جراحٌ بنكهةِ الحبّ..!

1. ما اسْمُ الجراحِ التي كالحُبِّ نكهتُها

= ما اسْمُ الأَشقّاء بالآهَاتِ والوَجَعِ

2. ما اسْمُ العناوين مُنذُ الرَّمْل غَافـَلَني
حَظَّـًا فعرَّافتي قدْ شَدَّها طَمَعي

3. تمشي على لُغَةِ الأوجَاعِ شطرَ دَمِي
تـُغوِي فَأقـرَأُ فيها كُلَّ مُتَّـسَعي

4. أؤمُّ لَونَ المَسَاءَاتِ التي عَطِشَتْ
كالرِّيحِ حِينَ تمَادَتْ بالبُكَاءِ مَـعِي

5. إذْ أوّل الشَّوقِ مِينَاءٌ يَئِنُ بنا
وليسَ إلا قَوامِيسَ الرِّثاءِ يَعي

6. وليسَ في وِسْعهِ إلا النِّداءُ ضُحىً
والخَيلُ تُومِئُ لي أنْ خفِّفِي فَزَعِي

7. فَأمتَلي بنِدَاءَاتِ الفُرَاتِ إِذا
أغْرَى الدِّمَاءَ بِوَجهٍ مِنهُ مُصْطَنعِ

8. أَصِيحُ خَارجَ نَـفْسِي في مُسَاءَلةٍ
يا غُربَتي , يا احْمِرَارَ الوَجْدِ فلتَضعي

9. كَأسَاً سيَحتَاجُها الآتونَ من ظَمَأٍ
وسَكْرَةً كانتِشَاءِ النَّهْرِ بالبَجَعِ

10. أو كالعَويلِ الذي في الصَّدرِ سُورَتهُ
مُقدارُ عُمْرٍ سَبيِّ النَّبضِ مُنصَدِعِ

11. يا كَربَلاءاتُ أَوجَاعِي أ تَشبَهُني
حقِيقَتي وأنَا إيَّاكِ في هَلَعِ؟

12. كأنَّنا آلِـهَاتُ الدَّمعِ صُورتُنا
صِلصَالُ أُغنيةٍ من نُـوتةِ الجَزَعِ

13. كأنَّنا ويَتَامى الفَجْرِ يَسلبُنا
مَوتٌ طويلٌ لآهَاتِ الرَّحِيلِ دُعِي

14. ومُفرادتٌ من النزفِ الذي انتَفَضَتْ
لهُ الأقـَاصي على كَفٍّ من الوَرَعِ

15. وذا الغُموضُ يُضِيءُ الطِّينَ في ألمٍَ
فيَستحِيلُ كَمَاءٍ فيَّ مطَّلِعِ

16. هُنالكَ اليَـمُّ سيَّارٌ بلوعَتِنا
فالقِ القَراَبينَ بالتَّرتيِلِ أو فَـ قَعِ

17. واسجُدْ على نبَضاتِ الجُرحِ ذاكِرةً
واعرُجْ مَسِيحَـًا فما في العِشقِ من بِدَعِ

18. لا تمتَحنِّي أنا المَهْدُورُ نبرتُهُ
هذا السَّلامُ كلَحنٍ رَقَّ حِين نُعِي

19. والعَازِفونَ زِيَاراتي أَذَانُ فَمِي
يُهَسْهِسْونَ سَمَاءً ذَاتَ مُرتفَعِ

20. فيُـوجِعُونَ صَلاةَ الرَّمْلِ أَدعِيَةً
مَختُومَةً بِغَمَامِ العَصْفِ والهَمَعِ

21. بُكاؤُها ربّما أَعطَى المَـغِيبَ مَدَى
فيَا سَوَاقِيهِ يَا آلامَهُ اسْتَمِعِي

22. غِريبَةٌ هي أشْيَائِي التي غَرُبَتْ
إليكَ تَتلو شُرُوقَـًا جِدّ مُتَّسِعِ

23. تصَعَّدتْ بِدَمٍ تلكَ النُذُورُ هَوَىً
فاسَّاقَطَتْ لاثِمَاتِ القَبْرِ والقِطَعِ

24. هُنَالكَ العَطَشُ الدَّامي يُصَيِّرُنا
بَوَحًا تأخَّرَ , هلْ يأتِي كَمَا السَجَعِ؟

25. وهلْ يطوُلُ كَـ بَالِ اللَّيلِ في سَهَرٍ
حَدّ الأَنِينِ بِطَيفٍ نَاحِبٍ لَمِعِ؟

26. يَرمِي البَعيدَ على رِيحِ الوُجُوهِ لَظىً
كَمَا لو انَّ النَّوَى بِالخَطْوِ لم تَسَعِ.!

27. يا سيّدي مُنذُ أن صِيغَتْ مَدَاركُنا
جِئنَاكَ كالعَطْفِ , كالتَّرديدِ , كالجُمَعِ

28. يا سيّدي كانَ جِبريلٌ يَمرُّ بِنَا
نَرَاهُ يتلُو صَلَاةَ الآهِ والوَدَعِ*

29. يأتِيكَ زَحْفَـًا سمَاوِيَّـًا يُظلِّلُهُ
عَرَشٌ تَنزّلَ بالتَّهليِلِ والمِنـَعِ

30. وينَثْرُ الوَردَ في آلاءِ وِجهتِهِ
نُوبَاتُ حَرَفٍ على الآلامِ مُنطبِعِ

31. يَطِلُّ من غُربَاتِ النَّـخلِ يَسرِقُني
تِلاوةً بِدَعَاءِ النزفِ بالسَرَعِ*

32. يا جَاذِبِـيَّـتُها الأُخرى أَجِيءُ هُنا
بَيضَاءَ من غَيرِ سُوءٍ صَبَّني وَجَعَي

33. الشَمسُ في رَغبَةِ الإِشْرَاقِ تَصْلِبُني
كَالبَحْرِ مُحْتَضِنِ التِنحَابِ ممُتنَِعِ

34. فأَسْتَريحُ على أَهدَابِ خصلَتِها
بِاسمِ الحُسَينِ بِصوَتٍ فيّ مُرتَجَعِ

35. يا سِيرةَ الخُلْدِ مُسِّي في ملُوحَتِنا
حِكايَةٌ بين رَمْلٍ فِيكِ مُفتَجَعِ

36. كما السَّعِير إذا نَامَتْ جَوارِحُهُ
يكُونُ في جَوفِهِ تلّاً من الطَمَعِ

37. سَعِيرُنا مَاثِلُ الحِرمَانِ أعْجَبَه

نطقُ ابتِهَالاتِ عِشقِي نَحوَ مُنتجَعِي

*الوَدَع : ما يُعلّق على الكعبة ..
*السَرَع : الوَحى ..
..

