أسئلةٌ في جيبِ الرمل

 

 

 

كُنَّا وكانَ الفجرُ خلف ظلالِي

  متزمَّلاً بشهيَّةِ الترحالِ

فجرٌ تراقِبهُ الحمائِمُ حيث لا
 
  فرقٌ لرأسِ النخلِ و الأنصالِ

فجرٌ يطفِّفهُ المساءُ ولم يَزَل

 

 

يربو ليقهرَ خِدعةَ المكيالِ

يتلمَّسُ الأيَّامَ، ينبِشُ جرحَها

 

  عمَّا تورَّطَ في يدِ الأنسالِ

وترَى غُبارَ الحُلمِ تكنسهُ الرؤى

  عن بعضِ أخيلةٍ و بعضِ جمالِ

وهُناكَ حيثُ العزُّ يجمَعُ شملَهُ

  ويمرُّ فوقَ العابرينَ خِلالِي

وقفَ الجوادُ بأضلعِي فتساءلت

  كُلُّ الحقيقةِ عنهُ فِي أوصالِي

ما اسمُ النصيبِ وهل لهُ ثانٍ يُقا

  سِمُ ما ارتمَى في القلبِ من أحمالِي؟

فأكادُ من فرْطِ التوجِّسِ ألتظي

  متكربلاً من شهقةِ الآجالِ

تمتدُّ بِي لغةٌ تُجعجعُ بِي هنا

  كَ على الصعيدِ بنبرتِي و خيالِي

يختلُّ سقفُ الكونِ مِن ميزانِها

  ويظلُّ متَّزِناً على مِثقالِي

وأعيذُ أيَّامِي بصحوِ غُدوِّها

  ممَّا تجذَّر فِي كرَى الآصالِ

 

حيثُ العراقُ تفرَّدَت بالسوسنا

  تِ المنهكاتِ الذابلاتِ قِبالِي

وتزيَّنت بالموتِ، إنَّ الموتَ خطُّ

  قلادةٍ في جيدِها المنثالِ

رسمَت بكفِّ المُبدعِينَ صمودَها

  وتمايزت مِن نصرِها المتتالِي

حيثُ الردَى قد شاقَهُ الطوفانُ يُغـ

  ـرقُ ما انبرى فِي سيلهِ المتعالِي

ما انجالَ فِي سُوحِ الكرامةِ موعدٌ

  إلاَّ تزيَّنَ بالدمِ السَلسالِ

وكأنَّمَّا أُطرُ المسافةِ لم تضِق

  حينَ استفاقَت غفوةُ الإقبالِ

وكأنَّما شطُّ الفراتِ مجَدِّفٌ

  نحوَ الحُسينِ بهيبةٍ و جلالِ

فأمِيطُ عن وجهِ القفارِ لِثامهُ

  ويضجُّ فِي جيبِ الرِمالِ سؤالي:

هل تستحِمُّ الشمسُ؟ هَل يتعطَّرُ الر

  ملُ المسافرُ فِي القميصِ البالِي؟

هل ينحنِي جذعُ السماءِ ليلقفَ الضـ

  ـوءَ الُمراقَ بصهوةِ الخَيَّالِ؟

مَاذا سيهرُبُ مِن دِنانِ العلقميِّ

  إذا انتشَى بالدمعِ ثغرُ خَيالِي؟

أنا كُنتُ حَولَ مساربِ الأحلامِ أحـ

  ـصي العِزَّ فوقَ مطامحِ الأجيالِ

ورأيتُهُ يهَبُ الرِمَالَ نوارِساً

  طارت تُعانِقُ بسمَة الشلاَّلِ

فرداً يقُصُّ على مسامعِ دهرِنا

  قصصَ الفِداءِ و نهضَةَ الإجلالِ

عارٍ مِنَ الأحلامِ وهوَ يخِيطُها

  للفجرِ مِن يدِ خِلَّةٍ و دَلالِ

مازالَ يعجُنُ فِي الترابِ إباءَهُ

  بالحُبِّ شكَّلَ عِزَّةَ الصلصالِ

لوسادةٍ فِي الرملِ هَرَّبَ جُرحَهُ

  متقلِّباً فِي سجدَةِ الأبطالِ

فتكادُ من غيظٍ تمِيزُ مواجِعاً

  كَم مِن حُسامٍ كافِرٍ و نِبالِ

اللهُ من حُرٍّ تناسلَ عزمهُ

  متمرِّداً فِي عُقدَةِ الأغلالِ

اللهُ من قلبٍ تثلَّثَ عَطفهُ

  فزهَا أريجُ الحبِّ بالأوصالِ

جرحٌ يُسافرُ في السماءِ نزِيفُهُ

  متسلَّقاً من سلَّمِ الآمالِ

مازال يفتحُ للسنينِ نوافذاً

  بالعطفِ تحرِجُ قسوةَ الأقفالِ

 

