حيرة ُ خدر … واستفاقة ُ نحر

مابين َ نحرِك َ والسيوف حوار ُ
ألق ٌ على رمح الضياء ِ يدارُ

ما بين تلك الطعنتين مجرة ٌ
من جرحها يتدفق الثوار ُ

ما بين قلبــــِــك والشريعة ِ جمرة ٌ
تروي الجباه َ بها تجف ُ بحار ُ

الله يا قلب الرضيع ونحره
يتلو نشيدا صاغه المسمار

الله يا خدر العقلية ِ حائرا ً
نام الوجود ُ ليستفيق َ قرار ُ

أيشد نحرك َ يا حسين ليرتوي ؟
يا روض َ نحرِك والحياة ُ قفار ُ

أيطير بالأوجاع ِ يا جنح الأسى ؟
نحو الشريعة ِ والعتاب ُ يثار ُ

فهناك َ يُختصر ُ الكلام ُ بصمته ِ
الصمت ُ في لغة ِ الدماء ِ وقار ُ

فهناك َ يلجم ُ الزمان ُ للحظة ٍ
زأرَ اليمين ُ بــِـها وضج َ يسار ُ

أم يقتفي أثر الصغار ِ مفرقا ً
شمل ُ المدامع ِ كي تـــُــلــَّم صغارُ ؟

هبت قلوبهم ُ يعانقها اللظى
فالأرض ُ تلهث ُ والظما إعصار ُ

ام ينحني نحو الخيام مقبلا
صبر الفواطم والعيون غزار

أم لا ليستر ذلك َ القمر َ الذي
قدْ كان َ حارس َ نوره ِ الكرار ُ

يا عين َ زينب َ والمساء ُ يلفها
وترى الظلام َ يدور ُ حيث ُ تدار ُ

صبت تصبرَها بثغر ِ جراحها
فالصبر ُ طود ُ والجراح ُ قصار ُ

فلكم تمنت نحر َ شمس ِ سمائِها ؟
ويشيب ُ ليل ٌ كي يموت َ نهار ُ

ألم ٌ دماء ٌ ثورة ٌ وجع ٌ دموع ٌ
منحر ٌ وحي ٌ يعيش ُ ونار ُ

في ظل ِ صمتي سوف يشرق ُ صوته ُ
فالصوت ُ أخرس ُ والحسين ُ شعار ُ

لله ِ يا ألقا ً يحاور ُ مقلتي
الضوء ُ أعمى والحسين ُ منار ُ

عندما تبسّم الهلال

1- هلَّ الهلالُ مؤذناً لمحرمِ
بادٍ كثغرِ الضاحكِ المتبسمِ

2- فعجبتُ من هذا الهلالِ وأمرِهِ
ولِمَ التبسمُ في المصابِ الأعظمِ

3- فأجابني ضوءُ الهلالِ ونورُهُ الــــ
ــــمنسابُ مثلُ القطرِ فوقَ البرعمِ

4- هذي ظعونُ العاشقين توافدت
صوبَ الطفوفِ بشوقها المترنمِ

5- تمشي وتحفرُ في ترابِ دروبها
كالقيدِ يحفرُ رسمَهُ في المعصمِ

6- فانظر لهذا الرسمِ أصبحَ منهجاً
يمشيهِ كلُ مُولـّهٍ ومتـيّمِ

7- وانظر لبقعةِ كربلاء توسُّماً
فبها ستنظرُ آية َ المتوسمِ

8- وسلْ الحسينَ إذا وصلتَ ضريحهُ
ونزلتَ ضيفاً في عرينِ الضيغمِ

9- هل هذهِ الأرضُ التي لم تروِها
إلا زكاةُ النحرِ من فيضِ الدمِ

10- وأديمُها وترابُها وصخورُها
هي من بقايا صدرك َ المتهشمِ

11- هل هذهِ الأرض التي في حضنِها
تعلو الرماحُ برأسكَ المتعممِ

12- هل هذهِ الأرضُ التي من بأسها
فطموا رضيعكَ سيدي بالأسهمِ

13- هل هذهِ الأرضُ التي نيرانُها
لم تبقينَّ إليكَ أيَ مخيمِ

14- وإذا وقفتَ على المقامِ تفكراً
لتجولَ فيهِ بنظرةِ المستفهمِ

15- وقفَ الزمانُ بكربلاء مبجِّلاً
هذا الغريبُ الفاطميُ الهاشمي

16- يبلى الزمانُ وليس يبلى عشقُ منْ
قهرَ الزمانَ بعشقهِ المتقادمِ

17- فانظرْ لجدرانِ المقامِ كأنها
مبنيةٌ من صدرهِ المتحطمِ

18- وكأن ُشبّاكَ الضريحِ مُعتّــقٌ
ومُطرّزٌ من ثغرِهِ المُـتـثـلّمِ

19- والقبة ُ الصفراء فوقَ ضريحهِ
شمسٌ لقد وُضِعَتْ كفصِ الخاتمِ

20- وانظر منارَتهُ تُداعبُ كفُها
رأسَ الغيومِ السابحاتِ الهُـيَّمِ

21- إذ تستظلُ بها الحمائمُ رهبةً
من أن يظللُها جناحُ الهيثمِ

22- حتى المصابيحُ التي قد عُــلــِّــقت
فوقَ المقامِ تلألأت كالأنجمِ

23- ستقولُ يا عجبَ الزمانِ لكربلا
أوَلمْ تكوني الأمس مثلَ جهنمِ

24- هوذا الحسينُ فأين من ساروا لهُ
ما بين مختصمٍ وبين مُزَاهِمِ

25- فأجابني التاريخُ هاهم قد مضوا
ورفعتُ عنهم رايةَ المستسلمِ

26- عبدوا يزيدَ ومالَهُ ومقامَهُ
والعابدونَ لغيهِ المُتصنّمِ

27- مضتْ الجيوشُ وبُدِّدتْ أعدادُها
وقصورُهُ بتصدعٍ وتهدمِ

28- أين الثرى من جسمهِ ورميمهِ
أم منْ يجودُ بدمعةِ المترحمِ

29- قتلوا الحسينَ لعلهم لم يعلموا
وُلِدَ الحسينُ مجدداً بمحرمِ

30- هو فـُلْـكُ نوحٍ حينما قد علّقوا
آمالَهم سَفَهاً بركنِ الظالمِ

