النص الثامن: تجاعيدٌ على وجهِ الصليب

لأمِ وهبٍ النصراني
الشمعةُ التي وهبتْ نورَها للهِ وأبت انْ تستردَهُ

*****

على أيِّ مدٍّ
تعبرينِ لجزرهِ ؟
ومن ايِّ بابٍ
تدخلينَ لصبرهِ؟

وهلْ تُكتبُ الاحزانُ
ألا على لظىً
ينوءُ بهِ من غاصَ في بحرِ وزرهِ

أيا أمُ ..
نام الليلُ
نامت نجومهُ
وها انت ذا
تأبيَنَ ذلةَ فجرهِ

تُباعُ المنايا
والقلوبُ سَواترٌ
على ايِّ قلبٍ تتكينَ ..؟
لسترهِ

ومن ايِّ عمرٍ تغرفينَ ..؟
ولم يعدْ بعمركِ ماءٌ
تسكبينَ لجمرهِ

كأنَ سماءَ اللهِ القتْ حجابَها
ومريمَ تسعى بأبنها
نحو عسرهِ

فلا نخلةٌ في الارضِ
تعرفُ سرَها
وفي جوفِها من لا يبوحُ بسرهِ

أيا أمُ…
هذي الطفُ
مدتْ صليبَها
وكم من مسيحٍ صالَ
من غيرِ نحرهِ

وجاءت بشوكِ الارضِ
من كل حفرةٍ
لتسلبَ وردَ اللهِ نكهةَ عطرهِ

فجئتِ بمن..
معناهُ حلوٌ ..
لحلوهِ
ولكنهُ مرُ المعاني …
لمرهِ

بمن..
قد اضاعَ الموتُ لهفةَ عرسهِ
وتبكي مساءاتُ الزفافِ
لبدرهِ

بسيفٍ على الاعناقِ يتركُ إثْرَهُ
عجيبٌ
كمن يمشي بأنفاسِ خضرهِ

فلا تحسبي عمراً
تناثر خطوُهُ بكل هبوبٍ
من تراتيلِ فخرهِ

ولا تحسبي دنياكِ
_ما ازدانَ طبعُها_
إذا راودتْ عينيهِ
يا امُ
تُغرهِ

فألقيتهِ في اليمِّ
والموتُ ناظرٌ ….
وموجُ الدما …
يسعى لميناءِ عمرِهِ

وعزَّ على عينيكِ
-إذْ اخضلَ الجنى-
بأن يُستردَ النحرُ
من بعدِ بذرهِ

النص السابع: رِحلةٌ بِقِمَاطِ المَاء

عُمْرُهُ المَاءُ .. و(الفُراتُ) ارْتِحَالُ
وبِلا وِجْهَةٍ .. يَدُورُ السُؤالُ:

كَيفَ لا يَشْهَقُ المَسَاءُ صَفَاءً
وعَلى عَينِهِ اسْتَراحَ الهِلالُ؟!

والعَصَافيرُ نَغْمَةٌ مِنْ دِمَاءٍ
تَرْتَقِيْ حَيْثُمَا يَحطُّ الجَمَالُ

رِحلَةٌ .. والشِّراعُ نَحرٌ صَغِيرٌ
يَقْتَفِيْ البَحرُ خَطوَهُ والتِّلالُ

و(رَضِيْعٌ) يُشَجِّرُ الدَّمْعَ مَجْداً
تَشمَخُ الآنَ فِيْ يَدَيهِ الرجَالُ

يَحرثُ الجُرحَ مَشْتَلاً ببُكَاءٍ
والأَمَانِيْ حَقَائِبٌ وَسِلالُ

بَطَلٌ – كالرَّبِيعِ – حِينَ تَجَلَّى
زَحَفَتْ نَحوهُ المُدَى والنِّبَالُ

تَرمقُ المُسْتَحِيلَ فَوْقَ الثَّنَايا
وَعَلى نَحرهِ يَلُوحُ المُحَالُ

وإِذا بالقِمَاطِ هَمْسٌ طَرِيٌ
وصَلاةٌ وقِبلَةٌ وَوِصَالُ

رَحمَةً رَحمَةً تَهَامَى نَبِيَّاً
وَاحَةً واحَةً تَفِيضُ الخِصَالُ

يَمَّمَتْ وَجْهَهَا إليهِ السَّجَايَا
وعلى ثَغْرهِ السَّمَاءُ تُسَالُ

فَنَمَتْ وَجْنَتَاهُ قَمْحَاً وَضَوْءَاً
كُلَّمَا الشَّوْكُ يَنْتَشِيْ والضَّلالُ

قَالَ للريحِ: أَسْهُمٌ مِنْ رَمَادٍ
قَالتِ الريحُ: نَحْرُكَ الاشْتِعَالُ

فَغَدا يَحفرُ الصَّبَاحَ بِنَزفٍ
فَوقَ صَدرِ (الحُسينِ) كَانَ النِّضَالُ

يَا لهذا الرَّضِيعِ يَنْسَابُ جَيْشَاً
مُعْجِزاتٍ تَلِينُ مِنهَا النِّصَالُ

وَحدَهُ الآنَ يَسْتَفزُّ الصَّحَارى
وَحدَهُ الوَردُ والنَّدَى والزُّلالُ

والجِراحَاتُ هَدَأةٌ وابْتِهَالُ
فالمَسَافاتُ ضَجَّةٌ واعْتِلالٌ

كُلَّمَا أذَّنَتْ شِفَاهُ المَنَايَا
شَفَّ مِنْ جُرْحِهِ الكَلِيمِ (بِلالُ)

يَفْرشُ النَّهْرَ مَسْجِداً، فيُصلِّيْ
خَلْفهُ (الرُّوْحُ) جَنَّةً والكَمَالُ

يَمْلاُ البِئرَ (يُوْسُفِيَّاً) جَدِيْداً
دَلْوُهُ النَّحْرُ، والدِّمَاءُ الحِبَالُ

