جراحٌ بنكهةِ الحبّ..!

1. ما اسْمُ الجراحِ التي كالحُبِّ نكهتُها

= ما اسْمُ الأَشقّاء بالآهَاتِ والوَجَعِ

2. ما اسْمُ العناوين مُنذُ الرَّمْل غَافـَلَني
حَظَّـًا فعرَّافتي قدْ شَدَّها طَمَعي

3. تمشي على لُغَةِ الأوجَاعِ شطرَ دَمِي
تـُغوِي فَأقـرَأُ فيها كُلَّ مُتَّـسَعي

4. أؤمُّ لَونَ المَسَاءَاتِ التي عَطِشَتْ
كالرِّيحِ حِينَ تمَادَتْ بالبُكَاءِ مَـعِي

5. إذْ أوّل الشَّوقِ مِينَاءٌ يَئِنُ بنا
وليسَ إلا قَوامِيسَ الرِّثاءِ يَعي

6. وليسَ في وِسْعهِ إلا النِّداءُ ضُحىً
والخَيلُ تُومِئُ لي أنْ خفِّفِي فَزَعِي

7. فَأمتَلي بنِدَاءَاتِ الفُرَاتِ إِذا
أغْرَى الدِّمَاءَ بِوَجهٍ مِنهُ مُصْطَنعِ

8. أَصِيحُ خَارجَ نَـفْسِي في مُسَاءَلةٍ
يا غُربَتي , يا احْمِرَارَ الوَجْدِ فلتَضعي

9. كَأسَاً سيَحتَاجُها الآتونَ من ظَمَأٍ
وسَكْرَةً كانتِشَاءِ النَّهْرِ بالبَجَعِ

10. أو كالعَويلِ الذي في الصَّدرِ سُورَتهُ
مُقدارُ عُمْرٍ سَبيِّ النَّبضِ مُنصَدِعِ

11. يا كَربَلاءاتُ أَوجَاعِي أ تَشبَهُني
حقِيقَتي وأنَا إيَّاكِ في هَلَعِ؟

12. كأنَّنا آلِـهَاتُ الدَّمعِ صُورتُنا
صِلصَالُ أُغنيةٍ من نُـوتةِ الجَزَعِ

13. كأنَّنا ويَتَامى الفَجْرِ يَسلبُنا
مَوتٌ طويلٌ لآهَاتِ الرَّحِيلِ دُعِي

14. ومُفرادتٌ من النزفِ الذي انتَفَضَتْ
لهُ الأقـَاصي على كَفٍّ من الوَرَعِ

15. وذا الغُموضُ يُضِيءُ الطِّينَ في ألمٍَ
فيَستحِيلُ كَمَاءٍ فيَّ مطَّلِعِ

16. هُنالكَ اليَـمُّ سيَّارٌ بلوعَتِنا
فالقِ القَراَبينَ بالتَّرتيِلِ أو فَـ قَعِ

17. واسجُدْ على نبَضاتِ الجُرحِ ذاكِرةً
واعرُجْ مَسِيحَـًا فما في العِشقِ من بِدَعِ

18. لا تمتَحنِّي أنا المَهْدُورُ نبرتُهُ
هذا السَّلامُ كلَحنٍ رَقَّ حِين نُعِي

19. والعَازِفونَ زِيَاراتي أَذَانُ فَمِي
يُهَسْهِسْونَ سَمَاءً ذَاتَ مُرتفَعِ

20. فيُـوجِعُونَ صَلاةَ الرَّمْلِ أَدعِيَةً
مَختُومَةً بِغَمَامِ العَصْفِ والهَمَعِ

21. بُكاؤُها ربّما أَعطَى المَـغِيبَ مَدَى
فيَا سَوَاقِيهِ يَا آلامَهُ اسْتَمِعِي

22. غِريبَةٌ هي أشْيَائِي التي غَرُبَتْ
إليكَ تَتلو شُرُوقَـًا جِدّ مُتَّسِعِ

23. تصَعَّدتْ بِدَمٍ تلكَ النُذُورُ هَوَىً
فاسَّاقَطَتْ لاثِمَاتِ القَبْرِ والقِطَعِ

24. هُنَالكَ العَطَشُ الدَّامي يُصَيِّرُنا
بَوَحًا تأخَّرَ , هلْ يأتِي كَمَا السَجَعِ؟

25. وهلْ يطوُلُ كَـ بَالِ اللَّيلِ في سَهَرٍ
حَدّ الأَنِينِ بِطَيفٍ نَاحِبٍ لَمِعِ؟

26. يَرمِي البَعيدَ على رِيحِ الوُجُوهِ لَظىً
كَمَا لو انَّ النَّوَى بِالخَطْوِ لم تَسَعِ.!

27. يا سيّدي مُنذُ أن صِيغَتْ مَدَاركُنا
جِئنَاكَ كالعَطْفِ , كالتَّرديدِ , كالجُمَعِ

28. يا سيّدي كانَ جِبريلٌ يَمرُّ بِنَا
نَرَاهُ يتلُو صَلَاةَ الآهِ والوَدَعِ*

29. يأتِيكَ زَحْفَـًا سمَاوِيَّـًا يُظلِّلُهُ
عَرَشٌ تَنزّلَ بالتَّهليِلِ والمِنـَعِ

30. وينَثْرُ الوَردَ في آلاءِ وِجهتِهِ
نُوبَاتُ حَرَفٍ على الآلامِ مُنطبِعِ

31. يَطِلُّ من غُربَاتِ النَّـخلِ يَسرِقُني
تِلاوةً بِدَعَاءِ النزفِ بالسَرَعِ*

32. يا جَاذِبِـيَّـتُها الأُخرى أَجِيءُ هُنا
بَيضَاءَ من غَيرِ سُوءٍ صَبَّني وَجَعَي

33. الشَمسُ في رَغبَةِ الإِشْرَاقِ تَصْلِبُني
كَالبَحْرِ مُحْتَضِنِ التِنحَابِ ممُتنَِعِ

34. فأَسْتَريحُ على أَهدَابِ خصلَتِها
بِاسمِ الحُسَينِ بِصوَتٍ فيّ مُرتَجَعِ

35. يا سِيرةَ الخُلْدِ مُسِّي في ملُوحَتِنا
حِكايَةٌ بين رَمْلٍ فِيكِ مُفتَجَعِ

36. كما السَّعِير إذا نَامَتْ جَوارِحُهُ
يكُونُ في جَوفِهِ تلّاً من الطَمَعِ

37. سَعِيرُنا مَاثِلُ الحِرمَانِ أعْجَبَه

نطقُ ابتِهَالاتِ عِشقِي نَحوَ مُنتجَعِي

*الوَدَع : ما يُعلّق على الكعبة ..
*السَرَع : الوَحى ..
..