” مدَدُ الطفوف “

هل من كليمِ جوىً لجرحِكَ يُلئِمُ
أم من رهينِ أسىً يُحررُهُ فمُ

ما ملَّ مِن نَوحٍ عليكَ ومِدحةٍ
شِعرٌ تُسرّحهُ الهمومُ وتُلجمُ

إذ فيكَ للشعرِ اختلاجُ تَميمةٍ
فيها بما يُشتقُّ منكَ تَنَمنُمُ

وبهِ عليكَ إذا تشَطّرَ حُرقَةٌ
فإذا تَفرّدَ كُلُّ حَرفٍ زَمزَمُ

ورحلتُ أستسقي هديلَكَ والإبا
مِن لَحنِ قانيكَ الشّدِيِّ يُتمتِمُ

أطويكَ في سِفرِ القصيدةِ مُصحفاً
فإذا انتثرتَ فأنتَ آيٌ مُحكَمُ

ما كنتَ عَشراً تُفترى سوراً وفي
إعجازِ وحيِكَ آيةٌ تتكلّمُ

شَوطَأتَ مِن مَدَدِ الطّفوفِ أناملاً
فغدتْ للجّةِ راحتَيكَ تُيَمِّمُ

أهفو إليكَ وفي الحشاشةِ مُهجةٌ
حرّى وفي الآماقِ دمعٌ مُحْرِمُ

من يومِ كانَ الماءُ أعطشَ واردٍ
مِن حيثُ يَــــروي حـالئيـــــكَ ويندمُ
وَوَددتُ لو كُنتُ الذبيحَ تتُلُّني
كفُّ السيوف فأفتديك، وتسلمُ

ما حُبُّكَ المنحوتُ حُبُّ صبابةٍ
حيناً يؤوبُ وتارةً يتصرَّمُ

كلا ولا نزواتُ طارقةِ الهوى
إنّ المحبَّ بما يَجِنُّ مُتيَّمُ

يا أنتَ حينَ تُفلسفُ العشقَ الفريدَ تجلّياً فيتيهُ فيكَ ويُغرمُ

ها قد أتيتُ وحقُّ دمّكَ إنني
في غيبِ ما شاهدتُ منكَ مُسلِّمُ

أنتَ الخلودُ إذا استبدّ بلحظةٍ فيها لمعناكَ الكبيرِ تبسُّمُ

راهنتَ بالموتِ البقاءَ فكانَ واللهِ الرهانُ بحقّ ثَأركَ يُقسمُ

وسنَنتَ بالدمِّ الطهورِ شريعةً
بسُدى وريدِكَ تستقيمُ وتُلحمُ

قُل لي بربّكَ ما تكونُ وفيكَ مِن
إرثِ النُبوّاتِ اتّساقٌ مُبرَمُ

أنت الذي تختارُ أقدارَ الطغاةِ فتارةً تُبدي وأخرى تحتمُ

يا تمتماتِ أسنّةٍ ونحيبِ رُمحٍ أو وَجيبِ نجيبةٍ تتألمُ

أبكي عليكَ وكلُّ جسمي مُقلةٌ
يابنَ الكُماةِ وكلُّ عمريَ مأتمُ

قد أعطشوكَ ونونُ كافِكَ لمحةٌ تكفي لتومئَ للفراتِ فيقدِمُ

أيقنتُ أنّكَ في انبعاثكَ مُعجِزٌ
ولُكلِّ طُلاّبِ الشهادةِ مُلهمُ

علّمتهم فصلَ الخطابِ بما ابتدعتَ من البلاغة فالذي نطق الدمُ

فزممتَهم في عِقدِ مجدكَ لؤلؤاً
حلّوا أساورَ مِن دِمَاكَ ونُعّموا

فتقلّدوكَ مصلّتينَ يفوحُ من أردانِهم ضَوعُ النجيعِ ويَفعَمُ

كفروا بعيش الخانعينَ وآمنوا
بكَ في يقينِ العارفينَ وسلّموا

للهِ صُنعُكَ بالنفوسِ فأنتَ إحدى حالتينِ معظِّمٌ ومكرِّمُ

ولأنتَ في أمثولةِ العزِّ انبهارُ ولادةٍ أخرى تَجِدُّ وتُتئمُ

تستحلفُ الدنيا وأنتَ يمينُها
فتقرّ أنك يا حسينُ الأعظمُ

فلأنتَ مَن جمعَ الشهادةَ فانثني في كفِّهِ الأُخرى انتِصارٌ مُبرَمُ

وأبيتَ إلا أن تكونَ قضيةً
عُظمى تُسافِرُ في الضميرِ وتُتهمُ

وبقيتَ تنطقُ في الزمانِ كأنما أنتَ الزمّان ووقتُ غيركَ أعجمُ

بأبي الذي أهدى الحقيقةَ كُنهَها
فهو الحقيقةُ طوقُها والمِعصَمُ

ساءلتُ عنكَ المرهَفاتِ فَهَمهَمَتْ
ولهــا بِمــا ســاءلـتُ ردٌ مُفـــحِــمُ
ليسَ الحسينُ سوى قتيلِ سُويعةٍ
طالتْ فجلجلَ في الزمانِ مُحرّمُ

حُييتَ مُشتَجرَ الرماحِ مَخيطُكَ البيضُ الصِفاحِ تُحلّها أو تُحرمُ

حُييتَ مُختزِلَ الطيوفِ بواحدٍ
والكونِ في أرضٍ واسمكَ مُعجَمُ

حُييتَ قِبلةَ عاشقٍ ألهمتَهُ
أنّ الشّهادةَ للسعادةِ سلّمُ

تبّاً لعقلٍ لا يراكَ حقيقةً
والحقُّ فيكَ تصوّرٌ وتَجسُّمُ

ما قلتُ فيكَ الشعرَ أطلبُ منحةً
إلا لأنّ الشعرَ فيكَ مُعظّمُ

الوجع المقدّس

دهرٌ يجيءُ وآخرٌ يتصرمُ = وهواك يبقى داخلي يترنمُ
فهواك أغنيةُ المواسم يرتوي = بك موسمٌ ظامٍ ويورقُ موسمُ
باقٍ بذاكرة الصباح تعبُّ كأ = س الشمس نوراً للمدى يتضرمُ
وتمدّ كفك للفقير سنابلاً = وتمدها قمحاً لمن هو مُعدمُ
وتعيش أيام الشقا متبسماً = لنعيش أيام الهنا نتبسمُ
حَبلتْ بك الأيام حتى أيقنت = أن الحياة بلا هواك توهمُ
مازلت تزرع في الصباح الشمس تر = ويها وتوقد نورها وتقلمُ
هرم الزمان وأنت أنت، وكربلا = ء صبيةٌ في مهجتي لا تهرمُ
كل الدروب إلى المواسم كربلا = ء وكل بومٍ يا حسين محرمُ
ياسيدي .. ولأنت ألف حكايةٍ = ثوريةٍ حمراء لونّها الدمُ
ولأنت من زرع الحقيقة داخل الإ = نسان هذا الكائن المتصنّم
ولأنت من غسل الزمان بدمّه = فابيضّ من دمك الزمانُ المعتمُ
يا سيدي .. تعب الجواب ولم تزل=في القلب أحجيةً بنا تتطلسمُ
تعب الجواب وأنت تحت سنابك الأ = عداء ظمآناً سؤالٌ مبهمُ
وأنا أمامك _ منذ أول رضعةٍ = منذ الولادة _ سيدي أتقزّمُ
لا شيء غيرك ذقته فعرفت طعــ = ـــمك عزةً وكرامةً تتجسمُ
يا سيّد الوجع المقدّس هب لنا = جسداً يداس وأظلعاً تتهشمُ
ودماً يفورُ وقربةً عطشى وصد = راً بالخيول العاديات يثّلمُ
فجراحك الحمراء أصدق مرهمٍ = لجراحنا إن تاه فيها المرهمُ

