُ يَـشْربُ مُـقْـلتيهِ
ومَا بَكَى إلّا لِيَغْسِلَ بالدُّمُوعِ عِتابَهُ
فهُوَ المسَافة بينَ (رُوحٍ) لا تطِيرُ
وبينَ (ريحٍ) أطْلقتْ أسْرَابَهُ
ومَضَى
يُثــقّـفُ في (الصِفاحِ)2 خُيولَهُ ،،
ويُــقِــيمُ في كَفِّ القَضَا أقْتــَـــابَهُ
مَنْ أنتَ قالَ؟
-أنَا (فرَزْدقُهُ)
الْذي طَحَنَ القصيدَةَ واشتَهَى أَسْبابَهُ
وَأنَا (اخْتلاجَةُ طَائرٍ)3
سَقطتْ عَلى رمْلِ الطفُوفِ
وأنشدَتْ(سَـيّابَهُ)
ومَشى مَسَافةَ شمْعتينِ
إلى (زَرودَ)4
يُضيءُ للمَسْرى البَعيدِ شِهَابَهُ ،،
حَيثُ الصَّهيلُ
يَـفرُّ مِنْ سِجنِ الخُيولِ العَادِياتِ
ذهَابَهُ
وإيابَه ُ
ويُجَعْجِعُ العَطشى
ويسْرقُ خَوفَهمْ مِن هودَجٍ
سَدَلَ العَـفافُ حِجابَهُ
ينسلُّ مِن جلبَابِهِ
(وحيٌ) عِصامِيٌّ
يُورّثُ ” لاءَهُ ” أصْلابَهُ
حَتى إذا ..
عَمِيتْ عُيونُ النَّهرِ
أبْصَرها
وألقى فِي المَدَى جِلبابَهُ !
الوقتُ
دقَّتْ فيهِ لحْظةُ (يَا حُسينُ)
كأنّه وجْهٌ يُذلُّ صِعابَهُ
الوقتُ
يَرصِدُ طِفلةً حُرقتْ عباءَتُها
فلمّتْ (خوفَها وسَرابَهُ)
يَمْشي كَأَنْ ..
لا شيْءَ يُوقِفُ نزفَهُ
إلّا رَصَاص الخالدينَ أصابَهُ
هُوَ
حينَ صفَّــفَ وردَهُ
فكأنَّهُ جيشٌ مِن النسرينِ مَدَّ رِقابَهُ
عرَّيتَ أسْئلةَ الزمَانِ
نزفْتَ ورداً مِن ثــــقوبِ النَّايِ
كُنتَ خِضابَهُ
ولذاكَ
حينَ بقيتَ
تحْفرُ في الزمَانِ الكَهلِ
صُرْتَ مَدى الزمَانِ شبَابَهُ ..!
سَلبوا وشاحَكَ
مِنْ يدِ المَلكوتِ
يَا سِفراً يُغطّي في العَرَا سُلّابَهُ
نكسُوكَ
فانقلبَ الوُجودُ
وضَجَّت الأوْراقُ !!
وابتلعَ الجَفافُ رُضابَهُ !
نكسُوكَ
فارتجفَت جهنَّمُ ..
يَا حبيبَ اللهِ إنَّ اللهَ صَبَّ عَذابَهُ !
للعَائدينَ
بِلا طَريقٍ
حينَ شمّوا فِي تُرابِ العَاشقينَ تُرابَهُ
للسَّائلينَ
مَن الذي سَألَ الفُراتَ عَن الفراتِ
ولا حَمَامَ أجابَهُ ؟؟
للعَابرينَ
معَ (الهَداهِدِ) خَيمةً
(بلقِيسُ) تَــنْزعُ فِي الخِيامِ حِرابَهُ
يَا ..