” مدَدُ الطفوف “

هل من كليمِ جوىً لجرحِكَ يُلئِمُ
أم من رهينِ أسىً يُحررُهُ فمُ

ما ملَّ مِن نَوحٍ عليكَ ومِدحةٍ
شِعرٌ تُسرّحهُ الهمومُ وتُلجمُ

إذ فيكَ للشعرِ اختلاجُ تَميمةٍ
فيها بما يُشتقُّ منكَ تَنَمنُمُ

وبهِ عليكَ إذا تشَطّرَ حُرقَةٌ
فإذا تَفرّدَ كُلُّ حَرفٍ زَمزَمُ

ورحلتُ أستسقي هديلَكَ والإبا
مِن لَحنِ قانيكَ الشّدِيِّ يُتمتِمُ

أطويكَ في سِفرِ القصيدةِ مُصحفاً
فإذا انتثرتَ فأنتَ آيٌ مُحكَمُ

ما كنتَ عَشراً تُفترى سوراً وفي
إعجازِ وحيِكَ آيةٌ تتكلّمُ

شَوطَأتَ مِن مَدَدِ الطّفوفِ أناملاً
فغدتْ للجّةِ راحتَيكَ تُيَمِّمُ

أهفو إليكَ وفي الحشاشةِ مُهجةٌ
حرّى وفي الآماقِ دمعٌ مُحْرِمُ

من يومِ كانَ الماءُ أعطشَ واردٍ
مِن حيثُ يَــــروي حـالئيـــــكَ ويندمُ
وَوَددتُ لو كُنتُ الذبيحَ تتُلُّني
كفُّ السيوف فأفتديك، وتسلمُ

ما حُبُّكَ المنحوتُ حُبُّ صبابةٍ
حيناً يؤوبُ وتارةً يتصرَّمُ

كلا ولا نزواتُ طارقةِ الهوى
إنّ المحبَّ بما يَجِنُّ مُتيَّمُ

يا أنتَ حينَ تُفلسفُ العشقَ الفريدَ تجلّياً فيتيهُ فيكَ ويُغرمُ

ها قد أتيتُ وحقُّ دمّكَ إنني
في غيبِ ما شاهدتُ منكَ مُسلِّمُ

أنتَ الخلودُ إذا استبدّ بلحظةٍ فيها لمعناكَ الكبيرِ تبسُّمُ

راهنتَ بالموتِ البقاءَ فكانَ واللهِ الرهانُ بحقّ ثَأركَ يُقسمُ

وسنَنتَ بالدمِّ الطهورِ شريعةً
بسُدى وريدِكَ تستقيمُ وتُلحمُ

قُل لي بربّكَ ما تكونُ وفيكَ مِن
إرثِ النُبوّاتِ اتّساقٌ مُبرَمُ

أنت الذي تختارُ أقدارَ الطغاةِ فتارةً تُبدي وأخرى تحتمُ

يا تمتماتِ أسنّةٍ ونحيبِ رُمحٍ أو وَجيبِ نجيبةٍ تتألمُ

أبكي عليكَ وكلُّ جسمي مُقلةٌ
يابنَ الكُماةِ وكلُّ عمريَ مأتمُ

قد أعطشوكَ ونونُ كافِكَ لمحةٌ تكفي لتومئَ للفراتِ فيقدِمُ

أيقنتُ أنّكَ في انبعاثكَ مُعجِزٌ
ولُكلِّ طُلاّبِ الشهادةِ مُلهمُ

علّمتهم فصلَ الخطابِ بما ابتدعتَ من البلاغة فالذي نطق الدمُ

فزممتَهم في عِقدِ مجدكَ لؤلؤاً
حلّوا أساورَ مِن دِمَاكَ ونُعّموا

فتقلّدوكَ مصلّتينَ يفوحُ من أردانِهم ضَوعُ النجيعِ ويَفعَمُ

كفروا بعيش الخانعينَ وآمنوا
بكَ في يقينِ العارفينَ وسلّموا

للهِ صُنعُكَ بالنفوسِ فأنتَ إحدى حالتينِ معظِّمٌ ومكرِّمُ

ولأنتَ في أمثولةِ العزِّ انبهارُ ولادةٍ أخرى تَجِدُّ وتُتئمُ

تستحلفُ الدنيا وأنتَ يمينُها
فتقرّ أنك يا حسينُ الأعظمُ

فلأنتَ مَن جمعَ الشهادةَ فانثني في كفِّهِ الأُخرى انتِصارٌ مُبرَمُ

وأبيتَ إلا أن تكونَ قضيةً
عُظمى تُسافِرُ في الضميرِ وتُتهمُ

وبقيتَ تنطقُ في الزمانِ كأنما أنتَ الزمّان ووقتُ غيركَ أعجمُ

بأبي الذي أهدى الحقيقةَ كُنهَها
فهو الحقيقةُ طوقُها والمِعصَمُ

ساءلتُ عنكَ المرهَفاتِ فَهَمهَمَتْ
ولهــا بِمــا ســاءلـتُ ردٌ مُفـــحِــمُ
ليسَ الحسينُ سوى قتيلِ سُويعةٍ
طالتْ فجلجلَ في الزمانِ مُحرّمُ

حُييتَ مُشتَجرَ الرماحِ مَخيطُكَ البيضُ الصِفاحِ تُحلّها أو تُحرمُ

حُييتَ مُختزِلَ الطيوفِ بواحدٍ
والكونِ في أرضٍ واسمكَ مُعجَمُ

حُييتَ قِبلةَ عاشقٍ ألهمتَهُ
أنّ الشّهادةَ للسعادةِ سلّمُ

تبّاً لعقلٍ لا يراكَ حقيقةً
والحقُّ فيكَ تصوّرٌ وتَجسُّمُ

ما قلتُ فيكَ الشعرَ أطلبُ منحةً
إلا لأنّ الشعرَ فيكَ مُعظّمُ

غربة الرأس عن الجسد

إضاءة :

كغربةِ الزَّمان عن المكان , كنفي الجَمَال عن الجَلال , كانكسار ضوء الذات في ماء المرايا , كـ ..

النص :

إلى أينَ يا رأسَ الحسين تهاجرُ؟؟
تغربتَ مُنْذُ الطفِّ عن جسدِ الفدا
تصببتَ يومَ النحر نهرَ كرامة
أُحسُّ بأمواج ِانتصاركَ نشوةً
تفوَّقتَ يا رأسَ الحسين على العدا
وها نحنُ أهلُ الأرض نغفو على الثرى
نهارًا تربِّي الشمسَ تربيةَ السَّنا
وليلاً تصلِّي بالنجوم جماعةً
وتُلقِي على سرْبِ الكواكبِ خطبةً

أبا الغربة الظمأى .. كؤوسي تأنسَنَتْ
يناديكَ تيهي في براريه هائمًا
يضجُّ فؤادي داخلي ذاتَ ظلمة
وتزحفُ أحزاني تؤدي طقوسها
وتبكي مناديلي و أمسحُ دمعَها
تجننتُ حيث القلب ثارَ على النُّهى
جنوني هوَ ( العقلُ الجديدُ ) .. وها أنا
وأعشقُ مأساتي , أصونُ جلالها
أثاقفُ في ذكراكَ ظلا مفوَّهًا
ويشتجرُ المعنى ليصبحَ أيكة

تطلُّ على الدنيا من الخلد قادمًا
تصبُّ وقودَ الحقِّ داخلَ أمَّةٍ
وتُغْري محبيكَ المساكينَ بالضُّحى
سيوفُ اللظى البلهاءُ ظنتْكَ داميًا
أرادتْكَ – يا للطفِّ – رقمًا مُمَزَّقًا
خرجتَ على ريح السَّمُوم ِمناضلاً
لأجل ِالمدى قايضتَ روحَكَ بالردى
ورأسِكَ لمْ تشرقْ هوية ُمجدِنا
عشقناكَ مرآةً وظلاً ونرجسًا
رسمتَ على جدراننا شمسَ كربلا
هي الثورة الكبرى اختراعُك سيدي
ولا لونَ للزيتون ِ إذ جارَ جائرٌ