ضوءٌ… وقلبي مرايا

عَبّدتُ دَرْبَ الرّوحِ نحو رؤاكا ومَضَيْتُ أملأُ جَرّتي بِسَناكا
عَطْشَى يُطارِحُني الحنينُ كأنما نارٌ تطارحُ لجةً بِمَداكا
ما كانَ يُدْرِكُني التّصَبّرُ كيفَ لا أُلقِي بِنَفْسِيَ في عبابِ هَواكا
أطْفُو وموجُ الذّكرياتِ يَهُزّنِي كالطّفلةِ الوسْنى بِمَهْدِ أسَاكا
وأغوصُ تتبعُني اللآلئُ نَجْتَلِي سرًا حميمًا كَنّ في مَعْنَاكا
المَدُّ جاءَ بِلَهْفَتِي أمْ لَهْفَتِي جاءتْ كَمَدٍّ تستعيرُ خُطَاكا
قَرّبْ ضِفَافَكَ تَسْتَرِيحُ نَوارِسِي التّعْبَى وأشْرِعُ للغناءِ صَدَاكا
ضَاقَتْ بِها الآفاقُ إلا فُسْحَةً للِّانِهايةِ منْ طُفُوفِ إِبَاكا
مَشْغُولَةٌ بِالحُلْمِ تَنْسُجُ وَحْيَها تَنْسابُ خَارِجَ ذاتِها لِتَرَاكا
بَلْ خارجِ الأُطُرِ العَتِيقةِ لم يَعُدْ زَمنٌ ولا أرضٌ بِوِسْعِ أَنَاكا
فَتْلامِسُ الحُزنَ الذي يَمْتَدُّ مِنْ أقْصَى الحَيَاةِ ..وكَونُها عَيْنَاكا
حيثُ انْعِتَاقُ الضّوءِ أَشْعَلَ رُوحَها حتّى تَكَسّرَ لَيلُهَا بِضُحَاكا
يُغْرِي بِها وهَجُ الخُلُودِ يَشُدّها ذاكَ الذي في عَاشِرٍ أغْرَاكا
العِشْقُ يَرْسِمُ ما انْمَحَى فِي لَوحَةٍ ما كانَ يُبْدِعُ مِثلها إللّاكا
ذَبُلَتْ بِها الألوانُ جَفّ بَريقُها فَشَرَعْتَ تُنْدِي لَوْنَها بِدِمَاكا
وكأنما خَفَقَتْ بِأنفاسِ الحَيَاةِ بِنَفْخَةٍ مِنْ عُنْفُوانِ نِدَاكا
يا كَفّ بَدْرٍ ..فِي مَجَرّةِ ثَوْرةٍ كانتْ تُرَتّبُ حَولكَ الأفْلاكا
يا صَبْرَ سُنْبُلَةٍ ..تَفَرّطَ دَمْعُهَا قَمْحًا ليُبْذَرَ في حُقُولِ جَوَاكا
يا جُرْحَ وَرْدٍ ..كَمْ رَوَيْتَ عُرُوقَهُ فانثالَ شَلّالًا ببوحِ شَذَاكا
يا قُرْبَةَ الأحلامِ ..أُهْرِقَ نَبْضُها والسّهْمُ يا ماءَ الحَيَاةِ سَقَاكا
يا خَوْفَ نَرْجِسَةٍ ..تَنَاثَرَ يُتْمُهَا تَبْكِي لأنّ بُكَاءها أَبْكَاكا
مازالَ يَذْرَعُنِي النّداءُ كَمُهْرَةٍ يَرْتَدُّ عنْ تِصْهَالِهَا عُتْبَاكا
مازالَ يَسْكُنُنِي يُؤَثّثُ فِكْرَتِي أوليسَ ذاكرةُ الهَوى سُكْنَاكَا
مازالَ مقدودًا قَمِيصُ قَصَيدَتِي هلّا رَتَقْتَ حُرُوفَها بِعُرَاكا
تَفْنَى بِكَ الأَرواحُ تَفْتِلُ خَيْطَها المَعْقُودِ بِالأهْواءِ كي تَحْيَاكا
فالموتُ بَيْنَ يَدَيْكَ طَأْطَأُ صَامِتًا لكأنه لِجَلالِكَ اسْتَحْيَاكا
والخُلْدُ تَوّجَكَ المَليكَ فَما يَرى بَطَلًا يَلِيقُ بِخَافِقَيهِ سِوَاكا
لما تَرَكْتَ الخَلْقَ طرًا سَيّدي اللهُ فِي عَيْنَيهِ قَدْ آوَاكا
لكَ يا حُسْينُ يَسِيرُ شَوقِيَ حَافِيًا آنَسْتُ نَارَ الوجْدِ فِي نَجْوَاكا
ها أنتَ ضوءٌ في مرايا خافقي هلا فَلَقْتَ سَديمَها بِعَصَاكا
قَدْ فًتّحَتْ أَبْوابُ وَصْلِكَ سَيّدِي أَ أعودُ مُنْحَطِمُا بِغِيرِ لُقَاكَا ؟
أَ تُغَلّقُ الآمالُ دونِيَ دُلّنِي يا خَافِقِي ..أُوّاهُ ..مَا أَشْقَاكا !
خُذْنِي فَما بَينِي وبَيْنَكَ دَمْعَةٌ وكأنّ مَا بينَ الدّموعِ رُقَاكا
خٌذني على مَهَلٍ أتيتُكَ مُوجعًا بل كلُ ما بي من هُداكَ.. أتَاكا
وسأسكبُ الولهَ المُضَمّخَ في دَمِي دررًا.. فراشات ..تُدلّهُ ..هَاكا
لو أسْتَشِفُ الحاءَ.. لو أدنو بِما في لوعتي.. لو أدّلي بِرِضَاكا
ذَرْنِي لأملأَ جَرّتِي بِسَنَاكا وأَمُرُّ مَرّ سَحَابَةٍ بِسَمَاكا
وكَمًا مَواعِيد الغَرامِ أبُوحُها لكَ حِينَ أُصْعَقُ في الوصَالِ فِدَاكَا