أوَّلَ الآتينَ مِن حُزنِ العِراقِ
حَمَامَةً نقشَتْ عليهِ قِبَابَهُ
خُذني كأيِّ حَصِيرةٍ مَمْزوقةٍ
العُمرُ يغْرزُ في ضُلوعِي نَــــابَهُ
هَا جئْتُ ،،
في (رحْلي صُواعٌ)
مــــن شمُوعِ الطَّــفِّ
أشعَلتْ الدُّموعُ ثِــــقابَهُ
أدريْكَ تعْرفُني ،
خَطايا حِنطتي ،
مَلِكٌ يجُرٌّ إلى الفقيرِ جِرابَهُ !
-هَذا أنا ..
-هذي جِراحُك ،
فامْلأ المَعنى جِراحاً
كيْ تُـفــــيضَ قِرابَـــــــهُ
مُذْ
كُنتُ (طِفْلاً)
كُنتَ (ظِلّاً) فِي رُؤايَ ،
أجِيءُ مِن قَــلقي أُعيدُ مُصَابَهُ
يَا مِعْطفَ الشهدَاءِ
ينْـــفضُ كُلَّ جُرحٍ لا يَــعِي
أنَّ الخُلودَ انتابَهُ
مَــرَّتْ قوَافِلُ مِن رمَاحٍ
خرّقتْ جَسَدَ الصَّلاةِ
فمَا رأتْ مِحْرابَهُ
هَربتْ إلى
(الظِّلِّ) القِــيَامَةُ
حِينَ مَــَّر (الرأسُ) مَــقطوعاً
يُشِيعُ خِطَابَهُ!
ويقولُ: يَا موتُ !
استفقْ مِنْ رعْـشةِ السَّكْرى
فقدْ أخَــذَ الدَّعيُّ عِقــَــابَهُ !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1: تضمين من قصيدة للسيد جعفر الحلي.
2: المكان الذي التقى فيه الإمام الحسين بالفرزدق.
3: تضمين من نص (خطاب إلى يزيد) للشاعر بدر شاكر السياب.
4: من المنازل التي نزل بها الإمام الحسين أثناء طريقه إلى كربلاء.
التَّلُّ .. بِوَصْفِهِ (شَاهِد عيَان)
ناصر زين
(السنابس – البحرين)
بينَ يدي اللهِ .. يَقفُ ( التَّلُّ ) شَاهِدًا وشَهِيْدًا يَحكِيْ عَنْ ( سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ ) و) امْرَأَةٍ / نَهْرٍ( شَايَعَتِ القُرْآنَ قَتِيلًا بِحُرُوفٍ خَطَّهَا الوَجَعُ هَوَادِجَ وَدُمُوعًا وَأحلامًا :
لـ(السُنْبُلاتِ الخُضْرِ) حُلْمٌ فَارعُ
وَفَمُ المَشِيئةِ هَوْدَجٌ
وَ(وَدَائِعُ)
للدَّمْعِ مَنْفَى الرَّاحِلينَ ..
وخَيْمَةٌ تَدنُو إِلى نَحرِ الحُسَينِ ..
تُبَايِعُ
وَطَنٌ مِنَ الوَجعِ الفَتِيِّ
وَلَوْنُهُ يَخْبُو
فَيُوقِدُهُ ( القَتِيلُ النَّاصِعُ ) !!
مُذْ كَانَ كَانَتْ ..
– وَالجِهَاتُ غَرِيْبَةٌ –
نَهْرًا يُسَافِرُ فِيْ الهُدَى ..
وَيُشَايِعُ
هَطَلتْ بِغَيْمَاتِ الكِتَابِ ..
فَشَجَّرَتْ طَفَّ القدَاسَةِ،
وَالنُّحوْرُ شَرَائِعُ
فَتَعَانَقَ الشَّجَرُ المُجَزَّرُ
والسَّمَا
وعِنَاقُ كُلِّ الأَنْبِيَاءِ مَوَاجِعُ
سَارَتْ بِأَنْهَارِ الجَلالِ
فَأَوْمَأَتْ للمُتْعَبينَ ..
