كعبة الأحرار

 

سارت تجر لجامها الأقدارُ حيث المنية غاية تُختارُ
وتبسمت للموت حيث بدا لها وحيٌ ولمّا يثنها الجزارُ
ومضت على نهج التقاة يحثها عزمٌ يزيد وقيده الإصرارُ
فحوت على سبط النبي محمد والسائرين بها هم الثوارُ
وشدا لمجدهم الزمان مفاخراً أن الخلود يناله الأحرارُ
فالخلد أن تذكي لدربك جمرةً لا تنطفي إن طالها الإعصارُ
لا تنطفي حتى ولو بلغ الزبا سيلٌ يسيل على المدى هدارُ
شقت مبادئه العباب فأبحرت لا ينثني إن عاكس التيارُ
وإذا تلاطمت البحار وأظلمت لا بد يطوي دربه البحارُ
والخلد أن يصغي لصوتك مسمع عبر المدى حيث الصدى عبارُ
خرق الحواجز حين أطرب مسمعي في الذر حيث تحوطني أطوارُ
نغمٌ تقدس في السماء ولم يزل عذباً يرتل صوته مزمارُ
هذي ترانيم الولاية لفها نورٌ تحيط بذاتها أقمارُ
وإذا تميزت النفوس فإنها تسموا الجبال وتصغر الأحجارُ
فأذاب مهجته ليسكب زيتها نارا يقود شعاعها الأبصارُ
يعطي فلا طمعٌ يؤمله كما تروي المياه ويضمأ الفخار
يرضى من الدنيا الكفاف بعيشه حيث اللآليء بيتها محارُ
يا سيد الاحرار حسبك عزةً أن تزدهي وتبدد الآثارُ
أن يعتلي صوت الكرامة شامخا عبر السنين ودأبه إستمرارُ
يحي الضمائر في الخليقة مثلما تحيا القفار وغيثها الامطارُ
فإذا تشربت القفار بغيثه يزهو الربيع وتعبق الأزهارُ
والدوح أينع من صميم غياثه ينعاً فكل نتاجه أبرارُ
تبقى وصرختك الأبية تنجلي كالرعد يقصف ، حده أشفارُ
وغدا يردد في صميم مسامعي أن الكرامة جلها إيثارُ
كيف الطريق الى علاك فما أرى إلا الإباء وذا الولاء شعارُ
يا كعبة الأحرار إنك ملهمي فأطوف حولك والإبا مضمارُ
وأصارع الطغيان أرجم سعيه حيث الولاية في يديّ جمارُ
لله درك يا حسين فما أرى إلا عظيما كله أسرارُ
فأنا أراك لي الجلال لأنه يزهو لك الإجلال والإكبارُ
وانا أُسرت بحسن نهجك مثلما أَسرت قلوب عبيدها عشتارُ
فإهنأ بخلدك يا حسين فإنه نضج الغراس إذ الولاء بذارُ

 

 

 