خَبّأَ الصُبحَ فِيْ ضُلُوعِيْ (صُوُاعَاً)
بِعُرْوجٍ يُشَدُّ فِيهِ الرِّحَالُ

أَنا فِيْ المَوْتِ قَشَّةٌ وَيَبَاسٌ
هُوَ فِيْ الغَيبِ غَيْمَةٌ وانْثِيَالُ

أَمْطَرَ (الطَّفَ) فِيَّ حُلْمَاً قَشِيْبَاً
تَرْتَديْ الشَّمْسُ ثَوْبَهُ والظِّلالُ

لِيَظَلَ النَّهَارُ يَمْتَشِقُ النَّهْـ
ــــرَ، فَيَنْمو بِضَفَّتَيهِ الجَلالُ

سَامِقٌ وَجْهُهُ الشَّهِيدُ إِبَاءً
بِسُمُوٍّ يَحجُّ فِيهِ المَنَالُ

وطَنٌ فَوقَ جَفْنِهِ قَدْ تَدَلَّى
ونَمَا قُربهُ السَّحَابُ الثِّقَالُ

والنَّخِيلُ اسْتَعارَ مِنهُ اخْضِرَاراً
وفُرَاتَاً قَدْ قَبَّلَتهُ الرِّمَالُ

فَـ(المَسِيحُ الذَّبِيحُ) لَيسَ صَبِيَّاً
فِي المِهَادِ .. وثَمَّ وَحْيٌ يُقَالُ

بَلَغَ المَجدُ مَبلَغَاً فِيهِ حَتَّى
كَبُرَ الكَوْنُ واسْتَفاقَ الخَيَالُ

ثَائرٌ فِي القِمَاطِ غَيْمَاً فَغَيْمَاً
بِدُمُوعٍ يُقالُ عَنْها: جِبَالُ

وعَلى كَربَلاءَ حَيثُ الهَدَايا
أَيْنَعَتْ رُوحُهُ .. وشَاخَ النِّزَالُ

فَهوَ للهِ مَعْبَرٌ وَجِهَاتٌ
وجَنُوبٌ وَمَشرِقٌ وشِمَالُ

وإِلى الآنَ شَامِخٌ فِيْ قِتَالٍ
قَطَعُوا الرَّأسَ .. واسْتَمَرَّ القِتَالُ!

النص السادس: طفلةٌ تعانقُ الفجر

إلى أين تذهب يا أيها الفجرُ عن شرفاتِ المدينةْ ؟
إلى جهةِ الخلدِ يا قمري
ههنا كعبةٌ سيّجتها البغاةُ بأشواكِها العبثيَّةِ
لا تدركُ النورَ من أين جاءَ وأنى يسيرُ
سوى أنها تستلذُّ بعَتمةِ ليلٍ طويلٍ
لتسكبَ في دربِنا هلعاً مستداماً
ولا أفْقَ منفتحاً كي أطيرَ إلى أيِّ شيءٍ
ولكنْ “سأحملُ قلبي على راحتي” وأسيرْ

سأحملُ أشياءَ جديَ / رأسَ أبي / ضلعَ أميَ /كبدَ أخي
والضعونَ التي فوق هذي السماءِ
إلى سكنٍ أبديِّ الوجودِ
إلى موطنٍ مثخنٍ بالدماءِ
سأفرغُ قلبي على ضفةِ الماءِ دون ارتواءٍ
ويغتسلُ الجسمُ بالدَّمِ بعد توزُّعِهِ قطعةً قطعةً دونَ أيِّ رداءٍ
وتلفحُهُ الشمسُ فوق الفلاة
فهل كان هذا الدَّمُ المستباحُ دماً للنبيِّ ؟
سلوا أمماً لا تريدُ الإجابةَ واسْتفهموا أيحقُّ لهم أن يسيروا
وأن يعبروا الوقتَ من كوَّةِ الجرحِ نحو السلامِ
أيخرجُ هذا السلامُ بحرقِ الخيامِ؟ وأن نحتسي كأسَ هذا المصيرْ ؟

أسيرُ برَغمِ اتساعِ الحصارِ
أسيرُ على هدأةِ الليلِ
شمساً تشقُّ الطريقَ البعيدةَ فوق غرابِ الأسى
كلما ضلَّلَتهُ الجهاتُ اهتدى للحقيقةِ
والشمسُ لا تتبدّدُ عند ارتفاعِ الظلامِ
أما كانت الشمسُ حاضرةً في الغديرْ ؟!

توجسَ من فكرةِ الغيب
يخرجُ ممتطياً صهوةَ الصبرِ
متكئاً بعصاهُ كموسى يهشُّ بها لوعةِ الانكسارِ بأروقةِ القلبِ
مَنْ ذا يهادنُ خوفَ الحصانِ على موجةِ الحربِ
حين تدقُّ نواقيسَها ضد عرشِ الإلهِ
ومَن يُخمد اللهبَ المستطالَ إذا قذفوا كعبةَ اللهِ بالمِنجنيقِ
ومَن يكسرُ الصنمَ الجاثمَ المستبدَّ..
أنحتاجُ ألفَ نبيِّ لكي يولدوا من جديد؟

فتنتحبُ الطفلةُ الآنَ
راحَ يودعُها قُبلةً قُبلةً
وسبعُ سنابلَ تسقطُ من عينِها
أبتاهُ .. أنا طفلةٌ تتأهبُ للفقدِ
هلَّا أخذتَ برحلِك دمعيْ/ بكائيَ /عينيَ /قلبيَ /ذاكرتيْ
فالوداع هو الموتُ .. أكبر من جملةِ الموتِ
والموتُ عند التسكعِ لا يستريحُ من الخطفِ
وقتَ التسولِ فالموتُ فينا فقير فقيرْ !