صلاة بوضوء الدم

تحكـي غراماً صاغه معناكــــا
روحي على ذكراك ذابت بالأسـى

إلا فــــتاتٌ ذائــــــبٌٌ بهواكــــا
آه هياميا يا حــسين و مـــا أنـــــــا

سجدت بـــــحور الحب في نجواكا
يا أنت يا كل الوجـــود بهمســــةٍ

حتى السماء تأن مـــن ذكراكا
ذكراك جرحُ الغيم في قـطــــــــراته

خــد الــــتراب فلـــيلهُ يغشاكــــا
و الصـــبح قد ذابـــت ملامــحه علـى

و يجول سعياً قاصــداً لضياكـــا
فـيه يـــطوف الوجد حـــول خيـــاله

حتى ضمير الــــماء فوق ثراكـــا
ولقد أتتك عـــلى الــتراب ضـــــمائرٌ

و تقول إن الكون ـفي مثواكــا
تنعاك يا عـرش المهيمن بـالأسـى

كلماته صلت عـــلى مــــعناكــــا
أحكـــيك وحيــاً بالغرام تـــجسدــت

شَهِدت بأن الســيف من قتلاكا
هذي هي الطف التــــــي ذراتـــــها

آياته ذُبـــحت بـــعرش سماكــــا
فلأنت قرآن الطفوف على الـــــثرى

جرحى من الأنات كـيف حكاكا
فتكلــــم القبــر الــتذي جنَــــباتـــه

رسمتك عزاً للوراء بـــــــــــإباكا
فيقول إن الأرض أضحـــــت لوحـــــــةً

سكرى ترتل بالبكـاء مداكـــــا
و الرمح فـوق ترابهـــا و سُيوفهـــم

تتلو بلون الحزن فجر سناكا
والضلع في كف السحـــــــاب كريشةٍ

ناديت يــــــا الله جـــل ثــــناكـــــا
فرأيتهُ جســـماً يُقطــتعهُ الظمــا

بالطعن قد ردوا لحجب دعـــــاكا
إني أنــــا ظامٍ يصيـح بقومهـم

ورمالها لبّت تقول فداكا
و سجدت في أرض تناجي ربــــــــــهـا

تعصيك في قتلي و في دنيـــــــاكا
عميت عيـــون لا تراك بــــروحهـــا

ناديتُ بالمخـتار كــــيف أراكـــا
يا راحماً موســـى بفـيض مشيـئةٍ

كلـــي لكلـــيَ هائـــمٌ بعلاكـــا
فالشوق فتت مهجتـي حتى غـــــدا

راضٍ لحكمك خاضعٌ لقضاكــــا
خذني إليك كما تـــريد فإننــــي

في ذاتــــيَ الولها ليوم لقاكـــا
إني وجــدتكَ داخلــي متمـــثــــلاً

أشـــلاء حبِ كي أنال رضاكـــــــا
هذي ضلوعي في هواك جــــعلتها

أن تقبل الأشلاء في رجــــــواكـــــا
و تقطعت كفي و عينــي آمــــــــلاً

متقطعاً بالــــــحب لا لسواكـــا
و القلب بالسهم المثلث قد غـــــدا

قم للشهادة ومتشق علياكا
الله قـــــد نادى حســــينـــــــاً قائلاً

و تجسد الحق الذي نــــــاداكــــا
لأراكَ تفديني بحبك منحراً

واسجد على ترب يضم ثراكـــــا
رتل صــــلاةً بالدمـــــاء تــــطــــهراً

و يقول قرباناً إلــى دعواكــــــا
لبــــــى حســــــيـــنٌ و الدمـــاء تحفهُ

و تقول هذا النور فيض دماكــا
فتجسدت شــمسٌ بلـــون مصيــــبةٍ

كلماتـــي الظـــــمئ إلى سقياكـا
و النجم يتــــلوا قصةً تهوي بهـــا

هذا الزمان يعــــيد وجه صداكــا
فــــلأنـــــــــت قـــــرآنٌ علــــى آيـــاته

وترفُضُ عينايَ فوضى احتمال !!

أراكَ فيخبو أمامي الخيالْ
بعينِ البَصِيرةِ مِلءَ المجالْ
أراكَ فيجثو على نَبضَتِيهِ
فُؤادِي خُشوعاً لِهذا الجلال
أُرتِّبُ ضَوءكَ في مُقلَتِي
وَتَرفُضُ عَينَايَ فَوضَى احتمال
وأَطْوَي المسافةَ في خَاطِرِي
مَعِي التَّضحياتُ وَدرسُ النِّضَال
فَما أَطفَأَتنِي قُطيراتُ دَمعٍ
وَدَمعِيَ أَورَثَ نارَ اشتعال
فيا رملةَ الطَّفِ كيفَ احْتَمَلْتِ
كَياناً تُصدعُ منهُ الجبال
غداةَ هوى فوقَ حرِّ الصعيدِ
يُضمخُ بالعطرِ وجهَ الرِّمال
فَمازال يومُكَ في مهجتي
-كَما العَاشِقِينَ- دُرُوبَ الكمال
جَمَالُ الفَتَى في خِضَّمِ الأسى
بِصَبرٍ ، وَللصَّبرِ كنتَ الجمال
أُراعِكَ نَهجاً إلى الحقِّ إنْ
أُضيعَ الصَّوابُ وطالَ السِّجَال
بِمِحرَابِ جُرحِكَ صَلَّى النَّزِيفُ
وَكبَّرَ للهِ قَصدَ امتثال
وَيَمتَدُّ جُرحُكَ في داخلي
يقيناً بصوتِ الحقيقةِ قال:
“إلهي تركتُ الملا في هواكَ
وأيتمتُ بعديَ فيكَ العيال”
سَقيتَ الحِمَامَ كُؤُوسَ المماتِ
بكفِّ الخُلودِ …. فتاهَ السُّؤال
لأنَّكَ ميزانُ عَدلِ السَّماءِ
لأنَّكَ تُفني عروشَ الضَّلال
سَتَبقَى ( حُسيناً ) بأقصى الضَّميرِ
أراكَ الحقيقةَ دونَ الخيال

تعميد عاشق

فَخَّخَ الحُبُّ بَيْنَ جُنْحَيْكَ قَلْبَا
مِثْلَ تَفْجِيْرِ صَاعِقٍ فِيْ فُؤَادٍ
أيُّ هَبٍّ مَدْفُوعَةٌ فِيْهِ رُوحٌ
أَيُّ رِيْحٍ سَوْدَاءَ قَلْبُكَ كَرْهاً
فَتَنَشَّقْتَ رِيْحَهُمْ بَاشِقَاتٍ
وَتَرَجْرَجْتَ فِيْ خَوَاءٍ سَدِيْمٍ
هَكَذَا أَنْتَ مِثْلَ فَوْهَةِ طَلْقٍ
نَزِقٌ فِيْ الغَرَامِ أَهْونُ شَيْءٍ

لا تُؤرْجِحْ بِنَا شُعُوراً كُتُوماً
وَأَمَامَ العُيُونِ والسَّمْعِ إِنَّا
أَنْتَ خَزَّانُ لِلتَّرَدُّدِ تُعْطِيْ
كُلَّما أُبْطِلَتْ تَعَاوِيْذُكَ الأولَىْ
وَكَأَنَّ الشُّعُورَ شَعْوَذَةُ الرَّجْمِ
حِيْنَ يَخْشَى صِدْقَ المُحِبِّ وَيَحْيَا
فَضَمِيْرُ الإِيْجَابِ صَخْرَةُ عِشْقٍ
وَضَمِيْرُ الإِيْجَابِ هَبَّةُ عَزْمٍ
هِيَ تَعْمِيْدُ عَاشِقٍ مُسْتَقِيْلٍ
فَدُفُوْعُ الغَرَامِ لِلْعَلَنِ الصَّعْبِ
عَلَنٌ جَبَّ خِيْفَةً وانْقِطَاعاً
قَامِرْ العِشْقَ وَهْوَ يُطْلِقُ شَمْساً
سَيَبَانُ الذِيْ يُجَاهِرُ بِالشَّوْقِ
حَيْثُ عِشْقُ الحُسَيْنِ مِيْزَانُ تَرْجِيْحٍ
لَوْ غُيُومُ السَّمَاءِ كَانَتْ طِلاَءً
أَمْطَرَتْهُ فِيْ كُلِّ بَاكٍ دُمُوعاً
إِنَّهَا عَفْوُ مُمْطِرِ السُّحْبِ تَحْكِيْ
مَطَرُ الدَّمْعِ فَاضِحٌ وَشَفِيْفٌ
لَيْسَ تَسْرِيْبَ صُوْرَةِ الحُبِّ عَجْزاً
فَضَحَتْ غَدْرَهُم بِهَيْئَةِ عِشْقٍ
بَيْنَ بَيْنٍ أَتَتْ كَمَيْلٍ لِمَيْلٍ
فَتَهَاوَى التَّرْجِيحُ بَالُونَ نَفْخٍ
لَيْسَ يَدْرِيْ فِيْ أَيِّ وُجْهَةِ دَرْبٍ
ضَاعَ مِنْهُ المِيْزَانُ خَارَتْ قِوَاهُ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ يُنْفَخُ بِالغَدْرِ
هَيَّأوا أَمْرَهُ لِرِدَّةِ وَضْعٍ
حَيْنَ لا يَقْطَعُ الهَوَىْ مِثْلُ سَيْفٍ

