المحكم | سيرة ذاتية | |
الدكتور علي عبد النبي فرحان | · دكتوراه اللغة العربية وآدابها.
· رئيس قسم اللغة العربية والدراسات العامة بالجامعة الأهلية – أستاذ مساعد. · له مجموعة من الدراسات والبحوث النقدية خصوصا في السرد. · قدم مجموعة من الدورات التدريبية والفنية والتخصصية لاسيما في مجال تحليل النص الأدبي. · شارك في مؤتمر الإبداع والتفكير الناقد بالجامعة العربية المفتوحة بورقة علمية. وحضر مجموعة من المؤتمرات في مجال تخصصه وعمله. · شارك في تحكيم كثير من المسابقات المحلية، عضو لجنة التحكيم في مسابقة شاعر الحسين لنسختين سابقتين |
|
الدكتور جعفر مهدي آل طوق | · حائز على درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها عن أطروحته (دلالة الحسّي على المجرّد في شعر أبي نؤاس)
· له اهتمامات بالشؤون الأدبية واللغوية · يعمل في الوسط التربوي منذ ستة وعشرين عاما · له إسهامات في المجال تربوي والأدبي والثقافي والخدمة الاجتماعية في الساحة البحرينية |
|
الشاعر أحمد الستراوي | · مواليد عام 1972م.
· شاعر بحريني، عضو أسرة أدباء وكتاب البحرين، عضو الملتقى الثقافي الأهلي. · أقيمت له العديد من الأماسي والأصبوحات داخل مملكة البحرين وخارجها. · قدم العديد من الورش الأدبية لطلاب المدارس. · له خمس مجموعات شعرية، ونتاجات أخرى، بعضها مطبوع: – مجموعاته الشعرية: لست نبياً، أنثى وصلاة، ظل فوق الظل الغافي، خديجة (مطبوع)، قميص منذور بالوقت (مطبوع) · مثّل البحرين في دمشق عاصمة الثقافة العربية |
معزوفةٌ فوقَ الرمح
رأسُ الحسينِ يطوفُ بوصلةَ الجهاتِ
محلّقاً نحوَ السماءِ
كغيمةٍ قدسيّةٍ
نطقتْ بأسرارِ المطرْ
للرمحِ وجهتهُ
وللخدِّ التريبِ حكايةٌ أخرى
تترجمُ أبجدياتِ القدرْ
للدّمِ سنبلةٌ تحررُ كلَّ شيءٍ عابرٍ
نزفٌ على رئةِ الخلودِ ..
مسافةٌ للدمعِ …
أروقةٌ مشاغبةٌ …
ضجيجُ الخيلِ …
قهقهةُ السيوفِ …
نحيبُ أطفالٍ …
ورأسٌ واحدٌ يجتازُ قاموسَ الخطرْ
يحنو على كلِّ الجراحِ برأسهِ
وعلى فمِ التاريخِ ثورة حدسهِ
قد صاغَ من غدهِ المسافرِ غيمةُ
تنمو وتنمو في تمرّدِ أمسهِ
وكأنهُ وحي الوجودِ وآية
رسمتْ تفاصيلَ الجهاتِ بقدسهِ
الشمسُ أتعبها الغيابُ ولم يزلْ
للضوءِ محرابٌ يطوفُ بشمسهِ
الجرحُ يقترفُ الخطيئةَ
حينما ضجَّ النزيفُ
وكربلاء تسابقُ الزمنَ السوادَ
وذي طبولُ الحربِ مُـشرَعةٌ
وفوقَ الرمحِ صوتٌ
يستمدُّ من السماءِ
طهارةَ القرآنِ .. نبضَ تلاوةٍ
تسمو بأرواحِ الصغيراتِ التي شَهَـقتْ
وبلّـلها الضجرْ
وجهُ الحسينِ على مسافةِ اصبعٍ
والسهمُ يعبثُ
في نبوءةِ صدرهِ
واللحظةُ اشتعلتْ
ومزّقها الحجرْ
لا شمرَ عادَ
ولا السيوف تمرّدتْ
لا شيءَ من قلقِ الجهاتِ
ولا هدير الماءِ في جسدِ الفراتِ
ولا امتداد النارِ
كانَ لصوتهِ سحراً لــ ( بسمِ اللهِ ) في كلِّ السوّرْ
يأتي بوشمِ المعجزاتِ
ولم تزلْ ( هيهات ) تعبثُ بالظلامِ
وتفتحُ التأويلَ
في قلقِ الممرْ
الآنَ يعبرُ ( سيدُ الشهداءِ ) للوجعِ الخفيِّ
وفي يديهِ حكايةُ الغرباءِ
ترسمُ للخلاص ِ
على امتدادِ العمرِ
سنبلةً تراقصُ ثورةً في الطفِّ
من ألمِ الصورْ
لا زالَ رأسٌ للحسينِ
يطوفُ أروقةَ الحنينِ
كأنهُ جسدُ القمرْ
الضوءُ فوقَ الرمحِ عانقهُ السهرْ
والماءُ في قلقٍ يفتشُ عن أثرْ
جسدٌ هناكَ ، وألفُ صوتٍ ها هنا
والريحُ صامتةٌ … وأتعبها السفرْ
صوتٌ سماويٌ يبوحُ بطهرهِ
وملامحٌ خضراءَ يلثمها الشجرْ
للرأسِ ثورتهُ التي نهضتْ بنا
وكأنه قد صاغَ أرواحَ البشرْ
امتدادات الظل الكاشفة
أُكثِّفُ حُبِّيْ فتبدأُ فيَّ العواصفُ
ها تلكَ أشرعةُ العابرينَ
تجرُّ السفينةَ نحوَ الهيامْ
لماذا تسيرُ القوافلُ عكسَ الشموسِ
وتختبئُ الأمنياتُ بجَيْبِ الظلالِ
وتسقطُ كلُّ الطفولاتِ مِنْ حَبْلِ أرجوحةٍ في الحديقةِ
لمَّا تفتَّحَ نحْرُ الرضيعِ
بريحِ السهامْ
***
رموشُ الحقيقةِ
أطولُ مِنْ خصلاتِ الفراتِ
وثمةَ موتٌ خفيٌّ يناجي اليتامى
وقرعُ الحياةِ تضاءلَ
لكنْ تنزَّلَ للطفلِ وحيٌ يُشابهُ صوتَ البتولِ
ويزجي السلامْ
***
تنامُ الطفوفُ على راحتَيْ زينبٍ
حيثُ مدَّتْ عباءَتَهَا للصغارِ فِراشًا
وطارَ الفَراشُ بنصفِ جناحٍ
ليقصدَ جسمَ الحسينِ
هُوَ الليلُ يحتضنُ الأمنياتِ العصياتِ
رغمَ اضطرابِ النجومِ
انطفاءِ الكواكبِ
بَعثرةِ الضوءِ فوقَ الترابِ
احتضارِ البدورِ
بِجوف الظلامْ
هُوَ الليلُ
آخرُ حاملُ سيفٍ بِجيشِ الحسينِ
وآخرُ مَنْ ترتجيهِ النساءُ
هُوَ الملفعُ الأسودُ المرتخيْ فوقَ أوجاعِ تلكَ الخيامْ
***
أُكثِّفُ حُبِّيَ
كي أبدأَ الهجرةَ الموسميةَ نحوَ الطفوفِ
أنا السربُ وحدي
توزعتُ طيرًا فطيرًا
فأجمعُ نفسي.. أُشتِّتُ نفسي
“وأزحفُ.. أركضُ.. أرجفُ.. أمشي.. أصيحُ.. أنوحُ.. أبوحُ..”