ويا أيها الفجرُ : كيف تسللَ نجمٌ ..تحررَ من غسقٍ
سألوهُ : أكنتَ اختصرتَ عبادةَ سبعينَ عاماً بثانيةٍ في التأملِ
هل ثمَّ ذنبٌ كهذا يدنسُ أيامَنا ثُمَّ نرتكبُ الحبَّ ثُمَّ نتوبُ
لندخلَ في كربلاء نقاتلَ أوجاعَنَا ؟
أيها الفجرُ خذني لأصرخَ بين يديكَ :
اغمرونيَ سبعين موتاً لكي أتجرعَ طعمَ الفداءِ وألبسَ دورَ الضحيةِ
لستُ أقلَّ من الصحبةِ الأوفياءِ بعصرِ الظهورِ

النص الخامس: زاوية أخرى إذ لا جهات

%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%a7%d8%ad%d9%84%d9%8a%d9%84

تِلك التي…عَصفَتْ بتلكَ النَّاحية
رِئتَاكَ أمْ نَفَسُ الدِّمَاءِ القَانِية ؟!

سَألتْكَ رُوحُكَ هَلْ ظَمِئتَ ؟! فَقُلتَ كَلا
فاطمأنَّتْ وهيَ مِثلُكَ ظَامِية

جِسرٌ لأبعَدِ نُقطَةٍ يَمتَدُّ لَكِنَّ
الطَريقَ على ضُلوعِكَ غَافِية

أَطلِقْ جِراحَكَ للجِّهَاتِ السِّتِّ إنَّ
جِراحَ وجهِكَ والجِهاتُ سَواسِية

عَينَاكَ ذاكِرتَانِ للأمسِ القَديمِ
تَمُصُّ مِنْ دَمِكَ الدُهورَ المَاضية

والمَوتُ حِينَ تَراهُ تُمسكُهُ فَيهرُبُ
ثُمَّ تُمسِكُهُ فَيهرُبُ ثَانية

لاحَتْ لعَينيكَ النَّواويسُ التي
كَانتْ مَقَابِرُها عَليها خَاوية

فَزرعتَها وقُتِلتَ حَتى آمَنتْ
أنَّ القُبُورَ هي القُطُوفُ الدانية

عَصفٌ حِجَّازيٌ دَخلتَ بهِ العَراقَ
وثَوبُكَ الحَضَريُّ نَسجُ البَادية

والمَاءُ يَشربُكَ …
ارتَشفَّتَ الشَّمسَ فَاحتَرقَتْ
بجَمرِ حَشاكَ وهي الحَامية

حَيرانَةٌ بوجُودِكَ الأشياءُ قَبلَ
وجُودِها مِنْ قَبلِ قَتلِكَ بَاكية

هذا لأنَّكَ لَستَ مُقتَّصِرًا بهذي
الأرضِ أو تِلكَ السَّمَاءِ العَالية

مَعنَاكَ أَقدمُ مِنْ قَوانينِ الطَبيعَةِ
حَيثُ لولاكَ الطَبيعَةُ فَانية

أنتَ اعتَلَيتَ ذُرى الجَلالِ وبَعدُ يَطمَحُ
أنْ يَفُوقَ عَليكَ عَقلُ الهَاوية

مِرآةُ مَنْ تَركوا سَّنَاكَ أصَابَها
وهمُ انعِكَاساتِ المَرايا الدَاجِية

حتى إذا اختَنقَ المَدى أغلَقتَهُ
وفَتَحتَ مِنْ رِئتّيكَ أضيقَ زَاوية

لتَسُدَّ دائرةُ اللَّيالي العَشرِ مَا
ثَقبتْهُ دائرةُ السِّنينِ الآتية

أُمرُرْ تَقُولُ لتَائهٍ مَا زالَ يَزحفُ
نَحو سِرِّكَ والمَسَافةُ دَامية

والغَايةُ انكَشَفَتْ أمَامَكَ فانكَشَفتَ
أمَامَها وتَركتَ نَفسَكَ خَافية

بفُؤادِكَ العَرشيِّ مَصرعُكَ اشتَهاكَ
فَمَا ارتَبَكتَ ومَا انتَظرتَ لثَانية

بَلْ مُذْ رَأيتَ سُيوفَهم لَقَّنتَهمْ
أنَّ الإمَامَةَ لا تَكُونُ لطَاغِية

وطَويتَهمْ طَيَّ السِّجلِّ فَصَاحَ جَيشُ
أُمَيةٍ : هذا حَديثُ الغَاشِّية

لَكِنْ هَويتَ فَقَطَّعَتْكَ بحِقدِها
سَبعُونَ ألفًا مِنْ ظُهورٍ زَانية

عُضوٌ هُنَاكَ وها هُنا عُضوٌ فَكيفَ
تَعانَقتْ أشلاؤكَ المُتَرامِية ؟!

جَسدُ المَشيئةِ
هيكَلُ الإنسانِ بَوصَلَةٌ
مُقَدسَةٌ لأقدَسِ نَاحية

بكَيانِ عَاشُوراء أُقسِّمُ أنَّ قَتلَكَ
لَمْ يَكُنْ إلَّا لثَّأرِ ” مُعَاوية ”

أقسَّى القُلوبِ فَضحتَها وكَشفتَ أنَّ
حِجَارةً تَبكيكَ لَيستْ قَاسية

الأرضُ قَبرُكَ
يا حُسَّينُ وحَشدُ أفئدَةٍ
مُولَهَّةٍ لقَبرِكَ سَاعِية

وأنا بركبِ الوالِهينَ وجدتُني
أمشَّي وأقدامُ القَصيدَةِ حافية

النص الرابع: العابر العاثر

%d9%85%d8%ad%d9%85%d9%88%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%84%d8%a7%d9%81

 