31- اليومَ أمرُ اللهِ حلَّ وما لهم
عن أمرهِ وعذابهِ من عاصمِ

32- ثارتْ دِماهُ كأنها بحرٌ وهم
غرقوا بلُجّةِ موجهِ المتلاطمِ

33- أبلاهم التاريخُ حتى أنهُ
فرعون موسى جسمُهُ لم يُعدَمِ

34- رأفَ الزمانُ بنا فما أبقى لهم
أثراً يحزُ بجرحنا المتألمِ

35- هوذا الحسينُ أراهُ حياً واقفاً
– وهو القتيلُ- على رفاتِ الظالمِ

36- هوذا الصراط ُ المستقيمُ ومنْ علـــ
ــــــيهِ يسيرُ بينَ مثبَّتٍ ومُدَمْدَمِ

37- والكوثرُ العذبُ الزلالُ ومن إلــــ
ـــــــيهِ يسيرُ بينَ مؤخَّرٍ ومُقدَّمِ

38- حسبوا بقتلِكَ نصرَهم وتوهّموا
ضحكَ الزمانُ لغفلةِ المتوهمِ

39- سقطَ القناعُ وبعدهُ أسطورةَ الـــ
ـــنصرِ المؤزرِ وهو محضُ مزاعمِ

40- أكذوبةَ النصرِ التي ليست سوى
نصرٍ تحقق في خيالِ الواهمِ

41- مرّت بمرفأِ كربلاءَ وأبحرت
سفنُ السنينِ بحزنِها المتراكمِ

42- واليومَ قد بزغَ الضياءُ لتنجلي
شمسُ الحقيقةِ بعدَ دهرٍ غائمِ

43- فاستيقظت كلُ الشعوبِ وشاهدت
يا كربلا لمن انتصارُكِ ينتمي

44- وقفت على أوهامهم كلُ الشعــــــ
ــــوبِ وخاطَبتهم يا عبيدَ الدرهمِ

45- اليومَ من عضَّ الأناملَ حسرةً
لا تنفعـنّـكَ عضـةُ المتندمِ

46- عجباً فإن القاتلينَ إليهِ قد
هُزِموا وإنّ قتيلهم لم يُهزمِ

47- الحقُ يُعلي أهلَهُ بسمائِهِ
والجُرمُ يُقبرُ فيهِ ذكرُ المجرمِ

48- كَلْمى تمرُ بيَ السنينُ وأمتطي
الأحلامَ دونَ عنانِها والألجمِ

49- وأجولُ في فَـلـَكِ الفجيعةِ سابحاً
كالعقلِ يسبحُ في فضاءِ الحالمِ

50- يومَ الحصادِ بعاشرٍ ماذا عسى
غيرَ الدموعِ حصادُها في موسمي

51- بكتْ العيونُ عليكَ فيضاً من دمٍ
والشيبُ أشرقَ بعدَ ليلٍ مظلمِ

52- وعجزتُ من حزني أبوحُ وأشتكي
فجعلتُ حسْراتي لسان َ تكلـُّـمي

53- ولقد رسمتُكَ والطفوفَ بلوحةٍ
ويدي بها عشقي وقلبي مرسمي

54- فأحلتُ رمضاء الطفوفِ جنائناً
وكسوتُ عاري جسمِكَ المتهشمِ

55- وجعلتُ ماءَ النهرِ ينبعُ دافقاً
من بينِ كفكَ كالرحيقِ البلسمِ

56- ونزعتُ أهدابي وفيكَ زرعتُها
ورداً بموقعِ نابتاتِ الأسهمِ

57- أرجعتُ خنصركَ التي بُتِرتْ وقد
طوّقتُها يا سيدي بالخاتمِ

58- ورويتُ طفلكَ سيدي ورسمتُ في
وجناتهِ إشراقةَ المتبسمِ

59- وجعلتُ نيران الخيامِ جنائناً
من وحي بابل صغتُها كالمعْـلـَمِ

60- وجعلتُ حولكَ منْ تشاءُ من الورى
فيها ابتداءً بالرسولِ الأكرمِ

61- ومسحتُ من أرضِ الفجيعةِ سيدي
كلَ الجيوشِ وكلَ عاتٍ مجرمِ

62- ورسمتُ أصحابَ الحسينِ تجمعوا
مثلَ السماءِ تزينت بالأنجمِ

63- وجعلتُ عباساً يجولُ برايةٍ
والكلُ مبتهجٌ بعرسِ القاسمِ

64- لكنْ عجزتُ بأن أواري وطأةَ الـــ
ـــشمرِ اللئيمِ على المقامِ الأحرمِ

65- يا مُلهمَ الأجيالِ وحْياً فارتقت
طرقَ السماءِ على براقِ المُــلهِـــم ِ

66- ومحّررَ الأجيالِ من أقيادها
وخنوعِها وركوعِها للغاشمِ

67- أيقظت أفئدةَ الورى من نومِها
دهراً بكهفِ الجهلِ دون تبرم ِ

68- وبعثتَ في موتى القلوب ِ تكرُّماً
روحَ الإباءِ بنحرِكَ المُـــتَكرّم ِ

69- يا منبعَ الحرية ِ الحمراءِ يا
كهفاً تلوذُ بهِ النحورُ وتحتمي

70- يا مرفأ الأحرارِ تلكَ مراكبُ الـ
ـــعشاقِ عندَ رصيفِ عشقِكَ ترتمي

71- أحسينُ يا عشقي الأصيلُ وإنني
عبدٌ إليكَ فأنتَ حقُ معلمي

72- علّمتني أنّ الكرامةَ تُشترى
بدمٍ لمن قد باعها بالدرهمِ

73- علمتني أن الدماءَ حضارةٌ
تبقى وصرحُ مُريقِها بتهدمِ

74- علمتني أنّ المناحرَ سيدي
جُعِلتْ كرامتُها بسيفِ الظالمِ

75- علمتني أنّ الرؤوسَ إذا اعتلت
رمحاً عَلَتْ فخراً رؤوسَ العالمِ

76- فلتعلم الدنيا بأن حضارتي
في كربلاء وعيدُها بمحرمِ

77- يا كعبةَ العشاقِ أنتَ حضارتي
أبداً وفيضُ دماكَ أمسى زمزمي

78- دمُكَ المدادُ وما رأيتُ حضارةً
أقلامُها كَتَبتْ بحبرٍ من دمِ

قلبي البراق

 

