لَكَ… مُنَاضِلاً كَوْنِيًّا

(1)
قَلَقٌ، وَصَمْتٌ مُطْبِقٌ، وقُبُورُ؟
مُتَصالِحُونَ مَعَ الدُّمُوعِ وَرَجْفِها
أمْ يَنْزِعُونَ مِنَ الظَّهِيرَةِ حَرَّها،

يَتَبادَلُونَ المَوتَ، يَبْتَكِرُونَه،
حَمَلُوا مَصائِرَهُمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ
فَتَناسَلَتْ أَصْدَاءُ حُرِّيَّاتِهِمْ
مُتَشَبِّثُونَ بِوَعْيِهِمْ، لَمْ يَقْبَلُوا
فِكْرٌ، يَغُوصُ بِهِ عَمِيقاً كُلُّ مَنْ
هُمْ أَبْدَعُوا صُوَرَ الوَفاءِ، وَكَوَّنُوا
نَذَرُوا النُّفُوسَ إِلَى الحَبِيبِ مُطِيعةً،
فَإِذَا اسْتَدَارَ الْاِنْحِرافُ كَصَخْرةٍ
وَعَلَى اليَبَاسِ انْسَابَ نَهْرُ إِبَائِهِمْ،
فِي كُلِّ سَطْرٍ لِلْحَنِينِ مَوَاكِبٌ
هُمْ هكَذَا الشُّهَدَاءُ حِينَ يَشِفُّهُمْ

(2)
يا سَيِّدِي عَنْ أَيِّ جُرْحٍ مُشْرَعٍ
هَلْ ثَمَّ مُتَّسَعٌ لِضَحْكَةِ (طِفْلَةٍ)
وَعَلَى الثَّرَى تَرَكَتْ جَبِيناً ناعِماً
جَسَدُ البِلادِ مُضَرَّجٌ بِدِمَائِهَا
وَالأُمَّهَاتُ مَدَامِعٌ مَرَّتْ هُنَا
وَاجُرْحَنا! فَدَمُ الضَّحَايا لَمْ يَزَلْ
فَلَذَاتُ أَكْبَادٍ تَعَاظَمَ نَزْفُها؛
لا شَيْءَ يَبْدُو فِي الفَرَاغِ سِوَى (يَدٍ)
نَذَرَتْهُ لِلْأَحْبابِ، وَالْتَمَسَتْ لَهُمْ

(3)
بِي مِنْ تُرابِ الأَرْضِ أَشْجَانٌ وَبِيْ
يَنْتَابُنِي رَوْعُ المَسافاتِ اْلَّتِي
وَيَكَادُ نِصْفِي أَنْ يُفَارِقَ نِصْفَهُ،
أَنَا قَدْ حَفَرْتُ عَلَى زَوَايَا غُرْبَتِيْ
وَأَتَيْتُ أَمْشِي مِنْ بَعِيدٍ حَامِلاً
لَيْتَ الغَرِيبَ وَقَدْ مَضَى عَن دَارِهِ
لَيتَ السَّمَاءَ تَنَامُ فِي عَيْنِي! فَذَا
رَأْسِي الَّذِي اشْتَعَلَ المَشِيْبُ بِهِ بَدَا
لِي أَنْ أفَتِّشَ فِي ثَنَايا الأَرْضِ عَنْ
لِي أَنْ أَمُدَّ إِلَى الغَرِيقِ قَصِيدَةً
بِحَقَائِبِي حُزْنِيْ الشَّهِيُّ وَقِصَّةٌ
وَلِزَعْفَرَانِ الذِّكْرَيَاتِ حَدَائِقٌ
مَأْهُولَةٌ هذِي الحَيَاةُ بِمَنْ مَضَوا
تَرْوِي لَنَا الأَيَّامُ أَلْفَ قِيامَةٍ
مَا لا يَعُودُ، يَعُودُ حِينَ تَقُولُ لِلـ

أَنَا يَا أَبَا الأَحْرَارِ جِئْتُكَ ظَامِئاً
بِرَشَاقَةِ الشُّهَدَاءِ تَهْطِلُ أَدْمُعِي
فِي البَذْلِ، فِي الإِخْلاصِ، فِي المُدُنِ التي
أَحْتاجُ مِنْكَ لِخَيْمَةٍ آوِي لَها
أَحْتَاجُ مِنكَ لِبَسْمَتَينِ وَمَرْفَأٍ
وَأَقَلُّ مِنْ جُرْحٍ بِصَدْرِ حَمَامَةٍ
أَدْرَكْتُ حُزْنَ العُشِّ حِينَ تُوَدِّعُ الْـ
مَنْ ذا يَشُدُّ عَلَى الجِراحِ ضِمادَةً
ويُصَبِّرُ الآبَاءَ لَوْ يَوماً هَوَتْ
جَسَدِي مَوَاوِيلُ الوَدَاعِ وَسَحْنَتِي
وَأَنَا انْهِمَارُ الذِّكْرَيَاتِ بِمَسْرَحٍ
أَوْمَأْتُ نَحْوَ ضِفَافِ نَهْرٍ مُتْعَبٍ
وَشَعَرْتُ أَنِّي زَوْرَقٌ مُتَحَطِّمٌ
دَمْعُ العُيُونِ عَلَيَّ يُلْقِي نَظْرَةً،
حَدَثٌ يُلِحُّ عَلَيَّ، حِينَ تَقَوَّسَتْ
يَتَوَقَّفُ اسْتِرسَالُ صَوْتِي، أَنْحَنِي،
سُبْحانَ مَنْ أَسْرَى بِدَمْعِي حَيْثُ لِلْـ

أَشْعِلْ سِراجَكَ؛ تَنْطَفِئْ آلامُنا
هَيَّأْتَ لِلْمَعْنَى خُلُوداً آخَراً،
أنَا شَاعِرٌ لَكَ عائِدٌ مِنْ مَوْتِهِ،
مِنْ فَرْطِ مَا أَلْهَمْتَنِي أَوْقَظْتَ فِــ
حَتَّى شَعَرْتُ بِأَنَّ أَجْرَاسَ الشُّعُو
ما زِلْتُ أَسْمَعُ صَوتَ أَجْمَلِ طِفْلَةٍ
وَيَقُولُ: يَا أَبَتِي (رُقَيَّتُكَ) الَّتِي
ما زِلْتُ أَقْرَأُ فِي مَلامِحِ (زَيْنَبٍ)
فِي كُلِّ لَيلٍ بِالوَدَاعِ مُبَلَّلٍ،
هِيَ عَالَمُ (العَبَّاسِ) فِي إِيثَارِهِ
هِي مَدُّ ثَوْرَتِكْ الَّتِي مَا بَارَحَتْ

(4)
يَا أَيُّهَا الوَطَنُ الحُسَينُ! مَعِي هُنَا
وَتُشَكِّلُ النَّاياتِ مِنْ قَصَبِ الرُّؤَى،
وَتُدِيرُ أَشْرِعَةَ الحَيَاةِ مُنَاضِلاً
أَنْتَ (المُدَجَّجُ بِالسَّلامِ) لِكُلِّ قُطْـ
يَا حَامِلاً إِنْضَاجَ رُؤْيَتِهِ إِلَى
ذِكْرَاكَ تَنْحَتُ -فِي اللُّغاتِ جَمِيعَها-
مَا لِلْعُيُونِ سِوَاكَ طَيْفاً آسِراً
مَنْفَى الحَياةُ، وَأَنْتَ وَحْدَكَ مَوْطِنٌ
يَا أيُّها الكَوْنِيُّ فِي أبْعادِهِ!