بقايا الباء

قدّستُ عندكَ فكرةَ العُظماءِ
فدَنَوتُ منكَ بخطوةِ استحياءِ

وسكبتُ كلّ الشعرِ فوقَ ملامحي
حتّى أمرّغَ بالبكاءِ بقائي

وتوضّأتْ بدمي القصيدةُ قُربةً
لكَ.. واستوتْ لصلاتها الحمراءِ

وطرقتُ باسمِكَ باب قلبي فانبرتْ
تسقي حروفكَ يا حسينُ دمائي

كنتُ انتهيتُ إلى ثراكَ معفّرا
بالفقدِ.. أبحثُ عن فقيدِ الماءِ

ظمآن مثلكَ والقوافي أدمنَتْ
هذا الجفافُ على فمِ الشعراءِ

كاللهفةِ العَطشى تحاولُ أن تضمّـ
ـكَ في جديبِ القفرِ والرمضاءِ

ملءَ اشتغالك بالضياءِ.. وماؤه
يتلو انتفاضَ مريئكَ الوضّاء

ما بين مائك والسماء وصورتي
نورٌ أُريقَ على يدِ الظلماء

يُبدي وضوحَ المُنزِلات على المدى
نَبَأ الندى ونداوةَ الإنباءِ

وجموحَ أسئلةٍ كأنَّ حروفَها
عَقَرَت جروحَ الأرض في أحشائي

مَن أنتَ؟.. يا ضوءَ الوجودِ ولا أرى
إلاك ضوءَ اللهِ في الأرجاءِ

مَن أنتَ؟.. يا مَن لمَّ روحيَ والسنا
يا سيّدي يا سيّدَ الشهداءِ

مَن أنتَ؟.. والضوءُ الجريحُ يقودُني
نحوَ الخلودِ على خُطى الهيجاءِِ

أمضي وهذا الدهرُ أقفرَ والرؤى
وكأنَّ كلّ الكونِ جاءَ ورائي

فأزحتَ عن مُقَلِ القلوب سَوادها
وجعلْتَها ترنو إلى العلياءِ

وجعلتني أدعو بكلِّ جوارحي
ومعي فؤادٌ مُثخَنٌ برجائي

ومعي اصطبارُ المتعبينَ السائريـ
ـنَ إليكَ في السرَّاءِ والضرَّاءِ

أيتامِ هاشمَ والسواكبِ أدمعًا
حَيرى تُبلِّلُ صفحةَ الصحراءِ

اللاطماتِ خدودَهُنَّ من الأسى
والباحثاتِ عن القريبِ النائي

الجاعلاتِ عُيونَهُنَّ منابعًا
تروي مُصابكَ في عيونِ الرائي

والسائراتِ من الطفوفِ إلى هنا
تترى من الآباء والأبناءِ

أدعوكَ أنتَ ولستُ أدرِكُ أنَّني
نفسي دَعوتُ وقد أجبتُ دعائي

يا سيِّدي من أنت؟ كلُّ حقيقتي
أني أرى عينَيكَ في أنحائي

أنِّي أراكَ وأنت تُسلِمُني يدي
كيما أصافحَ عِزّتي وإبائي

فكتبتَ ما أعطيتَني من فكرةٍ
عصماءَ ضِمنَ قصيدةٍ عصماءِ

وَلَقَد قصصتُ بكربلاءَ حكايةً
عمَّا جرى بالغدر والبغضاءِ

قَبَسُ الرضيعِ وَقَد أتمَّ شعاعَهُ
ألَقًا بصدر جريمةٍ نكراءِ

أمُّ المصائِبِ وَهجُها وَشموخُها
أختُ الشدائدِ زَينبُ النُّجباءِ

قَمَرٌ وَكفٌّ وانثيالُ أخوّةٍ
تَجري منَ العبّاس في البطحاءِ

عُرسٌ سَماويّ المحيّا.. فَرحةٌ
بتراءُ.. أرخَتْ دَمعةَ الزهراءِ

سبعون فجرًا قد تبلّجَ نورُهم
في ساعةٍ دَمويّةٍ هوجاءِ

وَالحُرُّ أدركَ.. والمدامعُ أَرهَقَتْ
وَجهَ الفُراتِ.. وآمنَتْ بِبُكاءِ

يا سيِّدي.. جرحُ الحقيقة نافرٌ
من إصبعٍ في الأسطرِ السَّوداءِ

مَدّوا عليهِ الملحَ وهْوَ مُقيّدٌ
بمَدَاهُ.. رَغمَ رَحابةِ الأشلاءِ

والصبرُ أودَعُهُ الهدوءَ فيحتفي
– يا للأسى – بِوديعةِ الحنّاءِ

وَالجوعُ أقبلَ وَالمكارمُ أدبَرَتْ
عَذراءَ مَرّتْ مُرّةَ الإغراءِ

كالصَّمتِ يَرغَبُ بالضجيجِ ودونَهُ
صَوتُ السرابِ على فمِ الحسناءِ

صِدقَ انتماءِ السائرينَ إلى الردى
هربًا من الدخلاءِ والطلقاءِ

بِفظاعَةِ التاريخ فرطُ حثالةٍ
تَطَأ النفوسَ بمقلةٍ عَمياءِ

يا سيِّدي هَبْني دواءكَ سرمدًا
فأنا احتضار العابثينَ بدائي

أشكو إليك الريحَ وَهْي تسوقُني
كالموتِ ملءَ ملامحِ البؤساءِ

أشكو الضياعَ وَصرختي مبتورةٌ
والخوف يملأُ بالشجى أشيائي

والنأيَ والحزنَ المقيمَ بخافقي
وقساوةَ الأمواتِ والأحياءِ

ومرارةَ الزمنِ الأخيرِ وغدرَهُ
وحفاوةَ النُّدماءِ بالأعداءِ

مَن لي سواكَ يزمُّ أطرافَ الصدى
يا موئلي وجوابَ كلّ نداءِ

مولاي تلك حدودُ قلبي لا أطيـ
ـقُ تحمّلا وكذا حدودُ بلائي

مولاي خُذْني.. لا إليكَ.. وإنما
لرحابِ عطفِكَ يا عظيم عطاءِ

خُذْني فهذا البؤسُ أطبَقَ وَالدجى
علّي أراكَ بليلةٍ قمراءِ

خُذْني إليكَ.. نَعَمْ.. إليك.. لأنَّني
أنا في الخيالِ أراكَ في إسرائي

مَطرُ الحنينِ وما تبقّى من دَمي
زُلفى لِحضنِكَ يا أبا الفقراءِ

يا حاءَ كلِّ الحبِّ أنتَ حكايتي