أمَا للسٌّرى في وحشةِ الدَّهرِ آخِرُ؟؟
وما زلتَ رحَّالا كأنَّكَ طائرُ
وقد كنتَ كفْؤَ الموتِ , والموتُ ماطرُ
وأنتَ على الرُّمْح الرماديِّ حاسرُ
تعاليتَ كُبَّارًا وهمْ همْ أصاغرُ
وأنتَ الذي فوق السماوات ساهرُ
تعلّمُهَا كيفَ الشروقُ المغايرُ
فبوركتَ من مولىً هوتْهُ المنائرُ
وأين تكنْ تنهضْ إليكَ المنابرُ

وشفَّت بأجسام الزجاج محاجرُ
ويهواك همِّي وهو في النفس غائرُ
كما ضجَّ في شهر المحرَّم عاشرُ
كما زحفتْ نحوَ الحقول المقابرُ
بعيني َّ!! يا نعْمَ الهوى المُتصاهِرُ
و أنتَ لأمثالي/ المجانين عاذرُ
أنوحُ وبالحزنِ ِالعتيق ِأفاخرُ
فبعض المآسي في الزمان جواهرُ
وما بيننا التفَّتْ رؤىً ومَحَاوِرُ
تُعَشْعِشُ أفكارٌ بها وخواطرُ

فلا غابَ سيماءٌ ولا اختلَّ ناظرُ
لأنَّكَ تهوى أنَّ تُشعَّ المصائرُ
وما الفجرُ إلا مِنْ جبينِكَ سافرُ
فكنتَ كما تنمو وتحيا القساورُ
فكنتَ وجودًا تشتهيه الضمائرُ
وأيقنتَ أنَّ العزَّ حيثُ المناحرُ
ولولاكَ ما كانَ الشموخُ المعاصرُ
بغير أضاحي الطفِّ وهي مجازرُ
وإن زأرتْ وسط الجحيم مخاطرُ
ومن حولها قطرُ الندى والأزاهرُ
وتسمو الدُّنا فيما تراهُ العَبَاقرُ
ولمْ يأتهِ من ( سورةِ الرَّعْدِ ) ثائرُ

أراك سخي الدمع

أراك سخي الدمع يخذلك الصبرُ / فكم للهوى نهيٌ عليك وكم أمرُ
كرعشة طير في المهب لوحده / به لعبتْ ريحٌ وعاقبهُ قهرُ
تشردكَ الأحزانُ نهبَ ذئابها / توالى عليكَ الجمرُ والثلجُ والجمرُ
أهاجكَ أحبابٌ حفرت قبورهم / فعادوا لهم في كل جارحةٍ حفرُ
فدأبكَ لا تنسى وزَوركَ دأبُهم / كأن لهم دَينٌ وفاك به عسرُ
وإن كنتَ لا تنسى فما تلك بدعة ٌ / فكل خدين الشعر يمطرهُُ الذكرُ
رقيقٌ كأحشاء القوافي شعورهُ / وصلبٌ على النسيان معدنهُ صخرُ
إذا ما تناسى الناس أحزان وقتهم / وشاخ الأسى أحزانهُ أبدا بكرُ
يعيدُ له ماضي الدماء خيالهُ / كأن على تلك الدما ما أتى الدهرُ
وتلك لأرباب القصيد جبلــّـة ٌ / على كل مفقودٍ يفيض بهم نهرُ
فكيف إذا كان القتيل قضى ظما ً / “وفي كل عضو من أنامله بحرُ”
له ميزة ٌ أن ادكار مصابهِ / يسليكَ عن كربٍ كما يفعلُ السحرُ
يريكَ عذابات الزمان عذوبة ً / وينمو على أجداث غُيّابكَ الزهرُ
ويأتيكَ ثم الحزنُ صرفا معتقا / عميقا فلا أمرٌ هناكَ ولا خمرُ
وثاني السجايا أن من ذل أهله / بأيدي الأعادي يستقي قلبكَ الحرُ
وثالثها إن أخلقَ الدهرُ وامحى / تراهُ فتيَّ الخلق و الغرس يخضرُّ
صديقي غريب الطف أي صداقةٍ / بها غمرتني منك أفضالك الكثرُ
فلولاكَ لم أنس الذين تركتـُهم / ولم يُقض من توديع أكتافهم وطرُ
ولولاكَ لم أحبس مدامع غصتي / بفقد الذي أودى بهِ الحادث المرُّ
ولولاكَ لم أرفع على الضيم هامتي / كما يتجلى فوق غيماته النسرُ
رأيتُ نكال الظالمين وبطشهمْ / بحبكَ أحلى ما يفوز به الصبرُ
فإن قيل قيدٌ قلتُ زيدوا حديده / وإن قيل قتلٌ طاب في حبكَ النحرُ
ولكن بأسي في قبال شدائدي / يذوبُ إذا ما كان في رزءكَ الصهرُ
أنا الصامد المعروف لكن صلابتي / تميدُ إذا ما طاف في خاطري المهرُ
يحمحمُ حتى الصوت حيٌ كأنه ُ / يهرول مذعورا ويتبعهُ البرُ
فتخرجُ في استقباله زينبٌ وقد / أحاطت بها البلوى وحاصرها الغدرُ

تناديهم خجلى وفي صدر ذلها / تهدج صوتٌ من خلائقه الكبرُ
ترى فوق رأس الرمح شمسا ً تلامعتْ / ولكن عليها من ظلام الأسى سترُ
تقول إليكَ العذرُ عن شح نصرتي / وما للذي أرداكَ يا مهجتي عذرُ
ألا أيها الرأس الذي جزهُ العدى / وفي كل بيتٍ من قصائده شطرُ
وما مر إلا وانحنى كل شاهق / عليه ومال النجمُ وانشطر البدرُ
مصيبة ُ معناي الذي حرفهُ دمٌ / وفرحة ُ مغناي الذي لحنهُ درُّ
حديثكَ لي عبر التواريخ مؤنسي / ومنبعُ إلهامي وأنت له سرُ
عليكَ سلام الله ما دار كوكبٌ / وما وقف التاريخُ وانتصبَ الحشرُ
هناك يرى الباغون سود أكفهم / وأوجههم بالرعب تذوي و تصفرُّ
هناك يرى العشاق بيض قلوبهم / طيورا إليها الله بالود يفترُّ
فلا عذبَ الله الذي صبَ أضلعي / بحبكَ حتى شيد في جوفها قبرُ
فيقصدني الزوار من كل ملةٍ / يروا قبة ً خضراء شيدها الشعرُ
هما الأمُ لا أنسى مدى العمر رضعها / مع الأب أحيتني مدارسهُ الغرُّ
فيا رب أجزل بالعطاء جزاهما / وإن قلَّ مني في حقوقهما البرُّ