يَا حُسَيْنٌ عَمَّدْتُ عِشْقِيَ إِنِّيْ
وَتَأَكَّدْتُ مِنْ تَفَاصِيْلِهِ الأُخْرَىْ
فَارِعٌ فِي النُّمُوِّ شَبَّ سَرِيْعاً
وَلِهَذَا مُجَاهِرٌ بِوِدَادِيْ
لِهَوَايَ الذِيْ أُدَافِعُ عَنْهُ
وَلَهُ مِنْ نَوَاجِذِ العِشْقِ سِنٌّ
أَذْكُرُ السِّبْطَ وَهْوَ دُوْنَ رِدَاءٍ
وَأَرَىْ العَسْفَ إِذْ يُرَضَّضُ جِسْماً
كَلُّ نَخْلِ العِرَاقِ يَشْعُرُ أَنَّ الـ
حَيْثُ مَرْقَى الحُسَيْنِ وَهْوَ عَفِيْرٌ
لِمَا لا أَعْشَقُ الحُسَيْنَ قَطِيْعَ الرَّأْسِ
فِيْهِ مِنْ مَكْمَنِ الحَرَارَةِ وَصْلٌ
سَتَرَوْنَ الحُسَيْنَ أَوْصَلُ جِسْمٍ
وَتَرَوْنَ الحُسَيْنَ أَبْقَىْ وُجُوداً
هُمْ أَحَاطُوهُ مُفْرَداً وَوَحِيْداً
وَتَرَوْنَ الهَوَىْ يُطَابِقُ فِيْهِ
دَمِثُ الغَدْرِ أَمْ كَرِيْمٌ بِذَبْحٍ
إِنَّمَا وَطَّأَ التُّرَابَ مِهَاداً
ثَلَّثَ القَلْبَ وَسْطَ صَدْرٍ عَمِيْقِ
أَخْرَجَ القَلْبَ كَالدِّلاءِ بِبِئْرٍ
فَلِمَاذا قَفَاكَ أَهْدَاهُ ثُقْباً
كَيْفَ تَرَّبْتَ يَا حُسَيْنُ خُدُوداً
حَيْثُ لَثْمٌ وَدَمْعَةٌ بَلَّلَتْكُمْ
أَنْتَ تَحْنُو عَلَىْ التُّرَابِ مِنَ اللَّفْحِ
كُنْتَ تُؤْذِيْهِ مِنْ عَفِيْرٍ سَلِيْبٍ
رُبَّمَا شَاءَ أَنْ يُرِيْحَكَ جَنْباً
قَلَّبُوا الجَسْمَ بِالخُيُولِ اخْتِيَالاً
هُمْ أَرَادُوا أَلاَّ يُرِيْحُوكَ جِسْماً
لَكَ مِنْ مَدْفَنِ الحَيَاةِ تُرَابٌ
وَعَدَا كَرْبَلاءَ تَحْوِيْكَ جِسْماً
وَهِيَ الهَيْكَلُ الذي تَنَصَّبَ صَرْحاً
وَحْدَهُ السِّبْطُ كَانَ يَسْكُنُ فِيْهِ
حَيْثُ تَعْمِيْدُ عَاشِقِ السِّبْطِ فِيْهِ
زَحَفَ العَاشِقُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ
فَخَّخَوا الحُبَّ مِثْلَ حَدْبَاءِ ظَهْرٍ
عَفْوَ عِشْقٍ يُذْكِيْهِ تَفْجِيْرُ وَغْدٍ
وَمَشَيْنَا إِلَيْكَ مَشْيَةَ تِيْهٍ
إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ حَشَّدَ دَهْراً
فَأَدَارَ الهَوَى مَعَ النَّاسِ حَرْبَا
حِيْنَ يَغْدُو رَخْوُ الشَّرَايِيْنِ صُلْبَا
جَعَلَتْ حُبَّكَ المُدَجَّجَ صَعْبَا
مِثْلَ غَمْدِ الهَوَاءِ فِيْ الحَلقِ عَبَّا
وَتَقَعَّرْتَ مَا تَعَالَيْتَ كَعْبَا
هَكَذَا صَيَّرُوا فُؤَادَكَ جُبَّا
وَكَذَا أَنْتَ قَدْ تَشَبَّعْتَ صَلْبَا
فِيْكَ كَسْرُ العِنَادِ إِنْ زِدْتَ حُبَّا

مِنْ جِبَايَاتِ عَاشِقٍ نَحْنُ نُجْبَى
مِثْلَ كُلِّ الإِمَاءِ بِالعِشْقِ نُسْبَى
لِلْحَكَايَاتِ مَسْرَحَ العِشْقِ كِذْبَا
تَأَوَّلْتَهَا لِتَصْنَعَ طِبَّا
وَقَدْ يَرْجِمُ المُشَعْوِذُ رَبَّا
سَالِباً عِشْقَهُ لِكَيْ لا يَشِبَّا
قَطَعَتْ دَرْبَ رَجْعَةٍ كَانَ سَلْبَا
بِانْتِصَافِ الطَّرِيْقِ تُكْمِلُ دَرْبَا
مِنْ هَوَاهُ وَيَخْتَلِيْ كَيْ يُحِبَّا
تُحِيْلُ الغَرَامَ فِيْ القَلْبِ خَصْبَا
وَمُحُولاً أَجْرَىْ عَلَىْ الأَرْضِ جَدْبَا
كَيْ تَمَيْزَ الوَجُوْهَ .. تَزْدَادُ كَسْبَا
وَمَنْ مِنْ شُعُورِهِ قَدْ تَخَبَّى
وَمِرْآتُهُ تُشَاوِفُ سُحْبَا
شَفَّها كَالدُّمُوعِ صَفَّيْنَ هُدْبَا
سُحُبٌ بِيْضُ قَدْ تَسَوَّدْنَ نَدْبَا
عَفْوَ دَمْعٍ يَجْرِيْ وَمَا كَانَ غَصْبَا
وَعَلامَاتُ عَاشِقٍ قَدْ أَحَبَّا
مِثْلَ مَنْ سَرَّبُوا إِلى السِّبْطِ كُتْبَا
رَاجِحٍ غَيْرَ رَاجِحٍ .. كَانَ شَطْبَا
ثَقَبُوا فِيْ المُيُولُ لِلْغَدْرِ ثُقْبَا
ثَقَبُوهُ فَطَارَ شَرْقاً وَغَرْبَا
تَهْمُدُ الرُّوْحُ بَعْدَما العِشْقُ دَبَّا
هَمُدَتْ رُوْحُهُ عَلَىْ الوَجْهِ كُبَّا
وَقَدْ أَوْثَقُوهُ إِذْ عَادَ سِرْبَا
بِقُلُوبٍ هَوَتْ وَسَيْفٍ تَأَبَّىْ
إِنَّ عَدْوَىْ التَّرْجِيْحِ تَسْرِقُ قَلْبَا

بَعْدَ تَمْحِيْصِهِ بِقَلْبِيْ تَرَبَّىْ
كَطِفْلِ الخَدِيْجِ فِيْ الرَّحْمِ شَبَّا
والتَّقَاطِيْعُ صَبَّتْ العِشْقَ صَبَّا
لَسْتُ أُخْفِيْ غُصْناً تَجَمَّلَ شَذْبَا
إِظْفِرٌ نَاشِبٌ بِخَصْمِيَ نَشْبَا
عَضَّتْ الدَّهْرَ إِذْ تَمَزَّقَ إِرْبَا
كَيْفَ خَاطَ التُّرَابَ لِلْجِسْمِ ثَوْبَا
كَانَ وَقْعُ الخُيُولِ يُنْبِتُ حَبَّا
خَيْلَ قَدْ دَجَّنَتْ إِلَى الخَصْبِ تُرْبَا
لِلْنُخَيْلاتِ أَنْ تَجَذَرَّنَ وَهْبَا
ذَا مُوْصِلٌ مِن القَطْعِ نَبَّا
قَطِّعُوا النَّحْرَ وامْنَعُوا عَنْهُ شُرْبَا
حِيْنَ أَشْلاؤُهُ تَنَاثَرْنَ سَغْبَىْ
مِنْ عِدىً جَرَّدُوهُ سَلْباً وَنَهْبَا
مَا دَرَوا أَنَّهُ تَحَوَّلَ قُطْباً
صُوْرَةَ الذَّبْحِ إِذْ تَحَوَّلَ ذِئْبَا
لَمْ يُبَقِّ شِلْواً يُسَاكِنُ شُهْبَا
كَيْ يُبَاهِيْ: مَا كُنْتُ أَفْعَلُ ذَنْبَا
الغَوْرِ .. والسَّهْمُ وَسْطَ قَلْبِكَ غَبَّا
كُلُّ مَا يَبْتَغِيْهِ لِلْقَلْبِ جَلْبَا
مَخْرَجاً مِنْ مَتَاهَةِ القَلْبِ صَعْبَا
هُنَّ مَنْ صَيَّرُوكَ لِلْجَدِّ قُرْبَى
لَمْ يَزَلْ خَدُّكَ المُتَرَّبِ رَطْبَا
وَذَا التُّرْبُ يَصْهَرُ الخَدَّ نَخْبَا
وَهْوَ رُغْمَ اسْتِرَاحَةِ الخَدِّ يَأْبَىْ
فَإِذَا بِالجِرَاحِ أَصْبَحْنَ جَنْبَا
كَحَرَاثِ الجِرِاحِ يَحْتَاجُ قَلْبَا
وَإِذَا العِطْرُ يَغْزِلُ الجِسْمَ هَبَّا
كُلُّ أَرْضٍ حَوْتَ لِشِلْوِكَ نُصْبَا
ثُمَّ رَأْساً مِنْ قَطْعِهِ قَدْ تَعَبَّا
لِبَقَايَا السُّيُوفِ والنَّصْلِ ذَبَّا
وَأَزِيْزِ الزُّوَّارِ يُخْمِدُ حَرْبَا
بَعْدَمَا دَاوَلُوا إِلى الجِسْمِ حَجْبَا
حَشَّدُوا لِلْحُسَيْنِ أَجْسَادَ تَعْبَىْ
هِيَ تَمْشِيْ إِنْ أَوْسَعُوا الظَّهْرَ ضَرْبَا
كُلَّمَا فَجَّرُوا أَذَعْنَاكَ نَدْبَا
لَمْ نُغَازِلْكَ أَوْ نُسَلِّمْكَ كُتْبَا
وَبِعَفْوِ الهَوَىْ أَتَيْنَاكَ حِزْبَا