ما زِلْتَ تَعْظُمُ وَالْمَسَاْفَةُ تَقْصُرُ
بَيْنِيْ وَبَيْنَكَ خُطْوَتَاْنِ
سَأَعْبرُ
مِنْ عَاْلَمِيْ الدُّوْنِيِّ حَيْثُ جَهَاْلَتِيْ
حَاْوَلْتُ أَنْ أَسْمُوْ إِلَيْكَ
فَأَعثرُ
أَنَاْ فِيْ ظَلامِيْ غَاْرِقٌ
وَأَنَاْمِلِيْ تَتَلَمَّسُ الضَّوْءَ المُخَبَأَ فِيْ جيُوْبِ حَقِيْقَةِ الإِنْسَاْنِ
وَالإِنْسَاْنُ مِنْ دِوْنِ الحُسَيْنِ سَيَخْسَرُ
وَوَجَدْتَنِيْ أَعْمَى أَسِيِرُ بِلا عَصَاْيَ
يَلفُنِي كَهْفُ الدُّجَى
فَصَعَدْتَ مُمْتَطِيًا رِمَاْحَكَ
تَنْزفُ الآيَاْتِ مِنْ أَوْدَاْجِ أَحْمَدَ
وَالسَّمَاْءُ تَتَوَّجَتْ رَأْسًا
إِلَىْ يَوْمِ الْقِيَاْمَةِ يَزْهَرُ
رَأْسًا يُقَطِّرُ فِي عَمَاْيَ الضَّوْءَ وَالآمَاْلَ
عَلَّ مَحَاْجِرِيْ _بِنَزِيْفِ وَهْجِكَ_ عَلَّهَاْ تَتَنَوَّرُ
 
***
أَنَاْ كُنْتُ ظِلَّكَ فِي الطُّفُوْفِ
مَنَحْتَنِيْ شَكْلِيْ وَرُوْحِيْ مُذْ رَحْلَتَ
فَلَمْ يَزَلْ طَيْفُ الْحُسَيْنِ عَلَىْ أَنَاْيَ يُكَرَّرُ
مَاْ زِلْتَ مُنْذُ الذَّبْحِ تَقْبَعُ وَسْطَ ذَاْتِي
كُلَّ حِيْنٍ تَكْبُرُ
فَمَدَدْتُ نَحْرِيْ دُوْنَ نَحْرِكَ يَاْ حُسَيْنُ وَيُبْتَرُ
وَنَسَجْتُ أَضْلاعِي عَلَيْكَ كَبُرْدَةٍ
حَتَّى إِذَاْ مَرَّتْ خُيُوْلُ أُمَيَّةٍ
فَأَنَاْ وَأَنْتَ عَلَى الثَّرَىْ نَتَكَسَّرُ
وَأَنَاْ صَدَى الزَّهَرِاْءِ حِيْنَ تَتِيْهُ فِي الْبَيْدَاْءِ
تَسْأَلُ أَيْنَ..
أَيْنَ الخُنْصرُ؟
رَفَعَتْكَ زَيْنَبُ لِلسَّمَاْءِ سَحَاْبَةً
فَهَطَلْتُ مِنْكَ عَلَى التُّرَاْبٍ
أُبَعْثَرُ
أَنْمُو.. وَأَنْمُو
كُلَّمَاْ وَجَعُ الحُسَيْنِ عَلَى البَسِيِطَةِ يُمْطِرُ
 
***
 
أَنَاْ كُنْتُ شلْوًا مِنْ رُفَاْتِكَ عِنْدَمَاْ دَفَنُوْهُ
فَزَّ مِن التُّرَاْبِ إِلَى السَّمَا مُتَسَاْمِقًا
مَاْ حَرَّكَتْنِي عَنْ رُؤَاْكَ عَوَاْصِفُ الإِغْوَاْءِ
كَيْفَ يَمِيْلُ مَنْ أَلَمُ الحُسَيْنِ بِعُمْقِهِ مُتَجَذِّرُ
لاحِظْ مَلامِحِيَ الكَسِيْرَةَ
كَرْبَلاءُ شَبِيْهَتِي
تَحْمَرُّ عَيْنِي
إِذْ خِيَاْمُكَ تَسْعَرُ
وَيَفِيْضُ دَمْعِي
إِذْ دِمَاْؤُكَ أَنْهُرُ
وَأَعِيْشُ مَأْسُوْرًا بِجِلْدِي
هَذِهِ ذَاْتِي مُحَاْصَرَةٌ بِشَكْلِي
إِذْ نِسَاْؤُكَ تُؤْسَرُ
وَتَضِيْعُ ذَاْكِرَتِي مَعَ الأَطْفَاْلِ فِي الصَّحْرَاْءِ
بَلْ أَتَصَحَّرُ
 
***
سَأَمُرُّ مِنْ رُوْحِي إِلَيْكَ
فَإِنْهَاْ لَكَ مَعْبَرُ
بَيْنِيْ وَبَيْنَكَ خُطْوَتَاْنِ مَلِيْئَتَاْنِ مِن المَرَاْيَا
مَنْ تُرَى وَضَعَ المَرَاْيَا فِي الطَّرِيْقِ
وَحَاْكَ آلافَ الحَكَاْيَا
عَنْكَ.. عَنِّي.. عَنْ عَلاقَتِنَاْ
وَعَنْ قَلْبِي وَقَلْبِكَ
مَنْ تُرَى؟
رَسَمُوْكَ لِي
لَكِنْ نَسَوْا أَنْ يَرْسِمُوْا وَجْهِي مَعَكْ
عَزَفُوْكَ لِي لَحْنًا شَجِيًّا مُبْكِيًا
وَنَسَوْا بُكَاْئِي
أَفْجَعُوْنِي
بَيْنَمَا لَمْ يَعْزِفُوْا مَاْ أَفْجَعَكْ
أَحْيَوْا رُفَاْتَكَ
بَيْنَمَاْ رُوْحِيْ وَرُوْحَكَ تُقْبَرُ
سَأَمُرُّ مِنْ رُوْحِي إِلَيْكَ
فَإِنْهَاْ لَكَ معبرُ

 

النص الثالث: مدونة الجراح

 

ما دام نصلُ المبضع المعتوه يفري 
والسؤالُ كما الهوى العُذريّ يرفض أن يخون..
بح لي بسرّك أيها المتسنّمُ العلياء والمنذور للمثُلاتِ حين بصرتَ ما لا يبصرون!
و رسمت خارطة الجراح لكي يمرَّ العابرون 
بُح لي أيا قطبَ الرحى  
واقدح بأسئلتي اللجوجة ومضةً من قبل أن ينتابني غلس الجنون: 
هل ثمّ جرحٌ في نبوءاتِ القصيدة ليس تدركه الظنون؟! 
….
لي إصبعٌ بترت وسالَ الحقّ منها كالشهاب 
مملوءة بالضوء يصهلُ من إشارتها الجواب
لا ريبَ فيها لا يداخلها التباس في تفاصيل الرواية وارتياب 
فالخنصرُ المقطوعُ بسمل بالنجيع صراطه المبتور من أمّ الكتاب 
أي انبعاثٍ ملهمٍ بالوحي رتّل خنصري؟ 
بل أي شعرٍ عبقري؟
والذاريات تسيل عطراً في تخوم الكوثر 
فإذا التوجع سورةٌ والروحُ تنزفُ من قرون!

لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!

لي ندبةٌ شقت مدار النور من قمر الجبين 
يخبو ويشهق في ثناياها الأنين
و الصخر يوغل سادرا ويشكّ زنبقة الندى بالياسمين
و برعشة الجفنين تنبت سوسنة 
وأكاد أجزم أنني 
بالأحمر القاني هزمتُ الفرعنة 
و قهرتُ ليل المستحيل بمعجزاتي الممكنة 
لأهزّ جذع الوقت
إذ يسّاقط  الحزن الشهي وأقطف العبرات وهي معرجنة 
وتصيح في سمع الوجود مؤذّنة 
فإذا الصلاة شهادة والروح تنزف من قرون 
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 
….
صدري كما سينين
يغفو الطورُ في صدري
أرى القرآن والإنجيل والتوراة في أبديَّة الترتيل والسحر الخبيء    
لا تسألوا ماذا وكيف
وطيشها الملحاح يفتق دارة النور الوضيء
شعبٌ ثلاثٌ 
والمثلث سهمه المخنوقُ في رئتي كبركان يجيء 
وأرى الكواكب حينما علقت بأودية المجرة نازفة
هي خائفة
وإذا انحنيتُ تمر من ظهر الجواد العاصفة 
كالطود بين الخيمتين رأيتُ زينب واقفة 
فإذا الوداع مؤجلٌ والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 

قلبي بسيفٍ مثخن
و على شراييني القصيدةُ ذابلة
والجرح نزفٌ لا يريمُ  وكان يحصدُ في الشعور سنابله
من قال أن البحر يهجرُ ساحله؟ 
من قال أن الحرف ينكرُ بالنبوءة قائله
ومتى مواريث النبوة في مدى الطوفان تسكتها الرؤى المتخاذلة ؟
هل عمّم التاريخُ أقداري فصار بشرعها المقتولُ يقتل قاتله؟ 
أم أن عين القلب في أفق البصيرة مثلما الموءودة الحيرى إذا دفنت وطوقها الثرى لتسائله
فإذا الفضاء قيامة والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 
……..
للنحرِ ما للنحرِ وسط فجيعة الذبح المهيب
شفقٌ يؤوله المغيب
وجعٌ تلوّى يفجئ الأنفاس من نصل العذابات التي قد شاخ فيها الطفلُ من قبل المشيب 
والمُدية الحمراء تفرط سبحة الأقدار 
تأتي كالزوابع صاخبة..
وتدوزنُ الكدمات 
في عنق النجوم الشاحبة.. 
فإذا المنافي صيحة والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 
….
متدفقا من طعنةٍ في الظهرِ
تشخبُ من سماواتي مزاريب المطر 
والسهمُ عاد بطعنةٍ حبلى 
وحين أعرتُ قرباني السماء
فللمشيئة و القدر…
صلى الرذاذ و طار مختوما و يلهم عنفوان 
بوحا سماويا رهيف اللحن متزنا ومتئدا و يبدع كل آن .. 
فإذا القروح نداوة والروحُ تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 
….
حولي ضبابٌ معتمٌ
و الحرُّ في عيني غبش..
عطشٌ عطش

وبه الفواخت واليمام جناح صبر وارتعش

والخاطر الظمأ المعذب واللسان

يذوي ويحترق الدخان
و على الشفاه الذابلات تكثّفَ الآهات ملحمة بأبخرة السديم 
مخطوطة وشقوقها الصفراء كالسفر القديم
أو كالهشيم
فإذا البكاء مجفف والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 

في لوحةٍ طفّيةٍ محروقةِ الأطراف من نار الخيام 
يتسربل الأشواكَ جرحٌ في خبيئته كلام  
حملته ساريةُ الرياح 
فصار يلسعني بأمضى من سهام
وسمعتُ طفلتي الصغيرة تستجير بجمرةِ النيرانِ من كينونة الرمضاء 
ذابت خطوُها 
والشمسُ ترسلُ وعدها المشبوبَ 
توقده فتيلا حين يسجرُ باحة الموت الزؤام 
فإذا الهجير مواربٌ والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 
….
ماذا يقابل ضلعي المطحونَ في وضح النهار ؟
من شلّ قرص الشمس 
غطاها وأسدل عن حكايتها الستار؟
لا لم يكن برواية الأشلاءِ ورداً أو بقايا جلّنار
فالأعوجيةُ وسط مضمارِ الضلوع تحمحم ُ
و تحلق الأضلاع أجنحةً إذا نزَّ الدمُ 
ترك المدى المفتوحُ في صدري ثقوباً للهواء 
يترنح الجسد النثير بها فيحرقني الخواء
فإذا الفضاء سنابك والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 
….
فوح الخزامى كنتُ
رأسي يملأُ الطشت انبهاراً 
والقضيب ينثُّ أسناني ويعصر من شفاهي محبرة 
والطشتُ يوجز نشرة الأوجاع بعد المجزرة
كانت تراقبني وأرقبها 
سبايا مثلما البلور دمعتها تؤثث غصة أخرى وتطلق بحّةً متكسّرة  
والغمغمات بلوحةِ الشغف استثارة دمعتين 
من طفلةٍ مذعورةٍ سكبت مدادَ حنينها ما بين بين..
أواه من حزن الطفولة حين يومض كاللجين !
نادت ليصطاخ المدى للهمس : يا أبتي حسين  
فإذا الجهات غريبة والروح تنزف من قرون!
لكنّ جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون! 
…..
لي ثورةٌ خضراءُ ترفدها الشهادة من عناقيد الدماء.
قيماً و ماء..
لتضوع من عطر الحضارة وردة من كبرياء ..
لي ثورة فوق المراثي والمدائح خارج الإيقاع من( هيهات ) تقتبس الإباء.
و بها البياض نهاية الألوان
ليس كلونها إلا البهاء .
تمتص ملح الغيّ من زبدالغثاء  
لكنهم إذ علَّبوها في الخرافة والهراء
بطقوس وهمٍ ليس فيها من قداسة كربلاء..
مذ جرّدوها من تمرّدها وفورتها ويقظتها لكلِّ يدٍ تلوّح في الخفاء.
عطش الفضاء لمائها عطش الفضاء
هي قمة فوق الذرى
حاشا تباع وتشترى