« أَيا نَوَارِسُ:
سَارِعُوا !! .. »
هَذِيْ الحَقِيقَةُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا للهِ ..
و( الكَفُّ المُقَطَّعُ ) قَارِعُ !
و( الخُنْصُرُ المَبْتُوْرُ ) يَرسمُ وِجْهَةً للنُّوْقِ،
حَيثُ الدَّربُ مَوْتٌ ضَائِعُ
نَقَشَتْ بلَوْنِ المُسْتَحِيلِ
مَلاحِمًا
والجُرحُ فِيْ نَقشِ المَلاحِمِ بَارِعُ !!
جُرْحٌ يُرَتِّلُهُ الحُسَيْنُ بِكَرْبلا
بَعْثًا جَدِيدًا ..
قَدْ سَقَتْهُ مَصَارِعُ
– هَلْ أَنتِ مُعجِزَةُ الخِيَامِ ؟! ..
– نَبِيَّةٌ ؟! ..
– ( لَوْنٌ حِرَائِيٌ ) ؟! ..
– صَبَاحٌ يَانِعُ ؟!
– أَمْ أَنَّكِ ( البَلَدُ الأَمِينُ )
وخَلْفها ارْتَحَلَتْ مَساجدُ حُزنِهَا
وجَوَامِعُ ؟!
– مَنْ أَنْبَأَ الأَشْلاءَ : « حَجٌّ أَكْبَرٌ هَذا .. »
فَسَالَتْ بالجِرَاحِ ( مَنَافِعُ ) ؟!
– مَنْ صَاحَ بالسِّكِّيْنِ: « لا تَتَقَدَّمِيْ .. »
إِنَّ الحُسَينَ مَعَ المَلائكِ
خَاشِعُ ؟!
قَلَّبْتُ أَسْئِلَةَ النَّهَارِ .. !!
وفَجْأَةً وَقفَتْ عَلَى ( تَلِّ السَّمَاءِ ) ..
تُمَانِعُ !!
وَقفَتْ ..
وتَارِيخُ الدِّمَاءِ مُعَبَّأٌ بالغَيْبِ،
والصَّوْتُ المُقَدَّسُ سَاطِعُ :
« اللهُ فِيْ صَدرِ الحُسَينِ مُؤبَّدٌ
لَنْ يُذْبَحَ اللهُ البَصِيْرُ السَّامِعُ » !!
رَكَضَتْ ..
وخَلْفَ الدَّمْعِ يَرْكُضُ حُلْمُهَا
فَتَعَثَّرَتْ ..
والرَّملُ شِلْوٌ هَاجِعُ
لَمْ أَلْتَفِتْ ..
إِلَّا ( يَسُوْعُ ) مُسَارِعٌ فِي ذَبْحِهِ ..
حَيْثُ الحُسينُ يُسَارِعُ !!
وَدُمُوعُ )سَيِّدَةٍ( تَمدُّ برُوحِها نَحْوَ ( المَسِيْحِ ) ..
وَثَمَّ مُهرٌ رَاجِعُ
وبجَفنِ (زَيْنَبَ) تَسْتَرِيحُ مَلامِحُ القَتْلَى ..
فَتَعبُرُ فِيْ السُّؤالِ فَظَائِعُ !! :
-
« أَمُحَمَّدٌ هَذا ..؟! »
فَصَكَّتْ وَجْهَهَا :
-
« .. هَذا (ذَبِيحُ اللهِ) وهوَ يُنَازِعُ !! .. »
وكـ( أُمِّ مُوسَى )
والمَوَاجِعُ وَحْيُها ..
وَرَضِيعُهَا قَدْ غَادَرَتْهُ ( مَرَاضِعُ )
أَلْقَتْ عَلَى كَتِفِ الفُرَاتِ رِسَالَةً
كَتَبتْ: سَيَحملُها الرَّضِيعُ الوَادِعُ !!
وكَأنَّ ( تَابُوتَ السَّكِيْنةِ ) حَامِلٌ وَطَنًا بـ( يَمٍّ) دَاهَمَتهُ طَلائِعُ !