صَافَحْتُ مَاءَكَ، والعُرُوقُ تَلَهُّفٌ،
وعَلَى شِفَاهِ الغَيْمِ حُبُّكَ آيَةٌ
وهُناكَ حَيْثُ الرُّوحُ تَفْتَرِشُ المُنَى
أَقْصَى امْتِدَادِكَ لا حُدُودَ تَحُدُّهُ

يَا وَاحِدَ التَّارِيخِ! دَرْبُكَ وَاحِدٌ،
فَانْفُخْ (بِصَلْصَالِ الضَّمَائِرِ) مُلْهِماً؛
(دَاوُودُ) أَنْتَ، وذِي جِبَالٌ أَوَّبَتْ
وَلَكَ الطَّبِيعَةُ سُخِّرَتْ بِسَخائِها
أَمَّا القُلُوبُ فأنتَ (يُوسُفُها) الذي

إنَّا (حَوَارِيُّوكَ)، لَمْ نَحْتَجْ (لِمَا
إنَّا (حَوَارِيُّوكَ)، أَنْصارٌ إِذا
نَرْجُوكَ، عَلِّمْنا المَزِيدَ مِنْ العَطا
تَقْسُو الحَياةُ عَلَى بَنِيها تَارَةً،

عَيْنَاكَ فَلْسَفَتَانِ مِنْ عِشْقٍ، وَمِنْ
مِن أَجْلِ مُجْتَمَعِ السَّلامِ تَمُوتُ، بَلْ
فَمِنَ الحُقُوقِ زَرَعْتَ دَرْبَكَ سُنْبُلاً
بَعْضُ الشُّخُوصِ جَدِيرَةٌ بِخُلُودِها
حَرَّرْتَ أَنْتَ هَواءَنَا وَمِياهَنَا،
سُرْعَانَ مَا تَمْضِي فُصُولُ حَيَاتِنَا،
لَمْ تقترِبْ هذِي الحِكَايَةُ مِنْ نِها
بَينَ التَّمَنِّي وَالتَّمَنِّي بَذْرَةٌ،

أَمْ هَدْءَةٌ، وَسَكِينَةٌ، وَسُرُورُ؟
فِي الحَلْقِ، يَلْفَحُهُمْ هُناكَ زَفِيرُ؟
وَعَلَى ابْتِسامَتِهِمْ يَسِيلُ النُّورُ؟

وَلَهُمْ -وَإِنْ عَصَفَ الغِيابُ- حُضُورُ
لِيُعِيدَ تَضْمِيدَ المَصِيرِ مَصِيرُ
فِي كُلِّ صَوْتٍ حُلْمُهُ التَّحْرِيرُ
إلا بِما يَخْتَارُهُ (التَّفْكِيرُ)
لَمْ تُغْنِهِ مِمَّا يَراهُ قُشُورُ
ما لَمْ يُحِطْ بِحُدُودِهِ التَّصْوِيرُ
لِلْحُبِّ – يا اللهُ – ثَمَّ نُذُورُ
كَانُوا كَمَوْجِ البَحْرِ حِينَ يَثُورُ
وَوَرَاءَ إِبْدَاعِ الإِبَاءِ سُطُورُ
وَقَصَائِدٌ مَعَ مَنْ يَزُورُ تَزُورُ
مَاءٌ، وَفَجْرٌ مُشْرِقٌ، وَضَمِيرُ

أَحْكِي، وَجُرْحُ اليَاسَمِينِ غَزِيرُ؟
صَعَدْتْ إِلَيْكَ كَأَنَّها عُصْفُورُ؟…
غَضًّا بَكَاهُ (رَضِيعُكَ) المَغْدُورُ
وَالعُمْرُ -يَا عُمْرَ الزُّهُورِ- قَصِيرُ
وَأَزاهِرٌ مِنْها يَفُوحُ عَبِيرُ
يَغْلِي، وَأَحْزَانُ السَّمَاءِ تَمُورُ
فَأَعَادَ رَسْمَ الأُغْنِياتِ هَدِيرُ
تَرْبِيتُهَا وَحَنَانُهَا مَنْذُورُ
عُذْراً إِذا مِنْهُمْ بَدَا التَّقْصِيرُ

مِنْ كَرْبَلاءَ (فُرَاتُها) المَأْسُورُ
مِنْ قَبْلِ غايَتِها يَلُوحُ السُّورُ
عَظْمِي مَهِيضٌ، والجَنَاحُ كَسِيرُ
حُلُمِي، فَبَعْضُ الْاِغْتِرَابِ صُخُورُ
أَعْوَامَ عُمْرِي، وَالحَيَاةُ مَسِيْرُ
يَأْتِي! فَتُفْتَحُ كَالْقُلُوبِ الدُّورُ
بَصَرِي بِلا حُلُمِ السَّمَاءِ حَسِيرُ
عَصْراً تَنَامُ عَلَى يَدَيْهِ عُصُورُ
حُزْنِ الرِّمالِ، فَلِلرِّمالِ شُعُورُ
بِاسْمِ (الحُسَيْنِ) خِتَامُهَا مَمْهُورُ
تُحْيِيْ الشُّعُوبَ فَمَاؤُها (الإِكْسِيرُ)
فِي الرُّوحِ يَحْرُسُهَا الغَدُ المَنْظُورُ
مَاذَا أُسَمِّي الْمَوتَ يَا (دُسْتُورُ)؟
فَإِلَى الضَّحَايَا عَوْدَةٌ و(نُشُورُ)
تَّارِيخِ: صِرْ مُسْتَقْبَلاً! فَيَصِيرُ

وَ(النَّارُ) فِي لُغَةِ اللِّقَاءِ (نَمِيرُ)
(آياً) وَحُبُّكَ وَحْدَهُ التَّفْسِيرُ
آنَسْتَ وَحْشَتَهَا، فَأَنْتَ أَمِيرُ
إِنْ مَسَّنِي الإِبْعَادُ وَالتَّهْجِيرُ
أَنَا مِنْ بَقَايَا (الراحلينَ) جُذُورُ
بَيْضَاءَ، يَنْزِفُ جُرْحُها، وَيَغُورُ
أُمُّ الصِّغَارَ، وَقَلْبُها مَفْطُورُ
تَمْتَصُّ نَزْفَ الدَّمِّ حِينَ يَفُورُ؟
-غَدْراً- على وَجَعِ التُّرابِ بُدُورُ؟
لَحْنٌ حَزِينٌ وَالدُّمُوعُ (أَثِيرُ)
حَيٍّ بِهِ انْتُهِكَتْ إِلَيكَ خُدُورُ
تَرْنُو إِلَيهِ مَحَاجِرٌ وَثُغُورُ
وَمُسافِرٌ، قَدْ أَجَّلَتْهُ بُحُورُ
وَالدَّمْعُ بِالحُزْنِ الدَّفِينِ خَبِيرُ
في (كَربَلاءَ) مَعَ (الحُسَينِ) ظُهُورُ
أَبْكِي، وَيَغْلِي فِي دَمِيْ التَّنُّورُ
أَحزانِ فِي (أقصَى) السَّماءِ خَرِيرُ