بل تحمل الديمومة المثلى و تختزل البقاء
ما خلتها مثقوبة الأهداف أو مطرا حبيسا في قوارير البكاء. 
فإذا الحديث يطول بي والروح تنزف من قرون!
أيكون جرحاً من نبوءات القصيدة ليس تدركه الظنون!

النص الثاني: استغاثةُ السَّماء

%d9%81%d8%b1%d8%a7%d8%b3-%d9%85%d8%aa%d8%a7%d9%86%d9%8a

رأيْتَ سماءَ اللهِ تستنهضُ الأرْضا ‍
فأدْرَكْتَ .. قُرْباناً بغَيْرِكَ لا ترْضى

فَلَمْ تحتملْ مَسْراكَ أرضٌ .. سماؤها ‍
بِكُلِّ ثناياها هَوَتْكَ هوًى مَحْضا

فأقْرَضْتَها نَفْساً وَآلاً وإخوةً ‍
وَصَحْباً وأولاداً فما أعْظَمَ القَرْضا

أ تكبو على الغبراءِ مَحْنِيَّ قامةٍ ؟ ‍
وَقَدْ ألِفَتْكَ الحَرْبُ تكبو لِتَنْقَضَّا

سعى لَكَ عِزْريلٌ مِنَ اللهِ مُرْسَلاً ‍
فلبَّيْتَهُ .. مَنْ قالَ لَمْ تستطِعْ نهْضا ؟

فأقْبَضْتَهُ روحاً فِداءٌ لَها المَلا ‍
جميعاً ..فما أشقى وما أرأفَ القبضا !

أُكذِّبُ كُلَّ الناقلينَ روايةً ‍
يُخَبِّئُ خلْفَ الحُبِّ مَضْمونُها البُغْضا

و أكفُرُ في عِلْمِ الرِّجالِ مُشَكِّكاً ‍
بأمْرٍ لهُ عينُ الحصيفِ ترى نقْضا

رَأوْكَ بِصحراءِ النَّواويسِ عارياً ‍
رأيْتُكَ سَيْفَ اللهِ قدْ آنَ أنْ يُنْضى

إذا لَمْ يكُنْ قَدْ أوْدَعَ اللهَ رَحْلَهُ ‍
دَمٌ ثائرٌ للآنَ يحمي لَنا العِرْضا

فكيْفَ يعافُ العِرْضَ بَيْنَ أراذلٍ ‍
لِيُنْبِئَهُ فيما يكونُ وما يُقضى

وَيُشْهِدَهُ آياتِ خطْبةِ زَيْنَبٍ ‍
بِعَيْنٍ لها الجبّارُ مِنْ نُورِهِ وَضَّا

أيا ظامِئاً والبِيْدُ في ذِكْرَيَاتِها ‍
إذا اسْتَمْطَرَتْ مِنْهُ تَوَخَّتْ بِهِ حَوْضا

فأغْدَقَها حَدَّ النماءِ وَلَمْ يَزَلْ ‍
رَوِيَّاً يُحاكي بَوْحُ أشذائهِ الرَّوْضا

فقأتَ عُيُوْنَ المُستحيلِ بِخُنْصُرٍ ‍
قطيعٍ لذا غارتْ ولَمْ تبرَحِ الغَمْضا

وَقَبْلَكَ لَمْ تجْرُؤْ لرؤياهُ أعْيُنٌ ‍
وفي عالَمِ الإمكانِ لَمْ يستَطِعْ خَوْضا

وأسْرَجْتَ للمَجْدِ القَصيِّ قوافلاً ‍
يحثُّ على نَيْلِ الرَّدى بَعْضُها بَعْضا

وعبَّدْتَ دربَ الثائرينَ على الأذى ‍
وروداً بأجسادٍ مُجَزَّرةِ الأعضا

وطاوَلْتَ أعنانَ المجرَّاتِ في العُلا ‍
بِصَدْرٍ يطالُ المُنتهى كُلّما رُضَّا

وأنْدَيْتَ خدَّ الشَّمْسِ لَمَّا تجاسَرَتْ ‍
على جَسَدٍ مِنْ نُوْرِهِ اسْتَجْدَتِ الوَمْضا