فامدُدْ يَدَيكَ.. أنا بَقايا البَاءِ

***

ذاكرة الرمال

سرْ يا فراتْ
سِرْ في هدوءِ العجزِ عن قصصٍ وأعذارٍ ترتّبُها الرمالْ ….
سِرْ حيثُ يجرحُ صمتُ أزمنةِ الغبارِ تعطشَ الموتى بأغصانِ الرماحْ
ويقطّر الخوفُ التذلّلَ في شفاهِ صغارِنا
نتوسّلُ الذكرى ونرمقُ آخرَ الأحلامِ لا يُرجى انفصالْ
أو حين تحرجُ صوتَك المبحوحَ أغنيةُ اليتامى في تفاصيلِ الزوالْ
كان الحسينُ ندىً لأروقة الصباحْ
هل كانَ شكّاً يا فراتْ
حتى يوثّقَهُ المماتْ
نهرٌ تولّى أو تعامى غير معنيٍّ بفاجعةِ النـزالْ
سِرْ يا فراتْ … سِرْ ثمّ ثُرْ
ثُرْ عن جراحِ الصمتِ
حينَ عيونُ أطفالٍ يخالجها الذبولْ
ومضتْ تراودُها الوعودْ
ثُرْ إنّ خوفَك يستبدُّ به الخلودْ
هذا أوانُك يُستَفَزُّ معادُهُ
فصفاءُ وجهِكَ لا يعودْ
ما لم تثُرْ
سِرْ لا تثرثرْ .. سِرْ وثُرْ
دعْ ما تخافُ من التعثّرِ في حطامِ الضوءِ
في ظلماتِ أمّتِنا العقيمةْ
للآنَ يغرينا القناعْ
للآنَ نسقيها دمانا وهي تسقينا الضياعْ
سِرْ يا فراتْ ….
سِرْ ثمّ ثُرْ
سترى حسينَ الله في عبراتِهِ
وترى ضميرَ الرملِ يحفرُ خطوَهُ
سترى بذاكرةِ الرمالِ تَحفّظَ الريحِ المُذيّلِ حزنُها
وجعاً تناسلَ في سنيِّ الخوفِ في رحمِ الذبولْ
سترى بأنّ اللهَ في أعدائِهِ
يبكي عليهِ وهو ينتزعُ الحقيقةَ من نقاءِ دموعهِ
هو ذاك سلطانُ الترقّبِ والتقرّبِ تلك آياتُ الوصولْ
فالحزنُ يبدأُ والدموعُ حكايةُ الكبتِ المرادِ له بأن يتوغـّلَ المعنى المسافرَ عن وجوهِ الناسِ حيثُ ملامحُ الأصنامِ تطبعُ في جبينِ الخوفِ ذلَّ الصمتِ في زمنٍ هجينْ
فأبيتَ يا ظلَّ الإلهِ خطى المتاهةِ في عيونِ الموتِ في نفقِ السوادْ
هو يومُ أنتَ خرجتَ وجهَ حقيقةٍ
يا منبعَ الهادي ويا استسقاءَهُ
فجّرتَ ينبوعَ التطهّرِ واصطفاءَ كواكبٍ للآنَ أوّلُها يضيءْ
للآنَ آخرُها انتظارُ اللهَ حين العدلُ كلُّ الأرضِ كلُّ العمرِ
كلُّ وجودِهِ
ليضيءَ في زمنٍ نبيٍّ ما تحاوله الفصولْ
فيزيحَ وجهَ الموتِ عن قدرٍ بريءْ
ولأنت ِ نفسُ محمّدٍ
يا معدنَ النفسِ النبيّةِ يا مذاقَ الطهرِ يا طعمَ الإلهْ
يا موطنَ الإرثِ المضيءِ على ترابِ الأمسِ حينَ اخضـّرَ وجهُ الموكلين إلى الحياةِ على ضفافِ الدمعِ أو نزفِ السماءْ
وعلى حضاراتٍ تكلَّفَتِ العناءْ
وعلى همومِ نهوضِها
فخلقتَ في طرقِ المنايا ألفَ نهجٍ للنقاءْ
كان المرادُ غصونَ لاهوتٍ تجذّرتِ السماءْ
فخرجتَ حتى يستقيمَ الضوءُ في فيءِ الإلهْ
ينبوعَ أضواءٍ أراكَ .. خصوبةَ النورِ .. امتدادَ العرشِ
حين اللوحُ ممتلئٌ بإشراقِ انتمائِكَ للعلا
هو ذاك يومُ الطفِّ كنتَ على انتشارِ جهاتِهِ متلألئا
فيضٌ يفيءُ ولا يبارحُ وجهَ هذي الأرض إلا باكتمالِ الضوءِ أو بسكينةِ المعنى وباستسلامِ آخر ذرةٍ لهبوبِ وجهِكَ حينها تـُستنطقُ البشرى
فوجهُ الأرضِ مرآةٌ ملامِحُها تقاطيعُ ابتساماتِ السماءْ
ولربّما عَرفَتْ بحزنِك حينها
فَمَضَتْ تعارضُها الدموعُ تجرّحتْ أبوابُها
وملوحةُ الأيامِ تسكنُها الجراحْ
فبكتْكَ أمطاراً دماءً حين موعدُها الهطولْ
سكتتْ وسرُّ الله يفشيهِ النواحْ
سكتتْ وروحُ الأرضِ دائمةُ البكاءْ
إذْ فجّرت ماءً يشقُّ إلى الحياةِ صفاءَ كوثرِك الحزينْ
هو ذاك جرحُ الله .. نزفُ العرشِ
لا الضلعُ المهشّمُ لا الجنينْ
فبأيِّ لوذٍ يستكينْ
والحزنُ يَثأَرُ والدموعُ حكايةٌ ..
لا ترتوي الأيامُ حتّى نبدأَ الأيامَ في معنى تَجَاوَزَه الأنينْ
لا أن نسيرَ نؤمّلُ الموتى مساحةَ قبرِهم
فلقد تصدّعَ وجهُ تأريخٍ تناولَ حزنَك المخبوءَ من حين لحينْ
لتمزّقَ الذكرى شرايينَ السنينْ
فيفيقُ من وجعٍ أنينْ
ويحيل ليل المتعبين إلى البعيدْ
خجلى هي الأيامُ كيفَ تمرُّ من وجعٍ إلى أفراحِ عيدْ ؟!!!
ثُرْ يا فرات
سترى بتكرارِ الإلهِ تشابهَ الآلامِ حين نصرُّ أن نتلو النـزيفَ على الطريقْ
سِرْ إن آخرَ ما نفكّرُ فيهِ في النارِ الحريقْ
ٍ