وكَأنَّهُ ( الصِّدِّيقُ )
جَاءَ بِـإِخْوَةٍ
رُدَّتْ إِلَيهِمْ – في الطُفُوْفِ – بَضَائِعُ !
فَدَنَوْتُ ..
حَيْثُ الظَّامِئُونَ،
وَخَيْمَةٌ عَزَفَتْ مُوسِيقَاهَا،
وَلَحْنٌ فَاجِعُ
نَايٌ،
ونِيرَانٌ،
خُيولٌ،
غُربَةٌ،
مَوْتٌ،
صِغَارٌ،
نِسوَةٌ
ومَدَامِعُ
خَطَّتْ بِأَقْلامِ النُّبُوَّةِ مَوْعِدًا ( لِلقَتْلِ )
مُذْ بَرَزَتْ هُنَاكَ ( مَضَاجِعُ )
بِحُرُوْفِهَا الزَّرْقَاءِ تَشْتَعِلُ الرُّؤَى
مَاءً فَمَاءً ..
والإِبَاءُ مَنَابِعُ
تَسْقِيْ الدُّهُورَ ..
تُرَوِّضُ الصَّحْرَاءَ ..
تَحْتَرِفُ العُبُورَ بِجُرْحِهَا ..
وَتُقَارِعُ
وَبِثَغْرِها الكَوْنِيِّ
( طُوْفَانٌ ) مِنَ الكَلِمَاتِ
يَنْمُو سَيْلُهُ المُتَدَافِعُ :
«.. وَلَقَدْ ذَهَبْتَ بِعَارِهَا وشَنَارِهَا.. »
فَتَجَذَّرَتْ – رُغْمَ الخُيُولِ – أَضَالِعُ !!
« لا عَاصِمَ اليَوْمَ .. »
– انْهِمَارُ قِيَامَةٍ –
صَرخَتْ .. !!
ونَحرٌ – كَـ( السَّفِيْنَةِ ) – شَاسِعُ !!
مِنْ لَحظَةِ اللهِ
السَّمَاءُ تَفَجَّرَتْ
وكَأنَّ رَأسَ السِّبْطِ أُفقٌ سَابِعُ !!
لَا الشَّمْسَ تَطْلُعُ ..
وَالرمَاحُ تَكَسَّرَتْ فِي رَأْسِهِ
حَيْثُ الشُّمُوخُ مَطَالِعُ
فَحَفَرْتِ مِنْ كَفِّ الحُسَيْنِ حَضَارَةً أُخْرى
وَإِنْ قُطِعَتْ إِلَيْهِ أَصَابِعُ !!
فَتَقَاطرَ الثُّوَّارُ
حِينَ تَقَاطَرَتْ فِيْ الأَرْضِ ( عَاصِمَةُ الإِلهِ )
تُدَافِعُ
وبِهَوْدَجِ الأَوْطَانِ حَطَّتْ آيَةً
حَمْرَاءَ
رَتَّلَها العِرَاقُ اليَافِعُ :
لَوْلا ( الهَوَادِجُ )
والحُسَينُ
لهُدِّمَتْ بِيَعٌ،
صَلَاةٌ،
مَسْجِدٌ،
وَصَوَامِعُ !!
سادِنٌ في حَضرةِ الغيب
علي حسن المؤلف
(جدحفص – البحرين)
واقفٌ بين يديْ الحسينِ بن عليٍّ عليهما السلام، وقفةً بينَ يديْ اللهِ سبحانه وتعالى، واقفٌ في حضرتِهِ كاتبَ غيبٍ كما كتبةُ الوحيِ فيقولُ عليه السلام: “أكون أول من تنشق الأرض عنه، فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا، ثم لينزلن عليَّ وفد من السماء من عند الله، لم ينزلوا إلى الأرض قط ولينزلن إليَّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجنود من الملائكة”.