تجليات الطف في جسد منهك حبيب

يا شاطئ الوجدِ خان القلبَ iiزورقُهُ
لي دمعةٌ كلما فارت على iiجهةٍ
لمَّا تفتَّح بابُ (العاشر)iiاندلقت
بي مثلُ جيشٍ بأرض الطف روعها
وفي فؤادي خدرٌ لا يزال iiلظى
وبين جفنيَ ماءٌ لم أكن iiأبدا
أنا مخاض دموعٍ أُجهضت iiعَنَتا
في كل ناحيةٍ مني نما iiغصُنٌ
تصوغني (الطفُّ) حتى لم أعد iiأحدا
هنا (الطفوف) تجلت في ثرىiiجسدي
هنا أصيب (عليُّ بنُ الحسين) iiوقد
تموجتْ كربلا وجداً على جسدي
كل الكواكب قد خرت هنا iiوهنا
لمّا هوى دونما كفًّ قذفتُ iiله

هنا الحسين وحيدا ظل في iiرئتي
ما الْتمَّ جيشٌ على العطشان في iiجسدي
لم ينعقد كبدي إلا iiليحرسه
لو لا (المثلث) لم يقتصَّ من iiكبدي
هنا توزع سبط المصطفى وعوت
ما زارني أحدٌ لما غفا iiبدمي
هنا دفنتُ حسيناً بعدما iiعجزت

يا واصلا في الفدا أقصى العطاء ومن
لم يكذبِ االموتُ إلا حينما اعترضت
قد كنتَ وحدك لما سلَّ أسيُفَه
هم وزعوك ولكن في القلوب iiفما
أشرقت في كل قلب كالصباح وما
ما كان يجري على وجه الحياة دمٌ
هناك أنت على جذب الحياة iiيدٌ
ما كان أكرم من جرحٍ عرجتَ iiبه
أعطى الوجود يديه وانثنى iiأسِفا

ما أبدع الجسد المجروح في iiنغمٍ
قد كان أصدق راوٍي وهو iiمنجرحٌ
إن الحديث الذي يصغي الزمان iiله
ما كان أصدق من جرح أبان به
إن الجراحات إن قالت فقد iiصدقت

تعوي الرياح ولا صوت هناك iiسوى
مدت هناك لك العشاق iiأيديها
لما انفتحت على جرحٍ فتحت لها
يا أيها العبقُ المبذور في دمنا
هذا أنا العاشق المفتون iiيتعبه
بيني وبينك آلاف الغيوم إذا
تقودني نحوك الأرزاق أطلبها

ولم يعد غيرُه للحزن iiأُطلقُهُ
يرسو بها زورقي المكسور تُغرقُه
وقد أقامت سنينَ العمر iiتطرقه
جيشٌ على الخد جرارٌ iiأُرقرقه
من أشعل النار في الخيمات يحرقه
لو لم تُصَب قربة (العباس) iiأهرقه
قد كانت الطفُّ بالأرزاء تَطلَقُه
لمّا يزل دمع (عاشوراء) iiيُورقه
غيرَ الذي هذه الأرزاءُ iiتخلقه
في كل عضو شهيدٌ ظل يُقلقهُ
كان الحسينُ على جفنيَّ iiيرمقه
لما مضى السبط من خديه iiيلصقه
يؤمها القمر المفضوخ iiمفرقه
روحي إلى هذه الرمضاء iiتسبقه

إذا تصعّد فيَّ الحزنُ iiأشهقه
إلا سعت كل أعضائي iiتُفرِّقه
يذود عنه زماناً راح iiيرشقه
لَمَا انتهى لحشا المولى iiيمزّقه
فيّ الرياح على جسمٍ iiتطوقه
إلا الذي مر بي في الليل iiيسرقه
أن تمنعَ الخيلَ روحي يوم iiتسحقه

مُدت إلى مطمح العشاق iiأعدقه
منك الجراحات .. خان الموتَ iiمنطقه
ولم يكن غير هذا النزف iiتمشقه
ضر البغاة أبا الأحرار لو iiفقهوا
مر الردى في فؤادٍ أنت تُشرقه
لو لم تُروَّ بما أعطيت iiأعرقه
أنى يمد الفدا كفيه iiتغدقه
ولا جراح أخيك الفاض iiمفرقه
مذ جف من كفه ما كان iiينفقه

عن الفداء على الدنيا iiيموسقه
لم يفتأ الملأُ الأعلى iiيوثِّقُه
هو الحديث الذي لا زلال iiيدفقه
وأصدقُ القول في مبناه iiأعمقه
يا رُب أخرس بذَّ الكون منطقه

صوت الحقيقة من أشلاك iiتُطلقه
في محشرٍ تاه في الأزمان iiرونقه
الباب الذي ليس يقوى الظلم iiيغلقه
لا بد كي تفرُعَ الأرواح تنشقه
طول السرى والحنين الغمر يرهقه
ما أرعد الشوقُ روحي رحت iiأبرقه
وأنت أكبر ما في الدهر iiأُرزقُه