يا مَنْبَعاً! لَمْ يَخْلُ مِنْهُ النُّورُ
أَثَّرْتَ فِيهِ، وَطَبْعُكَ التَّأْثِيرُ
وَإِلَى نَوَايَا الطَّيِّبِينَ (سَفِيرُ)
ـيَّ الصَّمْتَ، وَالصَّمْتُ الطَّوِيلُ مَرِيرُ
رِ تَرِنُّ إنْ وَارَى الشُّعُورَ شُعُورُ
فِي (الشَّامِ) يَحْكِي دَمْعُها المَنْثُورُ
رَحَلَتْ تُحِبُّكَ… وَالكَلامُ كَثِيرُ
صَبْراً سَخِيًّا، وَالمُصابُ كَبِيرُ
للهِ يَصْعَدُ سَعْيُها المَشْكُورُ
وَوَفَائِهِ، وَلَها يَقِلُّ نَظِيرُ
تَسْعَى لِعَدْلٍ، وَالزَّمانُ يَجُورُ

تَخْطُو؛ فَتُوْلَدُ مِنْ خُطَاكَ زُهُورُ
وَكَمَا الصَّبَاحِ عَلَى الوُجُودِ تَدُورُ
حُرّاً، لِنَهْضَتِهِ القُلُوبُ تُشِيرُ
ـرٍ خَانَهُ الإِرْهَابُ وَالتَّفْجِيرُ
لُغَةِ الحِوَارِ، خَصِيمُكَ التَّكْفِيرُ
أَحْلَى القَصَائِدِ، (فَاشْتِقَاقُكَ نُورُ)
مِنْ ظِلِّهِ يَتَشَكَّلُ (البَلُّورُ)
مُدَّتْ لَهُ -مِلْءَ الحَنِينِ- جُسُورُ
ما خانَنِي في حُبِّكَ التَّعْبِيرُ

فَعَلَى ضِفافِ العُمْرِ أَنْتَ غَدِيرُ
تُتْلَى، وَوَحْيُكَ كَالغُيُومِ مَطِيرُ
شَوْقاً لِقُبَّتِكَ الجِهَاتُ تَسِيرُ
فَالكَوْنُ دُونَكَ يَا حُسَيْنُ صَغِيرُ

مِنْ حَيْثُ تَبْدَأُ يَبْدَأُ التَّغْيِيرُ
لِتَحُومَ -فِي أُفُقِ الفِدَاءِ- طُيُورُ
إِيقَاعُها التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ
وعَلَيْكَ أُنْزِلَ في الطُّفُوفِ (زَبُورُ)
ما زالَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُ

ئِدَةٍ) لِنُؤْمِنَ، فَاليَقِينُ عُبُورُ
مَا عَزَّ عِنْدَ النَّائِباتِ نَصِيرُ
ءِ، فَفِي الحَياةِ مُشَرَّدٌ وَفَقِيرُ
لكِنَّكَ التَّفْرِيجُ، والتَّيْسِيرُ

فَنٍّ، لَهُ إِيحَاؤُهُ المَوْفُورُ
تَحْيَا، وَيَفْنَى الظُّلْمُ وَ(التَّطْهِيرُ)
وَإِلَى الحُقُوقِ عَطَاؤُكَ المَذْخُورُ
وَبِكَ الخُلُودُ أَيَا (حُسَينُ)! جَدِيرُ
فَخُطَاكَ يَسْكُنُ وَقْعَهَا التَّحْرِيرُ
لَكِنَّ فَصْلَكْ أَوَّلٌ، وَأَخِيرُ
يَتِها وَلَمْ يَنْفُذْ لَهَا الدَّيْجُورُ
وَإِلَى نِهايَاتِ الكَلامِ بُذُورُ

الحُسَينُ الآَخَرْ

جِدْ لي ابتداءً فيكَ حتى أَقْطَعَكْ
وافتحْ رؤايَ على رؤاكَ لأجْمَعَكْ

لا زلتَ تربِكُ أحرفيْ يا واحدًا
وزَّعْتَ مِنْ وَحْي المعاجِزِ مَصْرَعَكْ

وفقدتُّني حيثُ المَجَازُ يتيهُ بي
ما أضيقَ البوحَ الفصيحَ وأوسَعَكْ

أنا عابرٌ عِلِقَتْ بيَ الكلماتُ في
وَحْلِ الرؤى وأنا أحاوِلُ مَطْلَعَكْ

لُغَتي تُخَاصِمُني بدَرْبِكَ كُلَّمَا
أنويكَ أفقِدُها وأفقِدُ مَوْضِعَكْ

حيثُ القرابينُ التي فَصَّلْتَها
فضفاضةً كُلُّ الوجودِ تَشَبَّعَكْ

قاومتَ جُنْحَ الليلِ -مِثلُكَ لا يبا
يعُ مِثْلَهُ- وأضأتَ لمَّا قَطَّعَكْ

وُوُلِدْتَ مِنْ جُرْحٍ، فَطَمْتَ مِنَ الرَّدى
عُمُرًا بأرحامِ المَواسِمِ أودَعَكَ

قارعْتَ لونَ الزيفِ، نَقَّيْتَ المَدى
بدماكَ، كنتَ مُلَطَّخًا ما أَنْصَعَكْ!

مانَعْتَ أنْ تحيا على عُمُرٍ رما
دِيٍّ ولم تَلْوِ السُّيوفُ تمنُّعَكْ

آثرتَ أنْ تعطي بقاءً آخَرًا
وتَمُدَّ في عُمُرِ الحقيقةِ أفرُعَكْ

عالَجْتَ بالجرحِ الهُرَاءَ نزفتَ بالـ
معنى، شَغَلْتَ المَوْتَ والمَحْيا مَعَكْ

أربَكْتَ بالدمِّ الحسامَ، هزمتَهُ
وأرَعْتَهُ لكنَّهُ ما رَوَّعَكْ!

يا نصَّ هيهاتٍ ويا شِعْرَ الإبا
ءِ ويا انسكابَ الدَّمِّ لمَّا أسْجَعَكْ

فردًا شَقَقْتَ الجَمْعَ! حُزْتَ مِنَ الصوا
بِ تفرُّدًا ومِنَ الهدى ما وَزَّعَكْ!

متنزهًا عَنْ كلِّ معنىً عابثٍ
شَجَّ الحقيقةَ بالخيالِ ليخدَعَكْ

متمردًا فوقَ الرَّوَاسِبِ ناصِعًا
كالماءِ لا تَصِلُ الخرافةُ مَنْبَعَكْ

وحسينُ عَقْلِكَ لم تَسَعْكَ منابرُ الـ
خطباءِ لم يُرْبِكْ سرابٌ أشرُعَكْ

وأعَذْتَ نَجْمَكَ أنْ تُحَنِّطَ ليلةٌ
أضواءَهُ فَسَطَعْتَ كَيْ لا تَسْطَعَكْ

وغدوتَ بوصلةَ العُقُولِ، دعوتَها
لتسيرَ منكَ إليكَ حتى تبدِعَكْ!