فذا جَفْنُها قانٍ على ما لَقِيْتَهُ ‍
وذا ثوبُها داجٍ وذا طَرْفُها ابيضَّا

فللشمْسِ رأيٌ فيكَ أنَّكَ نُورُها ‍
سيلقى لهُ في الحَشْرِ كُلُّ الورى دَحْضا

فَقَدْ سخَّرَ الجبَّارُ ما كانَ خالِقاً ‍
لِعِلَّةِ مخلوقٍ بها أكملَ الفرْضا

حَبَا تُرْبَكَ الزَّاكي يَداً عِيْسَوِيَّةً ‍
لذلكَ تستشفي بألطافِهِ المَرْضى

نَعَمْ ذا دَمٌ للهِ فيهِ شواهِدٌ ‍
فهَلْ عَنْ فَراغٍ أنْ يُراقَ هُنا يَرْضى ؟

أُريْقَ على الغبرا بأبشعِ صورةٍ ‍
ليكتُبَ للأجيالِ دستورَها الغضَّا

نقيضانِ يومَ الطَفِّ كَيْفَ تمازجا ‍
فأيَّانَ ظِلُّ اللهِ تصهرُهُ الرَّمْضا ؟

أيا مُطْفِئاً نارَ الجحيمِ على الأُلى ‍
تدبُّ بِهمْ روحاً .. تعيشُ بهمْ نبْضا

لماذا تركْتَ النارَ تسري بطفلةٍ ‍
لفرْطِ الوَنى والسُّهْدِ لَمْ تَسْتَطِعْ ركْضا

ورأسُكَ يتلو الكهْفَ لا بُدَّ أنْ يرى ‍
لِسَوْطِ البغايا في فواطِمِكُمْ عَضَّا

عَلِيَّاً يجوبُ الأرْضَ وَهْوَ مُضّمَّخٌ ‍
دَماً أشْعَلَ الدُّنيا وَلَكنْ أبى الخَفْضا

نَعَمْ يا بْنَ مَنْ إنْ راحَ لِلحَرْبِ راجلاً ‍
تَجِدْ مَوْجَها العاتي الّذي اشتبكَ افتضَّا

يلاوي عِنانَ المَوْتِ في ذي فَقَارِهِ ‍
كَنَفْضِ الرِّداءِ الحَرْبُ ينفضُها نَفْضا

قصيُّ النوايا لا يُوانيهِ مَنْ نهى ‍
على نَيْلِ مبْغًى لَمْ يَزِدْ فيهِ مَنْ حضَّا

وهَلْ يتناهى المَدْحُ في وصْفِ جنَّةٍ ‍
إذا ما استطالتْ لَمْ يَطَلْ طُوْلُها العُرْضا

بِذكراكَ فيَّ السَّعْدُ قَدْ غازَلَ الأسى ‍
فَمَنْ مِنْهُما أُوْليهِ ــ إنْ مسَّني ــ رفْضا

ففي السَّعْدِ ما تصبو لهُ النَّفْسُ ، والأسى ‍
عليكَ بهِ سَعْدٌ ــ وإنْ شفَّني ــ أيضا

ينوءُ بكَ التأريخُ يا آسِرَ الدُّنا ‍
وتمضي لكَ الأوقاتُ مِنْ قَبْلِ أنْ تُمْضى

فتُشْرِقُ شَمْساً في دياجيرِ أُمَّةٍ ‍
تراكَ بعينِ اللهِ مِنْ نُورِهِ فَيْضا

لأنَّكَ سِفْرُ الكِبْرياءِ وَصَرْحُهُ
لِمَجْدِكَ عينُ الذُّلِّ لا بُدَّ أنْ تُغْضى ‍

النص الأول: آخر الآتين من رحم الضوء

شاعر الحسين سجاد النبي السلمي (البصرة-العراق)
شاعر الحسين سجاد النبي السلمي (البصرة-العراق)

يزيد ، وهو في الغرفة الخلفية من المسرح ، متكئاً على عرش مهشم الجوانب ، ناظرا الى انعكاس صورته في مرآة في اقصى  زاوية الغرفة ، متحدثا عن الحسين بن علي بعد انتهاء المعركة مردداً ، هو :

.

.

لملمتُ أشباه الرجال لأهزمه

فأتوا بآلاف الورود مكممه

.

ومسختُ وعيَ الماء عن ادراكه

ومنعتُ عنه الأمنيات ..لأرغمه

.

لوّنتُ امزجةَ الرمال بفكرة حمراء

مسّتْ وجهه كي ترسمه

.

ووضعتُ في شفة السهام نذالة المعنى

وقد مرت عليه لتلثمه

.

ونثرتُ فوق الماء جرح فراشة

حبلى بذاكرة الرياح المؤلمة

.

كان الزمان مهاجرا

في صدره رجلٌ تفنن في اختيار الاوسمه

.

أنا كلما حاولت أن أدنو ألى عاشوره

أجد الجهات ملغمه

.

انا كلما قطعتُ أحشاء الطريق

لكي يموت بغربة

جاء الندى ليكلمه

.

أنا كلما اُرسي الممات بمقلتيه

أراه يحترف الحياة

لتلهمه

.

لملمت كل الطارئين على الحياة

جعلتهم كوناً

لنبدأ مأتمه

.

أمطرتُ لون ظما على خيماته

وسلختُ من شفة الفرات التمتمه

.

وتركتُه يهبُ الضياء

مخضب بالذكريات، وبالرزايا المحكمه

.

وغرزتُ كفي في العصور مفتشا عن عمره

كي أنتقيه لأقصمه

.

زوّرتُ أوراق الوفاة ،

مسافةالكلمات،

أمكنةَ الشهود ،

المحكمه

.

ووقفتُ محتظرَ الشفاه

بخاطري ضوءٌ

تورد للمنايا مبسمه

.

يلقي بنكهة حلمه في شاطئ الألم المقدس

والأماني المبهمه

.

لا شيء يعبره اليه

سوى دم صلب

وقد ملأ الخلود

ليفطمه

.

لا شيء يمنحه خريطة عودة للما وراء

لكي يعيد الملحمه

.

لا شيء يمنحه الأمان

فكل هذي الأرض تبغي أن تفكك طلسمه

.

ونفخت من روحي عليه لكي يموت فيختفي

كي تستريح الأنظمه

.

شيب النخيل حكاية عن أخر الآتين من رحم الضياء

ليفهمه

 

بيني وبين الطف ألف سلالة للرفض

باللاء العظيمة مفعمه

.

حاولتُ قتل الله حين قتلته

لكنه

ترك الوجود وجسمّه

.

دُهشت تفاصيل السيوف بجرحه النبوي

إذ هربت له مستسلمه

.

وأراه من خلف انزياحات المكان

يصيح بالعطش اليتيم ليعصمه

.

ويصيح بالنهر الرسول ألـ لم يمر بثغره

ليمر كي يتوسمه

………………………………………

إخلع علي الصبر أن طفولتي آنت

وأبعاد السهام ملثمه

.