لأني أسيرُ وركبُ السبايا يسيرُ بصحراءِ وَجْدي
سأشطبُ أطرافَ صحرايَ
حتى تصيرَ المسافةُ أقصرَ للتائهينَ المجدِّينَ في السيرِ
نحوَ الختامْ
***
هنالكَ خيطٌ
يُلَمْلِمُ حباتِ عِقْدِ الفجيعةِ
يمتدُّ مِنْ دمعِ زينبَ بعدَ الطفوفِ
إلى قَتْلِ هابيلَ ذاتَ ضياعٍ
إلى قَتْلِ حيدرَ ذاتَ سجودٍ
إلى صَلْبِ عيسى
يدورُ
يدورُ
إليَّ
إليَّ
إذا ما انتظمتُ بِعِقْدِ الفجيعةِ
ينقطعُ الخيطُ
تنتثرُ اللؤلؤاتُ على صدمةٍ مِنْ رخامْ
***
وعنديَ ظِلٌّ وَفِيٌّ
يرافقني حيثُ تهربُ روحي
فأمشي ويمشي
وأركضُ.. يركضُ.. لكنْ
وقفتُ ويمضي
وظِلِّي يراوغُ نارَ الحياةِ
ويمتدُّ نهرًا بوسْطِ الهجيرِ
ويقصرُ حدَّ انغماسِ الجذورِ
ويمتدُّ حدَّ اندلاعِ النخيلِ
يغادرُني للسماءِ
ويعلو
ويهبطُ
يحضنُ جسمَ الحسينِ
وذلكَ طبعُ الغمامْ
***
رذاذُ القداسةِ يهطلُ مِنْ سدرةِ المنتهى
فوقَ تلكَ التلاعِ التي مازجَتْهَا دماءُ الكتابِ
مِنَ الحوضِ جبريلُ يغرفُ غيثًا
وينزلُ للأرضِ يروي الظمايا
وفي عينهِ حمرةٌ مِنْ دماءِ الكفيلِ
ندىً أحمرُ اللونِ يزهو على اللوحِ
قدْ بَلْوَرَتْهُ دماءُ الرضيعِ
رموشُ الحقيقةِ
أطولُ مِنْ خصَلاتِ الفراتِ
ستخضرُّ كلُّ الأماني
وتنمو البراعمُ
تنمو
على شفَراتِ الحسامْ
***
ورافقتُ أُفْقَ الحسينِ
لأمتدَّ بحرًا
أُزخرفُ كلَّ المآسي عَلَيَّ كموجٍ
أُشجِّرُ أفكاريَ البائساتِ غيومًا
وأرفعها
بعد أنْ جفَّ منها الكلامْ
سيبحرُ فوقي هوى الأغنياءِ
وحلْمُ الفقارى
وآمالُ كلِّ المساكينِ والفاقداتِ
أُكثِّفُ حبِّي فتبدأُ فِيَّ العواصفُ.. لا شيءَ لا شيءَ
يبقى سوى..
ذكرياتِ الحطامْ
***
كما يرشحُ الماءُ
مِنْ ثَغَرَاتِ الكفوفِ التي مدَّها اللهُ للنشأتينِ
هناكَ على الرملِ يرشحُ
فيضُ الحسينِ
ومُذْ بعثروهُ على الرملِ
شلوًا
فشلوًا
تبعثرت الآيُ
إذ كانَ كُنْهُ الحسينِ يُنَسِّقُ وَحْيَ الإلهِ
فَمَنْ بَعْدَهُ يجمعُ الذكرَ فِي الدفتينِ؟
سينهضُ رغمَ المماتِ حسينٌ
ويبني السماواتِ
فوقَ الركامْ
قبلات على عتبة الحسين
الْبَدْرُ آخِرُ قِصَّةٍ
فِي عَيْنِ تَائِهْ
تَحْكِي الْحُسَيْنَ: يَقُودُ جَيْشًا مِنْ ضِيَائِهْ
وَالليْلُ يُمْعِنُ فِي غَيَابَةِ جُبِّهِ
وَيَصُبُّ -مِنْ جَفْنِ الْحُسَيْنِ- نَزِيفَ مَائِهْ
وَعِدَادَ مَا فِي جِسْمِهِ مِنْ طَعْنَةٍ
أَدْلَى الْحُسَيْنُ بَنِيهِ…
مَاتُوا فِي دِلائِهْ
لِلْجُرْحِ أَيْضًا أَنْبِيَاءُ…
وَلَيْسَ غَيْرُكَ -يَا ذَبِيحِ الحَقِّ- آخِرَ أَنْبِيَائِهْ
***
عَاشُوا (نَعَمْ) نَعَمًا
وَسِيقَ رِضَاهُمُ
وَتَعَثَّرَتْ قَدَمُ الْحُسَيْنِ بِكَرْبِ – (لائـِ)ـهْ
شَالُوا -عَلَى الأَكْتَافِ- كَرْبَ وَلائِهِمْ لِلَّيْلِ..
وَهْوَ دَمٌ بِعَيْنَيْ (كَرْبَلَائِهْ)
فِي رُكْنِ ذَاكِرَةِ الظَّلَامِ رُمُوا…
وَفِي شَرْقِ الْقُلُوبِ:
الشَّمْسُ بَعْضٌ مِنْ بَهَائِهْ
زُوَّارُهُ احْتَفَلُوا بِعُرْسِ شهيدِهمْ
مُتَخَضَّب الكفَّيْنِ مِنْ حِنَّا دِمَائِهْ
***
أَعْطَى سُيُوفَ عِدَاهُ دَرْسًا
حِينَ مَاتَ بِهَا
وَأَبْقَى النَّصْرَ حَيًا فِي رِدَائِهْ
وَسُيُوفُهُمْ ما ذُقْنَ مِنْ دَمِهِ سِوَى سُمِّ الفَنَا..
وَحَقَنَّهُ بِدَوَا بَقَائِهْ
بَقِيَ الْحُسَيْنُ
وَشَيَّعَ الأُمَوِيُّ نَعْشَ سُيُوفِهِ الْخَمْسِينَ نَحْوَ لَظَى انْطِفَائِهْ
وَالْيَوْمَ..