جرح الرجوع

 

انثر نواحي الشوق في شفتي

واجمع بواكي العشق في لغتي

وابقى هنا في سورة الدهر

الذي غسلته أوعية الدموع

وكن كما الشريان ينبض بالحياة

والشمس تخفق راحتيها للطلوع

كن سيد الشعراء

تُلهمهم وتُسكنهم

فسيح الفصح

في جرح الرجوع

علمتهم…

لغة الدماء بفلكهم

وجمعتهم…

شُهب السما بمدارهم

فلهم تراجي المجد في زمن الخُنوع

كنتَ القريحة في مسالك نطقهم

كنتَ الوديعة في قلوب دمائهم

فلك الحياة بشعرهم

ولك الدموع

ولك الزمان يأنّ في أرواحهم

ولك الجموع

 

 

 

يا سيد الكلمات رتلتُ الحروف

بصمت أغنية الشموع

أعجبت دهرك سيدي

كيف الخلود ؟

وكيف سرمدت الحياة ؟

وكيف سطرت الوجود

بأسمك النوري يصدح

في الزمان

عصفورة الالحان دوّت

بالدما درب الجنان

ودرب هاوية السطوع

شمس الحنان

وكيف يُسقطها الثرى

بل كيف يَمِزقها الخَنوع

صادفت بالليل المجنّ بليله

نجماً يبارز فيلق الديجور

هزماً

ثم نصراً

هكذا لغة الربوع

 

أتعبتني

حتى كأني واقفا

تحت الهجير

وفوق مُنهصب الضلوع

أرنو اليك بعبرتي

وبمقلتي

مثل العقيلة نظرتي

لا رأس لا ودجين

لا قلباً تبقّى

بل تلقّى

السهم

وارباه في حنو الخشوع

سهماً لفضته سيدي

فكأنما غرز اليقين

بقدرته قلب القضا

لله قلبك مستقراً

آمنا

ويحاً لسهمك خائفاً

متخاذلا

كيف المثلث في الضلوع ؟

وكيف قلبك نابضاً

لليوم في هذي الحياة ؟

خسئاً لدهرك سيدي

خسئاً لهاتيك الجموع

 

أتعبتني …

حتى كأني واقفاً

ما بين تلّة زينبا

أرنوا لها

في قلبها

نار الاخوّة مضرمة

ما زلت أسمع صوتها

إن كنت حياً يا أخي

فالخيل صالت قادمة

ان كنت حياً يا أخي

فالشمر أرشد ملزمه

إن كنت حياً يا أخي

فالنار في خيم النبوّة عائمة

إن كنت في رحم السماء

فالسماء قيم القضا مُتفهّمة

فأجابها في عدوةٍ

قد أنهكتها الضربُ

والسهمُ المثلث آلامه

كُفّي العتاب أما ترين تَرَنّحُي؟

يا أخت كُفّي اللائمة

فلتذهبي عند الكفيل بعلقمه

ولتنتخيهِ

لعلهُ يصغوا لنجواى فاطمة

قبل الرحيل أخيّتي

خلّفته والسهم قد

رشَق الجَنان وأسلمه

والكفُّ ضاعت في الفرات

وجُوده في الأرض تنزف من دمه

خابت ظنونكِ زينبٌ

فالترجعي لعليلكِ

فالنارُ شاهت مِعصمه

فالترجعي اطفالكِ ضاعت

فردّي اللملمة

 

 

 

أتعبتني يا سيدي

ياروحَ ضنواى فاطمة

جسمٌ ترضض بالخيول

وضلعه طُحنت مفاصله

وشاخت أعضُمه

والقلب قد رُكزَ المثلث

فيه دعوى للقيامةِ قائمة

والصدرُ أصبح ساحةً

للنبلِ للجلمود للطعنِ

المدمّى من دمه

وجبينهُ مهوى السجودِ

وخُنصر التوحيد

يسألُ خاتمه

والنحرُ يامولاي

أدمى مهجتي

والقلبُ يركع

في صلاة الشعر

في قنو الدعاء  ليلهمه

كي يوصف الجسد الذي

جالت عليه العشر

في نزل البلاء

وأخته ترنوا له

والصحب صرعى نائمين

حتى نختهم كيف مولاكم

على حرّ الهجير

وأنتمُ عن نصره متخاذلين

فأجابها شيخٌ أسنّتهُ الطعان

ألم نوافي حقه ؟

يا أخته

إنا لنحن الآن في نومٍ

يسمّى الخالدين

قلبي لها

مذ قدّمت قربانها

ياربّ هذا في رضاك

هذا الذي جادت به بيضائنا

خذ سيدي حتى ننال المرحمة

خذه فبعد الآن قرّت أعينٌ

لرضاك ربي مسلمة

 