متحررًا كالجرحِ لستَ بعادةٍ
نحكيْ بها قصصًا ونذرفُها مَعَكْ

ما كنتَ منتفضًا ولم تكُ ثائرًا
كيْ تَذْرِفَ العينُ الدموعَ وتنقعَكْ

ما ثُرْتَ كي تغدو رهينةَ دمعةٍ
كي توغِلَ المأساةُ فيكَ وتصنعَكْ

بل أنتَ فعلٌ في المَكَانِ وفي الزما
نِ تدسُّ في كلِّ المواقعِ أذرُعَكْ

لستَ احتكارًا للقطيعِ ولستَ رَجْـ
عًا للأساطيرِ العِجَافِ لتزرعَكْ

هُمْ حَرَّفُوْكَ وأوَّلُوْا بكَ ثورةَ الـ
معنى وأطْفَوا بالبرودةِ أدْمُعَكْ

لم يقنعوا بكَ ثائرًا، قطعوا الصدى
جَعَلُوْكَ مَوَّالًا ونايُكَ أفجَعَكْ!

خَلَقُوا كما شاؤوا حسينًا، لا كما
قد شئتَ أنتَ، فكم حسينٍ ضَيَّعَكْ؟!

لمْ يَرْتَضُوْكَ سوى حسينٍ آخَرٍ
هو عادةٌ أخرى وضَلُّوْا موقِعَكْ!

وعلا منابرَهُمْ حسينُ منابرٍ
قتلَ البطولةَ بالخنوعِ وبَضَّعَكْ

لستَ احتكارًا للدّموعِ وللرثا
ءِ ولستَ مِنْ مَنْ بالنوائحِ أوسَعَكْ

حرًا تجوبُ العالَمِيْنَ قضيةً
حريةً والكونُ يعرفُ إصبعَكْ

يا ثورةً أخرى تُعَاوِدُ نفسها
وتفاجئُ الموتى وتقرأُ مَصْرَعَكْ

عُدْ بالحقيقةِ فالخرافةُ سَوَّرَتْ
أفكارَنا حتى أَضَعْنا مَرْجِعَكْ

هَبْ للقلوبِ بدايةً أخرى ونبـْ
ضًا آخَرًا وانْبُضْ و(عَوْلِمْ) أضلُعَكْ!

وارجِعْ جديدًا فالحكايةُ دبَّ فيـ
ها الشيبُ عُدْ بصداكَ حتى نَسْمَعَكْ

يا أيها الجرحُ الطموحُ أزلْ غبا
رَ المادِحِينَ مِنَ الحروفِ لتُرْجِعَكْ

كُنْ أنتَ، كُنْ معناكَ، واغْسِلْ مِنْ مرا
يانا الخرافةَ، لُحْ وأوقِدْ مَطْلَعَكْ

عُدْ في الخيالِ حقيقةً عُدْ بالحقيـ
ـقَةِ في الخيالِ ولُحْ لنا كي نَطْبَعَكْ

دروب الهوى

طرقت دروب الهوى حيث شدا أصارع في النفس شوقاً ووجدا
وأنشد في الروح معنـى الغـرام فمـازلـت فــي فهـمـه مسـتـجـدا
فـمـذ تـركـونـي لـتـلـك الـقـفـار بقلبي وصبوا على الرمس بُعدا
وزادوا على البعد صرماً وبات سفينـي يخـالـج فــي الـهـم نــدا
وطـالـت ليـالـي الـبـعـاد ولـمّــا يبادرْ صدى الفجر للبحر عودا
طفقـت أسـافـر فــي الظاعنـيـن والـروح تضـرم جــزراً ومــدا
أنـقّــب فـــي بـائــدات الــبــلاد أمـخـر غــوراً وأحـفـر صـلــدا
حنانيـك عـد يـا سفـيـن النـجـاة وزيــن الأزاهــر أمـــاً وجـــدا
أراك تـحـلـق بـيــن المـشـاعـر تـنـثـر حـُبــاً وتـنـشــر ســعــدا
وحتـى أراك بحضـن الـرسـول يـداعـب مـنـك شـفـاهـاً وخـــدا
وتحـبـو فتكـبـو فتحـنـو البـتـول فـــداك بـنــي سـلامــاً وبــــردا
ويـجـثـو عـلــيٌّ ومـــن كـعـلـيّ إذا امتلأت ساحة الحرب أسـدا
إذا أدّ مــــــــدّ وإن نـــــــــدّ ردّ وإن جـــدّ هـــدّ وإن شـــدّ قـــدّا
رأيـتُ حسيـنـاً وحــول الغـمـام نــور وحـــور تجلـبـبـن رنـــدا
وكــانــوا بـسـيـدهـم يـرفـلــون وكنـت علـى لـحـن ذلــك أهــدا
يسيـر ومـن خلفـه المحصـنـات وقدّامـه الـمـوت يـعـزف كــودا
وفي ظـل عـرش الإلـه الأميـنُ يهـز لـه فــي الجناحـيـن مـهـدا
فمـالـك تـمـضـي لأرضٍ فـــلاة ومـنـك الجـنـان تـزيّــنّ رفـــدا
بنفـح نسيـمـك جـبـت السـواقـيَ أقـطـف عـزمـاً وعطـفـاً وقـنـدا
وتحـت جناحـك بـيـن الحمـائـم أرفـــع رأســـاً تـوســد جــهــدا
أسـافـر والطـيـرِ فـيـك ونـشـدو ونجـنـي بــدفء فــؤادك خـلـدا
فـيــا فـلـكـاً دار فـيــه الحـبـيـب وحار اللبيـب ومـا حـاز قصـدا
كــأنــك إذ تـسـتـقـلُّ الـطـريــق ترسـمُ للـحـق صـرحـاً ومـجـدا
شهـابٌ يـذوب عـلـى النـافـلات ليجعـل فـي لاحـب الليـل عهـدا
ويرفـع عـنـا غـشـاء الضـلالـة كيـمـا نـتــوق إلـــى الله رشـــدا
غــــدوتُ بــآلائـــه والـمـحـيــا أطوف على لوحـة النـور عبـدا
أكـبّــر أمــنــاً وأقــــرأ زهــــدا وأركـع شـكـراً وأسـجـد حـمـدا
فمالك تمضـي وتأبـى الرجـوع جعلـتَ علـيـك الأمـاقـيَّ رُمــدا
كـأنـك تــدري بــأن الـوحـوش ستنزو على العهد نصـلاً وحـدا
أكبّـوا الـدهـاق وأبــدوا النـفـاق وردّوا عـهـود النبيـيـن جـحــدا
فصبـرَك إنـي أطلـت الـوقـوف بربعـك فالطـف بطفـلـك يـنـدى
كــأنــي أراك وقــــد ألـجـمَــتْ ثـغـور البسيـطـة خبـثـاً وجـنـدا
كـبـدرٍ أضــاء عـلـى الخافقـيـن وصــاح ببـيـداءَ لـهـبـاءَ فـــردا
رضيعي سيشعـل لـون السمـاء ويُبـقـي نـزيـف المحبّـيـن وِردا
حنانيـك هــلا تـركـت الـتـراب فقـد خلـت خـدك للـرمـل ضــدا
فشـتـان بـيـن صـفـاء الـزهـور وإن كـان رمــلاً تـحـوّل جـلـدا
وشتـان بيـن مـحـول الخـريـف وبــيــن ربــيـــعٍ تـفــتّــح وردا
إلـهـي خلـقـت الحسـيـن كـمـالاً وكـنـت قديـمـاً كريـمـاً جـــواداً
جمـالاً وعطفـاً وجـوداً ومـجـداً وعـزمـاً وحـزمـاً وفـنــاً وقـــدّا
فـإذ لـم ألاقيـه والعمـر يمـضـي فـأرجــو الأمـانــة أن تـسـتـردا
فـلا الـروح تسلـو بهـذا الفـراق ولا القلب يسطيع صبرا وصـدا
فـهــلا أفـضــت عـلــيّ سـبـيـلاً لأمضـي إلـى حيـث ألـقـاه مُــدّا
تلحّف بالصمـت تحـت الهجيـر وفي ظله الصحب شيباً ومُـردا
أطوف على أنجـم فـي الصعيـد أقـبّـل ضـلـعـاً وأجـمــع شـهــدا
تبـرأتُ فـي حبـهـم مــن أنــاس يـصـدّون آيــاً ويـدنــون قـــردا
ومـن عصبـة ينصبـون الدمـار للـحـق بالـغـدر قـتــلاً وطـــردا
وحيّـيـت حـزبــاً أذاق الـطـغـاة مــن فـتـح خيـبـر ذلاً ورعـــدا
فشـتـت جمـعـاً وفـــرج كـربــاً وحـقـق نـصـراً وأنـجـز وعــدا
وعــاد ينـاجـي إمــام الـزمــان ليطلـق خيـل الفتوحـات جــردا
وبـات يصـلـي وتـلـك الـصـلاة تــرفــع ضــــراً وتــنـــزل ودا
صــلاة عـلـى آل بـيـت الـنـبـي خـيــرٌ ثـوابــاً وخـيــرٌ مــــردّا
فصلـوا عليهـم لتـرضـوا الإلــه وتـأتــوه يـــوم القـيـامـة وفـــدا