فِي جَيْشِ الْحُسَيْنِ انْضَمَّتِ الأَقْلَامُ فِي وَرَقِي
تُحَارِبُ مِنْ وَرَائِهْ
***
قَدَمَاهُ فِي شَطِّ الْفُرَاتِ…
وَرَأْسُهُ فِي كِتْفِ نِيلٍ صَارَ عَيْنًا فِي رِثَائِهْ
كَخَرِيطَةٍ لِلنَّصْرِ فُصِّلَ جِسْمُهُ
خَطَّتْهُ (جُغْرَافْيَا) الْجِرَاحِ بِكِبْرِيَائِهْ
أَسْمَاءُ أُسْرَتِهِ عَوَاصِمُ دَمْعِنَا…
وَمُسَطَّحَاتُ دَمٍ مَلامِحُ أَقْرِبَائِهْ
بَيْنَ الْعِرَاقِ وَمِصْرَ بُوصَلَةُ الْمُسَافِرِ حُبُّ آلِ الْبَيْتِ..
مَنْ يَفْقِدْهُ…
– …؟!
– … تَائِهْ
***
حُكَمَاءُ صِهْيَونٍ جَرَوُا دَرَسُوا خَرِيطَةَ جِسْمِهِ (أَلِفَ الْفُرَاتِ لِنِيلِ يَائِهْ)
قُولُوا لَهُمْ:
أَضْحَى تُرَابُ الأَرْضِ لَحْمًا لِلْحُسَيْنِ
وَلا سَبِيلَ إِلَى اجْتِزَائِهْ
بِيَدِ (الشَّهِيدِ) يَصِيرُ طُوبُ الأَرْضِ سَيْفًا
لَنْ يُطِيقَ عَدُوُّهُ ثِقَلَ اتِّقَائِهْ
إِلا الْحُسَيْن
فَإِنَّهُ الْوَطَنُ الْكَبِيرُ….
الرِّيحُ:
نَسْبِقُهَا عَلَى سِكَكِ افْتِدَائِهْ
***
رَيْحَانَةٌ سِبْطٌ زَكِيٌّ سَيِّدُ الشُّهَدَا أَبُو الأَحْرَارِ… جَدٌّ فِي إِبَائِهْ
وَأَبُو الأَئِمَّةِ فِي الْبَيَاضِ، غَرِيبُهُمْ
وَالطَّيِّبُ الْمَظْلُومُ…
وِتْرٌ فِي عَنَائِهْ
وَأَسِيرُ كُرْبَتِهِ الْمُبَارَكُ
وَالْمُجَاهِدُ
جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْقُرَى شَرْقَ اهْتِدَائِهْ
الْوَحْيُ سَمَّى..
كَانَ الِاسْم عَلَى مُسَمَّى..
سَادَ.. أَمَّ.. وَضَمَّهُ جَدُّ الْمَحَبَّةِ فِي كِسَائِهْ
***
بِقَمِيصِهِ الْمُحْمَرِّ يَفْتِنُ جَدَّهُ
كَالْوَرْدِ: قَلْبُ الْمُصْطَفَى طِفْلُ اشْتِهَائِهْ
أوْ.. كَانَ قَلْبُ رَسُولِ رَبِّكَ وَرْدَةً
وَحُسَيْنُ قَاطِفُ نَبْضِهَا بِيَدَيْ نَقَائِهْ
فَالْجَدٌّ عَقْلٌ فَوْقَ كِتْفَيْ مِنْبَرٍ
تَفْكِيرُهُ طِفْلَانِ مِنْ صُلْبِ احْتِفَائِهْ
لَبِسَ الْحُسَيْنُ الطِّفْلُ ثَوْبًا أَحْمَرًا
وَاحْمَرَّ
بَعْدَ الطَّعْنِ أَكْثَرَ
مِنْ دِمَائِهْ
***
(شَعْبَانُ) أَمْ شَعْبَانِ…
شَعْبٌ عَاشِقٌ لابْنِ الرَّسُولِ
وَضِدَّهُمْ مَرْضَى عَدَائِهْ
غَلَطًا رَأَوْهُ وَلِيدَ يَوْمِ( ثَلاثَةٍ..)
وَالصَّحُّ: أَنَّ الْيَوْمَ يُولَدُ مِنْ سَنَائِهْ
هُوَ عِيدُ مِيلادٍ لِيَوْمِ وِلادِهِ…
وَشَهَادَةٌ بِوَفَاةِ عَبْدِ (يَزِيد) شَائِهْ
يَعْوِي بِحَضْرَة آلِ بَيْتِ الْمُصْطَفَى
وَلِغَيْرِهِمْ
يُلْقِي قَصَائِدَ مِنْ مُوَائِهْ
***
كَرِهُوهُ أَمْ كَرِهُوا النَّبِيَّ!
وَحُبُّهُ مِنْ حُبِّهِ مِنْ حُبِّ رَبِّي فِي سَمَائِهْ
وَهَلْ ابْنُ مَنْ يُوحَى إِلَيْهِ.. كَابْنِ مَنْ يُمْلَى عَلَيْهِ..؟!
الْبَدْرُ كَالْحَجَرِ الْمُبَالَغِ فِي طِلائِهْ؟!
يُوصِي عَلَى رَيْحَانَتَيْهِ …
فَيَسْحَقُ الأَعْمَى جَمَالَ الْوَرْدِ تَحْتَ عَمَى حِذَائِهْ
اسْحَقْ فجِسْمُ الْوَرْدِ جِسْمٌ لَيْسَ إِلَّا….
لَسْتَ تُفْنِي رُوحِ عِطْرٍ فِي فنَائِهْ
***
مِنْ مِصْرَ.. مِنْ بَغْدَادَ.. مِنْ لُبْنَانَ..
سُورِيَّا.. الإِمَارَاتِ.. الْجَزَائِرِ.. أَوْ سِوَائِهْ
خُطُّوا قُرَاكُمْ فِي (الْبِطَاقَةِ)…
وَاسْرُدُوا تَارِيخَ جَدٍّ شَادَ صُبْحًا مِنْ مَسَائِهْ
وَتَجَمَّدُوا فَخْرًا كَثَلْجِ الْقُطْبِ…
فِيمَا الْعِشْقُ مَدَّ بِنَبْضَتِي خَطَّ اسْتِوَائِهْ
مَا فَخْرُكُمْ؛ وَ..
مْحَلُّ مِيلادِي الْحُسَيْنُ
وَوَجْهُهُ
تَارِيخُ مَوْلِدِ أَوْلِيَائِهْ؟!
***
مَاضٍ على دين النبيِّ ..
يعولُ
-من دمه-
عيال أب عَلا فرسَ ابْتِلائِهْ
كتفاهُ سَفْحَا حُمرَةٍ..
طعناتهم جبلانِ لم يصلا إلى قمم اشتكائِهْ
وسهامهمُ ريحٌ عقيمٌ أنجبَتْ
موتًا لقيط المجد من صلب اعتدائهْ
موتٌ:
تَبَنَّاهُ الْحُسَيْنُ… فَسُمِّيَ (استشهاد)ه … لا (ميمَ) تطرُدُ وجْهَ (تائهْ)
***
الموتُ:
أعطاه الحسينُ من الخلودِ رغيفهُ
وَوَرِيدَ (طَهَ) لاحتسائهْ
هل كانت الأقلام تذكر مثلَ هذا الموت في صحن الحسينِ بلا عطائِهْ؟!