يا  حافيًا  شدّ  لابنِ  المرتضى   iiالرحْلا      هَلاّ أخذتَ فؤادي  في  السُرى  iiنعْلا؟!
خذهُ  إذا  تعبتْ   رجلاكَ   من   iiسفرٍ      فَهْوَ  الذي  من  مسيرِ  الحبِّ  ما  iiكَلاَّ
و  خطوُهُ  النبضُ  إذ  يزدادُ  مِنْ  iiتعبٍ      فيسرعُ  القلبُ  في   خَطْواتِهِ   iiالعجلى
مِنْ   نبضِه   هدهدٌ   يُنبيكَ   عن    iiنبأٍ      هناكَ   عرشٌ   حواليهِ   الهدى    صلّى
مِنْ    نبضِه    آصفٌ    يرنو    iiليجلبَهُ      قد   رامَ   يحملُه   لم   يستطع    حِمْلا
قلبي  البراقُ   إذا   ما   شِئتَ   iiفامتطِهِ      فَهْوَ  الذي  في  ربوعِ  الطفِّ  قد  iiحَلاَّ
إسراؤُه   في   ليالي   الشوقِ،   iiمقصدُه      مِنْ مسجدِ الصدرِ حتى المشهدِ  iiالأحلى
هناكَ   في   كربلا   قطَّعتُ    iiأجنحتي      سأهجرُ  الكونَ  لو  أحظى  بها  iiوصلا
طقوسُ  مثلي  بأرضِ   الطفِّ   مدهشةٌ      أقلُّ   شيءٍ   بها    أنْ    ألثمَ    iiالرملا
قصَّرتُ  خطوةَ  شوقي  كلما   iiاقتربتْ      بطَّأتُها     بحياءٍ     أرجفَ      iiالرجلا
أحجُّ  زحفًا  و  حَبْلُ  السبطِ   يسحبُني      ما  حيلتي  غيرُ  أني  أسحبُ   iiالحبلا؟!
في  قدسِ  واديه  عندَ   البابِ   iiمرتعشٌ      و   مُلزَمٌ   حينها   أنْ    أخلعَ    النعلا
أرهقتُ    فيه    لساني    في    iiتلعثُمِهِ      و  مفرداتي  غَدَتْ  مِنْ  كُنْهِهِ   خَجْلى
هَلاَّ    أذنتَ    لرحّالٍ    بلا     iiوطنٍ      عافَ  الحياةَ  و  يبغي  عندَكَ   النُزْلا؟!
فأدخلُ    الحائرَ     المشحونَ     iiأسئلةً      و  ألفَ   لغزٍ   به   لا   يعرفُ   iiالحَلاَّ
دخلتُ فاخضوضرتْ في  الروحِ  iiأوديةٌ      كم عاشتِ الروحُ من طولِ النوى ذبلى
فلترصفوني    رخامًا    وسطَ    iiحائِرِهِ      يستعذبُ  الوطءَ  لو  ألقَوْا   به   iiالثِقلا
أو   طيِّروني   حمامًا    حولَ    iiمَشْهَدِهِ      بنيتُ    عشًا    على    باحاتِهِ     iiطَلاَّ
أنا     هديلُ     أذانٍ     مِنْ     منارتِه      في  أفقِ   كلِّ   سماواتِ   الهوى   iiيُتْلى
أنا     أنينُ     رجاءٍ     تحتَ      iiقُبتِه      من  شجوِ  طفلٍ  أتى  مستجديًا  iiسُؤْلا
و   زفرةُ   العاشقِ   الملهوفِ    تشبهُني      إذا    تشبَّثَ    في    شباكِهِ    iiالأغلى
طيني      مكامنُه      تُرْبٌ       iiبمدفنِهِ      و   الماءُ   دمعٌ    على    أرزائِهِ    iiهَلاَّ
سُكِبْتُ _  مِنْ  بَعْدِ  تذويبي  _  iiبقالبِهِ      فقالبُ  السبطِ  مَنْ   أعطانيَ   iiالشَكْلا
مولايَ   أنسخُ   مِنْ   أصداكَ    iiتَربِيَّتي      حتى  تكاثرَ  بي  صوتُ   الهدى   iiنَسْلا
وجدتُني      قِربةَ      العباسِ      iiنابعةً      لأرويَ   الناسَ    من    أنهارِها    نَهْلا
وجدتُني    سبحةَ    السجادِ    iiخاشعةً      إن   شدَّها    تارةً    أو    تارةً    أدلى
حسينُ   يا   توأمَ   القرآنِ    يا    كُتُبًا      أهوى     قراءَتها      عنوانُها      iiكَلاَّ
أمطرتَ لي (بعضَ) مزنِ العطفِ iiتغرقني      و ما  نجاتي  سوى  أنْ  تُمْطِرَ)  iiالكُلاَّ(

 

** بَرْزَخٌ يُشايعُهُ الحَنينْ **

 

 

 

الإهداء :

 

بعِطْر الانتظار الرَّاعِفِ أنشُقُ أمنيَّةً صاخبةً بالآهاتِ المَنفيَّة …

تُصَدِّرُ شَّواطِىء الحَنانِ مِنْ طامورةِ الشَّجى المَخْفية …

وَ عَلى أصْدَاءِ أعْتَق زَفْراتِ الحادثةِ العُظْمى ولاءً :

( يُمَّه ذكريني من تِمُر زَفَّة شَبابْ ) / و

 ( يحسين ابضمايرنا .. صِحْنا بيك آمنا ) !!

 

( ُأبَلْسِمُها / ُأهْدِيها  )

 

لكلِّ نَوْرَسٍ أبيضٍ يَرْتَقِبُ الرُّجوعَ ، و يُمأتِمُ الآفاقْ !!

 

 

 

 

 

01 سَما بَرَزْخاً يشدو بأحيائهِ  الجُرْحُ   مِنَ القِمَمِ  العَذراءِ ما  حَفَّهُ  الرَّزْحُ

02مُغـَـيَّمَة ٌ بالمُستحيليَّةِ الــتي     بجيناتِها الجَنَّاتُ دونَ المَدَى تَصْحو

03 أضَوِّأ ُ كُلِّي و الفَراشاتُ  كِذْبَة ٌ  سَتُفشي اقترافَ البَدْرِ و المُنتهَى فَضْحُ

04هَناءُ الذينَ استُشهِدوا حينَ  مَوْتَةٍ      يُبَرِّجُ صَحْرائي إذا راقَني  الشَّرْحُ

05خُرافةَ بَذْلٍ من  يَدٍ  هامَ  حُسْـنها  بآياتِ أرواحٍ سَقَى نَسْـخَها  الصَّفْحُ

06 فمَا أنْدَرَ الأسْحَار  سِحْريَّة َ النَّدى   بإشعاعِهِ  ُأمَّاً فـَرَى عَطْفَها  المَدْحُ

07 عَـلى ضَلَّةٍ تنمو انتباهاتُ وامِق ٍ   بمَقْتَلِ خفقاتٍ تباكَــى لها  الصُّبْحُ

08 وَ خُرَّابُ أوْهامٍ أزاحوا  مـهَامِهاً   ضَراميَّة َ العِقْيانِ حَدَّاؤُها الكـَـشْحُ

09أصيخي إليكِ اليَوْمَ يا سِدْرة َ الوَحَى وَ صُبِّي مِرَاحَ البَرْقِ في رُقْيَةٍ  تَمْحو

010ليُشِرقَ رعْدُ النَّزفِ مستوسِقاً  ُذرَىً   عَسى سُورة ُالأمواجِ يشتاقُها القُبْحُ

011 حُسَيْنيَّة ُ الإرْهافِ  رَكْوَة ُ عَوْذةٍ     برَغْوَةِ إطْلاقٍ تَنَزَّى  بها  السَّطْحُ

012 تخيَّرني حَمْدٌ بأجراسِــهِ التي     تخيَّرها صَمْتٌ تــَخـْـيَّرهُ الكَدْحُ

013 فَطارَحتُ فُسْحاتِ الكراماتِ واقفاً  عَلى مِشْجَبِ التَّوفيقِ في مُهْجَتي رَوْحُ

 

014 تمدَّدَتِ الأحلامُ للاَّنِـهَايَةِ المُمُوْسَـقـَةِ الأرْوَى إلى أنْ  طَفا  النـَّشْحُ

015 سأفْضِي بما قَدْ هَدَّ أقبية َ الطَّوى   و أعْشَبَ لَثْغاً ، شَذِّبِ الرَّيْبَ يا بَوْحُ

016فمَنْ قبلكَ استْدَنى مَتَاهَاتِ زَهْقَةٍ     تَدلَّتْ مَـواويلاً يُرنِّمها النـَّزْحُ ؟!