حبيبٌ لا أغادره

الحمد لله حمداً لا أغادرهُ
والشكر لله لا منّاً أجاهرهُ

ربي تبارك من رب له كرم على البرية ما انفكت مواطره
سيلاً تحدّر بالإحسان منهمراً بالبشر والسعد لا تحصى مصادره
له من الفضل والإنعام سابقة ومن تجاوزه الأوزار وافره
فظلَّ فيه يرجّي الخيرَ كافره وزاد في الخير والعلياء شاكره
وكنت في بيته أرنو إلى شرف فلم يدع ليَ من خيرٍ أناظره فضمني في صفوف المجد عامره
ولم يدع ليَ من شرٍ أحاذره
فاسئل فؤاديَ ما ينجيه من غضبٍ واسئل جبينيَ عن نورٍ يلاحقني يومَ الحساب إذا تبلى سرائره
يتيه عشقاً به كالصّبِّ ناظره
واسئل معاتبتي والوصلُ منقطعٌ تقول مالك قد أنكرت صحبتنا والدمع مرتجَعٌ تذكو مشاعره
وليس يصلح للمعروف ناكره
وقد تركت ربوعَ الود معتزلاً قد كنت أبرع بحّارٍ يسامرني عن الجميع وقد جُنت جآذره
وكنت أمرع بستانٍ أجاوره
سلوتُ عن وصلها أسمو إلى شرفٍ وذبتُ فيمن أحارتني مآثره
ظلٍّ تبلور فوق الماء واتسقت تجري على مهَلٍ نشوى وقد نسجت به النجومُ وزانتها أزاهره
من سحر طلعته دفئاً تعاقره
تنام في كفه إن لاح مبتسماً تبيت مشدودة إما يحاورها وتستنير متى ما شاء ساهره
وفي التلألئ والمسرى تحاوره
كأنني إذ أجوز الكون مرتحلاً أمشى على هدي ما خطت رواحله في وصله وهو مسحورٌ وساحره
ما ضل من سار في درب يسايره
كأنه البحر ممدودٌ ومتصلٌ نذوق في فيضه سر الحياة ولا في السطح مائره والقاع زاخره
نهون يوماً وقد شُدّت أواصره
يبقى على العز من يأتيه مؤتمناً هو السفينة للغرقى وقد صمدت فالعمر وارده والدهر صادره
مهما تعالى من الطوفان طامره
وهو الملاذ إذا حل الظلام على وهو الحبيب الذي أرنو لرؤيته قلب المخوف متى دارت دوائره مهما فقدت بها شلواً تطايره
ما كلَّ زائره ما مل ناظره هو النشيد الذي في لحنه رقصت ما ذل ناصره ما ضل شاعره
أرواح شيعته عشقاً تشاطره
توافدت ترتمي في حصنه فبه به تروِّي زماناً جف وابله تلقى الحياة وتلقي ما تخامره
لكي يفوح من الآمال شاغره
تسبح الله في كهف به سكنت لو قطعوا فيه أوصالي وما حملت هل تطمئن قلوبٌ لا تذاكره
وكشر الحقد خافيه وظاهره
واستأجروا مفتياً يرمي قنابله واستأزروا عابد الطاغوت منسجراً على الطيور لترديها كواسره
وجاء إبليس بالفتوى وآمره
وحوّلوا قبة الأنوار عن فلك لما لقوا بين ذراتي وأعظمها بها يدور وفيها قر سابره
إلا الحسين حبيباً لا أغادره
تشع بالخير والنعمى محاسنه وتنزل الليل والسكنى ضفائره
إن تلتقِ الأنسَ نفسي فهو مؤنسها به سموت على الدنيا وما وسعت أو دق ناقوسُ قلبي فهو ناقره
وطفت من حيث ما طافت بشائره
الباسط الكفّ من تحت الكساء إلى والمسكر الناس من حلمٍ ومن أدبٍ كفِّ المحبين والسلوى تذافره
والناشر الجود لا تخفى جواهره
والطاوي الكشح للمسكين معتكفاً والكاظم الغيظ عن قوم إذا جاهلوا والمطعم العبد إما ضن آسره
والمنزل الموت إما ثار ثائره
والفارس الأوحد الصنديد ، ما صمدت هو الكميُّ الذي مازال منتفضاً له الأسود إذا شدّت أظافره
ومن عرين بني الكرار خادره
مازال في جنة الرضوان سيدَها هو الحسين ومن مثل الحسين حماً وفي الدنا ترتقي دوماً مفاخره
عند الوطيس إذا حلّت فواقره
الضارب الصفح إلا في الضراب فلا النازع الحق من أنياب غاصبه يطيل في عمر قتّال يناوره
والمرتدي في اللظى قلباً وشاهره
يصيح هيهات منا أن نذل ولم فقارع الجبت والطاغوت محتسباً نذق من الصبر ما الرحمن عاذره
وقلَّ إلا من العباس ناصره
فبات في الحل والتأريخ فارسها
** وظل في غضب الجبار واتره

يشيد بالبطل العباس شاعرهُ كما يغرد في البستان طائرهُ
ما أنجبت حرة شمساً ولا قمراً كأنما فالق الإصباح أوقده كناصر السبط ما أحلى غدائره
في الأرض فهو ضياها وهو ساتره
إن قابل الناسَ جاء النور يسبقه طوبى لروحك يا أم البنين ويا وإن مضى فسكون الليل دابره
رمز الحنين ويا درساً نثابره
لقد رفعتِ من الأقمار أربعة لكن قومك يا أم البنين أتوا ومن وليدك هذا جلّ ناشره
من الوليد عجاباً لا أخاتره
فها هو الوالد الكرار أولهه يقبل العينَ والكفينِ مرتجعاً من جسمه الغضِ باديه وضامره
ويحمد الله ما شعّت مناحره
وهاهو المجتبي والمجتبى علمٌ يرنو إلى الطفل حتى خلت أنهما جلت مآثره قلت نظائره
بين الرياحين مفتون وآسره
وهاهو السيد السبط الشهيد به يحنو على ما بدا من حسن طلعته كالمستهام يناغيه يسارره
ويرشف الراح مما فاح ثامره
ما أجمل الطفلُ في كفِّ الحسين وفي يدير عينيه في عين الحسين وفي حجرِ الحسين زماناً لا يغادره
نحر الحسين فما تعني مناظره
ما بالُ طفلك يا أم البنين فقد بالله ردي أمن عيب بخلقته أبكى الزهور وما رفت محاجره
فكيف والفرقد العالي يجاوره
وكيف والشمس خرّت يكي يباركها والمكرمات تنامى عن شمائله والكائناتُ له تترا تسامره
كالطود لا يرتقيه من يكابره
الرابط الجأش في حزم على صغرٍ ما عسَّ في قارع الكفار منسدلاً ماذا سيُحدث إما اشتد كاسره
إلا تهاوت على البيدا مغافره
مازار جيشاً تعاديه بواتره في كفّه سجّر الجبار هاويةً إلا تولى تؤاخيه مقابره
وراكمت بأسها فيه عشائره
وزينبٌ شدها من بين إخوتها ولم تزل زينبُ الحوراءُ تطلبه له من الود ما تخفى بصائره
إلى الوفاء فلا تكبو مشاعره
حتى أتى الشاطئ الغربيَّ مرتجزاً والعلقميُّ به الحياتُ فارعةٌ أروي الحسينَ ولا تظمى حرائره
وفي بطون مناياها فواغره
والسلسبيل به يجري وقد ولغت والأرض لاهبة والنخل كالحة فيه الكلاب وأقصى الريح ناجره
وفي الجوار من الجاريِّ فاتره
والمارقون أتوا والناكثون جثوا والشرك أطلق في الميدان قارعَه والقاسطون قضوا مالله حاضره
واستنفرت كالثرى عدّاً عساكره
جيشاً له من شرار الجن رادفة فاستحصلَ القمر العالي إجازته وللسهى من أياديه حناجره
وانسلَّ للأرض تحذوه زماجره
وأقحم المهرَ كالزلزال بينهمُ وخيّم الموتُ والآجالُ شاخصة حتى بدت في نواصيهم حوافره
وجال في ركَب الشجعان ذاعره
وأظلم الأفقُ من وقع الضراب وهم ولم يزل فيهمُ يجني الرؤوسَ ولم تحت الحراب وثكلاهم تهاتره
يزل يمنّيه ربي ما يخامره
فأبدل البارئُ الكفّينِ أجنحةً ولم تزل رايةُ العباس خافقةً واسترجع المحجرَ المكسورَ جابره
صفراء في موجها عزّت محاوره
ساءت وجوهَ بني صهيون وانتصبت وقد سقاها أبو هادي مفاجأة على الجنوب فأعيتهم منابره
ذلّت لها من حصون الشرك ساعره
وأرسلوا رابع الأجيال فانتشرت لاغرو من سيّدٍ يغذو بسالته على القرى حيثما حلّوا مقابره
من الحسين وفي العباس غابره
فكفّه من يد العباس ركبها هو المفاجأة الكبرى وقد قربت والسبط قائده والله ناصره
بها تَغيّرُ في الوادي مصائره
وجالت الراية العظمى مراقبة يؤمها القائمُ المهديُّ منتصراً ما بعد بعد ، وقد هبّت بوادره
وتكتسي باللقا كحلاً نواظره

نَـافُورةُ الأحـرَارِ

جَرَسْ:
لأنَّكَ الماءُ والحبُّ والثورة ..