لهفي:
غموس رغيفه جُبْنُ الذين كفوفهم غدْرٌ تعضَّ يديْ وفائهْ
والكوفةُ الحمراءُ
تعجن خطو عسكرها بماء عروقه
وبُكَا لوائهْ
***
قتلتْ
-بسيف ليس في يدها-
الحسينَ..
وفي جنازتهِ مشتْ مع أصدقائهْ
ومضى لمغربهِ بقلب الشمسِ…
يحمل صبحه كفَنًا تزين بارتدائه
وغروبه معناه أن الشمس ترحل من هنا لهناك
لا معنى انطفائه
وغدا الحصى من خلفه أقمار ذكرى
فالحسينُ الشمسُ حتى في اختفائهْ
***
لَـحْنٌ يُسَمَّى الـمَشْرَعَة
في صَمْتِ لَيْلٍ مَدَّ ظِلًّا أَذْرُعَهْ كَسَرَ المرَايَا كَانَ يَنْثرُ في دَمي يحدوهُ وَجْدٌ وانكِسَارُ يَتيمَةٍ يَتَرنمُ الحُزْنَ القديمَ يشدُّهُ .. في اللامَدَى والعَلقَميُّ يَقينُهُ أَوْحَى لذاكرةِ الفُراتِ : قصيدةً ، دمعًا بحجمِ الذكرياتِ. خُلاصةُ الـــكلماتِ مُتناثرًا أخطو لألمسَ لحظةً لا أين تعتقلُ المكانَ ولا مَتَى فَقَبَضتُ مِنْ دمعِ الحسينِ مَشَاعرًا قَمَرٌ بقرب النهرِ !؟ ، والأطفالُ تشــــــكو قلبي يُحَاولُ سَهْمَهُ .. ما اسطعتُ مِنْ مَنْ أوقظَ الرَمَقَ الأخيرَ ؟ ، وكَرْبَلا لحنٌ من الصمتِ الحزينِ ، مُـمَـزَّقٌ .. هذا اللقاءُ .. هُنَا الحياةُ تَوَقَّفَت كَانَتْ مَسَافَات الزمانِ قصيرةً وتسرَّبَ الليلُ المؤجلُ من ( شقو لَيلٌ بإيقاعِ الشَتَاتِ مُحاصِرٌ مَنْ حرّض الناياتَ أن تبكي؟، ورجــــــــعُ عَبَّاسُ موسيقى الغِيَابِ بِلاصَدَى |
وَأَعَارَ للوَجَعِ الـمُعَتَّقِ أَدْمُعَهْ لَحْنَ الظَمَى وَيَعودُ حَتَّى يَجْمَعَه يَمْضي.. يَجيءُ ، احتَارَتِ الدُنيَا مَعَه سفرًا بعيدًا .. فالمسَافَةُ مَشْرَعَة يَدنو بشَكِّ الماءِ حَتَّى يَقْطَعَه أُخرى بإيقاعِ الوفاء مُصَرَّعة كَانت / من وفاءٍ / مَصرَعَه فيها استراحَ هوىً وترجمَ أروعه تهبُ الزمانَ مَدَىً لأرسمَ مَوقِعَه أستقرئُ الأثرَ الأخيرَ لِأَتبَعَه قسوةَ الظمأِ / الظلامِ مُرَوعة وَهَجِ الدماءِ / بجرحِهِ / أنْ أنزعَه تغفو على صدرِ النشيجِ مُوزَّعة وَصَداهُ في صَدْري يُمَارسُ أوجعَه :( دعني .. سيأتي لي أخي لأُودّعه) ما احتجتُ أَنْ أدنو إليه لأسمَعَه قِ البابِ ) نارَ مُخيَّماتٍ مُوْجَعَة يأسَ الصِغارِ .. هُناكَ يَعزفُ مَدْمعه تَكَسُّرِ الضِلْعَينِ ، مَاذَا أرجَعَه ؟ نَهْنِه صَليلَ النحرِ كَيْ أَتَوَجَّعَه |
فَأَرَانَا الآيَةَ الكُبْرَى
يَشْقَىْ عَلَىْ نَزْفِ السَنَابِلِ قَمْحُهُ | مِقْدَارَ مَاخَطَّ المَصَائِرَ جُرْحُهُ | |
لِتَرَاهُ يَعْبُرُ بِالإِبَاءِ مُجَنَّحًا | بِالكِبْرِيَاءِ وَمَا تَنَفَّسَ صُبْحُهُ | |
رَجُلٌ تَوَكَّأَ بِاليَقِيْنِ، يَهُشُّ أَوْ | رَاقَ الخَرِيْفِ وَقَدْ تَقَادَمَ لَفْحُهُ | |
مِنْ تَاجِ أَخْيِلَةٍ تَوَقَّدَ عَنْ مَجَازِ | نُبُوَّةٍ سَنَّ الكَرَامَةَ لَوْحُهُ | |
وَعَصًا تَشُقُّ الغَيْبَ مِنْ صَفْصَافَةٍ | عَلَوِيَّةٍ، وَالمَاءُ صُوْدِرَ سَحُّهُ | |
وَكَأَنَّ فَلَّاحَ الرُؤى فِيْ شِعْرِ عَاشُوْرَاءَ | يَبْتَكِرُ الزَنَابِقَ قَرْحُهُ | |
شَكْوَى انْهِمَارِ أَسَاهُ لَمْ تَتْرُكْ فَمًا | مَا صَافَحَ النِسْرِيْنَ فِيْ الدَمِ صَفْحُهُ | |
حَتَّى إِذَا غَضَّ البَصِيْرَةَ صَائِدُ الــأَحْلَامِ | عَادَ وَفِيْ الخَوَاطِرِ لَمْحُهُ | |
بَابٌ مِنَ الأَحْزَانِ طَوَّقَ كَرْبَلَاءَ | اللهُ فِيْ يَدِهِ العَظِيْمَةِ فَتْحُهُ | |