017تلبَّسني المَخفيُّ في ضِفِّةِ السَّنا       حزائِقُنا الأولى ضَـمائِرُنا القُـحُّ

018فهلاَّ تمُـجّ الحُبَّ طُهْراً مُورَّداً      بصُرَّةِ رُزْءٍ  ضاعَ في حَلْقِها الطَّفْحُ

019 سأنثالُ منفىً غارقاً وسط َضَجَّةٍ      ُترى كُفِّرَ السَّنَّاحُ أمْ ُألِّهَ السَّـنْحُ

020 هُنا زَأرَة ُ الأكدار ِ لَيْلٌ  مُـثَقَّبٌ      لهُ جُـهَمٌ منها  يُجزِّرُنا  الكَـبْحُ

021 بجنَّاتِنا هَفـْوٌ  لأحْـدَثِ  سَجْدَةٍ      كأنَّ اندلاعَ الوَجْدِ من ثَغْرها  فَتْحُ

022عَن اللَّوعةِ الأجلى المُسَمَّاةِ كربلا   عَنِ الرَّوْعةِ الأغلى فقد هُجِّرَ القَرْحُ

023إلى كلِّ أشياءِ انشطارايَّةِ الشَّجى       مُدلِّهَةِ الأحْزَان ِ أحشاؤنا طـَمْحُ

024 لِغـَزَّةَ  كَمْ نقتاتُ آهاتِ  لـَحْدَةٍ     ترودُ الخَيالاتِ التي غالَها  السَّرْحُ

025 فيا أنفـُساً مغبوطَة ً مِنْ  تَمَلُّكٍ     مُحَرَّمُ وَلاَّها فما يُـتِّـمَ  النـَّضْحُ

026 مَرَرْنا  نواريساً؛ أعيني اندِلاقنا     بتَهْويمةٍ للاشتعالِ كَمْ ضَمَّنا القَدْحُ

027 تمأتَمَتِ الأجواءُ ملءَ  اشتياقنا      بنا قِبْلة ً صاكَ الأسى أينما  نَنْحو

028 نُعَذِّبُ  جَـبَّاناتِنا تِلْكَ  أنَّــةٌ       خريفيَّةٌ ترنـو لِوجْهةَ لا  تَـلْحو

 

029 نُصلِّي وُلوعَ الدَّمْعِ يَسْتَجْذِبُ المُنَى   رِثاءٌ جَماعِيٌّ هُوَ النَّجْمُ وَ الجُنْحُ

030 ذَوَتْ زَرَداً قَدْ كانَ طَلاًّ  مُكفَّناً    حُقولُ الذَّواتِ البِيْضِ فاستَعْجَبَ الفَلْحُ

031 أولئكَ مَنْ ؟ يا ليتَ سُورَ اكتشافَهُمْ     تمخَّضَ قُرْباناً تَـكأَّدَنا  القَـمْحُ

032قفي ريثما نَنْـغَـلُّ خَدّاً بكِـلَّةٍ       لنَصْطادَ دَمعَـيْها فيُبْنى بها صُلْحُ

033مِنَ الرَّيِّ أنْ يُوْسَى الرَّحيبُ الذي بهِ اتِّساعاتُ لا تُرْسَى فليتَ الدَّوا  فَسْحُ

034 و مِنْ رَوْضَةِ الأظماءِ تَرْنو امتلاكةٌ   عَرَاهَا الخُلودُ المَاءُ كَمْ خِبْتَ يا ذَبْحُ

035 فما أدنأ َالأعماق صادَرَها الهَوَى     تُثلِّجُها الدُّنيا فيَـصْهَـرها النَبْحُ

036 أتُمْتَشقُ النِّياتُ في  طَرْفِ  رَدَّةٍ    جِمَاراً على التَّطْهيرِ حَتْماً لها كَسْحُ

037 تُداهِمنا اللاَّفانـــياتِ  زَنابقاً      يُخَرِّجُ تأبيناً سَّــكاكينَها  النَّجْحُ

038ملاحِمُ أوْرادٍ تلفَّعَتِ الشُّموعَ فِـــتْنَةَ وَرْدَيٍّ فَــــما فَـتِأ َ السَّبْحُ

039 فِدا تلكُم الأرزاء مـيناءُ راحَةٍ      يُغَازَلُ بالإزْرَاءِ حتَّى قَضَى  اللَّمْحُ

040 إلى زَفْرَةِ النَّاقورِ بل بَعْدَ مَوْتِها     بقَلْبِ العُلا نَدْبٌ و من حَوْلهِ اللَّفْحُ

041 فوا صَعْقَةَ الأشرافِ إثْرَ  جِنايةٍ   تَناسلَ مِنْها في جَبينِ المَدَى الرَّشْحُ

042 حَنايا حَنانِ السِّبْطِ حَنَّاتُ مِحْنَةٍ    إذاً ناحَتِ الأنْوَاحُ و اسْتَغرَبَ الصَّدْحُ

043 فمَا جَرَّأ َ الدُّنيا لِحَرْق ِ أمَانهِ    و إرْعَابِ أطفالٍ لَهَا يشتكـي  النَّكْحُ ؟

 

044 مفُدَّىً بأصْحابٍ تَوَهَّجَتِ انْتِشِا    وَفاءٍ عَبيريٍّ على الشَّمْسِ قد ضَحُّوا

045يُدمِّرُ أشْـبَاحَ النِّـهايةِ مُفْعَماً      بُِأرْجُوزَةِ الإصْرارِ خَـفَّاقُهُ السَّمْحُ

046 سَجَى يُطْعِمُ الذَّراتِ فتْحاً مُكبِّراً    و أعداؤُهُ ما زالَ في حلْقِها النُّصْحُ

047 مُوارِي تعاساتِ الغَياباتِ لا نَعي    تَدفٌّقَ أضلاعٍ  لهُ رضَّـها  المِلْحُ

048 عَلى التُّرْبِ مكبوبٌ ثلاثاً بلا رِدَا    ذبيحٌ  بلا جُرْمٍ تلَـظَّى لَهُ  البَطْحُ