غيمةٌ.. وجمر ..!

غيمة ٌ يا طالعَ الماء ِ وجمرُ // أنكراني، من أنا ..؟ فالبوحُ سرُّ
والشجيراتُ التي أمسكنَ قلبي // ساهراتٌ هل لها في الليل ِ عذرُ..؟
سرّبتْ نهرَ السؤالات ِ وصارتْ // تتمرّى بين آهات ٍ تمرُّ
تركتْ لي بعض ألوانِ شحوبي // وحروفي بين جدرانيَ سُمْرُ
ظمئ الترحالُ في وقتِ انتصافي // فإذا ما كنتُ بدرًا , ضاعَ بدرُ ..!
غير أن الكونَ ألقاني رواءً // كأسَ حبٍّ نخبُه الشعرُ وبحرُ
خدّرَ الدمعَ فكانت ضفتاه // نغمة َ التِيهِ التي بي تستقرُّ
يا طفوفــًا , الهوى العباسُ يصفو // والدُنى في رغوة ِ الأحزانِ بئرُ
حانَ وقتُ الشعر ِ فالنجوى اعتناقٌ // وأكفُّ الجودِ تأتينا وتذرو
دمعة ً كالجسرِ قد علّقتُ فيها // لثغة الحزن ِ وصوتــًا يستمرُّ
حان وقتُ الشعر ِ يا رحماه ُ هذا // رملُ عاشوراء في الأوجاعِ حِبرُ
كان َ يختارُ لحزني تمتمات ٍ // بين كفين ٍ لها الآياتُ ذكرُ
سجدتْ في حضرة ِ الضوءِ وصلّتْ // لسواقي العين ِ نبضــًا يستدرُّ
فخذ ْ القربة َ في روحي امتلاءً // حرّقَ الأشواقَ يا عباسُ نهرُ
وخذ ْ النخلَ بمحنيِّ اعتذار ٍ // أفرغَ الليلَ كأنَ الليلَ عمرُ
عطشٌ والجُرفُ مطويٌّ عليه // نظرُ الله ِ , وهذا الطينُ عِطرُ
سيّدُ السُقيا , لكَ التيّــارُ قلبٌ // أزرق ٌ من محجرِ الدنيا يخرُّ
يتدلّى قابَ نبض ٍ والنوافيرُ // على كلِّ ارتجاف ِ الضوء ِ زهرُ
والخُطى يسرحُ في كفيكَ حتى // سكنَ الدربَ , وضجَّ الآنَ عشرُ
يا لكفيكَ .. بلادٌ من غيوم ٍ // يا لعينك .. بها الآلاءُ سُكرُ ..!
شرّدا نجمي بآهات ٍ وخفق ٍ // والمدى شمسٌ , وهل للشمسِ سترُ..؟
كربلاءٌ سُبحة ُ الفيضِ , وجرحٌ // مفردٌ , واليُتمُ في الأشياء ِ صبرُ
وحدهُ الفضلُ تأتّى من ثراها // وهواهُ اللهُ .. والإيثار ِ بُشرُ
مدَّ كلاً يا فداءً .. رقَّ منه // أملُ الأطفالِ والخيماتُ بكرُ
يبدأُ البدرُ اكتمالَ الدمع ِ فينا // يا امتثالَ الدمعِ إن الحزنَ مُرُ
أسمعُ الأشياءَ تستلُّ زماناً // فأقلُّ الوقتِ في الآلام ِ دهرُ
والظما أشرعَ شاطيه ِ اعتلالاً // مذ رأى في الجود ِ آمالاً تفرُّ
عقَّ فيه الكونُ , ما أعصى نداه..! // ومتى كان بذي الأيّـام ِ بــِرُّ ..؟
يا أبا الفضل ِ أذابَ الفضلُ عمرًا // فوقَ سفحِ الغيب ِ والإيمانُ قطرُ
يا لفرط ِ العشقِ ها أودى عذابــًا // ليلكيـّـــًا صبَّــهُ في القلب ِ خمرُ
مدنٌ في النهر ِ تسترجي حنانــًا // والمساكينُ على الشطآن ِ كُــثرُ
لهمُ الشعرُ وقرآنٌ عليهِ // صِبغةُ الماءِ وأنفاسٌ ونحرُ
لهمُ الجذعُ وسهمٌ واحتضارٌ // لهمُ شكلَ انحناءات ٍ وظهرُ
لهمُ الصوتُ الذي استافَ المآسي // فنما في كلِّ حرفٍ منهُ قبرُ
ها أنا في حضرةِ العباسِ أتلو // همهماتِ البيضِ والترتيلُ وِترُ
بين عينيّ أطرّي النارَ حتى // يهمسَ الدمعُ , ويحيا اليومَ ثغرُ
بين كفيَّ نداءاتُ العُطاشى // صنعتْ فُلْكــًا كأن الدربَ بحرُ ..!
مددٌ يا سادنَ النهر ِ فإني // في احتياجاتي وآلاميَ نثرُ
ها أنا بخَّرتُ قلبي بمعين ٍ // وزفيرُ الأفقِ في روحي يقرُّ
ها أنا والشعرُ حبّاتُ ارتعاش ٍ // ولنا في هذه الذكرى ممرُّ
كلّما أسرفتُ في مائي أراني // محوَ آه ٍ تستقي مني تذرُّ
ولأني في هوى العبّاسِ أسمو // سوفَ أتلوني .. وذا المصحفُ شعرُ
سوف أتلوني على الشباك ِ طفلاً // دمعُهُ والحبُّ والحرمانُ جمرُ
وأناديكَ سلامَ الله ِ يهمي // فتقبلني فكلّي الآن شكرُ ..