وَأَنَا وَرَجْعُ صَدَايَ، دَمْعَةُ أُمِّيَ التَّــعْبَى | وَشَيْبٌ مَا تَأَخَّرَ بَرْحُهُ | |
نَتَسَلَّقُ الأَفْكَارَ فِيْ مَلَكُوْتِ أَحْــلَامِ | الصِغَارِ وَفِيْ الجَوَارِحِ نَفْحُهُ | |
ظِلَّانِ مِنْ قَلَقٍ وَرَائِيَ يُشْبِهَانِ | الوَقْتَ وَالتَوْقِيْتُ مُزِّقَ جُنْحُهُ | |
وَالكَوْنُ يَنْظُرُ مِنْ أَرِيْكَةِ قَلْبِيَ الــمَوْجُوْعِ | فَارَ عَلَى الأَضَالِعِ قَيْحُهُ | |
شَيْءٌ غُبَارِيُّ المَلَامِحِ، خَيْمَةٌ | /عَيْنٌ وَتَلٌّ كَمْ تَوَقَّدَ سَفْحُهُ | |
شَطٌ يُرَاقِبُ كَفَّ رَبِّ النَهْرِ يَبْــتَكِرُ | الخَرِيْرَ عَلَى الضَمَائِرِ رَشْحُهُ | |
عُرْسٌ تَكَفَّلَهُ اخْضِرَارُ الشَمْعِ يا | لِلشَمْعِ وَهْجٌ لَيْسَ يُدْرَكُ شَرْحُهُ | |
حَتَّى إِذَا اكْتَمَلَتْ بِعَيْنِيَ لَوْحَةٌ | بَيْضَاءُ أَتْقَنَهَا مِنَ الدَمِ كَدْحُهُ | |
تَتَسَوَّرُ الأَحْلَامَ أَذْرُعُ نَهْضَةٍ | كَمْ شَدَّهَا بِيَدِ الكَرَامَةِ صَرْحُهُ | |
الخُلْدُ طِفْلَتُهُ البَرِيْئَةُ كَانَ دَلَّــلَهَا | عَلَى كَتِفٍ تَهَرَّأَ مَنْحُهُ | |
وَقْتَ انْبِلَاجِ العِزِّ بَعْدَ مَسَافَةِ الــوَحْي | المُعَبَّأِ بِالمَعَاجِزِ مَتْحُهُ | |
بِعِنَاقِ رَمْلٍ ذَاتَ قُبْلَةِ مِحْبَسٍ | فِيْ خُنْصُرٍ لِلَّهِ شَاوَرَ وَضْحُهُ | |
شَاءَتْ سَمَاءُ اللهِ أَنْ تَهْوِي طَوَاعِيَةً | فَأَمْسَكَهَا هُنَالِكَ رُمْحُهُ | |
أَصْغَى لِوَشْوَشَةِ الأَسِنَّةِ رَأْسُهُ الــعَلَوِيُّ | يَا لِفَمٍ تَرَقْرَقَ صَدْحُهُ | |
وَعَلَى جَبِيْنِ الشَمْسِ سِيْمَاءُ الصِغَارِ | بِنَقْشِ مَاءٍ قَدْ تَأَخَّرَ نَضْحُهُ | |
أَرْخَى عِنَانَ الوَقْتِ حِيْنَ تَصَاعَدَتْ | فِيْهِ الجِهَاتُ وَلَيْسَ يُبْلَغُ سَطْحُهُ | |
مِرْآتُهُ اخْتَزَلَتْ وُجُوْدًا آخَرًا | مَا عَاشَ إِلَّا وَالمَشَاعِرُ بَوْحُهُ | |
كَمْ خَاصَمَ الرَمْلُ الرِيَاحَ وَلَمْ يَزَلْ | فِيْ ظُهْرِ عَاشُوْرَاءَ يُلْمَحُ صُلْحُهُ | |
يَا لِلدُخَانِ وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ يَدٍ | تَصْطَادُهُ يَعْدُو وَيَكْبُرُ قُبْحُهُ | |
وَالفَارِسُ العَلَوِيُّ لَوْ يَخْفَى عَلَيْــكَ | النَقْعُ يَظْهَرُ فِيْ النَّسَائِمِ ضَبْحُهُ | |
كَمْ كَانَ يَحْتَضِنُ الفُرَاتَ إِذَا بَكَى | وَالمَاءُ يُكْسَرُ حِيْنَ يُسْمَعُ نَوْحُهُ | |
لِتَآمُرِ الأَمَوِيِّ لَثْغَةُ عَقْرَبٍ | بِالشَتْمِ لَا بِالسُمِّ يَظْهَرُ قَدْحُهُ | |
لَكِنَّهُ الوَطَنُ الذِيْ انْشَقَّ العُقُوْقُ | عَلَى يَدَيْهِ وَقَدْ تَفَرَّعُ دَوْحُهُ | |
فِيْ شَهْقَةٍ أُخْرَى انْبَعَثْتُ بِكَفِّهِ الــبَيْضَاء | خَلَّقَنِي بِدَمْعِيَ مِلْحُهُ | |
وَأَنَا وَصِبْيَةُ كَهْفِ أَحْلَامِي انْتَبَهْــنَا | لِلْمَدَى المُمْتَدِّ فِيْ الدَمِ رَوْحُهُ | |
إِذْ كَانَ يَرْمُقُ دِيْنَهُ يَحْيَا عَلَىْ الرَمَقِ | الأَخِيْرِ وَقَدْ تَعَاظَمَ شُحُّهُ | |
فَأتَى بِرُوْحِ اللهِ خَلْفَ فُؤادِهِ | النَــبَوِيِّ فِيْ نَحْرٍ تَحَتَّمَ ذَبْحُهُ |
جِراحٌ تُرَوِّضُ المَوت
الإهداء: لِسَيِّدَةٍ ما تَزالُ تُقاوِمُ عُنْفَ الحَياةِ بِبَسْمَتِها المُتْعَبَة، وتَجْمَعُ كُلَّ الصِّغارِ إلى خَيمَةٍ في الحَنايا لِتَمْسَحَ عَنْهُمْ مَزِيجاً مِن الحُزْنِ والأترِبَة. لها كُلَّما أسدَلَ اللَّيلُ أستارَهُ نَجْمَةٌ طَيِّبَة.