049 و يُبْشَكُ من فَوْقِِ القَنا رأسُهُ الذي  تَلا الحُسْنَ والأحجارُ في هُبْلَةٍ نَطْحُ

050 وَ تُسبى نِسَاهُ الشُّـمُّ آمَالَ ذِلَّةٍ     مُهَدَّمةٍ يأبى على  وَعْدِها الصَرْحُ

051 أضحْوَةَ ثأرِ اللهِ برزَخُـنا  يَدٌ     و إنَّا معَ  الأحْرَارِ آمــالُنا  جَمْحُ

052 هُنا تُتْرِعُ الزَّهراءُ غَيْماتِ جُرْحِنَا     أماسي اكتناهِ الآهِ يَستَفْهِمُ  الرَّدْحُ

 

 

 

 

إناأنزلناه في ليلةالطف

حدثيني وأشعلي القلب نارا

واسكبي اللحن خاشعا موّارا

حدثيني فكل نبضة عشقٍ

في كياني تغازل الإنتظارا

وابعثي الليل موسماً غزليا

فعلى مقلتيك صلى السكارى

حدثيني عن كل شيء فإني

مغرم فيك لست أهوى اختصارا

كل همس يا سجدة الروح منكم

هو وحي يلهو بثغر العذارى

راقصي فيَّ نغمة الروح شوقاً

فبقلبي ثار الهوى واستطارا

لك للحب للهوى للأماني

للجمال القدسي رمت ادِّكارا

فأطلي حرفاً يعانق حرفاً

وشموساً تغازل الأقمارا

حدثيني فقد سئمت اغترابا

وبخطوي ماتت دروب الصحارى

عدت في موعد المواسم شعراً

لحنه داعب الهوى مزمارا

حدثيني قالت فحسبك فخرا

أن تناجي أئمة أطهارا

فتغافى على فم الدهر لحن

يبدع العشق في قلوب الحيارى

فأضأت الشموع ميلاد فجر

لحسين شف الهوى واستنارا

رَقَّصته يد البتول حناناً

وبطهر الوصي حاز الفخارا

هدهدته الأملاك في حجب

الغيب فلبت وأنشدت قيثارا

هو أنشودة الجمال عليها

وإليها تهفو قلوب الحيارى

هبطت باسمه الجلالة سكرى

ولمحرابه الكمال استدارا

وعذارى اللحون بَرَّحها الشوق

فأهدت باسم الحسين الشعارا

لكَ من نفحة البتولُ دلالٌ

ومنارٌ بل أنت خيرٌ منارا

ومن المرتضى تعلمت عزماً

للبطولاتِ صغتهن انتصارا

ومن المصطفى وحسبُكَ عزاً

واصطفاءً أن تُشبه المختارا

أنت من حجر فاطم وعلي

قد سكنت الخلد الإلهيَّ دارا

ومرجت البحرين درا وسحرا

قبساً يُشعل المدى إكبارا

عانقتك الأحلام في ألقِ الفجرِ

فكانت بشوقها أقدارا

والتراتيل مصحف علوي

للمعاني إذ صغتها أبكارا

يا إماماً من زاره زاره الله

فحقاً لطفِّه أن يزارا

يا وليدَ البيتِ المقدسِ قِدْماً

هو للحشرِ ذكره لن يوارى

وله في سما المعارج ذات

أيقظت من غرامها أسحارا

فمحاريبه التقى وصلاة العزم

فيه قد أبدعت أحرارا

يا غناء الأملاك ِ رتل علينا

من تسابيح وحيه أذكارا

وأدرْ كأسه المعتقَ فينا

فبخمرِ الولا أتينا سكارى

همسه همس أحمد وهواه

فاطميٌّ قد عانق الكرارا

قد تجلت يدُ اللطافة فيه

فتعالى فشاء لطفاً فصارا

(في علي أباً وفاطمَ أُماً

وأبيها جداً وجبريل) جارا

فحسين قد لون الطف مجداً

وعلى الأفق قد تراءى احمرارا

يا فماً راقص الخلود وغنى

للبطولات مصحفاً ومنارا

وتمشى مع الزمان هديراً

صاخباً يملأ الدُّنى إعصارا

وصهيل الخيولِ في كربلاه

كِسَفُ تمطرُ الجبان جمارا

وصداه موالُ آلهةِ الحبِّ

يصلي على الشفاه جهارا

وإباء الطفوف نبضٌ بقلبِ

الدهر ما انفك يبدع الأعمارا

فالحسين الدم المخبأ فينا

إن فيه بكل قلب مزارا

كعبة الأحرار

 

سارت تجر لجامها الأقدارُ حيث المنية غاية تُختارُ
وتبسمت للموت حيث بدا لها وحيٌ ولمّا يثنها الجزارُ
ومضت على نهج التقاة يحثها عزمٌ يزيد وقيده الإصرارُ
فحوت على سبط النبي محمد والسائرين بها هم الثوارُ
وشدا لمجدهم الزمان مفاخراً أن الخلود يناله الأحرارُ
فالخلد أن تذكي لدربك جمرةً لا تنطفي إن طالها الإعصارُ
لا تنطفي حتى ولو بلغ الزبا سيلٌ يسيل على المدى هدارُ
شقت مبادئه العباب فأبحرت لا ينثني إن عاكس التيارُ
وإذا تلاطمت البحار وأظلمت لا بد يطوي دربه البحارُ
والخلد أن يصغي لصوتك مسمع عبر المدى حيث الصدى عبارُ
خرق الحواجز حين أطرب مسمعي في الذر حيث تحوطني أطوارُ
نغمٌ تقدس في السماء ولم يزل عذباً يرتل صوته مزمارُ
هذي ترانيم الولاية لفها نورٌ تحيط بذاتها أقمارُ
وإذا تميزت النفوس فإنها تسموا الجبال وتصغر الأحجارُ
فأذاب مهجته ليسكب زيتها نارا يقود شعاعها الأبصارُ
يعطي فلا طمعٌ يؤمله كما تروي المياه ويضمأ الفخار
يرضى من الدنيا الكفاف بعيشه حيث اللآليء بيتها محارُ
يا سيد الاحرار حسبك عزةً أن تزدهي وتبدد الآثارُ
أن يعتلي صوت الكرامة شامخا عبر السنين ودأبه إستمرارُ
يحي الضمائر في الخليقة مثلما تحيا القفار وغيثها الامطارُ
فإذا تشربت القفار بغيثه يزهو الربيع وتعبق الأزهارُ
والدوح أينع من صميم غياثه ينعاً فكل نتاجه أبرارُ
تبقى وصرختك الأبية تنجلي كالرعد يقصف ، حده أشفارُ
وغدا يردد في صميم مسامعي أن الكرامة جلها إيثارُ
كيف الطريق الى علاك فما أرى إلا الإباء وذا الولاء شعارُ
يا كعبة الأحرار إنك ملهمي فأطوف حولك والإبا مضمارُ
وأصارع الطغيان أرجم سعيه حيث الولاية في يديّ جمارُ
لله درك يا حسين فما أرى إلا عظيما كله أسرارُ
فأنا أراك لي الجلال لأنه يزهو لك الإجلال والإكبارُ
وانا أُسرت بحسن نهجك مثلما أَسرت قلوب عبيدها عشتارُ
فإهنأ بخلدك يا حسين فإنه نضج الغراس إذ الولاء بذارُ