وما كان لي أن أراك

وما كان لي أن أراك..
ولكنّ حبرك في المقبلين تراءى لعيني رسولا كريما.
وما كنت أسأل من قبل أيّ الطرقين يعني الخلاص؟!..
ولا أين قد تستقرّ الرؤى بالذين يراؤون وهنا ولا يعرفون الكلام؟.
وما كان لي أن أراك..
سوى أن موتا بطيئا يجيء على راحة الفجر..
يوقظني ثم يسألني عن دم شاخب في الجدار..
وعن جملة لا تمر على اللحظ.. أو يتخيلها المارقون.
وما كان لي أن أراك..
وبين يديّ سويعات صحو تخاف نعيب الغراب..
متى رمت أن نلتقي آذنتني بوجد يسألني عن سماك..
عن الموج يكبر في الغابرين..
وعن كلمات تطير تماوج بين السعيفات في ظلّ ناي حزين؟..
عن الطفل يكبر فيّ فلا يعرف الذاهبين؟ ولكنه يتأمل شكلا هناك.. ويسألني أن أراك..
وما كان لي أن أراك..
وما كان لي أن أطاول جيدك حين تجفّ الشموس جميعا..
وتندكّ في ظل أرضك تلك العروش.
وما كان لي أن أراك..
وأنت تحاول أن تنفض العشب عن فوّهات المطر..
وأن تنثر الملح في كل ركن مقيم.
وما كان لي أن أراك..
وقد أولعوا بالذين مضوا يملؤون الضفاف بحبر سواك..
وما كان لي أن أراك..
وأنت تحاول كسر المشيئة من فوق ظهر الخيول..
وأنت تضيء كما ضاء ملح بجيد جميل..
ونجمك يسأل أي الدروب سيحملها الياسمين.

تألق أيها السبط الشهيدُ

تألق أيها السبط الشهيدُ *** فلا شمر هناك ولا يزيدُ
وليس بماكث الدنيا يسيرا *** كمن أمسى بعالمه الخدودُ
برئت من الهوى إن كان شعرا *** فحبك فوق ما يصف القصيدُ
وإن صمتت شفاهك فهي نجوى *** وإن نطقت فقرآن مجيدُ
ولم أبصر عظيما في حياتي *** يؤم الناس وهو بها وحيدُ
تسير إليه أقدام البرايا *** تحث الخطو والمسرى بعيدُ
يظللها من الرحمن لطف *** فنار الإشتياق بها وقودُ
ترتلك الجراح غداة نزف *** وتبحر في رؤاك وتستزيدُ
ويندلق المدى رتما مصفى *** وفي عينيك يبتهل النشيدُ
عجبت لمن يحلق في المعالي *** شموخا كيف يحضنه الصعيدُ
دماه تناسلت بفم الضحايا *** إليه بكل ناحية وجودُ
وما سكنت جراح تعتريهِ *** برغم الظلم يمطرها الوعيدُ
تجفف ما استفاق بمقلتيها *** ويعبق في بواطنها الصمودُ
أعاصمة الإباء وفجر نحر *** تماهى في مصلاك السجودُ
أرادوا ظلمة وأردت نورا *** وليس يكون إلا ما تريدُ
وللسبحات في شفتيك وتر *** إذا ما شفها منك الصعودُ
وللزفرات عبقة مستفيض *** تألقُ من مدامعه الخدودُ
وللأشلاء متسع انتحابٍ *** وها قد ضم فرقتها الجريدُ
ورأسك حين حلق في علاه *** فلا حد إليه ولا حدودُ
يعانق ومضة العبرات عشقا *** وآي الكهف رتلها الوريدُ
وهبتَ هداك في عطف تهادى *** أليس بجمعهم رجل رشيدُ
وملء التضحيات فرات وجد *** ترقرقُ من منابعه الزنودُ
فرحمى السافيات عذاب طف *** وقد سكتت لينطقها الوليدُ
تغازل نحره الريح ارتواء *** لسقيا بلغة مما تجودُ
فأرخى الجفن بين يديك شوقا *** وناح الصبر وارتحل الوجودُ
مضيتَ وآهك انداحت فداء *** وأورق في مداك دم فريدُ
تخطيتَ الدروب بوحي قدس *** خلدت ومجدك الباقي تليدُ

بحيرةُ ورد

حكاية الدم الذي أزهر حباً وكرامة صبيحة سال من شرايين
( الحسين ) عليه الســلام فأوغل في شرايين الخلـــود

إلى الله فوقَ براقِ المواجعِ في ذكرياتكَ
يسمُو بنا الشعرُ أطيارَ حزنٍ ترفرفُ بينَ الحروفْ
فينكشفُ الجرحُ عن مأتمٍ للجمالِ
يسائلُ :
ماذا تخبئُ خلفكَ من أغنياتٍ !!
يلحنّها الحبُّ للعاطلينَ عن الحبِّ
في كلِّ عامٍ يبيعونَ باسمِ العزاءِ جراحكَ
حينَ احتوتكَ السيوفْ
فخُذنا عريسَ الشهادةِ
ها نحنُ نطبعُ فوقَ جبينِ ( طفوفكَ )
مقطعَ أحلامِنَا فانتهينَا إليكَ
أتيناكَ ظمأىً كيومكَ يُلهبنا الشوقُ سوطاً
نجرجرُ قيدَ العذابِ الأليمِ ..
نلمُّ خطاكَ التي أزهرتْ بالفدى
فوقَ أرضِ ( الطفوفْ )
فتعشبُ فينا صلاةً سماويةً
وحقولاً من المجد تزهو ، وبيدرَ عزٍّ وحرّيةٍ
وقافيةً منْ حتوفْ
تحلّقُ فيها طيورُ الكرامةِ مجداً
وركبُ الأماني عليها يطوفْ

ـ 2 ـ

وجرحُكَ يروي عروقَ الفداءِ برغم الفضاءِ اليبابِ
وعطرُ الشهادةِ في ( كربلائكَ ) يزكو
يعيدُكَ منكَ إلينَا
نضارةَ صبحٍ لهذي الحياةِ برغم الدخانِ ورغم الخسوفْ
و ( عاشورُ ) أيقونةٌ للوجودِ
نطلّ عليكَ ..
نراكَ بكلِّ الوجوهِ الثكالى
تَفَتَّقتَ سنبلةً من جراحٍ
إلى أن تدلَّتْ علينا القطوفْ