ثَاوٍ وَنَافُورَةُ الأَيْتَامِ تَرْتَفِعُ
وَيَجْلِسُ النَّهْرُ فِي مِحْرابِ أضْلُعِه
يَسْتَغْفِرُ النَّحْرَ .. تَبْكِي ضِفَّةٌ ألَمَاً
وَالرَّيحُ تَمشِي عَلَى عُكَّازِ حَسْرَتِها
نَحْوَ السَّلِيبِ كَأَنَّ الحُزْنَ رافَقَها
مُمَزَّقَاً كانَ .. تَطْفُو فَوْقَ مَنْحَرِهِ
أَنَا الذَّي أَثَّثَتْ طَعْنَاتُهُمْ جَسَدِي
أَنَا الذَّي قَطَّعُونِي في الهَوَى قِطَعَاً

فِي كَرْبَلاءَ أَضَاءَ المَجْدُ شَمْعَتَهُ ال
كَغَيْمَةٍ حَبُلَتْ بالضَّوءِ فَاجأَها
أَنْهَيْتَ للحَقِّ فِي الدُّنيَا مَجَاعَتَهُ
يَدَاكَ تُبْحُرُ فِي الأَرْواحِ بَاحِثَةًَ
فَتَغْسِلُ الخَوْفَ عَنْ أَجْفانِها وَإِذا
يَا كَاتِبَ الحُبِّ فِي قُرآنِهِ وَطَنَاً
لَكَ الدُّموعُ تَحُثُّ الخَطْوَ .. إنَّ بِها
زَحْفاً إِليْكَ عَلَى الأَحْلامِ تَقْصِدُكَ الـ
هُمُ الخُلُودُ.. عَلَى رِجْلَيِْنِ مِنْ شَغَفٍ

كَأَنَّنِي بِكَ يَا مَوْلايَ فِي أَلَمٍ
تَقُولُ: لا تُسْتُرُونِي إنَّ لِي كَفَنَاً
ولا تَرُشُّوا بِمَاءٍ وَجْهَ أَتْرِبَتِي
ظَامٍ عَلَى أَذْرُعِيْ أَقْبَلْتُ أَحْمِلُهُ
حَتَّى أَتَى السَّهمُ مَجْنُونَاً فَقُلْتُ لَهُ:
لا تَغْسِلُوا جَسَدِي إنِّيْ أَرَى شَمِراً
لا تَحْمِلُونِي عَلَى نَعْشٍ وَبِنْتُ أَبِي
وعينُهَا كُلَّمَا حَنَّتْ إلَى جَسَدِي

يَا سَّيدِيْ لَمْ يَعُدْ فِي الأرْضِ مِنْ وَطَنٍ
تَجْتَاحُنِي غُرْبَةٌ رَعْنَاءُ .. بِيْ زَمَنٌ
ظِلِّيْ بَقِيَّةُ أَوْطانِيْ سَكَنْتُ بِهِ
جِرَاحُنَا يَا أَبَيَّ الضَّيْمِ لاجِئَةٌ
لَأنتَ بِئْرُ إِبَاءٍ فَاضَ فِي أَلَقٍ
فَتِلْكَ تُونُسُ بَالأَحْرَارِ قَدْ عُتقَتْ
وَمِصْرُ تَخِْرُجُ مِنْ جُبٍّ يُحَاصِرُها
يَا أَيُّهَا المَدُّ والطُّوفانُ تَحْمِلُهُ
مُضَرَّجٌ بِدِماءِ الرَّفْضِ عَالَمُنَا
وَحِيْنَ يَقْضُونَ دُونَ الحَقِّ نَحْبَهُمُ
مِنْ قَلْبِهِ حَيْثُ سَهْمُ المَاءِ مُنْزَرِعُ
كَالرَّاهِبِ الكَهْلِ إِذْ ينتَابُهُ الوَجَعُ
وَضِفَّةٌ مِنْ دِمَاءِ النَّحْرِ تَمْتَقِعُ
مَحْنِيَّةَ الرُّوحِ.. مَسْعورٌ بِهَا الجَزَعُ
لِيَلْتَقِي مَنْ بِهِ الأَوْطانُ تَجْتَمِعُ
شَوَاطِئُ البَوْحِ والأزْمانُ تَسْتَمِعُ:
وَغَادَرُوني عَلَى الرَّمضاءِ أَضْطَجِعُ
إلا امتِدَادِيَ نَحْوَ اللهِ ما قَطَعُوا

أُولَى فَظَلَّتْ عَلَى التَّارِيخِ تَلْتَمِعُ
طَلْقُ الحَضَارَاتِ.. كَانَتْ تِلْكُمُ البُقَعُ
وأنتَ آخِرُ مَنْ يُعْنَى بِهِ الشَّبَعُ
عَنْ فِكْرَةٍ ضَمَّها فِي صَدْرِهِ الهَلَعُ
مرَّتْ بِضِيقٍ فَذَا مَعْناكَ يتَّسِعُ
مِنْ قَلْبِه أَنْهُرُ التَّرْتِيلِ تُقتلَعُ
مُلُوحَةُ الشَّوقِ أَصْلٌ مَا بِه بِدَعُ
عُشَّاقُ والمَوْتُ يَا مَوْلايَ مُصْطَنَعُ
يَعْدُو إِذَا فِي هَوَى “طْوِيْرِيْجِ” قَدْ هُرِعُوا

عَلَى الهَجِيرِ وِمِنْكَ القَلْبُ مُنْصَدِعُ
مِنْ دَمْعِ أُمِّيْ عَلَى الأعْضَاءِ يَنْخَلِعُ
فَلَسْتُ أَنْسَى رَضِيعِيْ وَهْوَ يَنْصَرِعُ
وَقَلْبُهُ فِيْ انْتِظَارِ المَاءِ مُنْدَلِعُ
لا تَقْتُلِ الطِّفْلَ.. إنَّ الحُزْنَ لا يَسَعُ!
بِسَوْطِهِ جَاءَ أَطْفَالِيْ إذا جَزَعُوا
فَوْقَ النَِّيَاقِ عَلَى الأَحْبَابِ تَفْتَجِعُ
أَكْمَامُ نَظْرَاتِها بِالزَّجْرِ تُنْتَزَعُ

فَالوَقْتُ ذِئْبٌ مُخِيفٌ وَالمَدَى سَبُعُ
رَصَاصُ خَيْبَاتِهِ فِيْ القَلْبِ يَنْدَفِعُ
فَطَارَدَتْنِيْ عَلَىْ أَبْوَابِهِ الخِدَعُ
لَدَيْكَ مِمَّنْ بِذَبْحِ الفَجْرِ قَدْ شَرَعُوا
ودَلْوُهُ فِي قُلُوْبِ النَّاسِ يَرْتَفِعُ
مِنْ سَطْوَةِ الظُّلْمِ ذَاكَ الأحْدَبُ البَشِعُ
لِتَرْتَقِي حَيْثُ سَفْكُ الحُلْمِ يَمْتَنِعُ
يَدُ الغُيُوبِ عَظِيمَاً لَيْسَ يَرْتَدِعُ
والثَّائِرُونَ ثِيَابَ البُؤْسِ قَدْ نَزَعُوا
تَرَاهُمُ فِيْ غَرَامِ المَجْدِ قَدْ وَقَعُوا