بِعَيْنَيكَ سَماءٌ ثامِنة

بِعَينَيكَ أَمْ في أَعْيُنِ اللَّحظةِ التَّعْبَى
وَيَستَيقِظُ الفَجرُ النَّدِيُّ مُعانِقاً
تُعَلِّقُ نَهراً في سَماواتِكَ التي
تُرَتِّبُ مِن نَزْفِ الجِراحِ مَدِينةً
وتَمسَحُ أَجفانَ النُّجُومِ التي هَوَتْ
عَلَى شَفَتَيكَ الحُلْمُ كَوَّرَ قُبلَةً
تَجِيءُ لَكَ الأنهارُ مِن خَلْفِ شَوْقِها
يُشاطِرُ نَبْضَاتِ القلُوبِ غَرَامَها
فَسُبحانَ مَوْجَ العِشقِ في كُلِّ بُقْعَةٍ
وألبَسَ رَمْلَ الكَونِ أبهَى عَباءَةٍ
فيا مَن جِهاتُ الحُبِّ طائِعَةً أَتَتْ
تُطِلُّ بِضَوْءِ الحَقِّ إذ تَرْفَعُ السَّما
تَفتَّحَت الأكمامُ في كُلِّ خُطوَةٍ
فَتَخشَعُ أبصارُ النَّخيلِ وَتَنحني
هُنا خُطُوَاتُ الأنبياءِ تَقاطَرَت
وفي لَحظةٍ رَفَّتْ عَصافيرُ دَمْعَةٍ
ولَمْ يَبتَلِعهُ الذِّئبُ لَكنَّ أنفُساً
هُنا رافَقَ الشَّيخَ الكَظيمَ بُكاؤُهُ
هُنا قَلبُ أمٍّ يجرَحُ الهَمُّ رُوحَها
ولَمَّا عَراها الخَوفُ بَعدَ مَخاضِها
وأيُّوبُ حينَ استَعتَبَ الدَّهرُ قَلبَهُ
وآدَمُ لَمَّا استَحضَرَ الطَّفَّ نادِباً
مَشاهِدُ بَوحِ الدَّمْعِ لمَّا تَناسَلَتْ
مَرافِئَ للألحانِ كانَت ولَم تَزَلْ

عَلَى كَتِفَيَّ الصُّبحُ يُجْهِشُ باكِياً
تنَفَّسَنِي مِن كربلاءَ هَوَاؤُها
ومِن صُورَةِ العَبَّاسِ كَوَّنتُ لَوْحَتي
كَأَنَّ خَيالَ النَّهرِ تَحتَ رُمُوشِها
حَمائِمُ يَومِ الطَّفِّ حَطَّتْ بِشُرفَتي
أنَا يا أَبِيَّ الضَّيْمِ زَوْرَقُ قِصَّةٍ
حياةً عَلَى أضلاعِها الظُّلْمُ رَابِِضٌ
مَعي في ظلامِ اللَّيلِ مِشكاةُ زَينبٍ
أَلَيسَت دِماءُ الطَّفِّ نَبْضَ مَحابِري
بَلَى إنَّ نَزْفَ الجُرحِ أَبلَغُ سُورةٍ
تَفيضُ خَيالاً يَمنَحُ الرُّوحَ دِفْءَها
بِأورِدَتي يَنْمُو الحَنِينُ شَواطئاً
وَفِي سَلَّتي عُمْرٌ نََذَرتُ فُصُولَه
فَكَم “عاشِرٍ” في الصَّدرِ أَرْخَى جَناحَهُ
وَكم عَبرَةٍ أَجرَت شآبيبَ لَهْفَةٍ
مَنَحتَ إلَى الجَنَّاتِ زَخَّاتِ شَهْدِها
ومَبدَؤُكَ الحُرُّ الذي اخضَرَّ عُودُهُ
بَعَثتَ إِلَى الأحرارِ في كُلِّ مَكمَنٍ
شَمَمْـتُكَ إِحساساً بِأعماقِها نَمَا
أرَى كُلَّ يَومٍ فِيكَ مَعنىً يَشُدُّني
وَلِي فِيكَ أنْ أَحْيَى خُلُوداً مُعَتَّقاً
وأزمِنَةً لِلآنَ ما شَاخَ عُودُها
لَها نَسمةٌ خَجْلَى تُعاقِرُ لَحنَها

نَفَختَ بِصَلْصَالِ القَصيدَةِ رُوحَها
مُحَيَّاكَ يَتلُو النَّورَ والدَّمعُ هاطِلٌ
يَـتَامَاكَ يَنْدَاحُ الحَنينُ بِظِلِّها
تُخَبِّئُ في أَحْداقِها حُمْرَةَ السَّما
وَأيُّ اشتِهاءاتِ البُكاءِ بَدَتْ لَها
صِغارَ دُمُوعٍ أرضَعَـتْها عُيُونُها
فيا هَل أتَى حِينٌ من الحُزْنِ لَم يَكُنْ
ويَستَلُّ مِن شَجْوِ المَسَاءَاتِ صَوتَهُ
عَلَى وَتَرِ الأشجانِ يَسْحَبُ قَوْسَهُ
بِصُحْبَتِهِ تَهمِي الكَواكِبُ حَسرَةً
ألا يَا نَبِياً فَسَّرَ الحُلْمَ جُرْحُهُ
ويا حامِلاً ذِكرَى قَمِيصٍ مُخَضَّبٍ
دِماؤُكَ مُذْ سالَت تَضَوَّعَ مِسْكُها
بِسَحْنَتِها قَد أذَّنَ العَدْلُ مُشْرِقاً
أتَظمأُ والإحساسُ يَنثالُ طامِياً
مُحَمَّلَةً بالحُبِّ رُوحُكَ أحرَمَتْ

أَجِيئُك والبُلدانُ تَسْرِي بِمَوْجَتي
سَلامي كَما الأمطارِ يَعبُرُ ساقِياً
وَأُمِّي سَماءٌ أَثخَنَتْها دُمُوعُها
تَدَفَّقْتُ بَحْراً والفِداءُ سَوَاحِلِي
رَبَوْتُ وحَاءُ الحُبِّ تَلْتَفُّ في دَمِي
وَثَارَ صَهِيلُ الحَرفِ بَينَ أضَالِعي
ومَدَّتْ لِيَ الصَّحراءُ كَفَّ وَلائِها
ومُذْ لامَسَتْ عَيْني دُمُوعَ سُكَيْنةٍ
تَيَقَّنْتُ أَنَّ الحُزْنَ يَفتَحُ بابَهُ
وَيَترُكُ مِلحَ الدَّمعِ في قاعِهِ الذي
أعَدَّتْ لِيَ الأطوادُ مُتَّكأً هُنا
دُمُوعِي غَفَتْ بَيْضَاءَ فَوْقَ دَفاتِرِي
إذا ما أنا استَنَسَبْتُ للشَّمسِ أَسطُرِي

بِعَينَيكَ طِفلُ الغَيثِ يَرقُدُ وادِعاً
ويَرْوِي إلَى الأَجيالِ عَنكَ حِكايةً
وإنْ حَلَّ خَطْبٌ أرَّقَ الزَّهْرَ وَقْعُهُ
وفي زَمَنٍ تَعْوِي ذِئابُ حُرُوبِهِ
وَأَنْ تُورِدَ الإنسانَ عَذْبَ أَمانِهِ
بَعَيْنَيْكَ يَرْقَى يا حُسَينُ يَقينُنَا
وتَصنَعُ فُلْكَاً طَرَّزَتها قُلُوبُنا
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*