يَمُرُّونَ إنْ مَرَّ الصَّدَى، أيُّهَا الأصْلُ لَهُمْ عُنْفُوانُ الضَّوْءِ / حُريَّةُ النَّدَى ولا يَقْبَلُونَ العَيْشَ مِنْ دُونِ فِكْرَةٍ يَسِيرُونَ بِاسْمِ اللهِ والطَّفُّ بَحرُهُمْ نَظَرتَ لَهُمْ، ما فارَقُوكَ، تَشَكَّلُوالأنَّكَ قاوَمْتَ الجَفافَ، ولَمْ تَزَلْ نَعِيكَ انْشِراحاً يَمْنَحُ النَّفْسَ هَدْأَةً أمامَكَ آلافُ الرِّماحِ تَكَسَّرَتْ ومُنْذُ انْتَزَعتَ الذُّلَّ مِنْ كُلِّ صُورةٍ رُؤَاكَ التي بِالحَقِّ تَصْدَحُ عالِياً هُنا أنتَ (وَالعَبَّاسُ) رُوحَانِ ظَلَّتَا بِمَعناكَ شِريانُ القَصِيدَةِ نابِضٌ سَلاماً أَبا الأَحرارِ، أَسْعِفْ جِراحَنا مَشَيْتُ عَلَى قَلْبِي إِلَيْكَ كَغَيْمَةٍ مُقَطَّعَةٌ أَوْصالُ جِسْمِكَ سَيِّدِي أبَا الفَضْلِ، مَا الأيَّامُ إلا فَجائِعٌ أنا فِي سَدِيمِ العُمْرِ جَفْنٌ مُسَهَّدٌ |
كَصُبْحٍ عَنِيدٍ، ما اسْتَكانُوا ومَا ذَلُّوا يَهُزُّونَ مَهْدَ العُشْبِ، والعُشْبُ يَبْتَلُّ مُطَرَّزَةٍ بِالوَردِ، يَزْكُو بِها الفُلُّ وَهُمْ حِينَ يَعْلُو المَوجُ أشْرِعَةٌ تَعْلُو سَماءً بِها للهِ لَمْ يَنْقَطِعْ حَبْلُتَبُثُّ فُنُونَ الحُبِّ إنْ خاتَلَ الغِلُّ وَقَوْلاً مَدَى الأزمانِ مِرآتُهُ الفِعْلُ وأنصارُكَ السَّبْعُونَ زادُوا وما قَلُّوا وغَذَّيْتَها بِالعِزِّ، دَانَ لَكَ الفَضْلُ نِضالٌ عَمِيقٌ والمَدَى دُونَهُ ضَحْلُ هَواءً وَماءً طالَما احتاجَهُ الكُلُّ وَنَزْفُكَ كَالأَبْياتِ مُمْتَنِعٌ سَهْلُ! وَمِنْ نارِ حِقْدٍ فَرَّ مِنْ بَطْشِها طِفْلُ وَأَنْضِجْ ثِمَارَ الوَعْيِ إِنْ أَطْبَقَ الجَهْلُ وكانَتْ سَماءُ الشَّوْقِ بِالدَّمْعِ تَخْضَلُّ ولكِنْ مَدَى الأزمانِ ما خانَكَ الوَصْلُ وَعَيْنٌ لَها مِنْ دَمْعِهَا يُوْضَعُ الكُحْلُ فَقِفْ بِإِزائِي حِينَ يُنْهِكُنِي الحِمْلُ |
تجليات رياحية
تقمّصــتُ أنفـــاسَ الصــباحِ إذا تُتـلى | وأمسكتُ ظلَّ الشمسِ في لحـظةٍ حُبلى |
خرجتُ من التابوتِ حينَ انبـرت يــدٌ | تحــــرِّكُ من أعتـــى مغالِقِـــه قُفـــــلا |
وغــادرتُ أيوبي الذي طــالَ ضُـــرُّهُ | أُهرولُ منزوعــاً إلى عينِــــه غُسْــــلا |
يُجَعجِعُ بي صوتٌ سحيـــقٌ ولم يَـزلْ | يبشـــرّني حتــى وُلــــدتُ لــه كهــــلا |
أراقبـــــــه منــــذُ استقـــــلَّ سِنِيـَّـــــهُ | وأقبـــلَ من مهــــوى مدينتِــــه جَفْـــلا |
يُقِــــلُّ عليـــها الضِّـــدَ والشِّبْــهَ توأمًا | ومِن كلِّ زوجٍ من معاني الإبـــا أهــلا |
يُسهِّلُ صـــعبَ المدرَكــات برمْقَـــــةٍ | وأنّى يشــأْ من أمرِها صــعّبَ السَّــهْلا |
فيفقَــأُ عـــينَ المستحيـــــلِ مُصــــيِّراً | حبــــائلَــهُ صَيــــداً وألغــــازَهُ حَـــــلّا |
فلـم أرَ -يـا للهــول- أســـرعَ ثـــابـتٍ | على الحـقِّ ترتدُ الطريقُ لــه عَجـــلى |
فيدنــــو لأعـــــذاقِ الرجـــالِ يَهُشُّــها | فلــم يرَ جَنْيـــًا يُستــطابُ ولا نخـــــلا |
فهــزّ بجـــذعِ العـرشِ حتى تسـاقطت | على مَتْنِـــهِ الأنصـارُ تَقـرؤهُ “قُلْ لا”(1) |
كأنّ خُــــطا نَعليــــهِ ريـــشُ حقيقــــةٍ | تقصّيتُـــها كي أدركَ الفــوتَ والرَّحْـلا |
فـألفيتُــــهُ ريحـــــاً أقلّــــت سحــــابَها | إلى بلــــدٍ مَيْـــــتٍ ليُعشِبَــــــهُ حَقْــــلا |
ولمّا وجدتُ الركبَ كالحـــبل صاعداً | وكنتُ بقعـــرِ الجُــبِّ، أمسكتـهُ حبـــلا |
فأبصــرتُ من أجلى الحقائقِ وجــهَها | ومن بينها وجــهُ الحســينِ بدا الأجـلى |
يُقــسّمُ قلــبَ الخُلْـــد نبضـــاً وكعكـــةً | ليُفردَ لـــي ممّـــا يجــــودُ بــه كِفْـــــلا |
فمرَّ بنــا في ومضـــةٍ مـا رأت لهــــا | بصــائرُنا في الخلــقِ رِدفًـــا ولا مِثْـلا |
فقطّعتُ أوصـــالي اشتغـــالاً بما أرى | كمــا قطّـــعَ الكفّـــين سقّــــاؤهُ شُغْـــلا |
وحيثُ هوى جســمي أفقتُ لكي أرى | دَمَاً غطَّ فيـــه الرمـلُ لكنْ بلا قتـــــلى |
فجــاءتـه تكتــالُ السمـــــاءُ نصيبَـــها | فأمطـــرهــا من سُحْـبِ آفاقِــــه كَيْـــلا |
يُصعِّــــدُ فيضَ الطفلِ قيـــدَ حمــــامةٍ | ليجمعَ ما بين الثرى والســما شَمْـــــلا |
وأسفرَ من أقصى المخــــيّم مُشــــرقاً | وقــــوراً يُقفّــي خَــطوَهُ المــلأُ الأعلى |
يباشــــرُ لاهوتيّـــةَ العِشـــقِ مُخبِتــــاً | يُقيـــمُ طقــوسَ القُربِ من دَمِــهِ حَفْـلا |
يجــاوِزُ حــدَّ الــريِّ في اللهِ ظامئـــــاً | فينســـابُ ريُّ الذكــرِ من ثغــره نَهْـلا |
فألقـى هُــواةُ السحــرِ كُــلَّ حبــــالِـهم | ومحـــضَ عِصِيٍّ يَمّمت شـطرَهُ نَبْـــلا |
فأبصـرتُ قلبـــاً بيــن جنبيـــه كُلَّمـــا | توخّـــاهُ ســهمٌ كــان يَلقَفُـــــه حَبْــــــلا |
وحين انبرى يســتدرجُ المــوتَ نحوَه | تنـاهى إليـــه النصــرُ يقصـــدُه قَبْــــلا |
فيسفـــعُ -ذاتَ الذبــحِ- ناصيـةَ الردى | ويسحـــلُــه سَحْـــلَ العــزيــــزِ إذا ذَلّا |
تظنون أنْ فاضت إلى العرش روحُـهُ | فكيفَ لها، والعرشُ في صدره حَــــلّا |
فلم أرَ أحلى منـــه من قبـلِ ذبحـــــــهِ | ولكنْ بَدَت بالفيـــضِ سحنتُـــهُ أحـــلى |
تَفتَّــــحَ حـــتى خِلتـُــــه ياسـمـيـنــــــةً | تُبَوصِل أســــرارَ الجمـــال لها نَحْـــلا |
وزيتونــــةً حُبــــلى لكلِ مواســــمِ الـ | حيـــاةِ، فتُــؤتي كــلَّ حــــــينٍ لها أُكْلا |
كأنْ لم يَجــدْ حُلْــمُ الســــماءِ مُئــــوِّلاً | يُأنسِــــنُهُ، حــتى ارتـــأى أنّــه الأوْلى |
أراهُ حكـــايـــــاتٍ كــــأنّ فصـــــولُها | تُنسِّـــــلُ من أقصى نهاياتها نَسْـــــــلا |
فيَرجـــعُ في فصــلٍ يُلملِـــمُ بعضَــــهُ | لينثــرَه فصــــــلاً ويجمعَـــه فَصـــــلا |
يُشجِّــــــرُ بـالآلام آفـــــاقَ مُلْكــــــــهِ | ليَجنيَ من أغصـانـِها اللـذةَ المُثـــــــلى |
أراقبُــــــهُ منــــذُ استقـــــلّ حقيقةَ الـــ | عُروجِ فمرّت فــوقَ أضلُعِـــهِ خَيْـــــلا |
فأدركتُ أنّي (العبدُ) حـــــينَ تَصَنّمتْ | عبــوديةُ المعــــنى لأعبدَها عِجـــــــلا |
فحــررني معنى الحســـينِ وعِشقُــــه | لأُدرِكَ أنَّ (الحـــرَّ) مَن أدركَ المَــوْلى |
- “قل لا”: “قل لا اسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى”
إليه إليه ؟؟!!