 

 

 

 

 

 

ترنيمة عطش

عطشى أتيتك مـن عذابـات النـوى      ومددت بيـن يديـك أقـداح الهـوى
جفـت ينابيـع الكـلام علـى فمـي     عشقاً يرتّلك اللسـان ومـا  ارتـوى
ذكـراك تغرينـي لأثمـل  سـيـدي      وقصدت ُ بحرك يا لبحرك ما  حـوى
ومـداد قافيتـي بقـربـك سـاجـدٌ      خجلاً يناجيك الفـؤاد الـقـد ذوى  :
أحسيـن ” أغرقنـي لأقصـى  لجـة     بهواك عرش الموج في قلبي استوى “
أحسيـن ” أغرقنـي لأقصـى  لجـةٍ     قد ضقت ذرعاً بين أشرعة الجـوى “
وطنٌ عظيم ٌ أنـت يـا أنـت  الـذي     لـم يستقـم لـولاك ديـن وانـزوى
وطـنٌ عظيـم أنـت لا يكفـيـك أن     يحويك يوماً بيت شعـرٍ قـد  خـوى
سكرى حـروف قصيدتـي  منثـورةً     حول الضريح وحزنها لك ما انطـوى
وبمهجـةٍ حـرّى تـجـدد منسـكـا    ًيبكيك كل الدهـر فيـه ومـن ثـوى
لكـأن ذاك السيـف قـال مفاخـراً :     (( إني لثمت حسين )) عذراً للهوى  !
وكأن شمساً مـن جراحـك أشرقـت      حر الهجيـر بنورهـا جـدّ  اكتـوى
وتبتلـت كـل الدمـوع  وعانـقـت      أطراف قبرك سُجّـدا رغـم  النـوى
“مولاي” عطشى قادني لـك  خافقـي      ما ضلّ فيك القلب ُ يومـاً أو  غـوى

اقرأ بِسْمِ الذّبيح

 

 

 

 

 

قد أُوحِيَ الحزنُ المُقدّسُ فاسمعي

آيَ الحسينِِ تنزلتْ في أضلعي

 

هزّتْ حِراءَ القلبِ تُحْكِمُ رزءها

وكأنّ جبريلاً بِهيبتهِ معي

 

( اقرأ /..دعتني كربلاء وأردفت

بِسْمِ الذبيح / .. بلوعةٍ وتفجُّعِ

 

رتِّل كَهَيَعَصَ* بالنشيجِ مُولوِلاً

إن اختصاري موجزٌ بتقطعِ

 

سَبِّحْ نحوراً شاءَ ربّك أن يرى

فيها انكشافاً للخلودِ الأروعِ

 

قُل.. هل أتى ذبحٌ كما في عاشرِ؟

أم هل أتى يومٌ كيومِ المصرعِ ؟

 

أم هل أتاكَ حديث غاشية الردى ؟

وتجدّل الزيتونِ بين البلقعِ

 

والشمس خجلى من رؤوسٍ وهجها

شقّ المجرةَ بالوميضِ الألمعِ )

 

فتلوتُ أصدقَ ما تجلّى  ناصعاً

في لحظةِ الإشراقِ حيثُ تطلُّعي

 

وولجتُ فاتحةَ القصيدِ يرفُّ بي

تأويلُ رؤيايَ التي لم  تُسجعِ

 

كفراشةٍ في دهشةِ الضوءِ.. اشتهتْ

روحي تُحلقُ للمقامِ الأرفعِ

 

تنثالُ ذاكرةُ الجراحِ لِتنتضي

حزناً تناسلَ  كالبياضِ بأجْمَعي

 

مازالَ يومضُ قابَ جفنٍ يلتظي

حتى تبلورَ باذخاً في أدمعي

 

ورقيتُ أستسقي الرُّؤى  مستلهماً

فإذا الطيوفُ همت بوقعٍ مُوجعِ

 

أستنبىءُ الريحَ التي ألْقتْ بما في

صدرها /”هل من معينِ؟” /..بمسمعي

 

وأُصيخُ للماءِ الذي من ذنْبهِ

جُنّت به القطرات.. هامت لا تعي

 

والرملُ ما أدراكَ ما باحت بهِ

الذرات من سرِّ النجومِ الصُّرعِ

 

والنخلُ أومئَ لي يقصُّ حكايةَ

الطفلِ الذي يُسقى بسهمٍ مُترعِ

 

 

وتداركَ الغيمُ الحديثَ متمماً

فتهاطلتْ سِورُ الدماءِ بمطلعي

 

وإذا بِوَحيِّ الطفِّ يغزلُ أحرفي

ضوئيةً بكفوفِ بدرٍ قُطّعِ

 

ويصوغُني لحناً سماويَّ الخُّطا

يمشي  بقافيتي لأعظمِ مُبْدعِ

 

ما اخترتُ عزفَ الشِّعرِ .. بل قد خِيْرَ لي

فحسينُ دوزنني وقيثاري يعي..