*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*

*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*

*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*

*
*
*
*
*
*
* تُصَلِّي دُموعُ اللَّيلِ نافِلَةَ القُربَى
أَزاهيرَ أجسادٍ تَوَسَّدَتْ التُّرْبا
ضَمَمْتَ بِها الأحبابَ والأَهْلَ والصَّحْبا
جَدائِلُها النُّورُ الذي زَخرَفَ الدَّربا
تَضُمُّ بُدُوراً أصبَحَت لِلقَنا نَهْبا
تَصُبُّ اعتِذارَ الماءِ مِن عَيْنِها صَبَّا
وَماءُ الهَوَى المَمزوجُ بِالجَمرِ قَدْ شَبَّا
ويَجذِبُها نَحوَ اشتِعالاتِهِ جَذْبَا
حَناجِرُها صَوْتُ الإباءِ الذي لَبَّى
فكانَ لأَغصانِ الفِدا مَرْتَعاً خِصْبَا
إلَيكَ بِنَبْضٍ لَحنُهُ يَنضَحُ القَلبَا
فَتَسْتَنهِضُ الأفلاكُ مِن ضَوْئِكَ الشُّهْبَا
تُمَرِّرُها لِلغَيْمِ كَي تَمسَحَ الجَدْبا
وُرُودُ ارتِعاشٍ أحمَرٍ يَفْتِنُ العُشبَا
وراحَتْ مَعَ العُشَّاقِ تَستَقرِئُ الغَيْبا
علَى وَجْنَةِ الطِّفلِ الذي أُودِعَ الجُبَّا
إذا سَوَّلَتْ أَوهامَها استَعمَلَتْ ذِئبا
وَمِنديلُهِ المَبلولُ قَد صادَقَ الهُدْبا
إِلى نَخلَةٍ آوَتْ وَهَزَّت بِها سَغبَى
لها أَطلقَ الرَّحمنُ مِنْ أَمنِهِ سِربَا
لَهُ مِن دُمُوعِ الصَّبرِ قَد أهرَقَ العُتبَى
تَهاطَلَت الدُّنيا تُشاطِرُهُ النَّدْبا
سَكَبْتَ علَى أوتارِها الشَّرْقَ والغَربَا
تُخَبِّئُ في أَعماقِها الأُفُقَ الرَّحبا

وَيتلُو مِن الأشعارِ ما يُشبِهُ الحُبَّا
وعِطرُ أحاديثِ النَّدَى في دَمِي انصَبَّا
وَإيثارُهُ المَعهودُ كانَ لَها رَبَّا
يَسُحُّ دُمُوعاً تُترِعُ المَوقِفَ الصَّعبَا
فَأَلقَيْتُ مِن قَلبي لها المَاءَ والحَبَّا
بِها سافَرَت كُلُّ النُّفوسِ التي تَأْبَى
فَتَبَّ اغتِرابُ الرُّوحِ في عَيْشِِها تَبَّا
وألفُ نَبِيٍّ وَحْيُهُ ثَورَةٌ غَضْبَى
وإيقاعَ قَلبٍ هائِمٍ يُدْمِنُ القُرْبَا
إِذا ضاقَ صَدْرُ الشِّعرِ خَفَّفَت الكَرْبَا
ويَغرِسُ في أنحاءِ أَوجاعِها الطِّبَّا
وَأمواجُها عَن تُربَتي تَغسِلُ الذَّنبَا
لِمِيقاتِ يَومٍ دامِعٍ يَأسِرُ اللُّبا
وَلامَسَ فِي نَبْضِ الجَوَى صَوتَكَ العَذبَا
إلَى جَنَّةٍ مِن مائِها القَلبُ قَد عَبَّا
نَسَجتَ لها بالضَّوءِ مِنْ كَربَلا ثَوْبَا
مَتَى دارَت الأمجادُ كانَ لها قُطبَا
سَلامَ نَسِيمٍ مِن ثُرَيَّاكَ قَد هَبَّا
وَأنضَجَ في غَيْماتِ مَوَّالِها صَوْبا
ويَسقِي عُرُوقَ الرُّوحِ مِن كَأْسِهِ نَخْبَا
وَنَفْحَ عَبِيرٍ خالَطَ الهائِمَ الصَّبَّا
ولَم يَشتَعِلْ رَأسُ اختِلاجاتِها شَيْبَا
وتَبني بِهِ أعشاشَ تَرنِيمَةٍ تَصْبا

وَنُطْفَةُ ضَوْءِ الشِّعرِ أسكَنْتَها الصُّلْبَا
كَأنِّي بِهِ عَن حالِ مَن سافَرُوا نَبَّا
ويَغرَقُ في أنفاسِها حِينَما تُسبَى
تُلَوِّحُ للرَّكْبِ الذي فارَقَ الرَّكبَا
حَنانَ ضَميرٍ مُرهَفٍ طالَما رَبَّى
علَى أنجُمٍ قُربَ الفُراتِ قَضَت نَحْبَا
بِهِ يَنصِبُ البَدرُ العَزاءَ لَهُم نَصْبَا
كَما يَنتَضِي مِنْ ضَوْئِهِ سَيفَهُ العَضْبَا
ويَزرَعُ في ألحانِهِ غُصنَهُا الرَّطْبَا
وَتَنزِفُ مِثلَ الجَمرِ لَوْ جَمْرُهُ أَكبَى
ونَبَّأَ رَبَّ الدَّارِ ماذا بِها خَبَّا
تَرَى الحُقْبَ في مِعراجِها يَتْبَعُ الحُقْبَا
بِحُرِيَّةٍ قَدْ أَعلَنَت نَفسَها حِزْبَا
وَذابَ بِها الأحرارُ يا سَيِّدي ذَوْبَا
ومِنْهُ الضَّمِيرُ الظَّامِئُ استَعَذَبَ الشُّرْبَا
ونَحْوَ ضِياءِ اللهِ قَدْ هَرْوَلَت وَثْبَا

ونارِي حَنِينٌ في دَمِ الكَوْنِ قَدْ دَبَّا
يُهَيَّءُ للرَّيْحَانِ في حَقْلِهِ الصَّهْبَا
ومَا نَكَبَتْ عَن دَرْبِها مَرَّةً نَكْبَا
فَيا لَيْتَني قُطِّعْتُ دُونَكُمُ إِرْبَا
وَما زِلْتُ في أَحضَانِ أحلامِها أَرْبَى
إِلَى لُغَةٍ بالسَّوطِ قَد أُوْسِعَتْ ضَرْبَا
تُعَبِّئُ في صَيْحاتِها الرَّمْلَ والكُثْبَا
عَليها بُكاءُ الَّلْيلِ بالحَسْرَةِ انكَبَّا
لِقَلبٍ جَرِيحٍ بَعْدُ لَمْ يَرتُقْ الثُّقبَا
بِهِ لَملَمَ الأشلاءَ والنَّوْحَ والسَّكْبَا
فَذَوَّبْتُ مِلْءَ الدَّمعِ جُلمودَها الصُّلبَا
تَماماً كَكَفِّي حِينَ أَسلِكُها الجَيْبا
رَجَعْتُ لِعَيْنٍ شَرَّفت أدمُعي نَسْبَا