إليهِ الفضاء
خريطةُ شوقٍ
تسافرُ من نبضِ نبضِ الهيام
ثنيّات ضوءٍ تقودُ عصافيرَها للسماءْ ..
لبوّابةِ العرشِ في كربلاءْ ..
يهجّنها الحزنُ يختزلُ الظلَّ فيها
ويبكي الأديمُ على أن تحثَّ شراراتِه
يتوترُ قلبُ الزمانِ ، يؤوب كأقصى العناق
ويرتبكُ الدّهرُ ، ينزف رعشته ، فوق جنح الذهول
ويسحقُ أبخرةَ الصمتِ صوتُ الدماءْ ..
على ذروة في مواقدِ شعرٍ تناسل منها كأحفاد هابيل
حين تقودُ القوافي إليهِا
بمنذورةٍ من بيانْ
وكلُّ القصائد خرساء بكماء وهي اللسان
فخذ خطوة وانتبذ جهة اللامكانْ
فما حُمّ كان.
ليقطف شهدَ الحناجرِ
نصل المذابحِ
ريحا غضوبا هصورا
و ثورة بركنة تتمخّضُ حرفين في حيّز الروح : دالَ الدموعِ و ياءَ النداءْ..
ويحكي إذا ما ترقرق من وجعٍ للقصيدةِ كالغمغمات
تنهنهُ وخز المدى والندى
وحمحمة الموتِ للنوق للنخل للعنفوان
لحزنٍ بتولٍ
يرتب فجرا أنيقا
ولكنَّ مفعولَه كالتماوج حين ينثّ الضياء
بحالةِ عشقٍ
يواربُ فيها الصباحين
صبحَ الشهادة حين تفضُّ ملامحها للإباء
وصبحاً تخلّق من كبرياءْ.
وتصرخ في مُطرة الحسنيين : إليه إليه!
حسينٌ على برزخٍ من جُمانٍ يسوّي لمنسأةِ المجدِ شارةَ عزٍّ
ويصبغ بالعندمِ المشرئبِّ خدودَ الزّمانِ
و يخرجُ كفَّيه بيضاءَ للناظرين
فكيف و”لا ناصرٍ” ؟!
والزقاق تقاذفها العشقُ توقاً إليه
وما الفرق بين دلالةِ قلبٍ تراقصَ في العتبات جنونا ،
وبين الذي ضاع منه الدّليل؟
كلانا أيا صاحبي نتحرّك ضدّ سياق الجمودِ
وبعض الضفاف تهدهدُ ميقات أمنية المتعبين
وبعضُ المآتم خصبٌ وماءْ.
بألويةٍ تتوشح تلتفُّ بين الدهاليز
نهتف :”هيهات هيهات
لا يخفض العزُّ أجنحةً للحمائم لو ضاع منها الهديل
ولو نال منها جنون الأخاديد
لا تنتهي نحو سوقِ النخاسة حيثُ السلام الذليل.”
وذاكرة الصخر تقصص رؤيا الجراح وتفضي إلى أنّ ذِكْرَ الحسين على السرمديّة فوق المدارات كالبوصلة
وإن دبّ فيها النّواح لتلطمَ أفياؤها معولة.
فدوما لها نهضة تتفتّق منها الجهات و يكتبها الممكن المستحيل.
ومنها الأساطير لا تتهيأ للقحط ، ظاهرة الضوء أشمل من منطق كالسراب ، وأغزر من شوكة في الهباء .
فدعني بنصف المسافة ، مابين غمزة وصلٍ ، وبعثرةٍ ترسم اللانهاية ، دعني بلثغة نبضي أشكّل حزنا جميلا يكون بمقياس عشقي ويلهمني معطيات الكلام
ويشربني كالمواويل تأتأة تتنفس من رئة الطف
دفء الكنايات ،
زهر البيان و مسك الختامْ.
ليأخذ من تربة الطف ما يتشهَّب
يصعد مثل الفسائل حين يجرّدها النخل من جاذبيتها في الهواء.
رويدك !
أنشودةٌ لا تجوبُ قلاعَ الحسين
تظلُّ على قارعاتِ الفراغِ كأرصفةٍ للعراءْ .
فدوّن بأنَّ الأساريرَ تُطبع في دفترٍ للبدايات أنشودة من ظماء.
وأنّ اختلالَ التوازنِ في لغةِ الأرضِ يشهقُ للعطرِ من كربلاء.
وتعجبُ لو أمْطَرَتْ بالدماءْ ؟
أليس الحسينُ هنالك لَملَم سبحتَه
مازج التربة المتدلاّة
عمّدها بالخلودِ؟
فللّه درُّ الترابْ !
يسافر في ملكوت الغيابْ.
ألستَ تراهُ على شرفة الخلدِ
بوّابة الله للعابرين ؟
كمفترقٍ للضبابِ
يشير فيمطر وعدُ السماوات للأنبياء.ْ
فكيف أكوثرُ تفعيلة الجرحِ
والشعرأعمى؟
وللشعر تهويمة من ضياع
تقول بأنّ الشموس غيابٌ
أقول بأن الشموس إياب.