وقوفٌ إلَهيٌّ وَبَعثٌ مُزامِنُ
وثمَّ وجودٌ في المَشيئَةِ كامِنُ
تَداخَلَت الأَبعادُ بَعضًا بِبعضِها
طِباقًا طِباقًا
ما هُناكَ تَبايُنُ
وَحلَّت يدُ التَّوقيتِ أَزرارَ ثوبِها
كأنَّ تعرِّي الوقتِ في الوقتِ آمِنُ ..!
كَثيفٌ مَدى الرَّائينَ
مُشتَبِكُ الرُّؤى
وأَمَّا نسيجُ الضَّوءِ رثٌّ وواهِنُ
مَلائِكةٌ سدُّوا فَمَ الشَّمسِ وانبَروا
فُأُطفِئَ مُبْيَضٌّ وأُلهِبَ داكِنُ
أكادُ أَرى قَوسَ الصُّعودِ
ومَوعِدَ التَّجرُّدِ
لَكنَّ السَّرابَ مُداهِنُ
يُرينيَ فألًا لَستُ أَقرأُ بَختَهُ
فما أناْ عرَّافٌ وما أَناْ كاهِنُ
وما أناْ إلا شاعِرٌ
متنبِّئٌ
على فِكرَةِ الخلقِ الجديدِ أُراهِنُ
تخلَّقتُ في نصِّ القصيدَةِ رجعَةً
على مَتنها مِن مَتنها تَتهاتَنُ
هنا حيثُ مِعراجُ المُثولِ
وَمبلَغُ التَّراقي
استعادَ الرُّوحَ من بِكَ آمَنوا
تَجلَّوا وجوديِّينَ مِنْ عَدميَّةٍ
لِتشخَصَ أَجسادٌ
وتَعفى مدافِنُ
تَشقَّقُ عَنكَ الأرضُ أَوَّلَ شَقِّها
ووجهُكَ – يا وجهَ الأُلوهَةِ – فاتِنُ (١)
هِيَ النَّشأةُ الأُخرى
لَويتَ زِمامَها
يَدٌ تُمسكُ الدُّنيا وَأُخرى تُعايِنُ
كَأنَّكَ للِأسماءِ ماحٍ ومثبتٌ
وما لمْ يكُنْ طوعًا لأمرِكَ
كَائِنُ
وقوفًا سماويًّا وقفتَ مُبشِّرًا
تَلي النَّاسَ منْ همُّوا
ولَم يَتهاونوا (٢)
هُناكَ اصطفافٌ للمُريدينَ لائِحٌ
بِهِ لوَّحتْ لِلمحسنينَ المحاسِنُ
تَراءيْتَ محضَ المحضِ
مَرأىً مقدَّسًا
كأنَّكَ ظِلُّ العرشِ في النُّورِ طاعِنُ
لِطِينَتِكَ النُّوريَّةِ انقدتُ عاشِقًا
وَمن قَدمي انْسلَّتْ قرىً وَمدائِنُ
فَأُوجدتُ مَعلولًا
وأُوجدْتَ عِلةً
وَكُنهُكَ مخفيٌّ وَكُنهُيَ بائِنُ
كلانا حوارٌ لا شَفاهٌ تنثُّهُ
إذا قلتُ : ما اسمُ اليومِ ..؟
قلتَ : التَّغابُنُ ..!
هَلْ السَّاعةُ الآنَ : القيامَةُ ..؟
كَمْ إذنْ ..!
سُؤالي رمادِيُّ الملامِحِ آسِنُ
أغصُّ بِهِ كالرِّيحِ غصَّتْ بِأنِّها
فَلا هِيَ تَحدُوهُ ولا هُوَ ظاعِنُ
أناْ الهاجِسُ المشَّاءُ
خلفَ توجُّسي
إذا التَبستْ بالممكناتِ الكوامِنُ
خُطايَ غريباتٌ تَبعثرنَ في السُّرى
لَهنَّ منافٍ ما لَهُنَّ مَواطنُ ..!
