ما دام نصلُ المبضع المعتوه يفري
والسؤالُ كما الهوى العُذريّ يرفض أن يخون..
بح لي بسرّك أيها المتسنّمُ العلياء والمنذور للمثُلاتِ حين بصرتَ ما لا يبصرون!
و رسمت خارطة الجراح لكي يمرَّ العابرون
بُح لي أيا قطبَ الرحى
واقدح بأسئلتي اللجوجة ومضةً من قبل أن ينتابني غلس الجنون:
هل ثمّ جرحٌ في نبوءاتِ القصيدة ليس تدركه الظنون؟!
….
لي إصبعٌ بترت وسالَ الحقّ منها كالشهاب
مملوءة بالضوء يصهلُ من إشارتها الجواب
لا ريبَ فيها لا يداخلها التباس في تفاصيل الرواية وارتياب
فالخنصرُ المقطوعُ بسمل بالنجيع صراطه المبتور من أمّ الكتاب
أي انبعاثٍ ملهمٍ بالوحي رتّل خنصري؟
بل أي شعرٍ عبقري؟
والذاريات تسيل عطراً في تخوم الكوثر
فإذا التوجع سورةٌ والروحُ تنزفُ من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
…
لي ندبةٌ شقت مدار النور من قمر الجبين
يخبو ويشهق في ثناياها الأنين
و الصخر يوغل سادرا ويشكّ زنبقة الندى بالياسمين
و برعشة الجفنين تنبت سوسنة
وأكاد أجزم أنني
بالأحمر القاني هزمتُ الفرعنة
و قهرتُ ليل المستحيل بمعجزاتي الممكنة
لأهزّ جذع الوقت
إذ يسّاقط الحزن الشهي وأقطف العبرات وهي معرجنة
وتصيح في سمع الوجود مؤذّنة
فإذا الصلاة شهادة والروح تنزف من قرون
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
….
صدري كما سينين
يغفو الطورُ في صدري
أرى القرآن والإنجيل والتوراة في أبديَّة الترتيل والسحر الخبيء
لا تسألوا ماذا وكيف
وطيشها الملحاح يفتق دارة النور الوضيء
شعبٌ ثلاثٌ
والمثلث سهمه المخنوقُ في رئتي كبركان يجيء
وأرى الكواكب حينما علقت بأودية المجرة نازفة
هي خائفة
وإذا انحنيتُ تمر من ظهر الجواد العاصفة
كالطود بين الخيمتين رأيتُ زينب واقفة
فإذا الوداع مؤجلٌ والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
…
قلبي بسيفٍ مثخن
و على شراييني القصيدةُ ذابلة
والجرح نزفٌ لا يريمُ وكان يحصدُ في الشعور سنابله
من قال أن البحر يهجرُ ساحله؟
من قال أن الحرف ينكرُ بالنبوءة قائله
ومتى مواريث النبوة في مدى الطوفان تسكتها الرؤى المتخاذلة ؟
هل عمّم التاريخُ أقداري فصار بشرعها المقتولُ يقتل قاتله؟
أم أن عين القلب في أفق البصيرة مثلما الموءودة الحيرى إذا دفنت وطوقها الثرى لتسائله
فإذا الفضاء قيامة والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
……..
للنحرِ ما للنحرِ وسط فجيعة الذبح المهيب
شفقٌ يؤوله المغيب
وجعٌ تلوّى يفجئ الأنفاس من نصل العذابات التي قد شاخ فيها الطفلُ من قبل المشيب
والمُدية الحمراء تفرط سبحة الأقدار
تأتي كالزوابع صاخبة..
وتدوزنُ الكدمات
في عنق النجوم الشاحبة..
فإذا المنافي صيحة والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
….
متدفقا من طعنةٍ في الظهرِ
تشخبُ من سماواتي مزاريب المطر
والسهمُ عاد بطعنةٍ حبلى
وحين أعرتُ قرباني السماء
فللمشيئة و القدر…
صلى الرذاذ و طار مختوما و يلهم عنفوان
بوحا سماويا رهيف اللحن متزنا ومتئدا و يبدع كل آن ..
فإذا القروح نداوة والروحُ تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
….
حولي ضبابٌ معتمٌ
و الحرُّ في عيني غبش..
عطشٌ عطش
وبه الفواخت واليمام جناح صبر وارتعش
والخاطر الظمأ المعذب واللسان
يذوي ويحترق الدخان
و على الشفاه الذابلات تكثّفَ الآهات ملحمة بأبخرة السديم
مخطوطة وشقوقها الصفراء كالسفر القديم
أو كالهشيم
فإذا البكاء مجفف والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
…
في لوحةٍ طفّيةٍ محروقةِ الأطراف من نار الخيام
يتسربل الأشواكَ جرحٌ في خبيئته كلام
حملته ساريةُ الرياح
فصار يلسعني بأمضى من سهام
وسمعتُ طفلتي الصغيرة تستجير بجمرةِ النيرانِ من كينونة الرمضاء
ذابت خطوُها
والشمسُ ترسلُ وعدها المشبوبَ
توقده فتيلا حين يسجرُ باحة الموت الزؤام
فإذا الهجير مواربٌ والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
….
ماذا يقابل ضلعي المطحونَ في وضح النهار ؟
من شلّ قرص الشمس
غطاها وأسدل عن حكايتها الستار؟
لا لم يكن برواية الأشلاءِ ورداً أو بقايا جلّنار
فالأعوجيةُ وسط مضمارِ الضلوع تحمحم ُ
و تحلق الأضلاع أجنحةً إذا نزَّ الدمُ
ترك المدى المفتوحُ في صدري ثقوباً للهواء
يترنح الجسد النثير بها فيحرقني الخواء
فإذا الفضاء سنابك والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
….
فوح الخزامى كنتُ
رأسي يملأُ الطشت انبهاراً
والقضيب ينثُّ أسناني ويعصر من شفاهي محبرة
والطشتُ يوجز نشرة الأوجاع بعد المجزرة
كانت تراقبني وأرقبها
سبايا مثلما البلور دمعتها تؤثث غصة أخرى وتطلق بحّةً متكسّرة
والغمغمات بلوحةِ الشغف استثارة دمعتين
من طفلةٍ مذعورةٍ سكبت مدادَ حنينها ما بين بين..
أواه من حزن الطفولة حين يومض كاللجين !
نادت ليصطاخ المدى للهمس : يا أبتي حسين
فإذا الجهات غريبة والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!
…..
لي ثورةٌ خضراءُ ترفدها الشهادة من عناقيد الدماء.
قيماً و ماء..
لتضوع من عطر الحضارة وردة من كبرياء ..
لي ثورة فوق المراثي والمدائح خارج الإيقاع من( هيهات ) تقتبس الإباء.
و بها البياض نهاية الألوان
ليس كلونها إلا البهاء .
تمتص ملح الغيّ من زبدالغثاء
لكنهم إذ علَّبوها في الخرافة والهراء
بطقوس وهمٍ ليس فيها من قداسة كربلاء..
مذ جرّدوها من تمرّدها وفورتها ويقظتها لكلِّ يدٍ تلوّح في الخفاء.
عطش الفضاء لمائها عطش الفضاء
هي قمة فوق الذرى
حاشا تباع وتشترى
بل تحمل الديمومة المثلى و تختزل البقاء
ما خلتها مثقوبة الأهداف أو مطرا حبيسا في قوارير البكاء.
فإذا الحديث يطول بي والروح تنزف من قرون!
أيكون جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!