وَيَمنَحُ مِن أحلامِهِ للإِبَا شَعبَا
مَصَابِيحُها تُزْجِي لِقَلبِ الفَضا السُّحْبَا
مَنَحْتَ لهَا بِالحُبِّ ما يَكشِفُ الخَطْبَا
وَدَدْتَ بِحَقِّ النَّحرِ أَنْ تُطفِئَ الحَرْبَا
وتَمنَعَ عَنْ شُطآنِهِ الخَوفَ والرُّعبَا
سَماءً بِحُزْنٍ ثامِنٍ تَشرَبُ الحُجْبَا
وتُبحِرُ بِاسمِ اللهِ شَوْقاً إِلَى العُقْبَى

الوحيُ الأخير

جُرْحٌ على جَسَدِ الإصْباحِ قَدْ سَطَعا
جُرْحٌ بهِ انفَلَقَ التَاريخُ وانْدَلَِعتْ
حَرْفٌ لهُ سَجَدَ (الإنجيلُ) مُذْ قُرِئتْ
ما كانَ قَلبُكَ إلا وَحيَ مَذبَحَةٍ
والصَدْرُ .. هذا نَبِيُّ المَاءِ يََتبَعُهُ
والنَجْمُ .. هلْ هوَ إلاّ (خَاتَمٌ) بُتِرتْ
والبَدْرُ .. لا غَرْوَ أَنْ يَنْثَالَ لُؤلُؤةً
تَرَكتَ قَلْبَكَ صَوبَ النَهرِ مُشْتَعِلاً
في كُلِّ قِطْعَةِ ضَوءٍ مِنهُ أَوْدِيَةٌٌ

يا صَاعِداً في (بُرَاقِ الدَّمِّ) مُمتَشِقاً
للهِ يا رأسَكَ المَرفُوعَ مُعجِزَةً
آنستَ في الذَّبحِ مَاءً قدْ رَوَيتَ بهِ
وقدْ رَآهُ على الآياتِ مُنسَكِباً
و(صَاحِبُ الحُوتِ) لَمّا خَاضَ لُجّتَهُ
للهِ دَرُّكَ مِنْ رَأسٍ لهُ لُغَةٌ
للهِ مِن جَسَدِ (التَورَاةِ) مُضْطَجِعٍٍ
مَلائِكٌ أَنْزَلتْ أَشْلاءَهُ كُتُباً
كَمْ سُوَرةٍ في صَلاةِ الذَّبحِ قدْ خَشَعتْ

الشَمسُ في عَينهِ النَوراءِ قدْ سُكِبتْ
والنَهْرُ ما قَصَدَتهُ السُحبُ ظَامِئةً
فيَهجَعُ السَهمُ مَوتاً، والمَدى ظَمأٌ
والمُهرُ يَنْحَتُ في الأَزمَانِ أُغنِيَةً
عَينَاهُ صَمْتٌ، وبَعضُ الدَّمِّ أَسئِلةٌ
تَرَنَّحَ البَوحُ في عَينيهِ مُرتَعِداً
مُعَانِقاً لَحْظَةَ التِرحَالِ أَشْرِعةً
حَتّى إذا حَمْحَمَتْ أَوجَاعُهُ فَزِعَتْ
فَيَنْحَنيْ المَاءُ مِلْحَاً عِندَ خُطْوَتِهِ
وقَلبُ زَينَبَ .. رِيحُ اللهِ تَحمِلُهُ
الرَأسُ بَسْمَلَةٌ، والدَّمَُ أَضْرِحَةٌ
فَتَنْسُجُ الذَبحَ شَمْسَاً عِندَ (خُنْصُرهِ)
(فالذَّبحُ والِسبطُ) وَعدُ اللهِ أَنْجَزَهُ

يا أنّتَ يا وَطَنَ القُرآنِ يَسكُنُهُ
لِيُتْرِعَ الأرضَ مِنهُ آيةً نَزَلتْ:
فَيُولَدُ الذَّبحُ مِنْ كَفَّّيهِ مِئذَنَةً
ما قِيمةُ الدّمِّ إنْ لمْ يَرتَمِ وَطَناً

وَحياً تَكَادُ بهِ الأَفلاكُ أَنْ تَقَعا
أَنوَاؤهُ مِنْ لِسَانِ الصُبحِ فانْدَلَعـا
آياتُ نَحْرٍ، وبَابُ الذَّبْحِ قَد قُرِعا
والسَهمُ أَرْضَعَهُ الآياتِ فارتَضَعا
(رُكنُ الحَطِيمِ) ونَهرٌ ظَامئٌ تَبَعا
أًَسْرَارُهُ حِينَما مِنْ إصبعٍ نُزِعا
فالرَأسُ قدْ لُفَّ بالأَقْمَارِ مُذْ قُطِعا
يُؤَلِقُ الفَجْرَ قَدْ غاَدَرتَهُ قِطَعا
سَالتْ فسُبحَانَ مَنْ للقَلبِ قدْ جَمَعا

أُفقَاً تَأَبَطَ صُبْحاً لَيلُهُ انقَشَعا
عِيسى بهِ جَنّةً للهِ قدْ رُفِعا
مُوسى فخَرَّ على (سَيْنَاءَ) مُنصَقِعا
نُوحٌ فَمَاجَ بهِ الطُوفانُ وانْدَفَعا
فَاضتْ بِهِ لُجَّجُ الأَشلاءِ فابْتُلِعا
حَمرَاءُ يَعرِفُها يحيى إذا صُرِعا
صَلّى على مَذبَحِ التَسبِيحِ مُضْطَجِعا
وسُبْحَةً خَلْفَها دَاوودُ قَدْ رَكَعا
أَعظمْ بهِ جَسَداً للهِ قدْ خَشَعا

والصُبحُ مِنْ كَفِّهِ المَقطُوعِ قدْ طَلَعا
إلا ارتوتْ مِنْ فُؤادٍ ظَامِئٍ وَلَعا
والطِفلُ بينَ قِماطِ الدَّمِّ ما هَجَعا
مَذبُوحَةً حِينَما مِنْ جُرحِهِ رَجَعا
وقِصَةٌ مِنْ دُمُوعٍ خَبَّأتْ وَجَعا
بخَيمَةِ اللهِ ها قدْ لاذَ وانْتَجَعا
مَخْبُوءةً خلفَ دمعٍ سَالَ وانْهَمَعا
أَحْدَاقُهُ تَنْضَحَُ الأَوجَاعَ والفَزَعا
ويَركُضُ النَوحُ جُرْحَاً كُلما ذَرَعا
نَهرَاًَ إلى حيثُ دِفءِ الوحيِ قدْ وَقَعا
والِجسْمُ يا مَسْجِدَ الأَسْيَافِ قَدْ شُرِعا
وَتَقطِفُ الدَّمَّ ضَوءً كُلَما زُرِعا
كِلاهُما وُلِدا في كَربلاءَ مَعا