عبرتُ صِراطَ الحقِّ
باسمِكَ مُمْسكًا
وما يُيْسِرُ الهُلاَّكُ إلاَّ أُيامنُ
أناْ الهاجِسُ المشَّاءُ
عَينُ تيقُّني
إذا انهمرَتْ لا تستريبُ الأَماكِنُ
أُقدِّسُ دَمعاتي بِحقِّكَ إنْ جَرتْ
فما هُنَّ دمعاتٌ ولَكِن سفائنُ
تمخَّضَ عُمري عَنكَ
مخضَ عَقيدَةٍ
وِإنْ هادنَ العُشَّاقُ ليستْ تُهادِنُ
فمعدنُ ذاتي لا يَلينُ صَلُودُهُ
إذا اختُبرتْ بالمغرياتِ المعادِنُ
مرايًا مِنَ الرِّيحِ المُسوَّمَةِ انتضتْ
سكاكينَها طعنًا
وأنتَ المُطاعَنُ
ولولاكَ مَطعونَ الشَّهادَةِ والهُدى
بِجنحيْ أَذانٍ
لم تَرفَّ المآذِنُ
ظماكَ الَّذي نهرُ الفُراتَ مَدينُهُ
سيذكُرُهُ الظَّامونَ ما دانَ دائِنُ
إذا أدركتْ معناكَ
آفاقُ جُملةٍ
لِما أثبتَ الإدراكُ تُنكرُ لَكِنُ
أَنا خارِجٌ منِّي وإنَّكَ داخِلٌ
وَكلِّيَ مرهونٌ وَكلُّكَ راهِنُ
عَليكَ أُصلَّي عارفًا بِكَ
وافدًا على اللهِ
يُغريني الوجودُ المقارَنُ
لأَنَّكَ في الأَعلى إمامُ كَرامَةٍ
أيا لَيتني في حَضرةِ الغيبِ سادِنُ
———————————————————————————–
١- ذكر الإمام الحسين بن عليٍّ عليهما السلام مخبرًا عن نفسه: أكون أول من تنشق الأرض عنه.
بحار الأنوار للعلامة المجلسي
٢- عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بنُ عليٍّ عليهما السلام.
مختصر بصائر الدرجات للحسن الحلي
صمت خارج النص
علي مكي الشيخ أبوالحسن
(القطيف – السعودية)
صبوا على
قبرِ القصيدةِ أنهرا
وتوارثوا بمجازها..ما يُفترى
فبثقبِ دمعتها..
توارى شاعرٌ
مقدارَ ما نسيَ الكلامَ تذكرا
عن ظلها
الممسوسِ وهو مضمدٌ
جرحًا يرممُ ما نقولُ وما نرى
عن “حافرٍ” تمشي
عليه سنابكٌ
والرملُ في حسكِ القوافلِ أثَرا
عن ظاعنٍ يمشي
و بوصلةُ المدى
تمشي ليومٍ ضاعَ عن أهلِ القُرى..
وبلاغةُ الجرحِ
المؤثثِ..أسَهما
جمعت كنانتُهُ.. الكلامَ مُعَفَرا
كقميصِ أبياتٍ..
ملامح خيمةٍ
شهق انزياحُ الوحي حين تكسرا
ما لاذ بالكلماتِ
ثغرٌ.. فاغرٌ
إلا وصمت الأنبياءِ ..تفطَرا
مَنْ أوجزَ النهرَ
الذي .. بخيامها
إنَ القصيدةَ ..ذنبُها لن يُغْفرا!!؟
إِلاَّ إذا دخل
الحسينُ ..بجيبها
ونعى له “الجمريُّ” ما أبكى الثرى
وقرأتُ
هامشَ سيرةٍ منقوعةٍ
كادَ ارتباكُ الضوءِ يصبحُ معبرا
مستيقظا فِيَّ
المماتُ كدهشةٍ
عجزتْ رياحُ الوهمِ أن تتستَّرا
مُرّوا على
جسد القصيدة وانصتوا
لفراغها واستفرغوها أكثرا
ستحاولُ
الكلماتُ أن تغتابني
قدمُ الحسينِ بكل قافيةٍ سرى
متشردٌ
فِيَّ الكلامُ كطعنةٍ
مازال يوسعها الظلامُ تحسرا
ما طعمُ
لونِ الحزنِ بين خيامه !!