 

 

 

بقايا الباء

قدّستُ عندكَ فكرةَ العُظماءِ
فدَنَوتُ منكَ بخطوةِ استحياءِ

وسكبتُ كلّ الشعرِ فوقَ ملامحي
حتّى أمرّغَ بالبكاءِ بقائي

وتوضّأتْ بدمي القصيدةُ قُربةً
لكَ.. واستوتْ لصلاتها الحمراءِ

وطرقتُ باسمِكَ باب قلبي فانبرتْ
تسقي حروفكَ يا حسينُ دمائي

كنتُ انتهيتُ إلى ثراكَ معفّرا
بالفقدِ.. أبحثُ عن فقيدِ الماءِ

ظمآن مثلكَ والقوافي أدمنَتْ
هذا الجفافُ على فمِ الشعراءِ

كاللهفةِ العَطشى تحاولُ أن تضمّـ
ـكَ في جديبِ القفرِ والرمضاءِ

ملءَ اشتغالك بالضياءِ.. وماؤه
يتلو انتفاضَ مريئكَ الوضّاء

ما بين مائك والسماء وصورتي
نورٌ أُريقَ على يدِ الظلماء

يُبدي وضوحَ المُنزِلات على المدى
نَبَأ الندى ونداوةَ الإنباءِ

وجموحَ أسئلةٍ كأنَّ حروفَها
عَقَرَت جروحَ الأرض في أحشائي

مَن أنتَ؟.. يا ضوءَ الوجودِ ولا أرى
إلاك ضوءَ اللهِ في الأرجاءِ

مَن أنتَ؟.. يا مَن لمَّ روحيَ والسنا
يا سيّدي يا سيّدَ الشهداءِ

مَن أنتَ؟.. والضوءُ الجريحُ يقودُني
نحوَ الخلودِ على خُطى الهيجاءِِ

أمضي وهذا الدهرُ أقفرَ والرؤى
وكأنَّ كلّ الكونِ جاءَ ورائي

فأزحتَ عن مُقَلِ القلوب سَوادها
وجعلْتَها ترنو إلى العلياءِ

وجعلتني أدعو بكلِّ جوارحي
ومعي فؤادٌ مُثخَنٌ برجائي

ومعي اصطبارُ المتعبينَ السائريـ
ـنَ إليكَ في السرَّاءِ والضرَّاءِ

أيتامِ هاشمَ والسواكبِ أدمعًا
حَيرى تُبلِّلُ صفحةَ الصحراءِ

اللاطماتِ خدودَهُنَّ من الأسى
والباحثاتِ عن القريبِ النائي

الجاعلاتِ عُيونَهُنَّ منابعًا
تروي مُصابكَ في عيونِ الرائي

والسائراتِ من الطفوفِ إلى هنا
تترى من الآباء والأبناءِ

أدعوكَ أنتَ ولستُ أدرِكُ أنَّني
نفسي دَعوتُ وقد أجبتُ دعائي

يا سيِّدي من أنت؟ كلُّ حقيقتي
أني أرى عينَيكَ في أنحائي

أنِّي أراكَ وأنت تُسلِمُني يدي
كيما أصافحَ عِزّتي وإبائي

فكتبتَ ما أعطيتَني من فكرةٍ
عصماءَ ضِمنَ قصيدةٍ عصماءِ

وَلَقَد قصصتُ بكربلاءَ حكايةً
عمَّا جرى بالغدر والبغضاءِ

قَبَسُ الرضيعِ وَقَد أتمَّ شعاعَهُ
ألَقًا بصدر جريمةٍ نكراءِ

أمُّ المصائِبِ وَهجُها وَشموخُها
أختُ الشدائدِ زَينبُ النُّجباءِ

قَمَرٌ وَكفٌّ وانثيالُ أخوّةٍ
تَجري منَ العبّاس في البطحاءِ

عُرسٌ سَماويّ المحيّا.. فَرحةٌ
بتراءُ.. أرخَتْ دَمعةَ الزهراءِ

سبعون فجرًا قد تبلّجَ نورُهم
في ساعةٍ دَمويّةٍ هوجاءِ

وَالحُرُّ أدركَ.. والمدامعُ أَرهَقَتْ
وَجهَ الفُراتِ.. وآمنَتْ بِبُكاءِ

يا سيِّدي.. جرحُ الحقيقة نافرٌ
من إصبعٍ في الأسطرِ السَّوداءِ

مَدّوا عليهِ الملحَ وهْوَ مُقيّدٌ
بمَدَاهُ.. رَغمَ رَحابةِ الأشلاءِ

والصبرُ أودَعُهُ الهدوءَ فيحتفي
– يا للأسى – بِوديعةِ الحنّاءِ

وَالجوعُ أقبلَ وَالمكارمُ أدبَرَتْ
عَذراءَ مَرّتْ مُرّةَ الإغراءِ

كالصَّمتِ يَرغَبُ بالضجيجِ ودونَهُ
صَوتُ السرابِ على فمِ الحسناءِ

صِدقَ انتماءِ السائرينَ إلى الردى
هربًا من الدخلاءِ والطلقاءِ

بِفظاعَةِ التاريخ فرطُ حثالةٍ
تَطَأ النفوسَ بمقلةٍ عَمياءِ

يا سيِّدي هَبْني دواءكَ سرمدًا
فأنا احتضار العابثينَ بدائي

أشكو إليك الريحَ وَهْي تسوقُني
كالموتِ ملءَ ملامحِ البؤساءِ

أشكو الضياعَ وَصرختي مبتورةٌ
والخوف يملأُ بالشجى أشيائي

والنأيَ والحزنَ المقيمَ بخافقي
وقساوةَ الأمواتِ والأحياءِ

ومرارةَ الزمنِ الأخيرِ وغدرَهُ
وحفاوةَ النُّدماءِ بالأعداءِ

مَن لي سواكَ يزمُّ أطرافَ الصدى
يا موئلي وجوابَ كلّ نداءِ

مولاي تلك حدودُ قلبي لا أطيـ
ـقُ تحمّلا وكذا حدودُ بلائي

مولاي خُذْني.. لا إليكَ.. وإنما
لرحابِ عطفِكَ يا عظيم عطاءِ

خُذْني فهذا البؤسُ أطبَقَ وَالدجى
علّي أراكَ بليلةٍ قمراءِ

خُذْني إليكَ.. نَعَمْ.. إليك.. لأنَّني
أنا في الخيالِ أراكَ في إسرائي

مَطرُ الحنينِ وما تبقّى من دَمي
زُلفى لِحضنِكَ يا أبا الفقراءِ

يا حاءَ كلِّ الحبِّ أنتَ حكايتي