قرأناكَ في أعينِ البؤساءْ
أماناً كبيراً
يسيّج تلكَ القلوبَ التي أفزَعَتها الفجيعةُ في ( كربلاءْ )
وحُلماً جميلاً يداعبُ جفنَ العيونِ التي أسهبتْ في العذابِ
يغلِّفُها الحزنُ والشوقُ والذكرياتُ
لأجلكَ يا جنةَ الشهداءْ
تهاوى بها السهدُ مجروحةً في الظلامِ
على شفرةِ الحزنِ مغموسةً في البكاءْ
سقطتَ فسالتْ دماكَ
بحيرةَ وردٍ يجدفُ فيها الإباءْ

ـ 3 ـ

وكانَ ( الفراتُ ) حزيناً
يلملمُ ضوءَ الشموسِ
ويرحلُ نحو الخفاءْ
تموتُ الطيورُ على شاطئيهِ
وتسقطُ ظمأى
وتهوي الأزاهيرُ من ( هاشمٍ ) ..
ويخرُّ الصحابُ ..
تجفُّ على الطينِ آثارُهمْ
مطاعينَ ..
أشلاؤهمْ مسكنٌ للرياحِ
وطلاّبِ حقٍّ
قد ابتكرُوا الموتَ نهجاً
على أن يهانُوا
فمدّتْ عليهمْ نخيلُ ( العراقِ ) ظلالَ المساءْ

وأكرمْ بِها أن تسيلَ الدماءْ
فمن هاهنا الابتداءْ
إلى هاهنا الانتهاءْ
ويا أيُّ هذا المجرّدُ من كل شيءٍ
سوى العزّ يومَ المحرّمِ
تندى عليه الورودُ ..
تزاورهُ الطيرُ بينَ النبوةِ جسراً وبينَ الإمامَهْ
يموتُ وكفّاه مرفوعتانِ
علامةَ رفضٍ

ـ 4 ـ

ويرفعُ للحقِّ هامَهْ
رأيتُكََ فوقَ ثغورِ المنايَا
علَى عَرَصاتِ ( الطفوفِ )
طريحاً يُحاصركَ الجيشُ ملقىً
وأنتَ تنادي : كرامَه كرامَهْ

أقول :
خطرتَ ببالي
فقمتُ أبلِّغُ باسمكَ كلَّ الرسالاتِ
من أوّلِ الشعرِ حتّى انتهاءِ القصيدَهْ
وكنتَ تضيءُ قناديلَ روحيَ
عزماً
بكلِّ الدروبِ
وتدلقُ فيهَا زيوتَ العقيدَهْ
وإن السيوفَ التّي مزَّقتكَ
وغاصتْ بنحركَ حدَّ الصبابةِ
أذكَتْ فتيلةَ جُرحي وأَورَتْ وقيدَهْ
فداؤكَ قلبي
فأيكمَا اليومَ تحتَ السنابكِ
حزُّوا وريدَه !!

ـ 5 ـ

وفي ( الطفِّ ) كانَ الإلـهُ
عليكَ يعَوِّلُ
في أنْ تعيدَ الحياةَ لوجهِ الحياةِ
يُعدُّكَ فتحاً مبيناً
ونصراً لكل المعاني المجيدَه
سقطتَ ولم تسقطِ الأمنياتُ ..
تأرَّجتَ نسمةَ لطفٍّ من الخلد هبتْ
وما جفُّ نُبلُكَ
إذ كنتَ أنتَ على الأرضِ
رغم المنيّةِ .. رغمَ الجراحاتِ
رغم اغترابكَ
حلمَ النفوسِ الشريدَهْ
ورأسُكَ مازالَ فوقَ الرماحِ
يرتلُ سِفْرَ البطولةِ ..
يقرأُ باسمِ الإباءِ نشيدَهْ
سلامٌ عليكَ .. على ( كربلاءَ )
على كلِّ روحٍ بيومكَ
خرّتْ بفيضِ الدماءِ شهيدَهْ

حُلمٌ يطفو بريشِ ملاك

الأمنياتُ رصيفٌ … والرؤى سَفَرُ
من أوّلِ الحبِّ قلبي كان ينتظرُ

من أوّلِ الشوقِ كان الدّربُ يُومئُ لي
وكنتُ أبصرُ مالا يُدركُ النّظرُ

أمضي إليك وشِعري بعض أمتعتي
ومن ورائي تسيرُ الشمسُ والقمرُ

نمضي ..ومن خلفنا الأنهارُ تعرفنا
“والخيلُ والليلُ والبيداءُ “*والزّهَرُ

العاشقون على أبوابكَ ازدهروا
والشانئون بكفِ الريح قد نُثروا

أنت الطريقُ.. ومعنى السيرِ.. “هيتَ لنا”
لنعبر الغيبَ فيمن بالهوى عبروا

حُلمي أصابعُ غيمٍ ..لهفتي ودقٌ
أطفو بريشِ ملاكٍ ثم أنهمر..