فعلى جفونِ العرش سال وكبَّرا
مابين قوسينِ ..
الدموعُ سلالمٌ
قد وثقتها “العنعناتُ” عنِ السُّرى
نحتتْ سهامُ
الغدرِ بعضَ طقوسها
فوقَ الخيالِ وحين جاءَ تأخّرا
في الطف
كان الماءُ يفركُ جلده
فوق القصائد كي يكون المنبرا
متحيزا
للحزنِ ساعة يُشتهى
عطشا.. كهيْأةِ مَنْ يرى ما لا يرى
رشُّوا على
جسد الحسين قصيدةً
ممسوسةَ الإيقاعِ تصبحُ خنصرا
واستنسخوا
عطشَ الخيام بقربةٍ
زَمَّتْ ألوهتها اللهيب مُحَرَّرا
عن مُحكمِ
الطعنات ما مَسَّ الردى
وجرى بخاتمِ نقشِهِ ما قد جرى!!
متوكئًا
ظلُ المسافةِ ظلَّهُ..
وسماءَ ذاكرةَ المغيبِ تسوَّرا
فوق اشتباكِ
الشكِ يمحو عارَهُ
ذنبٌ برائحةِ الغوايةِ طُهِّرا
وقميصُهُ
بالأنبياء مُزَرَّرٌ..
فلذاكَ “عابسُ” بالجنونِ تَزَرَّرا
يطهو رمادَ
اللازمان شهيقُهُ
وعلى تمائمِ قبرهِ قد بُعْثِرا
عن نسخةٍ
للعرش تشبه ما أرى
قرأتْكَ “عاشوراءُ” سِفْرًا أَحمرا
ردوا على “جَوْنٍ “
زُحاف قصيدةٍ
كي يستقيمَ به العمودُ مُعَفَّرا
مَنْ أَيقظَ
المعنى بفاصلةِ الرَّدى
فالموت أخطأَ والحسينُ تكررا
طعن المماتَ
وَدَسَّ في أضلاعِهِ
طعمَ البلاغةِ والمجازُ استبشرا
وتآكلتْ
كل الرماح فلم تَعُدْ
“خَطِّيةً” ..”فالرأسُ” يبتكرُ الذُّرى
والخيلُ..
مِنْ خببِ العروضِ ..خبيرةٌ
تعدو ولا تعدو وتقفز للورا
والرايةُ انتصرتْ
لأنَّ خيوطها
لعباءةِ الحوراءِ أضحتْ مصدرا
“لمّوا” بأطراف
الخيام خيالكم
وتقاسموا بالإنزياحِ المشعرا
لا تُزْعجوا
قلقَ القصيدةِ ..إنّما
هِيَ والحسينُ كعاشقٍ نسيَ الكرى
معذورةٌ.
إن لم تكونوا مثلها
فلقد “تأنسن” طبعها واستَأثْرا
لن يفهم
الجرحُ الحسينَ ..لوحدهِ
إن لم “يشعْرِنْهُ” الكَلَامُ مُعَبِّرا
وتقاسموا
بللَ اشتهاءٍ “عاشرٍ”
فرغيفُهُ يَهَبُ القَيامةَ محشرا
قولوا
” لِدِعْبِلَ”..و “الكميتِ” قصائدًا
يصطادها الضَوءُ المُشرَّدُ أدهرا
سيظل
جرحُ الشعرِ يَدْعَكُ جفنَهُ
فالجرحَ إن طالت خُطاهُ تحررا