فامدُدْ يَدَيكَ.. أنا بَقايا البَاءِ

***

ذاكرة الرمال

سرْ يا فراتْ
سِرْ في هدوءِ العجزِ عن قصصٍ وأعذارٍ ترتّبُها الرمالْ ….
سِرْ حيثُ يجرحُ صمتُ أزمنةِ الغبارِ تعطشَ الموتى بأغصانِ الرماحْ
ويقطّر الخوفُ التذلّلَ في شفاهِ صغارِنا
نتوسّلُ الذكرى ونرمقُ آخرَ الأحلامِ لا يُرجى انفصالْ
أو حين تحرجُ صوتَك المبحوحَ أغنيةُ اليتامى في تفاصيلِ الزوالْ
كان الحسينُ ندىً لأروقة الصباحْ
هل كانَ شكّاً يا فراتْ
حتى يوثّقَهُ المماتْ
نهرٌ تولّى أو تعامى غير معنيٍّ بفاجعةِ النـزالْ
سِرْ يا فراتْ … سِرْ ثمّ ثُرْ
ثُرْ عن جراحِ الصمتِ
حينَ عيونُ أطفالٍ يخالجها الذبولْ
ومضتْ تراودُها الوعودْ
ثُرْ إنّ خوفَك يستبدُّ به الخلودْ
هذا أوانُك يُستَفَزُّ معادُهُ
فصفاءُ وجهِكَ لا يعودْ
ما لم تثُرْ
سِرْ لا تثرثرْ .. سِرْ وثُرْ
دعْ ما تخافُ من التعثّرِ في حطامِ الضوءِ
في ظلماتِ أمّتِنا العقيمةْ
للآنَ يغرينا القناعْ
للآنَ نسقيها دمانا وهي تسقينا الضياعْ
سِرْ يا فراتْ ….
سِرْ ثمّ ثُرْ
سترى حسينَ الله في عبراتِهِ
وترى ضميرَ الرملِ يحفرُ خطوَهُ
سترى بذاكرةِ الرمالِ تَحفّظَ الريحِ المُذيّلِ حزنُها
وجعاً تناسلَ في سنيِّ الخوفِ في رحمِ الذبولْ
سترى بأنّ اللهَ في أعدائِهِ
يبكي عليهِ وهو ينتزعُ الحقيقةَ من نقاءِ دموعهِ
هو ذاك سلطانُ الترقّبِ والتقرّبِ تلك آياتُ الوصولْ
فالحزنُ يبدأُ والدموعُ حكايةُ الكبتِ المرادِ له بأن يتوغـّلَ المعنى المسافرَ عن وجوهِ الناسِ حيثُ ملامحُ الأصنامِ تطبعُ في جبينِ الخوفِ ذلَّ الصمتِ في زمنٍ هجينْ
فأبيتَ يا ظلَّ الإلهِ خطى المتاهةِ في عيونِ الموتِ في نفقِ السوادْ
هو يومُ أنتَ خرجتَ وجهَ حقيقةٍ
يا منبعَ الهادي ويا استسقاءَهُ
فجّرتَ ينبوعَ التطهّرِ واصطفاءَ كواكبٍ للآنَ أوّلُها يضيءْ
للآنَ آخرُها انتظارُ اللهَ حين العدلُ كلُّ الأرضِ كلُّ العمرِ
كلُّ وجودِهِ
ليضيءَ في زمنٍ نبيٍّ ما تحاوله الفصولْ
فيزيحَ وجهَ الموتِ عن قدرٍ بريءْ
ولأنت ِ نفسُ محمّدٍ
يا معدنَ النفسِ النبيّةِ يا مذاقَ الطهرِ يا طعمَ الإلهْ
يا موطنَ الإرثِ المضيءِ على ترابِ الأمسِ حينَ اخضـّرَ وجهُ الموكلين إلى الحياةِ على ضفافِ الدمعِ أو نزفِ السماءْ
وعلى حضاراتٍ تكلَّفَتِ العناءْ
وعلى همومِ نهوضِها
فخلقتَ في طرقِ المنايا ألفَ نهجٍ للنقاءْ
كان المرادُ غصونَ لاهوتٍ تجذّرتِ السماءْ
فخرجتَ حتى يستقيمَ الضوءُ في فيءِ الإلهْ
ينبوعَ أضواءٍ أراكَ .. خصوبةَ النورِ .. امتدادَ العرشِ
حين اللوحُ ممتلئٌ بإشراقِ انتمائِكَ للعلا
هو ذاك يومُ الطفِّ كنتَ على انتشارِ جهاتِهِ متلألئا
فيضٌ يفيءُ ولا يبارحُ وجهَ هذي الأرض إلا باكتمالِ الضوءِ أو بسكينةِ المعنى وباستسلامِ آخر ذرةٍ لهبوبِ وجهِكَ حينها تـُستنطقُ البشرى
فوجهُ الأرضِ مرآةٌ ملامِحُها تقاطيعُ ابتساماتِ السماءْ
ولربّما عَرفَتْ بحزنِك حينها
فَمَضَتْ تعارضُها الدموعُ تجرّحتْ أبوابُها
وملوحةُ الأيامِ تسكنُها الجراحْ
فبكتْكَ أمطاراً دماءً حين موعدُها الهطولْ
سكتتْ وسرُّ الله يفشيهِ النواحْ
سكتتْ وروحُ الأرضِ دائمةُ البكاءْ
إذْ فجّرت ماءً يشقُّ إلى الحياةِ صفاءَ كوثرِك الحزينْ
هو ذاك جرحُ الله .. نزفُ العرشِ
لا الضلعُ المهشّمُ لا الجنينْ
فبأيِّ لوذٍ يستكينْ
والحزنُ يَثأَرُ والدموعُ حكايةٌ ..
لا ترتوي الأيامُ حتّى نبدأَ الأيامَ في معنى تَجَاوَزَه الأنينْ
لا أن نسيرَ نؤمّلُ الموتى مساحةَ قبرِهم
فلقد تصدّعَ وجهُ تأريخٍ تناولَ حزنَك المخبوءَ من حين لحينْ
لتمزّقَ الذكرى شرايينَ السنينْ
فيفيقُ من وجعٍ أنينْ
ويحيل ليل المتعبين إلى البعيدْ
خجلى هي الأيامُ كيفَ تمرُّ من وجعٍ إلى أفراحِ عيدْ ؟!!!
ثُرْ يا فرات
سترى بتكرارِ الإلهِ تشابهَ الآلامِ حين نصرُّ أن نتلو النـزيفَ على الطريقْ
سِرْ إن آخرَ ما نفكّرُ فيهِ في النارِ الحريقْ
ٍ