 

*كهيعص تُقرا ككلمة واحدة دون تقطيع ”

 

 

 

حزن الرمل

لا لون .. للكون .. ثوبَ الوردِ قد خلعا
لا زال يلبس حزنَ الرملِ مذ فُجعا

مذ غادرتُه طيورُ الحب ذاتَ دمٍ
لا زقزقاتٌ ولا همسٌ لهُ سُمعا

أجوسُ بين ديارِ الشكِ هل رحلوا ؟!
طفلٌ سؤالٌ صحا في مقلتي فَزِعا

وراحَ يبحثُ في الأشياءِ عن حُلُمٍ
فعادَ يحملُ ذنبَ الماءِ والجزعا

عن طفلةٍ، عن نهارٍ، عن مرمّلةٍ
عن مُقلةٍ جمرةٍ، عن دمعةٍ ودعا

يقال: أنّ قلوبَ الناسِ ما اتسعت
للحب مذ مُلئتْ كاساتُها جشعا

وأن وردَ النوايا لم يكن ألِقاً
بل كانَ كالشوكِ في أعمالهم بشعا

فجاء من آخرِ الأحلامِ مُدّرعٌ
بالأمنياتِ، بغير الحب ما ادّرعا

هو الحسينُ .. أعارَ الأرضَ بسمتَه
وهوَ الذي ابتكرَ البسمات واخترعا

فمنذ أنْ ظمئتْ أحلامُ فتيتهِ
قد علّمَ النهرَ أنْ يسعى لنا فسعى

وعلّمَ الشمس من أسرارِ طلعتهِ
معنى ضياءِ الهدى مذ رأسُه رُفعا

وجاءَ يسكبُ في أطفالنا فرحاً
مذ ذاقَ أطفالُه الويلات والهَلعا

ولم تقعْ فوقَ أرضِ الطف رايتُه
إلّا لأن يُمسكَ الإنسانَ أن يَقعا

نعى ولملمَ أفراحاً وبعثرها
وكنتُ أحزنَ أهلِ الأرض حين نعى

فحينَ كنتُ صغيراً، كنتُ أحملهُ
في لعبتي، في سريري عاشقاً ولعا

وكان نخلةَ شوقٍ في دمي غُرستْ
رغمَ الرياحِ بقى طوداً وما انشلعا

وكان ينظرُ في وجهي وأنظُرُهُ
حتى تشكّل في عينيَّ وانطبعا

أحسّه في دمي، في دمعِ والدتي
في كبرياءِ أبي، في الكلّ مندفعا

وحينَ يعصرني همٌّ أراهُ معي
فكمْ كِلانا تقاسمنا الهمومَ معا

أتيتُ أسكبُ أوجاعي على ورقي
فلمْ أرَ الوزنَ للأوجاعِ مُتسعا

قصائدي مُهجتي إن جئتَ تقرأه
بيتاً فبيتاً ترى من مُهجتي قِطعا

لا شيء في الكأسِ، كانتْ قهوتي وجعي
وكلّ ما أحتسيه الحزنَ والوجعا

غيمةٌ.. وجمر ..!