 

إسراء

أسبِغ وضوءَ الضوءِ فِي مسراكَ و افتَحه إسراءً لِكَي ألقاكَ فأقُول: سبحان الذي أسرى الجوى و تقول: سبحان الذي أسراكَ مُتَجبرلٍ قد عُدتُ في أحقابِها و وقِفتُ اذ جِبريل قد ناغاكَ و رأيتُ طَه ساجِدًا في مَسجِدٍ فيطيل تحتكَ سجدةً ترعاكَ و رأيتهُ للنَحرِ أضحَى لاثِمًا و رأيته تحت الكِسا ضمّاكَ قل لِي بربّك، أين استارَ الكسا في يومِ سلبِهُم لِما غطّاكَ؟ قل لي أما راعوا لثغرِ رسولهِم من موضعِ الحَزِّ الذي أضناكَ؟ قل لّي وجبريلُ الامين اما أتَى و بخرقة الفردوسِ ما لفّاك ؟ قل لي فقد طالت عليَّ مسائِلي وأعد بِعرقي ضخُ عِرق دماك ضمِّخ بضوئِكَ غُرَّتِي فأعود لـ الفسطاطِ إذ كُلُ الذي يهواكَ فيهيمُ من يهواكَ في بيدا الهَوى شُعثًا وقد صارَ الهوى بَيداكَ عُوفِيُّهم دمعُ النواظِرِ إذ عمَت و القلبُ جابرُ قاصدًا إياكَ فَغَدوت مِغناطيسه فتحادَرَت تلكَ القلوب على مجال قِواكَ يبكونَ روحًا في الحنايا خُلِّدتَ و الخلدُ ها قد صار طوع بكاكَ خُذنِي بلالاً رافعًا صَوتي شجًا كم مِن بلالٍ سيِّدي ينعاكَ ؟ فأُقيمُ: ‘ قد قامَت نواعِي كربلا ‘ و بسورةِ الجزع الجوى يقراكَ يا عالمًا في الأرضِ قَد فَتَح السما سبحانَ رب العَرشِ إذ سواكَ يا مُسبِلَ الاضواء أسبِل لي هُدًا أحتاجُ يا سرَّ الهُداةِ هُداكَ

يا حُرقَة الأبدِ التي ما أُطفِئَت سَرمِد معين الدَمعِ في ذكراكَ سَرمِد عذابات التكوُّنِ في النُوى لتقيم ذراتُ الولاءِ عزاكَ

مُذ كُنتُ في دارِ الاجنّةِ أيّنعت أغصانُ تلبيتي لحين نِداكَ و رضعتُ مِن جَزعِ القلوبِ وقد نما لحمي على جزعي فَذا في ذاكَ أبصرتُكَ الحُسنى بحُسن محاسنٍ انت الحسين فطابَ من سماك يا مُلهِمًا أمِّي ورافِعَ والدِي فيهيمُ كلٌ مِنهُما بِسُراكَ وكفى اذا ما قيلَ لي بين الورى ان الحسين هو الذي رباكَ انا قد وَجدتُكَ مُنتهايَ بسدرتي ما إن وعاكَ تَفهُّمِي حيّاكَ بلل ضميري إذ تحدّرَ ظاميًا يرنو بيومِ الحشرِ من سُقياكَ خُذنِي أسيرًا لا أرى حُريّتِي إلا إذا اصبحتُ من أسراكَ و امسَح بكفٍ قطعُها ما عابَها رأسِي و خُذه في الرؤوس فداكَ أنا لو كُشفتَ أيا حسين لناظري ما زِدتُ في تيهِ الهوى ادراكا

~ قَابَ فَنَاءٍ أو أَدْنَى ~

ذَرْنِي لِأَفْنَى فِي هَوَاكَ فَأُخْلَقُ
وانْفَخْ بِرُوحِيَ مِنْ سَنَاكَ فَأُشْرِقُ