أضمّ بين كفوفي ما تفايض من
غناءِ حوريةٍ بالنورِ تستترُ

عيناي رقصُ فراشٍ في حقول سنًا
عيناك منبعُ ضوء ..حيث أنصهرُ

أفنى ..وأخُلَقُ في نارِ الهيامِ وما
غير التّوحُدِ لي في المنتهى وَطَرُ

لا شيء يُشبهُ وجهي حين ترمقني
أعلو ..أطيرُ ..أغني ..تُومضُ الصورُ

ما كنتُ إلا ترابا منك بي عبقٌ
لولاهُ ما اخضرّ قلبي وادّلى ثّمرُ

لولاهُ عمريَ فانوسٌ بلا لهبٍ
لولاهُ قلبي جبٍّ.. خفقتي حجرُ

لولا جمالكَ هل لي في الجمالِ هدىً
ويوسفٌ حين يستجليكَ ينبهرُ

ولو زليخة تدري عنكَ ..عن ولهي
بكت عليّ طويلا ..كيف أصطبرُ

أرسلتُ هدهدتي حتى تجيءُ بما
يشاعُ عنك ..فلا حِسٌّ ولا خبرُ

مزّقتُ أقمصة الأشعار ..بحتُ بما
تشي لحوني ..حتي أُذْهِلَ الوترُ

كمثل مريم هزّت جذع نخلتها
أهزُّ خصر سمائي تسقطُ الفِكَرُ

كما تحيكُ عروسُ الفجرِ طرحتها
كما يُرتّلُ غيمَ المشتهى مطرُ

كما عذارى النجومِ الغافيات
على بروجها لَهَفًا ..والتوقُ ينفجرُ

وقبلةٌ من شفاهِ الوحي تُوقظها
تشفّ أحداقها ..والوهجُ يُبتكرُ

كطفلةٍ باتساعِ الكونِ ضحكتها
في ثغرها بلبلٌ.. في كفها شجرُ

أو مثل ناسكة تخلو بصومعةٍ
حيطانها مرجُ البحرين والدُّررُ

لا لهو يُشغلها ما دمتَ شاغلها
سكرى وإن لم تذُق خمرا ..وتَذّكِرُ

سبحان نورك خرّ القلب مُنصعقا
=لما تجليتَ= حتى كدتُ أنشطرُ

“حسينُ ” يا ليتني ذرٌّ يحُوم على
شباّكِ قبركَ.. أو بين الخُطى مَدَرُ

دعني أبوحُ وهل في البوح متسعٌ
حبي مُعَلّقةٌ لو كنتُ أختصرُ

خذني بقربكَ ..-عينُ الله شاهدةٌ-
تنور شوقيَ بالطوفان يستعرُ

وصفحتي بدموعِ الحبرِ مورقةٌ
في كل مأتم وردٍ للندى أثرُ

دعني أنوحُ كما نوح الحمامِ على
زنديكَ حين يقولُ الحزنُ ..: لا وَزَرُ

دعني ألملمُ عشقي كل أمتعتي
خذني بكلّيَ لا تُبقي ولا تَذَرُ

إني عجلتُ لترضى خُذ بقافيتي
من أولِ الشّطر قلبي كان ينتظرُ

أوحى ليَ الماء

من غيمةٍ في سماء الحبِ قد هطلوا
وحينما شاخ وجهُ الشمسِ ما أفلوا
ستائرُ الحزنِ بالأوجاعِ تنسدلُ
أوحى ليَ الماءُ، أنّ الشمس ذات ضحىً
ودمعةٌ طفلةٌ شاخت وما فتأت
ها قد أتيتكَ مفجوعاً .. يحاصرني
معي مدامع قلبٍ موجعٍ، ومعي
مواسمي كلّها قحطٌ، وها أنذا
الماء يرسم شكل الموت ملتظي اً
ياسيّدي .. يا نبي الماءِ .. ظامئةٌ
فجاء صوتٌ من المجهول يهتف _ يا
دعني أعلّق عيني في سمائك غي
أوحى ليَ الماءُ ، أن الموت مرّ على
وأنّ كل ظلامٍ كنت تحرثه
بأيّ شمس أضأت الكون في زمنٍ
هنا بذاكرة الرمل الح زينِ دمٌ
ما زلت دولة ح  ق تنتشي ألق اً
مازلت تنزف أحلاماً وتعزف في
يا سيّدي .. ك  ل شيءٍ فيك يُبهرني
أعدو وتتبعني الأشواق، مرتدي اً
أشدو .. وأنظر في المرآة عن كثبٍ

موتى فموتى، وكم جادوا وما بخلوا
وأسرجوا دمهم للناسِ واشتعلوا
على شبابيكِ من بالضوءِ قد ثُكلوا
كانت على زفرات الأرض تنجدلُ
وكلّما مرّ ذكر الطفّ تنهملُ
حزني ، وتمشي على أقداميَ السبلُ
حزنٌ غزيرٌ، وجرحٌ ليس يندملُ
وحدي على شرفات الغيم أبتهلُ
أعدو إليه سريعاً .. ثم لا أصلُ !
ك  ل الغيومٍ، وما قد مسّها بللُ
هذا _ بأنك أنت الوابلُ الهَطِلُ
مةً حسينيةً أمطارها الخجلُ
أرضٍ، فأورق في أنحائها الأملُ
ضوءً، أ ا ره صباحا منك ينهدلُ
به الدياجيرُ ضوءَ الشمس تنتحلُ
يظل بين سنين الدهر ينتقلُ
للثائرين إذا ما جارت الدولُ
صمت المساء لحوناً ، والمدى جذلُ
ال أ رسُ والكفُ والأخلاقُ والمُثُلُ
حبّا فريداً، فقلبي في الهوى ثملُ
فلا أرى غير وجهٍ ملؤهُ الوجلُ !
متيمٌ بك حدّ الموت .. ها جسدي
فتشت كلّ ج ا رحِ الأرض قاطبةً
أكنت تحمله ورداً، وبوصلةً
أكنت ته أ ز بالريح التي عصفت؟
علّقت أسئلتي الحيرى على شفتي
وشاب أ رسيَ وابيضتْ بيَ المُقلُ
هبني قميصك، إنّ الماء أنبئني
وأنني والمسافاتُ التي نزفت
ما أوسع الدرب .. من مثواكَ نبدأه
وكربلاءُ التي كنت انشتلتَ بها
فيالذي كانت الأحلام تشبهه تمر بي كاخض ا رر الروح فوق فمي
أشعلتُ نار حروف الشعر في خلدي
وجّ هتُ وجهي نحو الطف قافيةً
درعٌ، وأوردتي الأسيافُ والأسلُ
فكان جرحُكَ جرحاً ليس يُحتملُ
للعابرين، وكان الموتُ ينذهلُ؟
وكيف كنتَ بوجه الريحِ تنشتلُ؟!
فجاوبتني بدمع الحسرة المُقلُ
وكلّما مرّ ذكر الطف أكتهلُ
أني بقمصانك الحمراء أكتحلُ
موتاً، بأنهارك الحم ا رء نغتسلُ
فكربلاء بعرش الله تتصلُ
نخلاً، ستبقى لأمر الله تمتثلُ
والأمنيات على كفيه تبتهلُ
كالأغنيات، وكم يحلو بك الزجلُ
حتى تضرّمت الأبياتُ والجملُ
فإنني نصفُ بيتٍ، فيك أكتملُ

وضوءٌ على شرفِ الحسين…..

وضأتُ روحي من هديرِ جراحي
وعبرتُ جرحَك مالئاً أقداحي

وفتحتُ حبَّكَ قلعةً لفرادسٍ
أسمو بها لعوالمِ الأرواح

علِّي أترجمُ أبجديَّةَ قصَّةٍ
رفعت عنِ التاريخِ كلَّ وشاحِ

وأرى السنين المسرجاتِ دروبها
تجلو الشقاءَ على مدى أتراحي

هذي حياتكَ والخلودُ يصوغها
أنشودةً للمشرقٍ الوضَّاح

ويطلُّ فجركَ من ضفافِ جراحهِ
حتَّى يباركَ موكبَ الإصباح

جرحي وجرحكَ ها هما يا سيِّدي
متعانقانِ بشقوتي ومراحي

وأرى لديكَ الكونَ يرفُلُ عزَّةً
لا تنحني أبداً إلى سفَّاح

عشَّاقكَ الأحرار باغتَ دربهم
نحوَ الضيا حُجُبُ الظلامِ الماحي

لبيكَ يامولايَ كانَ لوائهم
في كلِّ مرفدِ عزَّةٍ وكفاح

أجمل بهم من عاشقينَ توحَّدوا
ومضوا إلى دربِ الهيامِ أضاحي

شربوا من النخبِ الذي ثملت بهِ
هذي الحياةُ وأثملت ألواحي

وتدفقت ذكراكَ في أعماقنا
حمراءَ ذاتَ توهُّجٍ وجمـــاح

بوركتَ من جرح يفيضُ نميره
عذبا على مرأى اللظى الصدَّاح

ياراسماً دربَ الخلودِ خريطةً
أزليَّةً من ريشةِ الأطماح

ذا ليلُ عاشوراء رحتَ تحيله
صبحاً تسلِّطهُ على الأشباح

هيهاتَ منَّا الذلَّ دوَّى جمرها
تصطكُّ سمعاً تستفزُّ نواحي

هيهاتَ منَّا الذلَّ تقتحمُ المدى
حتى يفيقَ بأنهرٍ وبطاح

وهديرُ نبعَك لم يزل بهديره
يمتدُّ أفقاً للسنا الممراح