جرح الرجوع

 

انثر نواحي الشوق في شفتي

واجمع بواكي العشق في لغتي

وابقى هنا في سورة الدهر

الذي غسلته أوعية الدموع

وكن كما الشريان ينبض بالحياة

والشمس تخفق راحتيها للطلوع

كن سيد الشعراء

تُلهمهم وتُسكنهم

فسيح الفصح

في جرح الرجوع

علمتهم…

لغة الدماء بفلكهم

وجمعتهم…

شُهب السما بمدارهم

فلهم تراجي المجد في زمن الخُنوع

كنتَ القريحة في مسالك نطقهم

كنتَ الوديعة في قلوب دمائهم

فلك الحياة بشعرهم

ولك الدموع

ولك الزمان يأنّ في أرواحهم

ولك الجموع

 

 

 

يا سيد الكلمات رتلتُ الحروف

بصمت أغنية الشموع

أعجبت دهرك سيدي

كيف الخلود ؟

وكيف سرمدت الحياة ؟

وكيف سطرت الوجود

بأسمك النوري يصدح

في الزمان

عصفورة الالحان دوّت

بالدما درب الجنان

ودرب هاوية السطوع

شمس الحنان

وكيف يُسقطها الثرى

بل كيف يَمِزقها الخَنوع

صادفت بالليل المجنّ بليله

نجماً يبارز فيلق الديجور

هزماً

ثم نصراً

هكذا لغة الربوع

 

أتعبتني

حتى كأني واقفا

تحت الهجير

وفوق مُنهصب الضلوع

أرنو اليك بعبرتي

وبمقلتي

مثل العقيلة نظرتي

لا رأس لا ودجين

لا قلباً تبقّى

بل تلقّى

السهم

وارباه في حنو الخشوع

سهماً لفضته سيدي

فكأنما غرز اليقين

بقدرته قلب القضا

لله قلبك مستقراً

آمنا

ويحاً لسهمك خائفاً

متخاذلا

كيف المثلث في الضلوع ؟

وكيف قلبك نابضاً

لليوم في هذي الحياة ؟

خسئاً لدهرك سيدي

خسئاً لهاتيك الجموع

 

أتعبتني …

حتى كأني واقفاً

ما بين تلّة زينبا

أرنوا لها

في قلبها

نار الاخوّة مضرمة

ما زلت أسمع صوتها

إن كنت حياً يا أخي

فالخيل صالت قادمة

ان كنت حياً يا أخي

فالشمر أرشد ملزمه

إن كنت حياً يا أخي

فالنار في خيم النبوّة عائمة

إن كنت في رحم السماء

فالسماء قيم القضا مُتفهّمة

فأجابها في عدوةٍ

قد أنهكتها الضربُ

والسهمُ المثلث آلامه

كُفّي العتاب أما ترين تَرَنّحُي؟

يا أخت كُفّي اللائمة

فلتذهبي عند الكفيل بعلقمه

ولتنتخيهِ

لعلهُ يصغوا لنجواى فاطمة

قبل الرحيل أخيّتي

خلّفته والسهم قد

رشَق الجَنان وأسلمه

والكفُّ ضاعت في الفرات

وجُوده في الأرض تنزف من دمه

خابت ظنونكِ زينبٌ

فالترجعي لعليلكِ

فالنارُ شاهت مِعصمه

فالترجعي اطفالكِ ضاعت

فردّي اللملمة

 

 

 

أتعبتني يا سيدي

ياروحَ ضنواى فاطمة

جسمٌ ترضض بالخيول

وضلعه طُحنت مفاصله

وشاخت أعضُمه

والقلب قد رُكزَ المثلث

فيه دعوى للقيامةِ قائمة

والصدرُ أصبح ساحةً

للنبلِ للجلمود للطعنِ

المدمّى من دمه

وجبينهُ مهوى السجودِ

وخُنصر التوحيد

يسألُ خاتمه

والنحرُ يامولاي

أدمى مهجتي

والقلبُ يركع

في صلاة الشعر

في قنو الدعاء  ليلهمه

كي يوصف الجسد الذي

جالت عليه العشر

في نزل البلاء

وأخته ترنوا له

والصحب صرعى نائمين

حتى نختهم كيف مولاكم

على حرّ الهجير

وأنتمُ عن نصره متخاذلين

فأجابها شيخٌ أسنّتهُ الطعان

ألم نوافي حقه ؟

يا أخته

إنا لنحن الآن في نومٍ

يسمّى الخالدين

قلبي لها

مذ قدّمت قربانها

ياربّ هذا في رضاك

هذا الذي جادت به بيضائنا

خذ سيدي حتى ننال المرحمة

خذه فبعد الآن قرّت أعينٌ

لرضاك ربي مسلمة

 

 

 

 

 

 

 

ترنيمة عطش

عطشى أتيتك مـن عذابـات النـوى      ومددت بيـن يديـك أقـداح الهـوى
جفـت ينابيـع الكـلام علـى فمـي     عشقاً يرتّلك اللسـان ومـا  ارتـوى
ذكـراك تغرينـي لأثمـل  سـيـدي      وقصدت ُ بحرك يا لبحرك ما  حـوى
ومـداد قافيتـي بقـربـك سـاجـدٌ      خجلاً يناجيك الفـؤاد الـقـد ذوى  :
أحسيـن ” أغرقنـي لأقصـى  لجـة     بهواك عرش الموج في قلبي استوى “
أحسيـن ” أغرقنـي لأقصـى  لجـةٍ     قد ضقت ذرعاً بين أشرعة الجـوى “
وطنٌ عظيم ٌ أنـت يـا أنـت  الـذي     لـم يستقـم لـولاك ديـن وانـزوى
وطـنٌ عظيـم أنـت لا يكفـيـك أن     يحويك يوماً بيت شعـرٍ قـد  خـوى
سكرى حـروف قصيدتـي  منثـورةً     حول الضريح وحزنها لك ما انطـوى
وبمهجـةٍ حـرّى تـجـدد منسـكـا    ًيبكيك كل الدهـر فيـه ومـن ثـوى
لكـأن ذاك السيـف قـال مفاخـراً :     (( إني لثمت حسين )) عذراً للهوى  !
وكأن شمساً مـن جراحـك أشرقـت      حر الهجيـر بنورهـا جـدّ  اكتـوى
وتبتلـت كـل الدمـوع  وعانـقـت      أطراف قبرك سُجّـدا رغـم  النـوى
“مولاي” عطشى قادني لـك  خافقـي      ما ضلّ فيك القلب ُ يومـاً أو  غـوى