هَا طِيْنَتِي مِطْوَاعَةٌ فَاعْجُنْ بِِهَا
مِنْ فَاضِلِ الطّينِ الّذِي يَتَأَلّقُ

وارْوِي بِمَاءِ الحُبّ قَفْرَ جَوَانِحِي
ودَعِ الحَيَاةَ بِخَافِقِي تَتَدَفّقُ

مَا كُنْتُ إلّا جُثّةً تَمْشِي عَلَى
قَدَمَيْنِ والأَهْوَاءُ حَوْلِيَ تَنْعَقُ

مُسْتَغْرِقٌ فِي ذَاتِيَ العَمْيَاء
يَحْصُرُنِي بِفَكّيْهِ السّوَادُ المُطْبَقُ

كُلّ الجِهَاتِ تَعُقّنِي وأَنَا بِهَا
أَكْبُو عَلَى تِيهِي وَحِيْنًا أَزْلِقُُ

مُتَوَرّطٌ بِتَخَبّطِي وهَواجِسي
حَيْرَى بِقَبْضَتِها سُؤَالٌ يَطْرُقُ

أَيْنَ السّبِيلُ ؟؟ وإِذْ بِمِصْباح الهُدَى
يَحْنُو عَلَى قَلْبِي الغَوَيّ ويُشْفِقُُ

ومَدَدتَ لِي حَبْلاً مِنَ الضّوءِ ادّلَى
مِنْ كَرْبَلا فَوَجَدْتُنِي أَتَسَلّقُ

أَطْوِي مَرَاقِي الْغَيْبِ مَدّ بَصِيْرَتِي
والمَاوَرَاءُ سِتَارَةٌ تَتَمَزّقُ

لِأَرَى ومَابَرِحَ الذّهُولُ يَهُزّنِي
كُلّي عُيُونٌ فِي الطّفُوفِ تُحَدّقُ

كَيْفَ افْتَرَعْتَ المَدّ طُوفَانًا أَتَى
جَسَدَ المِيَاهِ وفي القَوادِمِ زَوْرَقُ

فَاسْتَيْقَظَ المَوْجُ الكَسُولُ لِثَوْرَةٍ
عذْرَاءَ أَشْعَلَهَا الجُمُوحُ الأَزْرَقُ

حِيْنَ اسْتَمَدّ مِنَ الدّمَاءِ حَرَارَةً
حَمْرَاءَ تَزْفُرُ فِي المُحِيطِ وَتَشْهقُ

لِيَضُخَ فِي صُلْبِ التّرَابِ سُلَالَةً
ثَوْرِيّةً مِنْ كَرْبَلا تَتَخَلّقُ

فَتَمُورُ فِي رَحِمِ الوُجُودِ وثَأْرُهَا
مِنْ سَاعَةِ الطّلْقِ المُقَدّسِ يُطْلَقُُ

“لَبّيْكَ” بَارُودُ الحَنَاجِرِ تَلْتَظِي
غَضْبَى يُفَجّرُهَا الوَلاءُ المُطْلَقُ

زَحْفٌ مَعَ الطّوفَانِ تَتْبَعُ وَحْيَهَا
خَلَفَ اليَقِينِ إلى الكَمَالِ تُحَلّقُ

وهُنَاكَ تَجْرِفُنِي رُؤَاكَ بِمَدّهَا
أَطْفُو عَلى لُجَجِ الدّمُوعِ وأَغْرَقُ

حَيْثُ انْتَفَضْتَ عَلَى اليَبَابِ
فَشَطّ مِن لَاءاتِكَ الدّفْلَى وثَارَ الزّنْبَقُ

وكَأَنّمَا بِالتّضْحِيَاتِ تَبَرّجَتْ
مِنْ كُلّ ألْوَانِ البُطُولَةِ رَوْنََقُ

وتَوَرّدَ الحَقْلُ المُخَصّبُ بِالفِدَا
فَإذَا بِهِ فِي كُلّ نَحْرٍٍ يُورِقُ

قُطِفَتْ عَنَاقِيدُ الكَرَامَةِ والإبَا
فِي حَانَةِ المَوْتِ المُدَامِ تُعَتّقُ

فَإذَا القُطُوفُ كَوَاكِبٌ دُرّيَةٌ
فَوْقَ الرّمَاحِِ إلى السّمَاءِ تُعَلّقُ

والسّدْرَةُ الحَوْراء تَرْتِقُ صَبْرَهَا
مَهْمَا تَخِيطُ الجُرْحَ دَأْبًا يٌفْتَقُ