غيمة ٌ يا طالعَ الماء ِ وجمرُ // أنكراني، من أنا ..؟ فالبوحُ سرُّ
والشجيراتُ التي أمسكنَ قلبي // ساهراتٌ هل لها في الليل ِ عذرُ..؟
سرّبتْ نهرَ السؤالات ِ وصارتْ // تتمرّى بين آهات ٍ تمرُّ
تركتْ لي بعض ألوانِ شحوبي // وحروفي بين جدرانيَ سُمْرُ
ظمئ الترحالُ في وقتِ انتصافي // فإذا ما كنتُ بدرًا , ضاعَ بدرُ ..!
غير أن الكونَ ألقاني رواءً // كأسَ حبٍّ نخبُه الشعرُ وبحرُ
خدّرَ الدمعَ فكانت ضفتاه // نغمة َ التِيهِ التي بي تستقرُّ
يا طفوفــًا , الهوى العباسُ يصفو // والدُنى في رغوة ِ الأحزانِ بئرُ
حانَ وقتُ الشعر ِ فالنجوى اعتناقٌ // وأكفُّ الجودِ تأتينا وتذرو
دمعة ً كالجسرِ قد علّقتُ فيها // لثغة الحزن ِ وصوتــًا يستمرُّ
حان وقتُ الشعر ِ يا رحماه ُ هذا // رملُ عاشوراء في الأوجاعِ حِبرُ
كان َ يختارُ لحزني تمتمات ٍ // بين كفين ٍ لها الآياتُ ذكرُ
سجدتْ في حضرة ِ الضوءِ وصلّتْ // لسواقي العين ِ نبضــًا يستدرُّ
فخذ ْ القربة َ في روحي امتلاءً // حرّقَ الأشواقَ يا عباسُ نهرُ
وخذ ْ النخلَ بمحنيِّ اعتذار ٍ // أفرغَ الليلَ كأنَ الليلَ عمرُ
عطشٌ والجُرفُ مطويٌّ عليه // نظرُ الله ِ , وهذا الطينُ عِطرُ
سيّدُ السُقيا , لكَ التيّــارُ قلبٌ // أزرق ٌ من محجرِ الدنيا يخرُّ
يتدلّى قابَ نبض ٍ والنوافيرُ // على كلِّ ارتجاف ِ الضوء ِ زهرُ
والخُطى يسرحُ في كفيكَ حتى // سكنَ الدربَ , وضجَّ الآنَ عشرُ
يا لكفيكَ .. بلادٌ من غيوم ٍ // يا لعينك .. بها الآلاءُ سُكرُ ..!
شرّدا نجمي بآهات ٍ وخفق ٍ // والمدى شمسٌ , وهل للشمسِ سترُ..؟
كربلاءٌ سُبحة ُ الفيضِ , وجرحٌ // مفردٌ , واليُتمُ في الأشياء ِ صبرُ
وحدهُ الفضلُ تأتّى من ثراها // وهواهُ اللهُ .. والإيثار ِ بُشرُ
مدَّ كلاً يا فداءً .. رقَّ منه // أملُ الأطفالِ والخيماتُ بكرُ
يبدأُ البدرُ اكتمالَ الدمع ِ فينا // يا امتثالَ الدمعِ إن الحزنَ مُرُ
أسمعُ الأشياءَ تستلُّ زماناً // فأقلُّ الوقتِ في الآلام ِ دهرُ
والظما أشرعَ شاطيه ِ اعتلالاً // مذ رأى في الجود ِ آمالاً تفرُّ
عقَّ فيه الكونُ , ما أعصى نداه..! // ومتى كان بذي الأيّـام ِ بــِرُّ ..؟
يا أبا الفضل ِ أذابَ الفضلُ عمرًا // فوقَ سفحِ الغيب ِ والإيمانُ قطرُ
يا لفرط ِ العشقِ ها أودى عذابــًا // ليلكيـّـــًا صبَّــهُ في القلب ِ خمرُ
مدنٌ في النهر ِ تسترجي حنانــًا // والمساكينُ على الشطآن ِ كُــثرُ
لهمُ الشعرُ وقرآنٌ عليهِ // صِبغةُ الماءِ وأنفاسٌ ونحرُ
لهمُ الجذعُ وسهمٌ واحتضارٌ // لهمُ شكلَ انحناءات ٍ وظهرُ
لهمُ الصوتُ الذي استافَ المآسي // فنما في كلِّ حرفٍ منهُ قبرُ
ها أنا في حضرةِ العباسِ أتلو // همهماتِ البيضِ والترتيلُ وِترُ
بين عينيّ أطرّي النارَ حتى // يهمسَ الدمعُ , ويحيا اليومَ ثغرُ
بين كفيَّ نداءاتُ العُطاشى // صنعتْ فُلْكــًا كأن الدربَ بحرُ ..!
مددٌ يا سادنَ النهر ِ فإني // في احتياجاتي وآلاميَ نثرُ
ها أنا بخَّرتُ قلبي بمعين ٍ // وزفيرُ الأفقِ في روحي يقرُّ
ها أنا والشعرُ حبّاتُ ارتعاش ٍ // ولنا في هذه الذكرى ممرُّ
كلّما أسرفتُ في مائي أراني // محوَ آه ٍ تستقي مني تذرُّ
ولأني في هوى العبّاسِ أسمو // سوفَ أتلوني .. وذا المصحفُ شعرُ
سوف أتلوني على الشباك ِ طفلاً // دمعُهُ والحبُّ والحرمانُ جمرُ
وأناديكَ سلامَ الله ِ يهمي // فتقبلني فكلّي الآن شكرُ ..

وما كان لي أن أراك

وما كان لي أن أراك..
ولكنّ حبرك في المقبلين تراءى لعيني رسولا كريما.
وما كنت أسأل من قبل أيّ الطرقين يعني الخلاص؟!..
ولا أين قد تستقرّ الرؤى بالذين يراؤون وهنا ولا يعرفون الكلام؟.
وما كان لي أن أراك..
سوى أن موتا بطيئا يجيء على راحة الفجر..
يوقظني ثم يسألني عن دم شاخب في الجدار..
وعن جملة لا تمر على اللحظ.. أو يتخيلها المارقون.
وما كان لي أن أراك..
وبين يديّ سويعات صحو تخاف نعيب الغراب..
متى رمت أن نلتقي آذنتني بوجد يسألني عن سماك..
عن الموج يكبر في الغابرين..
وعن كلمات تطير تماوج بين السعيفات في ظلّ ناي حزين؟..
عن الطفل يكبر فيّ فلا يعرف الذاهبين؟ ولكنه يتأمل شكلا هناك.. ويسألني أن أراك..
وما كان لي أن أراك..
وما كان لي أن أطاول جيدك حين تجفّ الشموس جميعا..
وتندكّ في ظل أرضك تلك العروش.
وما كان لي أن أراك..
وأنت تحاول أن تنفض العشب عن فوّهات المطر..
وأن تنثر الملح في كل ركن مقيم.
وما كان لي أن أراك..
وقد أولعوا بالذين مضوا يملؤون الضفاف بحبر سواك..
وما كان لي أن أراك..
وأنت تحاول كسر المشيئة من فوق ظهر الخيول..
وأنت تضيء كما ضاء ملح بجيد جميل..
ونجمك يسأل أي الدروب سيحملها الياسمين.