فسافر بقلبكَ
هل ثمّ شمسٌ تزاور عنك بذات اليمين وذات الشمال ؟
وهل ثمّ قافلة من خيالْ ؟
ألا فامتطِ الرّوحَ للغادريّة للازورد
فهذي السنابك ريحٌ تضجُّ وتجرشُ
توقنُ
أنّ الشباب هناك يخطُّ الحياة بمعصم نورٍ
ويحملُ للأبديةِ مُلكاً يقوّضُ تاجَ الذئاب
وأنّ الصحاري تغني بثغر الصحاب الحُداءْ.
وأنتَ تعانق كلَّ الخيالاتِ ينهمرُ اللونُ في صَهلةٍ للسؤال :
لماذا إليه؟
لماذا المجرّاتُ عند النوايا
تصبُّ حكاياتها كاللُّجين
وترفع سقفَ الوجودِ امتدادا ليتّسع الكون
لم يبقَ متّسعٌ للعلوِّ
فينجذب الشكّ نحو اليقين
قليلا قليلا
فيجهش منا بكاءُ البكاءْ.
ويغتسلُ الحرفُ
و الأبجديّة تمرقُ من بين بُعدَيه غيما
وتسألني نبضةٌ بعد حينٍ :
لماذا إليه؟
فأسمع
وهو يدندن صمتي خجولا
ليصفعني النصلُ بعد المسافات من قبل أن يستريحْ
فأغفو على صدر قبّرةٍ تتهجّى الضريحْ
وتخصف للعتبات الحنين
فترفضّ منّي نياط السنين
وأهتف :
“إني كفرتُ بيومٍ يغافل تمتمتي عن هواه
أصيخ جوابا لمن قال في ردهات الشعور:
لماذا إليه؟
لماذا هو الحيّ فينا
وكل المفاهيم من حولنا مومياء؟
وأسطورة والحكايا البليدة منقوعة في الهراءْ.
وقد كان فينا الكثير الكثير، وكل المماليك من خلفه فقراء؟
وما كان فينا الحسين غريبا ،ولكننا الغرباءْ
وهمس الجموع نشازٌ مريعٌ وصوت الحسين نسيمٌ رُخاء.
نلوذ به حينما يعصف القحط واليأس والذلّ والانطفاء.
وحيث تعجُّ خواطرنا بالغثاءْ
فيهوي رذاذا يبلّل وقع الهموم ويرفو المدى
ويخصب زرعا وقمحا وسنبلة من أباة
وينفح دنيا المتاهات بالمعجزاتْ
و نملأ منه جرار الأماني
كما رُقْيَة العاشقين
“لماذا إليه؟”
وحدهُ اللهُ يعلمُ كيف نرتِّبه في خلايا الضلوع
وحده الله يعلمُ أن الحسين صلاة تنازعنا بالخشوع
وحده الله يعلم أنَّ الحسين وفيض الدماء بقاءُ البقاء
اركض بعمرك
أنفقتَ عمركَ؛ لم تروِ الدِما نهمَكْ
فكيف عضك ذاك الجرحُ والتهمَكْ
وكيف معولُكَ المأزوم حين سعى
في هدم أول أسوار المدى هدمك
ما أفصح الجرح؛ مذ فاضت مشاعره
على مسامع آفاق الدنا لجمك
شتمت دهرا؛ ولكن حينما نطقتْ
بعضُ الجراح لَماماً؛ ما وَجدتَ فمك
اركض بعمركَ فاض الجرح لا جبلٌ
تأوي إليه ولا سدٌ به عَصَمَك
الآن يبرؤ شمرٌ من علاقته
حتى إذا طفتَ في أحلامه شتَمك
يا راضع القطرات الحمر هل شَرَقت
بالطفِّ روحك؛ ليت الظلم قد فطمك
الطفُّ تحتك أرضٌ غير خاملةٍ
فلِمْ وضعت على زلزالها قدمك؟
ولِمْ تخيَّرتَ نجماً كابن فاطمةٍ
حتى تصب (إلى) علياءه نِقمك
ولِمْ تأملت أن تلقاهُ منهزما
في حين؛ خُنصرُه المبتور قد هزمك
*****
الشمس وجنتُه البيضاء ما ارتفعت
إلا لتكشفَ من فوق القنا ظُلَمَك
وما حطمت على البيداء أضلعهُ
لكنَّهُ بين سِنْدان الإبا حطمك
وعاد إيقونة حمراء واندثرت
كل الحوافر لما جاورت رِممك
وعاد فينا وُجودا ليس نعدمه
وبتَّ أنت تُربي في المدى عدمك
وعادَ أجملَ تمثالٍ، فجِدْ أحداً
حتى يُرمِّمَ في أوحاله صنمك
******
هنا رسمتُ حسيناً عاد ممتطياً
مُهر الفداءِ فماذا ظنَّ من رسمَكْ
لا زالَ ألفُ شقيٍّ حاقدٍ نتنٍ
يعود يرفعُ في أنحائنا عَلمكْ
ما هزَّ أخيلتي ريبٌ فأنت هنا
في عرق كل دنيءٍ قد حقنتَ دمَكْ
لستَ البريء فلا تشجُبْ لتخدعَنا
لازلتَ أظْهرَ مِنْ أن نفتري تُهمَكْ
إن كنتَ تجهلُ فتواك التي سلفتْ
فألف ألفُ (ابنِ سعْدٍ) بيننا فهمكْ
****
الطف يا صاحب المرعى الوبيئ على
رأس الطغاة عصاً فاهشُشْ بها غنمك
موشومةٌ في رؤى الأحرار من ألقٍ
وأنت أي ظلام بائسٍ وشمك
لا زال طيفُ حسينٍ في بسالته
كالرعب يعبر في أصحابه حُلُمك
مزمَّلون من الأنوار؛ قد لزموا
هذا السنا، وانتهى للليل من لزمك
يمشون في لهوات الموت ما عبئوا
أنى نصبت إلى أجسادهم لُغُمَكْ
هم عذبوك من الإشراق؛ حين هووا
حتى تخفف في إطفائهم ألمك
وغاب عنك بأن القتل يشعلهم
نورا إذا شعَّ في مرماك ما رحمك
****
آبوا إلى (كوثر) العطشان واغترفوا
من الكفوف التي قد ضيَّقتْ نَسَمك
الرافضون؛ من العباس شيمتهم
في الأرض يعلو صدى لاءاتهم نعمك
هم الحماة، حسينيون؛ لو نطقوا
سمعتَ هيهاتَهم قد فجرت صممك
لو وُزعوا في لظى الإسفلت ما وهنوا
ولو صببت على أرواحهم حممك
فخرَّ من خرَّ منهم موقدا يدُهُ
في الدرب؛ تفضح في إشراقها عَتَمك
فاركض فثمة جرحٌ فاتحٌ فمُهُ
لازالَ؛ إن عض في أذيالك التهمك