تُؤْوِي بَلابِلَهَا المَرُوعَة كُلّمَا
تَنْعَى بِتَغُرِيدِ الفَجِيعَةِ تُرْشَقُ

حَتّى الزّهُورْ تَرّشُ عِطْرَ نِضَالِهَا
والنّصْرُ مِنْ أَكْمَامِهَا يَتَفَتّقُ

مَا جَفّ نَهْرُ الجُودِ يَسْقِي الّلائِذِينَ
” وإنْ بِلا كَفّينِِ ” ..صَبًّا يُغْدِقُ

وتَعَرّشَ الزّيْتُونُ وِسْعَ جِهَاتِنَا
يَزْهُو بِأَثْمَارِ الفُتُوحِ ويَعْبَقُ

مَازَالَ يُوقِدُ فِي الضّمِيْرِ شَرَارَةً
تَجْتَاحُ مَرْعَى الظَالِمِينَ وتُحْرِقُ

مَازَالَ يَغْرُسُ فِي الصّحَارَى نَخْلَهَا
الحُرّ الّذِي رُغْمَ التّحَجُر يَبْسُقُ

مَازَالَ مِصْبَاحًا تَنَاسَلَ بِالهُدَى
كُلّ الرّؤَى حبْلَى بِهَدْيٍٍ يَبْرُقُ

مَازَالَ بَلْ مَازَالَ بَلْ مَازَالَ فِي
أَبَدِيّةِ الأَحْرَارِ حَيّا يُرْزَقُ

ذَرْنِي لِأَفْنَى فِي سَنَاكَ فَرَاشَةً
سَكْرَى تَخرّ مَعَ الوِصَالِِ وتُصْعَقُ

وأَعُودُ أٌخْلَقُ فِي هَوَاكَ كَأَنّنِي
مَا كُنْتُ ذَاتَ غِوَايَةٍ أَتَشَرْنَقُ

وأنْقُشْ عَلى فستان أَجْنِحَتِي
“أَنَا أَهْوَى حُسَيْنًا” حِينَهَا سَأُحَلّقُ

وأَرُفُّ عِنْدَ ضَرِيحِكَ /الفِرْدَوْس
والّلهَفَاتُ مِنْ فَرْطِ التّوَلّهِ تُهْرَقُ

“لَبّيْكَ” قَابَ فَنَاءِ رُوحِيَ أَجْتَلِي
وَهْجَ الخُلُودِ ومِنْ هُنَالِك أُشْرقُ

ترنيمة عطش

عطشى أتيتك مـن عذابـات النـوى      ومددت بيـن يديـك أقـداح الهـوى
جفـت ينابيـع الكـلام علـى فمـي     عشقاً يرتّلك اللسـان ومـا  ارتـوى
ذكـراك تغرينـي لأثمـل  سـيـدي      وقصدت ُ بحرك يا لبحرك ما  حـوى
ومـداد قافيتـي بقـربـك سـاجـدٌ      خجلاً يناجيك الفـؤاد الـقـد ذوى  :
أحسيـن ” أغرقنـي لأقصـى  لجـة     بهواك عرش الموج في قلبي استوى “
أحسيـن ” أغرقنـي لأقصـى  لجـةٍ     قد ضقت ذرعاً بين أشرعة الجـوى “
وطنٌ عظيم ٌ أنـت يـا أنـت  الـذي     لـم يستقـم لـولاك ديـن وانـزوى
وطـنٌ عظيـم أنـت لا يكفـيـك أن     يحويك يوماً بيت شعـرٍ قـد  خـوى
سكرى حـروف قصيدتـي  منثـورةً     حول الضريح وحزنها لك ما انطـوى
وبمهجـةٍ حـرّى تـجـدد منسـكـا    ًيبكيك كل الدهـر فيـه ومـن ثـوى
لكـأن ذاك السيـف قـال مفاخـراً :     (( إني لثمت حسين )) عذراً للهوى  !
وكأن شمساً مـن جراحـك أشرقـت      حر الهجيـر بنورهـا جـدّ  اكتـوى
وتبتلـت كـل الدمـوع  وعانـقـت      أطراف قبرك سُجّـدا رغـم  النـوى
“مولاي” عطشى قادني لـك  خافقـي      ما ضلّ فيك القلب ُ يومـاً أو  غـوى