أوحى ليَ الماء

من غيمةٍ في سماء الحبِ قد هطلوا
وحينما شاخ وجهُ الشمسِ ما أفلوا
ستائرُ الحزنِ بالأوجاعِ تنسدلُ
أوحى ليَ الماءُ، أنّ الشمس ذات ضحىً
ودمعةٌ طفلةٌ شاخت وما فتأت
ها قد أتيتكَ مفجوعاً .. يحاصرني
معي مدامع قلبٍ موجعٍ، ومعي
مواسمي كلّها قحطٌ، وها أنذا
الماء يرسم شكل الموت ملتظي اً
ياسيّدي .. يا نبي الماءِ .. ظامئةٌ
فجاء صوتٌ من المجهول يهتف _ يا
دعني أعلّق عيني في سمائك غي
أوحى ليَ الماءُ ، أن الموت مرّ على
وأنّ كل ظلامٍ كنت تحرثه
بأيّ شمس أضأت الكون في زمنٍ
هنا بذاكرة الرمل الح زينِ دمٌ
ما زلت دولة ح  ق تنتشي ألق اً
مازلت تنزف أحلاماً وتعزف في
يا سيّدي .. ك  ل شيءٍ فيك يُبهرني
أعدو وتتبعني الأشواق، مرتدي اً
أشدو .. وأنظر في المرآة عن كثبٍ

موتى فموتى، وكم جادوا وما بخلوا
وأسرجوا دمهم للناسِ واشتعلوا
على شبابيكِ من بالضوءِ قد ثُكلوا
كانت على زفرات الأرض تنجدلُ
وكلّما مرّ ذكر الطفّ تنهملُ
حزني ، وتمشي على أقداميَ السبلُ
حزنٌ غزيرٌ، وجرحٌ ليس يندملُ
وحدي على شرفات الغيم أبتهلُ
أعدو إليه سريعاً .. ثم لا أصلُ !
ك  ل الغيومٍ، وما قد مسّها بللُ
هذا _ بأنك أنت الوابلُ الهَطِلُ
مةً حسينيةً أمطارها الخجلُ
أرضٍ، فأورق في أنحائها الأملُ
ضوءً، أ ا ره صباحا منك ينهدلُ
به الدياجيرُ ضوءَ الشمس تنتحلُ
يظل بين سنين الدهر ينتقلُ
للثائرين إذا ما جارت الدولُ
صمت المساء لحوناً ، والمدى جذلُ
ال أ رسُ والكفُ والأخلاقُ والمُثُلُ
حبّا فريداً، فقلبي في الهوى ثملُ
فلا أرى غير وجهٍ ملؤهُ الوجلُ !
متيمٌ بك حدّ الموت .. ها جسدي
فتشت كلّ ج ا رحِ الأرض قاطبةً
أكنت تحمله ورداً، وبوصلةً
أكنت ته أ ز بالريح التي عصفت؟
علّقت أسئلتي الحيرى على شفتي
وشاب أ رسيَ وابيضتْ بيَ المُقلُ
هبني قميصك، إنّ الماء أنبئني
وأنني والمسافاتُ التي نزفت
ما أوسع الدرب .. من مثواكَ نبدأه
وكربلاءُ التي كنت انشتلتَ بها
فيالذي كانت الأحلام تشبهه تمر بي كاخض ا رر الروح فوق فمي
أشعلتُ نار حروف الشعر في خلدي
وجّ هتُ وجهي نحو الطف قافيةً
درعٌ، وأوردتي الأسيافُ والأسلُ
فكان جرحُكَ جرحاً ليس يُحتملُ
للعابرين، وكان الموتُ ينذهلُ؟
وكيف كنتَ بوجه الريحِ تنشتلُ؟!
فجاوبتني بدمع الحسرة المُقلُ
وكلّما مرّ ذكر الطف أكتهلُ
أني بقمصانك الحمراء أكتحلُ
موتاً، بأنهارك الحم ا رء نغتسلُ
فكربلاء بعرش الله تتصلُ
نخلاً، ستبقى لأمر الله تمتثلُ
والأمنيات على كفيه تبتهلُ
كالأغنيات، وكم يحلو بك الزجلُ
حتى تضرّمت الأبياتُ والجملُ
فإنني نصفُ بيتٍ، فيك أكتملُ