أخلع علي الأنبياء

فأنني فردٌ

على قتلي الدروب مصممه

.

خذني لأعطي الأرض سبحة جدتي

وجدار امنيةهوى لأرممه

.

نهري عراقي الضياع

مسافرا في الروح

تختصر الزوارقُ زمزمه

.

نحو الحياة الموت كنت أقوده

ونوافذ الضوء البخيل محطمه

.

الموت مخبول الجهات

يهز وجه الغيم حتى تملأَ الدنيا فمه

.

(أنا لن أموت

فغربة النايات ذاكرتي

ولي بالموغلين بكل نزف توأمه)

 

* في حال وجود مشاكل في تنسيق النص، يمكنك قراءته في الموقع الإلكتروني:

النص الأول: آخر الآتين من رحم الضوء

حوارية (أي المصائب؟) ضمن إصدار (ما نمل) للرادود أحمد النعيمي

 

تم تسجيل 10 مقاطع من القصيدة الحوارية (أي المصائب؟) التي اشترك فيها 47 شاعرا من دول الخليج العربي على هامش مسابقة (شاعر الحسين) السابعة عام (1436 هـ)  وذلك ضمن إصدار (ما نملّ ) للرادود الحسيني (أحمد النعيمي) لموسم المحرم الجاري (1438 هـ) … وهذه الحوارية الشعرية تصف مصائب ليلة العاشر وما جرى على مولاتنا زينب (عليها السلام):

ترتيب الشعراء العشرة حسب الأبيات الواردة في القصيدة المسجلة:

  • الأستاذ غازي الحداد (البلاد القديم)
  • الأستاذ جعفر المدحوب (البلاد القديم)
  • الاستاذ عقيل ميرزا (البلاد القديم)
  • الشاعر سيد أحمد الماجد (القطيف)
  • الشاعر علي المؤلف (جدحفص)
  • الشاعر محمد حسين الخياط (جدحفص)
  • الأستاذ عبدالله القرمزي (صدد)
  • الشاعر كريم رضي (توبلي)
  • الأستاذ عبد الجليل الصفار (البلاد القديم)
  • الشاعر عبدالله السميع (إسكان عالي)

أداء وألحان / الرادود أحمد النعيمي 

الهندسة الصوتية والتوزيع / المهندس علي حمادة 

رابط قصيدة أي المصائب بصوت أحمد النعيمي

 

تنويه:

لم يشارك القائمون على مسابقة (شاعر الحسين) في الاختيارت الشعرية.

معزوفةٌ فوقَ الرمح

رأسُ الحسينِ يطوفُ بوصلةَ الجهاتِ
محلّقاً نحوَ السماءِ
كغيمةٍ قدسيّةٍ
نطقتْ بأسرارِ المطرْ

للرمحِ وجهتهُ
وللخدِّ التريبِ حكايةٌ أخرى
تترجمُ أبجدياتِ القدرْ

للدّمِ سنبلةٌ تحررُ كلَّ شيءٍ عابرٍ
نزفٌ على رئةِ الخلودِ ..
مسافةٌ للدمعِ …
أروقةٌ مشاغبةٌ …
ضجيجُ الخيلِ …
قهقهةُ السيوفِ …
نحيبُ أطفالٍ …
ورأسٌ واحدٌ يجتازُ قاموسَ الخطرْ

يحنو على كلِّ الجراحِ برأسهِ
وعلى فمِ التاريخِ ثورة حدسهِ

قد صاغَ من غدهِ المسافرِ غيمةُ
تنمو وتنمو في تمرّدِ أمسهِ

وكأنهُ وحي الوجودِ وآية
رسمتْ تفاصيلَ الجهاتِ بقدسهِ

الشمسُ أتعبها الغيابُ ولم يزلْ
للضوءِ محرابٌ يطوفُ بشمسهِ

الجرحُ يقترفُ الخطيئةَ
حينما ضجَّ النزيفُ
وكربلاء تسابقُ الزمنَ السوادَ
وذي طبولُ الحربِ مُـشرَعةٌ
وفوقَ الرمحِ صوتٌ
يستمدُّ من السماءِ
طهارةَ القرآنِ .. نبضَ تلاوةٍ
تسمو بأرواحِ الصغيراتِ التي شَهَـقتْ
وبلّـلها الضجرْ

وجهُ الحسينِ على مسافةِ اصبعٍ
والسهمُ يعبثُ
في نبوءةِ صدرهِ
واللحظةُ اشتعلتْ
ومزّقها الحجرْ

لا شمرَ عادَ
ولا السيوف تمرّدتْ
لا شيءَ من قلقِ الجهاتِ
ولا هدير الماءِ في جسدِ الفراتِ
ولا امتداد النارِ
كانَ لصوتهِ سحراً لــ ( بسمِ اللهِ ) في كلِّ السوّرْ

يأتي بوشمِ المعجزاتِ
ولم تزلْ ( هيهات ) تعبثُ بالظلامِ
وتفتحُ التأويلَ
في قلقِ الممرْ

الآنَ يعبرُ ( سيدُ الشهداءِ ) للوجعِ الخفيِّ
وفي يديهِ حكايةُ الغرباءِ
ترسمُ للخلاص ِ
على امتدادِ العمرِ
سنبلةً تراقصُ ثورةً في الطفِّ
من ألمِ الصورْ

لا زالَ رأسٌ للحسينِ
يطوفُ أروقةَ الحنينِ
كأنهُ جسدُ القمرْ

الضوءُ فوقَ الرمحِ عانقهُ السهرْ
والماءُ في قلقٍ يفتشُ عن أثرْ

جسدٌ هناكَ ، وألفُ صوتٍ ها هنا
والريحُ صامتةٌ … وأتعبها السفرْ

صوتٌ سماويٌ يبوحُ بطهرهِ
وملامحٌ خضراءَ يلثمها الشجرْ

للرأسِ ثورتهُ التي نهضتْ بنا
وكأنه قد صاغَ أرواحَ البشرْ