جُرحٌ تَنَاسَلَ كَوناً فِيهِ واتّسَعا
إنَّ الحُسَينَ كِتَابُ اللهِ قدْ جُمِعا
وَوَهْجُهُ مِنْ أَذَانِ النَحْرِ قدْ نَبَعا
لِيُشْعِلَ الجُرحَ صُبْحَاً دَافِئاً نَصِعا

الوجع المقدّس

دهرٌ يجيءُ وآخرٌ يتصرمُ = وهواك يبقى داخلي يترنمُ
فهواك أغنيةُ المواسم يرتوي = بك موسمٌ ظامٍ ويورقُ موسمُ
باقٍ بذاكرة الصباح تعبُّ كأ = س الشمس نوراً للمدى يتضرمُ
وتمدّ كفك للفقير سنابلاً = وتمدها قمحاً لمن هو مُعدمُ
وتعيش أيام الشقا متبسماً = لنعيش أيام الهنا نتبسمُ
حَبلتْ بك الأيام حتى أيقنت = أن الحياة بلا هواك توهمُ
مازلت تزرع في الصباح الشمس تر = ويها وتوقد نورها وتقلمُ
هرم الزمان وأنت أنت، وكربلا = ء صبيةٌ في مهجتي لا تهرمُ
كل الدروب إلى المواسم كربلا = ء وكل بومٍ يا حسين محرمُ
ياسيدي .. ولأنت ألف حكايةٍ = ثوريةٍ حمراء لونّها الدمُ
ولأنت من زرع الحقيقة داخل الإ = نسان هذا الكائن المتصنّم
ولأنت من غسل الزمان بدمّه = فابيضّ من دمك الزمانُ المعتمُ
يا سيدي .. تعب الجواب ولم تزل=في القلب أحجيةً بنا تتطلسمُ
تعب الجواب وأنت تحت سنابك الأ = عداء ظمآناً سؤالٌ مبهمُ
وأنا أمامك _ منذ أول رضعةٍ = منذ الولادة _ سيدي أتقزّمُ
لا شيء غيرك ذقته فعرفت طعــ = ـــمك عزةً وكرامةً تتجسمُ
يا سيّد الوجع المقدّس هب لنا = جسداً يداس وأظلعاً تتهشمُ
ودماً يفورُ وقربةً عطشى وصد = راً بالخيول العاديات يثّلمُ
فجراحك الحمراء أصدق مرهمٍ = لجراحنا إن تاه فيها المرهمُ

ضوءٌ… وقلبي مرايا

عَبّدتُ دَرْبَ الرّوحِ نحو رؤاكا ومَضَيْتُ أملأُ جَرّتي بِسَناكا
عَطْشَى يُطارِحُني الحنينُ كأنما نارٌ تطارحُ لجةً بِمَداكا
ما كانَ يُدْرِكُني التّصَبّرُ كيفَ لا أُلقِي بِنَفْسِيَ في عبابِ هَواكا
أطْفُو وموجُ الذّكرياتِ يَهُزّنِي كالطّفلةِ الوسْنى بِمَهْدِ أسَاكا
وأغوصُ تتبعُني اللآلئُ نَجْتَلِي سرًا حميمًا كَنّ في مَعْنَاكا
المَدُّ جاءَ بِلَهْفَتِي أمْ لَهْفَتِي جاءتْ كَمَدٍّ تستعيرُ خُطَاكا
قَرّبْ ضِفَافَكَ تَسْتَرِيحُ نَوارِسِي التّعْبَى وأشْرِعُ للغناءِ صَدَاكا
ضَاقَتْ بِها الآفاقُ إلا فُسْحَةً للِّانِهايةِ منْ طُفُوفِ إِبَاكا
مَشْغُولَةٌ بِالحُلْمِ تَنْسُجُ وَحْيَها تَنْسابُ خَارِجَ ذاتِها لِتَرَاكا
بَلْ خارجِ الأُطُرِ العَتِيقةِ لم يَعُدْ زَمنٌ ولا أرضٌ بِوِسْعِ أَنَاكا
فَتْلامِسُ الحُزنَ الذي يَمْتَدُّ مِنْ أقْصَى الحَيَاةِ ..وكَونُها عَيْنَاكا
حيثُ انْعِتَاقُ الضّوءِ أَشْعَلَ رُوحَها حتّى تَكَسّرَ لَيلُهَا بِضُحَاكا
يُغْرِي بِها وهَجُ الخُلُودِ يَشُدّها ذاكَ الذي في عَاشِرٍ أغْرَاكا
العِشْقُ يَرْسِمُ ما انْمَحَى فِي لَوحَةٍ ما كانَ يُبْدِعُ مِثلها إللّاكا
ذَبُلَتْ بِها الألوانُ جَفّ بَريقُها فَشَرَعْتَ تُنْدِي لَوْنَها بِدِمَاكا
وكأنما خَفَقَتْ بِأنفاسِ الحَيَاةِ بِنَفْخَةٍ مِنْ عُنْفُوانِ نِدَاكا
يا كَفّ بَدْرٍ ..فِي مَجَرّةِ ثَوْرةٍ كانتْ تُرَتّبُ حَولكَ الأفْلاكا
يا صَبْرَ سُنْبُلَةٍ ..تَفَرّطَ دَمْعُهَا قَمْحًا ليُبْذَرَ في حُقُولِ جَوَاكا
يا جُرْحَ وَرْدٍ ..كَمْ رَوَيْتَ عُرُوقَهُ فانثالَ شَلّالًا ببوحِ شَذَاكا
يا قُرْبَةَ الأحلامِ ..أُهْرِقَ نَبْضُها والسّهْمُ يا ماءَ الحَيَاةِ سَقَاكا
يا خَوْفَ نَرْجِسَةٍ ..تَنَاثَرَ يُتْمُهَا تَبْكِي لأنّ بُكَاءها أَبْكَاكا
مازالَ يَذْرَعُنِي النّداءُ كَمُهْرَةٍ يَرْتَدُّ عنْ تِصْهَالِهَا عُتْبَاكا
مازالَ يَسْكُنُنِي يُؤَثّثُ فِكْرَتِي أوليسَ ذاكرةُ الهَوى سُكْنَاكَا
مازالَ مقدودًا قَمِيصُ قَصَيدَتِي هلّا رَتَقْتَ حُرُوفَها بِعُرَاكا
تَفْنَى بِكَ الأَرواحُ تَفْتِلُ خَيْطَها المَعْقُودِ بِالأهْواءِ كي تَحْيَاكا
فالموتُ بَيْنَ يَدَيْكَ طَأْطَأُ صَامِتًا لكأنه لِجَلالِكَ اسْتَحْيَاكا
والخُلْدُ تَوّجَكَ المَليكَ فَما يَرى بَطَلًا يَلِيقُ بِخَافِقَيهِ سِوَاكا
لما تَرَكْتَ الخَلْقَ طرًا سَيّدي اللهُ فِي عَيْنَيهِ قَدْ آوَاكا
لكَ يا حُسْينُ يَسِيرُ شَوقِيَ حَافِيًا آنَسْتُ نَارَ الوجْدِ فِي نَجْوَاكا
ها أنتَ ضوءٌ في مرايا خافقي هلا فَلَقْتَ سَديمَها بِعَصَاكا
قَدْ فًتّحَتْ أَبْوابُ وَصْلِكَ سَيّدِي أَ أعودُ مُنْحَطِمُا بِغِيرِ لُقَاكَا ؟
أَ تُغَلّقُ الآمالُ دونِيَ دُلّنِي يا خَافِقِي ..أُوّاهُ ..مَا أَشْقَاكا !
خُذْنِي فَما بَينِي وبَيْنَكَ دَمْعَةٌ وكأنّ مَا بينَ الدّموعِ رُقَاكا
خٌذني على مَهَلٍ أتيتُكَ مُوجعًا بل كلُ ما بي من هُداكَ.. أتَاكا
وسأسكبُ الولهَ المُضَمّخَ في دَمِي دررًا.. فراشات ..تُدلّهُ ..هَاكا
لو أسْتَشِفُ الحاءَ.. لو أدنو بِما في لوعتي.. لو أدّلي بِرِضَاكا
ذَرْنِي لأملأَ جَرّتِي بِسَنَاكا وأَمُرُّ مَرّ سَحَابَةٍ بِسَمَاكا
وكَمًا مَواعِيد الغَرامِ أبُوحُها لكَ حِينَ أُصْعَقُ في الوصَالِ فِدَاكَا

صلاة بوضوء الدم

تحكـي غراماً صاغه معناكــــا
روحي على ذكراك ذابت بالأسـى

إلا فــــتاتٌ ذائــــــبٌٌ بهواكــــا
آه هياميا يا حــسين و مـــا أنـــــــا

سجدت بـــــحور الحب في نجواكا
يا أنت يا كل الوجـــود بهمســــةٍ

حتى السماء تأن مـــن ذكراكا
ذكراك جرحُ الغيم في قـطــــــــراته

خــد الــــتراب فلـــيلهُ يغشاكــــا
و الصـــبح قد ذابـــت ملامــحه علـى

و يجول سعياً قاصــداً لضياكـــا
فـيه يـــطوف الوجد حـــول خيـــاله

حتى ضمير الــــماء فوق ثراكـــا
ولقد أتتك عـــلى الــتراب ضـــــمائرٌ

و تقول إن الكون ـفي مثواكــا
تنعاك يا عـرش المهيمن بـالأسـى

كلماته صلت عـــلى مــــعناكــــا
أحكـــيك وحيــاً بالغرام تـــجسدــت

شَهِدت بأن الســيف من قتلاكا
هذي هي الطف التــــــي ذراتـــــها

آياته ذُبـــحت بـــعرش سماكــــا
فلأنت قرآن الطفوف على الـــــثرى

جرحى من الأنات كـيف حكاكا
فتكلــــم القبــر الــتذي جنَــــباتـــه

رسمتك عزاً للوراء بـــــــــــإباكا
فيقول إن الأرض أضحـــــت لوحـــــــةً

سكرى ترتل بالبكـاء مداكـــــا
و الرمح فـوق ترابهـــا و سُيوفهـــم

تتلو بلون الحزن فجر سناكا
والضلع في كف السحـــــــاب كريشةٍ

ناديت يــــــا الله جـــل ثــــناكـــــا
فرأيتهُ جســـماً يُقطــتعهُ الظمــا

بالطعن قد ردوا لحجب دعـــــاكا
إني أنــــا ظامٍ يصيـح بقومهـم

ورمالها لبّت تقول فداكا
و سجدت في أرض تناجي ربــــــــــهـا

تعصيك في قتلي و في دنيـــــــاكا
عميت عيـــون لا تراك بــــروحهـــا

ناديتُ بالمخـتار كــــيف أراكـــا
يا راحماً موســـى بفـيض مشيـئةٍ

كلـــي لكلـــيَ هائـــمٌ بعلاكـــا
فالشوق فتت مهجتـي حتى غـــــدا

راضٍ لحكمك خاضعٌ لقضاكــــا
خذني إليك كما تـــريد فإننــــي

في ذاتــــيَ الولها ليوم لقاكـــا
إني وجــدتكَ داخلــي متمـــثــــلاً

أشـــلاء حبِ كي أنال رضاكـــــــا
هذي ضلوعي في هواك جــــعلتها

أن تقبل الأشلاء في رجــــــواكـــــا
و تقطعت كفي و عينــي آمــــــــلاً

متقطعاً بالــــــحب لا لسواكـــا
و القلب بالسهم المثلث قد غـــــدا

قم للشهادة ومتشق علياكا
الله قـــــد نادى حســــينـــــــاً قائلاً

و تجسد الحق الذي نــــــاداكــــا
لأراكَ تفديني بحبك منحراً

واسجد على ترب يضم ثراكـــــا
رتل صــــلاةً بالدمـــــاء تــــطــــهراً

و يقول قرباناً إلــى دعواكــــــا
لبــــــى حســــــيـــنٌ و الدمـــاء تحفهُ

و تقول هذا النور فيض دماكــا
فتجسدت شــمسٌ بلـــون مصيــــبةٍ

كلماتـــي الظـــــمئ إلى سقياكـا
و النجم يتــــلوا قصةً تهوي بهـــا

هذا الزمان يعــــيد وجه صداكــا
فــــلأنـــــــــت قـــــرآنٌ علــــى آيـــاته

وترفُضُ عينايَ فوضى احتمال !!

أراكَ فيخبو أمامي الخيالْ
بعينِ البَصِيرةِ مِلءَ المجالْ
أراكَ فيجثو على نَبضَتِيهِ
فُؤادِي خُشوعاً لِهذا الجلال
أُرتِّبُ ضَوءكَ في مُقلَتِي
وَتَرفُضُ عَينَايَ فَوضَى احتمال
وأَطْوَي المسافةَ في خَاطِرِي
مَعِي التَّضحياتُ وَدرسُ النِّضَال
فَما أَطفَأَتنِي قُطيراتُ دَمعٍ
وَدَمعِيَ أَورَثَ نارَ اشتعال
فيا رملةَ الطَّفِ كيفَ احْتَمَلْتِ
كَياناً تُصدعُ منهُ الجبال
غداةَ هوى فوقَ حرِّ الصعيدِ
يُضمخُ بالعطرِ وجهَ الرِّمال
فَمازال يومُكَ في مهجتي
-كَما العَاشِقِينَ- دُرُوبَ الكمال
جَمَالُ الفَتَى في خِضَّمِ الأسى
بِصَبرٍ ، وَللصَّبرِ كنتَ الجمال
أُراعِكَ نَهجاً إلى الحقِّ إنْ
أُضيعَ الصَّوابُ وطالَ السِّجَال
بِمِحرَابِ جُرحِكَ صَلَّى النَّزِيفُ
وَكبَّرَ للهِ قَصدَ امتثال
وَيَمتَدُّ جُرحُكَ في داخلي
يقيناً بصوتِ الحقيقةِ قال:
“إلهي تركتُ الملا في هواكَ
وأيتمتُ بعديَ فيكَ العيال”
سَقيتَ الحِمَامَ كُؤُوسَ المماتِ
بكفِّ الخُلودِ …. فتاهَ السُّؤال
لأنَّكَ ميزانُ عَدلِ السَّماءِ
لأنَّكَ تُفني عروشَ الضَّلال
سَتَبقَى ( حُسيناً ) بأقصى الضَّميرِ
أراكَ الحقيقةَ دونَ الخيال